عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2018, 11:39 AM   #3


الصورة الرمزية عبادي السوقي
عبادي السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل :  Jun 2009
 أخر زيارة : 05-02-2024 (09:53 AM)
 المشاركات : 386 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية



حياة قبيلة المجلس السياسية
بداية من دولة المجلس في القطر المرابطي
عندما استشهد أمير دولة المرابطين أبوبكر بن عمر اللمتوني سنة 480 ه بدأت الفوضى والاضطرابات وتفككت وحدة القبائل الصنهاجية وأصبحت عاجزة عن تولية أمير يدير أمورها ويناط به حكمها كما كانت أيام أبي بكر وصارت فرقا متعددة تنتظم فيها الائتلافات تارة وتتمزق وتحدث فيها الفتن والحروب الداخلية وتتوقف وبدأت الحروب بين صنهاجة والسودان وبين صنهاجة بعضها مع البعض ، فعند ذلك اعتزلهم معظم أهل العلم والثقافة وكان على رأسهم آنذاك القاضي الكبير المرابطي إبراهيم الاموي وبنوه فانقطعوا لخدمة العلم وإحياء السنة ونشر التعاليم الدينية والأحكام الشرعية وأقبلوا على تعمير الأرض بعدل وإنصاف وتركوا التعرض لتلك المجموعات المتحاربة ورفضوا التدخل في خلافاتهم فعند ذلك عاملهم المتحاربون والمتغلبون بالاحترام والتقدير لموقعهم الديني والعلمي وبرز بجلاء التقسيم الثلاثي الذي بذر نواته الأمير أبوبكر بن عمر اللمتوني المتمثل في فئة تحاول فرض سيطرتها على الوضع سياسيا وهي الأنباط ، أي طبقة النبلاء من المجموعات الحربية الصنهاجية وفئة تسيطر ثقافيا وروحيا وهي فئة الزوايا التي انقطعت لخدمة العلم في حين تعتني الطبقة الثالثة بالجانب التنموي خاصة الانتاج الرعوي وعليها اعتماد جل الفئات الأخرى في توفير مستلزمات الحياة اليومية من مأكل ومشرب ومركب ,, مقابل توفير الحماية لها دنيويا من طرف الأنباط وروحيا من طرف الزوايا .
وكان لابراهيم الاموي وبنيه وأحفاده بعد سقوط هذه الدولة المرابطية الجنوبية الدور البارز والحضور المشهور في مختلف الجوانب وخصوصا في الجانب العلمي والشرعي ، لما كانوا عليه من الاشتغال بالعلم والتعليم والاستقلالية عن الغير والأنفة وإباية الضيم والجود والكرم والنفوذ الكبير في كافة طبقات المجتمع المحلي من صنهاجيين وبربر وزنوج وغيرهم .
وأصبح لقبيلة المجلس في هذا القطر الدوري الذي لا يخفى ولا ينكر وكثروا واتسعت بطونهم وانتشرت أفخاذهم واشتغلو في أمور دينهم ودنياهم وبنوا مجتمعهم على أسس ثابتة ودعائم راسخة تتمثل في بث العلوم وفي الانضباط والاستقامة والمحافظة على الدين والمروءة والجود والكرم ومكارم الاخلاق والتكسب الحلال مع الاجمال في الطلب والقناعة بما عندهم والرغبة في أن تكون يدهم العليا فكانت لهم حضارة بدوية تعثر بتقاليدها العتيدة في استقلالية واسعة وثقافة عالية حتى صارت لهم دولة عظيمة دينية ودنيوية تنظر إليها سائر طبقات المجتمع بالاحترام والتقدير.
وقد شكلت قبيلة المدلش في هذه المرحلة من تاريخها كما بشريا هائلا مترابطا ومتراصا يرجى ويرهب ، وظلت لهم سلطة قوية لا تعرف ضعفا ولا تقهقرا مبنية على العلم والقضاء الذين حلا محل قائد المرابطين وجنده وأصبحوا مثابة وأمنا يلتجأ إليهم المظلوم والضعيف والمضطهد فرارا من طائلة الظلم والنهب ويحتمى بهم وأصبحت لهم دولة ذات صيت طائر وشهرة واسعة أشار إليها بعض المصادر القديمة والحديثة والحكايات الشعبية بالفاظ مختلفة مثل : " دولة المدلش ، محلة المدلش ، أمير المدلش ، امرابط المدلش ، مملكة المدلش " ... وغيرها الكثير
ولقد كان لهذه القبيلة فيما بين نهاية القرن الخامس وصدر الحادي عشر الهجريين أي مايربو على خمسة قرون - انتشار منقطع النظير من جنوب البلاد إلى شمالها فكانت لهم كثرة وعمارة في الجانب الغربي من هذا القطر ، المعروف آنذاك باسم " صحراء الملثميين " و اسم" بلاد المرابطين " قبل أن يعرف ببلاد شنقيط . فـاقامو عليه خلال تلك الفترة نظاما زاويا ولعبوا فيه دورا سلميا بارزا علميا وسياسيا واجتماعيا وبسطو نفوذهم وسيادتهم عليه .
وقد ظلت هذه القبيلة في تلك العصور من أوفر قبائل القطر عددا وأعزها جانبا وأكبرها صيتا وكانت كريمة النجار عزيزة الجار ومعلوم أن القبيلة تقوى بالكثرة والقوة والمال وكثرة العلماء والزعماء ووفرة الرجال .
ولابد من ذكر أن يكون مسمى المجلس هنا يتناول من انضم اليهم ودخل فيهم لأي سبب وكانت هناك اسباب موضوعية وظروف واقعية أدت إلى ذلك منها المكانة الخاصة التي كانت تتمتع بها هذه القبيلة بين سكان المنطقة وفي الأوساط القيادية والشعبية في مجال القضاء والفتوى ونشر العلم وبثه بطريقة سلمية بالإضافة الى الأخلاق النبيلة التي تستميل قلوب الناس وتكسب صاحبها الحب والمودة بينهم ومنها الأضطرابات التي شهدتها المنطقة بعد سقوط دولة المرابطين وما نجم عن ذلك من أزمات اقتصادية واجتماعية وثقافية بسبب انتشار الحروب الداخلية والتنافس على الزعامة داخل المجموعة اللمتونية ومنها الحروب والاحداث التي وقعت في جنوب المغرب التي نشأت عنها تغيرات كبيرة مثل نزوح الباحثين عن الملاذ الآمن والمنتجع الخصب الذي يمثله الرابط المجلسي أو الزاوية المجلسية والتي أقبلت على مهمة التعليم وفتح الباب للراغبين فيما به صلاح الدارين وتحقيق السعادة الأبدية ونبذ الخلاف والتنازع إلى غير ذلك من الأمور التي شجعت الناس الى الانضمام الى الزاوية المجلسية مما نتج عنه هذا الائتلاف والتجمع الكبير المجلسي المنضوي تحت مسمى المدلش .
وهذا النوع من التجمعات الكثير الفضفاضة شائع في هذا القطر مثل قبيلة تندغه العظيمة ذات العراقة في تاريخ المنطقة فهي عبارة عن ائتلاف كبير حمل اسم إحدى مكوناته التي هي النواة الاصلية له وفيها جزء كبير من أصل مجلسي هو اركاكنه ، وقد ظل جزء كبير منهم وهم أهل بوحبيني محافظين على نفوذهم في الخط الغربي من المنطقة الشاسعة من شواطئ النهر السنغالي إلى قلب الصحراء وظلو يجوبون هذا الخط بطوله ويمتد نفوذهم على مصائده الشاطئية ومنطقة آفطوط عموما وإن كان ذلك ضمن مسمى تندغه فلا ينفي المشاركة لهذه المجموعة المجلسية الأصل ,
ومن الروايات المشهورة عند بعض مشائخ ال بوحبيني وغيرهم وذكرها بعض الباحثين الذين كتبوا عن هذا البلد أنه قد جرى بين آل بوحبيني وبين بعض مجموعات زوايا القطر نزاع على ملكية الشاطئ المحيط فترافعوا على النابغة الغلاوي فاثبتوا أنهم هم أهل الأرض الذين يعرفون خصائصها وخفاياها فحكم لهم وقال في ذلك قوله المشهور :
واعلم بأن الارض ارض تندغا __ من أراد سبقهم فقد بغا


فتندغ المعنيون هنا هم آل بوحبيني التندغيون عصبا المجلسيون نسبا ، ولعل نفوذهم على هذه المنطقة يعتبر امتدادا للنفوذ المجلسي على الخط الساحلي القديم والله سبحانه تعالى اعلم .



