إنَّ خلل االشَّخصيَّة النرجسيّة Narcissistic Personality Disorder (NPD) يبدأ في الطفولة ويظهر عند البلوغ مسبِّباً نقصاً في قدرة المصاب على إظهار شفقة أو عاطفة تجاه الآخرين. ويُعزى سببه إلى إساءة عند الطفولة أو صدمة أو أذى من الأبوين أو الأقرباء وحتى من الأصدقاء، ولم يثبت حتى الآن أنَّ له أسساً وراثية أو عرقية، رغم أنّ بعض الباحثين يفكر أنَّ ثمة جيناً أو جينات مسببة له، ولكن لم يُكتشف حتى الآن أيّ جين له، وهذا لا يعني أنْ لا جينَ مسبباً له، إذ هناك من يعتقد أنه يتوزع في أفراد العائلة الواحدة حسب قاعدة مندل المعروفة في الوراثة والأبحاث جارية في هذا المضمار. يكون مرض النرجسية أحدَ أمرين، إما عقليّاً (إنجازات فكرية، أكاديمية، علمية وغيرها) وإمّا جسمية (جمال، رشاقة، قدرة جنسية وهكذا).
الصفات هي كالتالي:
1- الشعور بالعظمة وشعور الشخص بانه مهم جداً: الشخص الذي يعاني ان هذا الاضطراب يشعر بانه شخص مهم وعظيم، وان الآخرين يجب ان يروا هذا، وان يعاملونه على هذا الاساس. فهو دائماً يتوقع ان يعامله الناس على انه شخصية مهمة رغم انه شخص عادي او ربما اقل من عادي، ومع ذلك فهو شديد الاعتداد بالنفس ويرى الآخرين اقل منه شأناً، ولا يأبه بمشاعر الآخرين، فكل ما يطلبه هو ان الآخرين يعاملونه على انه شخصية مهمة، عظيمة، يحترمونه احتراماً كبيراً مبالغاً فيه...!! وهذه الشخصية تثير الاعصاب لمن يتعامل معهم، سواءً كانوا اقارب او معارف او زملاء في العمل. اما اذا كان في منصب مهم او مدير ادارة او رئيس قسم فان من يقعون تحت طائلة نفوذه سوف يعانون من سوء معاملة، وطلبات غير معقولة، ولكن لمثل هذه الشخصية مفتاح معهم وهو المديح والاطراء الزائد، فكلما تزلف له الموظف الذي تحت امرته وخاطبه بشكل يوحي لهذا الشخص بعظمته، واهميته، واشعره انه شخص لا مثيل له، فكلما نال حظوة عند صاحب هذه الشخصية..!! اما اذا كان يتعامل معه شخص مستقيم ولايجيد النفاق والتزلف، ويتعامل مع هذه الشخصية بشكل طبيعي فانه سيعاني من التعسف واتهام المدير له بانه شخص غير جدير بالعمل مع شخص عظيم مثله. واحياناً يتصرف اصحاب هذه الشخصيات بطريقة غير متوقعة، نتيجة شعورهم بعظمتهم واهميتهم، فاحياناً يتصرفون بطريقة مزعجة ومخجلة لاقاربه واصدقائه ولمن يهمهم امره. فاحياناً يتصرف كما لو كان وزيراً، بينما هو موظف بسيط او في منصب ليس بذي اهمية. والتعامل مع هذه الشخصيات مزعج وفي نفس الوقت لاتستطيع ان تتخلص من سلوكياتهم اذا كانوا زملاء في العمل او اصحاب عمل لك مصالح لديهم. ومثل هذه الشخصيات تصلح للعمل في المجالات الفنية حيث قدرتهم على التمثيل عالية، وكذلك الاطراء الذي يحصلون عليه من المعجبين يرضي غرورهم، ويشعرهم بأهميتهم.
2- العيش في الخيال واحلام اليقظة بانه شخصية ناجحة، وذات نفوذ، وانه شخصية عبقرية نادرة، واذا كانت سيدة فانها تشعر بانها الاجمل بين نساء العالمين، وتختلق قصص غرامية من الخيال وتعيشها كما لو كانت حقيقة، وتختار الاشخاص الذين ترتبط بهم من الشخصيات المهمة وكيف انها تتغلى عليهم ولا تلقي لهم بالاً: الصفة الثانية في مثل هذه الشخصيات النرجسية انهم يعيشون في خيال واحلام يقظة بصفة مستمرة، فهم في عزلة شبة تامة عن الواقع.
3- شعور الشخص بأنه شخص خاص "مميز": أصحاب الشخصية النرجسية يشعرون بأنهم شخصيات مميزة يختلفون عن بقية البشر، وان ليس هناك من يشبههم في شيء فهم اشخاص مميزون لا يقترب أحد من مكانتهم. ويعتقدون بهذا اعتقادا راسخا غير قابل للنقاش والاقناع.
من هم النّرجسيّون؟
هم أولئك الذين يضعون أنفسهم في السّماء ويشعرون بأهميتهم الخيالية مضخّمين قابلياتهم ليوهموا الآخرين بالنظر إليهم فقط مع فقدان الواقع. فهم وحدهم الذين يرتبطون بصور (خيالات) الصفات المثالية، النجاح العظيم والقوة والجمال.
وهم مستعدون لاستغلال الآخرين لتحقيق هدفهم مقتنعين بأن لهم امتيازاً ويتوقعون من الآخرين اعتبار ذلك. يتميّزون بقلّة عاطفة وموقف متغطرس وفعل متعجرف، وعدم قدرتهم على التعاطف مع الآخرين أو فهمهم إياهم.
وقد صنّف العلماء والباحثون هؤلاء النرجسيّين حسب طبيعة نرجسيّتهم. ربما يكون ذكرُ بعض هذه الأصناف مفيدة للقارئ الكريم لتكون لديه فكرة عمّن حواليْه في الأفق القريب أو البعيد من هذه النماذج البائسة في الواقع.
مريض الكذب-يكون مراوغاً ماهراً ومُقنعاً بارعاً حيث يتجنب المحاسبة على أعماله بتلهية الآخرين بالنكتة واللف والدوران (البلف)، ويعتمد على ذاكرته في سرد الحوادث القديمة وينكر ما عمل من سيئات وقد يلجأ إلى التهديد إذا اقتضت الحاجة. في هذه الحال لا تكشف أوراقك أمامه، فقد يستغلها في الوقت المناسب ويستعملها ضدّك. وعليك أيضاً أنْ تتحقق من كلماته قبل الوثوق بما يقول، ولا تسأله أيَّ سؤال، فلا تحصل منه إلاّ على أكاذيبَ.
ناقض العهود – يوافق على أيِّ شيء وينكث بعهده. وقد يتّهمك بأنك الناقض الحانث. في هذه الحال اربطه باتفاق قانوني لتضمن حقك إن كان لا بدّ من التعامل معه.
النرجسيّ العنيف- وهو القاتل والإرهابي، الذي يستعمل الآخرين، وخصوصاً النساء والأطفال، لتنفيذ مآربه في الاعتداء والانتقام. لا يشعر بالخطيئة والإثم ولا بتأنيب الضمير، وتكون أحكامه خاطئة، إذ أنه يبنيها على أسس وقواعد ضعيفة منهارة ولا يستطيع السيطرة على نفسه. يتوقع دائماً الخيانة وتكون في رأسه صورة نبذ الآخرين له، لذا يعاقبك على لا شيء ويضطرك أن تعمل له ما يريد بأيِّ ثمن. فلا يشعر بأيّ ندم أو أيِّ حقٍّ للآخرين. عليك تجنّبُه.
