عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2009, 06:08 PM   #5
عضو مؤسس


الصورة الرمزية م الإدريسي
م الإدريسي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 09-06-2012 (03:33 PM)
 المشاركات : 419 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تابع ل(نشأة اللغة بين الاصطلاحيين وغيرهم).



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الإخوة الكرام رواد المنتدى وزواره ,ها نحن قد عدنا لاستكمال الحلقة الثانية من موضوعنا ( نشأة اللغة بين الاصطلاحيين وغيرهم ) ووفق ما وعدنا به فسنتناول في هذه الحلقة النظريتين الباقيتين وهما :
( نظرية التوفيق ونظرية التوقف )
نظرية التوفيق:
إن نشوب الخلاف بين أهل التوقيف وأهل الاصطلاح دعا فريقا آخر من الناس لاتخاذ موقف وسط , وهم أصحاب نظرية التوفيق .
وهدف هؤلاء الحفاظ على مبدأ النقل ومبدأ العقل معا .
وراح أصحاب التوفيق يفسرون كيف نشأت اللغة من طريقين.
هما : التوقيف ولاصطلاح .
فاخترعوا نظريات لفقوها تلفيقا.
ومن هؤلاء أبو إسحاق الإسفرائيني <زعم الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني أن القدر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع يثبت توقيفا , وما عداذلك يجوز أن يثبت بكل واحد من الطريقين >(المزهر1/20).
ورجح ابن حزم في كتابه الإحكام <أن أصل اللغات التوقيف من الله –تعالى-.
ولكن أعلن عن مذهبه في التوفيق , فقال : <ولا ننكر اصطلاح الناس على إحداث لغات شتى بعد أن كانت لغة واحدة وقفوا عليها , وبها علموا ماهية الأشياء وكيفياتها وحدودها .ولا ندري أي لغة هي التي وقف بها آدم عليه السلام عليها أولا> الإحكام .
والشيء الذي انتهى إليه البحث عند العر ب يمكن تلخيصه في : أن الجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين من المفسرين على أن اللغات كلها توقيف من الله –تعالى –
لكن هناك عددا غير قليل من الباحثين أجمعوا على أنه لابد من التوقيف في أصل اللغة ؛ لاستحالة وقوع الاصطلاح من غير معرفة المصطلحين بعين ما اصطلحوا عليه, وإذا حصل التوقيف على لغة واحدة , جاز أن يكون ما بعدها من اللغات اصطلاحا , وأن يكون توقيفا , ولا يقطع بأحدهما إلا بدلالة.
وأما المعتزلة فإنهم كانوا يقولون بالاصطلاح والتواضع (مقدمة تاج العروس1/5).
واختلفوا في لغة العرب فمنهم من قال : هي أول اللغات , وكل لغة سواها حدثت بعد , إما توقيفا أو اصطلاحا .
واستدلوا بأن القرآن كلام الله , وهو عربي , وهو دليل على أن لغة العرب أسبق اللغات وجودا (مقدمة تاج العروس1/5).
نظرية التوقف:
وقد ظهر فريق رابع هو فريق المتوقفين .
وهم الذين لم يقطعوا برأي حاسم .
وخير من يمثله ابن جني ,قال :<واعلم –فيما بعد-أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع , فأجد الدواعي والخوالج قوية التجاذب لي , مختلفة جهات التغول على فكري , وذلك أنني تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة , وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقة ما يملك علي جانب الفكر , حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر, فمن ذلك ما نبه عليه أصحابنا –رحمهم الله-ومنه ما حذوته على أمثلتهم فعرفت بتتابعه وانقياده وبعد مراميه وآماده –صحة ما وفقوا لتقديمه منه , ولطف ما أسعدوا به , وفرق لهم عنه.
وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند الله –تعالى-فقوي في نفسي اعتقاد كونها توقيفا من الله –تعالى-وأنها وحي .
ثم أقول في ضد هذا :<إنه كما وقع لأصحابنا ولنا , وتنبهوا وتنبهنا على تأمل هذه الحكمة الرائعة الباهرة , كذلك لا ننكر أن يكون الله قد خلق من قبلنا وإن بعد مداه عنا من كان ألطف منا أذهانا وأسرع خواطر وأجرأ جنانا فأقف بين الخلتين حسيرا وأكاثرهما فأنكفئ مكثورا , وإن خطر خاطر فيما بعد يعلق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبته قلنا به .
وبالله التوفيق .الخصائص (1/47).
وإلى هنا نتوقف ونترك المجال لقرائنا الكرام لعل الله قد خلق بعد ابن جني من يتصف بتلك الصفات التي افترضها فيمن قبلنا , فيرجح لنا وله بين الكفتين وما ذلك على الله بعزيز.



 
 توقيع : م الإدريسي

قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).


رد مع اقتباس