منتديات مدينة السوق

منتديات مدينة السوق (http://alsoque.com/vb/index.php)
-   المنتدى الأدبي (http://alsoque.com/vb/forumdisplay.php?f=10)
-   -   نبذة عن الأدب السوقي (http://alsoque.com/vb/showthread.php?t=95)

alsoque.net 03-01-2009 07:40 PM

نبذة عن الأدب السوقي
 
[/img]نبذة عن الأدب السوقي:
بالرغم من أننا لا نقدر على أن نمنح شعر السوقيين وحركتهم الأدبية نصيبا فوق حجمهما الحقيقي أو أكثر من مستواه الفكري والنضالي الذي يعطيه هذا الشعر نفسه أونعطي الشاعر مركبات أخرى لم تدر في خلده وفكره أصلا فإننا سوف نحاول إلقاء مزيد من الضوء في هذه المقدمة التعريفية بالحركة الأدبية السوقية على الأمور التالية:
1- مظاهر اهتمام السوقيين بالأدب العربي في الصحراء الطارقية.
2- الإنتاج الأدبي وثماره الشعرية والنثرية.
3- إشعاعات الحركة الأدبية السوقية وأثرها في تحريك الاهتمام باللغة العربية والأدب والشعر في المناطق (غاوا – منكا- تن بكتو- كيدال جمهورية مالي.
إن مما لاشك فيه أن شمال صحراء (مالي) و(النيجر) و(بركينا فاسوا )كانت ضمن الأماكن التي حل فيها الأدب العربي عبر سياحته في العالم الإسلامي وانتقل من ضيف إلى مواطن مع درجة الشرف الأولى فسير على ظهرها قوافل الفصحى, ومواكب اللغى, ونشر فيها سرايا الشعر العربي تبث شآبيب العلم, وتجر جلابيب المعرفة بواسطة المدارس والمعاهد, التي أقامها السوقيون وغيرهم فوق أديم هذه الصحراء و كانت هذه المدارس ولا زالت سندا قويا للعلوم العربية وجوا عربيـا صحراويا, أمسك على العربية بيد, والدعوة والتعليم باليد الأخرى وكان تعلقهم بالشعر والأدب لا يدانيه إلا تعلق جميل ببثينة حين قال.
تعلَّقُ رُوحي روحَها قبلَ خلقِنا - - -ومِنْ بعدِ ما كنَّا نِطافاً وفي المهدِ
فزادَ كمَا زِدنا فأصبحَ نامِيا---وليسَ إذا مُتنا بمُنتقضِ العهـدِ

الإطار المكاني للمدارس السوقية.


على امتداد الضفتين الشرقية والغربية لنهر النيجر وصحراء (أزواد) من (كيدال ) إلى قيعان (أروان) في شمال إقليم المعلمة التاريخية (تن بكتو) مرورا بالعاصمة الإقليمية (غاوا) إلى الشمال الغربي (لنيامي) عاصمة جمهورية النيجر جنوبا, إلى العمق داخل أراضي جمهورية (بركينا فاسو) جنوبا أيضا تمتد مضارب قبائل السوقيين, وكانت هذه الرقعة منازل توزعهم الجغرافي هم ومن جاورهم من قبائل الطوارق والفلان والسنغاي, يتجولون مابين ضفتي نيل النيجر شتاء وصيفا ويتنقلون في الربيع بين سفوح الصحراء وسهولها ووديانها ويجولون بين تلك الأدواح والجنان حين يحلو صفير البلابل , وخرير الماء, حين تكون الصحراء عروسا مختالة في حلل الأزهار، متوجه بأكاليل الأشجار، موشحة بمناطق الأنهار عندما يرقص الغمام في الفضاء الرحب , وتبدو الشمس خلفه صفراء عاصبة الجبين, فترى القوم في تلك التخوم قبيل أن يطوي الليل وشاحه، و يمتشق البدر بريقه,حين تتحرك أنسام العشي معطرة بشذا ورود أزهارها الشذية فكأن لسان حالهم يهتف ويقول:
لوْلاَكُمُ يَا أَهْلَ ذَاكَ الحِمَى ... --- ماراح قلبي موثقا بالجراح ...
أَسَرْتُمُ القَلْبَ فَيَكْفِيكُمُ ... --- لاَتَقْتُلُونِى قَدْ رَميْتُ السِّلاحَ

نعم لورأيتهم حين يتحلقون للسمر ويرتشفون معتق الشاهي الأخضر على مقربة من إحدى رياض الصحراء الغناء التي (قد رق أديمها، ونمى خصيب رطيبها، وراق نسيمها، ونمَّ طيبها، وغنّى عندليبها، وتحركت عيدانها، وتمايلت أغصانها، وتنمقت أزهارها، ، وتسلسلت جداولها، وتبلبلت بلابلها وعزفت الرمال أحلى انغامها) لرأيت مايجلب الأنس ويفتح النفس أورأيتهم بحللهم المصبغة بجميع ألوان الصحراء في فناء الخيام المشرعة الأبواب والتي يجول خلالها أذواد من الإبل يرد لقاحها إلى حقاقها فحل ملأ بهديره السمع وبجماله البصر يفيء إليها شباب السوقيين بهدوء وشوق إلى استماع شيء من الشعر العربي يتناوبون نشيده بنغماتهم الجميلة,حينا في المديح النبوي ,وتارة في شعرالتنبي والبحتري, وآونة في المعلقات العشر وغيرها من روائع الشعربي العربي.
ولعمري كم أ جروا في أسمارهم تلك حديث الشِّعر وصِفاتِه، وتولُّجِوا في تلك الليالي القمراء أبوابه وقَدحوا صَفاته, وسيروا فرسان الأفكار في ميدان هذا المضمار، ذلك هو ديدنهم وهجيراهم, وتلك هي ثروتهم وهذه هي أملاكهم يتقاسمون غلتها, حتى صار القريض بالنسبة لهم غنى وطول , بل مال يزكى حين يبلغ النصاب ويحول عليه الحول كما قال شاعر السوقيين محمود بن محمد الصالح الإدريسي السوقي:
أما القريض فإنه لي مال مالبلغ النصاب فحوله شوال
تلك هي مجالسهم كم شكى شعرائهم البعد عنها وتألم عن فراقها كما قال شاعرهم محمد بن عثمان السوقي الأدرعي.

ليتني لو تنفع الماسوف ليــت--- لم يلتني عن ذرى الأحباب ليت
أودعوا قلبي لما ودعــــوا من صنوفات الهوى كيت وكيت
إلى أن قال:
رو في حالي كي تروى عـــن --- مسنـداتي أثــــرا فيما وعيــــــــــــــت
عن سهادي عن هيامي عن ضنى --- عن جوى عن شغفي عن ذيت ذيت
تلك حالي قد قضى البين بهــا --- فاقتضت أني لولا الـــروح ميـــت
وحالهم أشبه بحال من وصفه المظفر بن الفضل في كتابه (نضرة الإغريض في نصرة القريض) حين قال:
(وأسواق الفضائلِ لديه قائمةٌ على سوقها، وأيْنُقُ الفواضل من بين يديهِ تساقُ بوسوقِها، وغَلْوةُ خاطرِهِ لا تصل إليها غاياتُ الطّوق، وإذا قيسَ به سواهُ قيلَ: شبَّ عمروٌ عن الطّوْق، دارُه بأرَجِ الأدبِ دارِين، ومحلُه بحلولِ البركةِ قَمين).
دارٌ تَسيلُ بها سُيولُ فضائلٍ ... --- وفواضِلٍ لمُسائلِ أو سائلِ
فالعُذْرُ مقبوضٌ بها عن آمِلٍ ...--- والعلم مبسوط بها للجاهل

alsoque.net 03-01-2009 08:24 PM

بيئة الشاعر السوقي.
تعد البيئة عاملا مهما في دراسة الأوضاع النفسية للشاعر ولذلك فإننا بالرغم من عدم تعلق الموضوع بالبيئة تعلقا مباشرا فإننا سنتكلم بشكل مختصر عن تضاريس هذه المناطق التي تعد مضارب قبائل السوقيين ومناخها وطبيعة النشاط السكاني لأهلها فنقول:
التضاريس.
تتنوع تضاريس المناطق التي تتمزكز فيها القبائل السوقية شمال جمهورية مالي، بين أراضٍ منبسطة وسهول متموجة، تغطيها الرمال في الشمال غالبية هذه الأرض صحراوية تمتد فيها سهول تغطي أغلب مساحتها وتخللها قيعان رملية وواحات تمتد إلى الجنوبية وأكثرها قفار وفيها مياه أكثرها عذبة.
المناخ.
يعد مناخ الشمال الصحراوي لجمهورية مالي شبه مداري إلى جاف، بصفة عامة. فهو حار جاف، خلال الفترة من فبراير إلى يونيه؛ ومطير، رطب، معتدل، خلال الفترة من يونيه إلى نوفمبر؛ وبارد جاف، خلال الفترة من نوفمبر إلى فبراير.
النشاط السكاني
من المعلوم أن الأعم الأغلب في المجتمع الطارقي يكتفي بالجانب الرعوي عن الجانب الزراعي , والسوقيون يعيشون بينهم ويشملهم ما يشمل الطوارق في ذلك إضافة إلى أن مناطق تواجد السوقيين أغلبها مناطق رعوية
وأشد اهتمامهم على تربية الماشية بأنواعها وينتجعون أخصب المناطق الرعوية في الصحراء والتي تعد كنزا للماشية في توفر النبتات الشوكية والأعشاب وغيرها.
وهناك أسباب أخر أدت إلى عدم اهتمامهم بالزراعة كثيرة ومنها أن المجتمع وجد نفسه موزعا مابين أهل فلاحة وأهل رعي فيصعب عندهم تغيير هذا النمط .
وأما مايخص النشاط التجاري فهو عندهم نشاط تكميلي لايقومون به إلا في حدود ضيقة ومواسم دورية معينة.

alsoque.net 03-01-2009 08:27 PM

مفهو م الشاعر السوقي.
ليس من السهل تحديد معالم شخصية الشاعر السوقي, فعندما نسمي الأشياء بأسمائها, ونحدد أكثر فإننا سوف تواجهنا حقيقة لامفر منها وهي أن الشاعر السوقي ليس شاعرا بالمعنى السطحي للكلمة فحسب , بل غالب شعراء السوقيين علماء شعراء وشعراء علماء, وقد انسحب هذا على شعرهم أيضا فهو عبارة عن كشكول ودائرة معارف أودعوا فيه الكثير من البحوث العلمية, والقضايا الجدلية والمباحث الفلسفية وغيرها من العلوم الأخرى بل هناك شبه إجماع على بعض الصفات التي يذكرونها في من يمدحون لاتكاد تخرج من هذا السياق قال العلامة الشيخ محمد الصالح بن القاضي محمد البشير الأنصاري السوقي المعروف (سله) لما مر على ديار قبيلة كل (تجلالت) السوقية:
لمن طلل أبصرته فشجاني _____ كخط زبور في عسيب يمان
ديار لقوم قدبنوها وشيدوا _____ بناها بدين دائم اللمعــــتان
وبالفقه والتفسير والنحو واللغى _____ حديث ومنطق عروض بيان
وإقراء ضيف ثم إقراء طالب _____ وإطراء سامع بغير تــــــــوان

ونكتفي بهذا القدر منها لتعلق به أكثر.
وقال الشيخ العلامة محمود بن محمد الصالح الإدريسي السوقي.
منا بياني ونحوي وصـــر _____ في ومنا قارئ مفســــار
ومفقه بالمنطق اتضحت له الـ _____ ـأقسام والأشكال والأسوار
ومحدث عرف الحديث رواية _____ ودراية فعنت له آثــار
ويقول الشيخ إغلس بن محمد بن اليماني الإدريسي السوقي في أبيات تدور في نفس الفلك وتخرج من ذات المشكاة وهي :

وآل (سوق) وإن عدت قبائلهم _____ فإنها دون شـك ( يثربيـــات )
فحرفة السوق مذكانوا بذاسلفت _____ وليس يوجد طباخ وزيـــات
مدرس لفنون العلم قاطبـــة _____ مشارك البعض للطلاب مشكاة
يبدي لهم من خبايا العلم ماخفيت _____له المسالك نفيه وإثبـات
ويرى بعضهم أن هناك حدا إذا وصله الشاعر فإنه سوف ينقطع إلى ربه ويترك مالايعنيه وهو حد الاربعين قال الشيخ أحمد بن موسى الأنصاري السوقي.
دعيني يا أميم وودعيـــني _____ فسنى كابر عن ود عيـــن وشغلي
شاغلي عن غير شغلي _____ وديني وازعي عن غير ديــن
ومالي أن أجاري ذا بعيـــر _____ بعِيرىَ أو بغثىَ ذا ثميـــن
وما ذا تبتغي الشعــراء مني _____ وقد جاوزت حد الأربعيـن
وأحيانا يتحدثون عن تحرقهم لتجاوزهم حد الأربعين دون صدق التوبة والانقطاع إلى الباري سبحانه قال الشيخ محمد بن ونسطفن مخاطبا شيخه الشيخ حن بن أمتال الأنصاري السوقي.
ليت شعري هل يستفيق مليم _____بعد تحلية العذار بشيب
أو يرى بعد ستين عامــــــا _____قابل النصح والهدى من مرب


alsoque.net 03-01-2009 08:31 PM

1- مظاهر اهتمام السوقيين بالأدب العربي:
ليس الكلام عن الحركة الأدبية في المدارس السوقية بمعزل عن الكلام عن المناهج التعليمية, التـي سوف نتحدث عنها في وقت لاحق, بل هو فرع من ذاك الأصل والأدب لدى المدارس السوقية يتمتع بنصاب كبير من المواد التعليمية, وهذا ما جعل المكتبة الأدبية السوقية تحتفظ بموروث ضخم من الأثارة الأدبية التي لم تكن غائبة في فترة من فترات تأريخ هذه المدارس, وهي إذ لاتخلو منها فلا يعني ذلك كون الفترات السابقة تتمتع بالضرورة بنفس الحجم الذي بين أيدينا اليوم , أو مزدهرة في كل وقت وآن , بل لانستبعد وجود عوامل ركود وهبوط , تعرو بعض هـذه الفترات, وعلى الرغم من ذلك فإن الأدب والاهتمام به لم يزل يجري ويسيرفي عروق تلك الحركات بدون استثناء ويليق بالذكر هنا القول بأن المدارس السوقية اهتمت بالأدب وتدوينه اهتماما لايضارعه أي اهتمام , وتشربتــه نفوس روادها وقوادها وكاد يطغى على كل فن ويزاحم كل تخصص,وصار جزءا لايتجـزأ من علومهم وحياتهم , وتحول إلى كعبة يطوف بساحها الجميع قال أحد شعراء السوقيين محمد إغلس بن محمد الإدريسي السوقي في رده على من يلومه على ممارسة معاطات السجال الأدبي.
ماذا على منتدب إذا انتدب ندبا ولوعا بلطائـــف الأدب
همته فض خواتم النخــب كم فض عن مختومها ختما وصب
وقطف اليــانع غضا والرطب وهصر الأملود منها واقتضـب
وغربل المنقــول ملقى الريب مستصفيا نا صعه إبـان شـب
ومــاله في تالد ولانشــب من عائـق مشـوش ولا أر ب
بل راودته لمــا يثغررتــب وجذبتـه للمعالي فا نجـــذب
ولم يزل مثافنا حين الطــلب قـدى النحارير فأثقل الغبــب
وكم طوى أعشاءه على السغب وذاك مـن تدآبه على الطلــب
وكم مداد قد ألاق وكتـب وكـم يراع شجه وكم قصـب
إلى أن قال:
غنوا بها لدى المقاهي والطرب وليلة العرس إذا ما الطبل طب
فلا تستثنى من ذلك طبقـة من الطبقــات ولافرق في ذلك بين العلماء والزهاد و العباد وغيرهم, بل نجد عالما نحريرا يتفنن في إجادة صياغة الشعر, فيساعده خيال محلق وعاطفة مطواعة, فيسمح له خياله بأسلوب شعري عذب, تتقاصر دونه قدرات الشعراء المشاهير, والبلغــاء المصاقيع وتراه أحيانا لايعبأ ببعض الأغراض الشعرية التي لاتتقاطع مع الشعور الإسلامي لديه, فيخوض فــي وصف الثغر والطرف والجيد والقد, ودعج العينين, ويسترسل في مثل هذه الأوصاف المغرية, وهذا نفس حال الشباب الذين نراهم يرتعون في مريع الشعر العربي ويطبقون نفس الأسلوب, إلا أنني لم أطلع رغم البحث الشديد على من قال قصيدة غزلية في معين, ولا من شبب إلا باسم يختلقه خياله, خلاف الجاهليين, وبعض المولدين وحالهم أشبه بحال القائل:
وَطَائِعَةِ الوِصَالِ عَفَفْتُ عَنْهَا ... ومَا الشَّيْطَانُ فيها بالمُطَــاعِ
َدَتْ في اللَّيْلِ سَافِرةً فَبَاتَتْ ... دياجي اللَّيْلِ سَافِرَةَ القِنَــاعِ
وَمَا مِنْ لَحْظَةٍ إلاَّ وفيها ... إلى فِتَنِ القُلُوبِ بِهَــا دَواعِ
فَمَلَّكَتْ الهوى جمحات قلبي .. لأجْرِيَ في العَفَافِ على طِبَاعِي
وَبِتُّ بِهَا مَبيتَ السَّقْبِ يَظْمَا ... فَيَمْنَعُهُ الكِعَامُ مِنَ الرِّضَــاعِ
كَذَاكَ الرَّوْضُ مَا فيهِ لمِثْلِي ... سِوَى نَظَرٍ وشَمٍّ مِنْ مَتَــاعِ
وَلَسْتُ مِنَ السَّوَائِمِ مُهْمَلاَتٍ ... فأَتَّخِذَ الرِّيّاضَ مِنْ المَرَاعِــي
ولا يخفى أن المنابع الدينية التي يستقي منها الطالب في أول مراحل تعلـمه الأدب والشعر, هي التي فرضت هذا الجو على الشعراء السوقيين وأدبائهم, علمـا بأن الأدب بشقيه النثري والشعري ينشآن مع الطالب منذ الوهلة الأولى ويتغذى بهما فكره حتى يعوداجـزءا لا يتجزأ من تكوينه العلمي, ومن ثم تبقى رواسب ذلك معه إلى زمن الكهولة.
وهناك أسباب غيرما سبق, ويمكن أن نستأنس بها أوتنضاف إلى ما تقدم نلخصها فيما يلي:-
1-بعض الأدباء والشعراء السوقيين يرون أن وراء هذه التعابير وتلك الأوصاف سبب خارجي, وهو محاكاة الجاهليين والمولدين في تلك الأوصاف لأنها تعد عند الأدباء معيارا ومحكا لروعة الشعر وقوته.
2-استعراض القوى الإبداعية والبيانية خاصة بالنسبة للشعراء السوقيين الذين غالب شعرهم محكوم ومصبوغ بالتحديات والمساجلات, والردود المضادة, فاقتضى الأمر تزويد القصيدة بشيء ما من العيار اللغوي الثقيل والذي يضفي عليهاطابع التحدي.
3-إحاطة القصيدة بهالة من القبول والاحترام لدى من يرى بدعية المقدمات الطللية, التي لم تطعم بالغزل والتحدث بالأوصاف المادية المغرية التي تحدث بها امرؤ القيس وغيره.
وهناك نوع من الشعر أبدع فيه السوقيون وجمعوا فيه بين قوة الشعر, والبحث العلمي الرصين, ونسميه (بالشعر العلمي) , وسوف يمرعلينا ذكره والوقوف عنده , وإبداعهم فيـه يكمن في أنهم وظفوا القصيدة العربية, في أغراض علمية, وحاولوا الحفاظ مع ذلك على القواعد المقررة لجودة القصيد وقوته, من بديع وبيان, وغيرذلك.

