إتحاف الأحيا بذكر مناقب ومآثر ملخيا

إتحاف الأحيا بذكر مناقب ومآثر ملحيا

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله البر المتين، المؤمن المهيمن رب العالمين.
أحمده ـ سبحانه ـ وهو أهل الثناء العظيم الحسن، من لا يحيط بمحامده بلغاء الأنام اللسن.
الأحد الفرد القدير الأزلي***الصمد البر المهيمن العلي
علو قهر وعلــــو شـــان***جل عن الأضداد والأعوان
وأصلي وأسلم على الرسول المصطفى، والنبي المجتبى ـ محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
صلى عليه ربنا ومجدا***والآل والصحب دواما سرمدا

التمهيد

إن السير والتراجم أولاها الاهتمام أولو النهى والألباب، من السلف والخلف ما بلغ ـ بفنها أهمية وحسنا ـ مبلغ العجب العجاب.
هذا ولقد دل ذلك على تمتع هذا الفن بفوائد جليلة الحكم، مؤصلة من الوحي المبين المحكم.
فدرج على نهج لقطها كل كاتب أديب، وجرى على نظم خرزها في سلك نظم الدرر التاريخية كل مخلص شفيق لبيب.
فكم من كتاب حوى سير أعلام النبلاء، فاحتوى على ذخائر من حسان شمائل الألباء.
لذا قلما تجد قارئها المطلع على نفائس منها إلا وهو يتقمص شخصية من شخصيات أولئكم الفضلاء النجباء، فيحظى بمقام المقتدى به وسما بعد أن حذا ـ إن وفق في الحذو وسلم من العثرات مأخذا.
هذا فكل من له أدنى اطلاع في هذا الفن يجد أنه قل أن يلفي قارئا من قراء هذا الفن، إلا وهو يتأثر بمن يقرأ سريته الحسنى المعجب بها في السير، فمستقل ـ حسب اطلاعه ـ ومستكثر.
كما أنه يجد من له أدنى اطلاع أيضا فيه أن أشد الناس تأثرا بكل ذي خصلة حميدة، من ورثها بقرابة أصيلة مجيدة.
فعن مثله يقول من قال:
بأبه اقتدى عدي في الكرم***ومن يشابه أبه فما ظلم
وهناك فرائد أخرى جليلة جميلة من المجربات، جعلتني كغيري يخوض في جمع محاميد خصال القرابات.
إذ من قول الحق والحقيقة، أن قبائل السوقيين ممن ضرب أروع الأمثلة في كل منقبة جميلة جليلة لطيفة رقيقة.
في العلم والفضل والديانة والسياسة الشرعية والاجتماعية، حتى كأنهم المعنيون بقول من قال:
تلك آثارنا تدل علينا***فانظروا بعدنا إلى الآثار
وكنت قد جمعت ما جمعت، ونشرت منه ما نشرت ـ فلله المنة والحمد ـ فها أنا ذا في المضي قدما على ذلك السير: سير ذي رشد.
في حق بعض قبائلنا ذات المقام الشريف، والفضل الظاهر القديم الحديث المنيف.
إنه قبيلة: ملخيا ـ آل يحيى ـ القبيلة السوقية الشهيرة المآثر ـ حي إذا قصدته تلفي المكارم دررا حصانا عن أن تمس بسوء عثرات الأجيال فلا خوف.
إنها قبيلة حقا لما زرتها أحيت معنى من معاني استحقاق المدح والخلال الحميدة بقول الحطيئة في ممدوحيه: قوم هم الأنف...
فلينقل التاريخ إلى الأجيال عني ـ دهرا دهرا ـ فضلهم الجليل على لسان من قال:
ومن يشتر أثمان المكارم يحمد

