نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس
بسم الله الرحمن الرحيم نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس الحمد لله الذي خلق الإنس والجن لعبادته وأودع وركَّبَ في كلٍ خاصيته والصلاة والسلام على من بَلَغَتْ دعوته وبرئت ذمته و على آله وصحبه ومن اقتفى سنته وبعد : فهذا بيان لحكم التعاون مع الجن نقلناه من كلام أهل العلم وفتاواهم حيث كثر في هذه الآونة طرق كثير من الناس أبواب الرقية بحثاً عن حل سحر أو خروج مس أو شفاء للأدواء الكثيرة التي انتشرت ـ أعاذنا الله وإياكم من كل باس ـ وحيث وجد من يرقي الناس رقيةً شرعية وكثر من يدعيها ويرى جواز التعاون مع الجن أردنا أن نزيل الإشكال ونبين الالتباس في حكم تعاون الجن مع الناس فنقول مستعينين بالله : ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجن مع الإنس على أحوال : الأولى : من كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه , ويأمر الإنس بذلك , فهذا من أفضل أولياء الله تعالى وهو في ذلك من خلفاء الرسول ونوابه . الثانية : من كان يستعمل الجن في أمور مباحة له فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له , وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات له , فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك ... الثالثة : من كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما في الشرك وإما في قتل معصوم الدم أو في العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه و إنسائه العلم وغير ذلك من الظلم وإما في فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان , ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق . الرابعة : إن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به . وجاء عن أحمد – رحمه الله – في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم ، ويزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم ، ومنهم من يخدمه ؟ قال : ما أحب لأحد أن يفعله ، تركه أحب إليّ . وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر ؟ فأجاب – رحمه الله – : ( لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم ، بل يسأل الأطباء المعروفين ، وأما اللجوء إلى الجن فلا .. لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم، لأن في الجن من هو كافر ومن هو مسلم ومن هو مبتدع ، ولا تعرف أحوالهم فلا ينبغي الاعتمـاد عليهم ولا يسألون ، ولو تمثلوا لك ، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من الإنس وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) , . ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك ، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم ، وذلك كله من الشرك0 وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عن الحكم الشرعي للاستعانة بالجن في الكشف عن الجرائم والسرقات الخطيرة ونحو ذلك ؟ فأجاب ـ حفظه الله ـ : لا شك أن في الجن مسلمون وصالحون ، ولا شك أنهم جميعا يروننا ونحن لا نراهم ، وأنهم يتكلمون وقد نسمع كلامهم وقد لا نسمعه ، فعلى هذا لا ينكر أنهم يخبرون بعض البشر بأشياء لا يعلمها الإنس لأنهم لخفتهم يقطعون المسافات الطويلة في زمن قصير ، وقد حكى الله عنهم قولهم : ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمعِ ... ) . ففي الإمكان أن يعلموا عن السارق ومكان الضالة ومجتمع أهل الإجرام ومكائد الأعداء وموضع ذخائرهم ونوعها ، ولكنهم لا يعلمون الغيب (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ), فأما الاستعانة بهم فأرى أنه لا يجوز لأن في ذلك استخدام لهم وقد لا يخدمون إلا بتقرب إليهم واستضعاف لهم ، فأما إن تلبس أحدهم بإنسان وسألناه عن بعض ما لا نعلمه فلا مانع من اعتبـار خبره ، مع أنه قد يظن ظنا ، وقد يتعمد الكذب أما إن تحقق من بعض الصالحين منهم خبر بواسطة بعض الصالحين من البشر فلا مانع من قبوله دون طلب ذلك من أحدهم وقد تواتر عن بعض الصالحين من الناس أن هناك من يوقظهم للصلاة آخر الليل ولا يرون أحدا وإنما هم من صالحي الجن والله أعلم. وقال أيضا : لا أرى ذلك فإن المعتاد أن الجن إنما تخدم الإنس إذا أطاعوها ولا بد أن تكون الطاعة مشتملة على فعل محرم أو اقتراف ذنب فإن الجن غالبا لا يتعرضون للإنس إلا إذا تعرضوا لهم أو كانوا من الشياطين . وبعد ذكر هذه المقتطفات اليسيرة من كلام أهل العلم يتبين لنا أن الأصل في معاونة الجني للإنسي الجواز فعلاقة الجن بالناس قديمة كانت بدايتها منذ خلق آدم أبو البشر ـ عليه السلام ـ وما حصل بينه وبين إبليس ـ لعنه الله ـ كما قص علينا القرآن الكريم ذلك فقد وسوس لأبوينا : آدم وحواء حتى أخرجهما من الجنة فأهبطا منها إلى الأرض ليعيشان في دار الابتلاء مع إبليس الذي أخذ الوعد من الله بالإنظار إلى يوم الدين . قال تعالى : " يابني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " قوله : { قبيله } أي جنوده , قال مجاهد : يعني الجن والشياطين , وقال ابن زيد : نسله . قال بعض العلماء : إذا أطلق الشياطين فالمراد بهم الكفار من الجن , وإذا أطلق الجن فالمراد بهم المسلمون , وقد أنزل الله ـ سبحانه ـ سورة كاملة تتلى باسم الجن , كما وردت الآثار بحضورهم واستماعهم للقرآن , وجلوس النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهم , وسألوه الزاد لهم ولدوابهم فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدوه أوفر ما يكون لحماً وكل بعرة علف لدوابكم . ولأن الجن عالم خفي عن أعيننا فإن معاونتهم للإنس غير مأمونة الجانب لأنها من طريق مجهول لنا ؛ فقد تكون هذه المعاونة من شخص سيء لغرض سوء ؛ فسداً لهذا الباب قال من قال بحرمتها ؛ منعاً للذرائع الشركية, وهذا ما عُلل به كما في فتوى الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ وفتوى ابن جبرين ـ حفظه الله ـ , أما كلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيظهر منه أنه يرى جواز الاستعانة بهم في الأمور المباحة التي لا يترتب عليها شرك أو معصية . وقول ابن تيمية مشى على الأصل في المعاونة مع الجن وهو الجواز ولم يلتفت إلى جانب الذرائع في المسألة ومن المعلوم أن قاعدة سد الذرائع للعلماء فيها كلام طويل بين موسع ومضيق . والقول الراجح في المسألة : هو عدم جواز الاستعانة بهم لما قد يترتب من الاستعانة بهم من محاذير والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد . |
رد: نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس
اقتباس:
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=6 width="100%" border=0><TBODY><TR><TD class=alt2 style="BORDER-RIGHT: 1px inset; BORDER-TOP: 1px inset; BORDER-LEFT: 1px inset; BORDER-BOTTOM: 1px inset">المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صدى السوق http://alsoque.net/vb/images/buttons/viewpost.gif بسم الله الرحمن الرحيم نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس . ولأن الجن عالم خفي عن أعيننا فإن معاونتهم للإنس غير مأمونة الجانب لأنها من طريق مجهول لنا ؛ فقد تكون هذه المعاونة من شخص سيء لغرض سوء ؛ فسداً لهذا الباب قال من قال بحرمتها ؛ منعاً للذرائع الشركية, وهذا ما عُلل به كما في فتوى الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ وفتوى ابن جبرين ـ حفظه الله ـ , أما كلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيظهر منه أنه يرى جواز الاستعانة بهم في الأمور المباحة التي لا يترتب عليها شرك أو معصية . وقول ابن تيمية مشى على الأصل في المعاونة مع الجن وهو الجواز ولم يلتفت إلى جانب الذرائع في المسألة ومن المعلوم أن قاعدة سد الذرائع للعلماء فيها كلام طويل بين موسع ومضيق . والقول الراجح في المسألة : هو عدم جواز الاستعانة بهم لما قد يترتب من الاستعانة بهم من محاذير والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد . </TD></TR></TBODY></TABLE> <!-- END TEMPLATE: bbcode_quote --> بارك الله فيك أخي صدى السوق, ولك الشكر على طرقك لهذه المواضيع الهامة ,مع بيان أقوال أهل العلم فيها ,ولعلى لي عودة إلى الموضوع إذا رأيت لي مدخلا ,فقد شد إنتباهي تشدد المتأخرين من علمائنا . |
رد: نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس
قرأت مقالك أخي الكريم .. والموضوع مهم من عدة نواحي أهمها الواقعية.. لذلك فهو جدير بالبحث بعمق.. ولا تقل إني قلت إنك سطحي .. أنت غطاس ماهر..
|
رد: نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس
بارك الله فيك صدى السوق على هذه الإناره والإفاده القيمه
|
رد: نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس
أشكر صدى السوق علي هذا الموضوع الرائع اختيار موفق بارك الله فيك كل عام وأنتم بخير.
|
رد: نزع اللباس عن حكم تعاون الجن مع الناس
و صل صدى موضوعك صدى السوق و استقر فأرح بالا و قر عينا
جزاك الله عنا كل خير أنت أهله |
الساعة الآن 03:04 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir