حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد . فهذه جمل لطيفة , من قريحة خفيفة , لا تحسن السباحة , مع ركونها إلى الراحة , ولولا تكليف الأستاذ لبحثنا عن المخرج والملاذ , فانتظمنا في سلك الجماعة لما له علينا من حق السمع والطاعة ,فولجنا ميادين الفحول لاستكشاف دلالات العقول , واختلاف الأعلام في الفهوم والنقول , واستعنا ببارئ الخلق ليتداركنا قبل اتساع الخرق , فما خرجنا إلا ببضاعة مزجاة , لا تستحق السوم فكيف بالمغالاة , فاليغض عنها الطرف , فما هي بالحديا فتحفّ , ولا بالعروس فتزفّ , ولا بالتحفة فتلفّ , الطالب / عبد الله محمد أحمد الإدريسي مكة المكرمة 1 / 5 / 1428 هـ حجية مفهوم المخالفة المطلب الأول في تعريفه : هو الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم عما عداه وقيل : هو إثبات نقيض حكم المنطوق للمسكوت . وقيل : هو دلالة اللفظ على ثبوت حكم للمسكوت عنه مخالف للحكم الذي دل عليه المنطوق نفيا وإثباتا . (1) مثاله : قوله r " في سائمة الغنم الزكاة "(2) دل على ثبوت حكم للمسكوت عنه - وهو هنا الغنم المعلوفة - مخالف للحكم الذي دل عليه المنطوق وهو إيجاب الزكاة في سائمة الغنم فالمسكوت عنه إذن عدم إيجاب الزكاة في المعلوفة . وصورته التي توضحه أنه إذا خص الشيء بالذكر وصرح بحكمه استدللنا بذلك على أن المسكوت عنه مخالف له في الحكم , فإن كان حكم المنطوق به مثبتا انتفى الحكم عن المسكوت عنه , وإن كان حكم المنطوق به منفيا ثبت الحكم للمسكوت عنه . المطلب الثاني في أنواعـــــه : اختلف القائلون بمفهوم المخالفة في أنواعه , فمنهم من اقتصر على ستة أنواع منه , ومنهم من أوصلها إلى ثمانية , ومنهم من أوصلها إلى أكثر من ذلك , وهي متفاوتة في قوة الحجية , احتج بعضهم ببعض أنواعه دون بعض , وأضعف أنواعه مفهوم اللقب , وسأقتصر على المشهور منها 1.مفهوم الصفة . وهو : تخصيص الشيء بإحدى صفاته . مثاله : قوله r " من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع "(3) 2.مفهوم الشرط . وهو : تعليق الحكم بالشرط . مثاله : قوله تعالى ) وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ( [النساء : 43] 3.مفهوم الغاية . وهو : مد الحكم إلى غاية . مثاله : قوله تعالى ) فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ( [البقرة : 230] 4.مفهوم العدد . وهو : حصر الحكم بعدد معين . مثاله : قوله تعالى : ) فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ( [النور : 4] 5.مفهوم الاستثناء . وهو حصر الحكم بطريق النفي والإثبات . مثال : قول : لا إله إلا الله 6.مفهوم الحصر بإنما . وهو : حصر الحكم بإنما مثاله : حديث " إنما الأعمال باالنيات "(4) 7.حصر المبتدأ في الخبر . وهو : حصر الحكم بطريق الإخبار عنه بالاسم المحلى أو المضاف . مثاله : حديث " الشفعة فيما لم يقسم "(5) 8.مفهوم اللقب . وهو : قيد الحكم بالاسم – سواء كان علما أو اسم جنس - مثاله : حديث " البر بالبر ربا إلا هاء وهاء ... "(6) الحديث المطلب الثالث في تحرير محل النزاع : اتفق الأصوليون على عدم اعتبار دلالة المفهوم إذا ظهرت فائدة لتخصيص المنطوق بالذكر غير نفي الحكم عن المسكوت عنه . واتفقوا أيضا على عدم اعتبارها إذا عارضه ما هو أقوى منه . واختلفوا في حجيته إذا لم تظهر فائدة لتخصيص المنطوق بالذكر غير نفي الحكم عن المسكوت عنه , ولم يعارضه ما هو أقوى منه على قولين : (7) الأول : القول بحجيته , واختلف أصحاب هذا القول في حجية بعض الأنواع بناء على عدم ظهور الدلالة فيها , وأضعف أنواعه مفهوم اللقب وممن قال به الدقاق , وبعض الحنابلة قياسا على التخصيص بالصفة وليس بالمستقيم إذ اللقب لا يستقيم نظم الكلام إلا به , والصفة قد يستقيم الكلام بدونها . الثاني : القول بعدم حجيته , ومن ذهب إلى هذا القول اعتبر عدم دخول المسكوت عنه في الحكم من قبيل النفي الأصلي , ولم يدل عليه اللفظ لا نفيا ولا إثباتا . المطلب الرابع في شروطه : القائلون بحجية مفهوم المخالفة لم يطلقوا له العنان بل اشترطوا لحجيته شروطا إن توفرت اعتبروا دليليته , وإن انخرم منها واحد سقط به الاستدلال وهي على النحو التالي : 1.أن لا يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق . 2.أن لا يكون المسكوت عنه مساويا في الحكم للمنطوق . 3.أن لا يكون المنطوق خرج مخرج الغالب . 4.أن لا يكون المنطوق خرج مخرج تفخيم . 5.أن لا يكون المنطوق جوابا لسؤال . 6.أن لا يكون ذكره لزيادة امتنان . 7.أن لا يكون لحادثة اقتضت بيان الحكم فيها . 8.أن لا يكون ذكره لتقدير جهل المخاطب به دون المسكوت . 9.أن لا يكون ذكره لرفع خوف ونحوه . 10.أن لا تكون الصفة التي علق عليها الحكم غير مقصودة . 11.أن لا يعود العمل به على المنطوق بالإبطال .(8) |
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
المطلب الخامس في ذكر الأقوال على سبيل التفصيل وأدلة كل ومناقشتها القول الأول : ذهب الجمهور - وهم الإمام مالك وأكثر أصحابه والشافعي وأكثر أصحابه وأحمد وأكثر أصحابه ونقل عن أبي الحسن الأشعري في رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة - إلى أن مفهوم المخالفة حجة(9) واستدلوا على ذلك بالأدلة الآتية : 1 ـ قوله r - وقد سئل عما يلبسه المحرم من الثياب - " لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا البرانس "(10) الحديث . فلو لم يكن تخصيص المفهوم بالذكر دالا على إباحة لبس ما عداه لم يكن جوابا للسائل عما يجوز للمحرم لبسه 2 ـ فهم الصحابة رضوان الله تعالى عنهم ذلك وهم من فصحاء العرب والقرآن قد نزل بلغتهم , وهم أعلم الناس بمراد الله ومراد رسوله rفعن يعلى بن أمية أنه قال لعمر بن الخطاب : ( ما لنا نقصر وقد أمنا وقد قال تعالى ) فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً ( ) ووجه الدلالة أن يعلى بن أمية قد فهم من تخصيص القصر بحالة الخوف عدم القصر عند عدم الخوف ولم ينكر عليه عمر رضي الله عنه بل قال : قد عجبت مما عجبت منه فسألت النبي r عن ذلك فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته "(11) فلم ينكر عليه النبي r هذا الفهم فكان ذلك دليلا على اعتباره . ولما روى أبو ذر قوله r" يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود و والمرأة"(12) قال له عبد الله بن الصامت ( ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض) ووجه الدلالة أن عبد الله بن الصامت فهم من تخصيص الكلب الأسود بالحكم نفي هذا الحكم عن غيره ولم ينكر عليه أبو ذر راوي الحديث هذا الفهم بل قال : يا ابن أخي سألت رسول الله r كما سألتني فقال : " الكلب الأسود شيطان " ولم ينكر عليه النبي r ذلك والنبي r أفصح العرب ، وأبو ذر وعبد الله بن الصامت من فصحاء العرب . وقد منع ابن عباس رضي الله عنه توريث الأخت مع البنت مستدلا بمفهوم المخالفة(13) من قوله تعالى ) إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ([النساء : 176] ففهم من توريث الأخت عند عدم الولد عدم توريثها مع البنت لأنها ولد وهو من فصحاء العرب وأفقه الناس في الدين وأعلمهم بالتأويل وترجمان القرآن ولم ينكر عليه الصحابة رضي الله عنهم ذلك الفهم بل احتجوا عليه بالسنة ولو تتبعنا الوقائع التي نقلت عنهم في مثل ذلك لبلغت حد الاستفاضة فكيف يدعى عدم فهمهم ذلك ؟ ! ورد بأن ما استدللتم به من الأحاديث وفهم الصحابة إنما هو أخبار آحاد وخبر الواحد إنما يفيد الظن ولا يفيد العلم والظن لا تثبت به قاعدة أصولية ولا لغة تقطع بمراد الله ومراد رسوله r , مع قيام الاحتمال بأن يعلى بن أمية وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما إنما تعجبا من كون القصر مباحا على خلاف الأصل وعدم وجود شرط الإباحة وهو الخوف فما الذي قام مقام الخوف في إباحة القصر ؟! وفهم ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قد يكون من قبيل الرأي والاجتهاد وليس نقلا عن أهل اللغة . ومع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال . وأجيب بأن القواعد التي تثبت بأخبار الآحاد ظنية الدلالة كما هو الحال بالنسبة إلى مصادرها فمتى ألغينا حجيتها ألغينا حجية مصادرها , ومتى ألغينا حجية مصادرها ألغينا قدرا كبيرا من الشريعة ؛ لأن غالب أحكام الشرع إنما ثبت عن طريق أخبار الآحاد , فعلم بذلك أن ظنية الدليل لا تسلبه الاستدلال , ومع تعدد الوقائع وعدم اطلاعنا على المعارض ترتقي بذلك إلى الإجماع السكوتي فكيف يزعم عدم صلا حيتها للاستدلال ؟! وأما احتمال أن يعلى وعمر إنما تعجبا مما قام مقام الخوف في إباحة القصر على خلاف الأصل فاحتمال بعيد لا يقوى على معارضة المتبادر إلى الذهن ولا سيما أن استدلاله بالآية بعد قوله وقد أمنا يشعر بأنه فهم أن عدم الشرط يفيد انعدام الحكم المعلق به , ولو كان كل احتمال يسقط الدلالة لم يبق دليل يمكن أن يعتمد عليه ؛ إذ ليس ثمة دليل إلا وترد عليه عدة احتمالات ولكن الفقيه الفطن يقدم الاحتمال القوي المتبادر إلى الذهن على غيره . 3 ــ أنه روي عن الإمام الشافعي القول به وهو ممن شافه العرب وأخذ عنهم من غير واسطة وروي عن أبي عبيد(14) - القاسم بن سلام - أنه لما سمع قوله r " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته "(15) قال : إن من ليس بواجد لا يحل عرضه وعقوبته(16) ، وري عنه أيضا أنه لما سمع قول النبي r " مطل الغني ظلم "(17) قال : مطل غير الغني ليس بظلم(18) فأبو عبيد وهو من فصحاء العرب ومن نقلة اللغة قد فهم من تعليق الحكم بصفة نفي ذلك الحكم إذا انتفت تلك الصفة عنه ، وقيل له في قوله r " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا"(19) المراد به الهجاء , أو هجاء النبي r فقال : لو كان كذلك لم يكن لذكر الامتلاء معنى لأن قليله كذلك(20) . ورد بأن ذلك ليس نقلا عن جميع أئمة اللغة بل خالفهم في ذلك بعض أئمة اللغة كمحمد بن الحسن الشيباني(21) والأخفش وهما من أئمة اللغة كذلك فلا يكون كلامهم حجة على غيرهم مع احتمال أن يكون ذلك من قبيل الاجتهاد وليس نقلا عن أهل اللغة فأقل ما فيها أن يقال تكافأت الدعاوى وليس ثمت مرجح فوجب التوقف . ويجاب عنه بأن النقل عنهما إنما يعضد ما قدمناه من الوقائع التي فهم فيها الصحابة رضوان الله تعالى عنهم ذلك الفهم , ولا يعترض عليهما بمخالفة غيرهما من أئمة اللغة ممن لم يكن لهم سلف في ذلك إلا مجرد العقليات , وإن سلمنا جدلا تساوي الدعاوى فالمثبت مقدم على النافي , ومن حفظ حجة على من لم يحفظ كما قرره المحققون من الأصوليين . 4 ــ أن النبي r امتدح بالاختصار بقوله r " أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا " فإذا لم يفد قوله " في سائمة الغنم الزكاة " غير ما أفاده الإطلاق عند عدم ذكر السوم لحمل الكلام على الإطالة من غير فائدة . ورد بأنكم مخطئون في قولكم لا فائدة لتعليق الحكم بالصفة الخاصة إلا وجوب المخالفة في الحكم . وأجيب عنه بأننا نسلم أن ثمة فوائد تنقدح في الذهن غير المخالفة في الحكم إلا أن فائدة المخالفة في الحكم أقوى منها ظهورا وانقداحا في الذهن , فقدمنا ما هو أقوى ظهورا وسبقا إلى الذهن . 