بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
في أيام مضت وقع سجال بين الأديبين محمد أغ محمد ، والدغوغي ، وما كان لأحد أن يتدخل بينهما فهما أخوان طينا ودينا، مع تخوف أبي عبد الله من انقسام صف منتديات السوق إلى فريقين ، فسمعنا وأطعنا، ولكن أديبنا محمد أغ محمد استخدم في رده إشارات لا بد لأحد منا مناقشته فيها، لأن كلامه فيها تجاوز الدغوغي إلى الدعوة السلفية عموما ، وإلى المملكة السعودية خصوصا، واستخدم في بعضها مصطلح الوهابية ، وهو – كما يعرف – لمز في هذه الدعوة المباركة ، وأنا -كواحد ممن أحب هذه الدعوة وآمن بها – لم أستطع أن أغض بصري عن هذه الإشارات وأمررها دون تعليق عليها، مع ما يعلم الله من حبي لمحمد أغ محمد، لكن حبي للحق أشد، والله تعالى يقول : {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى}. ومن هذا المنطلق تجاوزت كل ما يختص بسرد الأديب الأخ محمد مراحله وتحولاته التي مر بها ، وما قنع به وما لم يقنع به مما يختص بكتب معينة أو أشخاص معينين كالشيخ الألباني وتلميذه الحويني وما أشبههما . والذي رأيته محتاجا للتعليق بدأ من قوله:
في تلك الفترة لست أقرأ شيئا لم يأت من المملكة السعودية باعتبارها وريثة الهدى الذي ما شابته شائبة، ولم يلفتانتباهي حتى كون المذهبالمالكيالذي لم يعد معتبرافيها قد كان منإمام دار الهجرة، وكان من مصادره "عمل أهل المدينة"، وأنراوية ورشالتي استبدلت برواية حفص هي عنسعودي مدني، وحفص عراقي كوفي !! وأنإمام الحرمينالجوينيمن أكابر المذهبالأشعريالذي ينظر إليهفي السعودية كأنه مذهبماركسي وافد من روسيا....إلخ،فضلا عن أن أنتبه إلى "دور النفط في الدعوة الوهابية"،بجانب "الاستدلال بالأحاديث"، فلولا النفط لما توهبالمئات في غرب إفريقيا، لولاه لاحتل صدام السعودية، ولما تمكنت من إرسال المطوياتالدعوية في الآفاق، حتى تصلني حزمة منها وأنا في قلب الصحراء الكبرى بدولة مالي... إلخ.
كل هذه الأمور لم تلفت انتباهي حين ذاك، حتى أنظر إليها نظرة واقعية،تربط كل تلك التحولات بالجدلية التاريخية، وأضع دعوةمحمد بنعبد الوهاب في سياقها التاريخيأوان أنجبت أرض نجد فتى شجاعا يدعىسعود ...ثم يأتي بطل الحجازعبدالعزيز، ويستغلالتنافس الإنجليزي العثمانيعلىالخليج، فيفضل بريطانيا، وأمريكا، على تركيا، ومصر، سنة 1916م...إلى آخر تلكالمعطيات التاريخية التي توصلني إلى أن فرقتي الوهابية التي أنتسب إليها، هيككل الفرق، ونظرياتها ككل النظريات التي حظيت بدعمالسياسة فتسيطر، وتعيش أوج ازدهارها، مثلما دعمت الخلافة الإسلامية كلها فرقةالمعتزلة في فترة من الفترات، والجميع من أصحاب الفرق يبحث له عن شرعيةسلفية،وأن فرقته هي الأقرب إلى نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم،ولن ينتهي هذا الجدال ما دامت الأفكار، والرجال، وما دام الدينوالسياسة يعيشان حياتي الزواج، والسفاح.
وأقول: تحياتي للأستاذ الأديب الناقد محمد أغ محمد على صراحته ، وطول مثابرته ، وحبه الشديد للاطلاع على تآليف من ذكر في هذا المقال ، وما توصل إليه من نتائج ، لكن لي حاشية مقتضبة على بعض ما توصل إليه ، مع اعتذاري له ولغيره بالدخول في هذا الموضوع .
ولو علق غيري على ما سأذكره لما تدخلت كيلا يعتبرني أخي محمد أغ محمد من الطرف الآخر ، لكن لا بد من تنبيه على بعض الإشارات التي تضمنها كلامه ، ومنها:
قوله: في تلك الفترة لست أقرأ شيئا لميأت من المملكة السعودية باعتبارها وريثة الهدى الذي ما شابته شائبة.
أنا أسأل أخي محمدا ، أليست المملكة السعودية أمثل وأقرب إلى كونها وريثة الهدى من غيرها بدليل قولك فيما بعد "،بجانب "الاستدلال بالأحاديث" أليس الاستدلال بالأحاديث أقرب إلى وراثة الهدى من غيره؟. ولن أطيل في هذا لظهوره كالشمس.
ثم قال أخي محمد: ولم يلفتانتباهي حتى كون المذهبالمالكيالذي لم يعد معتبرافيها قد كان منإمام دار الهجرة.
ما الدليل على أن المذهب المالكي غير معتبر في السعودية؟
هل عدم تقليدهم للإمام يعد عدم اعتبار لمذهبه ؟ لا شك أن المذهب الحنبلي هو السائد في المملكة السعودية ، لكن لم تلغ المذهب المالكي بل هو منتشر في الحجاز وفي الأحساء ، وله عضو في اللجنة الدائمة للإفتاء ، والعجيب يا أخي محمد أغ محمد أن الإمام نفسه لم يرض حمل الناس على مذهبه بدليل القصة المشهورة بينه وبين الخليفة أبي جعفر المنصور حين أراد حمل الناس على الموطأ وإلغاء ما سواه فقال له الإمام: { إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في البلاد وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم.}
وقول أخي محمد أغ محمد: وكان من مصادره "عمل أهل المدينة"
عمل أهل المدينة مما وقع الخلاف في مدلوله ، ثم الخلاف في العمل به حتى بين المالكية أنفسهم ، فيسع السعودية فيه ما وسع غيرها. ولا أطيل فيه لكثرة ما نوقش.
وقول الأستاذ محمد: وأنرواية ورشالتي استبدلت برواية حفص هي عنسعودي مدني، وحفص عراقي كوفي !!
ورش مصري، تونسي الأصل، وليس مدنيا ، والمدني نافع شيخه ، والأمر في هذا سهل ، ولكن على الأستاذ أن يثبت أن استبدال رواية ورش برواية حفص وقع في عهد السعودية والوهابية ، ولم يقع قبلها. ثم كان عليه أن يلزم السعودية بقراءة ابن كثير وهو مكي ومن السبعة .
على أن السعودية لم تتخل عن قراءة نافع بل هناك تسجيل للشيخ الحذيفي صوتية برواية قالون عن نافع ، وأن هناك مصحف المدينة وقد طبع برواية ورش عن نافع.
ثم إن الأصبهاني أحد الراويين عن ورش عراقي ، ورواية ورش منتشرة من طريقه في العراق ، فيا ترى لم ترك قراء بلده وانتحى ورشا المصري القيرواني الأصل؟.
ثم إن قراءة حفص إنما انتشرت في العهد العثماني في العالم الإسلامي، ولعل سبب انتشارها – مع تعصب العثمانيين لها- بساطتها – بالتعبير المعاصر- وإثبات الهمزات مما يتوافق مع الرسم الإملائي الذي أخذت به جميع مدارس اللغة العربية في العالم.
ومن تجربتي كمعلم للقرآن الكريم وراثة عن أبي وتوظيفا فإنني أعاني كثيرا مع الأولاد في همزات ورش ، ففي المدرسة النظامية يتحتم عليهم إثباتها ، الأرض ، الإنسان، الإيمان، وفي المدرسة القرآنية نلزمهم بنقلها وتسهيلها؛ لأن الوزارة الوصية في الجزائر تلزم التحفيظ بطريق الأزرق عن ورش عن نافع ، فصار الطالب بين مطرقة المدرسة النظامية وسندان شيخ الكتاب، وكم تمنيت أن يكون التدريس برواية قالون عن نافع للتوافق بين المدرستين.