alsoque.net 03-01-2009 08:32 PM

الاتصال المبكر بالشعر والادب.
وبالجملة فإن الحركة الأدبية في المدارس السوقية, تولي الأدب واللغة العربية اهتماما كبيـرا, ولذلك فإن المكتبة الأدبية واللغوية العربية بوجه عام حافلة بأكثر المراجع وأهم الكتب. وهذا يعكس مدى العافية التي يحظى بها الشعر السوقي, لأجل طبيعة الاتصال المبكر بالعلوم اللسانية والاعتناء بـها إلى حد الغلو وهذا ما صبغ إهاب شعرهم بصبغة عربية عتيقة فلم يتسنه إهابه , ولم تتغير ملامحه بعوامل البعد عن الوطن العربي, بل أوجد في تلك الواحات الإفريقية جوا عربيا بنته أخيلة الشعراء السوقيين وبقيت له خصائصه, التي ينبعث شذاها من جو الصحراء , فيأتي أحيانا متقمصا شخصية الإطـارالجاهلي الغليظ الذي يرى بعض أدبائهم وشعرائهم أن الخروج عن دولته, يعدردة أدبية لاتليق, وهجــرة فكرية لاتنبغي وأحيانـا أخر يرتـدي بزة شعـر المولـدين , ويعزف علـى أوتـار معانيهـم السلسـة الرقراقـة.

alsoque.net 03-01-2009 08:33 PM

مميزات الأدب السوقي:
يعد الطابع البدوي من ضمن المميزات والسمات التي كانت متأصلة في شعر السوقيين , ويبدو أكثر وضوحا في الطلليات, وقصائــد الفخر ولاشك أننا إذا نثرنا كنانة شعر أدبائنا وعجمنا عيدانه, فسوف نرى شعرا تتضوع منه أطياب البداوة, وينبعث منه نسيم الصحراء, فهو مليء بوصف الرياض الزاهرة, والحدائق والأنهار والأشجار, والماء والمطر, وما يتصل بذلك من نسيم الصحراء وهوائها, فنرى تناغما جميلا بين الصحراء والشاعر, حينما نجده وهو يترنم بشعوره في شعره واصفا بتفصيل كل شاذة وفاذة مر بها في طريقه, من أشجار وأنهار وبساتين, ثم يعرج على دمن الأحباب,فيجدها بلا قع من أهلها فلا أنيس ولاجليس ولاصديق ولارفيق, إلا بقايا أثاف, أوديار عواف, فينطلق ليواصل الرحلة ,في سبيل الوصول إلى الأحبة,غير مهمل كل ما مر عليه في رحلته تلك بأسلوب رشيق, قد أطنب فيه كثير من الشعراء, وتعد الطلليات مـن الأغراض الشعرية التي ذابت فيها شخصية الشاعر السوقي في شخصية الشاعر الجاهلي, كما سبقت الإشارة إليه, ولايدل ذلك على عدم ابتكارهم للمعاني الجميلة, فيما سواه مـن الأغراض كالمديح والفخر والرثاء, وغيرها ومن ضمن هذه المميزات أيضا.

alsoque.net 03-01-2009 08:35 PM

الحنين إلى الجزيرة العربية.
ومن الأشياء التقليدية لدى الجل من شعراء السوقيين ذكر الأماكن التي ترددت على شفاه الشعراء الجاهليين والتغني بها, بدلا مـن أماكن تواجدهم بل هي مسقط رؤوسهم, وكان ذلك خير دليل على عمق تعلق قلوبهم بوطن أجدادهم القدامى, إذ هم لا يتنازلون عن أصلهم العربي فالشعراء الذين اتناول شعرهم ينحدرون من أصل علوي بشقيه الإدريسي والأدرعي ومن أصول خزرجية وفهرية فحنينهم إلى بلاد العرب طبع لا تطبع يقول الشاعر الإدريسي السوقي محمد بن يوسف.
جزعت تضارع واختطبن لعالعا وهبطن( بيشة) وانتجعن (الطائفا)
فالأوطان العربية هي التي تذكر في أغلب أشعارهم حتى إن من وجد قصيدة أحدهم ربما لا يهتدي إلى الرقعة الأرضية التي تحتضن القائل.

alsoque.net 03-01-2009 08:37 PM

التغني بمضاربهم في شعرهم.
وقد نجد منهم مع ما تقدم من خلد مضارب قومه في شعره أمثال الأديب الشاعر محمد بن يوسف السابق ذكره, وقبله الشيخ محمود الإدريسي السوقي والشيخ إغلس بن محمد الإدريسي السوقي وغيرهم يقـول إغلس في قصيدة له لعل الهدف منها كما أسلفنا تخليد أماكن تجوال قبيلته:
فلا أنسى الرواحل ذات يوم _____ غداة البين قيدت بالبرينا
وشدت على هوادجها مروط _____ مرقشة لذي (أسد) حدينا
وعاودت المصيف بها قديما _____ وفي المشتى الأجارع يرتعينا وقلن على (كرار) وكل قرم _____ شكى من شد أضلعه الوضينا ورحن بها وشدت في مسير _____ وما تشكو مناسمها الحزونا فصبحنا مسارح (همكيـــــر) _____ والقينا العصي بها قطينـــا
و قال الشيخ محمود بن محمدالصالح الإدريسي السوقي:
ألا قف بالديار ديار سات _____ ديار في (فسنفس) دارسات
وكذلك الأديب الشاعرعبد الله بن المحمود حين قال:
لمن طلل يلوح بـ(تارجابا)_____ أسائله ولكن ما أجابـــا
يلوح به سنا برق وميض _____إذا مالاح يحتجب احتجابـا
عهدت به زمانا كان صفوا _____ وقد أقضي به العجب العجابا
به أدعو الصبا طورا وأدعى_____ فلم أبرح مجيبا أو مجـــابا
وقال الشاعر محمد بن يوسف أيضا في قصيدة له في هذا المنحى ايضا:
يادار هند بذات الطلح مهدومه _____ مجت أفاوقها من فوقها ديمــه
فذي (الأران) إلى أعلام(ميم) إلى (غرام )فالرس من (انكور) مرهومه

alsoque.net 03-01-2009 08:43 PM

التميز الديني في المقدمات الغزلية.
استعمل الأدباء السوقيون الغزل معبرا في أغلب المناسبات الشعرية وليس هدفا لذاته, وكثيرا ما يعبرون عن ذلك في أشعارهم يقول الشيخ أحمد بن موسى الأنصاري السوقي .
دعيني يا أميم وودعيـــني فسنى كابر عن ود عيـــن
وشغلي شاغلي عن غير شغلي وديني وازعي عن غير ديــن
ومالي أن أجاري ذا بعيـــر بعِيرىَ أو بغثىَ ذا ثميـــن
وما ذا تبتغي الشعــراء مني وقد جاوزت حد الأربعيـن
وقال الأديب المرتضى بن محمد الإدريسي السوقي.
ياظبية كحلت لها الأجفان _____ وابيض منها الوجه والأسنان
السحر كل السحر لا من بابل _____ بل ماحوت من وجهك العينان
لولا اسوداد الحاجبين وفاحم _____ من فوق أبصر ضوئك العميان
إن كان ذاالإعراض عني رغبة _____ عني وأنك همك الغلمـــان
فلأنت في واد وفي واد أنا _____ فلتنطلق لسبيلها الغـــزلان
يأبى التعرض للنسا سني وما _____ حدثت عمن همه النســوان

alsoque.net 03-01-2009 08:44 PM

المدح والأغراض التكسبية عند شعراء السوقيين.
حين تقرأ الشعر السوقي تجد المدح منه شبه خال من الأغراض التكسبية, ويعود ذلك إلى عدة أمور:
1- عدم وجود بلاطات عربية في الجزء التي يضمهم من الصحراء الكبــرى, والممالك التي قامت في بلاد (مالـي) بالرغم من أنها من أقوى الممالك الإفريقية تمسكا بالدين وتأثرا بالحضارة الإسلامية, واعتناء بالعلوم الإسلامية إلا أنها لم تتبن الأدب العربي بشكـل جدي كمـافعلت بالفقه والحديث والنحو وغيرها من العلوم الأخرى, وقد مرت علي من خلال بعض الكتب التاريخية, التي تناولت تأريخ مملكة (مالي) بعض النماذج الشعرية التي لم ترق إلى المستوى ا لأدبي الراقي, ولم نر من هذا الجانب أي مشاركـة للشعر السوقي سواء في المدح ولا غيره.
2- أن بعضهم يرى أن هذه العاطفة ينبغي أن تصرف إلى مديح المصطفى عليه الصلاة والسلام دون غيره من الناس.
3- أن الحي لا تومن عليه الفتنة , فإن كان ولابد من مدح فللميت ولذلك نجد عاطفة شعراء السوقيين في الرثاء أكثر صدقا.
وبالجملة فإن المدح عند السوقيين ظل بعيدا عن الدوافع النفعية التكسبية, ولم يتكبد بأغلال التزلف للحكام استجداء لنفعهم, ولكنه في المقابل أدى دوره المنشود في المديح النبوي وكذلك ما يتعلق بالجانب البيني بين القبائل السوقية.

alsoque.net 03-01-2009 08:46 PM

استخدامهم االمصطلحات الدينية داخل القصيد.
قال الشيخ الأديب محمد الحاج بن محمد أحمد الأدرعي السوقي في قصيدة تعد من غرر قصائده وسوف تمر عند الكلام عن الغزل:
تبدت لنا يوم الوداع فأبرزت _____ بنانا خضيبا من دم القلب والسَّحر
فقلت لها ماذا الخضاب الذي بها _____ فقالت دم من عاشق لي فـي أسر
فقلت لها أنا العشوق دواءه _____ لديك فقالت لي أداويه بـالهجر
فقلت لها إذن فِديه فمـوتـه _____ شهيد هوى أشهى إليه من الخمـر
فقالت وهل أرضى من العشق ربية _____ وماالغدر في دين الصبابة من دهر
ولا أظن أن الأديب يحتاج إلى من يبن له مدى تأثر الشاعر بثقافته الإسلامية في شعره تأثرا واضحا, بأسلوب جميل يبين رهافة حسه الشعري, فقد استطاع أن يجمع بين الأسلوب الإسلامي واصطلاحاته, وبين الغزل البريء النزيه بهندسة لفظية رائعة, فاستخدم كلمة- القاضي-ليلة القدر- دين –شهيد- واستعمل من فلسفة الأخلاق (الريبة والغدر) وغيرها، وكلها أعطت دلالة صادقة على تأثر الشعراء السوقيين بالتيار الإسلامي في شعرهم.
وهذا النوع من الشعر محبوب لدى النفوس المحافظة, ,فهو ليس غريبا عن الخلق الإسلامي المحافظ فقد فضلت الناقدة الإسلامية الأولى سُكينة بنت الحسين رضى الله عنها, جميلا على الفرزدق وجرير وكثير قائلة (إنه جعل حديثنا بشاشة, وقتلانا شهداء) وتشير بذلك إلى قول جميل :
لكل حديث عندهـن بشـاشة _____ وكل قتيل عنــــتدهن شهيد
يقولون جاهد ياجميل بغزوة _____ وأي جهاد غيرهــــن أريد

alsoque.net 03-01-2009 09:06 PM

معيار الفضيلة عندهم.
توسع أدباؤنا, في المدح واستعملوا صفات يرونها الأحق في احتلال صدارة المدح, فذكروا بجانب الكرم التقــوى,وبجانب الشجاعة, الأمانة والورع,وبجانب العقل والعفة, التدين وغيرها من صفات المسلم الحق,ولا يتعارض ذلك مع مارآه الناقد الكبير قدامة بن جعفر حين قال:(جماع الفضائل هي الشجاعة والعقل, والعفة والعدل), حيث أن هذه الصفات الأربع ليست تحديدا لكل صفات المدح, وإنما القصد من ذلك أن غيرها من الصفات الحميدة الأخرى مهما تشعبت فهي راجعة إليها لا محالة يقول الأديب الشاعر المرتضى بن محمد الإدريسي السوقي في قصيدة له نقتطف قوله :
نجم الهدى بدر الدجى شمس الضحى _____ بحر التقى وإذا انتمى (فلباد)
هو سيد حم هو غاية هو آيـة _____ هو حجة هو نجعة الــرواد
حاز المفاخر كلها وبستـــة _____ إحصائها عسر من الأعـداد
إيثاره إغضائه إرضــائــه _____ إخباته إنشائــه إنشــــــــــاد
نرى الشاعر قد عدد مفاخر الممدوح وذكر أنه نالها بستة ذكرها في أبياته.

alsoque.net 03-01-2009 09:07 PM

النواة الأساسية التي ينطلق منها المدح.
وبعـودنا إلى نواة هذه الأوصاف فإنناسنجد الغالب منها ( التدين –الشجاعـة_ الكرم- الجود -العفة- العلم – جودة الخط- ) وكان الخط من المهن التي يفتخر السوقيون بإجادته وإتقانه.

alsoque.net 03-01-2009 09:09 PM

2- الابداع الأدبي وثماره النثرية والشعرية.
قبل الخوض في هذا الموضوع أود التنبيه إلى اتجاه معاصر اختاره الكتاب والنقاد في شأن الأدب العربي, وألزموا أنفسهم إطالـة النفس فيه و هوالكلام عن الشاعر, والحياة السياسية التي عاصرها, وأهم القضايا الفكرية التي يعج بها العصرالذي عاش فيه.
وهذا أرى أنه يخدم الأدب والتأريخ قبل أن يخدم الشاعر,ولا ألوم من يرى ذلك من قبيل لزوم مالا يلزم,و هؤلاء الكتاب بلغ بهم ترف أفكارهم,أو سرف أقلامهم, مبلغا تكاد فيه أفكار القصيدة سيقة لاستنباطاتهم, واستنتاجاتهم ,أوبتعبير أدق افتراضاتهم, ويضعون تحاليل جريئة هي بمثابة مصادرة لفكر الشاعر, وسرقة مقاصده إن صح هذا التعبير.
ونكتفي في ذلك على مثال حي ألاوهو مافعله الدكتور طه حسين بأشعار الجاهليين, ولم يمت هذا الفكر بموت طه حسين بل ظل نشيطا عند الجم الغفير من المعجبين بفكره وخطله .
وليس القصد التقليل من قيمة هذه الجهود التي بذلت ومازالت تبذل في الأدب العربي في هذا العصر, ولكن الغرض هوبيان أن هذه الموسوعية أهملت بشكل كبيرالجوانب البيانية والإبداعية في الأدب واهتمت بأمور هي في الحقيقة أقرب إلي إظهار عضلات معرفية, منه إلى أي شئ آخر. والذي لاشك فيه أن الشعر لابد أن يبقى شعرا وخيالا,فالشعر من الشعور والخيال من التخييل,وإذالم توخذ هاتين الحقيقتين بعين الاعتبار فسوف يكون الشعر أول من يشقى بهذه الدراسات.

alsoque.net 03-01-2009 09:15 PM

الأغراض الشعرية.
طرق السوقيون الأغراض التي طرقها الشعراء كغيرهم, الغزل، المدح، الإخوانيات، المديح، الرثاء ،الفخر،الوصف التقاريظ، التهاني ،الزهديات وشعر التصوف ، الدعاء والطلب،السياسيات، العتاب والشكوى، ، الهجاء وعلى هذا الترتيب أرتب الكلام عليها وإعطاء النماذج عنها ونبدأ عبر بوابة الشعر

alsoque.net 03-01-2009 09:16 PM

الأولى:
الغــــــــزل.

