بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
لا أستطيع أن أصف لك مدى فرحتي واعتزازي بمقالك وتساؤلاتك التي لامست شغاف قلبي وجعلتني أكاد أطير فرحا وسرورا بما يتضمنه من لغة أدبية راقية, وثقافة نقدية واسعة
ومساهمتي في هذه التساؤلات كالتالي.
بنية القصيدة عندهم .
درج شعراء السوقيين في أغلب منتوجهم الأدبي على السير على خطى الأقدمين شبرا بشبر وذراعا بذراع, ولا يلامون على ذلك لأنهم ألفوا مطالعة النمط الجاهلي والعباسي في الكتب الأدبية التي تردس لديهم باعتباره النموذج الأمثل الذي يجب احتذاؤه ويعد الخروج منه ردة أدبية, وهجرة فكرية لاتنبغي ولم يفعلوا ذلك تعصبا وإنما لعدم اتصالهم بكبريات المراكز العلمية في المشرق والمغرب والتي تذخر بمصانع التحديث في الشعرالعربي والدليل على ذلك أن الغالب من الشباب السوقي اللا حق تحرروا من هذه القيود ويدلفون إلى مناسبات موضوعاتهم بلا مقدمات.
الخصائص الفنية حاضرة حضورا غنيا في شعر السوقيين ويمكن البحث عنها في هيكل القصيدة وثناياها بالطريقة التالية.
1- الهيكل ونقصد به النص الشعري وأجزاؤه مثل المقدمة فالغرض ثم الخاتمة, والمقدمة تخلف من شاعر لآخر ومن قصيدة لأخرى فالمقدمة الغزلية في المديح النبوي لاتتناول جميع تفاصيل وصف المرأة بل تميل إلى الاختصار ولا تركز على لواعج العشق والغرام وتلك الأوصاف المادية المغرية, بل تركز على المعنويات.
2- الغرض وهو الانتقال من المقدمة إلى الغرض الذي قيلت من أجله القصيدة وهو مايعرف عند البلاغيين بالخروج أو التخلص أو التوسل ويسعى الشاعر من خلاله إلى خلق الانسجام والتلاؤم بين أجزاء النص.
3- الخاتمة وهي من الموضيع التي يهتم بها الأدباء السوقيون باعتبارها آخر مايبقى في الأسماع وسبيله أن يكون محكما ومن خصائها أيضا أن تكون الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم مذكورة فيها وهذه أشكال خارجية.
الشكال الإبداعية للقصيدة السوقية وهي تصنف ضمن الأشكال الداخلية.
1- المساجلات عرفت المدارس السوقية بالعناية بالشعر وكان إذكاء روح التنافس والتباري في مضماره من ضمن اهتمامات هذه المدارس ووضعوا له شرطين أساسيين هما:
1- ضرورة الرد 2- النسج والحوك على منوال النص الأول بحرا وقافية.
2- البنية اللغوية ومظاهرها هي:
1- احترام قواعد اللغة العربية وعدم التسور على محرابها وتجنب الخطأ ما أمكن.
2- يختلف الأسلوب من شاعر لآخر بسبب اختلاف مستوياتهم ولكن الأعم الأغلب الاشتراك في الأساليب بسبب وحدة التكوين والاتكاء على النموذج القديم.
4- ظاهرة التكرار وهي وسيلة فنية مساعدة على تعميق المعنى لغرض التأثير عند السامع وهو يشمل الألفاظ والحروف أيضا.
5- إقحام المعارف العلمية .
6- المحسنات البديعية والزخارف اللفظية وغيرها من الموضيع الفنية التي لاتخفى على مثلكم .
وجوابي على ماسوى ماتقدم كالتالي:
1- وأما ما يخص النسبة فأمر هين فأنت تتحدث عن أدب عربي بكل صوره وأشكاله وتستطيع أن تستأنس بالآداب الأخرى التي لاتختلف عن الأدب السوقي مثل الأدب الموريتاني والمدارس الإلغية في المغرب وغيرهما.
2- وأما اسم الكتاب فأنت محق في أن العنوان بالشكل الذي ذكرته يزيد الطين بلة والأمر ابهاما والعنوان الصحيح هو( أسرع الزوارق, إلى المدارس الأدبية في صحراء الطوارق).
3- البيئة ليست غائبة في شعرهم فهناك قصيدة كاملة لمحمد بن يوسف في وصف الطبيعة الصامتة وعنوانها
ما ضعف أضعاف أيام الدنا زنة== لعشر معشار يوم ظلت في دعته
ولهم أيضا قصائد خلدوا فيها أماكن تواجدهم في الصحراء كما فعل محمد بن يوسف في ميميته وإغلس في نونيته, وعبد الله بن المحمود في أبيات له وغيرها من النماذج وهي تكفي لمن يريد الحديث عنها.
4- الوظيفة.
الشعر عند السوقيين وظف لخدمة الأهداف العليا التي يؤمنون بها فقد وظف في الدعوة كما ذكرت ووظف سياسيا كما في قصائد هارون إلى الآفاق البعيدة وهي موجودة في الجوهر الثمين, ووظف في قضية مديبو كيتا وقصائدهم في الثورة الأخيرة ووظف في قضايا اجتماعية مثل عينية إغلس والقصائد التي أجيب بها ورسالة الشيخ المحمود بن حماد في نصائح الشباب .
5- أما الشق الثاني من الأدب وهو النثر فأنا معك في أنه لم يطرق الكثير من الجوانب التي ذكرت.
6- وماذكرته عن كتابي (أسرع الزوارق إلى المدارس الأدبية في صحراء الطوارق) كما وصفت من إغفال تحليل النصوص الواردة فيه وسببه أن الكتاب ليس الغرض منه وضع دراسة تحليلية عن الأدب السوقي, بل هو نبذة تعريفية,ولمحة موجزة عن هذا المنجم الغني من الأدب الإسلامي في صحراء الطوارق وأملي في شباب السوقيين النابهين النابغين أمثالكم أن ينفضوا غبارالإهمال ويبدؤا في ذلك وأرجو منهم أن لايطلقوا أحكاما مسبقة عن هذا التراث قبل الوقوف على أكبر قدرمنه فكثير من أدب القوم وئد بحجة مراعات الجانب البيني بين هذه القبائل ولم نقف على إنتاج كل هذه المدارس أيضا فينبغي أن نبذل الجهد في البحث والتنقيب قبل أن نعطيه كروتا حمراء للخروج من ملعب مسرح الآداب الغنية الأخرى.
وأخيرا أشكرك شكر الأزهار لنفحات الأمطار وسامح على ما يبدر في المقال من أخطاء إملائية أو نسيان في ترتيب بعض العناوين فقد كتب على عجل بسبب مشاعل وأعمال اقتضت عدم التفرغ للتصحيح.