5 ــ أنه لو قال العربي لوكيله اشتر لي حصانا أسود لفهم منه عدم شراء الأبيض ، ولو أنه اشترى أبيض لم يكن ممتثلا . ورد بأن عدم شراء الأبيض لم يكن من قبيل مفهوم المخالفة لعدم تعرض اللفظ له وإنما خرج بناء على النفي الأصلي . ويجاب عنه بأن صفة السواد هي المخرجة لما عداها من الصفات لا ما زعمتموه من النفي الأصلي فإن قريشا أبت أن تنطق بكلمة التوحيد لعلمها بلازم ذلك وهو نفي الإلهية عن معبوداتها ؛ لذلك قالوا ) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ( [صـ : 5] فدل ذلك على أنهم فهموه من دلالة اللفظ لا من النفي الأصلي لأنه مصادم لاعتقادهم القول الثاني : عدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة وهو قول جمهور الحنفية وعزاه الباقلاني إلى كثير من المالكية , وابن سيرج والقفال والرازي من الشافعية , وقال به أبو الخطاب وأبو الحسن التميمي من الحنابلة ، ونسب إلى الشافعي ، وأبي الحسن الأشعري . (22) واستدلوا على ذلك بما يأتي . 1 ــ أنه لو كان حجة لم يثبت القول به إلا لغة أو توقيفا أو ما يقوم مقام ذلك من استقراء لكلامهم يعلم به قصدهم اضطرارا ولو كان عندهم في ذلك توقيف لنقل تواترا أو آحادا والأول محال مع جحد أكثر الناس ذلك وأخبار الآحاد لا تثبت بها لغة يقطع بها على كلام الله عز وجل وكلام رسوله r . ويجاب عنه بأن اصطلاح {مفهوم المخالفة} حادث كغيره من المصطلحات العلمية لا تعرفه العرب بهذا اللفظ فكيف يطلب منهم التنصيص عليه , فإن أبطلناه بسبب ذلك أبطلنا غيره من المصطلحات العلمية ولم يقل به أحد . فإن قيل كيف توصلتم إلى دليليته ولم ينص عليه أحد من أهل القرون الثلاثة المفضلة ؟ قلنا تتبعنا كلام العرب فوجدناهم إذا خصوا الشيء بذكر صفة من صفاته فإنهم يعنون حصر الحكم في تلك الصفة , وانتفاؤه عند انتفائها , وكذلك إذا خصوا بالذكر عددا محددا , أو غاية محددة , وأما الشرط والاستثناء فنفي المخالف فيهما واضح حتى قيل أنهما من قبيل المنطوق , وأما إثباتها بأخبار الآحاد فتقدم الكلام فيه فلا نطيل بإعادته . 2 ــ حسن الاستفهام لمن قال : ( إذا ضربك زيد عامدا فاضربه ) أن يقال له فإن ضربني خاطئا أضربه أم لا ، وكذلك إذا قال لك ( لا تقتل ولدك خشية إملاق ) و ( زك السائمة من ماشيتك ) أن يقال له : أفأ قتله إن لم أخش إملاقا وأزكي المعلوفة أم لا ، وحسن الاستفهام عن الشيء دليل على صلاح تناول الخطاب له في حقيقة أو مجاز . وأجيب عنه بأن الاستفهام إنما يرد لأزالة الشك , والاتساع في الفهم ؛ لأنه ظني الدلالة فحسن إذن . 3 ــ أننا نجدهم يعلقون الحكم بالصفة تارة ويكون حكمهم في ما خالف تلك الصفة كحكمهم فيها فانتفى الاستقراء حينئذ . أجيب عنه بأنه خارج عن محل النزاع لاتفاقنا على عدم اعتبار دلالة المفهوم إذا ظهرت فائدة لتخصيص المنطوق بالذكر غير نفي المخالف . 4 ــ أن تعليق الحكم بالصفة بمثابة الخبر عن ذي الصفة ببعض الأفعال وقد اتفق على أنه إذا قيل ( قام أو انطلق أو خرج الأسود ) لم يدل على نفي ذلك عن الأبيض . والجواب عنه أنه من الضعف والركاكة في الاستدلال بمكان حيث لا يحتاج إلى الرد ؛ إذ كل من له أدنى نظر يعلم أن قولنا { قام الأسود } لا ينفي قيام الأبيض وإنما ينفي أن يكون هذا القائم أبيض , أو هذا الأسود قاعدا أو مضطجعا , وذلك هو ما نعني بمفهوم المخالفة , لا نفي الخبر عن الأجنبي عنه . 