الرابع: أن هذه المناظرة لم تثمر مدى التاريخ إلا زيادة للهوة بين المسلمين؛ لأنها مبنية على إلغاء الآخر، وعدم الاعتداد برأيه، وتفنيد أصوله. وهذا لا يزيد الأمر إلا تأزما.
الخامس: أننا كمجتمع لم نهيأ بعد للرأي والرأي الآخر، بدليل أننا كنخبه كذلك.
السادس: أن العالم لا يتجه إلى هذا قالسلفيون (الحقيقيون) العاملون لمصالح أمتهم (الإسلامية) لم يجعلوا من أولوياتهم النيل من الناس وتجريحهم، وتكفيرهم وتضليلهم، وإنما ذلك دأب جماعة متطرفة منهم لم يسلم منهم أساطين السلفية. وأن عقلاء الصوفية لم يجعلوا من أولوياتهم الحرب على السلفية.

وأدعي أنه إذا رأيت الرجل لا شأن له إلا الوقوع في السلفية أو الصوفية فاعلم أنه أحد ثلاثة رجال:
* رجل يتمعش بالكلام في السلفيين من بعض متطرفي الصوفية الجهال، أو رجل يتمعش بالكلام في الصوفية من بعض متطرفي السلفية الجفاة. فهذا الصنف من الناس يخدم مصالح شخصية بعيدا عن مصلحة الأمة، وما أكثرهم.
* رجل شغل وقته بقراءة الملاسنات بين الفرق الإسلامية، وركن الدفاع عنه، حتى صار ذلك من ثقافته، وليس محمد أج محمد ببعيد عن هذا الصنف.
* رجل من الصوفية تأذى من السلفية، أو رجل من السلفية تأذى من الصوفية، فذهب ينتقم لنفسه ويظن أن مجادل بالحق مدافع عن الدين.

وأنا كسلفي بمعنى مقتنع بأن طريقة السلف الصالح في تصوير مسائل العقيدة هي الحق، ومقابلها خطأ، وأن لبعض السلف الصالح وغيرهم أخطاء فيما يسمونه بالمنهج، ومن أبرزها: أخطاؤهم في التعامل مع المخالف، وأن كل جيل يرث تناقض الجيل الذي قبله، هذا حال الذين أراهم على الحق، والذين على غيره من باب أولى..
أرى أن ما ينادي به بعض علماء السلفية من التعايش مع المخالف من أهل القبلة أولى من التصادم معه، خصوصا من نتفق معه في أغلب الأصول..

فلا إشكال عندي أن أتعامل خصوصا في الدعوة إلى الله تعالى، مع الإخوان المسلمين، والتبليغ، والصوفية، في حدود ما لم أر فيه مخالفة صريحة لنص الشرع..
وأننا ضيعتنا مقولات ندت من بعض السلف جعلناها أصولا، وهذا بحد ذاته مخالف لأصول السلفية، فإن أصول السلفية اتباع الدليل، وليس اتباع الأشخاص..
مقولات هب أنها صحيحة في عصرهم صالحة للتطبيق، أفلا نعيد النظر فيها؟ ألا يجوز لنا إعادة النظر في فهم بعض النصوص لتغير أحوال الناس .. ولا يحق لنا إعادة النظر في كلمة قالها رجل!!
إن التراث الذي نتغذى به في التعامل مع المخالف يجب أن ننظر إليه على أنه ليس من العقيدة.. ويجب أن نعيد النظر فيه، إنه في كثير من أحيانه معارض لأصول الإسلام وقواعد الشريعة الكبرى.