مصطلح لا مشاحة في الاصطلاح
لا نزاع في أن لكل قوم من العلماء اصطلاحات مخصوصة يستعملونها في معان مخصوصة؛ إما لأنهم نقلوها بحسب عرفهم إلي تلك المعاني، أو لأنهم استعملوها فيها علي سبيل التجوز، ثم صار المجاز شائعاً، والحقيقة مغلوبة والمصطلح في عمومه وضع لتقريب علم من العلوم،
يقول العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله: ( لا ننكر أن يحدث في كل زمان أوضاع لما يحدث من المعاني التي لم تكن قبل، ولا سيما أرباب كل صناعة فإنهم يضعون لآلات صناعاتهم من الأسماء ما يحتاجون إليه فى تفهيم بعضهم بعضاً عند التخاطب، ولا تتم مصلحتهم إلا بذلك، وهذا أمر عام لأهل كل صناعة مقترحة أو غير مقترحة، بل أهل كل علم من العلوم قد اصطلحوا علي ألفاظ يستعملونها في علومهم تدعو حاجتهم إليها للفهم والتفهيم) وإنما وضعت: (( مصطلحات الفنون)) لتقريب معاني كل فن، وضبط قواعده ومباحثه، وهذا (( من أصدق دلالة علي عظيم الجهود المبذولة في خدمة العلم وتذليل صعابه، وتقريب بعيده، وجمع متفرقة من أهل العلم في كل عصر ومصر)) و قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: ((ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله أن ينشأ الرجل علي اصطلاح حادث، فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها)) و يقول رحمه الله: (( لفظ (القضاء) في كلام الله وكلام الرسول المراد به إتمام العبادة، وإن كان ذلك في وقتها، كما قال تعالي: ?فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ?(الجمعة: من الآية10). وقوله:? فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ? (البقرة: من الآية200).
ثم اصطلح الفقهاء، فجعلوا لفظ ( القضاء) مختصاً بفعلها في غير وقتها، ولفظ الأداء مختصاً بما يفعل في الوقت، وهذا التفريق لا يعرف قط في كلام الرسول ( .
ثم يقولون: قد يستعمل لفظ (القضاء) في الأداء، فيجعلون اللغة التي نزل القرآن بها من النادر.
ولهذا يتنازعون في مراد النبي ( : (( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأقضوا ))
.وفي لفظ((فأتموا)) وقد كتب الشيخ د. بكر عبد الله أبو زيد رحمه الله رسالة أسماها: ( المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللغة ) تحدث فيها عن ضرورة الالتزام بالمصطلحات الشرعية في جميع ما يحدث في العلوم والحياة، وتجنب كل مصطلح غريب وافد على الأمة الإسلامية، لما في ذلك التمسك به من التجني على الشرع واللغة الفصحى في كثير من الأحيان. وقد أشار ـ باقتضاب ـ إلى نقض كلية القاعدة المذكورة
وبهذا نصل إلى نتيجة مؤداها أن المصطلح لايؤخذ على إطلاقه وهو مقيد بأهل كل علم من العلوم قد اصطلحوا على ألفاظ يستعملونها في علومهم التي تدعو حاجتهم إليها للفهم والتفهيم
وكذالك وضعت بعض المصطلحات لبعض الفنون لتقريب معاني كل فن وضبط قواعده ومباحثه