الرقيب أو المستغل- الذي يوقع الخصومة بين الناس ويبعد أصدقاءه أو حلفاءه عن نيل أهدافهم. يتصف بالمهارة في الحديث والدقة في الكلام أو التلاعب بالكلمات والأفعال ويكون ذا كاريسما وعادة ينال المرام، ويكون همّه المال. يكون قاسياً ولا يقرّ له قرار. يتظاهر بالمسكنة والحاجة إلى مساعدة، فيسرع أصدقاؤه لنجدته مادياً ومعنوياً. وبعد أن يقف على قدميه منتصباً، يقلب لهم ظهر المجنّ من حيث يعلمون أو لا يعلمون. ولكي ينال درساً لا ينساه مواجهاً عواقب أعماله، يجب على الآخرين إهماله.
المتفاخر بالعلاقات الجنسية وكثرة تناول الكحول وربما المخدرات أو التظاهر بكثرة ممارسة الرياضة والقوة البدنية والذي يطلب من الآخرين تبجيله لصفاته هذه، فالأحرى بالآخرين أنْ لا ينحدروا إلى مستواه وأن يبتعدواعنه.
يدّعي الشرف والأمانة والعفة والنزاهة وعلى الناس أن يثقوا به، وإلاّ سوف يخسرون! والويل من يثق به، حيث يغدو بعدها حزيناً مُعذَّباً نفسيّاً يلوم نفسه دون طائل. إنَّ هذا النرجسيَّ المتقلب يختار ضحاياه ويخدعهم، فإما يكتشفونه فيتركونه، وإلاّ سينبذهم ويختار خلقاً آخرين. فطبيعته عدم الصبر على طعام واحد، فهو طفيليّ فَُرصٍ. الحذر منه!
السّاديّ- وهو الذي يُسَرّ لرؤية الأخَر مُعّذَّباً فاقداً مالَه أو منصبه أو يقسو عليه نفسيّاً أو جسديّاً. وسعادته هي اختطاف ما يملك الآخرون لجرِّهم إلى حزن عميق. إن أغلب ضحاياه نساء وأطفال وشيوخ وكلُّ من يكون فريسة باردة له. من المستحسن أن تنسف كل الجسور والطرق بينك وبينه، وألاّ تفكرَ أنَّه كان يوماً طيباً أو سيكون.
غاسل الدّماغ - يكون ذا هيئة جذابة محترمة ( كاريسما عالية )، يستغلّ الأخرين لجلب الصّيت والجاه والثروة إليه. عادة يكون من رجال السياسة والدين. وهو يستهدف السّذَّج والمغفلين من الناس أو ضعاف العقول، وأعداؤه هم المثقفون النّابهون. تجنّبهم!
المغامرون- وهم الذين لا يتعلمون من تجارب الماضي ويستمرون في مغامراتهم وبعين الطريق، إذ هم يتميّزون بإحساس ضعيف منفلت. فلا تركضنَّ معهم!
النرجسيّ الذّ ُهاني- وهو الذي يشكّ بأيِّ شيء دون سبب، يكون خائفاً جداً عند تعرّضه لأيّ خطر ويكون ذا خطر إذا هُدِّدَ. وبسرعة يقطع حبل الوصل مع معارفه وأصدقائه إذا (توقّع) نبذَهم إياه. لا تُعطِه أيِّ سببٍ يستدعي الشكَّ، فقد يكون ذا عنف!
صانع الصور (الخيال)- يتباهى بأطفاله، بزوجته وبإنجازاته وينتظر من الآخرين الإعجاب به والتعجب من قدرته وعبقريته. ولكنه لا يقتنع أبداً. وعندما يسقط قناع التكبر والإستعلاء الزائف عن وجهه ويبين على حقيقته، يغير قناعه وينشد العطف والشفقة ويدعي بأنه أحسن أب وزوج وصديق. من الأحسن ألاّ تعيرَ إيَّ أهمية لمثل هذا السلوك الطّفولي، لأنَّ غايته (جذب) الإنتباه إليه والخداع.