5 ــ اتفاق الكل من أهل اللغة والمعاني أن الغرض بوضع أسماء الأعلام والأسماء التي هي النعوت والصفات تمييز من له الاسم ممن ليس له سواء كان مفيدا صفة فيه أو علما وأنهم إذا علقوا الحكم بالاسم فقصدهم إثبات الحكم له فلو دل تعليقه بالاسم والصفة على المخالفة لدل تعليقه بالعلم واللقب المحض على ذلك . والجواب عنه أنه قياس فاسد لأنه قياس مع الفارق ؛ لأن الغرض من ذكر أسماء الأعلام إمكانية الإسناد إليها وتعليق الأحكام بها , فلو لم تذكر لاختل نظم الكلام , وانعدمت فائدته بالكلية , بخلاف الأوصاف فإنها لو لم تذكر لم يؤثر ذلك على نظم الكلام , فدل على أن تخصيصها بالذكر لا بد له من فائدة وهي تقييد الحكم بها – أي وجوده بوجودها , وانعدامه بانعدامها - وقد قيل : الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى . |
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
المطلب السادس في الترجيح بعد الاطلاع على أدلة الفريقين ومناقشتها يظهر أن أدلة القائلين بحجية مفهوم المخالفة أقوى من أدلة المانعين لما يلي : 1.أنه هو الموافق لسياقات اللغة . 2.نقلهم وقائع عن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم تدل على نفيهم الحكم المعلق بصفة إذ ا انتفت الصفة . 3.أن جل اعتراضات المخالفين خارجة عن محل النزاع . 4.أن المانعين إنما منعوا من حجيته لعدم ورود نص يدل على حجيته , وهو من قبيل الأدلة العقلية وعدم ورود النص على حجيتها ليس قادحا في دلالتها 5.أن القائلين بالحجية مثبتون , والمانعين نفاة , والمثبت مقدم على النافي . والله أعلم المطلب السابع في نوعية الخلاف : الخلاف هنا معنوي لأنه قد ترتب عليه خلاف في بعض الفروع , منها : إذا قال الواقف : ( وقفت هذا على أولادي الفقراء ) فغير الفقراء لا يدخلون بناء على المذهب الأول , ويدخل غير الفقراء على المذهب الثاني . المطلب الثامن فروع فقهية مخرجة على القاعدة : 1.عدم إيجاب الزكاة في المعلوفة لقوله r " في سائمة الغنم الزكاة " . 2.عدم إيجاب النفقة للمطلقة ثلاثا إذا كانت حائلا لقوله تعالى : ) وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ([الطلاق : 6] . 3.الاكتفاء بغسل الجنابة عن الوضوء لقوله تعالى ) وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ ( [النساء : 43] الهوامش (1)ينظر المستصفى 1 / 256 - شرح تنقيح الفصول ص 55 - مفتاح الوصول ص 555 - البحر المحيط 4/ 13 - المختصر لابن اللحام 1 / 132 - تيسير التحرير 1 / 98 - المهذب للدكتور النماة 4 / 1765 (2) حديث في سائمة الغنم الزكاة البخاري في حديث أنس بلفظ "وفي صدقة الغنم في سائمتها أربعين إلى عشرين ومائة شاة" وقد ذكره المصنف بعد قليل من حديث أنس وفي رواية أبي داود "في سائمة الغنم إذا كانت..." فذكره وما اقتضاه كلام الرافعي من مغايرة حديث أنس له مردود قال بن الصلاح أحسب أن قول الفقهاء والأصوليين في سائمة الغنم الزكاة اختصار منهم انتهى ولأبي داود والنسائي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا "في كل إبل سائمة..." الحديث . تلخيص الحبير [ جزء 2 - صفحة 157 ] (3) متفق عليه بلفظ ( قد أبرت ) تلخيص الحبير 3 / 27 (4) متفق عليه (5) رواه مالك في الموطأ عن الزهري عن ابن المسيب مرسلا , ووصله عن مالك ابن الماجشون وأبو عاصم وغيرهما بذكر أبي هريرة فيه , ورواه ابن جريج وابن اسحاق عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة , ووصله الشافعي عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر . تلخيص الحبير 3 / 56 ورواه البخاري بلفظ " قضى رسول الله r بالشفعة في كل ما لم يقسم " الحديث .