مِن الأعضاء التي تُحيّرني في جسمِ الإنسانِ عضوٌ يُسمَّى “الكَتِف”، لأنَّه بوابةُ للشّيءِ وضدّه، فهو سرّ للنَّجاح، وطريق للانبطاح، وهو مسارٌ للخضوع، وبنفس القدر، هو سبيل للإشراق والسّطوع!!
فالتَّكاتف علامة قوّة واتحاد، ولكن في المُقابلِ “تقبيل الكَتِف” دليل على التّوسّل والرّجوع!
ومُنذ سنواتٍ غنَّت صاحبة الصّوت الجَبلي “نجوى كرم” قائلة:


خلّي كتفك عا كتفي
ورقّصني نتفةْ نتفةْ!

فعرفت أنَّ هذا نوع مِن الرَّقص الذي يعدّه القوم -هنا- نوعًا مِن أنواع المجون، ولا غرابة في ذلك، فمن (رَقَصَ نَقَصَ)!
وهذا الرَّقص يتناقض مَع ما كُنّا نعمله، ونحن في الصّفوف الابتدائيّة، عندما يأمر المُعلم بـ“التّكتّف”، وهو إدخال اليدين في بعضهما، وضمّهما إلى الصَّدر، في مشهد يُوحي بالأدب والخوف معًا!
وحين بدأنا ندخل في عالم الرّياضة، ونتوغّل في “المُخاشنة الجسديّة” بين اللاعبين، سمعنا بـ“الكتف القانوني”، وهذا المُصطلح مثل الحقيقة، كلٌّ يتحدث عنها، ولا أحد يعرف تعريفها وحدودها!
وطالما أنَّ اللاعب يستعمل “الكتف القانوني”، ويُقبِّل الكَتِف، ويرقص كَتِفًا بمحاذاة كَتِف، فإنَّ هذا دليل على الحياة، ولن ينقطع عن “الكَتِف” بعد الموت، فحين موته سيُحمل “المرء” على الأكتاف، وهذا ما يخشاه كُلّ حيّ!
أمَّا في عالم الأوصاف.. فإنَّ أجمل الرِّجال والنّساء -أيضًا- مَن كَان “عَريض الكَتِف”، بحيث يُعطى الجسم “نَصبة”، و“رشاقة”، و“فتوة”!
وإنْ كُنت قد فهمت بعض ما يخص “الأكتاف”، فلن أفهم مدى الحياة “من أين تُؤكل الكَتِف؟!”، وما ذاك لغباء مني، وإنَّما لاتّساع الأكتاف وامتداد عرضها، بحيث تستوعب طرائق الأكل، ومسالك الالتهام!
فالكَتِف تلك التي تُؤكل؛ ويدري البعض من أين تُؤكل -أيضًا-، تبدو لدى البعض مثلما قال القائل:


ألقاه في اليمِّ “مَكتوفًا” وقال له:
إيَّاك، إيَّاك أنْ تبتلّ بالمَاء!

ألم أقل إنَّ الكَتِف مِن الأعضاء التي يَصعب فهمها؟!.. لأنَّها تتوسَّط بين الفضيلة والرّذيلة، والقوة والضّعف، واللين والعُنف، ولكم في “أكتافكم” أسوة حسنة!.