وقد ورد في بعض عبارات من ذكروا دولة المجلس هذه أو أشاروا إليها أنها تبدأ جنوبا من ضفاف المحيط أو من " كنار " أو من " تكماطين " أو " الدكيرة " بأرض " برويت " وتمتد شمال إلى جنوب المغرب أو السمارة " أو " تنبراهيم " أو " تيرس " أو عيون المدلشي " وعيون المدلشي هي " عيون الصحرا حاليا .
يقول العلامة باب بن الشيخ سيدي الإنتشائي المتوفي 1342ه في كتابه أمارتا إدوعيش ومشظوف : " وكانت للمجلس عمارة عظيمة وكثرة حتى أن المسافر فيما بين تيرس واندكيرة بأرض برويت - وهي حاضرتهم - لا ينزل إلى عند حي منهم ... الخ " والمدلش اصل زوايا القبلة ولهم صيت عرفوا به منذ كانوا وإليهم لجأ أجداد تشمشه وغيرهم من القبائل ، وكانت للمدلش عمارة عظيمة وكثرة حتى أن المسافر فيما بين تيرس واندكيره لا ينزل إلا عند حي منهم بل قيل إنه يولد غلام منهم في تيرس فيفرح به من يومه عند انكيره من اتصال العمارة وذلك بأن ينقر الدف نقرا معروفا على ولادة الذكر وتزغرد الإماء فيسمع ذلك من يليهم من الأحياء فيضربون الدف هم أيضا كذلك وهكذا إلى أن ينتهي إلى آخر أحيائهم بالجنوب .
وفي بعض الروايات أنه كان يولد فيهم الغلام عند " تنبراهيم في " تجريت " شمالا فيفرح له قبل انقضاء اليوم الذي ولد فيه بتكماطين لاتصال العمارة من أحيائهم ,
ويقول الاديب المؤرخ ابراهيم بن الشيخ سيديا باب بن الشيخ سيديا المتوفي 1984ه في كتابه ( النفحات في العوائد البيظانية ) : " المدلش كانوا اقدم الزوايا دولة في هذه البلاد في العلم والدين والجود والفضائل كلها وهم الذين سنوا كل ذلك للزوايا فاقتدوا بآثارهم وجروا في مضمارهم . وكانت دولتهم أعظم دول قبائل الزوايا وكان يولد منهم الغلام في كنا فتبشر به كل قبيل مجاورتها من قبائلهم حت يصل الخبر إلى تيرس في ليلة واحده وقد تلاشت دولتهم قبل شرببه بأربعين سنة كما هو الشائع "
ويقول القاضي العلامة المؤرخ محمد سالم بن المختار بن المحبوبي الشمشوي اليدالي : " كانت للمجلس كثرة وعمارة ومملكة حتى إنه يحكى أن المسافر يمكنه أن ينزل على حي من أحيائهم في كل مرحلة فيما بين تيرس وكنار "
ويقول العلامة اشبيه ( محمد الأمين ) بن محمد سالم بن ابوه اليعقوبي الموسوي : إن الإقليم في هذه البلاد ( موريتانيا ) كانت تمثله حواضر المدلش إذ يولد فيهم الغلام ف " اندوكلات " جنوبا فتفرح به أحياؤهم ب " عيون المدلشي " شمالا في تلك الليلة ولم يوجد ذلك في غيرهم في تلك البلاد "
