منتديات مدينة السوق

منتديات مدينة السوق (http://alsoque.com/vb/index.php)
-   منتدى الأعلام و التراجم (http://alsoque.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   17.أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي (http://alsoque.com/vb/showthread.php?t=2211)

الدغوغي 03-18-2014 02:32 PM

17.أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي
 
17. أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي :

هو الشيخ أحمد بن الشيخ بن أحماد الكبير بن محمد المعروف باسم أنْك بن أبي بكر بن أَدّ بن الغزالي ينتهي نسبه إلى إلى الشريف إبراهيم الدغوغي .
ترجم له البرتلي في فتح الشكور(1) .
وترجم له الشيخ العتيق في كتابه فقال : هو أول من رأى الانعزال عن مجمع السوقيين الذين اجتمعوا فيه لإقامة الدين وتجديد ما عفا من سنن سلفهم بسبب الشتات الواقع فيهم فيما قبل دولة آل كَرِدَنَّ ، وكان من أمرهم بالاجتماع فيما يقال محمد البشير بن أَمَّدْ جد إكَدَشْ الذين في أرض مَنَكَا فكانوا على رأيه من الاجتماع والاتحاد مدة مديدة ثم بدا لهذا الشيخ وابن عمه محمد أحمد المعروف باسم هَمّهَمّ وهو جد من ينتمي إلى الغزالي بن على من أهل تَكَلَلْتْ أن ينعزل عن المجتمع السوقي وينفردا في موضع خال يقدران فيه على إقامة شيء من حدود الشريعة وتجديد شيء من العمل بكتاب الله وسنة رسوله ويفرا من الفتن التي تلازم مواضع الجماعات فلما أبزا مضمرهما من اعتزال المجمع شق ذلك على أصحابهما فقام رجلان من ذرية الثمانية المشهرين باسم أَتَّمَنْ وقلا لهما نحن معكما حيثما توجهتما ، والرجلان محمد بن ونكلّ من ذرية الشيخ الشهير أبي الهدى أحد الثمانية ، وابن عمه محمد الإمام بن محمد بن أحمد بن ربيعة أخي أبي الهدى وسار الأوتاد الأربعة إلى موضع بينه وبين محل المجمع السوقي مسيرة يوم وذلك أول انعزال الطائفة المسماة أهل تَكَلَلْتْ واستقلالهم بمسجد ينفذون فيه ماشاءوا من غير تقيد بأحد ولم يزالوا على استقلالهم الديني من ذلك اليوم في أوائل القرن الثاني عشر إلى يومنا هذا وهو آواخر الرابع عشر ، وإنما ذكرت هذا في ترجمة الشيخ أحمد لأن أثره فيه مبارك محمود لم تزل بركته تعود على المسلمين من أهله وغيرهم إلى الآن وسيأتي سرد هذه القصة في ترجمة جدنا محمد أحمد المعروف باسم هَمّهمّ .
رجعنا إلى الكلام على الشيخ أحمد بن الشيخ قال فيه الشيخ حمدَ بن محمد بن حدي ما لفظه : وهو سيد الأساتذة وشيخ التلامذة وكان ممن يضرب به المثل في العلم ويشار إليه بالبنان في التعليم .
وقال فيه صاحب فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور كان رحمه الله فقيهاً نحوياً لغوياً محدثاً أصولياً بيانياً منطقياً متفناً أخذ عن شيخه العلامة المحدث الفقيه الصالح سيدي محمد بغيغ الونكري التنبكتي صحيح البخاري وصحيح مسلم وكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى والموطأ والخصائص الكبرى والصغرى للسيوطي ، وأخذ عنه شيخنا سيدي أحمد بن سيدي محمد بن موسى أيجل الزيدي والقاضي سنبير بن القاضي سيد الوافي جميع مروياته من الحديث والفقه وغيرها بشرط الوقوف عند ما أشكل والمراجعة لما أعضل ، وأخذ عنه الشيخ سيدي أحمد بن سيدي صالح البلاغة والمنطق وعلم الأصول وعلم الحكم والحديث وعلم التفسير ، وأخذ عنه ابنه الشيخ محمد الأمين ، ولم أقف على تاريخ وفاته 0 اهــ
ثم قال : في ترجمة الشيخ الشهير العالم الكبير قاضي أَرَوَانْ وجد القضاة من آل أحمد بن آدّ في تنبكت ما نصه : وأجازه الشيخ سيدي أحمد بن الشيخ السوقي أن يروي عنه جميع مروياته عن شيخه من الحديث والفقه وغيرهما وعن جملة ما أجازه صحيح مسلم والخصائص الكبرى والصغرى للسيوطي0 اهـ
قلت وممن أخذ عنه من غير أهل بلده باب ابن الفغ بكر الفلاني الماسني ...........
................ وممن أخذ عنه من العلماء الأجلاء الذين صاروا أئمة في الدين الشيخ المختار بن أحمد الكنتي لكن بواسطتين فقد ذكر صاحب الطرائف والتلائد أنه أخذ رواية كتب الحديث عن شيخه سيدي علي بن النجيب عن شيخ له سماه عن الشيخ أحمد بن الشيخ السوقي ، وممن أخذ عنه أبناءه الثلاثة محمد أحمد ومحمد الأمين ومحمد المعروف باسم حمّا وهو الذي صارت إليه وراثة أبيه من المشيخة وأخذ الناس عنه ، وممن أخذ عنه أبناء بنته محمد وأحمد أبناء محمد أحمد المعروف باسم همّهمّا أخذا عن جدهما أحمد بلا واسطة وبواسطة ابنه حمّا ، وأما شيوخه في بلده الذين أخذ عنهم العلم فلم أر من اعتنى بتدوين اسمائهم وضبط المأخوذ عنهم وليس من عادة أهل بلده الإعتناء بمثل ذلك قديما ولا حديثا إلا ما كان من أشياخ الرواية في كتب الحديث فإنه لم يزل مضبوطا من عهد هذا الشيخ الذي جدد أمر الرواية في بلادنا إلى الآن ، وقد ألف رسالة في نحو عشر ورقات يذكر فيها حالة أهل عصره من إهمال الأسانيد وقراءة كتب الحديث بالرواية ويذكر فيها ما لقي من بعض معاصريه من شديد الأذى وسوء القول لما أخبرهم أن مقتضى النقول التي وقف عليها أن الحديث لا تجوز قراءته بغير رواية فهو بنفسه يختار أن يفوته أجر قراءة الحديث على أن يبوء باثم قراءته من غير رواية فأمسك عن القراءة فقامت قيامة معارضيه وعجزوا عن مقاومة نقوله بمثلها فعمدوا إلى تضليله ونسبته إلى البدعة وإلى تضليله للأسلاف والأشياخ الذين لم يقل واحد منهم مثل قوله
ويذكر من جوابه لهم قوله :
( أما قول بعضهم لو كان الأمر كما ذكر من منع قراءة الحديث بلا رواية ما عمل أسلافنا السوقيون بخلافه ؟ فالجواب أن الأسلاف رحمهم الله ونفعنا ببركاتهم لا نسلم أنهم عملوا بخلاف ذلك بل المظنون به أنهم لا يقرأون الحديث إلا بعد روايته كما هو اللائق بأمثالهم ممن اشتهر بالعلم والتقوى ولا يلزم من عجزنا عن الشيء عجزهم عنه ولا من عدم اطلاعنا عليه عدم اطلاعهم عليه ولا من تساهلنا في ترك المأمورات وارتكاب المنهيات تساهلهم فيها هذا مع أن من أدعى ذلك لم يدع سبيلاً إلى العلم به ولم يكن عنده كتب فيها ذكر أحوالهم ومناقبهم لعدم اعتياد التواليف الكافلة بذلك في بلادهم كما هو العادة في غيرها فصار الأمر إلى جهلنا بكثير من أحوالهم ونعلم من أحوالهم العلم والدين بتلقفنا ذلك عمن ادركنا فوجب علينا أن نظن بهم الخير بفعل المأمورات ما لم يثبت خلاف ذلك فإذا ثبت خلاف ذلك على من ثبت ممن ليس بمعصومٍ فلا نقول باستحالته فإذاً البينة على من يدعي على اسلافنا السوقيين قراءة الحديث بلا رواية مع ما اشتهروا به من العلم والدين لا على من لم يقع منهم سوى اطلاعه على المنع في المسألة وتركه لمّا اطلع على منعه من غير تعرضٍ لما عليه اسلافنا السوقيين في المسألة ولا لعملهم فيها، هذا وقد وجدت في كتبهم ما يدل على عملهم بالمطلوب من الرواية إذ قد وجدت في خط كتب كاتبه في آخره أنه إنْدَغْ محمد ما نصه استدعى مني العالم المتفنن محمد بن الشيخ محمد بن عالّ إجازة صحيحي البخاري ومسلم وكتاب الشفا للقاضي عياض فأجزت له روايتها عني بروايتي لها ثم ساق سنده بصحيح البخاري إلى أن وصل إلى مؤلفه الشيخ محمد بن اسماعيل البخاري ، وساق سنده بصحيح مسلم إلى مؤلفه مسلم بن الحجاج ، وساق سنده بكتاب الشفا للقاضي عياض إلى مؤلفه ويكفيني ذلك في تقوية ظني بأن اسلافنا السوقيين معتنون بالرواية وهو المطلوب لرد ما يلبس به بعض الطلبة في هذه البلاد ، إنهم متى ظهر لهم نقل يخالف معتقدهم أو غرضهم وعجزوا عن نقل أشهر وأقوى منه ليعتمد ، أو أوضح ليزول الإشكال دفعوه باعتراضات لا جدوى لها ومن جملتها أنهم ينصبونها لمن لم يحصل ما يؤذيهم حبالةً ليوقعوه فيها فيحصل لهم الانتقام منهم والشماتة بهم ونسيانه النقل المخالف لغرضهم وتلك الحبالة قولهم أسلافكم اعلم منكم واسبق وأفضل وهم لم يقولوا هذا ولم يعملوا به بل إنما حدث من عندكم حفظنا الله من محدثاتكم أو حفظنا الله من فلان بن فلان أو يا فلان احذر من الشيطان أن يضلك عما عليه السلف وهذا كله إنما يقولونه ليوقعوا الواقف على النقل في مهالك الدنيا والآخرة بانتقاص أسلافنا السوقيين المشتمل على مهالك الدنيا والآخرة إذ يخاف على منتقصهم مع ما اشتهروا به من العلم والصلاح والولاية أن يعاقب بثلاث عقوبات أو واحدة منها إما بتفريق الهموم في الدنيا بمحبة الفخر والتكاثر أو عمى القلب عن التصديق بمواهب خاصة الله أو موالاة أعداء الله ويخاف عليه أيضاً من سوء الخاتمة
مر إلى أن قال : ( أي شيء يحمل على انتقاصهم وقد بان الرشد من تعظيمهم واحترامهم وتحسين الظن بهم من الغي من ضد ذلك بل قد تحققنا والحمد لله أن ما وصلنا من علمهم وفضلهم وديانتهم معشار معشار معشارهم ولكن لا يمكننا أن نعتذر لكل ما ظهر لنا من النقول مخالفاً لما نعتقد ولما نريد بالكذب عليهم بأنهم عملوا بخلافه مع جهلنا بعلمهم إذ لا نجد في كل نازلة وجدنا فيها النقل خبراً تطمئن النفس إليه بأنهم أفتوا فيها بكذا مخالفاً للنقل ولا كتاباً فيه ذلك لعدم اعتيادهم للتـأليف فمضوا مع علمهم وأحوالهم فلم يبق لنا الاقتداء بهم إذ لا يتصور الاقتداء بمن لا ترى أثره وما بقي لنا إلا التبرك باحترامهم وتعظيمهم والاقتداء بامثالهم الذين صنفوا الكتب التي بينوا لنا فيها الحلال والحرام فليس العمل بما في الكتب قادحاً في مناصبهم بل ولا في مناصب الطلبة الذين كانت احوالهم ناطقة بقدحهم فيهم والعياذ بالله تعالى ) . مر إلى أن قال في مقام الاحتجاج على أن مخالفة المرء لأشياخه وأسلافه طالباً للحق والصواب ليست قدحاً فيه ما نصه : ( وقد قال السيوطي في الدوران الفلكي عن ابن الكركي وكذا إني أصرف عمري في أذى الناس مشيراً إلى ما أصنفه في الوقائع العلمية ذكرى لمن هو ناس ورداً للخطأ ببيان الصواب وكشف الالباس وهذا فرض من فروض الدين بين وحتم لازم لمن هو عليه متعين أمر الله به العلماء في الكتاب وحث عليه رسوله ووعد عليه بجزيل الثواب وأوعد على كتمه من غير عذر بوبيل العقاب وفعله الصحابة والأتباع طراً والأئمة الأربعة بعدهم وهلم جرا ، لا يرى أحد منهم في العلم مجابهم ولا يراعي فيه شيخه وما كان يسميه إلا الاساتذة 0 ورد المزني على استاذه الشافعي ولم يجد له عن الرد ملاذٌ ورد إمام الحرمين على أبيه في عدة مسائل وأقام على تخطئة والده في كتاب النهاية 0 وألف السبكي في حديث الاعتكاف كتابه قدر الامكان وأوقفه عليه فشكره وسماه له شحذ الأذهان 0 اهـ
وقد ألف أيضاً كتاباً سماه ( تشييد الأركان من لم ليس في الامكان ) أبدع مما كان راداً به على عالمٍ ألف كتاباً رد به على حجة الإسلام أبي حامد الغزالي قوله ليس في الإمكان أبدع مما كان وسماه هدم الأركان من ليس في الامكان أبدع مما كان ، فإذا تحقق أن رد العلماء على من أخطأ فرض فلا حامل لهم على ترك الفرض ولا عبرة بإرضائي بما يخالف الشرع بل العبرة برضى الله ورسوله والعياذ بالله من إرضاء المخلوق بسخط الخالق )
مر إلى أن قال : ( ثم لا بد من الإتيان ببعض الشكاية لساداتنا وعلمائنا السوقيين فيما أذاب الأكباد ، وأشاب الأولاد وأضحك الحسود وذهب ببركات البلاد وحبس الأحرار والعبيد عن الدخول في زمرة جنة الخلود ، ورماهم في أهل دار الوقود من الجرأة على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل من لا تمييز له بين الفاعل والمفعول بل ومن لا يحسن حروف التهجي من أ ب ت ث ولا تكذبوني فلقد سمعت بعض من يتصدى للتحديث يقول في هجاء عين عين بالكسر ولا يتصور منه أن يقولوا كلمتين إلا وقد لحنوا لحناً فاضحاً وهو صلى الله عليه وسلم لا يلحن فيكذبون عليه فيدخلون في عموم الوعيد الدال عليه الحديث الذي أسنده البخاري في أول ثلاثياته ) مر إلى أن قال : ( لو اعتصب معكم كل من في البلد لم يردني ذلك عن ذب الكذب عن صاحب الشريعة ولو اجتمع أهل المشرق والمغرب في صف كان جانب نصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أقوى ذريعة
ومن تكن برسول الله نصرته
إن تلقه الأسد في آجامها تجم


وكل جمع قام في نصرة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مخذول ومن رام العلو في الأرض بالباطل فهو ساقط مرذول ومن نصر كاذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد فجر ومن هجى من انتصر للنبي صلى الله عليه وسلم فقد كفر ووراء ذلك من الله كل خزي ونكال ، وكل هوان وإذلال )
مر إلى أن قال : ( وقال الإمام الشافعي إذا علم الرجل من محدث الكذب لم يسعه السكوت لأن العلماء نقاد ولا يسع الناقد إلا تبيين الزيوف 0 اهـ ما أردت نقله من كلامه وهو يتضمن دروساً مهمة من خبر المؤلف نفسه ومن خبر أهل عصره وسلفه حيث وصف نفسه بأنه واقف عند الأمر ، والنهي متبصر فيما يأتي وما يذر ، وذاب عن حديث سيد البشر ، منتصر للسنة لا يخشى من أحد ملامه ، ولا يجزي السيئة بمثلها ولا يثنيه عن مرامه ، خوف أن يقال أتى بشيء لم نسمعه من قبله ويشير كلامه إلى أنه قرأ من العلوم ما سوى الرواية والتاريخ أخذاً عن مشائخ قومه وأهل بلده وأنه أحاط بما لم يحط به كثير من طلبة وقته وبلده من سائر الفنون وأن كثيراً ممن يعارضه في المسألة المبحوث فيها ليس بصدد معارضته ولا يجادله على طريقة أهل الجدل المعتبرين إنما يغالطونه بأمور خارجة عن القصد لا تنهض دليلاً لهم وأنه يتفطن لما يعاملون به من غلبهم في الخصام من نصب أعراض المشائخ والأسلاف حبالة لصيد من خصمهم وغلبهم بأن يقع في أعراض أولئك ويحتقرهم فيهلك في دينه ودنياه فيشمتوا به أو بأن يشغلوه عما أراد فيكون مثلهم في البطالة والعجز ودناءة الهمة والتكاسل لكنه وفقه الله وعصمه من حبائلهم وفطن لمرادهم منه فجادلهم بالتي هي أحسن ونوه بمقدار سلفهم من العلم والصلاح والولاية وبين أن مقتضى تحسين الظن بهم أنهم لم يتواطئوا على إهمال ما يعتني به غيرهم من سائر علماء الأمة لكنهم مضوا مع كثير من علمهم واندرست آثارهم لعدم اعتيادهم للتأليف ) ثم .... موافقتهم إياه على مقصوده مضى على متن همته العلية حتى حصل مقصوده كما أراد ، وكان من أمره أنه لما أيس من مساعدة أهل وطنه له على مرامه رحل عنهم إلى البلاد التي فيها أهل العلم مثل تنبكت وإروان وغيرهما من بلاد العلماء الصحراويين فلقي كبار المشائخ وأخذ عنهم ما يحتاج إليه من وصل الاسانيد وأخذ عنهم كثيراً من العلوم ومنهم من أخذ عنهم الروايات والاسانيد ونال في رحلة تلك ما شاء الله من التبجيل والاحترام وجلب فيها كثيراً من الكتب التي لم تكن في بلاده من الحديث والفقه والقراءات وسائر الفنون وعوضه الله من الغربة وأنواع الأذى التي قاسها حين انتدب لنصرة السنة والحديث ومن المشاق التي ارتكبها في الاسفار وما اقتحم من الاهوال والاخطار ومن التجول بين المفاوز والقفار أن صيره إماماً من ائمة المتقين ومجدد الكثير من أمور الدين حتى كأن اهل بلده لم يكن فيهم مرشد في أيامه إلا إياه من شدة اعتماد الناس عليه في أمور دينهم واعتماد من بعده على علوم أولاده وأهل بيته ولولا ما صرح به في الرسالة من كثرة علماء السوقيين في وقته وقبله لقطع الواقف على الآثار السلفية المعتمدة على علمه والمستمدة من خطوطه أنه أول من نشر لواء العلم في قطره وإن لم يكن كذلك فهو نادرة عصره وقد صرح بعض الفضلاء من أواخر القرن الثالث عشر وأوائل الذي بعده وهو الثقة ابن الثقة ابن الثقات شعيب بن محمد من أهل تَبُورَقْ وكان شديد الإعتناء بضبط الماضين وحفظ أحوالهم بأنه من المجددين والمؤسسين لبناء الديانات في بلده فقد روى أنه قال : لبعض أصحابه خذ عني أنه ما وصل إلى هذه البلاد شيء ما من العلم إلا بواسطة أهل أمَسْرَكَضْ يعني أهل بيت أحمد ابن الشيخ ، ويروى عنه أيضا أنه أقر ببلوغ هذا الشيخ وأهل بيته مرتبة الاجتهاد ، وأظنه إنما يعني الاجتهاد المذهبي لما عندهم من قوة الاستعداد أو الاجتهاد في جزئية معينة لا الاجتهاد المطلق المختلف في انقراضه وبقائه كما أظن مراده بقوله ما وصل شيء من العلم إلى هذا البلاد إلى بواسطتهم أنه إنما عني كبار العلوم وصعابها وإسناداتها وإلا فالمعلوم من خبر السوقيين أنهم ما زالوا متعلمين وفيهم كبار العلماء قبل زمن الشيخ المذكور ، ولا أظن الشيخ شعيبا يخفى عليه ذلك لكنه لا يعتبره بالنسبة لما أفاض الله على هذا الشيخ وأهل بيته بعده ومما يفهم من كلام الشيخ أحمد في رسالته المذكورة من الدروس التاريخية أن أهل السوق لم يكونوا راحلين في