عرض مشاركة واحدة
قديم 06-25-2014, 02:09 PM   #7


الصورة الرمزية الدغوغي
الدغوغي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 العمر : 14
 أخر زيارة : 02-17-2024 (10:02 AM)
 المشاركات : 549 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: 205. محمد الحاج بن محمد أحمد الأدرعي الجلالي السوقي



ثناء العلماء وطلاب العلم عنه:
إن المجال في ثناء عارفيه عنه مجال واسع - ولم أنتدب لاستقصاء كل ذلك ؛ إذ لا أقدر لكن من باب ما لا يدرك كله لا يترك كله،أذكر بعض انطباعات أهل العلم عنه، بغض النظر عن غيرهم؛ إذ هم الأهم،وما هي إلا نماذج ـ فحسب ـ وأقسم الكلام عليهم إلى فئات وهي:
أولا:شيوخه الذين أخذ عنهم تدريسا أو إفادة،
ثانيا : من استفاد منهم بلا تدريس
ثالثا: ممن في طبقتهم
رابعا : شيوخ آفاقيون من طبقة أشياخه باحثهم، فأثنوا عنه
خامسا :أقرانه وزملاؤه
سادسا: أقرانه من الآخذين عنه
سابعا: آخرون
ثامنا: طلابه
تاسعا: طلاب طلابه
عاشرا:آخرون
أولا: شيوخه الذين أخذ عنهم تدريسا:
1ـ الشيخ المحمود بن الشيخ حماد الحسني التبورقي وهو من شيوخه الذين أخذ عنهم العلم درسا وإجازة،حدثني الشيخ الثقة العلامة إسماعيل(إما) بن السعيد الحسني التبورقي أنه سمعه يقول: - وهو أيضا من أخص تلامذته - متحدثا عن العلم وأهله في البلاد الصحراوية، فذكر بعد إلمامة بسعة علم من مضى من شيوخه وشيوخهم أن بينهم وبين معاصريه من أهل العلم قنطرة لم يوفق لتجاوزها والقفز عليها إلا المترجم و...
ومن الأدلة على ماله عنده من مكانة علمية أنه لما كتب الشيخ المحمود رسالة في تجويز السلم الحال، كتب عليها تلميذه هذا تقريظا، فكتب مؤلفها في آخرها أنه لا يسمح بنشرها إلا ومعه ما كتبه ، هذا تزكيته له إجمالا..
وقد سمعت الوالد يقول: قال له:لم أر فيمن عاصرنا ولا من قبلنا- يعني من علماء الصحراء- ممن يكتبون التراجم ما أعجبني مثل تناولك لها أنت والشيخ محمد بن محمد محمود الحسني التبورقي.
بل ومن تزكياته اللطيفة له ما حدثنيه شيخنا العلامة محمد يحيى"آمدي بن حمدا الحسني الجلالي ـ رحمه الله ـ أنه لما زار الرئيس موسى تراوري ـ رئيس مالي الأسبق ـ جماعتهم أمر الشيخ المحمود ـ فيمن أمر ـ ثلاثة من الشعراء ـ وكلهم من طلابه ـ: بإنشاء قصائد ترحيبية، فأتوا بها، فنظر إليها الشيخ المحمود فقال :
أما قصيدة الحاج فهي لي: أستقبل بها الرئيس.
وأما قصيدة فلان ، فقد وهبتها للحاج بدلا مما أخذت منه .
وأما قصيدة فلان فقد وهبتها لفلان .
وهذا نقد في مشهد أدبي ممتع من أديب عظيم،ولا يخفى عليك ما تضمنه من تزكية العمل الأدبي للمترجم، ويكفي للقصيدة فخرا أن يرضى الشيخ المحمود ـ وهوهو ـ أن يختارها وينميها لنفسه في قسمة أدبية. .
2ـ شيخنا العلامة العتيق بن الشيخ سعد الدين الحسني الجلالي - وهو من أشياخه أيضا- كثيرا ما يثني على علمه وأخلاقه ، وهو من أعرف الناس به وبأحواله .
وقال قبل نقول نقلها عنه في كتابه الجوهر الثمين «...وقد نقل الشيخ الحاج بن محمد أحمد، وهو من الجماعة الذين أريد الكلام عليهم، وكان بحاثة في الأنساب والتواريخ ومعرفة رجال العلم والحديث والتاريخ.. » الجوهر ص (414) ثم ساق النقل ...
وقال أيضا في إجازته له - وكان أهلا أن يجاز - من جهة علمه ودينه وأدبه – كما تقدم.
3ـ الشيخ العلامة الفتى الفهري الجلالي وهو من شيوخه- ، ومن ثنائه عليه أني سمعت الوالد يقول:عرضت عليه نظمي لنخبة الفكر حتى وصلت إلى قولي في ديباجته متحدثا عن النخبة وأهميتها بالنسبة لطالب الحديث
لما رأيت درها غزيرا
منسجما، ودرها نثيرا
ناجتني النفس إلى تنسيقها
لكن مع العجز على تنميقها
فلما وصل إلى ذلك الحد استوقفه الشيخ الفتى فقال له وكيف تعجز عن ذلك؟ وقد نمقت وزدت.
4ـ الشيخ العلامة زين الدين بن عبد الفتاح الأنصاري التيكيراتي قال عنه :"هو الذي وهب الله له المواهب اللدنية، ومنحه الرتب العلية ، والمقامات السنية، وألبسه حلل الكمال،فاكتسب أشرف الخصال بما كشف له من أسرار العلوم ، وعلمه علما لدنيا، فصار بذلك وليا لله مرضيا،فسبحان من أعذب ورده الروي، ومنهجه السوي،حتى ارتوى من كئوس الصفا،واستنشق عرف نسيم الوفا،وصفا عن الأغيار، لما انكشفت له الحجب والأستار،وحصلت له أنواع السرور والبشائر،فصار لسان التعبير عنه قاصر،... فلله دره من فاضل جمع فأوعى،وسعى في تحصيل الخيرات، فلا خيب الله له مسعى،وجعلني وإياه من المخلصين في خدمته، الفائزين بمغفرة ورحمته وختم لي وله في الأولى بالحسنى،وجعلني وإياه في الآخرة في المحل الأسنى . ترغيب المشوق للشيخ زين الدين بن عبد الفتاح الأنصاري ص (251)