ويقول الأستاذ الباحث محمد بن باباه في كتابه الدراسات الشنقيطية عن محمد اليدالي ووسطه الاجتماعي : " كانت للمجلس أمراء يرجع إليهم في النوائب وكانو الجيل الأول من البيظان بكل مالهذا المفهوم من محامل حضارية وثقافية واجتماعية وفي الجزء الثاني من هذه الدراسة أيضا : " إن المجلس أوان قدوم أجداد الشمشويين عليهم كانوا في أوج عزهم وازدهارهم تمتد أحياؤهم متواصلة فيما بين اكمين إلى الساقية الحمراء " ويمضي قائلا : " واكمين هو "اندر" أو " سان لويس " الذي يقع في خليج نهر السنغال - الذي اسسه الفرنسيون سنة ثمان وأربعين وألف هجري وهو عاصمة المستعمرتين موريتانيا والسنغال إلى أن استقل كل من البلدين في 1380ه
ثم يقول : ومن مواضع المدلش في الساقية الحمراء اعيون المدلش " وهي عاصمة اقليهم الصحراء الغربية اليوم ( العيون ) .

هذا وكانت للمدلش محلة في الجنوب قاطنة تعرف ب " محلة المدلش " تتركز على أميرهم ( امرابط المدلش ) ومن تعلق به ويلتف فيها كل من دخل فيهم وكانت عاصمتهم التاريخية المنطقة المعروفة ب " برويت " حيث يوجد أكبر تجمع لهم منتظم حول قيادتهم . وكان من في الجنوب منهم يطبعه طابع المحضر والإقامة نسبيا ويجمع بين الزراعة والتجارة وتسيير القوافل الاقتصادية وكانت بقيتهم تمتد على طول الخط الرابط بين الجنوب إلى أقصى الصحراء الكبرى شمالا وكانو اهل تنمية جل مواشيهم الإبل .
وكانت هذه القبيلة على طول هذا الخط وفي نواحيه منتشرة بحللها وخيمها معروفة العين والأثر لا تدخل تحت حكم سلطان ولا أمير ولا تنالها أية سلطة بهضيمة ولا غرم ولا تؤدي أية ضريبة ، مشهورة بإباية الضيم والامتناع من التبعية ، مشتغلة على العموم في الجنوب والشمال بالعلم وقرى الضيف وحفظ الجار وحمايته وتعمير الأرض بحفر الآبار وتسيير القوافل وديدنهم ومطلبهم في هذا القطر بث العلم وتوفير الأمن لهم ولمن جاورهم .
وعايشوا في تلك المناطق طيلة تلك القرون مختلف الأجناس البشرية وخصوصا السودان والبربر وصنهاجة وغيرهم ، وكانو محل احترام وتقدير الجميع ينظر إليهم من طرف الكل كأساتذة و مرشدين وقضاة ومعلمين في كل مايتصل بالدين ويستنار برأيهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية .
واشتهرت دولتهم هذه في شتى المحاولات وأدركوا بالاشتغال بالعلم ونشره وبالكرم والسخاء والاستقامة والاستقلالية وحسن الخلق والخصال الحميدة والشيم النبيلة مالم يدركه غيرهم بالسلاح ، فأسسوا دولة في القلوب واشتهر فضلهم في الآفاق وصار اثبت في صحائف الأيام من الاطواق وسار مسير الشمس في كل بلدة وهب هبوب الريح في البر والبحر ، وأقاموا في المنطقة في ذلك العهد نحو ستة قرون في غاية مايكون من العمارة والدين والعلم والعز والمال وبذلك صاروا أصل الزوايا ومحط رحال الوافدين وشهد لهم بذلك القاصي والداني في القديم والحديث .
وهنا نماذج شهادات بعض أعيان القطر من المؤرخين والباحثين والعلماء العاملين لهم بذلك الشهادات التالية على سبيل المثال لا الحصر :
يقول محمد اليدالي الشمشومي المتوفي 1160ه : " المجلس قبيل زاوية يقال لها مجلس العلم وهم أصل الزوايا في هذه البلاد ..." ويقول عبد الوهاب الناصري المتوفي سنة 1278 هـ " مدلش معناه بالصنهاجية مجلس العلم وهم زوايا تلك الجهة .. "
ويقول الشيخ سيديا الكبير بن المختار بن الهيبة الإنتشائي المتوفي 1284 هـ " إلى الجماعة المحروسة بعين العناية المحفوظة بسور الحفظ والرعاية جماعة السادات الأكارم ذوي الفضل والكرم المرتقين في المكارم والفواضل ارتقاء لم يعهد مثله من عهد إرم ، الجماعة الذين بنوا قواعد الدين والمجد والفضل والشرف على أساسها واستضاءات الزوايا بإصلاح الدين والدنيا بنور نبراسها ، جماعة المجلسيين عموما وخصوصا أكابرها وذو عقدها وحلها ، الحاملون عن العشيرة أعباء كلها ، القائمون بالأمور عن بعضها وكلها ، وسائر الجماعة كل باسمه وصالح وسمه ... بسلام لا يحصى كثرة ويزداد طول الدهر حسنا ونضرة ، وتحية شاملة وبركة كاملة ... الخ "
ويقول حفيده باب بن الشييخ سيدي محمد بن الشييخ سيدي المتوفي 1342 هـ " المجلس اصل الزوايا "
ويقول ابنه الأديب المؤرخ إبراهيم بن الشيخ سيديا : " قبيلة المدلش هي أصل قبائل الزوايا في موريتانيا وعلمها وكرمها هما أصل العلم والكرم في موريتانيا "
ويقول العلامة والمؤرخ المختار بن جنكي في نظمه لشيم الزوايا في الحديث عن اجداد الشمشويين الخمسة وسبب تسميتهم بهذا الاسم :

تمت بعدما تعاقدوا ------ على سلوك سببل خير من قد ارسلا
صاروا مع المجلس هم قبيله ----- زاوية في أرضنا جليله
ومجلس العلم سماهم بادي ------ أصل الزوايا هم بذي البلاد

ويقول العالم والمؤرخ محمذ فال بن عبد الله المكي الأبييري المتوفي سنة 1340 هـ :
أول من دخل أرض القبله ----- من الزوايا عند أهل الخبره
قبيلة قد عرفت بمجلس ال ----- علم الذين أمرهم أمر جلل

ويروى أن العلامة الكبير والصالح الشهير الشيخ أحمد بمبه السينغالي الامبكي لما أجلاه الفرنسيون إلى القطر الموريتاني وعبر البحر ركب فرسا له أو بغله إلى منطقة القبله فلما كان في موضع يعرف ب " سهوة الماء تلقاه الناس يسلمون عليه فرحا بقدومه فجعل يسلم عليهم وهو راكب على بغلته وكان ممن تلقاه العالمان الفاضلان سيد أحمد بن محمد بن الصبار ومحمد مولود بن محمد بن المختار " امرابط اغشمت " المجلسيان فلما عرفهما نزل عن بغلته تعظيما لهما وقال : مثلكما يحق أن ينزل له الراكب
ويقول العالم بن العلامة أحمد سالم بن المامي من أباب التندغي الايشكالي : " المدلش هوما ازوايت اتراب "
ويقول الاستاذ الباحث محمد بن باباه الحيبلي : " المجلس مشتق من مجلس العلم وجدهم إبراهيم الاموي يرجع نسبه إلى عمر بن عبد العزيز وهو قاضي مجلس قائد فتوحات المرابطين الإسلامية في افريقيا أبي بكر بن عامر اللمتوني كانت لهم كثرة وعمارة ومملكة عظيمة وكانوا ملجأ الضعيف والمضطهد حتى قيل إنهم أصل الزوايا بكل مال لذلك المدلول من محامل خلقية ودينية وقيم ثقافية وحضارية وشيم نبيلة "
ويقول الدكتور الباحث جمال ( أحمد ) بن محمد عبد الله بن الحسن الديماني " المدلش من أعرق قبائل الزوايا في الجنوب الغربي من البلاد ذو دور كبير في نشر العلم والمحافظة عليه "
ويقول الباحث المؤرخ يحيى بن البراء الديماني : " المدلش من أقدم الزوايا في المنطقة ولهم دور كبير في الساحة العلمية والسياسية للبلد "
ويقول الدكتور حماه الله ول السالم في كتابه تاريخ موريتانيا نقلا عن باب ولد الشيخ سيديا : " إن ابراهيم الأموي جد المدلش كان مجلسه يسمى مجلس القضاء وبه سميت القبيلة "المجلس ثم كانت له زاوية يأوي إليها التائبون الذين يريدون الانقطاع للعلم والعبادة وترك أمر الحرب وحمل السلاح وأنه كان منهم أجداد قبائل من الزوايا فصار يقال لهم الزاوية أي أهل الزاوية أو نحو هذا وأن هذا هو معنى ما أشتهر أن المجلس أصل الزوايا "
ويقول العالمان الجليلان محمد فال بن الفغ عبد الله ومحمد بن احويبل الحسنيان " المدلش مدينة علم وأهل فضل وكرم وأصاله في هذا القطر "
وممن شهد لهم بذلك من المؤرخين الاجانب الباحث الفرنسي بول مارتي حيث يقول ( والحق ما شهدت به الأعداء ) :المدلش هم إحدى مكونات فئة الزوايا ومن شيمهم إكرام الضيف والحفاوة به ويعود نسبهم إلى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الأموي ورغم أصلهم العربي فإنهم لا يرضون بكونهم من فئة الزوايا وذات الأغلبية البربرية بديلا ولا يقبلون فئة حسان عوضا عنهم رغم اشتراكهم وإياهم في محتد واحد "
هذا وقد كانت هذه القبيلة تسكن في هذه المنطقة الممتدة من الجنوب إلى الشمال متمنعة عن مجال النفوذ للدول القائمة آنذاك تمارس نشاطاتها بحرية مطلقة وسلطة مستقلة وأمات مؤسساتها في ظل القبيلة وحققت من خلال ذلك العديد من مطامحها الاجتماعية والسياسية وحافظت على كثير من التقاليد العربية الرافضة للخنوع والهزيمة وعملوا على ما يضمن لهم الأمن والاطمئنان والاستقرار والرخاء وعدم الاصطدام بالآخرين ورغم الطابع البدوي فقد شكلوا ركنا قبليا شديدا ودورا رياديا مهما وفر لهم الأمان في بلادهم معنويا واجتماعيا وسياسيا حماهم من الذوبان في الآخرين وضمن لهم الحفاظ على أخلاقهم العربية الأصيلة


يقول الاديب محمدن ول باباه:اباش افشي مدلشي كود@متمدلش ماه كود اتعود@والل كود الازين العود@اباش اتعود انكولولك@عود الل واحل فيه اشود @لروه هي مدلولك@فيك امن اجدود اجدوداجدود@الين آدم ينعدولك@ؤعود بدينك زين ومعهود@اخلاقك ما ينكصرولك@ؤعود امونك فالروح ؤعود@ذاك الل فيدك ماهولك
الرئاسة في قبيلة المجلس وأصلها وشروطها
كان أهل القطر المرابطي الشنقيطي يعيشون قبائل وشعوبا رحلا لكل مجموعة أو قبيلة رئيسها أو زعماؤها ، فقد يكون في القبيلة شخص محنك مجرب يسيطر على القبيلة ويبقي لها وحدتها ويحفظ كيانها يسمى بالقائد أو الزعيم أو أو الأمير أو الرئيس أو شيخ القبيلة ، ويختار عادة لشجاعته أو حنكته أو تجربته أو سيادته أو لجمعه لتلك الصفات وغيرها من الصفات المحمودة وربما كان العامل الوراثي فيها دور بارز .
وهكذا كانت قبيلة المجلس من بين هذه القبائل في شأن هذه الوظيفة ويروى أنهم كانوا يشترطون في رئيسهم إضافة إلى الشروط السابقة أن يكون متصفا بالكرم والحلم ويحفظ المدونة عن ظهر قلب .
وكان يطلق على رئيسهم في تلك العصور القديمة اسم " امرابط المدلش " أو " أمير المدلش " ولعله مأخوذ من المرابطين وإن كان المدلول العامل لـ " المرابط " المدرس والمسن من الزوايا .
وكان اختياره يتم من طرف جماعة أهل الحل والعقد وكانو ينظرون في الغالب في عامل السن كمعيار أساسي في اختيارهم وكانت زعامتهم وراثية غالبا يرثها الابن الاكبر عن الأب وإن لم تجتمع فيه الشروط أو تعذر تقديمه لأمر ما ورثها الأقرب إليه ثم الأقرب .
وقد كان مما حفظه لنا مؤرخوا المجلسية أن الرئاسة العامة في المجلس كانت في القرن الخامس الهجري بيد إبراهيم الأموي ثم انتقلت إلى ابيه عبد الله وممن وليها من ذريته في القرن السادس أك ( اكتاوشني )بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابراهيم الاموي .ثم وليها ابنه بادل في القرن السابع ثم كانت في بيت بادل بن اك ولما توفي بادل أرادوا بها ابنه الأكبر يحيى فأعرض عنها تورعا وزهدا وقال لهم بالصنهاجية : " أنا توجن ال " أي عيال الله فمن ذلك لقب " إدوجان الل " فكانت علما على عقبه المعروف اليوم بإدوجان .
ولما أعرض عنها جعلوا فيها أخاه أعمر وكان أصغر منه ثم صارت في بنيه بعده فكانت الرئاسة العامة في المجلس بعد ذلك في بيت عمر بن بادل بن أك .
هذا وقد كان من المعروف في هذه القبيلة سيادة البيت على غيره من البيوت بسعيه في الخصال الحميدة وبكثرة المال والولد وكثرة العصبة كما كانت هذه الأشياء في الجاهلية من أكبر أسباب السيادة بعد شرف النسب وإذا توالى من البيت الواحد ثلاثة رؤساء سادة عرف البيت بالشرف والمجد في القبيلة .
وقد أنجبت قبيلة المجلس هذه كثيرا من العلماء الأجلاء والمشائخ الأولياء الذين ساهموا في تكوين وتوحيد القبيلة وجدوا أنفسهم في خدمة العلم وتعمير الأرض وحفر الآبار بل وساهموا في تأسيس هذا القطر المرابطي ثم الشنقيطي عبر العصور المختلفة وقد تورعوا عن طلب الشهرة والإطراء مخافة الكبرياء والمن بما قدموا من تضحيات في سبيل الله فما أذاعوا تصنيفا ولا تبجحوا بأيام حتى كان المتتبع لآثارهم لا يكاد يجد شيئا عنهم .
ومما رواه لنا بعض أعيان القبيلة الضابطين نقلا عن الثقات المؤرخين أن منطقة القبلة مكثت عدة قرون يرأسها ثلاثة رؤساء رئيس من الزوايا يكون من المجلس ورئيس من العرب يكون من أولاد رزك ورئيس من السودان من زونوج الوولف يسمى جوب ويعرف بـ " جوبات " وكلما أرادت إحدا الطوائف تقديم رئيس عليها لا يتم إلا بحضرة الطوائف الثلاث والله أعلم .


 
 توقيع : عبادي السوقي

أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياه مثاليه أمتلك المعرفة فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له


رد مع اقتباس