الغزل هو بوابة الشعر حيث أنه ظل عبر تأريخ الشعـر العربي هو المفتاح الذي يضعه الشاعر في قفل الشعر العربي لينفتح أمامه فضاء الشعر الرحب والخيال الخصب, ومن لم يملك المفتاح فسيبقى خارج مدينة الشعر, ومن لم يستظل بظلال الغزل والنسيب الغض فسيظل لامحالة ضاحيا بعيدا عن نيل مرتبة الشاعر الحق {روى ابن رشيق أن ذا الرمة سئل كيف تفعل إذا انقفل دونك باب الشعر قال كيف ينقفل دوني وعنــدي مفاتحة, قيل له وعنه سألناك ما هو؟ قال الخلوة بالأحباب,}{ ويعلق ابن رشيق على قول ذي الرمة قائلا فهذا لأنه عاشـق ولعمري أنه إذ انفتح للشاعر نسيب القصيدة فقد ولج من الباب ووضع رجله في الركاب}.

alsoque.net 03-01-2009 09:24 PM

التزام الطريقة الجاهلية في المقدمات الطللية.
إن من يستنطق أشعار السوقيين سيجد بكثرة هذا النوع من الشعر الذي التزم فيه أصحابه المنهج الجاهلي التزاما يصل إلى حد المغالاة وصار ذلك عندهم واجبا لابد أن تطعم به القصائد ويضمخ به هيكل الشعر, اعتقادا منهم أن تلـك الطلليات هي بمثابة همزة وصل بين شعرهم والشعر العربي العتيق, حتى إنهم استعملوا النسيب سواء في القصائد الـتي الغرض منها التعبيرعن عاطفة الحب الخالص, وصادق الغرام, أوالتي كان النسيب فيها مجرد مقدمة وتمهيد إلى موضوع القصيدة, وليس تعبيرا شعوريا صادقا.
ويستوقفنا موضوع له أهميته عند تناول الغزل حيث إن الغالبية من الأدباء والشعراء قد يستعملون النسيب فـي بعض قصائد هم بدافع الإيمان بالطريقة التقليدية المتبعة, لدى لفيف من الشعراء المولدين ومن أتى بعدهم , وهي وضع مقدمة غزلية بين يدي الموضوع الذي قيلت من أجله القصيدة , وليس شعراؤنا بدعا من غيرهم , فهناك من فطاحلة الشعراء من يرى نفس الرأي ولم يشذ عنه غيــر الشاعر أبي نواس والذي رأى ضرورة التحرر من القيود التي تحمل شعار التقليد المحض للأسلوب الجاهلي داعيـاإلى الرجوع إلى الطبع واستبدال وصف الأطلال بما يمليه على الشاعر حسه المباشر قائلا:
صفة الطلول بلاغة القدم _____ فاجعل صفاتك لابنة الكرم
تصف الطلول على السماع بها _____ أفذو العيان كأنت في الحكم
وإذا وصفت .... متبعــا _____ لم تخل من خطأ ومن وهـم
ويرى ابن رشيق أن الواجب تجنب التقليد لاسيما إذا كان الممدوح في بلد المادح ويراه في أكثر أوقاته , فما أقبح ذكر الفلاة والناقة حينئذ ( ).
وقد وجدت هذه الدعوة آذانا صاغية لدى الغالبية الساحقة من الكتاب والنقاد في هذا العصر, ويصمـون هذه الطريقة القديمة التي يحشر فيها الغزل والمدح والفخر في قصيدة واحدة بعدم صدق عاطفة قائلها , وعـدم الوحدة العضوية والموضوعية في شعره ولاشك أن الأدب السوقي ما هو إلا صورة طبق أصلية للنموذج الجاهلي القديم , ولكنهم مع ذلك لهم تميز في صدق عاطفتهم العقدية بعيدين عن الطابع العام في العصر الجاهلي, والذي طغى فيه طلب المتعة, ومرضاة الشباب وإشباع اللذات الحياتية , في عهد الصبا وكانوا أيضا بعيدين عن الأوصاف المادية المغرية والخلـوات المريبة والمغامرات الغرامية التي ولع بها امرؤ القيس وغيره من الشعراء.
يعد الغزل عند الشعراء السوقيين معبرا وليس هدفا لذاته ويعود فضل ذلك إلى التميز الديني, والذي لا يرضى بتلك التجاوزات الخطيرة على حساب الدين والخلق الإسلامي النقي فحالهم أشبه بحال الشاعر الأندلسي القائل:
كَذَاكَ الرَّوْضُ مَا فيهِ لمِثْلِي ... سِوَى نَظَرٍ وشَمٍّ مِنْ مَتَاعِ
وَلَسْتُ مِنَ السَّوَائِمِ مُهْمَلاَتٍ ... فأَتَّخِذَ الرِّيّاضَ مِنْ المَرَاعِي
واختاروا لشعرهم أن يكون برزخا بين اللفظ الجاهلي الغليظ الجزل وبين الأسلوب الإسلامي السهل .
يقول الشيخ الشاعر عبد القادر بن محمدالصالح الكنتي السوقي ضمن قصيدة إخوانية أرسلها إلى ابن عمه الشيخ الفتى بن محمد أحمد الكنتي:
ظبي أقام الحسن في أمــاته _____ ما جازه إلا إلى عمـــاته
فانشقت الأصداف أصداف البها عنه_____ فضاع الدر بعد نشـاته
ماإن ترى خمرا كخمر رضابــه _____ كلا ولا تمرا كتمر لثــاته
سيان دري العقود وثغـــره _____ في النظم لافي كل ماهيـاته
كالغصن قد ا كالغزال تلفتا _____كالبرق في الظلماء في بسماته
السحر من كلماته والعود مـن نغماته والمسك من نفحـاته
والقوس من نوناته والليــل من حدقاته والحور من أخـواته
يصميك قبل الرمي إلا أنـــه _____ بلحاظه يصميك لا بقنـاته
فاعجب له يدمي القلوب ولم يكن _____ إدماؤه الأجساد من آفـاته
يسطو على روحي على كلفي به _____ روحي الفداء لروحه ولذاته
فصريع كاسات الغرام حياتـه _____ كمماته ومماته كحياتــه
وما دام نطوف على ساحات الغزل السوقي فإلى الحديقة الوديقة للأديب الشاعر الشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد الادرعي السوقي وهي من إحدى بحابيح الواحة الغزلية السوقية أطلت علينا رائية وهي من عيون الشعر وهي:
لمعناك في فكري ومغناك في صدري وسر هواك في الجوانح كالجـمر
قضى لي قاضي الوجد أني متيـم _____ فللغرب إرسال الغروب إلى النحر
وللب تشتيت ولم يبق غيرمـا _____ يميز بينها وبيـن مهـا القفـــــــــــــــر
على مثلها يبكي _وإن ليم عاشق _____ ولوكان قلبه أصم مـن الصخر
فليلات وصلها على الدهر فضلت _____كما فضلت عن شهرها ليلة القدر
وما الصبر إن حاولته بعد فرقتي_____ لمربعها إلا أمر من الصبـــر
مهاة لها جيد المهاة وحا جــب _____ كنون وفوق نونه غرة البــد ر
وطرف سقيم كالسنان لعــاشق _____ له فتكات كالهزبرأبي أجـــر
وفرع أثيث فاحم مترا ســـل _____ كأن الدجى تكسوه برداإلى الفجر
وثغرشتيت أشنب إن لمحتـــه _____ حسبت وميض البرق من ذلك الثغر
وماالشهد إلا ريقة من لثاتــها _____ وما المسك إلا من معاطسها يجري
ممنعة يسري إلي خيالهــــا ولو قدرت تعوقه لم يكد يسـري
تبدت لنا يوم الوداع فأبرزت_____ بنانا خضيبا من دم القلب والسَّحر
فقلت لها ماذا الخضاب الذي بها _____ فقالت دم من عاشق لي فـي أسر
فقلت لها أنا العشوق دواءه _____ لديك فقالت لي أداويه بـالهجر
فقلت لها إذن فِديه فمـوتـه _____ شهيد هوى أشهى إليه من الخمـر
فقالت وهل أرضى من العشق ربية وماالغدر في دين الصبابة من دهر أي من عادتي
فقلت لها متى اللقاء؟ فأعرضـت دلا لا وقالت لا ولكن إلى الحشـر
ومن ذلك قصيدة للشاعر المفلق محمد بن يوسف الإدريسي يقول فيها:
رام جهلا يطفي بصــب الصبابة _____ زند وجد تذكيه كــف الصبابه
فاستطار واهتاج ما قــد توارى _____ في حشاه حاشاه يطــفي التهابه
أورثته سقيمــة الطرف سقما _____ أودعتـــــــــــــه إذ ودعــته الكــآبه
ذات دل تريك صبـــح جبين _____ متلال من تحت ليـــــل الذؤابـــه
إلى قوله:
تلك نعمى ولت فألوت برخص _____ أوجب البث أن لمحت خضابه
تتهادى كالبدر مابين بيض _____ كالداري تحكي انسياق السحابه
يتسامى من خلفها دعص رمل _____ تتشكى عند النهوض انجذابـه
علمت من لحاظها السحر هارو ت وماروت والسهام الإصابه

alsoque.net 03-01-2009 10:22 PM

المـــــــــــدح
يعد المدح من أوسع ميادين الأغراض الشعرية, فقلما تجد شاعرا إلا وقد ضرب فيه بسهم, واتصل بالمدح بسبب سواء في المجال التكسبي, أوفي المجالات الأخرى.
ومما لاشك فيه أن المدح اتسع نطاقه بشكل أكبر عند شعراء الإسلام أكثر من شعراء الجاهلية,لأن الإسلام جمع بين الصفات التي استعملها الجاهليون, ومدحوا بها, إلى صفات أخرى انبثقت من الإسلام نفسه دعا إليها القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة,التي بعث صاحبها عليه الصلاة والسلام ليتمم مكارم الأخلاق .

إن المدح عند شعرائء وأدباء السوقيين لم يتحرر من قيود محاكاة القدماء من الشعراء ولم يقــدروا على أن يضربوا معاني المدح في قوالبهم الخاصة , وبالتالي لم تتبين شخصيتهم فيه, وظلت الأوصاف والمعانـي هي نفسها التي استعملت في شعر الأولين, ولكن يبقى تأكيد ماسبق طرحه في غير ما مناسبة أن التيار الإسلامـي هو الذي يهيمن على أوصاف المدح لدى شعرائنا, وبلغ من قوة هذا التيار أن الأسماء يجرون فيها عملية اشتقاقية تنطلق منها روافد أوصاف تصب في نفس الإتجاه ولاأصدق في ذلك من قول المحمود في ممدوحه محمو د:
عبدالإله فإن أشبعت أولـــه وفهت (بالباء) مكسورا فعابـده
ويدلنا هذا بجلاء إلى قضية أخرى وهي أن المدح لدى أدبائنا له طابع ألا وهو الوصف الديني فهو صاحب صـدارة ومكانـة لاتخفى.
ومفردات هذا القاموس هو نفسه الذي استعمله الأديب الشاعر المرتضى بن محمد الإدريسي السوقي في قصيدته الفائية التي ساجل بها محمد بـن يوسف الإدريسي السوقي فقال:
نبهه بالضيفان إن عاجوا به _ فإذافعلت فشأنه والشــارفا
كرم على كرم وحسبك بامرء _ أن لايجمم تالدا أوطارفـــا
آراءه بصر العقول وسعيـه _ يذر الرجا المأمول نيلا آزفـا
وإذا احتبى بين الأماثل خلته _ بدرا سوى أن لايكون الكاسفا
وإذا ذكت نار المرا ألفيتـه _ طلق المحيا ساكتا لاحـالفـا
سن الغلام وسيرة الزهاد في _ ضبط ينازعه الكبير الدالفـا
فهو الذي أحيى الليالي ساهرا _ من خشية المولى فأصبح واقفا
أو راكعا أوساجدا أوداعيا _وخلال ذاك الدمع يجري ذارفا
الله يعلم للسيادة والنهـى _ والحزم والفهم السليم مصارفا
أنبِأته فهِما فلما جئتــه _ صادفته البحر الخضم الراجفا
العالم الفطن الذكي العابد ال _ ورع التقي الفاطمي العارفا
ولاشك أن هذه الأوصاف ليست من أجل الاستهلاك المجرد كلا فقد أريد لها أن تضفي بعدا دينيا لهذا المدح فهو يعرف من يصفه, ويعرف من يقرؤون له, مما يعني أنه يعتقد جازما أن مدح المؤمن الحق هو التحلي بهذه الخلال التـي وصف بها قرينه محمد وما يضره مافات بعد أن تكون هذه الأوصاف حاضرة, ولا ينفع ماسواها لو كانت هي الغائبة.
وقال الشاعر محمد بن يوسف الإدريسي السوقي يمدح الشاعر إغلس بن محمد بن اليماني الإدريسي السوقي ضمن قصيدته التي وجهها إليه تجاوبا مع النصيحة التي واجه بها الشباب السوقي في قصيدته :
فقالت نماني ابن اليماني ومن تطب _ مغارسه يطب بطيب المغارس
فتى كلما قرت على الرق كفه _ أقر له بالرق كل ممارس
وإن شاء إنشاء القوافي شئى بها _ بمضمار سبق كل قرن منافس
أو استبقت فرسان علم بلاغة _ بميدانها استتلى بها كل فارس
إذا ما تحرى القول يوما فثق به _ ولا تبحثن عما تحرى ابن عابس
لقد أنشأت في راحتيه فردهما _ سحائب عشر كم جلت بؤس بائس
يسح بتا قطر الندى وبتا الردى _ على الود والضدالمعادي المغامس
هما فاعتبر كاسميهما فادر ما هما _ إذا اغبرت الآفاق في فصل مارس
لئن دل عن رشد وحض محرضا _ على الدرس والتدريس غير مدالس
أو أيقظ من وسناة غفوة غفلة _ بوعظ بليغ كل وسنان ناعس
فلا غرو فهو البدر والجهل حندس _ وفي البدر تما جلوة للحنادس
ونقتطع من بعض قصائد محمد بن يوسف الإدريسي السوقي التي وجهها إلى الشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد الأدرعي السوقي والتي تعد آخر المساجلة الشعرية التي جرت بينهما ما يتعلق بالمدح حيث تخلص من المقدمة الغزلية ووصف النوق فقال بعد التخلص :
بدر يحت بدورا يوم مسألة _ حتا لمسكنة بالطول مهمومه
وللأراجل يستغلي مراجله _ سودا مكتكتة بالكتر موكومه
بطين شأو بعيد الشأو ليس له _ صوغ وصيغته ليست بمذمومه
يستنتج الشذر ذهنا غير معتقم _ يوما إذا اعتاصت الأذهان معقومه
إذا استقاءت مزابرا شناتره _ قاءت له فقرا في الرق منظومه
يزبرج الوشي إنشاء بعارضة _ في النسج ماهرة ليست بمسئومه
ما اسود كاغده إلا استضاء بما _ عنه انطوى شذرا بالمسك مرسومه
فكم له من نفاثات منعثلة _ عن صوغ أمثالها الصغاة مشكومه
وكم له من سبائك مرصعة _ مسموطة في سلوك الذهن مرمومه
وكم توشت على منوال عارضة _ له الملاوى يد التمعين مرقومه
وكم ترست إلى أن أدهشت وغدت رجلاه في أخريات الليل موصومه
وكم أكب لحر الوجه مبتهلا _ لله مستعبرا عيناه كالديمه
يدعو ويأمل عفو الله منتصبا _ في كل داجية دجياء مظلومه
أناله ربه ذكرا مداركه _ تعيي ذوي همم بالحزم محزومه
أناله حائك حوكا يحبره _ من نسج فك بديع الوشي موسومه
ومن نماذج المدح ماقاله الشاعر إنباكوا بن أمية الأنصاري السوقي قالها في الثناء على امرأة من الطوارق , قامت مقام الرجال في حسن الضيافة , وضربت في الكرم أروع الأمثال , فأثارت سحابة فكر شاعرنا فسحت قريحتـه بودق من المعاني ينساب الجمال من خلالها,ويخيم الثناء تحت ظلالها ويقال إن تلك الدرة المصونة, واللؤلؤة المكنونة لما وصل إليها ركب الشيخ عمدت إلى ناقة لها فنحرتها, وبأعمدة خيمتها فشبت بها النار , حبا في الكمال وخوف العار,واليك الأبيات وهي:
جرى من بنت أحمد (دوش )صنع _ تقاصر دونه همم الر جـــال
أرت من نفسها عجبا عجـابـا _ يدل على المروءة والكمــال
أتينا حيها ليلا فقـــالــت _ حياة الحي في نحر الجمــال
فساقت ناقة عُشَرا وشـدت _ قوائمها بأطراف الحبـــال
فأنفذت المقاتل وهي ترنــو _ لمصرعها ولكن لا تبالــــــي
فما لبثت لنا أن قدمتــهـا _ بواد من وقود النار خــــــال
فتاه الركب في عجب وشكـر _ لآيات جرت في ضيق حـال
إذا ماشام برق المجد شخــص _ تحمل ضاحكا بيض الجبـال
وإن كرمت طباع المرء كادت _ صنائعه تعد من المحـــــــال
وينظر روحه لحياة أخـــرى _ ويسخو بالمطافل والمتــــال
فتلك خلائق منعت لبـعـض _ وتعطاهن ربات الحجــــــال
وتلك كريمة الأتواج ( هتـو) _ مجددة المكارم والمعـــال
]

