التوطئة
إنه لما كان: لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.
فإني سأتناول ـ بإذن الله تعالى ـ أخبار قبيلة: إمزغيرسن ـ القبيلة السيادية الطارقية إحدى قبائل إموشاغ الشهيرات في صحراء إقليم أزواد ـ تناول من يروي عن بعض رجالاتها السادة المشاهير أخبار قبيلتهم عنهم.
هذا ومن الوفاء منا معشر أرباب قلم صحراء إقليم أزواد ـ خاصة السوقيين ـ نشر مآثر كل ذي مأثرة في أفق صحرائنا الغالية: لفرد ـ لأسرة ـ لعائلة ـ لقبيلة ـ لشعب ـ لأمة ـ لقوم ـ مأثرة حميدة تذكر فتشكر.
فما بالنا بأقوام مضوا في صحرائنا مضي الشرف والعز والتمكين والمنعة في شتى المجالات دينيا وسياسيا واجتماعيا وسياديا...
حتى كأن كل واحد منهم هو المعني بقول القائل:
رأيت عرابة الأوسي يسمو***إلى الخيرات منقطع النظير
هذا ولقد أحيى رجالات صحراء إقليم أزواد أسمى معاني الخيرات في: العلم، والهدى، والتقوى، والبر، وحسن العهد، والجوار الحسن، والسيادة، والسلطة، والإمارة، والدفاع عن المحارم، وشجاعة الإقدام إلى مآثر المكارم، وحكمة الحكماء، ورزانة الألباء، وعطاء الباذلين، وعز القادة، ومختلف أنواع شرف أهل الشرف الشامخ، ومجد تليد مجيد...
فمضى من مضى من أقوام قبائل صحرائنا مضي قول من قال حقا:
ورثنا مجد علقة ابن زيد***ونورثه بنـــــين عن بنينا
فكان من ضمن أقوام قبائلنا النجيبة العزيزة قوم قبيلة: إمزغيرسن، هذه القبيلة السيادية العزيزة، قبيلة تربعت على عرش السيادة ـ سيادة صحرائنا في قديم الدهر...
إنها قبيلة شامخة السيادة، بل هي من أقدم قبائل: صحراء إقليم أزواد، قبيلة ساد رجالاتها سيادة صحرائنا منذ القدم، قدما لا أعلم بأولياته، وإنما الذي وقفت عليه ما احتفظته بعض نصوص تاريخ أفقنا من أنها سيادة قائمة ـ دولة: أزيلت بولادة دولة إولميدن، التي سادت صحراءنا أيضا منذ ما يقارب بضعة قرون فأزيلت هي أيضا بغزو القوات الصليبية الفرنسية صحراء إقليم أزواد أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
فكانت كل من إمزغيرسن وإولمدن قوة إقليمية دولية قاهرة، فأصبحت بما حدث لها من غزو قوة عظمى قوة قبيلة قاهرة...
وعلى كل حال فهذا مختصر ما مر عليّ من أخبار إمزغيرسن في نصوص تاريخ صحرائنا الغالية.
وليس هذا الموضع موضع بسط وذكر ذلك ذكرا مفصلا نقلا، لأن ذلك ليس من شرطي فيما نحن بصدده، وما شاكله فيما مضى...
إذ الشرط من شروطي نشر ما جمعته عن كل قبيلة مقيدا بما أرويه عن رواة أخبار تلك القبائل ـ قبيلة قبيلة ـ فأنشره هنا نقلا مسندا من غير زيادة ولا نقص، وليس لي فيه سوى ما لقائل هذا البيت:
قواعد من قول أهل العلم***وليس لي فيها سوى ذا النظم
لذا فليس ما أنشره هنا الآن عن كل قبيلة أو ما في معناها مما أعده تأليفا، بل ولا تصنيفا، بل وإنما هو أخبار مرويات مسندات، فإذا وجدت فرصة في العمر رجعت ـ إن شاء الله تعالى ـ إلى ما يكنني من ذلك رجوع تأليف أو تصنيف، فأضيف ما علمته من غير طريق كل راو من رواة تلك المرويات التاريخية إلى ما أفادني كل راو مما له صلة بموضوعات مروياته ـ بإذن من بيده ملكوت كل شيء.