طلب العلم في الأزمان التي قبل زمن الشيخ أحمد بل كل منهم يكتفي بما أخذ عن أسلافه عن أسلافهم وأسلاف أسلافهم ولذلك لم يتأثروا بآثار معاصريهم من علماء المشرق والمغرب ولم يخالطوهم ولم يسيروا بسيرتهم في التعاليم والتصانيف بل انقطعوا عن العمران في صحراء جافة لا تهتم بها رفاق العلماء والتجار ولا يجد أهلها سبيلا إلى المواصلات بعد القرون الأولى لكثرة الإغارات والمحاربات فيها وفيما حولها ، وحيل بين أهلها وبين السفر إلى أية جهة حتى إلى الحرمين الشريفين فلما كان أمر أهلها على ما ذكرنا تمسكوا بما يأخذون عن أشياخ بلدهم واستغنوا بما يروون عما يروّون فلم يشتغلوا بالتدوين والتصنيف لبعدهم عن بلاد العلماء الذين يصنفون ، ولكثرة الحروب في صحرائهم وكثرة نهب المحاربين للكتب فلما أراد الله إنقاذ أهل وطننا من كثير من المهالك والفتن والواقعة فيه من آخر القرن العاشر الهجري إلى آخر الذي بعده قيض لأهله أميرا يردع كثيرا من الظلمة ويدافع عن الوطن وأيده بجماعة من أهل النجدة وجماعة من العلماء منهم هذا الشيخ وأضرابه فتمكنوا من مواصلات كانت محظورة عليهم قبل ، واجتمعوا بالعلماء في قرية تنبكتُ ورأوهم يؤلفون في النوازل فحكوهم في ذلك فكان أهل القرن الثاني عشر ومن بعدهم من السوقيين ينظمون وينثرون ، وكان من قبلهم لا يعملون مثل عملهم لما ذكر من انقطاعهم عن العمران وانقطاع الأخبار والموصلات عنهم في القرون السابقة .
هذا ولما تعلقت همة الشيخ أحمد بن الشيخ بركوب الأخطار في طلب الرواية ووصل الأسانيد انتصارا للنبي صلى الله عليه وسلم وسنته جذبته العناية الربانية إلى شيخ من شيوخ تنتبكتُ كان له سند متصل في كتب الحديث خاصة فأجازه بمروياته وهو محمد بن محمد بغيغ بن محمد كورد وسيأتي سند إجازاته له ، ثم جذبته إلى الشيخ سيد محمد بن المختار الكنتي فأجازه بما قرأه على شيخه إبراهيم الملاّ يخافيّ وأجازه فيه وغيره من كل ما صحت له روايته عن أشياخه كلهم إجازة مطلقة وأن يحدث عنه ما شاء ويجيز من شاء بالشرط المعتبر وأعطاه ثبت إجازته في سائر الكتب التي أجازه إياها من سائر الفنون من الحديث والفقه والنحو وغيرها ، وستأتي نسخة ذلك الثبت في ترجمة تلميذه وابن بنته محمد بن محمد أحمد لأنها إنما وجتها بخط ذلك التلميذ . ولما رجع إلى قومه بمغنمه الجليل من وصل الأسانيد بادر كل من لم يعمه الحسد من متعلمي بلده إلى أخذها عنه كما أخذها هو عن أشياخه مع اقتصار من رأيت إجازتهم على وصل أسانيد كتب الحديث ، وكثير منهم يقتصر على إجازة صحيح البخاري وكتاب الشفا للقاضي عياض لعدم وجود غيرهما عنده ولأن قراءة هذين الكتابين في المساجد صارت من عادة أهل البلد فكانوا يختمون صحيح البخاري في شهري رجب وشعبان ويختمون كتاب الشفا للقاضي عياض في رمضان يعتادون ذلك كل سنة ويستغني به أكثرهم عن قراءة ما سوى هذين الكتابين من كتب الحديث .
وأما كتب النحو والفقه فلم أر من يعتني من المتقدمين بأسانيدها ولا من عنده نسخة منها إلا قليلا من أهل بيت الشيخ الذي أتي بها ، وجرى ذلك الإهمال في تلك العصور وفيما بعدها بحسب ما اطلعت عليه من الإجازات القديمة والحديثة المقصورة على كتب الحديث ومع ذلك يعتني بعضهم بضبط ألفاظ شيخه الذي يترجم له الكتاب الذي يقرؤه بلغتهم التارقية ويشدد على نفسه في ذلك الضبط بحيث لا يجوّز النطق بلفظ مارادف للفظ الذي لفظ به شيخه ويعتقدون في ذلك الصنيع أنه هو الرواية المعتبرة التي يعتني بها الأشياخ ، ومن العجب أنهم لا يسألون عن أشياخ أشياخهم المترجمين لهم فضلا عما ورآهم من الأشياخ إلى أن ينتهي السند إلى مؤلف الكتاب الذي يقرؤنه كما هو حقيقة الرواية ، ولكن يشددون على أنفسهم في ضبط اللفظ الذي لا بأس بذكر مرادفه بدله وأظن منشأ ذلك أن أهل أمَسَرَكَضْ لما وصلوا الأسانيد التي لا توصل في بلادهم قبلهم توسعوا في أمر الأسانيد وأحدثوا فيها طريقا لهم من ضبط ألفاظ الشيخ بعينها وضموا ذلك إلى ما معهم من الأسانيد فكان ذلك الضبط كمالا في حق التلميذ وحكاية لما عليه السلف المحدثين من الاعتناء بألفاظ الرواية ، ثم انقلب الأمر في العصور الأخيرة وصار الناس يهملون الأسانيد التي لا بد من ضبطها ويتمسكون بما زيد عليها من ضبط ألفاظ المترجم بعينها وليس فيما يعتنون به شيء من غرض الرواية الذي هو الاتصال بالمؤلفين ، ثم بأشياخهم ثم بالسلف الصالح ثم برسول الله صلى الله عليه وسلم على الطريق الذي يسلكه العلماء من مبدأ الإسناد والرواية إلى يومنا هذا .
