الموضوع: فصول من حياتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2012, 12:13 PM   #3
مراقب عام القسم الأدبي


الصورة الرمزية السوقي الخرجي
السوقي الخرجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 06-03-2016 (12:32 AM)
 المشاركات : 780 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: فصول من حياتي



أنا في الخرج.
ولم أكن في تواجدي بالخرج منعزلا عن الناس, أو بعيدا عن المجتمع وقضاياه بل أرى وأسمع, وأقرأ وأكتب وشاركت في كثير من الفعاليات التي فتح فيها المجال أمامي , سواء في المراكز الصيفية,أو في العيد الوطني وقد ألقيت في الأخير قصيدة نوهت فيها بحملة الملك فهد بن عبد العزيز, في دعم شعب (البوسنة والهرسك).
فمن هذه المواقف الرائعة التي ينبغي أن تسجل في سجل التشريفات الأدبية, ما يلي :

1- سافرت إلى مكة في إحدى المرات ومعي زوجتي وأولادي , وتعطلت سيارتي في قرية (ظلم)بفتخ الظاء وهي بين حلبان والطائف, وكنت قريبا من ورشة تصليح سيارات وتبين أن العطل في الكهرباء فذهبت إلى محل كهربائي ففكك (الدينمو) قطعة قطعة, ثم دخل غرفته ونام,وكنت أظن أنه ذهب لبعض شغله وسيعود, فتبين أنه ذهب لينام, فذهبت إلى غرفته أضرب الباب بكل قواي والأولاد يبكون, والزوجة في حالة خوف وذعر شديدين, فأبى أن يفتح الباب, وقال من وراء حجاب (صديق بكرة) فنظرت يمينا ويسارا فلم أر غير الظلام الدامس الذي نصب على قرية (ظلم) خيمة من الهدوء, فإذا باثنين من الشباب السعودي وأظن أنهم من الجيش فأوقفتهما, وقصصت عليهما قصتي, وشرحت لهما أمري, وبينت لهما حاجتي إلى مساعدتهما فماكان منهما إلا أن أوقفا سيارتهما, وتقدما نحو باب غرفة الأخ (الباكستاني) فأوسعاها ركلا بأرجلهما حتى فتح الباب, فمسكا بتلابيبه وهدداه,وأمراه بإصلاح السيارة على جناح السرعة ففعل مكرها في أقل من ربع ساعة, وقلت لهما سوف تشتغل السيارة الآن فرفضا الذهاب قبل التأكد من الأمر وجلسا في سيارتهما ينتظران مايؤول إليه أمر السيارة حتى اشتغلت فحمدت الله وشكرت الشابين فردا علي باللهجة السعودية (ماسوينا شيء) وهي كلمة في غاية من الرقي في مراقي الاخلاق يستخدمها السعوديون لإعادة الاعتبار للمثني وللمادح أثناء ذكره لإحسانهم له, وهي تعني أن هذا المعروف يستحق من قدم إليه أكثر منه, أو أنه قليل من كثير فعلات الأجواد.
2- وفي أحدى المرات ذهبت إلى الرياض معزوما عند أحد الإخوة ومعي أهلي أيضا فانقطع (سير) المكينة,وكان عندي سير احتياطي, فأخذته ولم أعرف تركيبه فجاءني رجلين (أسمرين) فأشرت إليهما فأوقفا سيارتهما , ونزلا وعرفا سبب العطل فسألاني هل يوجد عنك (سير) قلت نعم, فأحضر الصغير منهما (العدة) وهي عبارة عن أدوات فك وتركيب لا ينبغي أن يستغني عنها السائق, فركّبا السير , وكان ذلك بملابسهما النظيفة التي شوهت زيوت سيارتي بياضها وحولتها إلى بقع سوداء كما انتظمت نجوم الأفق في فحمة الدجى.
3- ومن هذه المواقف أنني بحثت عن (كفيلي) عائضا فلم أجده وأنابحاجة إلى السفر, والإقامة قد انتهت في نفس اليوم, وذهبت إلى الجوازات لتجديدها فقدمت أوراقي إلى العسكري, فقال لي أين الكفيل,(روح جيب كفيلك),فذهبت كما أتيت,وعند مدخل باب مبنى الجوازات رأيت واحدا يبدو أنه معقب, فسألته عن اسمه فقال: اسمي (سهل) فقلت : الحمد لله تسهلت أموري, والعجب أنني قلت هذا الكلام بكل ثقة, قبل أن أعرف رد الرجل على طلبي, فقال لي (إيش عندك) فقلت له أحتاج إلى تجديد, إقامة فذهب وأخذ صوري ورجع إلي بعد ساعة, والإقامة مجددة, ورفض أن يأخذ مني ريالا واحدا, جزاه الله عني خيرا.
4- ومن هذه المواقف أنني في أحدى المرات كنت في رفقة الشيخ عائض بن غائب الحارثي فنفد وقود السيارة ونحن في الطريق السريع بين (بلجرشي) و(رنية) فأمرني بأن أقف جانب الطريق لعل مارا يراني فيقف لي ويحملني لأقرب محطة (وقود) فأشّرت, ووقفت, بلا جدوى فرجعت إلى الشيخ وقلت له اذهب أنت برفقة ولديك لأن ذلك أكثر استعطافا من عيناي الحمراوين, وبشرتي السمراء, ولغتي التي كانت خليطا بين الفصحى واللهجة السعودية, وكان أصحابي يسألون عن السبب في عدم إتقاني للهجة السعودية, وأرى أن السبب في ذلك راجع إلى أمرين:
1- عدم قدرتي على التقليد ولو كلفت بتمثيل أي موضوع أو قصة لأتى دوري ناقصا غير كامل, ولعل هذا هو السر في عدم نجاحي في تقليد أي قارئ.
كما أن عدم إتقاني للهجة السعودية, راجع أيضا إلى ما سبق, وإلى عدم وجود لهجة عربية نتكلم بها في صحراء الطوارق غير الفصحاء فهي التي تعلمناها, وننطق بهاحرفيا كما هي.
2- أنني جربت شؤم (التقليد) في أشياء, قلدت فيها غيري فتبين لي بعد حين أنهم كانوا ممثلين مهرة أدوا دورهم في (الفيلم) ثم ذهبوا وتركوني فريدا وحيدا لاأنيس لي غير بساطتي وسذاجتي فتعقدت نفسي من التقليد لأنني بكل صراحة (أكلت منه مقالب) كما يقول المثل الشعبي.
قبِل الشيخ نصيحتي وذهب إلى جانب الطريق واقفا بين ولديه ابراهيم وعبد الرحمن يؤشرحتى مرت به سيارة وقص عليهم القصص, ووافقوا على أن يأخذوني إلى أقرب (محطة) شرط أن لايُرجعوني فركبت معهم ووصلت إلى المحطة فأخذت الوقود وبقيت ساعة أطلب من كل صادر ووارد أن يوصلني إلى الشيخ وأولاده, ولا ننسى أن المكان بعيد يحتاج إلى نصف ساعة للمسرع المجد فكل من عرف المكان يكون جوابه الرفض, حتى وقف عندي رجل خمسيني نجيب, لبيب , خراجة ولاجة, تقرأ في وجهه النجابة, ليس من المنعمين, ولا من البداة الجافين, فبادرته وقلت له من أنت ؟ فنظر إلى نظرة استغراب ولكن أدبه وخلقه اقتضيا أن يرد الرد السريع, ويقول إنني من قبيلة (سبيع) فشرحت له قصتي, واعتذر بأنه مشغول وعنده مدارس وبنات يوصلهن , فقلت له أعرف أنك مشغول ولكن العربي الأصيل لايمكن أن تعرض عليه خلال ثلاث من خصال الخير إلا وقبلها أويقبل بعضها فإني أعرض عليك خلالا ثلاثا قال: هاتها: قلت:
