الإسلام دين الروح والعقل
الإسلام دين الروح والعقل
إنه كان من الطبيعي أن يكون سيدنا محمد عليه السلام هو آخر الأنبياء لأنه بعد أن أسلم البشرية إلى عقلها لم يعد هناك مجال لنبوة جديدة ورسالة جديدة " - إذا كان وجود الله سبحانه وتعالى هو حقيقة الحقائق فإن واجبنا أن نعبد الله ونطيعه ونحبه ونخاف منه ونشكره على نعم كثيرة لا تحصى من صحة وهواء وماء وعقل وكون منظم وبحار وجبال وسهول ونجوم وشمس وأنعام وزراعة ... وهو لا شك خالق وقوي وعزيز وعليم وحكيم وكريم ورحيم وشديد العقاب وقادر .... فإذا أمرنا أن نعبده ونكفر بطواغيت الأرض من أصنام وآلهة مزورة وعقائد باطلة وخرافات فلسفية علمانية وآراء علمانية فإن التصرف العقلي الصحيح هو أن نفعل ما يأمرنا الله به ففي هذا مصالحنا والفوائد الكثيرة وفي عكسه ضررنا والخسائر الكبيرة ولنضرب مثلاً أن أي دولة صغيرة تخاف من الدول الكبيرة القوية ، وترجو منفعتها وتخاف من عصيان أوامرها ، وكذلك يفعل الإنسان مع الحكومة القوية ولو فعل العكس لاتّهم بالحماقة وتعريض النفس والوطن للأخطار ، فمن باب أولى أن نخاف من الله سبحانه وتعالى فهو أقوى بلا حدود من كل القوى العظمى ومن كل الخلق كما أن الله سبحانه وتعالى يملك على الحقيقة الخير والمصلحة والغنى ، ويملك حياتنا وصحتنا ورزقنا وأولادنا وأمننا وسعادتنا ، وأخبرنا القرآن الكريم بصفات الله وأسمائه التي نشهدها مع التأمل العقلي في هذا الكون ومخلوقاته فلا واسطة عند الله سبحانه وتعالى ، وهو يعلم كل شيء وهو قادر وليس عاجزاً عن شيء وخلقنا لعبادته ، وهو غني عن عبادتنا وسيحاسبنا على أعمالنا وأقوالنا أما العلمانيون فيتجاهلون الخالق القوي الجبار ، ويضعون أهدافاً للبشر تتعارض مع الأهداف التي خلقهم الله لها ومن البديهي عقلياً أن من خلق ( أو صنع ) شيئاً لمهمة فيجب أن يؤديها ، فالخالق هو الأعلم ، والعلمانيون يعلم منهم من يؤمن بوجود الله بذلك ومع هذا يضع أهدافاً دنيوية للإنسان ويقولون له أنت حر ، افعل ما تشاء ولا تهتم بالأديان السماوية ولا بما حدده الله لك من مهمات ، وإذا أطعتنا فأنت إنسان عالمي وحضاري وعقلاني ، وحقيقة الأمر أنه جاهل ومتخلف لأنه يصدق بشراً ضائعين ويرفض تصديق الله سبحانه وتعالى وأنبياءه الصادقين الواعين ، ولأنه إنسان يعبد ويطيع عقلاً ضائعاً ولا يطيع من خلق هذا العقل ، ويعبد المال ولا يعبد من يملك ثروات السموات والأرض ، ويجعل كل أمله في الصحة بيد الأطباء ولا يجعلها في من هو أقدر من الأطباء على التحكم بالصحة والحياة والموت ، فالعقل السليم يعرف هذا ويعرف أن الحقائق القرآنية تشرح هذه المفاهيم المنطقية المعروفة ، وإذا تخلص العقل البشري المعاصر من سيطرة الشهوات ومن المعلومات الخاطئة والفهم الأعوج والمعايير العلمانية المتناقضة فإنه سيجد أن الخير والمصلحة والعدل الحقيقي والحرية الحقيقية .... الخ في عقائد الإسلام وأحكامه ونظامه وأخلاقه فمثلاً العمود الفقري للزواج هو إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان والمسؤوليات بين الزوجين موزعة بطريقة عادلة ، ويدعو الإسلام للزهد والقناعة والصبر وللاجتهاد في العلم والعمل والنوايا ولإعمار الأرض ، وأحكامه هي الشورى والعدل ويسمح بالتجارة والبيع ، ويحرم الربا والقمار والخمر والزنا ، ونظامه الاقتصادي وسط بين النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي ونظامه الاجتماعي متوازن ويحقق الرحمة والتكافل والتعاون والفضيلة ويرفض الغيبة والغرور والتعصب العرقي والطبقي والحقد والحسد وعقوق الوالدين والتبذير ، وفيه توازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع ، وفيه وقت للعبادة ووقت للعمل ووقت للاستمتاع البريء ، وتعامله مع المال تعامل راق يشجع على اكتسابه وإنفاقه ويجعله في يدك لا في قلبك ، ويوجهه نحو القضايا الهامة من مأكل وملبس ومشرب ويبعده عن التبذير والإسراف والبخل ....الخ كل هذه الأمور وغيرها يؤيدها العقل ولها فوائد كثيرة للإنسان تجعله يصل إلى السعادة في هذه الدنيا وهذه الأمور جسدها الأنبياء والصالحون في كل زمان ومكان ، ولو درسنا أي جانب من الإسلام فإننا سنجد الحكمة والفائدة والمصلحة وهذه أمور بينها العلماء ، فتحريم الخمر له فوائد كثيرة وقد اقتنعت أمريكا العلمانية بمضار الخمر وحرمتها في بداية القرن العشرين ، ولكنها تراجعت بعد ذلك عندما سيطرت المصالح المحرمة والشهوات على القرار ، والطريف أن العلمانية الأمريكية التي تقول إنها قائمة على العقل تسمح قوانينها بشرب الخمر التي تعطل العقل وتتهم في نفس الوقت الإسلام الذي يمنع الخمر ، ويمنع تعطيل العقل ويعتبر الخمر من كبائر الذنوب بأنه ضد العقل ، وعموماً النظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي الإسلامي كله حكمة ومصلحة ولكن أغلب الناس لم يتعمقوا في الدراسة وفي المقارنة مع الأنظمة الأخرى ونعلم أن كثيراً من العلمانيين ليسوا على اطلاع كاف على الإسلام ويجهلون ما كتب علماؤنا ويجهلون قضايا الإيمان ومعانيها ويجهلون الفرق بين الزهد والتصوف ، وبين الشريعة والفقه ، وبين الحرية والفوضى وبين الإيمان بالغيب والتواكل ، وبين الانتماء العرقي والتعصب ، وبين البيع والربا ، وبين الحوار العلمي والجدل . المفصل في شرح آية لا إكراه في الدين - (ج 3 / ص 60) |
رد: الإسلام دين الروح والعقل
الشكر والتقدير: الأستاذ الفاضل مراد الخير ـ بارك الله فيك، وفي قلمك، وجعلنا وإياكم ممن أراد الخير فأصابه إحتسابا.بعد أسمى التحيات: لذا فإني أشكرك على هذا المقال المتناول فيه بأطراف بنان الخير حكما ننتظرها في مقالات مبينات فيها مفصلات ـ جعلنا الله وإياك من الهداة المهديين غير ضالين ولا مضلين. |
رد: الإسلام دين الروح والعقل
اقتباس:
|
الساعة الآن 04:15 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir