الثـالثـة : قصيـدة عيسى بن تحمد السوقي وهو ابن عم المحمود المتقدم وهي من غرر القصائد :
أطربت ذا الشيب منا يا ابنة العرب...والحسن يضطر بعض الشيب للطرب
أهـلا بك ابنـة شيـخ عالـم فطــن.....عـلامـة فـهـم أهـلا بـه مـن أب
مستمسـك بكـتاب الله معـتـصــم.....بسنـة المصطـفى للخيـر مـنـتـدب
محقـق منـذ شـب العلـم همـتــه.....والحكـم بالحـق والتدريـس للكـتـب
قد أورثـته قديـما عـن أبـوتـهــم.....آباؤه رأس مـال العـلـم والحــسـب
ردي عـليـه سلامـا مثـل سابقــه.....لو ذقـتـه خـلتـه البـرني بالضـرب
تليـه منـي تحـايا ما لـها مـثــل.....مـن ذي مـودتـه في الله والنـســب
قـدام جابـة سـؤل حاك حـلـتــه.....من لم يكـن عطـلا مـن حليـة الأدب
أما مسـالك حـج البيـت قاطـبــة.....فالجـو عنـدي أنئـاهـا عن العطـب
وهـو الذي كان أحـراها وأجــدرها.....بأن يـجـرد.لـلإذهـــاب للذهــب
لأنــه كـان أولاها وأخـصــرها.....به التوصـل للمـقصـود مـن كثــب
فكـان مـركبـه للناس إن عـمـدوا.....لذلك البيـت أولـى كـل مـرتـكـب
في سـورة النـحـل إيماء لمـنـتـه.....عـلى الأنام بهذا المـركـب العـجـب
وليـس في وعـده خلـف فأنـشــأه.....للخلق في الجد لا في اللهو واللعب
ولا نسلـم أصـلا لامـرئ خـصـم.....يقـول لا نص فيها قـول مضطـرب
ألم تكـن بعـض ما لا تعـلمـون ولا.....تـقـل بل بـلى بلـفـظـها أجــب
ألم تكـن خلـقـت والله خالـقـهــا.....وللعباد خصوص الكسب في النسب
ألم تـكـن منـة قـد مـنّ خالـقـها.....عـلى الأنام بها في حاضـر الحـقـب
بـلى نـسلـم لكـن لا نـسـلـم مـا.....به استـدل عليـنا الخصـم للشـغـب
من لفـظ الانعـام والأنعام ليـس لهـا.....من المفاهـيـم إلا مفـهـم اللـقــب
بـل إنـما ذكـرت للامـتـنان بهـا.....على المواجـه والموجــود في العقـب
ثم العمـوم الذي في الناس أشمل مـن.....أن لا يكون علينا أي منسحب
والاستـطاعـة لا تعـدو الذي ذكـروا.....في حـدها حـسـب العمـوم للنخب
نعـم نـرجـح أن الحـج مفـتـرض.....في المركبيـن معـا لكـل ذي أهــب
ولا احتـياج إلى تركيـب أقـيســة.....تفضي إلى غـرض بالنص مجتـلب
فكـل أهـل زمان راكـبـون لمــا.....قد سخـر الله كم قد عيـش من رجـب
من البغـال وخيـل والحميـر ومـن.....إبـل ومـن بقـر والفـلـك والرحـب
إلى المــواخـر مع بـرية حـدثـت.....فضـلا ومختـرعا للجـو منـتـسـب
ثم الجـوازات والطـب الذي ذكـروا.....فـلا اعـتذار بها للخصم مذ حقب
إذ تـلزم الناس شـرعا في تـرددهـم.....بين الحواضـر للإعـداد للنـوب
فـكيـف بالحـج إذ هـذا الدواء لـه.....وقايـة مـن عضـال أي مـرتقــب
وفي الجـوازات للحـجاج منـفـعـة.....من لم تكـن معه في الحج ذو تعـب
وأغلـب الناس ممـن حـج مشتـرطا.....مصـورا باذلا للنـفـس والنـشـب
تـقـــربا بـهـمـا لله مـتــكــلا.....عليـه للأجــر حـقا جـد محـتـســـب
يعـود أحـسـن ما قـد كـان أزوره(1)..أصحـه راجـيا غفـران مكـتـسـب
أمـا الصـلاة التي كانـت إقامـتـها.....من بعـض من حج في جوية القرب
فليـس يطعـن فيها غيـر ذي دخـل.....أو جاهل ليس يدري ما يقول غبي
وليــس بالهيـن تأثيـم الأيمـة مـن.....حجـاج أمـة خيـر مرسـل ونـبـي
فإنـها إن تـقــع والماء مـنـعـدم.....مـع الصعـيـد الذي سـواه لـم ينـب
فالحـكـم نص يلـوح في الدفاتـر لا.....يخـفى على أحـد للفقـه ذي طلـب
وإن يكـن ذا طهـور حين يوقـعـها.....فليـأت بالمستطاع غيـر ذي رعب
إن قيـل حـج يؤدي للصــلاة على.....غـيـر الكمال نقـول غيـر مجتـنب
إذ شـرط كل صـلاة عنـدما وجبـت.....إيجابه وهـي قبـل الوقـت لم تجب
فمن يرد من ذوي الحاجات يركبها.....إن شاء قبـل دخول الوقـت فليثب
كمـن يـريـد منـاما يسـتـباح لـه.....قبـل الصلاة وقبـل وقـتها السـبـب
ولو تعـم جمـيـع الوقـت نومـتـه.....هـذا قياس صحيـح أي مـقـتـضـب
والحق في عين ذي الإنصاف متضح.....لكنه عند ذي الإنكار في حجب
إن قيـل نادرة قـلـنا وداخـلـــة.....تحت العموم وذو الإخراج لم يصـب
على الصحيـح وإن شئـنا نقـول لـه.....كم نادر رجحوا عـلى أخي الغلب
كـذلك البـذل للأمـوال في غـرض.....ما فوقـه غـرض من أفضـل القرب
إن قيـل فيه بعون الضـد مفـســدة.....ففيـه مـصلحـة التـفـريج للكرب
من الوصول لمثـوى الهاشمي على.....شحط النوى واجتلاء تلكم القبب
مـع ازديار قــبـور بالبـقيـع إلى.....مصارع الشهـداء الخلـص النـخــب
ثـم الوصـول لبيـت الله في دعــة.....بسـرعـة دون ما كـد ولا نـصــب
إلى مصالـح أخـرى لست أحصـرها.....تربي على كون ضد بالحطام حبي
ولا يـقـال ركـوب الطائـرات أتـى.....مظنـة الفــخـر وهـو للعبـاد أبـي
فليس في الخمـس أصـلا ما يحـرمه.....خـوف المـخيـلة يا لله للـعـجـب
وليس في الخمـس أيضا ما يحرمه...خوف الرياء وخوف الكبر والعجب
فـلا تـكـن هـذه الأدواء مانـعــة.....للطـود مـثـلك فعـل اللازم اللــزب
بل زاحـم الصلـحـاء والأراذل فـي....هـذي الدعيـمة والأدواء فاجـتـنـب
ثـم الذي هـو أغنى الناس يركبـهـا.....في الحج ما لم تك الأموال لم تطب
أمستـطيـع لبـذل المـال يقـعــده.....عن ذي الفريضة عجز المعـدم الترب
بل يـركب الجـو للمأمـور ممتثــلا...مستسهل الصعـب سمحا غير ذي رهب
فهـذه حـجـج كالشـهـب لامعــة.....وإن تـشأ قـلـت كالهنـديـة القضـب
هـذا فلو قـمـت للإنـكار محتـسـبا.....فالديـن نصـح إذا بالغـش لـم يشـب
حاشى وحاش حـشا لله قـد بـرئـت.....منك القـرونة أن تـقرى إلى الريب
ولا لصـد عـن البيـت الحـرام ولا.....أن لا تـنافـس فيـه كـل ذي رغـب
فهاكـها حلـة جادت حـياكـتهـــا.....أهـديتـهـا لك فالبـس فاخـر السلـب
جعلتـها لك في فـرع الظعينـة مـع.....تشبـيبـها ببـنات العجـم والعــرب
فإن تسـل مـن أنا ومـن أبي فأنــا.....عيـسى بن تحـمد كان الله لي وأبي
لا زال وبـل الصـلاة والسـلام على.....لبـاب لـب قـصـي أي منسـكــب
يفيـض منـه على الآل الأكارم مــا.....يكفيـهـم وعلى أصـحابـه النجـب
انتهت وهي من غرر القصائد نظما .
-------------------هوامش------------------------------------
(1)- لعله : أنوره