ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
باسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد فمما لامجال للشك فيه أن الله ــــ سبحانه وتعلى ـــ لم يخرج الإنسان من ظلمة العدم إلى نور الوجود لعبا وعبثا
كما قال تعلى [ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ........] وإنماخلقه لمهمة عظيمة وهي عبادة الله تعلى كما قال سبحانه [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] ، ولن يتمكن الإنسان من عبادة الله تعلى على الوجه المطلوب حتى يعرف من يعبد معرفة صحيحة ، ولا يمكن ذلك حتى يفهم الكتاب والسنة فهما صحيحا ، وذلك متوقف على فهم قواعد اللغة العربية فهما صحيحا
فالقرآن الحكيم أنزله الله سبحانه وتعلى على قوم فصحاء بلغاء ، وأنزله بلغتهم تحديا لهم أن يأتوا بمثله ، فعجزوا عن ذلك ، لاحتلاله أعلى الدرجات في البلاغة ، والحديث الشريف هو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي انضم إلى عربيته وقرشيته أنه أوتي جوامع الكلم
فانطلاقا من ذلك ومن قاعدة الأصوليين [ ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب ] فكما وجب غسل جزء من الرأس ، لأن الواجب وهو غسل الوجه لا يتم إلا بذلك ،ووجب صوم جزء من الليل ، لأن الواجب وهو صوم اليوم كاملا لايتم إلا بذلك
فكذلك يجب تعلم قواعد اللغة العربية ، لأن الواجب وهو فهم الكتاب والسنة المتوقف عليه الواجب وهو العمل بهما ، لايتم إلا بذلك ، ولأن الإنسان إذا كان بها جاهلا ، وكان جيد علمه من حليها عاطلا ، تعرض لخطر عظيم وهو الكذب على الله ورسوله والقول عليهما بغير علم ، وهو لا يشعر ، وخيف عليه الاندراج تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم [ من كذب علي متعمد فليتبوأ مقعده من النار ]
فأوصي نفسي أولا ثم طلاب العلم قضهم بقضيضهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم أينما كانوا ، وأخص منهم السوقيين بالإكباب على التعلم والتركيز على هذه المادة التي يكفي من شرفها كونها لغة الوحي ،وبتكريس قسط من الوقت في تحصيلها ، وما هي إلا دروس قليلة يمكن الفراغ منها في مدة يسيرة ،ثم بعد ذلك يعمر الإنسان عمره بدراسة العلوم الشرعية التي هي بيت القصيدة
ولا خلاف بين اثنين في أن الأمة السوقية قد أنعم الله عليها منذ مئات السنوات بإتقان هذه المادة الشريفة إتقانا عديم النظير ، بحيث لا يلفى لهم في ذلك منافس إلا من قبيلتي الكنتيين والشناقطة
وإن من المضحك المبكي أن هناك فكرة خبيثة يعتنقها الكثير منا ومن غيرنا ،ويسعون جاهدين في ترويجها ، وهي التقليل من أهمية هذه المادة ،وليس ذلك بناجم عن سبب يذكر ، ولكنه في الناس للناس حسد
ولا ذاجرم أن ذلك إذا استمر هكذا بدون التصدي له ، فسيوافق آذانا صاغية لدى الجيل الجديد ،
فالبدار البدار والوحاء الوحاء إلى محاولة الحيلولة دون وقوع ذلك ، وأنشدكم الله والرحم أن لا تخلعوا حلة فاخرة خلعها الله عليكم فيتحلى بها غيركم فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
فالعلم العلم والعمل العمل والجد الجد والسباق السباق
- قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعلى ـ لسانك أسدك إن أطلقته فرسك ، وإن أمسكته حرسك
|