منتديات مدينة السوق

منتديات مدينة السوق (http://alsoque.com/vb/index.php)
-   المنتدى الإسلامي (http://alsoque.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   فتش عن نفسك في القرآن. (http://alsoque.com/vb/showthread.php?t=467)

السوقي الخرجي 06-27-2009 06:56 PM

فتش عن نفسك في القرآن.
 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على من لانبي بعده.

وبعد:
فإنني كلما فتحت مصحفا أو أصغيت إلى قارئ وجدت أن القرآن الكريم تحدث عن الإنسان بشكل أذهل عقلي وجعلني أكثر يقينا بأننا بحاجة ماسة إلى تدبر القرآن , وإلى التأمل في هذا الخطاب المركز والذي خوطب به الإنسان بشكل لم يترك أي مفصل من مفاصل حياة الإنسان إلا وبينه أتم بيان .
إخوتي رواد هذا المنتدى أملي أن نفتش جميعا عن أنفسنا من خلال القرآن الكريم وهذه بداية متواضعة مني , أرجو أن يزيد كل واحد منا مايراه مناسبا في هذا الموضوع فإن حقوق الزيادة أو التغيير أو تبديل العنوان حق للأعضاء في هذه المنتديات.
ونرجو من الإخوان أن يبحروا في لج هذا الموضوع إضافة وتصحيحا وزيادة حتى نقدر على منح وصفة لمرضى القلوب من صيدلية القرآن مساهمة منكم في علاج الكثير من المشاكل التي يعاني منها المسلم في حياته اليومية, لعلها تكشف غمته, وتنير طريقه, وتخفف عليه مايعانية من صخب هذه الحياة وضجيجها وهناك أمور يمكن أن تساعدنا في تعاملنا مع القرآن الكريم ونمر بها بين يدي موضوعنا هذا وهي:
أ‌- حسن الفهم ولا يحصل إلا بالأمور الآتية وهي:
1- حسن الصلة وتتم بكثرة التلاوة قال تعالى :( إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ } [ النمل:91-92] .
2- حسن التلاوة وهي أمر رباني قال تعالى: ( ورتل القرآن ترتيلا) الآية.
3- حسن التدبر والتذكر قال تعالى ({كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ صّ:29 ]
وقد جمع الأمران (حسن الصلة وحسن التدبر) في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .
ب - قوة اليقين.
وأبرز ما ينبغي الإيمان واليقين به كبريات الحقائق المتصلة بالقرآن ومنها :
أ- الكمال المطلق :
اليقين بأن ما في القرآن من العقائد والشرائع والأحكام والآداب هو الكمال الذي لا نقص فيه، وهو الذي تتحقق به السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، وهو الذي يلبي الاحتياجات، ويحل المشكلات، ويعالج المستجدات، فالله جل وعلا قال:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً } [ المائدة:3]، وفي كل ميدان ومجال نجد القرآن يقدم الأكمل والأمثل والأفضل : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء:9].
ب- الشمول التام :
فاليقين لا بد أن يكون جازماً بأن القرآن شامل شمولاً عاماً، فهو بالنسبة للفرد يخاطب عقله وروحه وجوارحه، وهو لا يقتصر على العناية بشأن الآخرة دون شأن الدنيا، ولا ينحصر في شعائر العبادة دون تنظيم شؤون المعاملات، وإحكام نظام القضاء والمرافعات، وأسس السياسة وقواعد الاجتماع إلى جميع شؤون الحياة، كما قال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } [
وهيا بنا نبدأ بالنفس ثم بملك الأعضاء القلب.
النفس.
النفس هي الروح وتطلق أيضا على الجسد.
النفس تنقسم باعتبار صفاتها لاباعتبار ذواتها إلى ثلاثة أقسام هي:
1- النفس اللوامة ومعنى اللوامة أنها تتردد بين وتتلون أو هي من اللوم قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (وعبارات السلف تدور على هذين المعنيين).
2- النفس المطمئنة وهي نفس مطمئنة إلى ربها وهي أشرف النفوس وأزكاها
3- ونفس مجاهدة صابرة ونفس مفتونة بالسهوات والهوى وهي النفس الشقية التي حظها الألم والعذاب والبعد عن الله تعالى والحجاب.
تحدث القرآن عن النفس في عدة مواضع منها:
1- موضوع الهامها الفجور والتقوى قال تعالى:
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)
وهكذا هنا ، فالله تعال هنا خلق تلك النفس أولاً ، ثم سواها على حال تقبل تلقي الإلهام بقسيمة : الفجور والتقوى ، ثم تسلك أحد الطريقين ، فكأن مجيء القسم بها بعد تلك المسميات دلالة على عظم ذاتها وقوة دلالتها على قدرة خالقها ، وما سواها مستعدة قابلة لتلقي إلهام الله إياها .
تنبيه
وفي مجيئها بعد الآيات الكونية . من شمس وقمر وليل ونهار ، وسماء وأرض ، لفت إلى وجوب التأمل في كل المخلوقات يستلهم منها الدلالة على قدرة خالقها والاستدلال على تغير الأزمان ، وحركة الأفلاك ، وإحداث السماء بالبناء أنه لا بد لهذا العالم من صانع ، ولا بد للمحدث المتجدد من فناء وعدم .
كما عرض إبراهيم عليه السلام على النمروذ نماذج الاستدلال على الربوبية والألوهية ، فأشار إلى الشمس أولاً ، ثم إلى القمر ، ثم انتقل به إلى الله سبحانه .
وقوله : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [ الشمس : 8 ] ، إن كان ألهمها بمعنى هداها وبين لها ، فهو كما في قوله : { وَهَدَيْنَاهُ النجدين } [ البلد : 10 ] ، وقوله : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل } [ الإنسان : 3 ] ، وهذا على الهداية العامة ، التي بمعنى الدلالة والبيان.
2- احضار الأعمال وماجنته النفس, مع تحذير الباري لهذه الأنفس بنفسه سبحانه.
قال تعالى : ({ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) }
قال الإمام ابن كثير : (وهذا تنبيه منه لعباده على خوفه وخشيته، وألا يرتكبوا ما نهى عنه وما يَبْغضه منهم، فإنه عالم بجميع أمورهم، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة، وإنْ أنظر من أنظر منهم، فإنه يمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر.)
وقال العلامة ابن عاشور: (وأسند الإحضار إلى النفوس لأنها الفاعلة للأعمال التي يظهر جزاؤها يومئذ فهذا الإسناد من إسناد فعل الشيء إلى سَبب فعله ، فحصل هنا مجازان : مجاز لغوي ، ومجاز عقلي ، وحقيقتهما في قوله تعالى : { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء } .
أثر القرآن على القلب.
قال الامام ابن القيم رحمه الله:
ولما كان القلب لهذه الأعضاء كالملك المتصرف في الجنود الذي تصدر كلها عن أمره ويستعملها فيما شاء فكلها تحت عبوديته وقهره وتكتسب منه الاستقامة والزيغ وتتبعه فيما يعقده من العزم أو يحله قال النبيr
: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله فهو ملكها وهي المنفذة لما يأمرها به القابلة لما يأتيها من هديته ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تصدر عن قصده ونيته وهو المسئول عنها كلها لأن كل راع مسئول عن رعيته : كان الاهتمام بتصحيحه وتسديده أولى ما اعتمد عليه السالكون والنظر في أمراضه وعلاجها أهم ما تنسك به النا سكون ولما علم عدو الله إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه أجلب عليه بالوساوس وأقبل بوجوه الشهوات إليه وزين له من الأحوال والأعمال ما يصده به عن الطريق وأمده من أسباب الغى بما يقطعه عن أسباب التوفيق ونصب له من المصايد والحبائل ما إن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق فلا نجاة من مصايده ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله تعالى والتعرض لأسباب مرضاته والتجاء القلب إليه وإقباله عليه في حركاته وسكناته والتحقق بذل العبودية الذي هو أولى ما تلبس به الإنسان ليحصل له الدخول ضمان إن عبادي ليس لك عليهم سلطان [ الحجر : 42 ] فهذه الإضافة هي القاطعة بين العبد وبين الشياطين وحصولها سبب تحقيق مقام العبودية لرب العالمين .
وتحدث القرآن الكريم عن أوضاع القلب, وأحواله وأن منها:
1- الفظاظة والغلظة فقال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ثم تحدث عن علاجهما وهو العفو + الاستغفار+ المشاورة.
فقال: ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (159.
2- الاثم في كتمان الشهادة فقال : وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.
3- الطمأنينة بذكر الله قال تعالى : (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28
4- تعظيم شعائر الله وأنها من تقوى القلوب قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
5- عدم التأثر بآيات الله وأن العمى الحقيقي هو عمى القلب قال تعالى :(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (46).
رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)
) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18).
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35
) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37).
ذات الصدور.
لما تحدث القرآن عن النفس ثم عن ملك الأعضاء القلب أراد أن يبين لنا ضرورة الحذر من النوايا والضمائر السيئة والخواطرالخبيثة فقال (إنه عليم بذات الصدور)
أثره على اللسان.
قال تعالى : (مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
ولاننسى أن المراقبة هنا تتعلق بما في الأقوال من خير أو شرّ وكذلك قال ابن عباس وعكرمة . وقال الحسن : يكتبان كل ما صدر من العبد ، قال مجاهد وأبو الجوزاء : حتى أنينه في مرضه . وروي مثله عن مالك بن أنس . وإنما خص القولُ بالذكر دون غيره لما في القول من تأثير على المدى القريب والبعيد على مستوى الأفراد والجماعات.
أثره على اليد.
قال تعالى : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28).
ولا يخفى أن أول جرم وقع في الأرض كان بواسطة اليد هذ أمر .
الأمر الثاني أن اليد لها علاقة كبيرة بفلسفة الأخلاق بصفة عامة وشاملة فأمر المسلمون بأن يكونوا وسطا بين كونها مغلولة في الأ عناق وبين بسطها الغالي في إنفاق, قال تعالى:(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا). (29)
قال العلامة ابن عاشور :
ومعنى { يد الله مغلولة } الوصف بالبخل في العطاء لأنّ العرب يجعلون العطاء معبَّراً عنه باليد ، ويجعلون بَسْط اليد استعارة للبذل والكرم ، ويجعلون ضدّ البسط استعارة للبخل فيقولون : أمسك يدَه وقبَض يده ، ولم نسمع منهم : غَلّ يدَه ، إلاّ في القرآن كما هنا ، وقوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عُنقك } في سورة الإسراء ( 29 ) ، وهي استعارة قويّة لأنّ مغلول اليد لا يستطيع بسطها في أقلّ الأزمان ، فلا جرم أن تكون استعارة لأشدّ البخل والشحّ .
أثره على الأرجل.
قال تعالى : (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا )(37).
قال الزمخشري : (لن تجعل فيها خرقاً بدوسك لها وشدّة وطأتك . وقرىء «لن تخرُق» ، بضم الراء { وَلَن تَبْلُغَ الجبال طُولاً } بتطاولك . وهو تهكم بالمختال ).
وقال العلامة ابن عاشور : (نهي عن خصلة من خصال الجاهلية ، وهي خصلة الكبرياء ، وكان أهل الجاهلية يتعمدونها . وهذه الوصية الخامسة عشرة .
والخطاب لغير معين ليعم كل مخاطب ، وليس خطاباً للنبيء صلى الله عليه وسلم إذ لا يناسب ما بَعده .
والمَرح بفتح الميم وفتح الراء : شدة ازدهاء المرء وفرحه بحاله).
وكذلك فإن القرآن عبر عن العمل الصالح بالقدم الصدق فقال: وبشرالذين آمنوا أن لهم قدم صدق عندربهم)الآية.
أثره على البطن.
وقد ذكر البطن في القرآن نكتفي منها بموضعين هما الصق وأعلق بموضوعنا وهي:
1- كتمان العلم.
2- أكل مال اليتيم.
قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174).
وقال: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونها نارا وسيصلون سعيرا).

السوقي الخرجي 06-27-2009 07:01 PM

فتش عن نفسك في القرآن (2).
 
أثر القرآن على الوجه.
روى البيهقي في دلائلالنبوة عن محمد بن كعب قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة ، وكان سيدا حليما قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد : يا معشر قريش ، ألا أقوم إلى هذا فأكلمه فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منا بعضها ويكف عنا ؟ قالوا : بلى يا أبا الوليد ، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ، فيما قال له عتبة ، وفيما عرض عليه من المال والملك وغير ذلك حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أفرأيت يا أبا الوليد ؟ » قال : نعم ، قال : « فاسمع مني » قال : أفعل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد فيها ، ثم قال : » سمعت يا أبا الوليد ؟ « قال : سمعت . قال : فأنت وذاك . فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم ، قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : ورائي أني والله قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط ، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة . يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي . خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه ، واعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به . قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه فقال : هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم.
أثره على السمع.
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2).
{ قالوا يا قَوْمنا إنَّا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدّقا لما بين يديه يهدي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويُجركم من عذاب أليم }
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
أثر القرآن على البصر.
تحدث القرآن عن غض البصر وأنه أطهر للنفوس, وأطهر للقلوب :

قال تعالى : { قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلك أزكى لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } [ النور : 30-31 ] الآية .
قال العلامة محمد المين الشنقيطي : في قوله تعالى : { ولاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } فيه وجهان من التفسير :
الأول - أن معنى الآية -أن الإنسان يسأل يوم القيامة عن أفعال جوارحه فيقال له : لم سمعت ما لا يحل لك سماعه؟ ولم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر فيه!؟ ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه!؟
ويدل لهذا المعنى آيات من كتاب الله تعالى ، كقوله : { وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ النحل : 93 ] ، وقوله { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92-93 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
والوجه الثاني - أن الجوارح هي التي تسأل عن أفعال صاحبها ، فتشهد عليه جوارحه بما فعل .
قال القرطبي في تفسيره : وهذا المعنى أبلغ في الحجة . فإنه يقع تكذيبه من جوارحه وتلك غاية الخزي كما قال : { اليوم نَخْتِمُ على أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ يس : 65 ] ، وقوله : { حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ فصلت : 20 ] .
قال مقيده عفا الله عنه : والقول الأول أظهر عندي ، وهو قول الجمهور .
وفي الآية الكريمة نكتة نبه عليه في مواضع أخر . لأن قوله تعالى : { إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } يفيد تعليل النهي في وقله : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } بالسؤال عن الجوارح المذكورة ، لما تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه : أن « إن » المكسورة من حروف التعليل . وإيضاحه : أن المعنى انته عما لا يحل لك لأن الله أنعم عليك بالسمع والبصر والعقل لتشكره ، وهو مختبرك بذلك وسائلك عنه ، فلا تستعمل نعمه في معصيته .
ويدل لهذا المعنى قوله تعالى : { والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ النحل : 78 ] .
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) الآية.
أثره على العين.
1- فيضان الدموع وهو سيلان الدمع بشدة عند سماعة قال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرسول ترى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق }.
قال ابن كثير : (قال سعيد بن جبير: نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم: { يس . وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } حتى ختمها، فجعلوا يبكون وأسلموا، ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } يعني: من قبل هذا القرآن كنا مسلمين، أي: موحدين مخلصين لله مستجيبين له).
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي فكل هذه الآيات فيها الدلالة على أنهم إذا سمعوا آيات ربهم تتلى تأثروا تاثراً عظيماً ، يحصل منه لبعضهم البكاء والسجود . ولبعضهم قشعريرة الجلد ولين القلوب والجلود ، ونحو ذلك , وقال :
(أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) (58).
أثره على الصوت.
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)
{ الأصوات }
( 19 ) - وَامشِ مُقْتَصِداًَ فِي مَشْيِكَ ، عَدْلاً وَسَطاً بَيْنَ البَطِيءِ المُتَثَبِّطِ ، والسَّريعِ المُفْرِطِ ، وَلا تُبَالِغْ فِي الكَلاَمِ ، وَلا تَرْفَعَ صَوْتَكَ فِيمَا لا فَائِدَةَ مِنْهُ ، وَحِينَما لاَ تَكُونَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلى رَفْعِ الصَّوتِ ، فَذَلِكَ يَكُونُ أَوْقَرَ لِلمُتَكَلِّمِ ، وأَبْسَطَ لِنَفْسِ السَّامِعِ . ثُمَّ قَالَ لُقْمَانُ لاْبِنِهِ مُنَفِّراً إِيَّاهُ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِ حِينَما لاَ يَكُونُ هُنَاكَ حَاجَةً لِذلِك : إِنَّ الحِمَارَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عِندَ النَّهِيقِ ، ولكِنَّ الصَّوْتَ الذِي يَصْدُرُ عَنْهُ قَبيحٌ مُنْكَرٌ ، فَلاَ يَلِيقُ بالإِنسَانِ العَاقِلِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلَ الحِمَارِ .
اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ - تَوسَّطْ فِي المَشيِ بَينَ الإِسراعِ والإِبَطَاءِ .
اغْضُضْ - اخفِضْ وَانْقِصْ .
فائدة.
من نكر صوت هذا الحيوان أنه لو مات تحت الحمل لا يصيح ولو قتل لا يصيح وفي أوقات عدم الحاجة يصيح وينهق ، وأما سائر الحيوانات فلا يصيح إلا لحاجة.
أثر القرآن على الخد.
قال ابن كثير:
{ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } يقول: لا تُعرِضْ بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك، احتقارًا منك لهم، واستكبارًا عليهم ولكن ألِنْ جانبك، وابسط وجهك إليهم، كما جاء في الحديث: "ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه مُنْبَسِط، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المِخيلَة، والمخيلة لا يحبها الله".
قال شقيق : ما من صباح إلفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ا قعد لي الشيطان على أربعة مراصد : من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن
شمالي فيقول : لا تخف فإن الله غفور رحيم فأقرأ وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى [ طه : 82 ] وأما من خلفي فيخوفني الضيعة على من أخلفه فاقرأ : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها [ هود : 6 ] ومن قبل يميني يأتيني من قبل النساء فاقرأ : والعاقبة للمتقين [ الأعراف : 128 ] ومن قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فاقرأ : وحيل بينهم وبين ما يشتهون [ سبأ : 24 ] .
أثره على الجلد.
قال تعالى : { الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله } [ الزمر : 23 ] . قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي فكل هذه الآيات فيها الدلالة على أنهم إذا سمعوا آيات ربهم تتلى تأثروا تاثراً عظيماً ، يحصل منه لبعضهم البكاء والسجود . ولبعضهم قشعريرة الجلد ولين القلوب والجلود ، ونحو ذلك.
ولو مررنا مرا سريعا على ما سوى الإنسان من الجن والمخلوقات الأخرى لوجدنا شيئا عجبا, يدعو إلى التأمل والتفكر ونبدأ بالجن.
الجن .
تأثر المؤمنون من الجن بالقرآن في مناسبتين .
1- مرحلة الإيمان والتدبر والتذكر قال تعالى: ({ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) (2).
2- مرحلة الدعوة والتبليغ قال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32) }.
أثره على الجبال والأحجار وكان تأثرها على نوعين.
لايخفى أن الجبال من أعظم مخلوقات الله , فهى في منزلة من القوة والعظمة لايتطاولها أي مخلوق قال تعالى : إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا), ومع ذلك فهي من أشد هذه المخلوقات خوفا من الباري سبحانه ونذكر بعضا من مظاهر خوفها من الله منها:
1- الهبوط من خشية الله قال تعالى: (وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الحكم بن هشام الثقفي، حدثني يحيى بن أبي طالب -يعني يحيى بن يعقوب-في قوله تعالى: { وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ } قال: هو كثرة البكاء { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ } قال: قليل البكاء { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } قال: بكاء القلب، من غير دموع العين.
وقد زعم بعضهم أن هذا من باب المجاز؛ وهو إسناد الخشوع إلى الحجارة كما أسندت الإرادة إلى الجدار في قوله: { يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ } قال الرازي والقرطبي وغيرهما من الأئمة: ولا حاجة إلى هذا فإن الله تعالى يخلق فيها هذه الصفة كما في قوله تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } الآية، وقال: { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } و { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ } الآية، { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } { لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ } الآية، { وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ } الآية، وفي الصحيح: "هذا جبل يحبنا ونحبه"، وكحنين الجذع المتواتر خبره، وفي صحيح مسلم: "إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن" وفي صفة الحجر الأسود أنه يشهد لمن استلمه بحق يوم القيامة، وغير ذلك مما في معناه. وحكى القرطبي قولا أنها للتخيير؛ أي مثلا لهذا وهذا وهذا مثل جالس الحسن أو ابن سيرين.. وكذا حكاه الرازي في تفسيره وزاد قولا آخر: إنها للإبهام بالنسبة إلى المخاطب كقول القائل أكلت خبزًا أو تمرًا، وهو يعلم أيهما أكل، وقال آخر: إنها بمعنى قول القائل كل حلوًا أو حامضًا؛ أي لا يخرج عن واحد منهما؛ أي وقلوبكم صارت كالحجارة أو أشد قسوة منها لا تخرج عن واحد من هذين الشيئين. والله أعلم.
2- الخشوع والتصدع قال تعالى : ({ لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله } [ الحشر : 21 ] .
3- الشفقة قال تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)
4- الخرور من خشية الله:
(وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً إِن كُلُّ مَن فِي السماوات والأرض إِلاَّ آتِي الرحمن عَبْدا).
5 - التأويب وترجيع التسبيح :
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) } .
ولناعودة بإذن الله.

رايق ولايق 06-28-2009 10:30 PM

بسم الله الرحمن الرحيم موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

موضوع أكثر من رائع , وقد استفدت منه فوائد هي درر مصونة , يحتاج إليها قارئ القرآن في هذه الايام

أبوعبدالله 08-23-2009 12:44 AM

أخي وشيخي الكريم السوقي الخرجي
لقد أمتعتنا بسياحة قرآنية إيمانية تأمليه في أنفسنا
الله اسأل أن ينفعنا بها ويجزيك عنا كل خير
فلإنسان المعني بالرسالات و الخليفة في الأرض هو نفسه المعني بهذه الرسائل والتوجهات الربانية التي يفلح من فقهها ويبور ويخسر من جحدها
فقد أشتمل بحثك على مواضيع عدة كل موضوع منها يستحق أن يكون بحثامستقلا لأهميته لنا جميعا. فقد تناولت الكمال المطلق والشمول التام والنفس وإلهامها
و فجور وتقوهاوما جنته.وأثرالقرآن على القلب و الفظاظة والغلظة وعلاجهما والعفو والاستغفارو المشاورة وآثارهما على النفس والطمأنينة بذكر الله وتعظيم شعائر الله وأنها من تقوى القلوب
وبعد ذالك أمتعتنا بومضات إيمانية حول بعض أعضاء جسد الإنسان وذكرها في القرآن مثل الصدوروما يختلج فيها واللسان والتحذير منه واليد وبسطها في الخير وكفها عن الغير وكذالك الأرجل وما ينبغي أن تقودنا إليه والتفكربأنها من نعم الوهاب علينا والبطن بتحذيرنا بي ملإها بالحرام وكذالك دورهافي حفظ ماحوته و أكل مال اليتيم والوجه وبما يونبئ به من مكنوناتنا و السمع و البصر و العين ودورهما في تلقي العلم والمعارف وتفضل الله بهما علينا و الصوت و الخد و الجلد وبعد ذالك نقلتنا إلى مرحلة الإيمان والتدبر والتذكر وأثارهما والتفكر في الجبال والأحجاروما يحدث من هبوطهما وتصدعها من خشية الله
وشفقة الباري علينا بتحملنا للأمانة من جهلنا وظلمنا لأنفسنا.
ألله أسأل أن يهدنا إلا مرضاته
ويغفر لنا ما قدمنا وما أسررنا وأعلنا وما هو أعلم به منا إنه سميع الدعاء

أداس السوقي 08-23-2009 02:10 AM

الشيخ السوقي الخرجي :
جزاك الله خيرا على الموضوع ، لقد قرأت ما قرات واستفدت - وكما قال اليعقوبي في تعليق له على موضوع آخر: ولو كان عندي شيء لزدت.

mtmaam 09-18-2009 12:55 AM

رد: فتش عن نفسك في القرآن.
 
شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــرا لكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــم

اسماعيل احمدوا 08-11-2010 01:12 AM

رد: فتش عن نفسك في القرآن.
 
اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك


الساعة الآن 03:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010