وممن أشاد بدورالسوقيين في العلم العالم العلامة سيدي محمد بن البكاي بن سيدي الأمين الكنتي بقوله :
{ إخواننا السوقيون حفظة اليوم عن تدقيق وتحقيق , وتثبت في كل ما فن وطريق , المحمـود غب سراهـم في صباحهم ومسراهم , فلا زالت ينابيع فصاحتهم والبلاغة تتفجر من أنابيب تلك اليراعة , فقد عضـوا على الدين بالنواجذ , في زمن عموم البدع والشعاوذ , وأسسوا كل فن على مبانيه , وشيدوا أسافله وأعاليه , وأغوروا وأنجدوا , وصوبوا وصعدوا , فما تركوا دليلا إلاأدلوابه , ولا مستكنا إلا أغروا به وأبرزوه من كنهه وسربـه , فصيروا ليله نهارا , وصم صخره غبارا }(3).
وممن رعفت يراعته , وظهرت براعته , في وصف الحالة العلمية التي تتمتع بها المدارس السوقية , في صحـراء الطوارق الأستاذ/ فليلي الكتنـي بقوله :
أنخ القلاص بأهـــل سوق المقصد == واسكب قصيدك ما استطعت وأنشـد
سوقية بكر المــعاني ساقهــــا حب قديم من زمان المـــــولد
حب قديم حنطـته أواصــــر == ووشائج أمشاجها من مفـــــرد
صنوان أنت وأهل ذا السـوق الذي سموا به من حيث ذكر المـربـــد
واختص بالسوق العمـومة يالهــا == تسمية أبعادها لم ترصــــــد
سوق الوفا سوق النقا سوق الندى == سوق الشريعة والتراث المخلـــد
مح العـروبة أهله من يعـــرب == في قولهم في فعلهم في المحتــــد
خاضوا المعارك باليراعة زادهــم == تلك المعارف في فلاة فــــدفد
غرسوا المناعة في النفوس فأصبحت == دعوى المكفر كالزناد الأصــلـد
دعت الصليب وأهله في أرضهـم == سود الصحائف لابياض مهنـــد
إن الثقافة في الحقيقة ملكهـــم == في أمسهم في يومهم بل في الغـد
خلقوا لها خلقت لهم وسواهــم == إن رامها متطفل كالمعتــــــد
تجد القماطر إن دخلت نجوعهـم == ملآنة مخطوطة خط اليـــد
وترى البراعم والعسالج همهــم == نشر العلوم وشرحها للمبتــد
وإذا قنصت من الشوارد د ر ة == تحت البحار وفوق سطح الفــرقد
لوجدتها قيد الأوابد عندهــم == وكأنها جزئية من أبجــــد
وإذا ولجت إلى المكارم خاطبـا == بكرا شرودا من حسان خـرد
ألفيتها مجرورة قد جرهــــا == فحل خبير باصطياد الملحـــد
ثم قال منوها بالدورالذي قامت به تلك المعاهد والجامعات العلمية التي أسسها السوقيون في مواطن نائية وبعيدة عن مراكز الإشعاع في العالم الإسلامي , وفي فلوات شاسعة في مجاهل إفريقيا فقال :
لولا الأصالة مغرسا ما عمـرت == تلك المئاثر في فلاة جـــدجد
فلكم بها نالت علوما جمـــة == مجموعة أمجادها لم تخلــــد
ما كل من رام العلا بوسيلــة == نال العلا إلا الذي من عسجد
ومصيبة الشعراء في ألفاظهــم == إذ لا تعبر عن كمين المربــد
ولذا اقتصرت بذي الإشارة قائلا == أنخ القلاص بأهل سوق المقصد