الموضوع: فصول من حياتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2012, 02:46 PM   #74
مراقب عام القسم الأدبي


الصورة الرمزية السوقي الخرجي
السوقي الخرجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 06-03-2016 (12:32 AM)
 المشاركات : 780 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: فصول من حياتي



معاناتي:
ومن المعاناة التي اعترضت سبيلي في هذه السنوات مسألة السفر والتذاكر, وكانت معاناتي فيها ذات وجوه كثيرة فعلى الرغم من أن أغلب هذه التذاكر كان من نفقتي الخاصة إلا أن أشد ماعانيته وقاسيته كان بسبب الخطوط حيث أنني أبحث عن الرخيص, وآكل (المقالب) في كل سفرة ولكنني بقيت فترة على هذه الحالة, وكنت في كثير من المرات آخذ التذكرة من مكاتب سياحية ليست من الوكالات الرسمية.
ولكنني صحوت أخيرا بعد ما فات الأوان, وفي إحدى هذه المرات قال لي بعض الإخوة إن الخطوط السودانية أرخص وأكثر اهتماما بالركاب, فقطعت التذكرة منها, ومرت رحلة الذهاب بسهولة ويسر, وقبل مغادرتي إلى البادية جئت مكتب الخطوط السودانية في عاصمة النيجر (نيامي) لأوكد الحجز, فقالوا لي الأمر سهل واصل رحلة البادية وإذارجعت فسوف نقوم بتأكيد الحجز الأمر في غاية البساطة, فصدقتهم, ولم أدرأنهم ينوون غير ما يبدون لي فذهبت إلى البادية ورجعت بعد شهر وظللت أسبوعين وأنا أتردد إليهم لأوكد الحجز وباءت محاولاتي كلها بالفشل.
فقررت تركهم وقطع تذكرة أخرى من الخطوط (الليبية) بسبب أولادي في السعودية, وموضوع دراستهم, ولكن المشكلة هذه المرة كانت أشد حيث أنني أخذت التذكرة من إحدى الوكالات في العاصمة عن طريق رجل أعرفه, ولا أتوقع إطلاقاأنه ينوي غدرا واباقا,فأخذت تذكرتي, وانتظرت رحلتي, فجاء موعد الرحلة وانطلقنا إلى طرابلس,ووصلنا في حدود الساعة التاسعة صباحا, وقالوا رحلة جدة في المساء فانتظرنا في المطار, حتى جاء موعد الرحلة, ونادوا زملائي,واحدا واحدا,إلا أنا ومجموعة معي فقلت لعلهم نسونا فذهبت إلى موظف الخطوط لأذكّره, فنظرإلى تذكرتي وقال لي بالحرف الواحد,أنت وجماعتك عندكم مشكلة في تذاكركم انتظروا(نشوف لكم حل) قالها باللهجة الليبية,فانتظرنا ماشاء الله أن ننتظرثم قررنا الذهاب إلى أي مسئول في المطار لإبلاغه بهذه الورطة, وأثناء البحث لقيت رجلا عسكريا عليه (نجمة وتاج) فاستوقفته وقصصت عليه القصة ورأيت فيه تجاوبا كبيرا, وقال: (لازم الخطوط يدبروكم)فأخذنا إلى الخطوط وتكلم عليهم وقال لهم دبروهم هذه مسئوليتكم, فجاء الفرج وأخذونا إلى فندق قريب من فندق (المهاري) في طرابلس,وجلسنا فيه على نفقة الخطوط أسبوعا كاملا ولم أخلد إلى الحزن واليأس بل قمت باستغلال هذه الفرصة لزيارة بعض الجماعة الساكنين في العاصمة طرابلس, وذهبت إلى البحر وإلى الأماكن السياحية فيها, وزرت بعض مساجد طرابلس, وصليت في أحد المساجد الكبيرة فيها.
ومما سجلته ذاكرتي أنني رأيت مايخالف ما كنت أسمعه أو أتوقعه, حيث أنني أسمع كثيرا حكايات عن القذافي وأنه يغير القرآن ولا يحب الدين وغيرذلك , ولكنني وجدت في البلد إقبالا على حلقات تحفيظ القرآن يملأ العين, ويبطل هذا الكلام وخرجت من طرابلس بانطباع مختلف .
وبعد أسبوع أخذونا إلى المطار, ورجعنا ادراجنا إلى النيجر, وكانت المشكلة تكمن في خط سيرنا والذي ينطلق من نيامي إلى طرابلس, ومن طرابلس إلى عمان ومنها إلى جدة, فتبين لناعدم وجود (الأوكي) ما بين (عمان) و(جدة) في التذكرة, وهذا سبب كل ما حصل لنا, ورجعنا إلى (نيامي) واتفقت أنا وزملائي إلى الذهاب إلى الوكالة التي أصدرت التذكرة ,ومحاسبة المسئول عن ما حصل ولكنه جاءني في البيت ودفع لي المبلغ كاملا, ولا أدري عن رفاقي ماذا فعل الله بهم.
وقلت في نفسي أرتاح ليوم أويومين ثم أذهب إلى الخطوط المغربية لأنها أضمن وأقطع منها التذكرة, إذجاءني بعض الإخوة الذين يقلقهم وضعي, وأخبرني بأنني إذا ذهبت إلى مدينة (كانو) في (نيجريا) فسوف أستفيد من تذكرتي السودانية التي سببت لي كل هذه المشاكل والمتاعب, فقلت له هل يمكن أن أتعامل مع الخطوط السودانية مرة أخرى, فقال اترك عنك هذا الكلام, وابحث عن مصلحتك, فلاتجمع بين التأخر عن المدارس, وخسارة التذكرة, فقبلت رأيه على مضض, لأن المسافة بعيدة وتزيد عن الف وخمس مأئة كيلو وقلت في نفسي (مكره أخاك لابطل) أحبابنا النحاة يستدلون بهذا المثل وغيره على أن قصر أب وأخ وحم على الألف مطلقا أشهر من استعمالها منقوصة أي محذوفة اللامات معربة على الأحرف الصحيحة بالحركات الظاهرة وهنا يهمني ما يهم أهل اللغة من هذا المثل لا النحاة, حيث إن رحلتي إلى (نيجريا) ليست خياري المفضل وإنما أكرهت عليها إكراها, فقررت الذهاب إلى (كانو) في رحلة متعبة,للنفس وللجيب تمتد ليومين,ولم أر في حياتي رحلة أصعب علي منها, فلا أعرف كلامهم, ولايعرفون ما أقول, ووجدت نفسي وكأنني طفل صغير, لايثق بأحد ,ويتوقع الأذى من أي شيء,وقد كتبت بعض الكلمات باللغة (الهوساوية) لأستفيد منها عند الضرورة, فضاعت الورقة مني, وأكثر المعاناة مع الباعة حيث أنني أحتاج إلى وسيلة تفاهم بيني وبينهم, ولا يوجد معي مترجم,فأطلب حاجتي بالإشارة إليها, وأعطيهم ما عندي من النقود بالعملة النيجيرية(نيرا) فيأخذون ما يشاؤون ويرجعون لي الباقي, وهكذا إلى أن وصلت إلى (كانو) في الساعة الثانية ليلا, فاستجرت دراجة نارية بسواق, وذهبت إلى المكان الذي أريده فوصلت إليه بعد الإياس, والتعب الشديد, وكانت أشد رحلة مرت علي في حياتي كما مر.
وفي الصباح الباكر ذهبت إلى الخطوط السودانية, وأكدوا لي الحجز, وبعد يومين وصلنا إلى جدة, وكنت قد كتبت أبياتا من الرجزسجلت فيها عاطفتي السخطية تجاه الخطوط السودانية, وهي:
خطوط سودان غدت منهارة = شن عليها البؤس كل غارة
فقد أقامت عندها سوق الكذب= متاعها الفوضى وكثرة اللعب
أظنها من بعد عام قد مضى = قد ذهب التخليط فيها وانقضى
وإذ بها على نطاق واسع = تقول أشيا لم تكن في الواقع
وكان لابد من النصيحة = بلغة واضحة صريحة
غايتها أن يعلنوا الإفلاسا = لخطهم لكي يريحوا الناسا
ويذهبوا للبحر أو سيارة = وإن غلت نادوا على حمارة
أماخطوط الجو منهم لاتليق = تنظيمها أعز من بيض الأنوق
فالجو ليس مثل مضغ الفول = أو كثرة النوم لدى المقيل
وقد ظننت في ليال سابقة = أنكم أولى من الأفارقة
في الاحترام وكذا حفظ العهود = وإذ بوضعكم جميعا ما يفيد
فأعلنوا بيع الخطوط في المزاد هنئتموا ولو بكف من رماد


 
 توقيع : السوقي الخرجي

غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 08-24-2012 الساعة 11:06 PM

رد مع اقتباس