آه .. لفقد بقية الأنصار(1)
مرثية الشيخ / حماد بن محمد الأنصاري ـ رحمه الله ـ 22 شعبان 1418هـ ، وهو أحد شيوخي الذين تتلمذت على أيديهم في المسجد النبوي .
خَطب أراع سُلالة الأنصار****** بل والدعاة لمنهج الآثار
بل ذا المصاب بشيخنا أهواله***كادت تزلزل سائر الأمصار
رجل المواقف والرجال قليلة***( ما الجوهر المكنون كالأحجار )
بحر ولكن كان من عَجَب به **** محو الظلام ومَجْمع الأنوار
( حَمَّاد ) من ذا مثل ذلك حافظاً ***جبل الرسوخ بشرعة الغفار
علم الحديث متونه ورجاله ****والجرح والتعديل شِبه بخاري
والفقه فارسه وحاكم أهله *******ويطاع في الإيراد والإصدار
والألفيات بكل فنٍّ حظه*** ******قبل البلوغ وأَنْفَس الأخبار
حبرٌ ونحريرٌ وحامل راية **********تلك الصفات لقادة نُظَّار
أسدٌ على أهل الضلال وروحه ******للصالحين تفيض بالإكبار
من معشر شربوا الإباء فمجدهم******طار الرواة بذاك كل مطار
إن كان في ( التكرور )(2) مولوداً فقد***حكم الجدود بهذه الأقطار
شمم وأوصاف السمو تواترت *******أنى لجمع قليلها أشعاري
لا تحسبوا أني أبالغ مادحاً********أو أن أوصاف الغلو شعاري
لكنه التأريخ في ( مالي )(3) وما ***قد لاح في ( أزواد )(4) من آثار
طابت به بعد الأئمة طَيبةٌ *********وتضمّخت من علمه المعطار
بأبي وأمي شيبة ذا همة **********مُزجت بروح سكينة ووقار
صَحِبَتْه في أرض الحجاز أئمةٌ*******فعَلَوا به كالشمس والأقمار
واليوم يبكيه المقام وروضة *******ومجالس التدريس والأذكار
والحَرَّتان وقد تساءل من هنا *****أين المهذب شيخنا الأنصاري؟
وتنوح أعواد المنابر مَن لها ********سيقوم للإسلام بالإشهار؟
والجامعات بنجدها وحجازها ******شلَّ المصاب بها قوى العُمَّار
قالوا نعى (فتح المجيد ) فراقه****من ذا يذكرنا بـ ( فتح الباري )؟!
كم كنت أرشف من معارف سُحبه****كالغيث أروي غلَّتي المدرار!!
لما ذكرت القطر من شيخي فكم ***يزداد في عمقي اشتعال النار
آه دروس (الترمذي) فمن لها ******والأمهات ومعظم الأسفار؟!
أما المتون فصدره سِفر لها *****يُغني عن الأسفار في الأسفار
إن الأئمة موتهم زلزالها **********أنى لها من بعدهمْ بقرار
والعارفون يرون ذلك غربة ********للدين يحمل غاية الأعذار
ويرون آيات القيامة أقبلت *********بأفولهم وبكثرة الأشرار
حملت على الأعناق جثة حامل*******للدين محفوفاً بكل فخار
وإلى البقيع مجاوراً لصحابة******بين الذهول وحيرة الأبصار
لا غرو أن يحوي البقيع رفاته******إن البقيع لمجْمَع الأنصار
إني لأرجو أن ينال شفاعةَ الـ *****ـمختار بل يحظى بخير جوار
واستودع الله الرحيم أمانة*********ما خاف من بحماية الغفار
****
الهامش :
([1]) مرثية الشيخ / حماد بن محمد الأنصاري ـ رحمه الله ـ 22 شعبان 1418هـ ، وهو أحد شيوخي الذين تتلمذت على أيديهم في المسجد النبوي .
([2]) التكرور : هي بلاد مالي , وانظر ( حاضر العالم الإسلامي ) بقلم / شكيب أرسلان ص29
([3]) مالي : بلد معروف في أفريقيا وهي مسقط رأس الشيخ / حماد الأنصاري الذي يعود أصله إلى الأنصار .
([4]) أزواد : مقاطعة من مالي بما فيها عاصمة مالي .