وقول أخي محمد أغ محمد: وأنإمام الحرمينالجوينيمن أكابر المذهبالأشعريالذي ينظر إليهفي السعودية كأنه مذهبماركسي وافد من روسيا....
نعوذ بالله من هذا التشبيه ، الماركسية الملحدة التي أسسها اليهودي المخذول تشبه بالأشعرية .
إليك فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء وهي – كما في كريم علمك- الجهة الرسمية للبت في القضايا الدينية:
السؤال السابع من الفتوى رقم (6606) :
س7: ما حكم من مات على التوحيد الأشعري قبل بلوغ توحيد الأسماء والصفات إليه ولم يسمعه من أحد ولا فهمه وقد أقر بتوحيد الربوبية والإلهية ولم ينبهه عليه أحد فينكره، هل له عذر أم لا؟
ج7: أمره إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الأشاعرة ليسوا كفارا، وإنما أخطأوا في تأويلهم بعض الصفات.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وإليك فتوى مطولة من نفس اللجنة :
السؤال الأول من الفتوى رقم (5082) :
س1 تعلمنا في المدارس أن مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو الإيمان بها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وأن لا نصرف النصوص الواردة فيها عن ظواهرها ولكننا بعد ذلك التقينا بأناس زعموا لنا أن هناك مدرستين في مذهب أهل السنة والجماعة، المدرسة الأولى مدرسة ابن تيمية وتلاميذه رحمهم الله، والمدرسة الثانية مدرسة الأشاعرة، والذي تعلمناه هو ما ذكره ابن تيمية وتلاميذه أما بقية أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم فإنهم يرون أن لا مانع من تأويل صفات الله وأسمائه إذا لم يتعارض هذا التأويل مع نص شرعي ويحتجون لذلك بما قاله ابن الجوزي رحمه الله وغيره في هذا الباب، بل إن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل قد أول في بعض الصفات مثل قوله صلى الله عليه وسلم «قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن» وقوله صلى الله عليه وسلم «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ( سورة الحديد 4) وغير ذلك.
والسؤال الآن: هل تقسيم أهل السنة والجماعة إلى طائفتين بهذا الشكل صحيح؟ وما هو رأيكم فيما ذكروه من جواز التأويل إذا لم يتعارض مع نص شرعي، وما هو موقفنا من العلماء الذين أولوا في الصفات مثل ابن حجر والنووي وابن الجوزي وغيرهم هل نعتبرهم من أئمة أهل السنة والجماعة أم ماذا؟ وهل نقول: إنهم أخطأوا في تأويلاتهم أم كانوا ضالين في ذلك؟ ومن المعروف أن الأشاعرة يؤولون جميع الصفات ما عدا صفات المعاني السبعة فإذا وجد أحد العلماء يؤول صفتين أو ثلاثة هل يعتبر أشعريا؟
ج1: أولا: دعوى أن الإمام أحمد أول بعض نصوص الصفات؛ كحديث «قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ( صحيح مسلم القدر (2654) ، مسند أحمد بن حنبل (2/168) ) » ، وحديث «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» الخ - دعوى غير صحيحة، قال الإمام أحمد بن تيمية: (وأما ما حكاه أبو حامد الغزالي عن بعض الحنبلية أن أحمد لم يتأول إلا ثلاثة أشياء: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض" و"قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن" و"إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن" فهذه الحكاية كذب على أحمد، لم ينقلها أحد عنه بإسناد، ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه، وهذا الحنبلي الذي ذكر عنه أبو حامد مجهول لا يعرف، لا علمه بما قال، ولا صدقه فيما قال) . اهـ. من ص 398 من ج 5 من [مجموع الفتاوى] .
وبيان ذلك أن للتأويل ثلاثة معان: الأول: مآل الشيء وحقيقته التي يؤول إليها، كما في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} ( سورة يوسف الآية 100) أي حقيقتها التي آلت إليها وقوعا، وليس هذا مقصودا في النصوص المذكورة في السؤال الثاني التأويل بمعنى صرف الكلام عن معناه الظاهر المتبادر منه إلى معنى خفي بعيد لقرينة، وهذا المعنى هو المصطلح عليه عند علماء الكلام وأصول الفقه، وليس متحققا في النصوص المذكورة في السؤال، فإن ظاهرها مراد لم تصرف عنه؛ لأنه حق كما سيأتي شرحه في المعنى الأخير للتأويل الثالث التأويل بمعنى التفسير وهو شرح معنى الكلام بما يدل عليه ظاهره ويتبادر إلى ذهن سامعه الخبير بلغة العرب وهو المقصود هنا، فإن جملة الحجر الأسود يمين الله في الأرض ليس ظاهرها أن الحجر صفة لله وأنه يمينه حتى يصرف عنه، بل معناه الظاهر منه أنه كيمينه بدليل بقية الأثر وهو جملة فمن صافحه فكأنما صافح الله، ومن قبله فكأنما قبل يمين الله فمن ضم أول الأثر إلى آخره تبين له أن ظاهره مراد لم يصرف عنه وأنه حق، وهذا ما يقوله أئمة السلف كالإمام أحمد وغيره منهم، وهو تأويل بمعنى التفسير لا بمعنى صرف الكلام عن ظاهره، كما زعمه المتأخرون، علما بأن ما ذكر لم يصح حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا القول في حديث «قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن » فإن ظاهره لا يدل على مماسة ولا مداخلة وإنما يدل ظاهره على إثبات أصابع للرحمن حقيقة، وقلوب للعباد حقيقة، ويدل إسناد أحد ركني الجملة إلى الآخر على كمال قدرة الرحمن وكمال تصريفه لعباده كما يقال فلان وقف بين يدي الملك أو في قبضة يد الملك فإن ذلك لا يقتضي مماسة ولا مداخلة وإنما يدل ظاهره على وجود شخص وملك له يدان، ويدل ما في الكلام من إسناد على حضور شخص عند الملك وعلى تمكن الملك من تصريفه دون مماسة أو مداخلة، وكذا القول في قوله تعالى: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (سورة الملك الآية 1) وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (سورة القمر الآية 14) وأمثال ذلك.
ثانيا تقسيم أهل السنة والجماعة إلى طائفتين بهذا الشكل غير صحيح وبيانه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أمة واحدة عقيدة وسياسة حتى إذا كانت خلافة عثمان رضي الله عنه بدرت بوادر الاختلاف في السياسة دون العقيدة، فلما قتل وبايع عليا جماعة وبايع معاوية آخرون رضي الله عنهم وكان ما بينهم من حروب سياسية خرجت عليهم طائفة فسميت الخوارج ولم يختلفوا مع المسلمين في أصول الإيمان الستة ولا في الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام وإنما اختلفوا معهم في عقد الخلافة والتكفير بكبائر الذنوب والمسح على الرجلين في الوضوء وأمثال ذلك، ثم غلت طائفة من أصحاب علي فيه حتى عبده منهم من عبده فسموا الشيعة، ثم افترق كل من الخوارج والشيعة فرقا، ثم أنكر جماعة القدر، وكان ذلك آخر عصر الصحابة رضي الله عنهم فسموا القدرية، ثم كان الجعد بن درهم فكان أول من أنكر صفات الله وتأول ما جاء فيها من نصوص الآيات والأحاديث على غير معانيها فقتله خالد القسري، وتبعه في إنكار ذلك وتأويله تلميذه الجهم بن صفوان واشتهر بذلك فنسبت إليه هذه المقالة الشنيعة، وعرف من قالوا بها بالجهمية، ثم ظهرت المعتزلة فتبعوا الجهمية في تأويل نصوص الصفات وسموه تنزيها، وتبعوا القدرية في إنكار القدر وسموه عدلا، وتبعوا الخوارج في الخروج على الولاة وسموه الأمر بالمعروف إلى غير ذلك من مقالاتهم، وقد نشأ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري على مذهبهم واعتقد مبادئهم ثم هداه الله إلى الحق فتاب من الاعتزال ولزم طريق أهل السنة والجماعة، واجتهد في الرد على من خالفهم في أصول الإسلام رحمه الله، لكن بقيت فيه شوائب من مذهب المعتزلة كتأويل نصوص صفات الأفعال وتأثر بقول جهم بن صفوان في أفعال العباد، فقال بالجبر وسماه كسبا، وأمور أخرى تتبين لمن قرأ كتابه [الإبانة] الذي ألفه آخر حياته، كما يتبين مما كتبه عنه أصحابه الذين هم أعرف به من غيرهم وما كتبه عنه ابن تيمية في مؤلفاته رحمهم الله مما تقدم يتبين أن أهل السنة والجماعة حقا هم الذين اعتصموا بكتاب الله تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في عقائدهم وسائر أصول دينهم، ولم يعارضوا نصوصهما بالعقل أو الهوى، وتمسكوا بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من دعائم الإيمان وأركان الإسلام فكانوا أئمة الهدى ومنار الحق ودعاة الخير والفلاح؛ كالحسن البصري وسعيد بن المسيب ومجاهد وأبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق والبخاري ومن سلك سبيلهم والتزموا نهجهم عقيدة واستدلالا أما هؤلاء الذين خرجوا عنهم في مسائل من أصول الدين ففيهم من السنة بقدر ما بقي لديهم مما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة الهدى من مسائل أصول الإسلام، وفيهم من البدع والخطأ بقدر ما خالفوهم فيه من ذلك قليلا كان أو كثيرا، وأقربهم إلى أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري ومن تبعه عقيدة واستدلالا وبهذا يعرف أن ليس لأهل السنة والجماعة مدرستان، إنما هي مدرسة واحدة يقوم بنصرتها والدعوة إليها من سلك طريقهم، وابن تيمية ممن قام بذلك ووقف حياته عليه وليس هو الذي أنشأ هذه الطريقة، بل هو متبع لما كان عليه أئمة الهدى من الصحابة ومن تبعهم من علماء القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير وكذلك مناظروه إنما قاموا بنصر مذهب من قلدوه ممن انتسب إلى أهل السنة والجماعة كأبي الحسن الأشعري وأصحابه بعد أن رجع عن الاعتزال وسلك طريق أهل السنة إلا في قليل من المسائل ولذا كان أقرب إلى طريقة أهل السنة والجماعة من سائر الطوائف.
ثالثا: من تأول من الأشعرية ونحوهم نصوص الأسماء والصفات إنما تأولها لمنافاتها الأدلة العقلية وبعض النصوص الشرعية في زعمه، وليس الأمر كذلك فإنها ليس فيها ما ينافي العقل الصريح وليس فيها ما ينافي النصوص فإن نصوص الشرع في أسماء الله وصفاته يصدق بعضها بعضا مع كثرتها في إثبات أسماء الله وصفاته على الحقيقة وتنزيهه سبحانه عن مشابهة خلقه.
رابعا : موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج بن الجوزي وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى أو فوضوا في أصل معناها - أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم فرحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله سواء تأولوا الصفات الذاتية وصفات الأفعال أم بعض ذلك.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
هاتان فتويان من اللجنة الدائمة فأين أخي تشبيه العقيدة الأشعرية بالماركسية الإلحادية اليهودية؟
وإذا كان أخي محمد أغ محمد ممن يؤمن بأن كتاب الإبانة للإمام الأشعري فيقينا يعلم بأن الأشاعرة الذين تتكلم عنهم السعودية أو الوهابية هم أتباع الأشعري في مرحلته الوسطى هذا إذا كان ممن صدق بمرور الأشعري بالمراحل الثلاث التي ذكرها الحافظ ابن كثير وغيره في تواريخهم.
وعندي تساؤل لم كانت عقيدة أبي محمد بن أبي زيد القيرواني على منهج الوهابية، وهو مالكي تونسي من السلف الصالح ، وهو الكتاب الوحيد الذي جمع العقيدة والفقه من متقدمي المالكية؟.
يــــــــتــــــبـــــــــع