والحاصل : أن الشيخ أحمد بن الشيخ وأولاده وأهل بيته هم الذين يجيزون سائر علماء بلدهم بالرواية المشهورة عندهم التي سيأتي لفظها وألفاظ المجيزين بها في تراجمهم الآتية ، وليس له أثر علمي أبقى منها في البلاد القريبة من بلده .
ومن آثاره العلمية رسالة له يرد بها على بعض علماء دنّك ، وتلك الرسالة إنما رأيتها بخط الشيخ محمد بن حبّ بن محمد أحمد من أهل تَبُورَقْ وكان يختصرها ولم أر الأصل الذي نسخها منه ولفظ ما كتبه :
( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد : فيقول عبيد الله أحمد بن الشيخ وقع السؤال عما حدث وفشا من تخطئة بعض متعلمي ما وراء أزَوَغْ من يسمي مولانا جل وعز وعلا باسم " يَلَّ " بالياء والمفتوحة وللام المفتوحة المشددة بعض بتفخيم اللام وبعض بترقيقها ، والمخطئي متمسك في التخطئة بالوقوف على أن أسمائه تعالى توقيفية ولعله لم يفتش ولم يمعن النظر في المسألة حتى يعرف الخلاف فيها أولا ثم يعرف محله كما يدل عليه استمراره على التخطئة وقوله منذ سنين " إكَاكْ الله الخير ، إكْفِكْ الله الخير " ونحو ذلك مما أدركه متدولا بين جميع أهل اللغة البربرية تأثما ، ولو أمعن النظر وحرر النقل في المسألة لكف عن التخظئة المستلزمة لتخطئة جميع أهل اللغة البربرية وأليائها ، أولهم وآخرهم لأنه ائيَلّ بتفخيم اللام هو اسمه تعالى في لغتهم كما يدل عليه تواطئي صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم وعالمهم وجاهلهم ومن لهم منهم حظ في العربية بالتعلم ومن لا علم له بخلق اللغة العربية فكيف بتعلمها ، وللغة كما في مطالع المسرات بشرح دلائل الخيرات أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ومقاصدهم وهذا يشمل كل لغة . إهـ فإذا تأمل المنصف ما ذركر وانطباق اللغة عليه عرف أن يَلَّ اسم مولانا عز وجل بلغتنا أهل اللغة البربرية فلا يبقى إلا جلب النقول المزيلة لأشكال المسألة المبينة لصورتها ولمحل الخلاف فيها فيظهر بذلك أن المخطئي أجدر بالتخطئة ، فأقول والله المستعان : قال الأجهوري في شرحه لعقيدة أبي محمد بن أبي زيد تنبيهات الأول الأصح أن أسماؤه تعالى توقيفية فلا يطلق عليه إلا ما ورد به الكتاب والسنة المتواترة ، وأجمعت عليه الأمة كالباعث ، قال الشاذلي عند قوله الباعث الرسل ..إلخ ، الباعث اسم من أسماء الله تعالى من غير خلاف ثبت بالإجماع ، وقال : عند قوله كلم الله موسى قال الفحولي في شرح الأسماء الحسنى أجمع أهل السنة على أن الله تعالى يوصف بأنه متكلم وقد ورد فعله في القرآن وذلك يتخرج على الخلاف في تسميته بما لا يوهم نقصا ولم يرد فيه إذن . إهـ وهل يطلق عليه تعالى ما ورد آحادا ؟ مذهب الجمهور نعم محتجا بقوله تعالى { أتقولون على الله ما لا تعلمون } وخبر الآحاد لا يفيد العلم ، وأجيب بأن هذا من باب العمل وهو يكفي فيه خبر الآحاد قاله عج عند قوله المدبر . وقال الشاذلي في شرح العقيدة الألى من الرسالة قال المشدالي أن أسماء الله توقيفية فما ورد فيه الأذن أو المنع عمل به ، وما لا إذن فيه ولا منع فإن لم يوهم اللفظ فسادا نمنع ما يوهم بالأولى ، وإن لم نمنع ففي إطلاقه ما يوهم الفساد خلاف . إهـ قلت ظاهر كلام غيره منع إطلاق ما يوهم الفساد اتفاقا ، قال : في المقاصد محل النزاع ما اتصف الباري سبحانه بمعناه ولم يرد إذن فيه ولا منع منه ولا ما يبين المراد به وكان مشعرا بالجلال من غير وهم إخلال . إهـ ومر مؤلف الرسالة إلى أن قال : وقد اتفق العلماء على أن الله تعالى لا يسمى إلا بما سمى به نفسه وسماه به رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وانعقد عليه الإجماع ، ثم اختلفوا هل من شرط الاسم أن يكون مصرحا به لا غير أو لا فرق بين المصرح به أو مشتق من فعله للاتفاق على أن كل فعل لا بد له من فاعل إما ظاهر وإما مضمر وإما مقدر وهو الصحيح عند أهل النظر ما لم يمنع مانع من الاشتقاق بأدائه إلى صفة مستحيلة على الله تعالى نحو ماكر من يمكر ، ولاعن من يلعن ، وناس من نسيهم ، وما جاء من ذلك في مقابلة أو مجازاة . انتهى
وقال السيوطي في الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع :
أسماؤه سبحانه موقوفه
ثالثها الاسم فقط دون الصفه

