اسم هذا العلم الشامخ: زين الدين ابن الشيخ العلامة محمد الصالح ـ الشهير بإنقونا... ـ رحمه الله تعالى:
قلت: إن اسم هذا العلم من أسماء العلماء الأفذاذ الذين ذاع صيتهم العطر باسم علمهم، المقول عن جلالة قدر علمهم:
ومناقب لك لم تكن أيامها**ظناً يريب ولا حديثاً يفترى.
قبيلته المكرمة: تنغاكل:
هذا وإن قبائل آل السوق، من القبائل التي تتمتع بفروع جليلة، إذ ولقد تتبعت إحصائها كغيرها من قبائل صحرائنا الغالية.
فوجدت أن أكثرها من حيث كثرة عدد أسماء فروع كل قبيلة، هي ثلاث قبائل: الأولى في الترتيب: قبائل: إِمْغادْ، فقد بلغت فروعها أربعاً وسبعين قبيلة.
الثانية في الترتيب: قبائل: إمُوشاغْ، فقد بلغت فروعها سبعين قبيلة.
الثالثة في الترتيب: قبائل: كَلَ أَسُّوكْ ـ آل السوق ـ فقد بلغت فروعها أربعاً وستين قبيلة.
قلت: وما عداها من بقية قبائل صحرائنا فمن النادر بمكان، فيما وقفت عليه بعد تتبع أسماء القبائل ـ قبيلة ـ قبيلة ـ ما بلغ فروعها ثلاثين قبيلة، فأكثر.
بل عامة بقية القبائل أقل من ذلك بكثير، مع تفاوت بينها في القلة والكثرة حسب ما وقف عليه جهد المقل...
هذه إشارة لطيفة إلى ما توصلت إليه من تدوين أسماء قبائل الصحراء ـ في مضارب الطوارق...
وإن كان لذلك موضع تذكر فيه تلك القبائل ـ حسب مناسبته، وليس هنا موضع الاستطراد في ذكرها...
وإنما بيت القصيد في هذه اللفتة، تنبيه القارئ الكريم بجملة من قبائل السوقيين، اللاتي كل واحدة منها تتمتع بمقام علمي متميز، إذ ليس لهم مهنة سوى العلم، ونشره، والتفنن فيه، والمنافسة على المنصب الأسمى في المقامات العلمية العلية، المقول عنها:
وإذا قنصـــــــت من الشوارد درة***تحت البحار وفوق سطح الفـــرقد
لوجدتها قيد الأوابد عنـــــــــــدهم***وكأنـــها جزئــــــية من أبــــــــجد
كيف، لا، إذ هي قبائل علم بلغت حد التفاني في سبيل التبحر في العلوم الإسلامية، على حد قول الشيخ العلامة إغلس بن محمد بن اليمان الإدريسي السوقي المرسي ـ رحمه الله:
وآل السوق وإن عدت قبائلــــــــهم***فإنها دون شــــك يثربيـــــــات
فحرفة السوق مذ كانوا بذا سلفــــت***وليس يوجد طــــباخ وزيـات
مدرس لفنون العلــم قاطبــــــــــــة***مشارك البعض للطلاب مشكاة
يبدي لهم من خبايا العلم ما خفــيت***له المسالك نفيه وإثـــــــــبات.
فهنا يحسن القول في معرض من يبشر بذكره آل السوق في قراطيس تخفى أو ترى، أن يتمثل له عن بضاعته المزجاة بقول القائل :
كمستبضع تمراً إلى أرض خيبرا.
حقا إنها كما قال ذلك العالم العلم، في مقالته الشهيرة عن أرباب: سوق الكبير:
سوق الوفا سوق النقا سوق الندى***سوق الشريعة والتراث المخــــلد
قلت: وفقد آن لنا أن نتخلص إلى قبيلة شيخنا قبيلة الجليلة: تنغاكل، التي لما بلغ سعادة الدكتور سمط القبائل العلمية، اشتغل في نظم ما هو أغلى من الدرر في حق هذه القبيلة، إذ يقول: إنها من القبائل العلمية التي ينبغي أن يؤرخ لها في الحقيقة بتاريخ لائق بمقامها العلمي الغزير المنهمر...
ومما يذكر فيسطر، أن الشيخ العلامة الداعية الرابني، الشيخ محمد نوح الإدريسي السوقي المرسي، سمع حفيدة صغيرة له تبكي، وهي بنت محمد بن حسن بن آراب التنغاكلي، نجل مشاهير أعيان تنغاكل الأعلام....
فسأل الشيخ محمد نوح عن سبب بكاء سلالة المشاهير، قيل له: إنها تبكي لأنها نديت بالتنغاكلية...
علماً أنها من مواليد السعودية، مع صغرها جدا ـ ساعتئذ ـ فلما سمع الشيخ محمد نوح سبب البكاء، قال ما معناه: إنها لو تعلم ما يتمتع به اسم تنغاكلي من معاني المفاخر، ما بكت...
قلت: إنه كلام حق، أنها لو كانت تعلم مآثر المفاخر المطوق به تاريخ اسم هذه القبيلة الجليلة المناقب، لما بكت ـ بإذن الله ـ إلاّ بكاء فرح وسرور ودلال وشكر لله لتلك المنن الغالية، والهبات الوافية الوافرة في معرض المآثر التي منها ما تناوله إملاء سعادة الدكتور ـ حفظه الله ـ من ندرة وجود أي قبيلة علمية لميتتلمذ كثير من أعيانها على يد قبيلة تنغاكل، مضيفاً قوله: إن من النادر بمكان تتلمذ أبناء تنغاكل خارجها...
مرصعاً ذلك بقوله: وهذا من خصائص تنغاكل، التي لم أعرف ما شاركها فيه...
قلت: فلما وصل بي سعادته هذا الحد الأسمى في مآثر المفاخر العلمية لهذه القبيلة الجميلة المناقب السنية عزف بي قلم التاريخ إلى قول بعض أصحاب التصورات الباهرة، في بعض صور إشراقات الشمس النيرات:
إذا لم يكن هذا المثال بنافع***فيا ليتني قضيت في الصمت عمريا