بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدسوقي في شرحه على مختصر خليل في باب الصيام كراهية صيام يوم المولد معللا ذلك بأنه يوم عيد,وأقره ثم وافقه على ذلك الخرشي قائلا:
لأنه من اعياد المسلمين(كتاب الصيام – من حاشية الخرشي على خليل) وواطئه الصاوي
في حاشيته على الشرح الصغير قائلا:
إلحاقا له بالأعياد – باب الصيام, ثم صاحب فقه العبادات في المذهب المالكي وهو مؤلف معاصر,
قلت:
العلم والنقل أمانة عظيمة والأعلام المذكورون قالوا ذلك في صدد بيان وشرح المذهب المالكي فكان صنيعهم هذا تدليسا بينا واضحا لإيهامهم أنه قول في مذهب مالك, ولا يخفى أن المولد إنما ظهر على يد الملك ****ري في القرن الخامس الهجري ثم اختفى بين أهل السنة وأظهره ومعه مولد فاطمة ومولد الخليفة الحاكم الفاطمي ومولد علي ومولد حمزة ومولد الحسن والحسين في مصر بنو عبيد القداح ولم يزل العمل به جاريا بين أهل البدع حتى هذه الأيام ,وقد اشتد نكير الإمام الفاكهاني المالكي له وخصص لذلك كتابا صغير الحجم عنوانه(المورد في عمل المولد) وكذا ابن الحاج المالكي أيضا في- ج2 - من كتابه (المدخل)والصاوي نقل نفسه عن الفاكهاني كراهية الوصية بعمل المولد وأقره في (حاشيته على الشرح الصغير- تحت عنوان – باب في أحكام الوصية ومثله الخرشي وعليش في (النذر) من فتاواه لكن غرض نقلهم له أن فيه زيادة :
والمكروه يلزم الوارث أومن يقوم مقامه إنفاذ الوصية به,
قلت:
ليس المولد من منصوص المذهب ولا مما يقبل أن يخرج على أصل من أصوله ,أما الأول فواضح في المعلوم بداهة من كونه بدعة ابتدعت في القرن ال4 أو صدر القرن ال5 الهجريين ووفاة صاحب المذهب كانت سنة 179 هج, وأما الثاني فلأنه بدعة وقد ثبت عن مالك كما رواه ابن حزم في الأحكام بسنده إليه, قوله:
من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة, وما كان عليه عمله من رد ما لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أهل الفقه ببلده, وانظر إلى تعقب الشا طبي على القرافي فيما خالف فيه الأصحاب وجرى فيه مجرى شيخه العز بن عبد السلام في مسألة البدعة في (الإعتصام)وأنكره الشا طبي أيضا في نوازله وهي مجلد واحد متوسط الحجم , وبه تدرك مدى جرأة من يتهمون منكري هذه البدعة بعداوة النبي صلى الله عليه وسلم على رجال المذهب قبل غيرهم , ومنهم صاحب مواهب الجليل في ترجيحه عدم التوجه به إلى النبي صلى الله عليه وسلم(مواهب الجليل - مسألة إهداء القرب للنبي صلى الله عليه وسلم
المسالة الثانية مسألة رفع اليدين للدعاء جماعة وفرادى بعد المكتوبة , وفي ذلك قول السجلماسي في شرح اليواقيت الثمينة فيما انتمى لعالم المدينة :
ويكره الدعاء في أثناء * فاتحة وبعد الانتهاء
وقبلها وفي ركوع ثم في* أثناء سورة تشهد قفي
وبعد أن يسلم الإمام لا * يدعى وفي تشهد أي أولا
وهذا نظم لقول خليل في مختصره معددا الأحوال التي يكره فيها الدعاء في المذهب(كدعاء قبل قراءة, وبعد فاتحة , وأثناءها , وأثناء سورة , وركوع , وقبل تشهد, وبعد سلام إمام , وتشهد أول ,ينظر في (فرائض الصلاة – مختصر خليل)
قلت:
ولم يذكر القيرواني دبر التسليم إلا الدعاء والذكر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أنت السلام ومنك السلام, أما رفع الصوت والدعاء بالفاتحة بغير نداء إلى ذلك ,أو بنداء إليه يقول فيه الإمام : الفاتحة كما يفعل كثيرا في أفريقية لدينا
ويفعله أئمة مساجد ليبيا من غير نداء ولكن يرفع المأمومون الأيدي فور رؤيتهم الإمام رفع يده,
وفي المغرب, يسرح الأئمة الذين لا يحيون بدعة القراءة الجماعية للحزب بصوت واحد من الإمامة, ويتهمون بمخالفة النمط والطابع المالكي للبلاد, وقد نص مالك على كراهية ذلك كما في المعيار ج1/155وج8/248 ,
قلت:
وهذا هو حكم الذكر الجماعي عنده مطلقا,
وقراءة القرآن على الأموات, وهي مخالفة لمذهب مالك ولا يمكن تخريجها عليه لأنه يرى ذلك في كل العبادات البدنية, ومن فروعها عدم جواز النيابة عنده في الحج
والاكتفاء بالدعاء في الصلاة على الميت دون قراءة القرآن ,وقال الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل(ج1/423 :لأنه ليس من عمل السلف ,لكن خالف الدسوقي المذهب فقال:
وقال المتأخرون – يعني المتصوفة- لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت ويحصل له الأجرإن شاء الله وهو مذهب الصالحين من أهل الكشف, فآثر المذهب الصوفي على المالكي
وقال خليل في مختصره:
وكره قراءة بعده وعلى قبره, وعزا إليه الدسوقي في (التوضيح,قوله أي خليل: المذهب أن القراءة لاتصل إلى الميت, حكاه القرافي في قواعده , وابن أبي جمرة ( المصدر السابق عن الدسوقي)
تنبيه: وقع في النقل عن الفاكهاني أن المكروه يلزم الوارث أو من يقوم مقامه إنفاذه , وذلك في سياق قوله بكراهة الوصية بالمولد ,
قلت :
هذا المكروه ليس من البدع قطعا عند مالك لما علم يقينا من شدته عليها, أما قوله رحمه الله بإنفاذ وصية من أوصى بأن يحج عنه مع كراهيته لذلك فليس من هذا الباب بل هو من باب (مراعاة مذهب المخالف ,كما نص عليه ابن فرحون رحمه الله (إرشاد السالك ج2/513)وله نظائر وأمثلة كثيرة في مذهبه منها قراءة البسملة في الصلاة
( حاشية العدوي على رسالة القيرواني) ولأستاذ جزائري معاصر
أطروحة علمية في مراعاة الخلاف في المذهب المالكي مفيدة جدا,
أظنها ماجستير
لأنها ليست في متناول يدي حالة تسطيري هاتين الصفحتين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد
التنبكتي