ثانيا : من استفاد منهم بلا تدريس:
1ـ الشيخ العلامة المنير"أنار" بن الشيخ حماد الحسني التبورقي .
ويكفي من مكانته عنده أنه قلما ينعقد مجلسه العلمي إلا ويستدعي طلب حضوره له ،وقلما تنزل نازلة إلا ويدعو لحضوره واستطلاع رأيه شاهدت ذلك يوميا في حياتهما.
2ـ الشيخ العلامة إغلس بن محمد اليماني الحسني المرسي: وهو من أشياخه الذين استفاد منهم بلا تدريس قال في سياق شدة توقيره له [ ...فإنه مع تقدمه علي في السن وكونه في درجة أعمامي وأخوالي إذا رأيتني معه حسبت أني من أشياخه ؛ لشدة ما يظهر لي من التوقير والاحترام ولا يكاد يفتي في نازلة من النوازل التي كثيرا ما يستفتى فيها وأنا حاضر، وربما قال لمن حضره من المستفتين لاتسألوني مادام فلان معي، فإنهم أشياخي وأشياخ آبائي ] الأنس المصفى ص62
3ـ الشيخ العلامة محمد بن الخضر بن حرم الجكني :
من ثنائه عليه وتقديمه ما ذكره الوالد عند ذكر شيوخه وعده منهم فقال :[ ...قال لي يوما وهو يدرسنا إذ وقف وقفة يبين لنا شيئا واضحا عندنا ،فقلت له هون عليك في تفسير الألفاظ العربية لنا فقال له: لا أشك أنك أعلم مني بالعربية وأعرف مني بتراكيبها وأساليبها، ولكني تعودت تدريس البلداء فيما مضى حتى رسخ في إلقائي للدروس، فأرجو المسامحة من الأذكياء إن عاملتهم في ذلك معاملة الأغبياء قال الوالد: بعد إيراده لكن هذا منه تواضع ،لأنه من أعلم أهل زمانه في كثير من الفنون... ] الأنس المصفى ص63
ثالثا: ممن في طبقتهم
 4ـ الشيخ العلامة محمد (حب) بن محمد أحمد الحسني التبورقي: يكفي من ثقته بعلمه أنه أودع بعض آثاره لكتابه المجموع، مع نزوله عنه سنا بكثير،فهو من طبقة أشياخه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تزكيته لعلمه، ولاسيما والجانب النقلي في المجموع أشبه باختيارات من مؤلفه

رابعا : شيوخ آفاقيون من طبقة أشياخه باحثهم، فأثنوا عنه، منهم
1ـ شيخناـ علامة شنقيط ـ محمد سالم بن محمد عالي بن عبد الودود ( ولد عدود) المباركي، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في موريتانيا سابقا، وعضو تأسيسي في المؤتمر الإسلامي في(جدة )وشيخ محضرة آل عبد الودود ـ رحمة الله عليه - فإنه قد جرت بينهم مناقشة فقهية شعرية تتعلق بالأوراق النقدية وزكاة البنوك، وأسفرت عن اعترافه بعلمه وثنائه على فقهه – وقد تقدم بعض ما بينهما -
قال في الثناء عليه في مطلع قصيدة له جوابا عن أخرى للمترجم
هذي مسائل سائل متعرف**طبن بتوجيه الكلام مصرف
وكتب أيضا على كتاب من كتب رجال الحديث أهداه إليه
أهدي إلى محمد ذي الوصف
بالحج شكري وودادي أصفي
أسقى زلال رصف بالرصف
قرضا،فكيف لي برد النصف
أجزي لباب بره بعصف
دخن فما هذا إذن بالنصف
فهنا في هذه الأبيات بالغ - حفظه الله - في تزكيته، حيث إنه اعتبر ماله من الإنتاج العلمي - وهو قلائد من ذهب - قشور دخن بالنسبة لما للمترجم - رحمه الله - الذي يرى إنتاجه لباب بر، وإن كان كلامه يحمل على تواضع العلماء ومعرفة الفضل من أهل الفضل
إنما يعرف ذا الفضـل لذي ال
فضل من الناس ذووه

