عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2013, 09:32 PM   #55
مشرف منتدى الحوار الهادف


الصورة الرمزية أبوعبدالله
أبوعبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 05-15-2024 (09:22 AM)
 المشاركات : 1,679 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ضع هنا ما وقفت عليه في (النت) حول مدينة السوق




عشقوا الصحراء والشعر والخيل… فباتوا يعرفون بها

إعداد: معمر الخليل التقيته وأنا أنظر إليه متعجّباً من ملبسه، وبخاصة القماش الذي يلّف به رأسه ورقبته، ويغطي قسماً من وجهه بطريقة فنية جميلة، فانتبه إلى نظراتي له ومدّ يده إليّ مصافحاً وقال لي: “أخوك عبد الله موسى محمد مصطفى السوقي من قبائل الطوارق.. هل تعرف الطوارق؟”.وقبل أن أجيبه قال لي “الطوارق، حيث الرجال يتحجّبون كما النساء”، وابتسم معلناً أن ما قاله هو دعابة تحمل بين طياتها الحقيقة.بهذه الروح المرحة الطيبة النقية، تعرّفت لأوّل مرّة عن قرب، على أحد رجال الطوارق، والذي بدا ضخم الجثة، عريض المنكبين، منتصب القامة، كأنما خرج لتوّه من معركة منتصراً.جلست معه ساعة من زمان، سحبني فيها من فندق “الهيلتون” الذي كنّا فيه، ليلقي بي مرّة واحدة في صحراء مترامية الأطراف، تركض فيها الخيول وهي تحمل على ظهورها رجالاً ملثمين، أعزة مسلمين، رفضوا أكثر من مرة أن يكونوا تبعاً لأحد.. فقرروا أن يكونوا تبعاً لدينهم وأوفياء لبيئتهم.- عرفني أكثر بنفسك أقدّمك بها للقراء. فقال: اسمي كما أخبرتك، تلقيت التعليم في المملكة العربية السعودية، بمعهد الحرم المكي، ثم في دار الحديث الخيرية القسم العالي، ثم اخترت العودة إلى البلاد لافتتاح مدارس ومساجد وما إلى ذلك، فقمنا بتأسيس منظمة “المركز الخيري” في عاصمة دولة النيجر، وهي التي أرأسها حالياً، ولها نشاطات في النيجر ومالي وبوركينا فاسو وبنين.* وبماذا تهتم جميعتكم الخيرية؟- تهتم بالدرجة الأولى بالتعليم، حيث تبني المدارس، وتقوم بتشغيلها، وتهتم بالصحة أيضاً، كذلك تبني مستشفيات ومراكز صحية وتشغلها، وتهتم بالإغاثة أيضاً حسب ظروف البلد.لم أفضّل أن يطول كلامنا عن الجمعيات والأعمال والإنجازات وغيرها، فلضيفي قصّة أكثر تشويقاً من هذا.. لذلك أحببت أن أخرج معه إلى صحرائهم.. فطلبت منه أن يزيدني علماً عن الطوارق، فقال وهو يتبسّم:- الطوارق، هم غالبية سكان الصحراء الكبرى، الممتدة من غرب ليبيا، إلى شرق موريتانيا، وجنوب الجزائر إلى شمال مالي والنيجر. فغالب سكان هذه الصحراء هم الطوارق، ويختلف الكثير حول أصل الطوارق، فالبعض يجعلونهم عرباً، وبعض الناس يناقشونهم في ذلك ويقولون هم من الأمازيغ، وقناعتي أن الطوارق ليسوا عرباً كلهم، وليسوا أمازيغ كلهم، بل مكونون من ثلاثة عناصر رئيسية، العنصر الأول: أمازيغ من سكان المنطقة أصلاً قبل وصول الفاتحين، ثانياً: الفاتحون من الجيوش الإسلامية التي جاءت لتفتح هذه البلاد، وبقيت فيها، وهؤلاء من العرب، ثالثاً جنوب الصحراء، وهم زنوج، وهم الذين دخلوا في الإسلام وصاروا طوارق، فانضموا إليهم. إذن الطوارق الآن مكونة من ثلاثة عناصر رئيسية، أمازيغ في الأصل، العرب الفاتحين، الزنوج المجاورين، وأينما تجدهم في هذه الدول تجد هذا الخليط ولكن بنسب متفاوتة، والمهم أنهم متفاهمون بعضهم بعض، ويفهمون أنفسهم وأصلهم. أما أن تحكم عليهم بالإجمال، فهذا صعب جداً، ولا يمكن.* إذن.. مع امتداد هذه المساحة الشاسعة من وجودكم في الصحراء المترامية، هل تتبعون لرئيس معيّن أو سلطة معينّة؟ أم تتبعون سلطة البلد الذي أنتم فيه؟- لا يوجد لدينا رئيس واحد، بل عدّة رؤساء، ففي كل منطقة يوجد رؤساء صغار، ويرأسهم رئيس عام.. ويتبع الطوارق هذا الرئيس.. كما أنهم يتبعون الدولة التي هم فيها، إلا أنهم متماسكون رغم اختلاف الدول التي هم فيها. ففي كل منطقة من هذه الصحراء الواسعة، توجد انتماءات عامة للبلد الذي هم فيه.* وماذا بالنسبة للعادات؟ هل تتميزون جميعاً بنفس العادات؟ أم تختلف حسب المنطقة التي تنتمون إليها؟- جميع الطوارق لديهم نفس العادات والتقاليد وطرق العيش والحياة وغيرها.. فهم شعب واحد، ولهم أصل واحد، ولهم نفس التاريخ.. ورغم اختلاف المناطق بسبب سعة الصحراء، إلا أن ذلك لا يشكّل أي حاجز أمام العادات المعروفة والمنتشرة بين الجميع.* أحببت أن أعرف المزيد عن عاداتهم التي تخيّلت فيها روح الإسلام القديم، حيث العلم والعلماء لهم مكانة جليلة، وحيث الخيل والليل والصحراء والحياة الطبيعية.. فاستزدت منه المزيد من عاداتهم وتقاليدهم، وكأنه عرف ما تخيّلته، فقال لي:- عادات الطوارق والأمازيغ، هي عادات عربية قديمة، وأفضل تشبيه يمكن أن أقوله لك، أنك لو نزعت الإسلام من الطوارق والأمازيغ، لصاروا عرب الجاهلية تقريباً.. فهم سواء في الكثير من العادات والطبائع.. لذلك يسهل جداً إعادة الأمازيغ نفسهم إلى العرب، ولذلك توجد مقولة واسعة الانتشار، أن هذه القبائل أصلها من حمير، حيث يقول الشاعر حول هذا الأمر:قوم لهم شرف العلا من حميرفإذا انتموا فهمو همولما حووا إحراز كل فضيلةغلب الحياء عليهم فتلثمواوقال كلمة “تلثموا” وهو يلف طرفاً من عمامته على وجهه، فلم يبق بادياً منه إلا عينيه.وأضاف بالقول بعد أن نزع الحجاب عن وجهه.. هذه تماماً عاداتهم وتقاليدهم، إذا نزعت الإسلام عنها، تجدها موافقة لعادة الجاهلية، لذلك تجدهم أقرب ما يكونوا إلى رجالات الإسلام الأوائل، الذين دخلوا في الإسلام وهم على طبيعتهم وفطرتهم وحبّهم للصحراء والخيل وغيرها.كانت العمامة التي غطّى جزءاً من وجهه بها قد شدّتني مرّة أخرى، فأحببت أن أعرف أصل وجودها معهم، وتاريخها بينهم، فسألته أن يطلعني على سبب وجودها، فقال: هذا العمامة مأخوذة من السنة، وحتى التحنيك (المقصود لفّ طرف العمامة على أسفل الوجه، تحت الحنك مباشرة) فهي من السنة.. ويروى أن الإمام مالك، لم يجلس على كرسي الفتوى، حتى أجازه تسعون محنكاً. والتحنيك كان علامة لمرتبة معينة من العلم، حيث لم يكن كل أحد ليحنّك، بل كان الذين يصلون إلى مرتبة معينة من العلم يحنّكون. فهي تشير إذن إلى مرتبة معينة من العلم. والمحنّك كأنه عالم أو حافظ أو مفت.. وكان الناس إذا رأوا رجلاً محنّكاً، عرفوا أن بإمكانهم أن يسألوه، ويستفتوه. ويستحق أن يؤخذ كلامه. فوصلتنا العمامة هكذا فيها حنك.. أضف إلى ذلك، أنه مع الغبار والهواء الذي يواجهنا في الصحراء، خاصة خلال تنقلنا على ظهور الخيول، رفعنا طرف العمامة بعض الشيء، وأصبحنا نغطي بها نصف الوجه السفلي، وأحياناً حتى أسفل العينين.* أمام العادات والتقاليد المتشابهة بين جميع قبائل الطوارق، ووجود القواسم المشتركة في التاريخ والأصل، لماذا لا توجد دولة واحدة تعرف مثلاً باسم دولة الطوارق؟