منظومة : (رسالة الهدى في اتباع النبي المقتدى)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فإني أردت أن أقدم ﻹخوتي من طلبة الحق والعلم هذه الرسالة المسماة (منظومة رسالة الهدى في اتباع النبي المقتدى للشيخ محمد سعيد صفر المدني الحنفي رحمه الله تعالى.

وكانت الرسالة نادرة الوجود ، وقد ساقني إليها بحث في الشبكة فوجدتها في ملتقى أهل الحديث نقلا عن موقع اﻷلوكة، فوجدتها بصيغة pdf فنقلتها إلى صيغة word كي يسهل لي استعمالها فيما أريد، والمنظومة محتواها دل عليه العنوان. وأغلب الظن أن ليس منا من ﻻ يحفظ تلك اﻷبيات التي كثيرا ما تنقلها لنا الكتب من هذه المنظومة، وهي:

قال أبو حنيفة اﻹمام.......... ﻻ ينبغي لمن له إسلام

أخذ بأقواليَ حتى تعرضا...على الكتاب والحديث المرتضى

ومالك إمام دار الهجره......قال وقد أشار نحو الحجره

كل كلام منه ذو قبول …...ومنه مردود سوى الرسول

الخ.... الأبيات المشهورة.

وقد طبعت المنظومة بمطبعة السنة المحمدية بمصر سنة 1370هـ الموافق لعام 1950م

على نسخة لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الصنيع ، قابلها معه فضيلة الشيخ محمد بن عبد الرزاق حمزة المدرس بالحرم المكي الشريف ودار الحديث بمكة يوم الجمعة 15 من المحرم الحرام سنة 1370 هـ

وهذه هي:)

قال الشيخ محمد سعيد صفر المدني رحمه الله
الحمد لله العظيم الشان		من أنزل القرآن والمثاني
وحقق التوحيد واﻷحكاما		وبين الحلال والحراما
أرسل بالهدى ودين الحق		رسوله ورحمة للخلق
على اﻷنام أوجب اتباعه		فقد أطاع الله من أطاعه
ومن عصاه فهو عاصي الله		مخالف له بلا اشتباه
صلى عليه الله بالسلام		مؤيدا بالعز واﻹكرام
واﻵل واﻷصحاب واﻷتباع		لهم بإحسان وكل داع
وبعد إن هذه الرساله		فيها اتباع صاحب الرساله
فقد أمرنا باتباع هديه		في أمره وننتهي عن نهيه
قال وما آتاكم الرسول		قد ضل من عن هديه يميل
وهذه الآية في أمثالها		تبلغ النفس منى آمالها
ودلت السنة باﻹجماع		على اتباعه فنعم الداعي
قد أجمع الأصحاب والأيمه		بعدهم من علماء اﻷمه
أن كتاب الله أصل أول		عن حكمه المبين ليس يعدل
وسنة المختار أصل ثاني		بها يبين مجمل القرآن
والثالث اﻹجماع ﻻ تجتمع		على الضلال أمتي متبع
والرابع القياس رأي المجتهد		ما ليس منصوصا على ما قد عهد
إذا تحققت اﻷصول اﻷربعه		وهي على ترتيبها متبعه
فإن أتى النص من القرآن		فالحكم فيه القطع كاﻹيمان
وما بآحاد ولو قد شهرت		ظنية إﻻ إذا تواترت
أما الضعيف ليس ذا محال		يقبل في فضائل اﻷعمال
والقطع باﻹجماع إن تحققا		وهو بأهل اﻻجتهاد والتقى
والرأي ظني أي القياس		ليس بظنيته القياس
وقدم النعمان وابن حنبل		على القياس مرسلا وهو جلي
بل قدم النعمان ذو الأساس		قول الصحابي على القياس
فلا يجوز اﻷخذ بالتعصب		لقول متبوع مخالف النبي

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع

بارك الله فيك شيخنا وجزاك خيرا وأحسن إليك هدية مقبوله وجد مقبولة ونحن في انتظار تتمتها على أحر من الجمر تقبل مروري وخالص تحيتي