2ـ الشيخ العلامة مؤرخ موريتانيا المختار بن حامد الديماني فقد كان ممن جرت بينه وإياه مساجلة فقهية انتهت بالثناء عليه واعترافه بفقاهته قال -رحمه الله- مخاطبا للوالد

يا أيها العلم الذي نتشوف
للقائه ، وبمثله نتشرف
نهدي بعاطفة إليك تحية
وسلامنا عطرا عليها يعطف
لله درك من خليل لم تزل
فيه تصرف مالك تتصرف
فإذا تناءى عرشه وتمنعت
بلقيسه يوما فعندك آصف
تجني ثمارا منه يصعب قطفها
ولربما تكفي اللبيب الأحرف

إلى أن قال :
وعرفت للمتأخرين مقايسا
أنتم بها لاشك مني أعرف
وختم قصيدته بقوله :
وعليكم منا تعود تحية
يا أيها العلم المنيف المشرف


خامسا :أقرانه وزملاؤه:
1ـ الشيخ العلامة محمد بن حميدي الأنصاري التيكيراتي عرف ( زد) -رحمه الله- فإني رأيته كلما أشكلت عليه مسألة أو هرع إليه الخصوم ،غالبا ما يأتي إلى المترجم بمسألته أو خصومه ويناقشه ثم يثني على ما أجاب أو قضى به، وعندي تقريظ منه لبعض مؤلفاته.
2ـ الشيخ العلامة محمد العاقب السوسي حيث قال مخاطبا له :

شكرا وشكرا للبليغ العارف
شكرا لبحر باللآلئ قاذف
حدث عن البحر الخضم بما تشا
فالبحر يعجز عنه وصف الواصف
إلى أن قال بعد الثناء على علماء آل السوق عموما:
وكفاهم فخرا نبوغ محمد
منهم مجلي شعره المتآلف
هو ناثر، هو شاعر، هو كاتب
هو ناقد صرف اللغى من زائف
يحيي دفين ثراه رقة لفظه
ويعيد ترب النثر تبر النادف
وله من الشعر المرقق مسمع الصم الـ
جماد ومرقصات الآسف
لله در محمد من سيد
سن المعالي ظللت بملاحف

وقال فيه أيضا:
بلى، نظم بكف فتى أداني
مزاياه البراعة في اللسان
يراع الكتب تجري طائعات
بما يهوى مسلمة العنان
فتفعل ما تشا طورا وتابى
لما يأباه ذا الخرق المعاني
إذا جر المزابر فوق طرس
تسابق نحوه غر المعاني
بأوصاف حواها وهو طفل
ممازحة بذلك قد رماني

3ـ شيخنا العلامة زين الدين بن المنير الحسني التبورقي - حفظه الله- فإنه كان ممن يكثر الثناء عليه، -سمعت ذلك مرارا في غير ما مناسبة.

4ـ الشيخ العلامة حمدي بن إبراهيم الحسني الجلالي - حفظه الله- فإنه يكثر الثناء عليه في مجلسه بشتى الأساليب، وبينهما مشاعرة أدبية وكان يقدمه جدا مع انه من أقرانه سنا وذلك لشدة محبته له.
5ـ الشيخ العلامة إسماعيل(إما) بن السعيد الحسني التبورقي فإني لا أتذكر يوما جمعني وإياه المجلس إلا وأفاض في الثناء عليه، وأنه أفاده بكذا وكذا، وأنه آية في حفظ العلوم،وأنه ...وأنه كذا وكذا .. وكان الشيخ إسماعيل مولعا به وبإنشاءاته وإنشاداته، ومن ثنائه عليه ـ رحمهما الله ـ أنني أيها الكاتب قلت للشيخ إسماعيل ـ وكان قد جرأني على نفسه بتقريبي وإكرامي إكراما لايطمع فيه أحد من كثير من أقراني وزملائي ـ إني سائلك فقال :لا حرج، فقلت له أيهما أعلم طبقتي أم طبقتك إذ كنتم في سننا ؟ أقصد طلاب العلم في قبائلنا، فقال لي بعضكم أعلم من بعضنا، وبعضنا أعلم منكم، ثم قال : وممن لم أر مثله فيكم ، والدك ـ رحمه الله ـ.
6ـ الأمير العلامة بزي بن حسب الفلاني - رحمه الله- ت (1416)هـ فإنه كان من الذين ينبهرون بعلمه .
ومما جرى بينهما أنه ألف إليه المترجم رسالة في مشروعية الصلاة على ﷺ في أوائل الكتب والرسائل، وكان سببها أن الشيخ بزي بن حسب اطلع على كتاب لمحمد حسين هيكل سماه (حياة محمد) وكتب تحت الاسم الكريم الصلاة عليه والتسليم عليه، ثم ذكر أنها كتبها لزخرفة الكتاب، لا لأنها واجبة الكتابة،فرآى العلامة بزي ذلك، فاستنكره، فطلب من الشيخ أن يبين له الصواب في ذلك، فألف في المسألة .
فلما وصله منه الجواب أبدى اعتراضا على بعض مسائله، فرد عليه الشيخ المترجم في تذييل على الكتاب،فاقتنع، فقرظ الكتاب وكتب إليه في آخره ما وضح فيه أنه عوده على أن يوضح له ما ليس له بواضح أولا، ثم ختم ذلك ببيت ضمن فيه الثناء عليه وعلى السوقيين قال فيه::
شنشنة أعرفها من أخزم
ومن يناضل كلسكيا)يهزم
والكُلسكي نسبة إلى "كَلسَكُ "التي تعني بالنطق السوداني للطارقية كل أسوك أي بالعربية "أهل السوق"وقد تقدم الكلام على السوق وصلة أسرة المترجم به وما يجوز نسبتهم إليه
6ـ الشيخ العلامة محمد (مهمن) بن صفوان الحسني الجلالي-رحمه الله- فإنه كثير الثناء عليه، وقد حدثني الأخ محمد بن أحمد بن عبد أنه كان يدرسه في اللغة حتى وصل إلى بيت فيه كلمة:(جردق) فاستبهمت عليه، فقال له: اذهب إلى الشيخ الحاج واسأله عن معناها، فلا أعلم أعلم منه بالعربية قال الراوي: فذهبت إليه، فشرحنيها بديهة .
7ـ الشيخ أحمد بن عبد الحسني الفامبلجي - حفظه الله -فإني عثرت على رسالة منه إليه- وهي بيدي -يريد أن يوصل المترجم خطابه إلى رئيس النيجر الراحل باري مينسر،لوجاهة له يعرفها عند بعض من دونه من رجال الدولة فكتب فيها ما يدل على ثقته بقيامه بمهمته ثم كتب (ولا أظن أن يفعل ذلك إلا الشيخ الحاج الذي كان غير حسود، فكان غير المحسود...)
8ـ الشيخ المهتدي بن محمد أحمد الحسني التبورقي - حفظه الله- فإنه قال في تقريظ كتاب له واصفا إياه بقوله
وهذا أخو التصنيف في كل معضل

سادسا: أقرانه من الآخذين عنه:
1ـ شيخنا العلامة المحمود بن محمد ألاغ الأنصاري التيكيراتي - حفظه الله- ما رأيت مجلسا ضمني وإياه إلا وأغدق الثناء فيه على قرينه المترجم ويصفه بسعة الاطلاع، وقلما ينتهي به الحديث حتى يذكر تميزه في علم الحديث والتاريخ، وأنه استفاد منه كثيرا ـ وخاصة في هذين الفنين ـ
وحدثني الأخ محمد بن أحمد بن عبد الحسني الفامبلجي أنه سأل الشيخ المحمود هذا عن شعراء السوقيين أيهم أقرب شعره إلى المعاني التي تتمدح بها العرب الشعر من جزالة في المعاني، ولطافة في الألفاظ؟ فقال له: لم أعرف منهم من أتذوق من شعره ما أتذوق من شعر الشيخ الحاج .
2ـ شيخنا العلامة محمد يحيى- آمدي - بن حمدا الحسني الجلالي ـ رحمه الله ـ فهو ممن لايمل من ذكره والإشادة بسعة علمه والتنويه بقدره في مجالس أهل العلم والفضل، وإن في شعره السابق لدليلا على مكانته عنده.
ومما قال عنه في قصيدة قرظه بها:
هو الشهم منشيها فتى من مصاقع
تحـن إلى ما زخرفـوه المجامع

سابعا: آخرون :
ومنهم :
ـ الدكتور الشيخ العلامة عبد الباري بن الشيخ المحدث حماد الأنصاري- حفظه الله- فقد سألته عن أسانيد رأيتها عند الوالد مهداة منه إليه، هل هو إجازة منه له؟ فقال لي والدكم أجل من أجيزه، وإنما أراد أن يتصل بأسانيد والدي، وهذا تواضع منه لجلالة المجاز له فقد عثرت على إجازته له ونصها كما نقل شقيقي أحمد من خط الوالد (هذاماكتب الشيخ عبدالباري بن حمادالأنصاري وأنابحضرته بدارسكناه بالمدينةالمنورةعام 1421 هجرية وكتبه علي أول ورقة من كاتب أهداه الي بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله وحده والصلاة والسلام علي نبينامحمدوءاله وصحبه وبعدفأهداء هذه النسخةمن هذاالكتاب للشيخ العلامةمحمدالحاج بن محمدأحمدالادرعي المحدث الأديب اللوذعي وفقه الله لمايحب ويرضي وجعلني وإياه من أهل البروالتفوي شافعاذلك بإجازتي له أن يروي عني جميع مايحق لي روايته عن والدي محدث المدينة النبوية رحمه الله وغفرله ورفع درجته ،إجابةلسواله وإن كنت لست من أهل ذلك ولاآله ،وأسأل الله جل ذكره أن يجعلني وإياه من المقتدين بسنة سيد المرسلين صلي الله عليه وسلم العاملين علي نهج السلف الصالحين آمين .قاله وكتبه: عبدالباري بن حمادالأنصاري في ليلة الإثنين الخامس والعشرين من ذي القعدةعام 1421هجرية)
ثامنا: طلابه :
ومنهم:
1ـ الشيخ عبد الكريم بن أحمد الكرماني الحسني الجلالي - رحمه الله - فإنه قد أكثر الثناء عليه في شرحه لمنظومة الدرر له، ومن ذلك قوله عند قول المترجم في مقدمتها :
نحمده علا ، علا على إحسانه
«...ومن إحسان الله إليه أن جعله عالما متفننا في العلوم الشرعية عامة وخاصة في علوم العربية والأدب والتفسير والحديث وعلومه، ولا سيما علم الرجال الذي هو: زمام علم الحديث، ومن إحسانه إليه تمكينه من إنشاء ما أراد إنشاءه من العلوم الدينية والشرعية والعربية ويستوي عنده النظم والنثر، وقد لينهما الله له كما لين الحديد لداوود عليه السلام وسخرهما له كما سخر الريح لسليمان ...» توضيح الغرر، لجباه الدرر لعبد الكريم الحسني الجلالي ص (8)
2ـ الشيخ منير بن محمد بن حميدي الأنصاري التيكيراتي فإنه قال فيه في الدعاء له في مرض وفاته ـ:

