ومن هذه الغرر قصيدة إخوانية للعلامة محمد بن دانيال الإدريسي السوقي يعتذر فيها لجلال الدين الشيخ محمد بن الهادي الأدرعي السوقي يقول في مناسبتها: (أنشد هذه الكلمة وأنشأها وزفها وأهداها عبيد ربه المتعالي, محمد بن دانيال, إلى أخيه وحبيبه المجواد, الطالع الأسعد محمد بن الهاد, يعتذر إليه في شأن مقالة واجهه بها على الثناء, فحملها كأنه رابته فيما بلغ الكاتب على الهجو والإيذاء, مع أنها لااحتمال فيها .. أن ترمى غير مراميها, وتلك المقالة هي أنهما ذات يوم إذ سأله عن مصنف له استعاره منه عن حسنه أم كيف الحال؟ فقال له: بارك الله فيك ما أحسنه لاأقول لك كما قال أبك بن ... لفلان ابن المنير أراه قصيدة زعم أنها له أن هذا العجب أن هذه القصيدة مثلك أقل من أن تنسب إليه أرى من بلاغتها وظهور عجزك عن أدنى منها فكيف بها, ولا أقول لك إلا كما قال الأول وافق شن طبقة فرابته هذه المقالة وساءته على ما بلغني على لسان المختار) فقلت:
أبلغ لديك محمد بن الهـــاد == مني سلاما فائحا كالجــــــــادي
وتحية تشفي عقابل علة == من رائح في تهمة أو غـــــــــــاد
ومودة ما شابها من شائـن == من غائب عن اعين أو بـــــــاد
أقسمت جهدا بالشعائروالمشا == عر والمعاشرأوعبوا لجهــاد
من كل أروع باسل لايدّري == بقرينه عند اقتحام مَنــــــــــــاد
فوق الحنايا الضامرات تراهم == صبُرا لدى تسعير نار جــلاد
مستشعرين ولا الونى ينبو بهم== كلا ولا يخشون كيد الغـــاد
أو صافنات يستبحن حمى امرء== ضلت به الحوباء سبيل رشاد
صبحنه فاستاصلت ما عند ه == قب البطون نواشز الأكبـــــاد
------------------------------------------------------
يدعوهم للحج قبل فأصبحوا
فأتوا على قدر وكل راجـل == أو راكب في قصده متمـــــــــاد
من كل فج يشهدون منافعا == لهم من امر معاشهم ومعــــاد
أم بالمساجد بالمحافل عمرت == من عاكف فيهن أو من باد
ما قلت ذاك اليوم ماقد قلته == في معرض التعيير والافنــاد
بل نص مدح والتأول ضيق == فالريب منك احق باستبعـاد
ماخلته يخفى علي باد دوى == فضلا على فطن بصيرشـاد
شهم الجنان مدرس ذي مسكة== بالعلم والتقوى طلوع نجاد
إن الكتاب أردته فاعرتـه == فأفدت بورك فيك أي مُفـــــــاد
هل أنت أم ذاك الصنيع أم الكتا== ب أريدهجواذا صريح عناد
حاشا ولله المحامد كلها == أن استبيح حماك وسط النــــاد
لكن ورب العرش والكرسي ما == زكيت نفسي بالتقى وسداد
ومحامل الأقوال إن لم تستبن == حملت على حسن لدى الأجواد
لاسيما إن لم يكن فيها احتما == ل فالملام إذا على النقــــــاد
هذا ولكن ما أراد الله لا == يعدو مواقف مقتضاه العـــــــــاد
إن كنت جئت بما يسوؤك حقبة== فأنا بذاك كحية في الـــواد
كلا على أني ولو قد قلته == فالحر يكرُم عن جفاء مُبـاد
فعواصف الارواح كر مرورها== لاتعتدي يوما على الأطــواد
شرواك اكرم عندنا أن لانرى== حقا له متثبت الأوتــــــــــاد
لاسيما أني استبنت خلاله == فوجدتها لابد وفق مـــــــــراد
يمشي علىالنهج القويم مراعيا = للمألف الأسنى القويم العادي
هيهات أذكره بسوء بعدما == أغنى من استبشـــاره ووداد
عهدي به خلا حبيبا صادقا == في حبه مستسلما لقيــــــاد
هش المحيا ذا مآثر جمــة == أثرت عن السنة لبعض بلاد
أم كيف أقدح في نزيه غافل == عن عورتي والله بالمرصاد
أولا فأين عن السكوت بحيلتي = والصفح من شيم النبي الهادي
صلى عليه الله ماأهدى الفتى == أزكى سلام للفتى كالجـــاد
والآل والأصحاب ما صفح النبي== ـه البر عن هفوات أهل وداد
مني إلى تلك المحافل كلها == أسنى سلام مدة الآمــــــــاد
هذه والله هي أخلاق العلماء, فانظروا إلى هذا الجبل الذي اعترف له كل معاصريه بالسبق في العلوم, مع ما يتمتع من مكانة اجتماعية, وثقة مطلقة من امراء (إولمدن),فانظرواإلى حرصه على أصدقائه وعلى إخوانه وعلى لم الشمل ولوأدى ذلك إلى أن يعتذر بمالم يقترفه بهذا الأسلوب الراقي البديع رحمهم الله جميعا.