اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحقيقة
مبادرة جميلة
.
هل هناك فرق بين الحق و الحقيقة؟
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحقيقة
مبادرة جميلة
.
هل هناك فرق بين الحق و الحقيقة؟
|
أختنا (الحقيقة)سؤالك ذو أبعاد, وقد كشف اليعقوبي بعض أبعاده, وأضيف هنا أو أكرر بعبارة أخرى بعض ما أورده؛ للإفادة و الاستفادة.
الحقيقة: لغة مأخوذة من الحق . قال الخليل الفراهيدي في كتاب "العين" 3/6.الحق نقيض الباطل, حق الشيء, يحق, حقا, أي: وجب يجب وجوبا.ffice:office" />
و الحقيقة: ما يصير إليه حق الأمر ووجوبه, تقول: أبلغت حقيقة هذا الأمر, تعني يقين شأنه, وحقيقة الرجل: ما يلزم حفظه و منعه.
و نقل الأزهري هذا الكلام في تهذيب اللغة ح ق ق 3/374 ـ 376, عن كتاب "العين" ـ لكنه ينسب كتاب العين إلى الليث بن المظفر, لا إلى الخليل و الخلاف في هذه المسألة قديم ـ . راجع "مراتب النحويين" ص:31, و "بغية الوعاة" 2/270.
و عرفها ابن فارس في الصاحبي ص:321, فقال: "إن الحقيقة من قولنا: حق الشيء: إذا وجب , و اشتقاقه من الشيء المحقق, وهو المحكم . تقول: ثوب محقق النسج , أي : محكمه.
قال الشاعر:
تسربلْ جلد وجه أبيك إنا***كفيناك المحققة الرفاقا
و هي فعيلة, إما بمعنى فاعلة, فيكون معناها الثابتة , أو مفعولة, فيكون معناها المثبتة.[انظر: شرح تنقيح الفصول ص:42] .
و قال الجوهري في الصحاح مادة ح ق : " و الحقيقة خلاف المجاز, و الحقيقة ما يحق على الرجل أن يحميه".
و التاء في الفعيلة لنقل اللفظ من الوصفية إلى الإسمية الصرفة. [انظر: المحصول 1/112, و أصول ابن مفلح 1/69, و حاشية البناني 1/300, و قال البناني : " و (فعيل) و إن استوى فيه المذكر و المؤنث, فلا تدخله التاء الفارقة بينهما , فالتاء في (الحقيقة) ليست للفرق بل لنقل اللفظ من الوصفية إلى الإسمية". ا.هـ و انظر: شرح ألفية ابن مالك لابن عقيل 2/432.
هذا هو معنى الحقيقة لغة.
أما معنى الحقيقة اصطلاحا فهي: كل لفظ بقي على موضوعه و لم ينقل إلى غيره, كالأسد في البهيمة المعروفة, و البحر في الماء الكثير, أو هي : استعمال اللفظ فيما وضع له أولا.[انظر: شرح اللمع للشيرازي 1/172, و المحكم لابن سيده ح ق ق 2/333, و المحصول 1/112, و كشف الأسرار للبخاري 1/159, و أصول السرخسي 1/170.
و تنقسم الحقيقة إلى لغوية و شرعية و عرفية.
الحقيقة اللغوية: ما وضعها أهل اللغة, كالأسد للحيوان المفترس.
الحقيقة الشرعية: ما وضعها الشارع, كاستعمال لفظ الصلاة للصلاة المعروفة ذات الأركان و الواجبات والشروط, و قد كانت في اللغة للدعاء.
الحقيقة العرفية: هي المنقولة عن موضوعها الأصلي إلى غيره بعرف الاستعمال.
و هي قسمان:
عرفية عامة: كاستعمال لفظ الدابة في ذوات الأربع.
و عرفية خاصة: لاختصاصها ببعض الطوائف , كالفاعل و المفعول به للنحاة, و المطلق و المقيد للأصوليين. [انظر: شرح تنقيح الفصول ص:42, و قواطع الألة 1/247, و البحر المحيط 2/ 154.
و الخلاصة: أن الحق و الحقيقة في أساسهما شيء واحد, ولكن يفرق بينهما باعتبارات, ومن تتبع سيرورة هذين المصطلحين وقف ـ بلا شك ـ على تغيرات عدة, طرأت على معنييهما, عند الصوفية, و الفقهاء, و القانونيين, والحقوقيين, و السياسيين, لكن يبقى أن القدر المشترك بينهما هو الإحكام, و الثبات, و الوجوب, و البقاء و...و...إلخ من هذه المعاني السامية التي ينشدها كل أحد, و يتغنى بها كل جيل.
و لعلي سأجد فرصة لتجلية هذين المصطلحين, و ما بينهما من فوارق, و ما طرأ عليهما من تغيرات, خلال مسيرتهما التاريخية في منتدى المصطلحات, أسأل الله التوفيق.