ويكتفي بمرة والمصدر
والفعل والمظنون في المعتبر


وقال : في شرحه الصحيح وهو مذهب الأشعري توقيفية فلا يجوز أن يطلق عليه شيء من الأسماء والصفات إلا أن ورد به نص من كتاب أو سنة ، وقال القاضي والمعتزلة يجوز أن يطلق عليه الأسماء اللائق به معناها وإن لم يرد به الشرع ما لم يوهم نقصا ، واختار العزالي الفرق بين الاسم والصفة فشرط التوقيف في الاسم دونها ، وعلى الأول هل يكتفي بالاطلاق مرة أو لا بد من التكرار والكثرة فيه رأيان حكيا بلا ترجيح ، وقد صححت الأول لأنه الظاهر من صنيع العلماء ، وهل يتكتفي فيه بخبر الواحد ؟ الظاهر هو كسائر الأحكام أو يشترط وروده بلفظ الوصف ، أو يكتفي ورود الفعل والمصدر ، قال البلقيني ظاهر كلام الشافعي في الرسالة ... فإنه قال : في خطبتها الجاعلنا من خير أمة . إهـ وقال النجاري في حاشيته على شرح جمع الجوامع لجلال المحلي قد نبه السيد قدس الله سره في شرح المواقف على أنه قيس الكلام في أسمائه تعالى على الأعلام الموضوعة في اللغات إنما النزاع في الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال . إهـ ونحوه للشيخ يس في حاشيته على شرح أم البراهين للشيخ السنوسي وقال الشيخ زروق في شرح أسماء الله الحسنى ، الثانية : أي من المسائل أن الأسماء توقيفية فلا تثبت إلا بنص أو إجماع على الصحيح ، وأثبتها قوم بالاشتقاق من الأفعال والصفات أو ما جاء من الصنيع في الدعوات وغيرها وهو مرجوح عند العلماء ملحوظ عند الصوفية وعليه جرى الشيخ البوني وانتهى في تقسيمها إلى مائة ونيف وخمسين والله أعلم .إهـ )
وقد كتب الشيخ محمد حب بن محمد أحمد في الأصل المنسوخ منه هكذا قلت وكتب ناسخها ما نصه : انتهى ومن خط مؤلفه نسخه رحم الله السلف وبارك في الخلف آمين .
ومن آثاره على ما يقال أبيات أجاب بها بعض العلماء الفلانيين عن أبيات أرسل بها إلى علماء السوقيين ملغزا في أل الموصولية ونص أبيات الفلاني :
إنني سائل فحول الزمان الــــ
مهتدين وهم ثقات نجاب

وأقول لهم فما أمة تخـــ
لف مالكها وذاك صواب

وهي وارثة له دون أخت
فليصل منكم إلينا جواب


ونص جواب الشيخ السوقي هكذا :
سنجيبكم بحق جلى
فاسمعوا وليقلّ منكم عتاب

إنها صلة تعاقب " أل " في
حكمها ولها عليها مناب

أحرزت حركات إعرابها من
دون من إختها ، فذلك الجوب


وهذه الأبيات كنت أحفظها وأنا صغير يعايي بها ولم أدر الملغز والمجيب ، ثم رأيت في خط شيخي وابن عمي حمد بن محمد بن حدي أن الشيخ متّال بن الأمين حدثه أن أبيات اللغز لعثمان بن فودي مؤسس الدولة الإسلامية في سَكَتُو وأن أبيات الجواب لأحمد بن الشيخ وكنت حينئذ جاهلا بأخبار سكتو وولاتها ثم وقفت على كتاب إنفاق المسير في تاريخ التكرور للشيخ الإمام محمد بلّو بن عثمان الذي كان عونا لأبيه في التأسيس وأرخ نهضتهم الجهادية التي هي الحجر الأول من تأسيسهم ( بعام شريج ) يعني بألف ومائتين وثلاثة عشر عاما من الهجرة فعلمت أنه لم يدرك الشيخ أحمد حتى يجاريه في شيء ، ولكن عثمان المؤسس للدولة الإسلامية ليس هو ابن فودي مباشرة بل هو عثمان بن محمد بن عثمان بن فودي وبيتهم فيما قيل بيت علم قديما ، فلعل عثمان بن فودي جد عثمان المؤسس هو الذي جرت القصة بينه وبين أحمد بن الشيخ لأنه الذي يحتمل أن يعاصره أو جرت بين عثمان المؤسس وبين بعض آل بيت الشيخ أحمد فطال الزمان وخلطت الرواة فنسبوا القصة إلى العلمين الشهيرين ، والتاريخ يقضي بأن هذاين الشيخين لم يجري بينهم شيء لأن السوقي مات في أوائل القرن الثاني عشر والفلاني عاش في أواخره وأوائل الذي بعده . وتحكى له كرامات أجلها أنه لما وضع على شفريه قبره سمع الناس هاتفا من القبر يقول مقبول أحمد بن الشيخ ، ومن كرامته ما وقع له مع بعض علماء تنبكتُ وذلك أن الشيخ التنبكتي كان حسن الاعتقاد في الشيخ أحمد ولكنه ممن يقول بتحريم شرب دخان تبغ ، والشيخ أحمد يشربه فلا يحمله تحريم شرب الدخان على عدم تعظيمه والتبرك به ولا يحمله تعظيمه على إباحة شرب الدخان فلقيه في بعض المرات بالتبجيل والاحترام فلما أراد أن يفترقا سأله التنبكتي أن يؤثره بعمامته التي على رأسه تبركا فآثر الشيخ أحمد بها فلما وضعها على رأسه وجد رائحة دخان تبغ راسخة فيها فكأنه استنكر تلك الرائحة ولكن أمسكها مع ذلك فلما نام رأى النبي صلى الله عليه وسلم في مقامه وهو يقول له ادن مني ادن مني رائحة عمامك الطيبه فلما انتبه الرائي رجع عن قوله وتاب من مخالفة الشيخ وزاده توقيرا واحتراما .
وأما سند الإجازات التي أخذها عن محمد بن محمد بغيغ بن محمد كودر عن أبيه عن جده فهو أن هذا الشيخ التنبكتي أجازه بصحيحي البخاري ومسلم ومطأ الإمام مالك وكتاب الشفا للقاضي عياض ، وقال أحمد في ثبت إجازاته عن هذا الشيخ ما نصه :
( أما كتاب البخاري فقال : فيه أخبرني محمد بن محمد بغيغ بن محمد كودر بجميع صحيح البخاري إجازة وقراءة مني عليه من أوله إلى آخر بدء الوحي وأو كتاب الإيمان ، ومن هناك إلى آخر الكتاب إجازة مقرونة بالمناولة قائلا كما أخبرني به سيدي والدي الفقيه محمد بغيغ بجميعه قراءة مني عليه وسماعا منه بلفظه غير مرة . كما أخبرني بذلك شيخه ووالده الفقيه الإمام محمد كورد رحمه الله قائلا أجازني بذلك شيخنا الإمام القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن الحاج لطف الله بهم آمين قائلا أجزت له أن يرويه عني بحق روايتي عن شيخنا الفقيه محمد صالح بن عبد الرحمن بن أبي بكر قراءة ، قال : أخبرني به شيخنا أبو العباس أحمد بن الفقيه الأمين بن أبي بكر سماعا عن والده الفقيه الأمين المذكور قال : أخبرني به شيخنا الإمام العلامة جلال الدين عبد الرحمن بن الشيخ كمال الدين السيوطي الشافعي إجازة ، قال : أخبرني بجميع صحيح البخاري الشيخان المسندان جلال الدين عبد الرحمن بن أحمد القمصي ومحب الدين محمد بن الحسين علي الحلبي بقراءتي على الأول من أوله إلى كتاب البيوع ، وعلى الثاني من كتاب البيوع إلى أخر الصحيح ، قال : أخبرنا به أبو الحسن بن أبي المجد الدمشقي قال : أخبرتنا به وزيرة بنت أسعد التنوخي قالت أخبرنا أبو عبد الله الزبيدي ، قال : أخبرنا به أبو الحسن الداودي ، قال : أخبرنا به أبو محمد السرخسي ، قال : أخبرنا به أبو عبد الله الفربري ، قال : حدثنا البخاري .
وأخبرني به أيضا شيخنا والدي محمد بغيغ بن محمد كورد المذكور قراءة عن شيخه أبي عبد الله محمد كورد المذكور عن شيخه أبي عبد الله محمد أحمد بن عبد الرحمن المذكور إجازة عن شيخه محمد صالح بن عبد الرحمن المذكور إجازة عن شيخه أبي العباس الفقيه أحمد المذكور عن الفقيه محمد بن صالح عن الطاهر بن زيان المغربي عن عبد الحق السنباطي نعن الإمام ابن حجر عن الحموي عن الحجاري عن الزبيدي عن الداودي عن السرخسي عن الفربري عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن بردزبه البخاري الجعفي رضي الله عنه وأرضاه . إنتهى
وأما صحيح مسلم فقال : فيه أخبرني به شيخنا محمد بن محمد بغيغ ، قال : كما أخبرني به شيخنا ووالدي محمد بغيغ قائلا : أخبره بذلك سيده ووالده الإمام محمد كورد ، قائلا : أخبره بذلك شيخاه أبو عبد الله محمد ، وأبو العباس أحمد أبنا إِنْدَغْ محمد بن أحمد بن أحمد إجازة ، ومناولة ، قائلا : الأول أخبرني بالمسند الصحيح تأليف الإمام الحافظ مسلم بن الحجاج النيسابوري إجازة لجميعه شيخنا السيد الأجل بركات بن محمد بن عبد الرحمن الحطاب المكي المالكي بمنزله بمكة المشرفة في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وتسع مائة قال : أخبرنا به العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الخاوي إجازة إن لم يكن سماعا قال : أخبرني به المسند الرُّحلة عبد الرحيم بن محمد بن الفرات القاهري ، قال : أخبرنا به أبو عبد الله البياني قال : أخبرنا به الشهاب بن عساكر قال : أخبرني به فقيه الحرمين أبو عبد الله محمد بن الفضل الفُراوي سماعا قال : أخبرنا عبد الغافر الفارسي قال : أخبرنا به أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي بضم الجيم سماعا قال : أخبرنا به أبو إسحاق إبراهيم ين محمد ين سفيان الفقيه النيسابوري سماعا قال : حدثنا به مؤلفه الحافظ مسلم بن الحجاج النيسابوري .
وأما الموطأ فقال : فيه أخبرني به محمد بن محمد بغيغ بن محمد كورد قائلا : أخبره بذلك أخوه شقيقه أحمد بن محمد بغيغ بن الإمام محمد كورد قائلا : أخبرني به سيدي ووالدي محمد بغيغ بن محمد كورد قائلا : أخبره بذلك أشياخه الثلاثة سيده وأبوه الإمام محمد كورد وشيخه محمد بن أحمد بن محمود بغيغ وشيخه الإمام القاضي محمد بن محمد كُرَيْ والسند له قائلا : أخبرني بذلك سيدي عمي أبو العباس أحمد القاضي بن إنْدَغْ محمد رحمه الله تعالى قائلا : أخبرني به إجازة سيدي القاضي أبو حفص عمر بن الفقيه محمود التنبكتي قال : أحبرني به الأخ في الله الفقيه إنْدَغْ محمد بن الفقيه الأثري محمد بن أحمد التازختي قال : أخبرني به إجازة شيخنا الفقيه شرف الدين أبو محمد عبد الحق بن محمد بن عبد الحق السنباطي قال : أخبرني به أبو الحسن علي بن الفخر بن عثمان بن محمد البارنباري قال : أخبرنا شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد ابن عبد الله الخولاني إذنا ، قال : أخبرنا الفقيه أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث الصفار أخبرنا أبو عمر عثمان بن أحمد بن محمد بن يوسف اللخمي المعافري عرف بالقسطيلي أخبرنا أبو عيسى يحي بن عبيد الله بن يحي الليثي قال : أخبرنا به الإمام الحجة أبو عبد الله نجم السنن مالك بن أنس الأصبحي رضي الله وأرضاه آمين
وأما كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى : فقال فيه أخبرني به محمد بن محمد بغيغ بن محمد كورد قراءة عليه للجزء الأول وإجازة لباقيه إجازة مقرونة بالمناولة قائلا : كما أخبرنا به شيخنا ووالدنا الفقيه الإمام الأثري أبو عبد الله خاتمة حفاظ المدرسين ، وبقية زهاء المتورعين شيخنا وشيخ أمثالنا محمد بغيغ لطف الله به وجعل الجنة منزله ومثواه مع أمهاتنا قراءة مني لجميعه وسماعا منه غير مرة مع سرد وتفسير لكماله بحضرة عدة مجالس آخرها عصر يوم الأحد السابع والعشرين من جمادي الآخر عام تسعة وسبعين وألف ، قائلا : كما أخبرني به شيخنا ووالدنا الفقيه الفهام المحدث الأصولي النحوي العروضي جدنا وشيخ شيوخنا أبو عبد الله محمد كورد بن القاضي محمد ساجْ قائلا : أخبرني به شيخنا الإمام الهمام أبو عبد الله الفقيه القاضي محمد بن أحمد بن الفقيه القاضي عبد الرحمن بن أبي بكر بن الحاج لطف الله بهم وجعل الجنة منزلهم ومثواهم مع أسلافنا وأشياخنا آمين قراءة مني عليه وإجازة مقرونة بالمناولة قائلا : أخبرني به إجازة ومناولة سيدي الفقيه محمد سَلَ بن الفقيه أحمد بن إبراهيم ابن أبي بكر بن الحاج قائلا : أخبرني به إجازة سيدي الفقيه النبيه التقي يحي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطاب عن شيخه شيخ الإسلام العلامة بركات بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطاب قائلا : أخبرني به سيدي الوالد قراءة لجميعه قال : أخبرني به محمد بن ناصر الدين المراغي قال : أخبرني به والدي أبو بكر بن الحسن المراغي قال : أخبرني به أحمد بن أبي طالب الحجار عن أبي الفضل جعفر بن علي الهمداني قال : أخبرني به الحافظ أبو طاهر السلفي قال : أخبرني به مؤلفه الإمام أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رحمه الله تعالى ورحمهم وأعاد علينا من بركاتهم وبركات علومهم آمين .
وأما كتاب الخصائص والمعجزات الكبرى والصغرى للإمام الحافظ السيوطي
فقال : فيه أخبرني به محمد بن محمد بغيغ قائلا : أخبرني به شيخنا ووالدنا محمد بغيغ قراءة مني عليه وسماعا منه غير مرة قائلا : كما أخبره به شيخه ووالده الفقيه الإمام محمد كورد قراءة وسماعا غير مرة كما : أخبره به سيده الفقيه العلامة أحمد بابا قائلا : أخبرني سيدي عمي محمد العاقب بن الفقيه محمود التنبكتي قائلا : أخبرني به سيدي شمس الدين اللقاني قائلا : أخبرني به ناصر الدين اللقاني قائلا : أخبرني به شيخنا العلامة المؤلف عبد الرحمن السيوطي كان الله لنواله آمين ) .
وأما الشيخ سيدي محمد المختار الكنتي فوصل له أسانيد نيف وعشرين كتابا منها الخمسة المذكورة في أسانيد محمد بن محمد بغيغ ، ومنها سنن أبي داوود ، ومنها سنن الترمذي ومنها سنن ابن ماجة ، ومنها سنن النسائي الصغرى والكبرى ، ومنها في فن النحو يقدمه ابن آجروم وألفية ابن مالك ، وفي فن الأصول كتاب جمع الجوامع لابن السبكي ، وفي علم الفقه مختصر خليل ورسالة ابن أبي زيد ، ومنظومة ابن عاشر ، ومختصر ابن عرفة ، وفي علم القراءات تأليف الخراز ومنظومة ابن بري ، وفي علم السير كتاب الشمائل
وستأتي أسانيد الجميع في ترجمة محمد بن محمد أحمد الذي رأيتها بخطه .
وهذه الرحلة التي وصل فيها الأسانيد بواسطة العلماء التنبكتيين وأخذ فيها عن العلماء وأخذوا عنه لم أسمع ممن أدركتهم من سلفنا أنه رحل غيرها ولكن وقفت في تفتيشي للمكاتب القديمة على قرطاس بال مكسور الأطراف مكتوب فيه حاصله أن مرسل الكتاب يفيد المرسل إليه أن أهله على غير ويطلب منه الدعاء في مواطن الإجابة ومواقف الحج وإبلاغ تسليمه على النبي صلى الله عليه وسلم ولا أدري أحصلت تلك الحجة أم لا ولفظ الرسالة هكذا :
( بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله ، الحمد لله وحده ، الصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد : فمن صاحب الخط أحمد بن ونكِلّ إلى شيخه وأخيه وحبيبه أحمد بن الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فإن سألت عن عيالك وأهلك وجيرانك ما خصك وما لم يخصك فعلى خير والحمد لله ، وأما مرادي منك فهو ما علمته من الشركة في صالح الدعاء فإذا وقفت على عرفة عشية عرفة فلا تنسنا من الدعاء وكذا في مواسم الحج وكل موضع يستجاب فيه الدعاء وعند الملتزم فإذا تم حجك وزرت الروضة وسلمت على صاحبها عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام فسلم لي عليه بعد سلامك عليه كما سلمت عليه ، ومرادي عندك أيضا أن تجعل هذا الكتاب في كتابك الذي لا تفارقه كيلا تنساني ، والسلام
اعلم أن صاحب الخط جاء من جهة عيالك قبيل مجيء حامل الكتاب وبعده غيره فسألته عن حالهم فقال : لي كما تحب وترضى وكل من جاءنا من جهات السوقيين فلا يذكر لنا إلا العافية والحمد لله .إهـ ) (2).


الساعة الآن 07:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010