عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2012, 09:37 AM   #13
مراقب عام القسم التاريخي


السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: فصول من حياتي



المقدمة الممهدة السابعة:


خطر خنسات أبالسة التلبيس المتولد بينه وبين وسوسة نفثات المبتدع استحواذ جليس

عن المرء لا تسأل وسل عن قريـــــــنه***وكـــــــل قرين بالمقـــــارن يقـــــتدي
إنه من أبيات الحكمة، كم جلب القرين لقرينه أسباب النقمة، إن كان من المضلين، أو الضالين، أو هو ممن جمع بين الشرين.
هذا إن كان القرين المؤثر من الصالحين، فإن قرينه الضعيف التأثير كثيرا ما يؤوب به الصاحب المؤمن القوي إلى مآب الفضلاء الفاضلين.
بإذن الله تعالى، ويكثر ذلك الرجوع في أهل المعاصي الشهوانية، وإن كان من أهل معاصي الشبهات، فإنه لا يراك على حق، فضلا أن يراك أهلا لذلك، بل يراك من الضالين حقا، ولا سيما عن سواء سبيله، فهو الذي يسعى جهادا في إقناعك بتلبيسات مدبرة محكمة التلبيس لإيقاعك في قعر الشبهات الموبقات ـ والعياذ بالله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
((قال قائل منهم إني كان لي قرين*يقول أإنك لمن المصدقين))
قلت: ولقد فضح الله ـ عز اسمه ـ الأحياء من المبتدعة، بلسان مواتهم ـ موعظة وذكرى ـ بهذه الآية العظمية الفضيحة لهم.
إذ قص الله غايات اهتماماتهم بطرح الشبهات، عن طريق الاستفهامات الآثمة، ذلكم أسلوب من أساليب أهل التدليس والتلبيس، خاصة في معرض تشكيك المسلم في المسلمات الإيمانية الضرورية العلم نقلا وعقلا.
وهذا القرين السوء، ما وسوس القول في جر قرينه الصالح إلى مستنقع الشهوات التي أقل ضررا، وإثما عظيما من قاذرات الشبهات.
بل وسوس القول المسلسل الاستفهامات المجرمة في هدم العقائد الصحيحة، في بعض نفوس أصحاب الفطر السليمة.
وقبل مصافحة نقولات من كتاب الاعتصام، يحسن لفت الانتباه إلى خطر وسائل التنبيه عند المخالفين للشرع الحكيم، وهو أنهم يعلمون أن الفطرة السليمة لا تتقبل المخالفة البينة، فلذلك تجدهم يستعملون أسلوب الاستفهام، لأمور، منها على سبيل المثال لا الحصر:
*- أن لاستفهام ظاهره بُعد مستعمله عن يصح في حقه تكذيب ولا تصديق، مع تبيلغه رسالته الخبيثة عن طريقه في معرض دعوة غيره إلى الخبائث القولية والفعلية، ليعتقد طيبها عن طريق ما يتولد من ذلك الاستفهام من صحة رجحان مرجوح أو راجح المستفهم عنه...
* اختبار عقلية المستفهم له في معرض المكر به، الذي قل أن ينفلت من كيد المخالفين للشرع، إلاّ من أدركته رحمة من ربي، كما حكى الله مخاطبة المهدي في الجنة، بالضال قرينه في الدنيا، وقرينه وقتئذ في سواء الجحيم: ((تالله إن كدت لتردين*ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين))
أقول ـ باد بدء: قال الشاطبي ـ رحمه الله تعالى: فإن فرقة النجاة ـ وهم أهل السنة ـ مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، بالقتل فما دونه.
وقد حذر العلماء من مصاحبتهم، ومجالستهم...
وذلك مظنة إلقاء العداوة والبغضاء...
ونحن مأمورون بمعاداتهم، وهم مأمورون بموالاتنا، والرجوع إلى الجماعة.
قلت: هذا كلام في غاية نفاسة البيان، والصدق والنصح لله الغني الرحمن.
فلذلك لا يحققه إلا من قدم رضا الله تعالى على النفس والأهل والعشيرة...
ولقد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على ذلك منه، قوله تعالى: ((قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم أزواجكم وعشيرتكم)). إلى قوله تعالى: ((أحب إليكم من الله))
كما تظاهرت أقوال السلف الصالح في النصح المبين في ذلك، منه فيما نحن بصدده: ما كتب به أسد بن موسى:
وإياك أن يكون لك من البدع أخ، أو جليس، أو صاحب.
قلت: فإن المبتعد يجب دعوته إلى الهدى أباً كان أو غيره...
فإن تاب وأناب، وإلاّ وجب هجرانه ـ هجران المبتدع، وعداوته ـ عداوة المبتدع، مبالغة في اتقاء أن يضلك ضلالا مبينا، فإن كل مبتدع بدعة في الأصول أو في الفروع، فهم على حقيقة قول أحد أئمتهم فرعون ـ لعنة الله عليه ـ كما في قوله تعالى ـ حكاية عنه: ((ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد)).
أقول: إن كل مبتدع لا سيما دعاتهم حول هذا يدندن، فلذلك شدد الشرع في حق ذم المبتدع، إذ لعنه، ولعن من آواه...
وإيواء المبتدع أنواع منه:
· إقراره له على مخالفته تلك للشرع...
· نصره بأي وجه من وجوه النصر...
· سكوته عن مخالفة ذلك المبتدع المسكوت عنه...
· غضبه له إذا ذكرت مخالفة ذلك المبتدع تحت أي زعم...
· انضمامه بذلك إلى صفه تحت حق القرابة والمشيخة، وما في معنى ذلك من المصالح المرسلة.
وعلى كل حال فالمبتدع ملعون بإحداثه أي بدعة في الدين، كما أنه ليست تلك اللعنة مقصورة على المبتدع الأول، بل كل من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها...
وذلك أن من أحيا بدعة مبتدع سابق له، فكأنه هو صاحبها في الوزر...
كما أن من عمل بسنة ثابتة فله أجرها وأجر من عمل بها بسسببه هو، إذ لولاه لم يقف عليها من عمل بها اقتداء كما لا يخفى ذلك من نصوص المسألة.
مع أن السلف الصالح بلغ بهم شدة جرم الضلال بالغير، ما يكفي فيه مثالا، ما أخرج ابن وهب عن سفيان ـ رحمه الله ـ قوله: كان رجل فقيه، يقول:
ما أحب أني هديت الناس كلهم، وأضللت رجلا واحدا.
قلت: وهذا غاية في النصح لله ـ جل في علاه ـ بخلاف المبتدعة الذين من أكبر همهم إضلال الناس كلهم ببدعهم، الظاهرة والباطنة، على حسب معرفة المبتدع بعقلية جليسه، جهالة وعلما،
كما تظاهرت آثار السلف المتضمنة معنى ذلك، من ذلك:
· قال الحسن: لا تجالس صاحب هوى، فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك، أو تخالفه فيمرض قلبك...
· وقال أيضا: لا تجالس صاحب بدعة فيمرض قلبك.
· قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالاتهم، ويلبسوا عليكم ما تعرفون.
قال أيوب: كان ـ والله ـ من الفقهاء ذوي الألباب.
· قال إبراهيم: ولا تكلموهم إني أخاف أن ترتد قلوبكم.
· وقال يحيى بن أبي كثير: إذا لقيت صاحب بدعة في طريق، فخذ في طريق آخر.
· عن العوام بن حوشب: أنه كان يقول لابنه: يا عيسى أصلح قلبك...
والله لأن أرى عيسى في مجالس أصحاب البرابط والأشربة، والباطل، أحب إليّ من أراه يجالس أصحاب الخصومات.
قال ابن وضاح: يعني: أهل البدع.
قلت إن ما أوردته من النقولات السلفية في هذا الصدد إنما وردت مورد ضرب الأمثال، لا الحصر.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)).
فختاما فحذار حذار ثم حذار من سوء ضرر المبتدع للجليس العالم فضلا عن غيره.
فإن شر المبتدع من الشر المستطير إن كان شيخا، وإن كان تلميذا له، فجرح لسان شيخه فيه من الجرح الذي لا يجرى برؤه.
وصدق الشاعر، في هذه المشاعر: وجحر اللسان كجرح اليد.
بل الأمر كما قال الآخر:
جراحات السنان لها التئام *** ولا يلتام ما جرح اللسان
وإن كان ابنا للشيخ المبتدع أو ابنا لعشيرة مبتدعة فكل يعدي ذلك الابن الضحية حقا بمرض البدع كما تعدي الصحيح الأجرب، فداؤه من الداء العضال.
فكلما ازداد علما بالهدى ازداد داؤه في الضلال العضال.
وقد ورد من الأمثال الصحيحة المسلمة مثل : لا تلد الحية إلاّ الحية.
سأل سائل أحد العلماء بادرا، هل لهذا المثل أصل في كتاب الله تعالى، قال نعم، قوله تعالى: ولا يلدوا إلاّ فاجرا...
فلذا لا تغروا بعلم المبتدعة ولا بعلم من تربى في أحضانهم، وإن أظهروا التنسك والتمسك بالهدى ودين الحق.
فضلا جانب مصنفاتهم، وإن كان الجانب الذي ظاهره السلامة، فإنها أحق ما يقال فيها، قول من قال: إذا أتاك حديث من أهل الكوفة، فاطرح تسعة وتسعين منه ـ على أنه باطل ـ وكن على الواحد الباقي في شك. أو كما أثر.
ولهذا مزيد بيان خبث مكره ـ بإذن الله تعالى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا


فعلم المبتدع أشد إثمية من إثمية الخمر والميسر، على الفرد والمجتمع، في جميع أشكاله ما يبثونه في المجالس من سمومه طرحا في معرض المحادثة، فضلا جانب المذاكرة، والمجادلة، فضلا الحالقة في حلقات تدريسهم أبناء المسلمين الأبرياء ما لا يحمد عقباه ـ إلا من رحم الله وقليل ما هم ـ ولهذا مزيد بيان في موضع له ـ بإذن الله تعالى ـ نقلا وعقلا.

هذا ومن لطائف الفروق بين ذراري المبتدعة وبين أصولهم المبتدعة كحيات في فلاة مفترسات ذات سم قاتل، وحيات في قوارير مصنوعة لها كحائل ـ وإن كان حاجزا غير حصين بالنسبة للمبتدعة ـ وما في معناها في حديقة الحيوانات، فإنك في مأمن منها ـ بإذن الله تعالى ـ في تلك الحواجز الحصينة الحيات، ولكن إن خرجت من أي حاجز حصين، فأنت من لدغها لك غير أمين.
وسيأتي مزيد بيان لهذا في موضوع إحكام المبتدع قوانين التقية بينه وبين المتقى وكذلك حكم توبة المبتدع ـ بإذن الله تعالى ـ نقلا وعقلا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله))
اللهم اجعلنا هادين مهدين غير ضالين ولا مضلين، حربا على أعدائك، سلما لأوليائك.
واحشرنا يوم الحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.


 
 توقيع : السوقي الأسدي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-19-2012 الساعة 02:24 PM

رد مع اقتباس