alsoque.net 03-01-2009 10:24 PM

شعر الحكمة عندهم.
ومن الملاحظ أيضا في شعرهم ضآلة شعر الحكمة إذا قسناها بالفخر أو المدح مثلا, وإن وجدت ففي شعر الرثاء, فهو الذي نشهد فيه للحكمة حضورا مميزا, ونراهم يطرقون أساليب في الرثاء تتجلى فيها الحكمة, بوضوح, أما ما سواه من الأغراض الأخرى ,فتمر علينا الحكمة مبثوثة في ثنايا القصيدة بأسلوب غير منتظم, لم تأخذ فيه الحكمة حيزا طبيعيا, ولم تتبوأ مكانتها المرجوة من شعر غريق في تقليد الجاهليين ,عريق في البداوة, ومعلوم أن الشعراء الجاهليين لا يخلو شعرهم من الحكمة بل يندر وجود قصيدة واحدة من قصائدهم,إلا وتجد فيها حضورا للحكمة,وما شعر زهير عنا ببعيد .
وبستثنى من ذلك بعض الشعر الذي يحمل طابعا وعظيا,أو الذي يأتي لغرض العبرة وغالبا ما نرى هذا النوع في الرثاء كما سبق إيضاحه, ولعلي أتناول ذلك بصورة أوضح عند الكلام عن الرثاء.

alsoque.net 03-01-2009 10:25 PM

صدق العاطفة الشعرية عندهم.
ممالاشك فيه أن بعض الشعراء سواء من السوقيين وغيرهم نجدهم يهملون جانبا مهما من الشعرحيث يكمنون تحت هضبة من الألفاظ في قصيدهم دون أي مبالاة بصدق العاطفة فيها, لأن صدق عاطفة الشاعر هي التــي تحكم على شعره بأن مايقوله الشاعر هو فعلا حقيقة حاله, وأعتقد أن جانب الصدق في العاطفة هو الذي خلد شعرامرئ القيس فـي تاريخ الشعر العربي, وغيره لأن مايقولونه هو حقيقة حالهم, وأقول جازما بأن الكثير من الشعراء سواء السوقيين وغيرهم لم يلتزم بهذا الجانب وبالتالي بقي الكثير من شعرهم ضاحيا عن ظلال صدق العاطفة وبقيت القصيدة سيقة لأغراض أخر تبعدها عن شواطئ الخيال, والحكمة, ويستثنى من ذلك الشعر الديني فإن معالم صدق شعورهم في أشعارهم تلك بارزة وراياتها منشورة.

alsoque.net 03-01-2009 10:27 PM

الوحدة الموضوعية في شعرهم.
ومن الملا حظ أيضا أن الأديب عندنا يحاول أن يحدث امتزاجا مدهشا بين عدة مشاعر متشاكسة, وأخيلة متناقضة, نوعا ما, فهو غير عابئ في أن يجمع بين أغراض هي في مسمى الشعر سواء, ولكن مقاصدها شتى , فنجده يطـرق عدة أغراض شعرية من غزل ومدح وفخر وهجاء ورثاء, ثم نراه بعد ذلك يتقمص شخصية شاعر الزهد والصفاء الروحي, وهذا بلا شك قد يجعل الفكرخاسئا أمام تحديد الشخصيات الأدبية عندنا فقد اختاروا لأنفسهم هذه الموسوعية المدهشة.
ومن المعلوم لدى من تمعن في ملامح الأدب السوقي وضوح ظاهرة التقليد للقصيدة الجاهلية , حتى أصبح ذلك عادة متجذرة,وعقيدة متأصلة لدى الغالبية الساحقة من أدبائنا وشعرائنا, ويرون ذلك غاية لا يدركها إلا من فررعن ذكاء أدبي راق, وتجربة لغوية ناضجة, وأن ذلك دليل قوي على مدى رسوخ أقدامهم في اللغة العربية, حيث أنهم جـاروا في قصيدهم أساليب بلغاء اللغة ومصاقيعها وحاكوهم في طريقتهم, وزاحموهم في تعابيرهم, مع بعد الفارق الزمني والمكاني بينهم .
ولا نلوم من قال أن هذه الظاهرة حالت فعلا دون استقلالية شعرائنا,حيث إن بعضهم لم يقدر على صياغة المعاني فـي قوالبهم الخاصة, أو يضربوا المعاني والخواطر الجاهلية القديمة في عملة سوقية صحراوية جديدة,وأدى ذلــك إلى عجـزه عن القيام ككيان أدبي قائم بذاته, ولا ننسى أن هذا الاتكاء على التعبير الجاهلي,وأساليبهم القديمة, والتـردد في هـذه الحوافر , التي طرقها امرؤ القيس وطرفة وزهير وعنترة والأعشى وغيرهم, يعد عند الغالبية من أدبائنا, واجبا مقدسا, لا يجوز الخروج عنه, ويرون الهجرة عن هذه الأساليب نوعا من القطيعة للغة العرب الأم التي نزل بها القرآن, ونطق بها أفصح من نطق بالضاد, محمد صلى الله عليه وسلم.
ويرون أن هذه الدعوات التي ظهرت في العالم العربي تنادي بتجديد وتحديث الشعر قد أظهرت فشلها,وكشفت عن وجهها المزيف, عندما قادت ثورة عارمة على الشعر العمودي, فجاءت بشعر التفعيلة, الذي يعد تقويضا لبنيان القصيدة العربية العتيقة, وهدما للقافية التي تعتبرمن أهم عناصر الجمال في الشعر العربي, وسر تحديه لأي شعر كان , وقد توفرت لدى أدبائنا جميع دواعي الاجتهاد في الشعر, ولكنهم طبعوا على هذا النوع من التقليد،شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الشعراء الذين يفضلون طريق التأصيل والعودة إلى النموذج القديم ولم يكونوا بدعا فـي ذلك أونبتة تاريخية غريبة, فمنذ انهيار النهضة الأدبية الذي تلا اجتياح التتار للخلافة الإسلامية, لم يوجد ما يستحق أن يطلق عليه الاسم الحقيقي للإبداع في الأدب و الشعر, إلا أن أيا من تلك العصور التي يسمونها بعصور الانحطاط, لم تخل من نماذج حية وأسماء لامعة من الشعراء والأدباء, الذين يعيدون إلى ذاكرة التأريخ أمجاد الماضي وآمال المستقبل,ولكنها لا تتعدى أن تكون ضحلا من عِد، إذا قيست بما أودعه المتنبي شعره من الحكم والأوابد التي عصب بها جبين الزمان, وملأ بها الدنيا, وشغل بها الناس .
و لنا عودة بإذن الله .

الشريف الأدرعي 03-02-2009 11:56 AM

ذكرت بعض الأعلام في هذه النبذة لم تتم تحليتها بألقابها أعني نسبتها مثل الشيخ عبد الله بن المحمود الأدرعي ومحمد بن يوسف الإدريسي فقد ذكرت أسماؤهما سهوا دون ذكر اللقب ، فلينتبه لذلك في مقالات قادمة فإن أي اسم لايتم تعريفه إلا بذكر نسبه
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن اللقب السوقي لقب إضافي بمقارنته مع النسب فقد كان النسب قبله وبعده ، فحقه أن يتأخر عن النسب ، كما أنه لوكان منسوبا إلى بلدين قدم الأول سكنى على الثاني
قال السيوطي في ألفية الحديث
ومن يكن ببلدتين يسكن ...........فابدأبالاولى وبثم أحسن
هذا في الأماكن فكيف بالنسب الذي لاينفك عنه ولاهو ينفك عن صاحبه

alsoque.net 03-03-2009 01:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشريف الأدرعي الجلالي (المشاركة 249)
ذكرت بعض الأعلام في هذه النبذة لم تتم تحليتها بألقابها أعني نسبتها مثل الشيخ عبد الله بن المحمود الأدرعي ومحمد بن يوسف الإدريسي فقد ذكرت أسماؤهما سهوا دون ذكر اللقب ، فلينتبه لذلك في مقالات قادمة فإن أي اسم لايتم تعريفه إلا بذكر نسبه
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن اللقب السوقي لقب إضافي بمقارنته مع النسب فقد كان النسب قبله وبعده ، فحقه أن يتأخر عن النسب ، كما أنه لوكان منسوبا إلى بلدين قدم الأول سكنى على الثاني
قال السيوطي في ألفية الحديث
ومن يكن ببلدتين يسكن ...........فابدأبالاولى وبثم أحسن
هذا في الأماكن فكيف بالنسب الذي لاينفك عنه ولاهو ينفك عن صاحبه

