تطورات مفهوم اللقب السوقي
آخر تحديث: الأحد, 25 يناير 2009 07:56 الكاتب مجلس ألإدارة الأحد, 25 يناير 2009 07:53
تادمكة في أصلها مملكة بعيدة الأرجاء كثيرة الشعوب لا مجال لإحصاء قبائلها في القديم وذكر الشيخ العتيق السوقي الإدريسي عن ابن حوقل الذي زارها في القرن الرابع أنه عد منها في فصل عقده لأسماء قبائل صنهاجة أكثر من عشرين قبيلة بعضها ما زالت بقاياها معروفة بينما اختفى الكثير منها فإما انقرضت أو تغيرت الأسماء ثم قال ابن حوقل : ولو قلت إني لم أصل إلى علم كثير من قبائلهم لقلت حقا إذ البلاد التي تجمعهم والنواحي التي تحيط بهم مسيرة شهور والعلماء بأخبارهم وآثارهم وأنسابهم هلكوا قال الشيخ العتيق والقبائل التي سماها ونسبها إلى تادمكة صار الكثير منها إلى بلاد آير وانقطعت العلائق بينهم وبين إخوانهم في وطنهم ومن لم يصل إلى آير ممن سماهم لم يبق منهم بنفس الاسم سوى إلغمتن. وبعد عهد ابن حوقل كثر اختلاط الأمم في عصور ازدهار مدينة تنبكتو فوفد إليها رجال العلم والتجارة من المغرب ومن توات ومن سائر الدول التي تتصل بها فتجددت منهم بعد الانصهار في المجتمع قبائل لم تكن موجودة في القرون الماضية.
هذه إطلالة خاطفة على الأصول التي ابتدأ منها الأساس الأول لمدينة تادمكة كمحطة لا بد من التعريس بها والتعريج عليها للحديث عبورا وتخلصا إلى بعض من حمل اسم السوقي أوأهل السوق في الآونة المتأخرة فهو بيت القصيد والوقوف على الأطلال معبر إليه وسبيل .
كلما رحبت بنا الروض قلنا حلب قصدنا وأنت السبيل
فيك مرعى جمالنا والمطايا وإليها وجيفنا والزميــــــل
وضغطناه في ثلاث طبقات هي مراحل وأدوار تدرج مدلوله العرفي عبر الزمن والتركيز على الأخيرة الطارئة لغلبته عليهم وإن كان لا بد من المرور بالأخريين فالشيء يذكر بغيره ويعرف بضده.
السوق في معناه القاموسي واضح غير أنه هنا علم معين أطلق على المدينة السابقة إلى جانب تادمكة التسمية العتيقة ومر أن أساسها قبائل صنهاجية انضم إليها لفائف شتى ليبية وجزائرية ومغربية تكونت منها إمارة عظيمة ثم قصدها كثير من العلماء وأسر أنصارية وشريفة.
فالسوقي نسبة تتسع لكل من انتمى إلى هذه المدينة ولو بأدنى مناسبة ومع طول الاستعمال تقلص ليصبح لقب مدح خاصا بالنخبة المتعلمة ممن مر بها أو قال بظلها ثم تكررت عليه عملية التكرير والتنقية من الشوائب بعد قصة طريفة تصف خطة اختبار قام به سلطانها ليعلم من هم العلماء الربانيون فعلا من المدعين المتعالمين وانتهت بنجاح رجال من أصول شتى نظمهم وألف بينهم صفات كمال توفرت فيهم وميزتهم أهمها النزاهة والإخلاص لله وتقديم مرضاته على الرغبات الذاتية والسواد الأعظم منهم من أصول عربية أو من تكامل معهم من أهل البلد الأصليين .
فتواصوا على التشبث بالدين والتخلق بالزهد والورع وإيثار القناعة والتوكل والاجتهاد في الكسب الطيب وهكذا حتى أصبحت تلك الصفات من ذاتياتهم متى ذكرت ذكروا ومن هنا ضمن اللقب السوقي معنى وصفيا غلب على سلالات أولئك القوم أو من شابههم وشاركهم في تلك الصفات أيا كان.