الديباجة

إنه مما يتطلع إليه القارئ الفطن اللبيب في كل جيل ذكر مناسبة ما تدعو إليه الحاجة، في معرض ربط صلة المؤرخ بلقي من يؤرخ له زمانا ومكانا، وما يتصل بذلك من لطائف المعارف...
لذا فإنني في عطلة هذا الصيف لعام 1434هـ
انطلقت في رحلة دعوية من بلاد الحرمين ـ بلاد التوحيد، فحطت بي تلك الرحلة الدعوية رحلها في جمهورية بركينا فاسو.
وصادفت أن وجدت في عاصمتها سادة قيادات حركات أزواد، فتشرفت بزيارة كل قيادة بدء بزيارة السيد بلال أغ الشريف ـ رئيس مجلس الانتقال الأزوادي ـ حركة تحرير أزواد ـ في جمع من رجالات قيادته السياسيين...
وذلك في مقر إقامة سيادته ـ حفظهم الله من كل سوء.
كما زرت السيد العباس أغ انتالا ـ رئيس المجلس الأعلى الأزوادي، في مقر إقامته في أحد الفناديق الفخمة...
وكان السيد محمد أغ انتالا، قبل ذلك، قد شرفني بالاتصال عند ما سمع قدومي ذلك، بل وقد زادني في التشريف أن شرفني بمكالمة منه مع والدنا السيد الشريف الشيخ إنتالا ـ حفظهما الله ورعاهما.
مضيفا لي السيد محمد من القول في حديثه الجليل العزيز: كنت في النيجر قبل أيام، في طائرة خاصة، لو كنت على علم بوصولك بركينا فاسو لمررت وغدقو لنأتي كيدال سويا...
ولكن في هذه الأيام سيقدم عليكم السيد: العباس، فسيتصل عليك إن وصل ـ بإذن الله تعالى.
إنه بالفعل شرفني السيد العباس أغ انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ بالاتصال عند ما وصل وغدقو مع وفده الكريم...
وتلك الاتصالات كلها جرت عن طريق جوال أحد رفقائي العزيز السيد سيدي أغ الطاهر من قبيلة إورغورن ـ إحدى مشاهير قبائل إمغاد ـ شكر الله له دوره المشكور.
فمن خلال تلك الزيارات قال لي أحد المسئولين في حركة أزواد وددنا أن نخصص لك طائرة لتذهب إلى كيدال.
فشكرت له عزمهم وحسن مشاعرهم الجليلة، لكنني التمست العذر بقولي: إنني كنت قدمت في هذه الرحلة على نية قضاء فترة بين اللاجئين هنا في بركينافاسو.
فأسأل الله العلي القدير أن يعز جمعهم فيعز بهم العباد والبلاد ـ عاجلا وآجلا.
هذا فبعد أن ظفرت بذلك الإذن الجليل من قبلهم، مضيت في شق طريق الجولات بين اللاجئين...
على أن جمهور اللاجئين متوزع بين ولايتين: ولاية: جِيبَوْ، وولاية: دُورِي.
فسبقت إلى من في ولاية: جيبو، وجلست فيهم نحو شهر، تارة داعية، وأخرى رواية.
وهكذا الحال إلى أن قدمت على من في ولاية: دوري، الذين تسمو حالتهم الاجتماعية والعلمية بقبيلة: ملخيا ـ آل يحيى...
وهي التي سنروي ـ بإذن الله تعالى ـ رواية موثقة عن بعض أعيانها الكرام من مشاهير هذا العصر الأعلام، كي نورد ما ظفرنا به من تاريخها العطر في هذا الكتاب، لنزود سوق المجوهرات بيسير من لؤلؤها المكنون، لعلنا نجد فترة فترة الظفر بشيء من ذلك اللؤلؤ في معادنه الثرية النفيسة، فنقوم بنقله نقل النشر الكريم، كل فترة ـ بإذن الله تعالى ـ كغيرها من قبائل أفقنا الكرام، خاصة قبائل السوقيين ـ على ضوء قول من قال:
الدين إنما أتى بالنقل***ليس بالاوهام وحدس العقل

الذيل

إنه لما كان من شغلي الشاغل ـ اللهم اشغلني بطاعتك ـ زيارات مواطن القبائل من قبل، في مناطقها في أزواد...
كان زيارتها بالنسبة لي في مخيماتها في اللاجئين أولى، وأسهل لي...
لذا فلما نزلت في بركينافاسو كما تقدمت إشارة النزل، اتجهت إليهم بدء بولاية جيبو، التي تحتضن الآلاف من اللاجئين من مختلف سكان أزواد ـ نسأل الله أن يردهم إلى مواطنهم معززين ومكرمين.
وكل لاجئ من أفقنا في كل موطن لجئ إليه، ولاجئ كل بلد مسلم إلى وطنه سالما غانما.
وعلى كل حال فإني لما نزلت في اللاجئين في ولاية جيبو، سألت عن أسماء قبائل أزواد المتواجدة في مخيمات جيبو، خاصة قبائل السوقيين...
فلما أخبرت بما أخبرني به معارفي، ومن في معناهم ممن زارني من أفراد بعض تلك القبائل هناك.
فقمت بزيارة جملة منها، ما أمكنني من قبائل إموشاغ، وإمغاد، وإنسلمن، وغيرهم...
فضلا عن قراباتي ـ قبائل السوقيين المتواجدة في مخيم جيبو...
بل إنه لم تبق قبيلة من قبائل السوقيين فيه إلا زرتها، أو بيتا من بيوتاتها سمعت به هناك إلا تشرفت بزيارته...
وكان من بينها بيت كريم من آل يحيى ـ ملخيا ـ بيت: الشيخ الشهير عليُّ بن سيد أحمد بن الشيخ محمد الأنصاري اليحيوي ـ حفظه الله تعالى.
فذهبت إليه في سيارة لبعده عن مقر إقامتي بين ظهراني بيوتات من قبائلنا أيضا...
فكان وقت زيارتنا للشيخ عليُّ اليحيوي ضحى.
هذا ولما جئناه فإذا منزله الواسع الخيمة ـ اللهم زد وبارك ـ مكتظ برجالات من أوزاع القبائل، في اجتماع على وفد من جهة هيئة إغاثية غربية مشرفة على اللاجئين...
ومع ذلك فإنه أقبل إلينا ليشرفنا بالتحايا العطرة، وترحيبات يفوح منها المسك الزكي من الانشراح والسرور على جبهة وجه براق الأسارير النيرة.
وإذا الدر زان حسن وجه***كان للدر حسن وجهك زينا
فجلست قدر نصف ساعة، مراعاة للاجتماع المنعقد قبل مجيئنا له، ثم استأذنته فوعدته بزيارة أخرى محددة الوقت، وقد تيسرت في وقتها ـ ولله الحمد.
فلما التقينا به عصرا، فإذا هو ممن صافح حسن معاني إكرام الضيف، على فرش جليلة، وزرابي جميلة...
فاغتنمت فرصة الوقت بين النقل والرواية عنه، وبين جمل معترضة بأسنى تحيات المحبة والقرابة:
تحية أبرق الشوق الشديد بها***في سلك ود بأقصى الروح ينتظم
ولما حان البين أحالني إلى مليئ ـ اللهم زد وبارك ـ وهو الشيخ الفاضل الشهير محمد ـ إفدت اليحيوي، بقوله: إنه أحفظ وأعلم وقال في حق نظيره القول المختار من المعاني الجميلة النعت، حقا إنه: لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه....
فدت نفسي وما ملكت يميني***فوارس صدقت فيهم ظنوني
هذا فما من قبيلة زرتها قديما أو حديثا إلا حرصت كل الحصر على تقييد ما مضى من شرف مجدها عن مشاهير رجالتها الثقات الأعيان...
كما أحرص كل الحصر على تقييد ما وقفت عليه أنا في أرض الواقع من فضل وشرف مقام من زرته فيها، لأجمع الحسنين في حق مجد تلك القبيلة بنشر ذلك على ضوء قول من قال: وينثني عنكم ينث البرا.
مخلصا لهم في نشر فضل ما وقفت عليه أو قيدته، لا لأجل شيء ـ ولله الحمد والفضل والمنة ـ بعد النظر في زواجر آية: وقفوهم إنهم مسئولون.
إلا لكوني نزلت نفسي كما هو الواقع أحد أبناء تلك القبيلة أيا كانت من غير السوقيين، فضلا عن قراباتنا ـ قبائل السوقيين ذات المجد الباهر والفضل الظاهر.
فكل ما صادفني شيء من جهة أي قبيلة على خلاف ما أنا حريص على تقييده ونشره كما مضى بيانه آنفا ضربت عن ذكره صفحا، وعززت نفسي بعد الإعراض عنه بقول من قال: وكل إناء بما فيه ينضح
فرسمت ذلك نهجا في معرض التعامل مع الغير، خاصة أبناء قبائل أفقنا، ولا سيما أبناء القرابات في قبائلنا الكرام...
لذا فها نحن اليوم في دور نشر ما ظفرنا عليه من درر مآثر ومناقب قبيلة: ملحيا ـ آل يحيى، أودعه في دواوين منتديات مدينة السوق التاريخية الموثقة، على نهج قول من قال:
ومن الغباوة أن تصيد غزالة***فتتركها بين الأنام طالقة

إلى السوقي الأسدي أسد منتدياتنا ومؤرخها أقدم التحية راجيا له الله أن ييسر له كل عسير في رحلاته الدعوية التي ما زالت تهدينا كل واحدة منها سيرة لنبيل أو تاريخا لقبيل .وإن للسوقي الأسدي منة في رقابنا لقيامه بهذه الرحلات وتسجيل هذه التواريخ ، مع القيام بحق زيارة أهلينا ومواساتهم في ملاجئهم في بوركينا وغيرها.فشكرا له على كل ما قام به عنا من أداء حق الدعوة والمواساة وصلة الرحم.

[color="green"][/color]جهود مشكورة من أسدهصور "السوقي الأسدي"وفقه الله ووفق جميع المخلصين الساعين لمافيه خيري الدنياوالآخرة ،بورك فيكم وفي جهودكم ،لكن حبذا لو أزلتم النقطة علي الحاء لتصبح مهملة بدلا من الخاء المعجمة التي ينطق بهاالعامة ،بورك فيكم وفي القائمين علي هذا الصرح الثقافي.

الشكر والتقدير:

بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:

شيخ المنتديات، السمي الدرجات، الشيخ أداس السوقي ـ بارك الله فيكم وفي جهودكم المتنوعة الجليلة، خاصة جهودكم العلمية والدعوية في أفقكم المعروفة عنكم الملموسة طلعاتها في منتديات السوق ـ أعظم الله لكم مثوباتها في الدارين.
يا شيخ المنتديات إنه مقام كريم دونه كل مرتبة، فأنتم ممن نفتخر به حقا في هذا العصر ، ليس كما يقال: كل فتاة بأبيها معجبة.
الأستاذ الفاضل، نجل الكرماء الأفاضل صالح اليحيوي، أحيى الله بكم بذل النصح كما أحياه في رياض الصالحين النووي.
وسيكون ـ بإذن الله تعالى ـ ما قلتم، كما سيأتي ما عن العوام بينتم.
فكن معنا ـ بارك الله فيكم ـ في توجيه وتسديد، وإسعاف بإضافة المزيد.

ذيل الذيل

هذا ولما كان من منهجي أن لا أنشر كل ما ظفرت به مرويا عن أي أحد من أعيان قبائل أفقنا الكرام، ما لم ينص لي هو على اشتمال ما قيتده عنه على جل المهمات في تاريخ قبيلته المكرمة...
لكن ما لم ينص على ذلك، فأنا أتوقف على نشر تلك الدرر ما لم أضم إليها دررا أخرى من بعض أعيان القبيلة نفسها...
أما إذا قيدت عن بعض أعيان القبيلة شيئا، ثم أحالني هو نفسه إلى غيره من أعيان القبيلة نفسها، كما هنا توقفت قولا واحدا حتى أتمكن من لقي الموصى به...
لذا فبعد ما أقيد ما عنده من النفائس أقوم حينئذ بضم التقييدين أو تقييدات...
إذ كل قبيلة كلما حظيت بلقي عدة أفراد منها قيدت عن كل واحد ما أفادني به، ثم جمعت المقيدات كلها عنهم مسندا كل نقل إلى صاحبه ما لم يتفق الجميع على المتن لكل فائدة فعند ذلك أذكره ذكر المتفق عليه دون تسمية ...
هذا ولما قضيت عدة أسابيع في ولاية جبو، بين مخيمات اللاجئين فيها، كما تقدمت الإشارة عن شيء مما يتعلق بزيارات بعض القبائل فيها من السوقيين ومن غيرهم.
زيارات تمتعت بتقييدات تاريخية في حق بعض القبائل هناك ـ مخيم: جيبو ـ من السوقيين وغيرهم.
أدعو الله مجيب الدعوات أن يمد لنا العمر في طاعته، فييسر لي نشر ذلك وغيره في غير معصية ولا خطيئة.
هذا فبعد ذلك كله شددت رحلي على وسيلة من وسائل النقل الحديث: الدراجة النارية...
ففي الحقيقة لو اطلع علي القارئ الكريم، لوجدني على صورة تحكي صورة امرئ القيس:
كأني ورحلي والقراب ونمرقي***على يرفئي ذي زوائد نقنق
فأنا في تلك الحالة الحرجة النقل إلى أن وصلنا مدينة: ولاية جيبو، التي فيها سيارات الأجرة النقلية.
وعلى كل حال انطلقنا غدوا فصلناها أنا ومن معي من الرفاق مثنى مثنى على كل دراجة.
فحجزنا في النقل الجماعي إلى أن وصلنا العاصمة: وغدقو، ومنها إلى ولاية دوري، حيث يوجد التجمع الآخر من اللاجئين، الذي فيه جل قبيلة ملحيا ـ آل يحيى ـ لنحظى بزيارات ما يمكن لنا زيارته من قراباتنا ـ قبائل السوقيين، وغيرهم من القبائل ذات العهد الكريم بالسوقيين.
فجئناهم ضحى، حيث استقبلنا الداعية الشيخ محمد إبراهيم الأنصاري السوقي الجنششي ـ حفظه الله تعالى.
فأكرم مثوانا ـ شكر الله له.
وقد مد الشيخ أبو زيد محمد إبراهيم السوقي في الإكرام حين سمعته يهاتف بعض الدعاة على لقاء يكون بهم بعد صلاة العصر.
وقته شرعت في تهيئة نفسي لارتداء إحدى الحلل الأربع الجميلة الجلية، التي أرتديها للقاءات مختلفة خاصة في ترحالي، فأتجمل بارتداء تلك الحلل التي من أجل ما يرتدى وأرتديه:
· حلة الدعوة إلى الله تعالى على نهج السلف الصالح.
· ارتداء حلة صلة الرحم العظيمة الزينة في الكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح.
· حلة حسن العهد، المؤصل بالكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح.
· يليه: حلة المؤرخ الأخباري الراوية، المؤصل بالكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح.
هذه هي الحلل الأربع هي التي أتزين بها جملة وتفصيلا، فأرتدي واحدة إن اقتضى المقام ذلك، وغالبا ما تكون تلك: حلة الدعوة ـ الحلة العظمى الحسنى.
أو باثنتين معا تارة، وهما: حلة المؤرخ الراوية، وحلة حسن العهد.
أو بالثلاث في آن واحد تارة: الحلتان الجميلتان السابقتان، مع أجملها وأجلها حلة الدعوة إلى الله تعالى.
أو بحلة صلة الرحم وحلة الراوية مع أجملها وأجلها حلة الدعوة إلى الله تعالى.
فحينما أرتدي شيئا منها فلا أبالي بارتداء زينة أخرى، إذ قد يقرب ما علي من الزينة أحيانا حد قول القائل:
علي ثياب لو تباع جميعها***بفلس لكان الفلس منهن أكثرا
وعلى كل حال لما جرى اللقاء الكريم ـ اللقاء الدعوي شاركت فيه متزملا في حلته الدعوية الجليلة الجميلة.
فبعد أن شرفني الله بالإمامة في الصلاة ألقى الشيخ محمد إبراهيم السوقي كلمة الافتتاح الدعوية، ثم أكرمني ـ بادئ ذي بدء بإتاحة الفرصة في الكلمات الدعوية.
فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله...
ثم تناولت شيئا من فضل الدعوة في الكتاب والسنة...
ثم توالت الكلمات العطرة بموضوعها الجليل...
كل شارك بدرر من الآراء الدعوية البناء...
ولتناولها جملة وتفصيلا موضوع دعوي مرتقب ـ بإذن الله تعالى.
وما جرني مما ذكرته منه هنا، هو أن جميع من التقيت معه من الدعاة هم من سادة قبائلنا السوقية الكرام...
فتشرفت بالسلام عليه يدا بيد، ووعدت كلا بزيارته في معرض زيارة قبيلته المكرمة منهم من أطلقت له وقت الزيارة، ومنهم من قيدت له ذلك الوقت ـ بإذن الله تعالى.
على ظن مني أن جميع سادة تلك القبائل متجاورة قبائلهم في ذلك المخيم...
فإذا بعضها بينها وبين البعض شيء من عدة كيلو متر...
هذا ولقد يسر الله أن زرت في اليوم نفسه ثلاث قبائل منها...
والبعض الباقي في اليوم الثاني، ثم تم التشرف بزيارة ما بقي من قبائل السوقيين هناك غير واحدة ـ حيا حيا من تلك الأحيا، التي من بين القبائل المتشرف بزيارتها قبيلة: ملحيا ـ آل يحيى...
وآل السوق وإن عدت قبائلهم***فإنها دون شك يثربيات
هذا ولم يبق لرحلتي إلى بلاد التوحيد إلا نحو يومين فقط...
وكنت سابقا حاولت أن أزور هؤلاء اللاجئين في منطقة دوري لأجلس بعض الأسابيع فيها...
لكن أخبرت أن الفترة نفسها مركز الشرطة البركنابي لا يسمح لمن ليس لديه ورقة إثبات كونه لاجئا أكثر من يومين فقط...
فهذا هو السبب ـ بعد مشيئة الله النافذة في قصر مدة القدوم على هذا المخيم الجليل بأربابه...
فجئتهم على معنى قول من قال:
إذا لم تستطع شيئا فدعه***وجاوزه إلى ما تستطيع

التوطئة

هذا ولما صليت الفجر في اليوم الثاني، وصليناها بالسبع المثاني.
وقد أكرمني الله بالإمامة فيها، فأقمنا فرضها في وقته اللهم تقبلها.
وشرع كل في أذكار الصباح، بعده هيأت نفسي لزيارات من تبقى من أحيائنا كما سبق في الإيضاح.
وقد أمسيت لم يبق لي سوى زيارة قبيلتين كريمتين، إحداهما قبيلة المكارم ومحاسن شيم الأحيا، قبيلة ملحيا.
فقبل أن نصلي عصر المساء أرسل إليهم السيد محمود بن عبد الله الإدريسي السوقي المرسي ـ سيد قبيلة كل مرسي ـ القبيلة السوقية الشهيرة.
وقد أكرم مثواي نزلا، كما أشكره حين شرفني بزيارات بعض قراباتنا منزلا منزلا.
فكان من حسناته عليّ الجليلة المشكورة، إرساله من يخبر سادة آل يحيى بزيارة رحمية صلة لقرابانا الأعزاء.
هذا وقد تأخرنا عنهم بسبب مكث لازم عند بعض قرابات أخرى عزيزة.
لأن كل قرابة إذا زرتها أخذت وقتا نوعا ما إذ من حقها أن تأخذ من وقتي ما تشاء...
ومع ذلك حاولت قدر طاقتي أن أجمع بين الحسنيين ـ زيارة قراباتنا التي لم يبق لي من صلة قبائلنا الكرام سوى حيين.
أحدهما حي آل يحيى ـ قبيلة: ملحيا، التي تيسرت زيارتها حين قربت الشمس أن تتضيف، فجئناهم في زيارة مجيء ابن لقرابته لا الضيف.
لكن طوق جيد مسائنا بحقيقة قول ما قاله بعض العلماء اليحيويين في حق مكارم قبيلتهم المكرمة:
ولا عيب فينا غير أن سخـــاوة***وإكـرام ضيــــف هــما لنا
فهو بيت الأسخياء الفضلاء الكرام، الحري والحقيق أن يستشهد له بقول من قال: القول ما قالت حزام.
بيت آل يحيى بيت حفظ لنا درة من هذا الحي في تاريخ مكارم الأحيا ـ بيت أصيل ذي مجد أثيل، الصحيح الأدلة في كتب الحديث، بل وفي الذكر الحكيم: وأما بنعمة ربك فحدث. قول الله ـ عز وجل.
المستشهد به لصاحب الخلاصة: نحن العرب أسخى من بذل.
قلت: فلئن كان سلفهم نبه ـ في حق فضل مقامهم الكريم ـ عن ذلك العيب العزيز الجليل، فإنه ورثه خلفهم وراثة سنية جميلة كما ابتسم عنه عصر هذا الجيل.
ما أحيى به خلفهم أسمى معاني قول من قال:
نبني كما كانت أوائلنا تبني***ونفـــعل مثلــــما فـــــعلوا

المدخل

إنه لما كاد أن أكمل زيارة قبائلنا ما عدا من ترك لي رسالة عند بعض قرابتنا نحن وإياهم فيه تعزر زيارتهم من قبلهم هم، لعذر مقبول نقلا وعقلا.
بل هاتفني هو بذلك، فحرمت زيارة واجبة لهم علي كابن لهم ـ قدر الله ما شاء فعل.
وسلامي من بعيد كلما***عز إلقاء سلامي من قريب
هذا فما إن زرت قبيلة من قراباتنا السوقيين، أو قبيلة من ذوات العهد الحسن بقراباتنا، ومن في معناهم من ذوي الأخوة الإسلامية الصادقة إلا وجدت في نفسي من الانشراح والسرور، ما لا يعلم منتهاه إلا العليم بذات الصدور.
تالله ما جئتــــكم زائرا***إلا رأيت الأرض تطــــوى إليّ
فكانت خاتمة زياراتي لقبائلنا ختام مسك بزيارة قبيلة: ملحيا ـ آل يحيى.
الذين لما زرتهم قبيل المغرب، فقهت قول الخنساء في أخيها السخي المضياف الكريم الضيف:
يذكرني طلوع الشمس صخرا***وأذكره عند غروب الشمس
إنه حقا ما ورد في البيت من معاني الفضائل في إكرام الضيف.
حين ذكرت الخنساء بالغروب، إكرام أخيها صخر ضيوف المساء المختلفي الأجناس والدروب.
ذلكم أننا لما أقبلنا إلى الخيم ـ خيم آل يحيى ـ خيم المكارم ومحاسن الشيم.
وجدنا نجوم الحي بازغة في سماء الفضائل، وعلى وجه ساحات أرض زينت بمهاد جميل البساط على سنة أوائل الأمجاد.
واستقبلتنا كوكبة المكارم على إثر كوكب وقاد الشيخ الفاضل الشهير السيد، الشيخ الملقب إفدت ـ محمد.
ترى الجود يرجي ظاهرا فوق وجهه***كما زان متن الهندواني رونق
فما لبثنا غير ساعة دخل علينا المغرب بسننه، فبعد أن سلمت من الفرض إماما حمدت الله على نعمه العظام ومننه.
في كلمة دعوية مرتجلة، تناولت فيها فضل العلم وأهله على أوجه عجلة، تناولت ما على العالم من مسئوليات دينية عظيمة، من اتباع الهدى القويم، ونشره ـ نشر الهدي المستقيم، كما تظاهرت ببيانه نصوص الكتاب والسنة، وما أثر عن سلف الأمة...
العلم قال الله قال رسوله***قال الصحابة هم أولو العرفان
ثم تخلصت إلى فضل السوقيين ودورهم العلمي الرصين، بقول صادق كقول قائل أمين.
لهم سلف خيار من خيار***أولو بر كــــدأب الصــالحينا
ثم انتهت الكلمة إلى دور علماء آل يحيى في المغرب والمشرق ـ دورا أجل جمالا من العقد النفيس على نحر حور العين.
ونبهت بأني في هذا المقام، وفي هذه الكلمة ما أنا إلا طالب بين مشايخه الفضلاء الكرام.
ألتمس منهم تصويب الأخطاء، ويشكرون شكر الآباء ابنهم ما حمدوا له من العطاء.
وأنا في تلك الكلمة التي أريد أن أجعلها علقة على عمود العودة إلى جهة رحلي، فإذا بالشيخ السيد محمد إفدت نهض نهضة الكرام المكرمين، مستشعرا في قيامه ـ أثناء الكلمة ـ استشعار أمر حسن جليل يتنفل برغائبه من مؤكد السنن الصحاح الحسان لدى العالمين.
فإذا هممت بأمر سوء فاتئد***وإذا هممت بأمر خير فاعجل
ومضيت في سرد النصوص، تارة عامة وتارة من أدلة الخصوص...
حتى طالت الكلمة الأمثال السائرة، في تناول المناقب الجليلة الظاهرة، في معرض فضائل آل السوق بصفة عامة، وحينا آخر في مناقب ـ ملحيا ـ آل يحيى بصفة خاصة مبينة مسندة أداء لأمانة نقول تامة.
فعززت ذكر الأمثلة السائرة بذكر خريجين من مدرستهما عالمين علمين شامخين.
* الشيخ العلامة العلم النحرير محمد الطيب الأنصاري اليحيوي السعودي.
* الشيخ العلامة العلم الأديب عبد القدوس الأنصاري اليحيوي السعودي.
رحمهما الله تعالى رحمة واسعة ـ لما قدماه في خدمة العلم وأهله من مجمله ومفصله.
وذكرت بعض خصائص كل واحد منهما على وجه التنبيه، وما يتعلق بصغر سنهما حين استفحل علمهما ما يكفي في بيان حقيقة جلالة قدرهما الفطن النبيه.
فهما من مفاخر المشاقة والمغاربة، فكيف بأفقهما ـ فسما كل بمقام قبائله ـ قبائل السوقيين، فضلا عن قبيلته المكرمة أصلا وفرعا ـ إلى سماوات المجد والمفاخر السامية المرتبة.
وأنا في ذلك كله أتحين فرصة ختم الكلمة الدعوية التاريخية بعودة من هو يحيي ليلة المكارم بأجل معاني قول من قال:
جود الكرام إذا ما كان عن عـــدة***وقـــد تأخر لم يسلم من الكدر
فاختصرت الكلمة لكي أنفلت قبل أن لا أقيد بقيود الفضائل والمكارم فأكون ممن على أعمدتها قُيدَ، إذ قديما قال أولو النهى والفضل : ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا
فأبطأ في العودة إلى الكلمة في المسجد، فإذا هو في خلوة مجد يتأمل فيها فهارس عناوين الكرم الجميل، ذي الفضل الجليل، لينتهي إلى فعل أروع الأمثلة في خيراته.
إن السحائب لا تجـدي برواقها***نفـــعا إذا هي لم تمطر على أثر
فظهر ظهور كوكب وهاج بعد بضع من الدقائق، فلما أخذ مقامه في المسجد حينه انتقلت إلى ختم الرقائق.
ثم شرعت في القيام من مصلاي أمام الفضلاء الأخيار، ممهدا للرجوع إلى موطن رحلي أسمى معاني الاستسماح الصادق الأعذار.
فإذا العذر الذي عرضته الذي منه التعجيل إلى جهة رحلي ترده ليلة المكارم بعذر ذي سلطان عليه، فصدق فيها قوله لي، وقولي له في بيت القائل:
ولا شك أن الخير فيك سجية***ولكن خير الخير عندي المعجل
ومن قرأ أدب الكرام يجد أن الكرم والسخاوة في اليسر، أسهل بكثير منه في العسر.
هذا ومما يذكر هنا لتأكيد شرف المكارم وعزتها في مواطن، أن من رأى أثرياء وسادة المجتمعات الهاربة في العالم إلى مخيمات اللاجئين في مشارق الأرض ومغاربها رحم حالهم...
إذ الجميع كانت مصادر حياته الطيبة من المصادر العزيزة المتناهية الرفاهية، فأصبحت في يد هيئات إغاثية غربية وغيرها تمدهم بما: لا يسمن ولا يغني من جوع.
ولا عار أن زالت على المرء نعمة***ولكــن عارا أن يزول التجمل
فالرجل السخي البار بسلفه وخلفه المضياف، والجواد الكريم المقام من مقامات السادة الأشراف ـ من صافح في مثل هذه الحياة يد المكارم بضيافة متناهية في الحسن فيما يذبح، وما لا يمكن أن يحصر وصفه الجميل أو يشرح.
فمن وفق لمثل ذلك الكرم والفضل المبين، لحري أن يخلد ذكر مورده العذب في العالمين، بقول
صاحب بيت آخر محكم بتجربة مجربة لدى أرباب القوافل.
إذا كدرت عليك أمـــور ورد***فجزه إلى مـــــوارد صافـــيات