شكرا لك أيها الجلالي الأدرعي على تنبيهك وتعليقك على ماذكرت ولاشك أن سقوط النسبة كان سهوا منا ومما لاشك فيه أن من سقطت تحليته بنسبه ولقبه ليس أقل شئنا عندنا ممن ذكرناه خاصة ونحن نعلم أن الشاعرين من أهم شعراء السوقيين فالأول هو:
عبد الله بن المحمود الأدرعي السوقي شاعر العلماء وعالم الشعراء والداعية المعروف الذي ذرع الجزيرة العربية جيئة وذهابا, ثم غادرها وامتشط نواصي الفلوات إلى افريقيا في سبيل إيصال كلمة التوحيد إلى الناس, فهو جبل يصدق فيه قول الخنساء في أخيها صخر:
وإن صخرا لتأتم الهداة به - كانه علم في رأسه نار
وأما الثاني فهو محمد بن يوسف الإدريسي السوقي , وحيد دهره, وآية عصره الذي ملأ الصحراء شعرا, وترك فيها ذكرا خلدته قصائده وإخوانياته .
فرحمهما الله وأسكنهما فسيح الجنان

الشريف الأدرعي 03-05-2009 11:18 PM

×?°أشكر الإدارة الموفقة على تفهم تعليقي الأخير ، وإذأشكرها أقدر منهم هذا التفهم لمنزع تعليقي وأنه ليس إلا كما فهم - فحسب -فشكرا لهم جميعا وسنظل نلتقي على ميعاد التكامل والمصافاة وتنبيه بعضنا بعضا على الدوام على احسن ما يرام فشكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااا×?°

شبليش 07-22-2009 11:50 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومن هذا القبيل ماقال الشيخ حمتيسي بن أوكاء وهوا يغزل أحدا السوقيت
حمتيسي بن اوكاء

بدر التمام يلوح جنح الدجــى *** أم وجه عزة أم لموع سراج
بل وجه عزة زال عنه قناعه *** متعمما بجماله الوهــــــــــاج
فكأنها بين النساء مملكــــــا *** متسديا في برنس الديبـــــــاج
مجنون ليلي أنا كثير عــزة *** وجميل بثنة مدمعي الثجــــاج


وله أيضا

مني أتم سلام غير محــــــــــدود *** ينسيك نفحة مسك شيب بالعـــــود
تتلوه مني تحية تـــــــــــودع من *** سمت فويق السماء عن سائر الغيد
من قد كساك هواها ثوب معتبــة *** وصم سمعك عن عذل وتهديـــــد
رمت بسهم الهوى قلبي فأقصـده *** ن قوس لحظ فهل منجي لمنجــود
لج الهوي بك حيث الهجر لج بها *** فلا وصال ولا صبر بموجــــــود
قد حملتني ما لو حملت علمــــت *** أن السلوّ لمثلي غير محمـــــــــــود
ترنو إليك بعين شادن فـــــــــزع *** من نومه بصدى الصياد مصدود

أداس السوقي 07-25-2009 09:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبليش (المشاركة 1894)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومن هذا القبيل ماقال الشيخ حمتيسي بن أوكا وهو يغازل إحدى السوقيات
حمتيسي بن اوكاء

بدرالتمام يلوح في جنح الدجــى *** أم وجه عزة أم لموع سراج
بل وجه عزة زال عنه قناعه *** متعمما بجماله الوهــــــــــاج
فكأنها بين النساء مملكــــــا *** متسديا في برنس الديبـــــــاج
مجنون ليلى أنا كثير عــزة *** وجميل بثنة مدمعي الثجــــاج


وله أيضا

مني أتم سلام غير محــــــــــدود *** ينسيك نفحة مسك شيب بالعـــــود
تتلوه مني تحية تـــــــــــودع من *** سمت فويق السماء عن سائر الغيد
من قد كساك هواها ثوب معتبــة *** وصم سمعك عن عذل وتهديـــــد
رمت بسهم الهوى قلبي فأقصـده *** من قوس لحظ فهل منجى لمنجــود
لج الهوى بك حيث الهجر لج بها *** فلا وصال ولا صبر بموجــــــود
قد حملتني ما لو حملت علمــــت *** أن السلوّ لمثلي غير محمـــــــــــود
ترنو إليك بعين شادن فـــــــــزع *** من نومه بصدى الصياد مصدود

إلى الأخ شيليش بعد التحية من أداس السوقي
اسمح لي بتصحيح بعض الأبيات ، والعبارات
ولك وللأساتذة المدير العام والأدرعي خالص تحياتي

أبو ياسر الأنصاري 09-16-2009 04:29 PM

معلومات عن مدينة السوق فكيف تقيمونها؟
 
مقتطف عن مدينة السوق

بادئ ذي بدء أزف أجمل التحايا إلى كل أحبتنا في المنتدى إداريين وأعضاء وزوارا،وأتمنى للجميع مستقبلا سعيدا ،
ثم أما بعد ، فهأنذا أطل عليكم بهذه المقتطفات بعد غياب طويل ولا أستبعد أن تكون قد استهلكت قبلي من قبل الأعضاء أو من قبل إدارة المنتدى،فكل ما يهمني هو أنها تنصهر في بوتقة تسليط الأضواء على حاضرتنا الشهيدة ( مدينة السوق)
وسأمنحكم فرصة الإطلاع على ما كتبه الدكتور الهادي المبروك الدالي عن مدينة السوق في كتابه : (التاريخ الحضاري لغرب إفريقيا) ثم أعقب على ذلك بما استنتجته من هذا النص الهام على اختصاره،وهذا ما كتبه بالحرف الواحد:
مدينة السوق) كل السوق )حاضرة من حواضر إفريقيا فيما وراء الصحراء تقع إلى الشرق من مدينة {جاوا} ،وتبعد عنها بحوالي 450 كم ، وصلها الفاتح العربي عقبة بن نافع الفهري عام 61هـ_680م وهو الذي تم على يديه فتح تونس وبناء القيروان وفتح مدينة غدامس وودان وكوار ثم ولاته،
وكانت مدينة السوق قبل فتح المسلمين تدين بالوثنية ، وعند ما قدم إليها عقبة بن نافع حاول إصلاح حالها بأن بنى بها المساجد منارات الدين والعلم ، وبالتالي انتشر الإسلام في تلك الربوع ،
وقد نزل بمدينة السوق عدد من الصحابة رافقوا عقبة وهم أجداد أهل السوق ،وأورد صاحب المخطوط أن قبورهم معروفة إلى الآن كل قبر مكتوب عليه اسم صاحبه وعمره وغزواته مع الرسول r ومنهم : أبو محذورة مؤذن الرسول r
عرفت مدينة السوق بأنها مدينة علم وصلاح كان بها عدد من العلماء نذكر منهم :أبا عمر الداني وغيره من العلماء الأجلاء،. تعرضت مدينة السوق إلى التخريب زمن السلطان إسكيا داود قبل مجيء الحملة المغربية إلى إفريقيا فيما وراء الصحراء
إهــ كلام الدكتور الهادي في كتابه : التاريخ الحضاري لإفريقيا فيما وراء الصحراء،
ورغم أن كلامه عن مدينة السوق مختصر إلا أني لاحظت فيه جوانب مهمة منها ما يلي :
1. أنه ذكر مدينة السوق في طليعة حواضر إفريقيا فيما وراء الصحراء وذكر في الهامش أنه زارها سنة 1987
2. يبدو أنه كان يعتبر (كل السوق ) علما آخر على المدينة
3. ذكر أن الصحابة الذين نزلوا بها هم أجداد السوقيين
4. يرى أنها كانت في السابق وثنية فهل تتفقون معه يا رواد المنتدى؟!
5. ذكر أن أبا محذورة المؤذن من الصحابة الذين نزلوا بمدينة السوق، وقد راجعت كثيرا من كتب التاريخ فاتفقت على أن أبا محذورة لم يهاجر من مكة
6. ذكر من بين علمائها أبا عمرو الداني وقد راجعت ترجمته في كتب عديدة فلم أر ما يثبت ذلك إلا أنه زار الأندلس
7. أخيرا : أختم بإهداء أعطر التحايا إلى كل المهتمين بمدينة السوق ،،ورمضــــــــــــــــــــــــان كريم !!!


الساعة الآن 10:10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010