عرض مشاركة واحدة
قديم 03-26-2012, 09:45 AM   #16
مراقب عام القسم التاريخي


السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: فصول من حياتي



المقدمة الممهدة التاسعة:


جرائم القدى ممن ضل السبيل فضل بسببه غيره على وجه الاقتدا

كــــــــــنا على أمــــــــــة أبــــــــائـــنا***ويــــقـــــتـــدي الأول بــــــالآخــــر
هذا بيت من أبيات الحكمة في حقيقة تأثر الذراري بسلفهم، خاصة من ضل الهدى، فساء سبيله الموصل به إلى ويلات سلفه أرباب الهوى.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون.
قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى:
أي: صادفوهم كذلك فاقتدوا بهم...
وقال أبو عبيدة: يهرعون. يستحثون من خلفهم.
هذا تصوير عظيم في غاية بيان هلاك خلف المبتدعة في متابعة سلفهم الضال المضل، الذي بلغ بعد غيهم به معاني التوصيات بين سلف المبتدعة وبين خلفهم جيلا جيلا، خوفا من أيدركوا بالهداية عن الوقوع في مهاوي الضلالات المهلكات.
وكل ما ورد من بيان أحوال المبتدعة أصول الكفر، يلحق عليه أحوال المبتدعة المنتسبين إلى الإسلام في أصول بدعهم، على وجه القياس الجلي، من إلحاق الفرع بأصله، بجامع علة مخالفة الشرع المتوارثة بين سلفهم وخلفهم.
داخل الأمة الإسلامية، ومن الأدلة على ذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام:
إن من ضئضئ هذا، قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم"
قال في "النهاية": "الضئضئ: الأصل، يقال: ضئضئ صدق، وضؤضؤ صدق، يريد أن يخرج من نسله وعقبه "
الكتاب : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري


تأليف الشيخ :
عبد الله بن محمد الغنيمان

رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً
ولذلك تجد كل جهة نشأت فيها بدعة ما أهلها يتوارثونها، كما عرفت البصرة بالزهد البدعي الصوفي، الذي تطور فيها حتى تبين محض بدعيته عن طريق خلفهم، ثم انتشر ففرخ صقور البدع، الذين ليس فوقهم صقر في جو سماء هوى البدع، كما سيأتي ـ بإذن الله تعالى.
وهكذا حال الشعوب والقبائل التي اعتنقت بدعة من البدع، أو بدعا أخرى، لأن أصحابها أشربوا حبها، ففي كل واد فيها يهمون.
وعلى كل حال فأن اقتداء خلف المبتدعة في أصول بدع سلفهم، مما تظاهرت نصوص الكتاب في بيانه في تصويرات جليات البراهين عن حقيقة واقع أمر ضلالهم، كما قص الله تعالى في آية أخرى.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
بل قالوا إنا وجدنا أبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون.
قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى:
فيه مسألتان: الأولى:
قوله: على أمة. على طريقة ومذهب قاله عمر بن عبد العزيز...
الثانية: وإنا على آثارهم مهتدون. أي: نهتدي بهديهم.
وفي الآية الأخرى: مقتدون. أي: نقتدي بهم.
قال قتادة: مقتدون متبعون.
قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون.
يعني أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم؟؟؟
قالوا: إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى.
والمبتدعة في المجتمع الإسلامي، يحكي خلفهم في اتباع سلفهم، نهج من ذكر، من:
· شدة متابعتهم لسلفهم فيما خالفوا فيه الشرع، إن لم يستدركوا عليهم منكرات بدع أخرى، تمنحهم جلالة القدر، والفقه الكبير في مشروعية ما يهونوه من البدع.
· عدم قبولهم ما يخالف ما أدركوا عليه سلفهم من البدع.
· بعدهم الكبير عن العدول عما وقع فيه سلفهم من البدع.
· خبث صمتهم عن بيان ما رزقوا الوقوف عليه من الهدى لعامتهم فضلا الخاصة منهم.
· شربهم حب التبعية في أن من يتظاهر بالهدى، لا يعمل ببيان شيء منه إلا إذا سبقه داع إلى بيانه أمرا بمعروف كان أو نهي عن المنكر ـ في الغالب ـ وههم من أجرأ الطبقات فيهم في بيان الحق ونصرته والذب عنه، ما لم يتصادم ذلك بالمورث من البدع في قومه، فينقلب إلى معنى: فنظل لها عاكفين.
· عامتهم أشد الناس سكوتا في معرض بيان الهدى، لا سيما إذا تعلق ببدع تجره إلى بدع قومه، من نصه، أو من معقول نصه، فهم حذرون جدا في بيان شيء من الهدى إذا أوحى إلى قومه بخروجه عن السر المكتوم بينهم، ضد الهدى وبيانه.
· غاية المهديين منهم، أن يموت ميتهم، وصحيح البخاري على صدره، وما في معنى ذلك من التمسك بما كان عليه السلف الصالح، من غيره أن يدعوهم هداه إلى بيان بطلان ما كان عليه، نصيحة لله، ونصيحة لخاصة المسلمين وعامتهم، من بيان خطر ذلك الضلال الذي أدركوه، واعتقدوه، ثم تابوا منه...
· بعد جنى ذراريهم ثمار المهديين فيهم، لتواطئهم على معنى قوله تعالى: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه...
· تذبذب المهديين فيهم بين الحق والباطل، إن وقعوا أسرى في معسكر الحق ـ أهل السنة والجماعة، انقلبوا إلى جند مجندة.
وإن وجدوا فرصة اللحوق بمعسكر الباطل ـ أرباب البدع والأهواء ـ سواء معسكر بدع قومهم، أو بدع قوم آخرين، التحقوا بهم التحاق الأسير بقومه.
وسيأتي مزيد بيان لهذا في موضعه ـ بإذن الله تعالى: تبصرة وذكرى لقوم عابدين.
· حدة آحاد هداتهم في بيان ما وقف عليه من منكرات غير قومه.
· عدم انتفاع من أدركوه من سلفهم بهم من جهة التواصي بالحق فيما بينهم.
· عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم في جانب ما توارثوه من البدع.
· تنشئة ناشئتهم على اتهام سوء نواي من يدعوهم إلى الهدى بترك البدع، التي منها بدع سلفهم.
· وقوف أهل كل جيل بين سلفهم وخلفهم جنبا بجنب، عاضين على حبل بدع: أتواصوا به بلهم قوم طاغون...
نظرة خلف المبتدعة في الدعاة إلى الله تعالى، جيلا جيلا، على أنهم قوم يتحينون فرصة صرفهم عما كان عليه آباؤهم، بدعوى أنهم وآباؤهم على حق، أراد الدعاة صرفهم عنه، يظنون ظن سوء بالدعاة على أنهم يلبسون عليهم حقهم بباطلهم، هذا لسان حالهم ـ ولعياذ بالله تعالى.
بل يصل حالهم، ما قصته الآية السابقة:
قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون.
التي قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى:
قالوا: إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى.
قلت: وما ذكرته من الإشارات حول اقتفاء خلف المبتدعة بسلفهم، حذو القذة بالقذة، إنما هو تنبيه فقط، وإلاّ من تأمل أحوالهم، وكان له أدنى إلمام في المأثور عنهم، لقال مقالة القال ـ بإذن الله تعالى:
علمت شيئا وغابت عنك أشياء.
لأنه الغالب عليهم ـ والنادر لا حكم له ـ هم وخلفهم، ومما يقربه ما يلي من نقل الإمام الشاطبي، بعد درر القواعد من منقوله، بقوله:
لا يخلو المنسوب إلى البدعة أن يكون:
· مجتهدا فيها.
· أو مقلدا.
والمقلد، إما:
· مقلد مع الإقرار بالدليل الذي زعمه المجتهد دليلا، والأخذ فيه بالنظر.
· وإما مقلد له فيه من غير نظر كالعامي الصرف.
فهذه ثلاثة أقسام....
قلت: والذي يهمني فيما نحن بصدده جانب المقلد الذي لا يخول أيضاً من يكون مقلدا لهدي شيوخه أو لهدي آبائه في الضلال، الذي من صوره هذه القصة في قول الشاطبي ـ رحمه الله تعالى:
حكى المسعودي: انه كان في أعلى صعيد مصر من القبط، ممن يظهر دين النصرانية، وكان يشار إليه بالعلم والفهم، فبلغ خبره أحمد بن طولون، فاستحضره...
وقد أحضر مجلسه بعض أهل النظر، يسأله عن الدليل على صحة دين النصرانية، فسألوه عن ذلك؟
فقال: دليلي على صحتها ـ النصرانية ـ وجودي إياها متناقضة متنافية، تدفعها العقول، وتنفر منها النفوس، لتباينها وتضادها، لا نظر يقويها، ولا جدل يصححها، ولا برهان يعضدها من العقل، والحس عند أهل التأمل لها، والفحص عنها.
ورأيت مع ذلك أمما كثيرة، وملوكا عظيمة، ذوي معرفة وحسن سياسة، وعقول راجحة، قد انقادوا:
· إليها.
· وتدينوا بها.
مع ما ذكرت من تناقضها في العقل، فعلمت أنهم:
· لم يقبلوها.
· ولا تدينوا بها.
إلاّ بدلائل:
· شاهدوها.
· وآيات.
· ومعجزات.
عرفوها، أوجب انقيادهم:
· إليها.
· والتدين بها.
فقال له السائل: وما التضاد الذي فيها؟
فقال: وهل يدرك ذلك، أو تعلم غايته؟؟؟؟.....!!!!
فأمسكوا عن مناظرته، لما قد أعطاهم، من تناقض مذهبه، وفساده. أهـ
قال الشاطبي: والشاهد من الحكاية الاعتماد على الشيوخ، والآباء من غير:
· برهان.
· ولا دليل.
· ولا شبهة دليل.
قلت: انظر بنموذج رائع في خبث المبتعدة من أهل العلم والمعرفة، أنهم يعرفون أنهم على باطل محض، فيما هم عليه من البدع المتفاوتة الضلال...
ومع ذلك العلم وتلك المعرفة المتقررة عندهم، لا يتركون ضلالهم لفرط اتباعهم الهوى، فيكيف تجادل من هذا حاله ـ جيلا ـ إما مقرا على نفسه بأنه على غير هدى، كما في هذه القصة.
وأما مبطن ذلك الاقرار لا محالة، مبالغة في ابتاع الهوى المضل: صم بكم عمي فهم لا يعقلون.


 
 توقيع : السوقي الأسدي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-27-2012 الساعة 11:14 AM

رد مع اقتباس