كتاب الحج من كتاب عمدة الفقه
سؤال وجواب
د عبد الله بن ناصر السلمي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً يا كريم.
الدرس الأول:
س" ماهي آداب الحج؟
1-يستحب للمرء -إذا أراد أن يحج- أن يشاور من يثق بعلمه ودينه وخبرته
2- يستحب له بعد الاستشارة وأخذ الخبرة من أهل الذكر أن يستخير الله -سبحانه وتعالى- وهذه الاستخارة ليست لأجل الحج إنما هي لأجل وقت الذهاب والرفيق وكذلك الراحلة والرحلة
3- يشرع لمن أراد أن يسافر أن يتعلم ما يحتاجه من أحكام السفر وأحكام الحج
4- أن يوصي أهله وأصحابه وخلانه وأقاربه بتقوى الله -سبحانه وتعالى- لأن تقوى الله من أهم المهمات
5- ينبغي لمن أراد أن يحج أن يوصي إن كان له شيء يوصي فيه؛ وذلك لأن السفر إلى الحج في الغالب ربما يقع فيه من المخاطر والزحام وغير ذلك فربما تأتيه منيته وهو في الحج, فينبغي لمن أراد أن يحج أن يكتب وصيته فإن كان عليه واجبات فتكون الوصية واجبة وإن كان يريد أن يتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- وينتفع بأعمال صالحة فإن الوصية حينئذ تكون مستحبة
6- أن يعزم على التوبة النصوح والتوبة واجبة في كل وقت
7- رد المظالم إلى أهلها والتحلل من أصحاب الحقوق, سواء كانت هذه المظالم والحقوق من نفس أو مال أو عرض, وهذا واجب في كل حال ويتأكد ذلك في السفر؛ لأن السفر مظنة الخطر قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (من كان له على أخيه مظلمة فاليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم) [صحيح البخاري]
8- أن يأخذ نفقة حجه من مال حلال قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً )
9- أنه ينبغي للمرء إذا أراد أن يسافر وركب راحلته أن يذكر دعاء السفر عند مسلم في صحيحه: (أن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يقول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمنا إذا ركب راحلته سبَّح ثلاثاً وكبَّر ثلاثاً, ثم قال اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون)
ويستحب للمسلم أيضاً وهذه سنة قد لا يفعلها كثير من الناس وهو أنه إذا علا نشزاً كبر وإذا هبط واديا ونحوه سبح قال جابر كما في صحيح البخاري: (كنا إذا علونا شيئاً كبرنا وإذا هبطنا وادياً سبحن)
10- ينبغي للمسلم ينبغي للمسلم إذا أراد أن يسافر للحج أو سافر للحج أو سافر للحج أن يحسن خلقه, وأن يحافظ على رفقته فلا يؤذيهم ولا يجدون منه كلمة نابية
11- ينبغي للمسلم أن يكف الأذى وأن يصبر على ما يصيبه من لأواء ونَصَب هذا السفر, وأن يراعي حقوق أصحابه.. فينبغي للمسلم أن يتحلى بخلق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله تعالى ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾قال قدامة -رضي الله تعالى عنه: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار على ناقة ليس ضرب ولا طرد ولا إليك إليك)
12- أنه ينبغي للمرأة إذا أرادت السفر للحج -أو أي سفر- أن تسافر بمحرم, وقد قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) المحرمية من الواجبات فينبغي للمرأة ألا تحج إلا مع ذي محرم, وإذا لم يوجد محرم فإنها غير مأموروة بالحج أصلاً, وهذا من نعم الله -سبحانه وتعالى- وتيسيره للمرأة.
س" عرف الحج لغة واصطلاحا نع ذكر الدليل علي ماتقول؟ً
الحج لغة : الحج: بفتح الحاء على الأشهر, ويجوز كسرها, تقول حَج وتقول حِج وقد جاء في القرآن الحِج ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾[آل عمران: 97]، إلا أن أهل اللغة قالوا: الأشهر هو الفتح حَج بيت الله.. وهو: القصد أو كثرة قصد من تعظمه..
والحج في اصطلاح الفقهاء هو: التعبد لله –تعالى- في أداء مناسك الحج على وفق ما جاء في الكتاب والسنة. هذا أشهر التعاريف في تعريف الحج
س"أذكر مايدل علي فرضية الحج من الكتاب والسنة والإجماع؟
1- الكتاب فقوله تعالى: ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾،
قال أهل العلم وأهل اللغة وعلماء الأصول قالوا: إن قول الله تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ﴾ كلمة على هذه تفيد معنى الإيجاب فلا يكاد يوجد لفظ على الناس إلا على الإيجاب, كما أشار إلى ذلك الإمام ابن خزيمة في صحيحه؛ فقد أشار إلى أن كلمة على هذه تكون على الإيجاب لا على الاستحباب, وقوله تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ روي عن ابن عباس أنه قال: ومن زعم أنه ليس بفرض فهذا يدل على كفره. وكل من جحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة فإنه يكون كافراً
س"هل يكفر من ترك الحج تكاسلاً وتهاوناً؟
عامة أهل العلم -وهو الذي عليه الفتوى- أن تارك الحج تهاوناً وكسلاً لا يكفر, ودل ذلك أن الزكاة أعظم من الحج فهي قرينة الصلاة في كتاب الله –تعالى- وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في مانع الزكاة: (ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) قال أهل العلم: فإن كان ذلك في الزكاة فإن الحج من باب أولى.
2من السنة: أفضليته", قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة),
أما على ركنيته" فقد قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج) وفي رواية (وحج بيت الله من استطاع إليه سبيل),
3-من الإجماع: فقد نقل ابن المنذر والنووي وابن عبد البر وابن تيمية وابن حجر وابن حزم في مراتب الإجماع وغيرهم كثير كثير؛ ذكروا كلهم الإجماع على أن الحج واجب في العمر مرة.
س" أذكر معني العمرة في اللغة والاصطلاح؟
والعمرة في اللغة:الزيارة.
في الاصطلاح: التعبد لله –تعالى- بزيارة بيت الله لأداء مناسك العمرة على وفق ما جاء في الكتاب والسنة.
س" هل العمرة واجبة أم لا؟
القول الأول: وهو مذهب الحنابلة والشافعية حيث أوجبوا العمرة في العمر مرة, وهو اختيار الإمام البخاري في صحيحه قال: باب وجوب العمرة وفضلها
الشارح".. والعمرة واجبة على الأظهر والله -تبارك وتعالى- أعلم
الدليل"
- 1-ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث الضبي بن معبد ( قال أتيت عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فقلت يا أمير المؤمنين إني أسلمت, وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبان علي فأهللت بهما, فقال عمر بن الخطاب هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم) وهذا الحديث إسناده جيد
- 2-ومن الأدلة على ذلك ما رواه الإمام أحمد والترمذيوقال حديث حسن صحيح عن أبي رزين العقيلي (أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال: حج عن أبيك واعتمر)
وبعضهم يخالف في وجوبه" يقول لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما أجاب السائل بنحو ما سأل وهذا لا يدل على الوجوب.
لكن مما يدل على الوجوب هو أنه:
- 1-روى البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: (إنها -يعني بذلك العمرة- إنها لقرينة الحج في كتاب الله تعالى ) وهذا الحديث وصله غير واحد من أهل العلم وإسناده صحيح.
- 2-وروى عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- ( قال ليس أحد من خلق الله إلا وعليه عمرة في السنة أو قال في العمر) ( ما على أحد من خلق الله إلا عمرة في السنة أو قال في العمر مرة ) وهذا الحديث إسناده صحيح وروي نحوه عن جابر بن عبد الله
- فهذا قول ثلاثة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم يرى وجوب العمرة
2-القول الآخر في المسألة" هو قول الحنفية والمالكية واختيار أبي العباس بن تيمية -رحمه الله تعالى- فإنهم ذهبوا- وهو رواية عن الإمام أحمد- إلىأن العمرة ليست بواجبة, ولا أعلم حديثاً يصح في أن العمرة ليست بواجبة, فكل الأحاديث الواردة في أن العمرة ليست بواجبة كلها ضعيفة..
بل الأحاديث الدالة على وجوبها أظهر وأقوى؛ ولهذا رجحنا وجوب العمرة
فالأدلة الدالة على وجوب العمرة أقوى وأولى من الأدلة الدالة على عدم وجوبهالأن الخبر الناقل عن الأصل أولى عند أهل الأصول من الخبر المبقي على البراءة الأصلية.
س"هل هناك فرق في وجوبها بين المكي والآفاقي ؟
فلا فرق في وجوبها بين المكي والآفاقي"وما يروى عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: (يا أهل مكة لا عليكم ألا تعتمروا فإنما عمرتكم الطواف بالبيت) هذا الحدث في سنده انقطاع, وإن صح فإن معنى ذلك أن أهل مكة لا يستحب لهم أن يكثروا من العمرة وفرق بين ابتداء وجوب العمرة وبين كثرتها؛ ولهذا قال عطاء -رضي الله تعالى عنه- لا أدري أيؤزرون أم يأجرون ما إن يذهب أحدهم إلى التنعيم إلا وقد طاف مائة شوط وهذا كله من باب الحط والحظ وإلا
الشارح" الأقرب أن الشارع لم يفرق بين وجوبها على المكي وغير المكي وهذا هو الأظهر والله أعلم.
س" عدد الشروط التي يجب بها الحج والعمرة؟
الشرط الأول: المسلم: فلا يصح ولا يجب وجوب أداء -وإن كان يجب وجوب تكليف وتأثيم- هو أنه لا يجب الحج على الكافر؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ﴾[التوبة: 54]، هذا يدل على أن الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة, ومعنى قولنا: إن الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة؛ أي أنه غير مخاطب بفروع الشريعة أداءً, وإن كان مخاطباً بفروع الشريعة تكليفاً وتأثيماً.. كما قال تعالى: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ
الشرط الثاني: العاقل: قوله (العاقل) يُخرج بذلك المجنون, فلا يصح إحرام المجنون ولا عبادته؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كما روى من حديث عائشة وروي أيضاً عن علي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ, والمجنون حتى يفيق, والصبي حتى يبلغ)
ولو أحرم المجنون أو أحرم به وليه هل يصح؟ لا.. لماذا؟ لأنه غير مكلف ولأنه لا يعقل, وهذا إجماع من أهل العلم على أن المجنون لا يصح حجه ولا عبادته.
الشرط الثالث: البلوغ: قال المؤلف: (العاقل البالغ) الصبي غير مكلف لما مر معنا من حديث عائشة ( رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم الصبي حتى يبلغ )فالصبي لا يصح حجه بمعنى لا يصح إبراءً للذمة وإن كان صح حجه من باب النوافل والقربى والصبي غير مكلف فلو حج لا تكفي عن حجة الإسلام.
الشرط الرابع: الحر: قال المؤلف: (الحر) الحر هو ضده العبد، فالعبد لو حج لا يجزئه عن حجة الإسلام وإن كان حجه صحيحاً. ودليل ذلك قالوا: لأنها عبادة تطول مدتها وتتعلق بقطع مسافة فتضيع حقوق السيد المتعلقة به, وهذا التعليل لك فيه محل تأمل, ولهذا الأقرب -والله أعلم- أن العبد لا يجزئه حجه عن حجة الإسلام وإن كانت الصحيحة هو ما رواه البيهقي وابن أبي شيبة من حديث ابن عباس أنه قال: ( احفظوا عني ولا تقولوا قال ابن عباس: أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى) وهذا الحديث روي مرفوعاً وموقوفاً, وقد صحح الأئمة وقفه كابن خزيمة وغيره, والأقرب -والله أعلم- أن الحديث موقوف ولكن له حكم الرفع
وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن العبد لو حج لا يصح حجه إجزاءً وإن كان يصح حجه من باب النوافل,.
وقد نقل الإجماع النووي والقاضي أبوالطيب وابن عبد البر والترمذي وغير واحد من أهل العلم خلافاً لابن حزم -رحمه الله تعالى- وابن داود,
الشارح" والراجح في ذلك -والله تعالى أعلم- أن الصبي لو حج لم يجزئه عن حجة الإسلام وأن العبد لو حج لم يجزئه عن حجة الإسلام
الشرط الخامس: الاستطاعة غير المستطيع لا يجب عليه أن يحج ودليل ذلك قول الله تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾ وقد قال الله تعالى: ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾[البقرة: 286]، ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا ﴾[الطلاق: 7.
س"قسم أهل العلم هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام فماهي؟
القسم الأول: ما هو شرط للوجوب والصحة: بمعنى أن هذه الشروط لو افتقدت فلا تصح العبادة ولا تجب عليه, وقد ذكروا من هذا شرطان 1-: الإسلام, 2-: العقل
القسم الثاني: ما هو شرط للوجوب والإجزاء: ومعنى الإجزاء أي: هل يجزئ عن حجة الإسلام أم لا 1-البلوغ2- والحرية
القسم الثالث: ما هو شرط للوجوب فقط: يعني ليس هو شرطاً للإجزاء وليس هو شرطاً للصحة فهو يجزئ لو حج وافتقد هذا ويجزئ ويصح لو حج وافتقد هذا الشرط وقد ذكر أهل العلم من ذلك: الاستطاعة, فإنها شرط للوجوب
س"فلو تجشم المرء وحج وهو فقير معدم مدقع, لم يكن عنده من المال وتكلف المشاق هل يصح حجه؟
نعم. يصح و يجزئ عن حجة الإسلام.
س"من الاستطاعة المحرمية للمرأة فما الحكم إن حجت من غير محرم؟
فإن حجت من غير محرم فإن حجها صحيح ويجزئها عن حجة الإسلام, ولكنها آثمة في ذلك
س" من شروط الحج أن يكون حراً فلو مبعضاً أي: نصفه حر ونصفه عبد فهل يجزئه الحج؟
المبعض هو: أن يكون بعضه حر وبعضه عبد, وهذا يكون فيما لو اشترى رجلان عبداً, فأعتق أحدهما جزئه ولم يكن عنده من المال ما يستطيع أن يدفع لصاحبه الجزء الآخر فإنه يكون مبعضاً, فهذاذكر أهل العلم أن كل حكم قيل في العبد يدخل فيه المكاتب ويدخل فيه أيضاً المبعض وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (المكاتب عبد ما بقي عليه درهم) والصواب أنه موقوف على ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-والمبعض من باب أولى فإذا كان المكاتب يعتبر عبد فيأخذ أحكام العبد فإن المبعض من باب أولى والله أعلم.
س" مامعني الاستطاعة عند المؤلف؟
الاستطاعة عند المؤلف : (أن يجد زاداً وراحلة بآلتهم) لو كان عنده مبلغ يستطيع أن يقود السيارة لكن لا يستطيع أن يذهب للحج بالسيارة إلا بالطائرة ويكلفه الطائرة فإننا نقول لا يجوز عليه الحج.
وقوله سبب تخفيف هذا بسبب ما رواه الترمذي ( أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيل﴾ قال يا رسول الله: ما السبيل؟ قال -عليه الصلاة والسلام- قال الزاد والراحلة ) وهذا الحديث وإن كان الحاكم صححه, لكن أكثر أهل العلم على أن الصواب أنه مرسل من مراسيل الحسن البصري
الشارح"والأقرب أن يقال كما ذكر ذلك أهل العلم قالوا -وقد ذكر صاحب الروض هذا- قال الشروط خمسة الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والقدرة وأن يكون قادراً, والقدرة هنا القدرة المالية أو القدرة البدنية
فالقدرة المالية بأن يكون يحمل زاداً وراحلة تصلح لمثله
س"أقسام القدرة أربعة فماهي؟
القسم الأول: شخص قادر بماله وبدنه: فنقول يجب عليه الحج بنفسه
القسم الثاني أن يكون قادراً بماله لا بدنه فيجب عليه أن يحج من ينيب عنهومما يدل على ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث الفضل بن عباس ( أن امرأة من خثعم أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: حجى عن أبيكِ)
القسم الثالث: أن يكون قادراً ببدنه دون مالهفالأصل أنه لا يجب عليه الحج إلا أن يكون قريباً من مكة أو من أهل مكة فحينئذ يجب عليه الحج؛ لأنه يعد مستطيعاً, أما البعيد الشاب القوي الفتي الذي يشق عليه الذهاب إلى مكة بأرجله فإننا نقول: لا يجب عليه الحج وحينئذ لو لا يجب أن يحج عنه لأنه لم يجب عليه الحج أصلا.
القسم الرابع: أن يكون عاجزاً بماله وبدنه وحينئذ لا يجب عليه الحج مطلقاً والله أعلم.
س" مالذي اشترطه العلماء في الزاد والراحلة؟
أن يكون فاضلا عن نفقة زوجته إن كان له زوجة, فاضلاً عن نفقة أولاده الصغار إذا كان له أولاد, فاضلاً عن نفقة والديه إذا كان ينفق على والديه. - فاضلاً أيضاً عن إذا كان عليه دين . على الدوام حتى يرجع ويكون قد كفى أهله مؤنة سفره واستطاع أن يحج ولا يكلف أهله هذا الأمر.
كذلك الراحلة" فيشترط في الراحلة أن تكون صالحة لمثلهمعنى ذلك أن تكون هذه الراحلة يستطيع أن يركبها
-6-ذكر أهل العلم أن المرأة تزيد شرطاً سادساً في شروط الوجوب وهو المحرمية
س"اختلف العلماء هل المحرم شرط للوجوب أم شرط للزوم السير ؟
1-ذهب الحنابلة والحنفية إلى أن المحرم شرط للوجوب" ودليل ذلك هو ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا, قال: انطلق فحج مع امرأتك)
2- عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم), وهذا نص في المسألة.
2-أما المالكية والشافعية فقالوا: إن المحرم شرط للزوم الحج أو للسير إلى الحج فعليه لو ماتت امرأة وليس عندها محرم وعندها مال يقولون: يجب أن يخرج من تركتها.
3- الشارح"والأقرب والله أعلم هو مذهب الحنفية والحنابلة على أن المحرمية للمرأة شرط للوجوب وليست شرطاً للإجزاء فلو حجت من غير محرم صح حجها مع الإثم.
انتهى الدرس الأول .