عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2010, 06:52 PM   #18


بحر العطايا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 01-23-2011 (10:58 PM)
 المشاركات : 31 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ثلاثون سببا للسعادة



عودة لباقي أسباب السعادة


السبب التاسع عشر
أم يحسدون الناس
على ما آتاهم الله من فضله
الحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخراً، إن الحسد مرض مزمن يعيث في الجسم فسادا، وقد قيل: لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم، وعدو في جلباب صديق . وقد قالوا:

لله در الحسد ما أعدله
بدأ بصاحبه فقتله

إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد رحمة بي وبك، قبل أن نرحم الآخرين؛ لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا، ونسقي الغم دماءنا ونوزع نوم جفوننا على الآخرين .
إن الحاسد يشعل فرناً ساخناً ثم يقتحم فيه . التنغيص والكدر والهم الحاضر أمراض يولدها الحسد لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة .
بلية الحاسد أنه خاصم القضاء واتهم الباري في العدل وأساء الأدب مع الشرع وخالف صاحب المنهج .
يا للحسد من مرض لا يؤجر عليه صاحبه، ومن بلاء لا يثاب عليه المبتلى به، وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت أو تذهب نعم الناس عنهم . كل يصالح إلا الحاسد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله وتتنازل عن مواهبك، وتلغي خصائصك، ومناقبك، فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض، نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد ، فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء .
فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد .

السبب العشرون
اقبل الحياة كما هي
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار
هذا حال الدنيا منغصة اللذات، كثيرة التبعات، جاهمة المحيا، كثيرة التلون، مزجت بالكدر، وخلطت بالنكد، وأنت منها في كبد .
ولن تجد ولداً أو زوجة، أو صديقاً، أو نبيلاً، ولا مسكناً ولا وظيفة إلا وفيه ما يكدر وعنده ما يسوء أحياناً، فأطفيء حر شره ببرد خيره، لتنجو رأساً برأس والجروح قصاص .
أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعة لضدين والنوعين والفريقين والرأيين خير وشر، صلاح وفساد، سرور وحزن، ثم يصفو الخير كله والصلاح والسرور في الجنة ويجمع الشر كله والفساد والحزن في النار .
وفي الحديث: " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم " فعش واقعك ولا تسرح مع الخيال وحلق في عالم المثاليات، اقبل دنياك كما هي، وطوع نفسك لمعايشتها ومواطنتها، فسوف لا يصفو لك فيها صاحب ولا يكمل لك فيها أمر؛ لأن الصفو والكمال والتمام ليس من شأنها ولا من صفاتها .
لن تكمل لك زوجة وفي الحديث " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي آخر" .
فينبغي أن نسدد ونقارب ونعفو ونصفح ونأخذ ما تيسر ونذر ما تعسر ونغمض الطرف أحيانا ونسدد الخطى ، ونتغافل عن أمور .
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

السبب الحادي والعشرون
تعز بأهل البلاء
تلفت يمنة ويسرة فهل ترى إلا مبتلى وهل تشاهد إلا منكوباً، في كل دار نائحة، وعلى كل خد دمع وفي كل وادٍ بنو سعد .
أيها الشامت المعير بالدهر
أأنت المبرؤ الموفور
كم من المصائب وكم من الصابرين، فلست أنت وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل، كم من مريض على سريره من أعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الألم ويصيح من السقم .
كم من محبوس مر به سنوات ما رأى الشمس بعينه ، وما عرف غير زنزانته .
وكم من رجل وامرأة فقدا فلذات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر .
وكم من مكروب ومديون ومصاب ومنكوب .
آن لك أن تتعـزى بهؤلاء وأن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجنٌ للمؤمن ودار للأحزان والنكبات، تصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها . بينما الشمل مجتمع والأبدان في عافية والأموال وافرة، والأولاد كثر، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض (( وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال )) فعليك أن توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة ، وعليك أن توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيرة الدهر، ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء وأنه لم يأتك إلا وخزات سهلة فاحمد الله على لطفه واشكره على ما أبقى ، واحتسب ما أخذ ، وتعز بمن حولك .
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
ولك قدوة في رسول صلى الله عليه وسلم وقد وضع السلا على رأسه وأدميت قدماه وشج وجهه وحوصر في الشعب حتى أكل ورق الشجر، وطرد من مكة، وكسرت ثنيته، ورمي عرض زوجته الشريف، وقتل سبعون من أصحابه، وفقد ابنه، وأكثر بناته في حياته، وربط الحجر على بطنه من الجوع، واتهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كذاب، صانه الله من ذلك، وهذا بلاء لا بد منه ومحيص لا أعظم منه، وقد قتل قبل زكريا وذبح يحيى ، وهاجر موسى، ووضع الخليل في النار، وصار الأئمة على هذا الطريق فضرج عمر بدمه، واغتيل عثمان، وطعن علي ، وجلدت ظهور الأئمة وسجن الأخيار، ونكل بالأبرار (( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا )) .

(يتبع)


 
 توقيع : بحر العطايا

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس