عن مدينة السوق

آخر تحديث: الأحد, 25 يناير 2009 08:19 الكاتب مجلس الإدارة الخميس, 22 يناير 2009 03:41

طباعة

رويد ك إنني شبهت دارا      على أمثالها تقف المهارى
مدينة السوق (تادمكة).
ماض زاهر ونهايات مثيرة.
مدينة قريبة في الاعتبار ضاربة في أعماق القدم وطوايا الأعصار مدينة كانت أمس مشهورة ولكنها اليوم أسطوره وأطلالا مهجورة .
قبل البدء في الكلام عن مدينة السوق التاريخية ينبغي التنبيه إلى أن الاسم الموجود في المصادر التاريخية لهذه المدينة هومدينة ( تاد مكة ) , وتسميتها باسم السوق كانت متأخرة ولكن جرى تغليب الاسم الأخير (السوق) على مرادفه (تاد مكة) وصار الناس لايكادون يذكرونها إلا بالأخير, وهذا شيء معروف مألوف وهو أن المدينة الواحدة قد تحمل عدة أسماء فيجري تغليب اسم واحد على ما سواه مثل أم القرى ومكة وبغداد ودار السلام والمدينة وطيبة وغيرها.
وتسمى هذه المدينة (السوق) بالعربية و(أسوك) وتادمكة بالطارقية ولكثرة الأسماء دلالة على أن المسمى ذو شأن ومحل عناية واهتمام.

الموقع وحدوده:
تقع أطلال هذه المدينة التاريخية في بلاد (آضاغ) وكانت قبل أن زالت إحدى ممالك صنهاجة الصحراء (الملثمين) المستقلة في قلب الصحراء جنوب بلاد (هكار) بالجزائر وشمال بلاد السودان الغربي وغربي( آير) وشرقي موريتانيا
وتعد اليوم ضمن البلديات التابعة لولاية (كيدال) أقصى شمال جمهورية مالي على بعد ستين كلم الشمال الغربي مشارف الحدود مع الجزائر، بفرع تيبينن  في وادي إبدقن الذي يخترق جبال آضاغ من الشرق إلى الغرب وعلى رأس منبطح تمسنا إلى قيعان تلمسي غربا محدودة شرقا بدائرة (أبيبرا) وببلدية (أنفيف) ودائرة (تسليت )جهة الغرب وتغطي الأراضي التابعة لها مساحة(000, 50) كلم ويبلغ سكانها   حوالي تسع وأربعين ألف نسمة.

السوق تادمكة من القرن الأول الهجري وإلى القرن العاشر:
الخطوط القديمة والأقاصيص المتداولة مازالت تتحدث أن هذه المدينة عاشت نشاطا حيويا وشهدت حراكا علميا واقتصاديا أشارت وأشادت بها بعض الأقلام التي زارتها أو عاصرتها بشكل يشد ويغري من له نهمة إلى القراءة وكلف إلى اكتشاف الجديد , وإن للجديد  روعته وطرافته,ومن لم يختبرها لم يعتبرها سوى خرافات مزخرفة أو نسج خيال من الحقيقة خال,وتأبى تلك النقوش الحجرية الراسخة, وما أثأرت عوامل ومعاول البلى والتعرية من آثار شاهدة صامدة ناطقة أو صامتة تؤكد فعلا أنها قد كانت قبلة التجار ومحطة الأسفار ومنتدى الأدباء ومنبر العلماء الأبرار ومرابط المجر الجرار وكل جديد فإلى البلى والبوار.
وقد شبكت بينها وبين كثير من المدن التاريخية الهامة خطوط اتصال عبر طرق مسلوكة انطلقت منها وإليها , منها :
خط يربط بينها وبين القيروان تنتظم فيه عدة محطات آنذاك أهمها مدينة وركلا,ثم مدينة قسطيلية.
وإلى جهة الشرق الطريق الممتد منها إلى غدامس ويستمر إلى ليبيا. قال صاحب الروض المعطار:ومن غدامس يدخل إلى بلد تادمكة وغيرها من بلاد السودان. الروض المعطار في خبر الأقطار 1/427
وبالنسبة لبلاد السودان الغربي هناك خط نشيط بينها وبين غانة العاصمة التي فتحها الجهاد المرابطي 469 هـ 
وطريق ثان يتجه نحو الجنوب إلى مدينة كوكو (كاو حاليا )من مدن السودان التجارية على النيل الغربي.(نهر النيجر) وكذلك بلاد (إكدز) وما إليه في الجنوب الشرقي لها التابع لما أطلق عليه مؤخرا جمهورية النيجر .وذكر البكري أن المسافة الفاصلة بين ورجلة وتادمكت تقدر بخمسين يوماً، وبين تادمكة وكاوا بعشرة أيام. مجلة التاريخ العربي 1/82)
وشملتها الدولتان المرابطية السنية والموحدية بعد قيامهما وسرعان ما انقطعت عنهما واستقلت بشأنها.كما أنها خضعت بالاسم لدولة بني مرين في القرن السابع الهجري.
والمدينة أعرق وأسبق من مدينة (تنبكتو) التي كتب لها البقاء وظلت مركزا تجاريا وثقافيا مأتيا تنتابها القوافل التجارية من عامة الجهات حتى نابت النوب واختفى معدن الذهب وحالت الأحوال فتفرق أهلها ما بين طاوة وإيروان وبوجبيه وتنبكتو وغيرها وإن أحوال الأمم وعوائدهم لاتدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال.