الموضوع: فصول من حياتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-29-2012, 09:32 PM   #75
مراقب عام القسم الأدبي


الصورة الرمزية السوقي الخرجي
السوقي الخرجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 06-03-2016 (12:32 AM)
 المشاركات : 780 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: فصول من حياتي



ومن هذه المعاناة: أنني في إحدى رحلاتي إلى الدعوة وزيارة الوالد,وتقديم بعض المساعدات التي أرسلها معي بعض الإخوة في السعودية إلى إحدى القبائل السوقية التي لجئت إلى دولة (النيجر) عام 1416هجري بعد المجزرة التي ارتكبها الجيش (المالي) برجال ونساء هذه القبيلة وغيرها من القبائل الطارقية في كل من (غاوا) و(تنبكتو), فقد رأيت من هذه الرحلة عدة معاناة,علقت بذهني وأتذكر تفاصيلها بدقة, لأنها كلفتني جهدا بدنيا وماليا كبيرا, فقد انطلقت من عاصمة (النيجر) ومعي كمية كبيرة من الأدوية, ومبلغ من المال في رحلة شاقة كان آخر عهدنا فيها بالسيارات قرية (آيروا) وهي قرية من قرى شمال (النيجر) تقع في الساحل الشرقي للنهر, ومنها انطلقنا أنا ورفاقي , وهم الشيخ عثمان بن ألاغ , ومحمد بن ذو الكفل , وظملولي بن محمد ومحمد بن انادبال في رحلة برية بدائية بكل معاني هذه المفردة عن طريق المراكب الصحراوية وقد آثرني فيها الأخ الفاضل محمدُ بن ذو الكفل, بجمله, وكانت معنا في الرحلة قافلة من حمير عليها أحمال ثقال من حبوب الأرز, والدخن, ومقصدنا واحد, وفي أثناء الانطلاقة الأولى قبل أن نبعد كثيرا عن المدن, استقبلتنا سحابة صادقة بدأت بسنا برق يذهب بالأبصار, وثنت بماء يجري كالأنهار, فتذكرت قول الشاعر:
هطلتنا السماء هطلاً دراكا ... عارض المرزمان فيه السماكا
قلت للبرق إذ توقد فيها ... يا زناد السماء من أوراكا
أحبيباً نأيته فجفاً كا ... فهوذا العارض الذي أبكاكا
فلم تمهلنا للملمة أغراضنا, ولايوجد مكان أوبيوت بقرب منا نأوي إليها حتى تنجلي هذه السحابة ويغيض ماؤها, فلم نجد غير الهواء الطلق,ملاذا من الماء الذي طغى واستمر لفترة ليست بالقصيرة, فلم يبق لنا شيء لم يتضرر جراء هذا المطر, وأصبحنا في نهر من الماء يجري عن أيماننا وشمائلنا, ومن تحتنا أيضا, فننام على الماء ونمشي عليها فصدق علينا قول الشاعر:
قالت ودمع أخي العشاق يتبعها أنا الغريق فما خوفي من البلل
واستمرت هاته الحال بنا لمدة يومين, إلى أن انجلت الغمة, وزال الضرر, وأصبت أثناء السفر بحمى شديدة وحالة غثيان وترجيع جراء هذه الظروف الصعبة, فأتحسن يوما, وتزيد علي الحمى يوما, ولكننا مع ذلك غذينا السير, وواصلنا الرحلة رغم هذه المتاعب, ووصلنا إلى الحي الذي قصدناه, بعد أسبوع من خوض غمار تلك الأودية, فأدينا الأمانة, وزرت بعض الأقارب سواء في النيجر أو في مالي, وبعد أشهر رجعت إلى (نيامي) عاصمة النيجر, وفي أثناء الطريق فقدت (جواز سفري) ولا يخفى ما يعنيه جواز السفر, للمقيم في السعودية, لأن فيه التأشيرة, وبيانات مهمة, تتعلق بالإقامة, فأعلنت عن فقدانه, في (مخفر الشرطة) القريب من مكان فقدانه, وجئت بالإعلان إلى السفارة السعودية في النيجر, فرفضوا إعطاء التأشيرة لي, وجلست على تلك الحالة شهرا كاملا إلى أن يسر الله الأمر وحده, ثم انطلقنا في الخطوط المغربية إلى (جدة) ومررنا بالقاهرة, وجلسنا في المطار لمدة أربع ساعات, ثم واصلنا الرحلة إلى (جدة) وأثناء إقلاع الطائرة شبت نار في إحدى محركات الطائرة, وصارت الدنيا كلها دخان ونار, وبدأت الفوضى تدب في الركاب, وانتشر الخوف والهلع في النفوس, وبلغت القلوب الحناجر, وارتفع صوت النحيب والبكاء بين النساء والأطفال, وكان موقفا صعبا, ولحظات مرت بسرعة البرق, لكنها مخيفة ومهولة, وبعد أقل من ربع ساعة هبطت الطيارة في مدرج المطار بسلام, وكاد البعض من الركاب أن يقفز من متن الطائرة إلى الأرض, من شدة الخوف والهلع ونشرهذا الحادث في الجرائد وتداوله الناس, وقد صورت هذه الرحلة في أبيات هي:
حين جاء الموت لايغني الحذر... هل رأيت المرء ينجو من قدر
كم ثبيت قد تخلى ذي الدنا ... راحلا عنها ولم يقض الوطر
وفجاه الموت في ريعانه ...... حين لايجديه كر لا وفر
سائلي اسمع قضايا رحلتي... فهي حفت بالدواهي والعبر
وتذكر واعتبر من شأنها ... إنها تنسي الملاهي والسمر
قدذهبنا من مطار (جدة) ... آخر الليل وفي وقت السحر
فوصلنا بعد جهد وعنى ... أرض قومي بعدما طال السفر
لا تسل عما دهاني من هنى .. عندما عاينت في تلك الصور
صور الأحباب والأعمام مع ......إخوة عهدي بهم وقت الصغر
تارة نسبح في لج الهنا ..... فنفض الختم فيها عن درر
لاترى جهمي قول بيننا ... لاولا من قد رموهم بالقدر
كهذا الشغل وهذا قومنا ... هم هداة الغرب من عهد غبر
ثم عدنا (لنيامي) رافلا ... في ملا شوق وحب يستتر
فقدنا (شنطة) مصحوبة .... (بجوازي) ووثائق أخر
لاتسل عما دهاني وقتها ... من هموم وغموم وسهر
والسفير ازور عني هازئا ... عندما بلغته كنه الخبر
فاستعنت الله في تسخيره ... فدعاني سامحا لي بالسفر
فركبنا بعدذا طائرة ..... صوتها يرتج ثقلا من بشر
فلحظنا وهي في جو السما... هزة قد أنذرتنا بالخطر
لاترى غير نحيب وبكا ..... فرقا من هول نار تستعر
ولهيب قد تسامى في الهوى .. وضرام قد تمادى واستمر
تجد الناس وقوفا خضعا ... خيفة من هول قد حضر
وهبطنا بعد هذا بسلام ..... قد وقانا الله منها كل شر
[/size][/FONT]


 
 توقيع : السوقي الخرجي

غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


رد مع اقتباس