1- إماأن تأخذني ووقودي معي فهي أنبل وأخير .
2- وإما أن تأخذ(الوقود) وأجرتك من النقود, وتوصلها إلى الشيخ وألاده, وتتركني هنا إن كنت خائفا مني وهي دون الأولى.
3- أولا تأخذني ولا تأخذ وقودي, ولا أجرة فتذهب بعارها, ولا أعدم من الدنيا رجلا فيه خير يوصلني إلي غايتي.
فقال اركب وخذ معك وقودك, فانطلق بي مسرعا يمتشط تلك الفلوات, ويذرع هاتيك البيد, حتى وصلنا إلى الشيخ وأولاده, وقد اسبدت بهم مشقة الانتظار, في تلك القفار, فعبينا الوقود واشتغلت السيارة, فأخذت الأخ السبيعي على جنب وقلت له هذه قيمة أجرة السيارة,فرفض وانتفض, ورد الأجرة والعوض, وقال أما قلتَ لي إن الخصلة الأولى أنبل وأفضل, وأخير وأمثل, قلت كلا, فسلم علينا وولى, وتولى من نبل وشرف هذا الموقف ماتولى.
4- ومن المواقف التي لم تكن من قبيل ما سبق أن ولدي عبد الرحمن جاءني من المدرسة ضائق الصدر, سيء الحال وقد خنقته العبرة, فسبقتني إليه أمه وقالت له مالك, وماجرى لك, قال أستاذ, قلت ماشأنه قال كان يعرف أنني متفوق وهناك مسابقة من إدارة التعليم لجميع طلاب فصلي, فحسدني ورفض أن أشارك معهم بحجة أنني غير سعودي, فقلت له لابأس هون عليك سأراجعهم السبت وأتحقق من الأمر بنفسي, فذهبت إلى المدير واستفسرت من الأمر فأنكر ذلك أشد الإنكار.
ويكون الخطب سهلا, والمصاب محتملا إذا صدر هذا الموقف من رجل لاعلاقة له بالتعليم, ولكن البلية أن تصدر هذه الأساليب ممن تصدر لوظيفة التعليم وسلم له الناس فلذات أكبادهم, ليقوم بواجب تعليمهم, لاتسميمهم, وتثقيفهم, لاتسخيفهم, ومنابر التعليم, ينبغي أن تبقى للعلم والمعرفة, وتظل مُصانة من أن تتحول إلى منصات لإطلاق شحنات التفرقة بين الناس.
وقد تعقد الولد من المدرسة من ذلك الوقت, فنقوده إليها ويجمح كما يجمح المهر الأرن, وكان قبل ذلك لايعرف الفرق بين الناس وينظر إلى زملائه في الفصل وفي المدرسة وكأنهم من عشيرته, أوأبناء عمومته, ويظن المسكين أنه (سعودي) وأتحاشى أن أفند في نفسه هذا الظن لا لشيء سوى الخوف مما حصل له من التعقيد بسبب فعل هذا المدرس أما الآن فيسألني دائما متى نذهب إلى (مالي).
ومن هذه المواقف أنني قبل أن تكسر أشغالي أذهب من (الخرج) كل خميس وجمعة إلى الرياض لزيارة الأقارب وكانت معي سيارة (داتسون) من نوع (مأتين إل) قديمة أدت كثرة تردادي على هذه النقطة إلى معرفتهم بي وبهذه السيارة فلم تفدني هذه المعرفة بل كانت جزءا من مشكلتي حيث إنهم اعطوني عدة (قسائم) فقلت في إحدى المرات:
سئمت من طول عسج = بين الرياض وخرج
أرى القسائم تترى = علي من كل فج
[/size][/font]


 
 توقيع : السوقي الخرجي

غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 07-09-2012 الساعة 07:42 PM

رد مع اقتباس