أبقه طالعا يضيئ سمانا
تستمد منه البدور لميعا
أبقه يا قريب عقدا يحلي
برهة جيد ذا الزمان رصيعا
للمسائل جده ولسار
نجم هدي ،وللعفاة ربيعا

3ـ الشيخ أبو تراب محمد بن البشير الأنصاري الجلالي في تقريظ كتابي الإمتاع والإبهاج الذي لخصنا منه الترجمة فإنه قال :

بحر من العرفان، طام، مزبد
في نشر دين الله سار،ساع
ومُباحث يرمى لديه مناظر
بشهاب إفحام، مع الإقناع
قد فاق في علم الحديث، رواية
ودراية، بإجازة وسماع
جبل من الحفاظ في إتقانه
كالبيهقي، وصاحب الإلماع
وإذا ارتئى في الفقه رأيا أوقضى
لم يستسغ تفنيده الأوزاعي
خدم العلوم حياته بلسانه
وبنانه، ما ثم أي نزاع
كتب المعاجم والمساند ولولت
وجدا به لما نعاه الناعي
أبقى له الرحمن ذكرا طيبا
أبدا يضوع بسائر الأصقاع
خلعت عليه مع المسرة والرضا
حلل الكرامة يوم يدعو الداعي
قل لامرء ساماه أو ساعاه لا
تتعب، فلست لشيخنا بمساع

4 ـ الشيخ محمد بن محمد توحة بن العربي الحسني الجلالي في تقريظ كتابي الإمتاع والإبهاج الذي لخصنا منه الترجمة فإنه قال :

هو حافظ متبحر، هو لافظ
لمثافنيه اللؤلؤ البراقا
هو صائم هو قائم بنهاره
وبليله، كم سامر الإيراقا
خدم العلوم بنظمه وبنثره
يارب، فاشكر حبره المهراقا
فن الحديث رواية ودراية
هذي وهذيك احتوى استغراقا
علم الرجال مجاله ، لو لم يكن
سباحة أودى به إغراقا
كم سنة أحيا، وكم من بدعة
لقيت لديه الحتف والإحراقا
حكم القوافي، مبدع في رصفها
والضاد كان حصيفها المخراقا
سكناه في التكرور لم يمنع له
بقريضه الإنجاد والإعراقا
طود الشجاعة والوقار فلا تخل
زأر الهزبر لروعه إفراقا
برداه من نسج الشهامة والندى
لم لا، وأعرق فيهما إعراقا

5ـ الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الحسني الفامبلجي فقد وصفه في موضع من كتابه المدارس الأدبية بالشيخ الأديب (المدارس الأدبية في صحراء الطوارق ، لمحمد بن أحمدا بن عبد الإدريسي ص (64) وقال ايضا يتكلم عن علوم الحديث في المدارس السوقية (أما في وقتنا الحاضر فهناك علماء قدموا مشاركات قيمة في تقريب هذا الفن الجليل للطلاب، وساهموا بشكل جيد في تزويد المكتبة الحديثية السوقية مثل الشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد..) نفس المصدر ص(297

6ـ ابنه أحمد محمد بن محمد الحاج الحسني الأدرعي الجلالي، فقد قال في مرثيته الآتية ـ وما شهدنا إلا بما علمنا ـ

أشاع ناعيه جهرا أن قضى أجلا
فليته لخزائن العلوم نعى
إما كظمت بجنبي الحزن متقدا
فمن لكتب أراها تشتكي جزعا؟
بها يرى الأنس لا بالإنس مستقيا
منها، فصار وعاء العلم حين وعى
يا كم ينادمها في قلب هاجرة
من حرها تدع الجلمود منصدعا
والليل بالفكر في الآيات يغمره
إذا أراح لذيذ النوم من هجعا
ترى لدى بابه الطلاب في ضفف
ينحونه زمرا، من أجدب انتجعا
فيرتوون بما يرويه من ملح
لألاؤها مثل عقد اللول ملتمعا
ذلت رقاب صعاب المعضلات له
ففي جميع فنون الشرع قد برعا
أما الحديث ففيه كل سلوته
يا نضر الله وجها صانه ورعى
أفنى نضارة عمر في تصيده
رجاله ثقة منهم ومن وضعا

تاسعا: طلاب طلابه ( عبرت بطلاب طلابه ؛ لأنهم ما أخذوا عنه ،فيما أعلم،ولكن أعلم أنهم أخذوا عمن أخذ عنه) ممن أنشأوا قصائد في الابتهال إلى الله أن يعافيه في مرضته الأخيرة ومنهم:
1ـ الشيخ: علي بن سليمان الحسني التبورقي قال يشكو إلى الله مرض المترجم الذي توفي فيه مرض موته بالشفاء:
لما احتبت بفناء من يقاطع في
ضبط العلوم الكرى مستصحبا سهرا

وقال فيها:

الله يبقيك في أمن وعافية
تحيي من السنة الغراء ما اندثرا
أبقاك ربي لبث العلم تنشره
كما عهدنا فيروي عنك من حضرا
وللدروس وتنميق التآليف في
فن الحديث يعيها من روى ودرى

2ـ الشيخ محمد بن الفاروق الحسني التبورقي قال يدعو له في مرض موته بالشفاء:

إليك شكونا صيلما نزلت بمن
يتم لأعلام الحديث به نشر
وزعزعت الركن الشديد الذي لنا
إليه إذا ما الجهل طاردنا السير
بلاء رمى أهل الحديث بأسهم
صوارد من هم يلين له الصخر

وقال ضمن تقريظه للإمتاع والإبهاج في التعريف بالعلامة المحدث محمد الحاج لابن المترجم أحمد محمد الحسني الأدرعي قال: ( كيف لا، والمتناول فيه فخر للجميع وتاج, وبحر من بحور العلم تتضارب فيه الأمواج، إنه الشريف الأدرعي والدنا الحاج، من أضاءت أنواره بالجلالة فأشرقت، وهطلت أنواؤه بالإحسان فأغدقت ،فهو الصبح لا يُتمارى فى إسفاره، ولا يفتقر إلى دليلٍ على إشراق أنواره، من أذرى سناؤه بالكواكب والأقمار, واشتغل بالثناء عليه المهاجرون والأنصار)
3ـ الشيخ حمزة بن عثمان الأنصاري التيكيراتي فإنه قال يذكرابنه الأستاذ أحمد محمد في عداد مجموعة من طلبة العلم :
وأحمد محمدُ بن الحاج
من كان في أسلافنا كالتاج
غيث الأرامل، وفارس القلم
ومن يشابه أبه فما ظلم
وأفادني بأن وصف الوالد بفارس القلم ـ كما يفيده تشبيه ابنه به في هذا البيت ـ ومعلوم أن المعنى في المشبه به أقوى منه في المشبه ـ إنما حفظه وهو صغير عن عمه العلامة المحمود بن ألاغ الأنصاري الذي لايذكر المترجم ـ غالبا ـ إلا ويصفه بها، كما قال.

عاشرا:آخرون
عبرت هكذا؛ لأني لا أستطيع أن أبرهن على أنه أخذ عنه أو أخذ عمن أخذ عنه.
1ـ الأخ البشير بن علي الحسني المعروف (صح)الحسني التبورقي ـ رحمه الله ـ قال يدعو له في مرض موته بالشفاء:
إن قيل سمه وسمه، فحسبي من
هذين عامر بيت الله حاججه
عيالم عالم الفنون منه حوى
ما فيه تحمد يوميا برامجه
سمح إذا حكت السما سماحته
زان الربى النبت باهيه وباهجه

2ـ الشيخ المحمود بن أحنى الأنصاري التيكيراتي فإني لقيته في حج عام 1431هـ في مكة المكرمة ـ حرسها الله ـ ومما سمعته يقوله في سياق يتحدث فيه عن علماء (وادي الشرف):ما معناه أنه قال : إن الشيخ الحاج يكفي من جلالته وعلمه أنه هو الذي يدفع به الناس في نحر ما أهمهم من القضايا العلمية، فيحيلون عليه عويصات المسائل، إن نثرا فنثر، وإن شعرا فشعر،.وكأن كلامه هذا هو الذي نظمه الشيخ عبد الكريم بن أحمد الكرماني الجلالي في مرثيته له إذ يقول:
هو أمة ينتابه العلماء في
حل المسائل،إذ تنوب نوائب
فيجيب بالمرضي والمروي والـ
مرعي عن ثقة وما هو صائب
كم وجه العلمآ إليه مشاكلا
فيحلها حلا،عدته مثالب

وبالجملة فكل العلماء وطلبة العلم الذين عرفوه أثنوا عليه، سواء في ذلك شيوخه وأقرانه ومن جرت بينهم وبينه مكاتبات وتلامذة تلامذته –كما رأيت قليلا من كثير منه
عرف العالمون فضلك بالعلـ
م وقال الجهال بالتقليد
وأرى الناس مجمعون على فضـ
لك من بين سائد ومسود

أوصافه الخَلقية والخُلقية:
أوصافه الخَلقية:
نظرت فيما وصف به ابن عمه الشيخ إسماعيل بن محمد الأمين والد المترجم له فوجدت شبه الفرع بالأصل، فمما قال عنه : (رجل أسمر جميل الوجه أسيل الخد ذو أرنبة وذو هيئة ومروة ... هشاش لا يملكه الغضب، ألوف مألوف موطأ الأكناف، لين الجانب يتودد للأقارب صفوح وصول للرحم، كريم النفس غاض البصر، يتغاضى ويتغافل ، واسع الصدر، رحيب الفناء على الزوار،عاقل حازم عازم رشيد راشد ، أديب وقور أمين عند المشورة صائب الرأي) وهذا في ترجمته لوالد المترجم له وقد أودعها الشيخ المحمود في كتابه :التبر التالد..
ومما لم يذكر الشيخ إسماعيل في أبيه وكان من أوصافه هو أنه طويل القامة طولا غير مفرط كما وصف به بعض الشعراء أهل بيته الهاشميين فقال: (م الهاشميين الطوال الزهر) متوسط الهامة، أجلى الجبهة، بعيد الإدراك، إذا نظر إليه من يجيد الفراسة قرأ على وجهه أنه شعلة ذكاء.
فارق الدنيا، ولم يتم بياض ناصيته، يمشي مشية متواضعة وقورة ليس فيها خيلاء حتى كأن قدميه تسيل في نعليه، لايلتفت في مشيته، إذا رأيته رأيت سمت العلماء ورزانة الفضلاء، مهاب جليل حيي، إذا سمع شيئا لا يليق نكس رأسه خجلا من فعل صاحبه.
يغضي حياء ويغضى من مهابته
فلا يكلم إلا حين يبتسم
وإن رآى منكرا تغير وجهه، ولا يخاف في الله لومة لائم، فإن كان لديه مقترف السوء حاضرا أنكر عليه ورآى على وجهه التغير
وكان طيب السيرة، ويكفي من ذلك أنني لم أسمع منه ـ طول حياته التي أدركتها ـ قرابة خمس وعشرين سنة اغتياب أحد لا سرا ولا علنا، لافي حضوره ولا في غيابه .
وكان تعجبه المشورة، ويذكر أن اجتماع الناس؛ لتداول آرائهم في قضاياهم له أثر فاعل في توحيد كلمتهم وتخفيف سوء التفاهم بينهم، ويثني كثيرا على من كان ذلك منهجه من إخوانه وأقرانه. .
ثانيا: أوصافه الخُلقية:
: تقدم منها ما ذكره الشيخ عمنا إسماعيل في أوصاف والده، فالأوصاف الخلقية تتداخل أحيانا مع الخلقية؛ إذ الخلق عرض من أعراض الذات وإنما أذكر هنا بعض العناوين فقط فقد أقول اليسير، ويفوتني الكثير.
ومجمل القول: أنه كان - رحمه الله- دمث الأخلاق، برا بمن عرف ومن لم يعرف، يألف ويؤلف، يحبه كل من تعارف معه حبا جما،حتى كأنه أخلص إخوانه، أو أخص أخدانه.
وقد عقلت منه بعض أخلاقيات شدت انتباهي تعود كلها إلى كرم الطبيعة وزكاء الطوية
فمن أخلاقه : جوده وكرمه؛ فإنه غاية في الجود بما ملكت يداه، سواء أيسر أو أعسر، فقد رأيته يجتمع إليه من كرائم الإبل وسواد الشاء في مدة قليلة ما يجعله من أغنياء بلده، لو أنه جمع فأوعى, لكنه يفرقه على الناس شذر مذر.
وكيف يزكي المال من هو باذله
فما أحقه بقول القائل :
لايألف الدرهم المضروب صرتنا
لكن يمر عليها وهو منطلق
إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا
ظلت إلى طرق العلياء تستبق
وقد شهد له بذلك كل من عرفه وكثر الثناء عليه بذلك ، ووصفه به أقرانه.
الناس أكيس من أن يمدحوا رجلا
من غير أن يجدوا آثار إحسان
وقد سمعت مجلسا من عارفيه بعد وفاته، يتحدثون بما رأوا من جوده وكرمه، وكل يذكر قصة يعرفها، وقد وصفه بذلك الأدباء والشعراء من أقرانه وزملائه..
واسمع للشيخ محمد بن يوسف الحسني التبورقي- رحمه الله - إذ يقول يصف جوده وكرمه:
ما مسبلات غوادق مجلجلة
تنسي المواهب منه وهي مطمومه
يوما بأكثر منه يوم مسغبة
نفعا لميتمة وافته مهجومه
بدر يحت بدورا يوم مسألة
حتا لمسكنة بالطول مهمومه
وللأراجل يستغلي مراجله
سودا مكتكتة بالكتر موكومه

وقال الشيخ محمد يحيى (آمدي) بن الشيخ حمدا الحسني الجلالي يصف كرمه
وما البحر إلا من ينابيع خمسة
وما شطحات الوكف إلا جمامه
ومن شام برق الجود منه وأرعدت
رواعده سحت عليه سجامه

وقال الشيخ العاقب السوسي يصفه بمثل ذلك:

وهو الكريم النفس طبعا مابه
كبر ولاعجب كطبع محالف
ما إن على من بابه من حاجب
غير الندى ويجيب هل من غارف
إلى غير ذلك

ومن إنفاقه الذي كان يشهد به كل عارفيه أن طعام بيته طعام لكل ما حواليه من الأرامل والأسر الغيب أهلها، بل كل ما حضر طعامه استدعى سائر جيرانه فيطعم الكل عنده .ينادي يا فلان... يا فلان... ولا يرتاح حتى يجتمعوا إليه، وإن اعتذر بعضهم بشيء ما، كأن يكون قد طعم قبل أو نحو ذلك، تأسف كل الأسف وظهر ذلك على قسمات وجهه، وبالمقابل يهتش ويطرب إذا اجتمعوا للطعام لديه ، وسواء في ذلك القليل والكثير والرخاء والضيق .
بل ينادي كل شبح رآه مارا على الشارع ليطعم عنده، هذا يعرفه كل من يعرفه، وكان جيرانه يتعجبون من حرصه على أن يأكلوا من طعامه حتى ولو في حال حضور طعامهم هم وحال رخائهم ولسان حاله يقول فيهم :
أنا الجار لا زادي بطيء عليهم
ولا دون مالي في الحوادث باب
ولا أطلب العوراء منهم أصيبها
ولا عورتي للطالبين تصاب
ولا تسأل عن تفقده للأسر المحتاج أهلها، فقد كنت أعرف أسرا غرائب في قريتنا( وادي الشرف ) شمال مالي ( آزواد) كان حاله معهم في وقت تشتد فيه عليه أزمة الضيق، أول ما أجلى الجدب الناس إلى ( وادي الشرف ) عام 1404هـ بعد هلاك المواشي وجفاف الزروع أنه كلما تجدد إليه شيء من مؤن المعاش صرف لهم من النفقة ما يصرف لأهله .
وأعرف من أولئك رجلا تحسن حاله بعد فقر مدقع، فصار من أهل الثروة والغنى فأتيته يوما، وكلما رآني بالغ في إكرامي مكافئة لإحسان الوالد إليه – آنذاك -
وقد قال لي يوما إن بعض الناس يحفظ أن بيني وبينهم عهدا، والحق أن العهد الأكيد، ليس إلا بيني وبينك عرفانا لإحسان أبيك إلي، هذه أسر غريبة
أما إحسانه إلى جيرانه وقرابته فأمر يجري منه مجرى النفس
وهم ربيع للمجاور فيهم
و المرملات إذا تطاول عامها
ويكفي لجوده أنه مع ما فتح الله علي من حطام الدنيا لم يورث لا دينارا ولا درهما ولم يورث إلا مكتبة أغلب ما فيها كتب الحديث ورجاله ومصطلحه.
وما تقدم من شمائل الكرم الذي وصف به هو سيرة أهل بيته الأدرعيين كما عبر به نفسه في قصيدة له إذ يقول :
والسخا فيهم قديما سنة
قد رووها عن أصول عن أصول
ومن أخلاقه: الصفح الجميل،فإنه يتجرع الإذاية ويسيغها بماء الحلم والعفو، والغالب تذويبه ملوحتها في نهر فياض من الإحسان، وكان حاله مع إخوانه لو بدر منهم ما يستاء منه غيره ـ لو كان محله ـ .
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع
بل كان بارا بهم كما عبر عنه نفسه في رسالة له سبقت في قسم الأدب حيث قال (وما شوش خاطري منذ عقلت أشد علي من أن يظن أحد من إخواني أني أسأت الأدب معه...) فهو كما تمثل نفسه في رسالة له بقول الشاعر:
إذا اعتذر الصديق إليك يوما
تجاوز عن مساويه الكبيره
فإن الشافعي روى حديثا
بإسناد صحيح عن مغيره
عن المختار أن الله يمحو
بعذر واحد ألفي كبيره
وهكذا حاله وكان يأمرنا به – معشر تلامذته وأبنائه – وكنت أتذكر وأنا صغير أنني تأذيت يوما من الأيام من أحد الأطفال، فهممت أن أوقع به، فناداني فقرأ علي قول الله تبارك تعلى ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ وفسرها لي،وقال لي ما معناه: ذلك رسول الله ﷺ فكيف بك ؟
ومن ذلك الوقت ما تأذيت من أحد فأريد مقابلته بالمثل إلا مثل لدي ذلك الموقف وتذكرت الآية ،وكيف قرأها علي وفسرها - فجزاه الله عني كل خير-
ومن أخلاقه: لين عريكته، مع أنه لا يتحمل الضيم، بطيئ الغضب، سريع الفيئة،وكان حريصا على التقريب بين وجهات أنظار رإخوانه ، ولا يطمع أحد في كسبه لغير موقف الحق، ومن كسبه في قضية من قضايا محيطه يرى أنه كسب سندا قويا .
ولا يتكلم إلا فيما يعنيه، وإذا تكلم أفحم المخاطب بحجة قلما يقوى لهاكما وصفه به الشيخ عبد الكريم الحسني الجلالي قائلا –كما يأتي – في مرثيته له
وإذا يقول تهيبوه فإنه
لم ينفحم مذ طر منه الشارب
فإذا يناظر في عويص مسائل
أعيت عقول الناس ،فهو الغالب


 
 توقيع : الدغوغي

ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله
والحمد لله
ولا إله إلا الله
والله أكبر


رد مع اقتباس