البخاري 2 / 787 . (6) متفق عليه . (7) ينظر التقريب والإرشاد 3 / 332 حاشية رقم 12 – شرح الكوكب المنير 3 / 504 (8) ينظر رفع الحاجب 3 / 502 – مفتاح الوصول ص 556 – شرح الكوكب المنير 3 / 504 - المختصر لابن اللحام 1 / 133 – تيسير التحرير 1 / 98 (9) ينظر التقريب والإرشاد 3 / 332 – البرهان 1 / 299 -المستصفى 1 / 265 –المحصول لابن العربي 1 / 104 شرح تنقيح الفصول ص 270 – رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب 3 / 504 - المختصر لابن اللحام 1 / 134 (10) متفق عليه (11) رواه مسلم , وأصحاب السنن (12) رواه الإمام أحمد في المسند , وصححه شعيب الأرناؤوط في تعليقه وقال على شرط مسلم , ورجاله رجال الشيخين , غير عبد الله بن الصامت فمن رجال مسلم . المسند 5 / 161 حديث رقم 21467 . (13) تفسير الطبري 4 / 378 - تفسير القرطبي 6 / 27 (14) هو القاسم ابن سلام بن عبد الله , الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون , ولد سنة سبع وخمسين ومائة , ومات سنة أربع وعشرين ومائتين . سير أعلام النبلاء 10 / 490 وما بعدها . (15) أخرجه البخاري تعليقا في كتاب الاستقراض , وأبو داود في الأقضية , والنسائي في البيوع , والحاكم وصححه ووافقه الذهبي , وابن ماجه في الصدقات . (16) غريب الحديث لأبي عبيد 2 / 175 (17) متفق عليه . (18) غريب الحديث لأبي عبيد 2 / 175 (19) متفق عليه . (20) غريب الحديث لأبي عبيد 1 / 36 (21) العلامة محمد بن الحسن بن فرقد فقيه العراق أبو عبد الله الشيباني الكوفي صاحب ابي حنيفة , ولد بواسط سنة اثنتين وثلاين ومائة ونشأ بالكوفة وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة . سير أعلام النبلاء 9 / 134 . (22) ينظر الفصول في الأصول للجصاص 1 / 291 - التقريب والإرشاد 3 / 332 – العدة للقاضي أبي يعلى 1 / 298 أصول البزدوي 1 / 127 – المبسوط للسرخسي 1 / 255 - المستصفى 1 / 265 - كشف الأسرار للبخاري 2 / 465 – تيسير التحرير 1 / 98 |
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
جميل ، أود أن أجد وقتا واسعا حتى أقرأ مركزا وأستفيد ، فشكرررررررررررررا لك ياابن الوادي
|
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
موضوع مهم ومفيد يابن الوادي, شكرا لك.
|
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
جزيت خيرا يا ابن الوادي على هذا البحث القيم في هذه المسألة الأصولية الهامة.
وقد قرأت واستفدت ودعوت الله لنا ولك بالتفقه في دينه. |
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
أشكر جميع الإخوة على مرورهم القيم سواء من وجد وقتا للتعليق فأثنى وقيم ورحب بالفكرة أو من لم يجد وقتا فاكتفى بالقراءة فلهم مني جزيل الشكر والامتنان . هذا ومما دعاني إلى نشر هذه الأبحاث أن أستحث همم الزملاء والإخوان لنشر ما لديهم من أبحاث سواء كانت دراسية أم شخصية لتكوين قاعدة بيانات عريضة من المسائل التي يمكن الاستفادة منها لاحقا وإجراء بعض الدراسات عليها |
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
أشكرك جداااااا با ابن الوادي بصراحة لقد استفدت منه
جعله الله في موازين حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم |
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
بحث ماتع نفع الله به
|
رد: حجية مفهوم المخالفة ( بحث تخرج )
يقولون من أطال الغيبة جاب الغنايم ... يعطيك العافيه وحمدا لله على السلامة بحث أكثر من رائع ومناقشة جميلة لأقوال العلماء زادك الله علما وفقهك في الدين تقبل مروري أخي ابن الوادي |
الساعة الآن 02:50 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir