03-21-2009, 09:58 PM
|
|
مراقب عام القسم التاريخي
|
|
|
|
|
لوني المفضل
Cadetblue
|
رقم العضوية : 45 |
تاريخ التسجيل : Feb 2009 |
فترة الأقامة : 5727 يوم |
أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM) |
المشاركات :
1,152 [
+
]
|
التقييم :
10 |
معدل التقييم :
|
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
النصل الصرم في وجوب الاستمساك بالمعاضّة على طرفي حبل صـــلة الرحم
سمط الجمانات المسمى:
النصل الصرم في وجوب الاستمساك بالمعاضّة على طرفي حبل صـــلة الرحم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم البر الحميد اللطيف، حمداً يوالي نعمه ويسدر مزيد آلاء جوده الفياض المتبرك بذكره من أنعم عليه بالمقام الشريف،: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ.
حمد المقر بما اقترفه من الخطايا الثقال إقرار من يرجو رحمة ربه يوم يخشى حسابه الآثم والمأجور.
سبحانك اللهم وبحمدك وتعالى جدك ولا إله غيرك فلطف بعبدك أسير ذنبه بين من رحمته ومننت بهم، متيمناً لهجاً بذكر حمدك رجاء أن تنالني بركاته يوم نوعّظ بقولك:{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.
مصلياً ومسلماً على من اصطفيته ـ أحمد ـ وأكرمته ـ محمداً ـ بقولك: (قُل إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً).
صلاة تترى وسلاماً تلو صلاة أخرى مسبكة آله الأطهار وصحبه الأخيار المهاجرين الأنصار المنهمر برهم كرما. غيث الفضل الوابل العميم، خير من مدّ إليه الإحسان يد الندى الندي الكريم.
براعة الاستهلال:
معشر الفصحاء، اللسن البلغاء، دعوني أقول مستعيراً على سنة من قال:أسرب القطا هل من يعير جناحه..فادعوا لي اليعقوبي اللغوي فهو من أرباب لسان العرب قديماً وحديثاً أعني فرسانه وفصاحه.
ادعوا لي اليعقوبي اللغوي ليعير للأسدي المخضرم لسان الفصاحة، فهو ممن ورث حسان بلاغة حسان بن ثابت ، المنقب بمنقبة: وروح القدس معك. الثابتة الظاهرة الفضل بهم صراحة.
فـ" إيه .... لا يفضض الله فاك " .
أيها اليعقوبي الأديب: قفا نبك ... ليلة ليلى اللـيليات
ولا سيــــما يوم بــدارة جـلل
تصــدّ وتبدي عن أسيل وتـتقي بنـــاظرة من حش وجرة مطـفل
الحق يقال: إن صرف ما لا ينصرف ليس بممتنع على الإطلاق. من ذلك لطف صرف النظر عن المليحة المستعار عنها استشعارها المبدى في تخوفها المفرط خاصة ساعة أن طفقت تدعو مرة بالاستعاذة وتارة تذكرني بالموعظة الحسنة، وحيناً آخر تتلو بلسان الحال، قول مريم ـ عليها السلام ـ حين: {قالت إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا}.
فلما لهجت بالمواعظ الحسان، والاستعاذات بالمعيذ الكريم الرحمن، ألهمت أن أتلو لها ـ إيناساً إياها من الهلع على وجه الازدواجية في العظة ـ قول يوسف ـ عليه السلام: ((مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ))
معيداً لصواحبات يوسف أمنهن ـ إن شاء الله ـ اللهم إلاّ من وقع لي منهن ماضي : فانكحوهن بإذن أهلهن ـ على سنن هدي يوسفهن ـ عليه السلام ـ، جارياً مني ذلك جري المثل المشهور: التاريخ يعيد نفسه. وهو هنا على غير من هو له، وتلك من الموافقات الظراف.
فما بالك أيها اليعقوبي الأديب بالطاهرات الصالحات الغافلات الممنوع صرف الواحدة من هن إلى غير الحسنى بألفات التقوى المقصور
فقلت في ذلك مضمناً بيتهن تي اللمحة، ومختلساً فصها من صاحب الملحة:
هنّ وليــلى فــرتنا مع هرّ قولي: كفيت المســلمات شرّ
وأعوذ بك يا ربي من المنفوسات النفيسات الأمارات بالسوء: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين}
ديباجة الهلال:
أيها اليعقوبي المتفضل بدرر نفائس النصائح:{لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
عوجا على الطلل المحيل (لعلنا) نبكي الديار كما بكى ابن حَذام
وما حبّ الديار شغفن قلبي ولكن حبّ من سكـن الديارا
أيها اليعقوبي أخي الشقيق النصائح:{إن في تذكر عرصات يوم القيامة لشغلاً عن مسلسلات الهوى ولغو اللهو، يوم يسعد بقول الباري جلّ في علاه: ونهى النفس عن الهوى.
فَأَقْصَرْتُ عَنْ ذِكْرِ الغَوَاني بِتَــوْبَةٍ ... إِلى اللهِ مِنِّي لا يُـنَادَى وَلِيدُها
لـ : يوم يفر المرء من أخيه....
يوم يفوز من وصلته صلات شؤبوب الرحمات، فعلى مسها بسوء تسكب العبرات، وقتل النفس البريئة بالتحسر بعد الزفرات: أورد الإمام القرطبي ـ رحمه الرحمن ـ ما يلي تلخيصه في عظم أمر صلة الرحم:
********- وآت ذا القربى حقه (3) " يعنى صلته.
وإنما خص ذا القربى لان حقوقهم أوكد وصلتهم أوجب، لتأكيد حق الرحم التى اشتق الله اسمها من اسمه، وجعل صلتها من صلته، فقال في الصحيح: " أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك.
*******- في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذاك لك - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اقرءوا إن شئتم " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم.
أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم.
وقال قتادة وغيره: معنى الآية فلعلكم، أو يخاف عليكم، إن أعرضتم عن الايمان أن تعودوا إلى الفساد في الارض لسفك الدماء.
قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله تعالى ! ألم يسفكوا الدماء الحرام ويقطعوا الارحام وعصوا الرحمن.
فالرحم على هذا رحم دين الاسلام والايمان، التي قد سماها الله إخوة بقوله تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " .
*******- وبالجملة فالرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الايمان والمحبة لاهله ونصرتهم، والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة، كتمريض المرضى وحقوق الموتى من غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم، وغير ذلك من [ الحقوق ] المترتبة لهم.
******* - وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة، كالنفقة وتفقد أحوالهم.
وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالاقرب فالاقرب.
وقال بعض أهل العلم: إن الرحم التي تجب صلتها هي كل رحم محرم.
وقيل: بل هذا في كل رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الارحام في المواريث، محرما كان أو غير محرم.
********- والصواب أن كل ما يشمله ويعمه الرحم تجب صلته على كل حال، قربة ودينية، على ما ذكرناه أولا والله أعلم.
وقد روى أبو داود الطيالسي في مسنده قال: حدثنا شعبة قال أخبرني محمد بن عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ إن للرحم لسانا يوم القيامة تحت العرش يقول يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسئ إلي فيجيبها ربها ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ].
وفي صحيح مسلم عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ لا يدخل الجنة قاطع]. قال ابن أبي عمر قال سفيان: يعني قاطع رحم. ورواه البخاري.
*******- وقوله: [ قامت الرحم فقالت ] يحمل على أحد وجهين: أحدهما - أن يكون الله تعالى أقام من يتكلم عن الرحم من الملائكة فيقول ذلك، وكأنه وكل بهذه العبادة من يناضل عنها ويكتب ثواب من وصلها ووزر من قطعها، كما وكل الله بسائر الأعمال كراما كاتبين، وبمشاهدة أوقات الصلوات ملائكة متعاقبين.
فكأنه قال: لو كانت الرحم ممن يعقل ويتكلم لقالت هذا الكلام، كما قال تعالى: " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله - ثم قال - وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ".
*******- وقوله: [ فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة ] مقصود هذا الكلام الإخبار بتأكد أمر صلة الرحم، وأن الله سبحانه قد نزلها بمنزلة من استجار به فأجاره، وأدخله في ذمته وخفارته (2) وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول وعهده غير منقوض.
ولذلك قال مخاطبا للرحم: [ أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ].
وهذا كما قال عليه السلام: [ ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى فلا يطلبنكم الله من ذمته بشئ فإنه من يطلبه بذمته بشئ يدركه ثم يكبه في النار على وجهه.....] هنا انتهى مجمل كلام الإمام القرطبي الغالي النفيس حول وجوب بر صلة الرحم، وفضلها نقلاً وعقلاً.
باب قول الله ذي الإكرام والجلال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الر تلك آيات الكتاب المبين* إنا أنزلناه قراناً عربياً لعلكم تعقلون*نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ*إذ قال يوسف لأبيه يا أبتي إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين؛ قال يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين) إلى آخر هذه السورة الكريمة.
بسم من لا يجوز طلب العون إلاّ منه خاصة في الأمر المدلهم وهو المعين المستعان، ذو المنن الصافية الضافية الحسان، اللهم علمني التأويل وفقهني في الدين، لا لحول ولا قوة إلاّ بك يا كريم يا بر يا متين. اللهم لا سهل إلاّ ما جعلته سهلاَ، لا رادّ لفضلك و لا معقب لقضائك مجري سحائب الجود والإحسان على من شئت من عبادك عدلاً وفضلا، يا ربي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين فأهلك، فلا تحرمني من برك وفضلك، أنت حسبي وكفى نعم المولى النصير، العلي القدير السميع البصير، أنت كما أثنيت على نفسك لا نحصي ثناء عليك.
أيها اليعقوبي الأديب الأريب المتذوق لطائف ودقائق آراء الأندلسيين ـ في التفسير ـ والقراطبة، خذها عن طريق رواة قواميس تفاسير الأسديين أهل سوق أسواق المغاربة.
قائلاً بعد: وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
توطئة السحر الحلال:[/
إن سورة يوسف ـ عليه السلام ـ اشتملت على عظات وعبر، ابتداءً من قوله جلّ شأنه: الر تلك آيات الكتاب المبين* إنا أنزلناه قراناً عربياً لعلكم تعقلون* إلى قوله سبحانه وهو العليم الخبير: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ*
قلت: هذه السورة العظيمة النفحات الربانية، الجليلة الأحاديث الإيمانية، الجميلة السماحة بين إخوان الصفاء، أهل البر والإحسان والوفاء، صدق الله العظيم، عالم غيب السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى الحكيم العليم، القائل: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ*
قصص وأي قصص؟ هي قصص الوحي المبين، أكرمت به هذه الأمة وأي أمة؟ هي خير أمة أخرجت للناس أمة المصطفى الكريم! قصص حق! وفضل! وبر! وكرم! وسماحة! واتساء! وقدوة في الإحسان! وصلة بالأرحام! ومنن من الله الرحمن! وعطاء سخي! وهبات حسان! نزل بها الروح الأمين.
قصص وقعت بين جبال من جبال الرحمة، صالحين مصلحين خيار الأمة، أنبياء أبناء أنبياء أحفاد أبي الأنبياء أكرم بهم سلسلة بين سلاسل البشر صدقاً وعدلا، ثم أكرم بهم أباً وأجلهم جداً وأفضلهم أصلا عقب المكارم إحساناً وفضلاً.
أيها اليعقوبي اللغوي خلاصة الخلاصات ـ باب فضل القيد: الشرط يغني.....الخ.
إنني بين يدي قصص هذه السورة الكريمة سائر على نهج عرض السوانح واللطائف لا غير عقلاً لا نقلاً، إذ التفاسير المعتمدة المعتبرة ذاخرة بذلك دقه وجله فتناوله في معرض الاستمتاع بنسيم الصبا لون حسن نفلا.
إذ تالله إن في معانقة بنات الأفكار من اللذة العظمى لفي شغل شاغل من التعلق بغواني الثيبات والأبكار.
فنهجي في تناولي لطائف قصص هذه السورة العظيمة، ما يلي:
*- جني ثمار الآيات التي تركزت على الأحداث التي جرت بين يوسف وإخوته ـ عليهم ـ السلام ـ بصفة خاصة.
*- استشمام زهور معاني الآيات التي خرج بها نظم السياق الكريم إلى لون آخر جميل كأحداث ما جرى ليوسف من الخادم إلى الملك العزيز ـ عليه السلام.
*- ترصيع دلالات الآيات ذات الأشباه والنظائر، كقوله تعالى حكاية عنهم: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (78) سورة يوسف. بقوله تعالى حكاية عنهم أيضاً: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ } (يوسف-88).
*- جمع الآيات ذات المعاني المتناثرة الفوائد، كقوله تعالى حكاية عنهم: {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (15) سورة يوسف. من هذه الآية الكريمة إلى آية: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} (20) سورة يوسف. كذا في معرض نظم لطائفها....
*- تصدير آيات القصص الحسنى، بل أحسن القصص، بعنوان: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى. بعد تقييدها بلمعة من اللمع، مبتدءاً بحمد الله العظيم المن بين يدي لطائف هذه القصص البالغة الغاية في الحسن، قائلاً:
اللمعة الأولى: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ} (7) سورة يوسف
{ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ }. نعم ، إنه لحق ما في قصة يوسف وإخوته ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ من دلائل الحق مجموعة من الأسئلة الربانية المتنوعة، المأخوذة لطائف مجملاتها من قول العليم الخبير: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (111) سورة يوسف.
أيها اليعقوبي اللغوي، لقد تأملت مشاهير التفاسير من تفسير ابن عباس،.... فالطبري،.....والبغوي،.....ثم ابن كثير،.....بعد المحرر الوجيز، فما وقفت على ما يأتيك من لطائف تفسير قصة يوسف وإخوته ـ عليهم السلام ـ إلاّ في قطعة من نسخة ديوان تفاسير بني أسد لقصة يوسف في كتاب الله العزيز. ذلك من فضل ربي وحده لا شريك له.
فانظر تفسير قوله تعالى: ((لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ......)) مفسرة بقوله سبحانه: ((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ .....)) الآنفة الذكر، فالآية المفسِّرة تناولت المفسَّرة ـ حسب ما توصلت إليه مما منّ الله علينا من مشاركة المفسرين مما يجري مجرى السوانح واللطائف ـ والله ذو الفضل العظيم ـ هو المسئول أن يجعلها خالصاً لوجهه الكريم، وأن يتقبلها بقبول حسن.
قائلاً حسب ما تيسر إدراكه في تلك الآية:
1- الاتعاظ والاعتبار عند ذوي البصيرة بما جرى فيها من الأحداث التارخية ذات الفوائد الإيمانية والدينية، والأخوية، والاجتماعية، والخلقية العظام.
2- تحقق وقوعها على وجه خطئهم على أخيهم يوسف بصفة خاصة، وأخيه بنيام ـ أخيهم أباً بصفة عامة، بعد خطئهم على أبيهم ـ يعقوب ـ بهما بوجه عام ـ عليهم أفضل الصلاة والسلام.
3- تصديق جانب رسالة الصادق المصدوق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقصتهم لأنه ما كان يعلمها من قبل أن ينزل الوحي بها كبرهان مبين على منكري الرسالة الخالدة رسالة خاتم النبيين والمرسلين على وجه إقامة الحجة على أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين ما زالت أجيالهم تقرأ من كتبهم السماوية شيئاً من قصة يوسف مما لا يعلمه إلاّ أحبارهم، أو ممن أخذها عنهم، من لدن زمن يوسف وإخوته إلى زمن رسالة نبينا عليهم وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
4- حسن جانب سرد القصص بما وقع فيها من الأحداث على وجه التفصيل لأنه أدعى للاعتبار بما فيها من المعاني الجليلة الجسام.
5- بواعث الرشاد والهدى لمن ألقى السمع، أو هو شهيد.
6- نفحات الرحمات للمصدق المؤمن بأن ما يجري من الخلق من أحوال الكمال الظاهر ومن قصر عنه الكمال من ذوي الفضل الظاهر كلها جارية مجرى الحكمة البالغة، ذلك تقدير العزيز العليم.
اللمعة الثانية: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (4) سورة يوسف.
1- قلت: إن الله جعل للمسببات أسباباً جهلت، أو علمت، مستأنساً بقوله سبحانه: { وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}. وذلك أن سبب هذا الحدث التاريخي العظيم الذي تناوله القرآن بالتفصيل والمتابعة لأجل أهمية عبره في سورة خصيصة بجل أحسن القصص ـ قصة يوسف وإخوته عليهم السلام.
2- خطورة مآل الأسباب إن سعي في تطبيقها، خيراً كانت أو شراً، إذ هذه القصة الكريمة سببها هو مجرد معنى المنافسة في الأفضلية التي قد تؤدي إلى أمور غير محمودة العواقب إن وقع الفضل للغير ـ إلاّ من رحم الله ـ فلذا جاءت هذه الآية الكريمة التي تحمل معنى من معاني الفضل وهو سجود الكواكب الأحد عشر ليوسف دون إخوته. قلت: هذه اللطيفة مأخوذ تفسيرها من آية: {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (5) سورة يوسف.
3- تنبيه المفضَّل والمفضّّل عليه بأن أمر الله مفعول لا محالة، إذن فلا بدّ من الرضا بمشيئة الله النافذة تسليماً لقضاء الله وحباً لأخيك ما قدر له في سابق علم الله تعالى من الفضل، كما جرى على وجه البشارة ليوسف مما سيقع له قبل أن يقع المفسرَّ بقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (6) سورة يوسف.
اللمعة الثالثة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} (8) سورة يوسف.
1- عظم خطورة ملاحظة فضائل الغير من غير غبطه بها الذي يدعو إلى التنافس في الخيرات: وصدق الله إذ بقول عن مثل ما يورث فضله:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}. وذلك ليحظى كل من الغابط والمغبوط به بفضل الله الواسع، والله ذو الفضل العظيم.
2- خطورة تجريم الأبرياء بما هم منه براء إضافة إلى خطأ أساس مبنى التهم، لأن يوسف وأخاه ليس عليهما ما يوجب ملاحظة إخوتهم عليهما في تفضيل أبيهم لهما لو وقع المستحيل في حق نبي الله يعقوب ـ عليه وعليهم السلام.
3- الداء العضال، وهو مواطأة الفضلاء على أمر لا يليق بأهل الفضل، بل أي مواطأة على غير أمر رشد من أي جماعة مستهجنة غاية الاستهجان، كما حكى الله تعالى عن لوط ـ عليه السلام ـ في اجتماع أمر قومه على غير هدى، فقال لهم مقالته: {أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ }.
اللمعة الرابعة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} (9) سورة يوسف.
1- ضرورة ضبط النفس في محاولة سوء التخلص ممن في مقام الغبطة في أي أمر عظيم جسيم فضلاً عما لا يستحق أن يكون سبباً أصلاً لضعف اعتباراته نقلاً وعقلاً.
2- معاقبة المتجاوز سنن الهدى إلى أي أمر غير محمود بنقيض المقصد على وجه الحرمان، لأن أباهم يعقوب ـ عليه وعليهم السلام ـ شغله حنان الابن المفقود عن طيب الحياة والسعادة معهم كما تضمنته عدة آيات منها، قوله سبحانه حكاية ما آل إليهم حالهم مع أبيهم، من قولهم: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} (85) سورة يوسف
3- عظم التحايل على وسائل المآثم تطاوعاً للنفس الأمارة بالسوء في تحقيقها، رجاء الرجوع إلى سبل الهدى والرشاد، بعد وقوع الأمرـ والعياذ بالله.
اللمعة الخامسة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ} (10) سورة يوسف
1- محاسن آثار الأمر بالمعروف بين الإخوة، خاصة في الأمر الجلل مهما بلغ التواطؤ فيه على غير سبل السلام.
2- لطافة التماس بيان البدائل للحيلولة دون الوقوع في أنكر المنكرات إلى منكر أقل منه في عظم الإثمية، أو إلى منكر محض، خاصة إذا جرى ذكر البديل على شيء من محاسن دقائق التعليل.
اللمعة السادسة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} (11) سورة يوسف
1- أهمية استشعار خطورة تسهيل وسائل التمكين عند الهم بأمر منكر شرعاً نقلاً وعقلاً، لا سيما من يتسم بالصلاح والإصلاح على وجه النصح.
2- من ذلك قولهم: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (12) سورة يوسف.
3- ونحو ذلك ما جرى به جوابهم لأبيهم في قوله لهم: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ*
وقولهم له: قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ} (14) سورة يوسف
اللمعة السابعة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (15) سورة يوسف
من هذه الآية الكريمة إلى آية: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} (20) سورة يوسف.
1- في هذه الآيات العظيمات جرت أحداث القصة بالفعل كما قال الشاعر:
كــــلّ الحوادث مبدأها من النَّظر ومـــعظم النار من مستصغَرِ الشَّرر
أي تنشأ أي فتنة أحياناً من لا شيء إلى الشيء بل إلى عظام الأشياء ـ والعياذ بالله.
3- وفي مثل هذه الحوادث يصل من فضلّ على غيره بفضل من الله إلى الدرجات الرفيعة، كما حكاه الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (21) سورة يوسف
هذا إذا لم يكن ـ لمن هو في مقام الغبطة ـ يد في تلك الفتنة، إذ الأمر كما قال الله تعالى:
{ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (43) سورة فاطر
اللمعة الثامنة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (21) سورة يوسف
من هذه الآية إلى قبيل آية: {وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} (57) سورة يوسف.
فهي آيات تناولت مجمل ما يلي:
1- فضل الله العظيم على نبي الله يوسف ـ عليه السلام.
2- ابتلاء امرأة العزيز به
3- محنته بالسجن تخلصاً من ابتلاء نساء مصر به، وفراراً من كيدهن.
4- قيامه بأمر الدعوة إلى الله بين المساجين.
5- ظهور نعمة الله عليه بالبراعة في علم تأويل الرؤى.
6- إعلان نساء مصر براءة يوسف ـ عليه السلام ـ مما اتهم به من قبل امرأة العزيز وصواحباتها.
7- تربعه على عرش ملك العدل والفضل لأهل مصر قاطبة من غلام خادم سجين إلى ملك كريم عزيز حفيظ عليم. كما قص الله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (56) سورة يوسف.
[/size][/size]
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
آخر تعديل السوقي الأسدي يوم
03-21-2009 في 10:33 PM.
|