- أظن وجود دولة معينة خاصة بالطوارق مسألة صعبة، لأن تاريخ الطوارق يتمازج مع تاريخ الدول المجاورة، وهذا لا يساعدهم على تكوين دولة خاصة بهم. ولكن جميع الدول تعرف الطوارق، ويعرفون أيضاً بالبربر، وهذه الكلمة جاءت عندما كان الطوارق يقاتلون الرومان، فكانوا كلما دخلوا معهم في معركة، قتلوا فيهم قتلاً شرساً، فسموهم وحوشاً، ومتوحشين ثم أُطلق عليهم اسم “البربر” وبقي هذا الاسم “البربر” خاص بهم، وكانت تلازم الذين كانوا يسكنون في شمال الجزائر والمغرب، لكن الذين نزلوا بعد ذلك إلى الصحراء الكبرى، واختلطوا بالعرب وبالزنوج، أصبح يطلق عليهم اسم الطوارق.. وربما جاءت تسميتهم بالطوارق في تلك المرحلة، لأنهم كانوا يطرقون الصحراء. وتوجد عدّة تفاسير حول هذه التسمية.* لا بد من وجود قواسم مشتركة بينكم، وأعتقد أنها يجب أن تكون في حبّكم للقهوة والصحراء، والشعر ربما، وربما الخيل.. هل هذا صحيح؟- نعم.. فكما قلت لك، عاداتنا مع العرب المسلمين الأوائل ذاتها، وتقريباً لا فرق بيننا وبين العرب في أي شيء، وبالفعل لدينا الكثير من القصائد التي نكتبها، ومنها قصائد نتغنى بها بالخيل والصحراء والقهوة والفجر والليل، وغيرها..لا يستحضرني الكثير الآن، ولكن مما أحفظه، أبياتاً عن الشاي الأخضر الذي نشربه فجراً، وفيه يقول الشاعر، حيث يصف شرب الشاي الأخضر قبل طلوع الشمس، وهو يقارب شرب القهوة فجراً عند العرب، يقول:ومعتّق باكَرتُ قبل المطلَعِوالشمس بادية السنا لم تَطلعِوعملت فيه بحيلتي حتىأتى جبر الخواطر كالعصير المنقعوتنازَعَتْهُ حلاوةٌ ومرارةٌكلتاهما عن شأنها لم تنزعكلتاهما لم تدر بالأخرىوما شرب الأماشد دونتين بمقنعشرب إذا ما صُب في كاساتهيُكسى احمراراً كالخضاب بأصبعوعلى احمرار الكأس تعلو رغوةوتخالها شيباً بهامة أصلع- أبيات جميلة جداً، وفيها جزالة من العربية لم أسمع بها منذ زمن.. كما أن أبياتكم حسنة الوزن.- نعم، لشعبنا منتشر في الصحراء كما قلت لك، وكما تعرف موريتانيا بأنها بلد المليون شاعر، فنحن من بين هؤلاء المليون، لأننا جزء من موريتانيا، وجزء من بقية الدول في المنطقة.* هل لديكم إحصائيات معينة عن أعداد الطوارق في الصحراء الكبرى؟- أعداد الطوارق كبيرة، ولكن لا توجد إحصائيات حول أعدادهم.. وخلال الاستعمار الفرنسي، جاء الفرنسيون بالعتاد العسكري والرشاشات والدبابات وغيرها، وقاومهم الطوارق بالخيول والرماح والسيوف، ولذلك هم لم يواجهوهم بالسلاح، بل واجهوهم بالعدد الكبير، وهو يدل على أن أعدادهم كبيرة. ولكن لا توجد لدينا إحصاءات حولهم.* كيف هي مكانة المرأة عندكم؟ وخصوصاً أنكم كما قلت لي “تتحجبون كالنساء”؟- يقول الناس في كثير من الأماكن، ربما في كل العالم، أن النساء يطالبن بتحرير المرأة. وقد أعجبني قول أحد الإخوة من موريتانيا، قال.. النساء يطالبن بتحرير المرأة من سلطة الرجال، أما الرجال في موريتانيا، فبحاجة لتحريرهم من سلطة النساء. وكما أخبرتك، ما ينطبق على الموريتانيين، ينطبق علينا أيضاً.فنحن مملوكون للنساء!! وللمرأة لدينا مكانة كبيرة وعظيمة، ولذلك، تجد الكثير من العادات والتقاليد التي تؤمّن للمرأة مكانة كبيرة لا مثيل لها، مثلاً لدينا مقولة مشهورة “لا سابقة ولا لاحقة”، وهي تقال على المرأة إن تزوّجها الرجل، فإن تزوجها، فهذا يعني أنه لم يتزوّج قبلها أي امرأة، ويعني أيضاً أنه لن يتزوّج بعدها أي امرأة أخرى. فالرجل لدينا يتزوّج امرأة واحدة فقط.* سبحان الله، ولكن هذه عادة تخالف الدين، وأنتم مسلمون؟– نعم.. هي على العموم عادة، وقد بقيت فترة طويلة من الزمن منتشرة بيننا، ولكن بدأت الآن الأمور تتغيَّر، وبات بإمكان البعض الزواج بأخرى، على غير العادة السابقة.* هذه السلطة التي تمنحونها للمرأة.. من أين جاءت؟ هل هي عادة أمازيغية قديمة مثلاً، أم منبعها شيء آخر؟- هذه المكانة الخاصة نوليها للمرأة على أساس الاحترام والحب والحنان، لدرجة أن الطوارق أستطيع أن أقول أنهم لا يفرقون بين امرأة وأخرى، أيما امرأة وجدوها يكرمونها ويخدمونها.. وهي عادة كانت موجودة لدى العرب منذ سنين طويلة، حيث تحمي القبيلة النساء، وترعاهن وتخدمهنّ. حتى أذكر أنني في يوم من الأيام، كدت أن أبطش بطالب زميل لي في الدراسة. عندما زرته في مكة المكرمة، وكان متزوجاً، فدخل إلى داخل البيت، فسمعت حركة غير طبيعية، ولما خرج إليّ، قلت له: ماذا هناك؟ فشتم امرأته أمامي، وقالي لي إنه ضربها. فقلت له: تضرب المرأة وأنا عندك!! والله لا آتي إلى بيتك مرة ثانية، المرأة لا تُضرب إطلاقاً.. أنا لا فرق عندي بين امرأة أختي وزوجتي وابنتي وبين امرأة في أي مكان آخر. فكل امرأة، تستحق الاحترام والحماية، وتستحق أن تخدم بحدود معينة.وفي واقع الأمر لا أعرف أصل هذه العادة، إن كانت أمازيغية الأصل، أم أخذت عن الإسلام في تكريم المرأة ووضع خصوصية لها، وجعلها سيدة في بيتها ومجتمعها، ولكن ما أعرفه، أن المرأة لدينا لها سلطة ومكانة واحترام، تجعلها مخدومة من قبل الجميع.* ألم تظهر حتى الآن معالم المدنية عليكم.؟ كالسكن في منازل مبنيّة بدل الخيام، والاستقرار في مناطق محددة، واستخدام وسائل نقل أخرى، وغيرها من المظاهر المقترنة بحياة المدن؟- منذ سنوات طويلة، تقترن حياة الطوارق بحياة التنقّل وعدم الاستقرار، وحياة الصحراء بكل ما فيها من خصوصية.. ولكن منذ سنوات عدّة، بدأت البعض يستقر في مناطق معيّنة، وبدأت بعض مظاهر المدنية، عندنا مثلاً منازل مبنية، وكذلك بدأنا نبني مساجد مبنية ومنظّمة أيضاً، ولدينا في المنطقة نحو 100 مسجد قمنا ببنائها حتى الآن خلال سنوات قليلة، وكذلك بدأنا ببناء المدارس وحفر الآبار، وغيرها من الأمور التي تساعد على الاستقرار.* وكيف هي المساجد لديكم؟ هل تتميز عن غيرها في المساجد في بقية البلدان؟- لا.. هي مساجد شبيهة بالمساجد الأخرى الموجودة في غيرها من الدول والبلدان، فهي مساجد عادية، وهي تأخذ طابع البناء العربي تقريباً، إلا أنه لا يوجد فها القبّة العربية الموجودة في بقية المساجد، لأن بناء مثل هذه القبّة مكلّف شيئاً ما، وتؤدي لزيادة التكاليف في بناء المساجد، ونفضّل توسعة المسجد لاستيعاب الناس، على أن نضع الأموال في القبة والزخرفات والفنيّات الأخرى الموجودة ضمن الطراز العربي أو الأندلسي. ونحن نقوم ببناء المساجد في جمعيتنا، منذ عام 1995م تقريباً، وبدأنا العمل في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وبنين.* وهل ترتاد النساء المساجد لديكم بشكل يومي مثلاً؟كلا.. هنّ لا يأتين المسجد إلا في صلاة الجمعة فقط، هذه هي العادة، ولكن إن أرادت إحداهن المجيء للمسجد، فلا نحرمها ولا نمنعها. ولكن العادة أن تأتي النساء المسجد في يوم الجمعة فقط.


العدد : 2168الخميس 15 ذو القعدة 1429مصنف ضمن : تحقيقات صحفية1,214 قراءة


 
 توقيع : أبوعبدالله


العقول العظيمه تناقش الافكار , والعقول المتوسطه تناقش الاحداث , والعقول الصغيره تناقش الاشخاص



رد مع اقتباس