إذ أجمع الأيمة اﻷعلام		من بهداهم ينجلي الظلام
كمالك والمرتضى النعمان		والشافعي وأحمد الشيباني
بمنع من يتبعهم في بعض ما		خالف نصا للحديث محكما
بل قد جرى هذا عن الصحابة		كعمر المشهور باﻹصابة
بل صح عنه ذاك في القرآن		إذ ليس معصوما من النسيان
لم ير مهرا فوق خمسمائة		فعارضته امرأة باﻵية
يقول: (وآتيتممُ إحداهن		فعز إذ وافقها ولم يهن
والعذر للأعلام أن لم يسمعوا		حديثه لو سمعوا ﻻتبعوا
ولم يحط شخص بأقوال النبي		قطعا بلا شك فلا تكن غبي
وليس عذرا للذي قلدهم		إن خالف النص وما أسعدهم
وقولهم تعارض الروايه		بمثلها وهما بلا درايه
قول ضعيف ساقط بمره		بالاتفاق ﻻ يساوي ذره
ﻷن ما بالوهم ليس يقبل		وﻻ عليه أحد يعول
بل بعد إثبات له يصحح		وما اقتضى الترجيح فهو أرجح
هذا وقد جرى ﻷكثر الخلف		شيء قبيح ما روي عن السلف
كقولهم ﻻ يقتدي ذو مذهب		بأحد من غير ذاك المذهب
فالحنفي ﻻ يقتدي بالشافعي		والشافعي ليس له بتابع
وذاك أمر بين البطلان		مخالف للسادة اﻷعيان
قد كان أهل اﻻجتهاد يقتدي		بعضهم ببعضهم ويهتدي
بل اقتدى الصحابة النجوم		بأمراء الجور ذا معلوم
سنوا صلاة الخوف حين شرعت		ﻷجل دفع الخلف كيف اجتمعت
وفي اتفاقهم ليوم الجمعة		على الفريقين قيام الحجة
شقوا عصا الإسلام باختلافهم		فالله يهديهم إلى ائتلافهم
أدى إلى تكفيرهم إخوتهم		ﻻ ينكحون الشافعي ابنتهم
ﻷنه يشك في إيمانه		من ذا يرى ذلك في إخوانه؟
والله ما استثناؤهم للشك		فإن هذا من عظيم اﻹفك
(ﻻ) بل تبركا وحسن العاقبه		فاحذر هديت من أذى المعاقبه
وقولهم إن إمامي أفضل		من غيره بلا دليل يعقل
ليس لهم فيه سوى اقتدائهم		وأخذهم ذلك عن آبائهم
وقولهم ﻻ بد من ترجيح		لمقتداهم ليس بالصحيح
بل يكتفى في اﻻقتدا بالتسويه		كطرق موصولة مستويه
بل جوزوا التقليد للمفضول		مع وجود اﻷفضل المقبول
تقليدنا اﻷربعة الأيمه		دون الصحابة هداة اﻷمه
أقوى دليل واضح للقائل		تقليدنا المفضول دون الفاضل
وقولهم يفرض أن يقلدا		شخصا معينا له مجتهدا
فليت شعري من علينا أوجبا		الله أو رسوله قد أوجبا؟
والله ما هذا سوى التعصب		أدى إلى إيجاب ما لم يجب

وقولهم في اﻻجتهاد انقطعا		وأخذنا بما روينا امتنعا
ﻻ شك قطعا أن هذا منهم		تحكم وباطل ﻻ يعلم
من محكم الذكر وﻻ من سنة		ولم يقله أحد اﻷيمة
بل قيل في اﻷصحاب كل مجتهد		وما للاجتهاد كل مستعد
فما دليلهم لهذا المدعى		يأتي به من ادعى لنتبعا
إن قيل فيض الجهل والمخالفه		قال النبي ﻻ تزال طائفه
أو قيل بالعجز عن التحديث		فعصرنا أكثر في الحديث
كم ترك اﻷول للأخير		وذاك فضل الواسع القدير
من ذلك المسيح والمهدي		فضلهما مشتهر جلي
فهل يقول عاقل إنهما		مقلدان في الهدى غيرهما
واعجب لما قالوا من التعصب		أن المسيح حنفي المذهب
مع قولهم أن ليس للمجتهد		تقليده للغير من مجتهد
أليس عيسى عندهم مجتهدا		متى يكون تابعا مقلدا
والله لو أن اﻹمام سمعا		ما كان من إفراطهم لجزعا
وقولهم ﻻ يعمل المقلد		إﻻ بقول من له يقلد
فرض عليه واجب محتم		يحرم إن خالفه ويأثم
قول عجيب لم يقله منصف		إﻻ الذي من شأنه التعسف
لسنا بمأمورين أن نقلدا		إﻻ النبي المصطفى محمدا
فقدم الدليل باتساع		بالذكر والسنة واﻹجماع
أما سؤالنا ﻷهل الذكر		فذاك فيما عنه لسنا ندري
إن كنتمُ ﻻ تعلمون ظاهر		في دفعه ﻻ يفلح المكابر
وقول أعلام الهدى ﻻ تعملوا		بقولنا في خلف نص يقبل
فيه دليل اﻷخذ بالحديث		وذاك في القديم والحديث
قال أبو حنيفة اﻹمام		ﻻ ينبغي لمن له إسلام
أخذ بأقواليَ حتى تعرضا		على الكتاب والحديث المرتضى
ومالك إمام دار الهجره		قال وقد أشار نحو الحجره
كل كلام منه ذو قبول		ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتمُ		قولي مخالفا لما رويتمُ
من الحديث فاضربوا الجدارا		بقولي المخالف اﻷخبارا
وأحمد قال لهم ﻻ تكتبوا		ما قلته بل أصل ذلك اطلبوا
دينك ﻻ تقلد الرجالا		حتى ترى أولاهما مقالا
فاسمع مقالات الهداة اﻷربعه		واعمل بها فإن فيها منفعه
لقمعها لكل ذي تعصب		والمنصفون يكتفون بالنبي

وقولهم رفع اليدين مبطل		في الانتقال ليس شيئا يقبل
وقد روى الرفع من الصحابه		خمسون شخصا قال ذو اﻹصابه
الحافظ ابن حجر وما ورد		عن ابن مسعود فذاك {1}معتمد
وما أتى عن ابن مسعود فقد		قال به النعمان..{2} واعتمد
ورجح ابن العز ذو الروايه		الرفعَ في الشرح على الهدايه
قال إذا زاد الثقات يقبل		قولهم وذاك شيء يعقل
إذ ابن مسعود نفى وأثبتوا		والرفع سنة خذوا أو اسكتوا
مالي أراكم رافعي أيديكمُ		ليس دليلا حلّ في ناديكمُ
بل صح أن ذاك في السلام		من الصلاة يا ذوي الأفهام
والوضع للكف على الكف ورد		عن النبي الهاشمي ﻻ يرد
رواه مالك وأصحاب السنن		ومسلم مع البخاري فاعلمن
ومن يقول بدعة فقد كذب		دعه وﻻ تذهب لما له ذهب
فحيث ما وضعت تحت السره		أو فوق أو في الصدر ليس يكره
وصحح الرواة فوق الصدر		كما رواه وائل بن حجر
وقولهم في المقتدي إذا تلا		فاتحة صلاته قد أبطلا
قول سخيف ساقط ﻻ يعتمد		ﻷنها الصلاة نصا قد ورد
قال بها أكثر أهل العلم		كما رواه الترمذي ذو الفهم
وعن محمد وذاك ابن الحسن		قول صحيح طيب المعنى حسن
المقتدي يقرأ في سر به		ﻷجل اﻻحتياط ﻻ الجهر به
كما يقول مالك وأحمد		وذاك قول ظاهر يعتمد
وهو كما قال علي القاري		أولى ﻷجل الجمع للأخبار
وكم له من حنفي رجحا		ﻷنه دليله قد وضحا
وقولهم إن اقتدى بشافع		يسجد قبله ولم يتابع
عند قنوت يظهر المخالفه		فاعجب له اقتدى به وخالفه
والقول في الجلوس باﻹشاره		قول صحيح واضح العباره
ومن يقول إنه محرم		قد قال قوﻻ باطلا ويأثم
كيف وقد صحت به الروايه		عن سيد اﻷنام ذي الهدايه
فليحذر المغرور بالتعصب		فتنته لرده قول النبي
لقول عالم به اعتناء		عندي إمامي والنبي سواء
وقال بعض لو أتتني مائة		من الأحاديث رواها الثقة
وجاءني قول عن اﻹمام		قبلته فانظر لذا الكلام
وقال بعض إنما بمذهبي		أمرت لم أومر بأقوال النبي
وذا كثير عنهم ﻻ يحصى		يبلغ في القبح لحد أقصى
من استخف عامدا بكل ما		عن النبي جا كفرته العلما
فكن كما قيل عن المهدي		يهوي إذا قيل عن النبي
فيضع الخد على التراب		تواضعا لسيد اﻷحباب

{1}: لعله: فغير معتمد
{2}: في البيت كلمة ساقطة

خاتمة في رد بعض البدع		من كل أمر سيئ مخترع
من شرها إطالة الثياب		فإنه ناء عن الصواب
وقد سمعت قول بعض العلما		بأن هذا ينبغي للعظما
وهم كأهل العلم والسادات		ﻷنه استحسن في العادات
وقصر الثوب شعار السفله		فانظر إلى كلام هذي الجهله
فاترك كلامهم وخذ بما صفا		وهو اتباع الهاشمي المصطفى
ﻻ حظ للكعبين في اﻹزار		ما زاد عنهما غدًا في النار
كقولهم بأن من عادته		ما وجدت قد سقطت جمعته
قالوا بترك فرضهم للبدعة		وليس هذا غير هدم السنة
وفتحهم للناس باب الحيل		فكم حوت من علل وخلل
منع الزكاة والربا تشابها		نعوذ بالله من ارتكابها
كم شفعت بفعلها قد منعت		وكم حقوق للأنام ضيعت
ما جوزت إﻻ لدفع الضرر		كما أتى في بيع تمر خيبر
ومن عظيم ما أتوا من البدع		في مسجد الرسول أعلى من ركع
يوم كنيسة من الفساد		وكثرة الصياح للأوغاد
وخلطة الرجال والنساء		وغير ذلك من اﻷهواء
كذاك ما يفعل في الزياره		لحمزة الليث أبي عماره
من صرف أموال ومن إفساد		مع ما يرى من منكر في النادي
يرون لهوهم وبغيهم حسن		كأنه عندهم من السنن
حتى يقول بعضهم لبعض		تقبل الله كفعل الفرض
كذا إيضاء جملة القباب		فإنها تدعو إلى التباب
كذاك إبقا فضة وذهب		في الحجرة الفيحا لتعظيم النبي
وليس تعظيم نبينا بأن		نعصيه بل باتباعنا السنن
وذبحهم للجن والشيطان		شرك وفيه سخط الرحمن
وبيعهم أولادهم للأوليا		لدفع موت من فعال الأشقيا
وشر بدعة بدت في اﻷمة		هذا الدخان إذ فشت وعمت
وقد أضاع شاربوه مالا		فالله يهدي من إليه مالا
ومن يقول إنه كالطيب		فما له في الذوق من نصيب
هذا وكم من بدعة وفتنة		في الحرمين بل وكل بلدة
فنسأل الله اتباع أحمدا		فهو الذي لكل خير قد هدى

جميل والله جزاك ربي خيرا على هذه المنظومة الشيقة الجميلة الرائعة ثبت الله لك أجر قارئها والمنتفع بها

والله يهدينا إلى مرضاته		فضلا ويؤوينا إلى جناته
تم نظامي في رسالة الهدى		في اﻻتباع للنبي المقتدى
صنفتها وسيلة لقربه		عسى أكون في غد من حزبه
لم آل في جهدي إلى اﻹنصاف		مجتنبا طريق اﻻعتساف
والله عالم بسري والعلن		يصلح مني ظاهرا وما بطن
عدد هذا النظم صف تاريخها		فاسمع بأذن ثم كن مصيخها
والحمد لله على التمام		حمدا به يحسن لي ختامي
ثم الصلاة والسلام السرمدي		على النبي المصطفى محمد
وآله الخلاصة الكرام		وصحبه الهداة للأنام
والتابعين هديهم ومن قفا		آثارهم والله حسبي وكفى

أظن أنها تمت وبالخير عمت يسعدني أن أكون أول معلق وأول شاكر

بوركت أبا حفص على التعليق ، فقد تمت كما بان من آخرها ، واستعجلت وضعها كلها لتسهل الاستفادة منها قبل تعاليق الإخوة.