|
منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة: الحمد لله الذي تضرع بمحامده الرعود، تقدس اسم من تسبح لجلاله وعظيم سلطانه خلائق الوجود. لا إله إلاّ هو رب العرش العظيم، رب كل شيء ومليكه الكبير المتعالي العلي العظيم. وصل اللهم على نبينا محمد خير الخلائق، خير من بلغ رسالات ربه ـ سبحانه ـ ووعظ بالزواجر والرقائق. وارض اللهم عن آله الطيبين الأطهار، وصحابته البررة الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، واحشرنا وإياهم في زمرة النبيين والشهداء والصالحين إن مما يطعم به القارئ الكريم، شيء من معانات المؤرخ الرحالة دون المؤرخ المقيم. وذلك لأن كتابة تاريخ الأمم، أو قبائل الشعوب من عرب أو عجم، ليس ككتابة تاريخ قبيلة المؤرخ نفسه التي تربى في أحضانها، وعاش فيها الطفولة والكهولة وما بينهما أو ما بعدهما. فإنه لا يعانى أكثر من معانات القيام بالمنقولات التاريخية القبلية، مأثورة كانت أو شفوية، هذا إن لم يسبقه إلى ذلك العناء النسبي كاتب من قومه، فإن كان، فقد ذلل له ما يتحقق العناء النسبي به. وإلاّ فيكون أول من تسعر بذلك العناء، وقطف الثمر لنفسه وذراري القبيلة الأحياء. وأما المؤرخ للقبائل فضلا عن أمم الشعوب، فلا بد له من مصافحة النصب والتعب والمكاره واللغوب. وإلاّ كيف يتكلم عن قوم لم تأذن له الأمانة العلمية النقلية بالتحدث عنهم بأدنى اللمم، أو بعظائم المكارم والشيم، ماذا يكتبه عنهم من أثارة علم، وقد ضرب المثل، بقولهم: في بيته يؤتى الحكم. إن هذا لهو من البلاء المبين، كيف تقدر فيه فدية أذى التقول على تاريخ الأمم والشعوب والقبائل أبكبش عظيم ثمين، أو التدرع بدرع الادعاء المحض، أو الاعتذار بالارسال الخفي الضعيف النقل في معرض العرض. أو مثل من وقال البرتلي في بيان وهن بناء بيت النقل عنه: من اعتمد في نقله من لا يعرف حاله، كان كالباني على غير أس في نقله.. مقدمة فتح الشكور... قلت: إن مما من شك فيه فرض تقدير معاني مثل تلك المعاذير، أو الوقوع فيما يقع فيه أصحاب روايات الموضوعات والمناكير. إن جانب النقل المقبول المعتبر في معرض الروايات، المسند عن أمناء القبائل الخيرة السادات. وإن كان الطريق إلى ذلك ليس مفروشاً بالورود، فلا مرد عنه خاصة الكاتب الذي يقدم إلى محيط قبلي ليس كتابة التاريخ لديه مما حيز بأقلام أهل العصور إلى عصره المشهود. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10) .................................................. ......................... اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
آخر تعديل السوقي الأسدي يوم
09-10-2011 في 08:11 AM.
|
09-10-2011, 08:07 AM | #2 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
التمهيد: قلت: لما كان المؤرخ ممن ينبغي عليه أن يطلع على ما يراه من عيوب المؤرخين ليتفاداها كان من العيوب المؤرخ الاجتماعية ما يعتذر عنها أقلام كتاب التاريخ سطروا المعاني الحسان، في معرض الاعتذار عن عدم استفاء تاريخ شعوب الأمم أو تراجم السادات الأعيان. وهي كثيرة مبثوثة في دواوينهم ومن أجل تلك الاعتذارات في أبواب الإقناع ما تناول من معانيه قلم صاحب فتح الشكور، في معرض حسن دفع اللوم عن أقلام المؤرخين الذين عناهم في مقدمته النفيسة بقوله ـ رحمه الله: ورأيتهم لم يذكروا علماء تكرور لبعد المسافة بينهم وبين علمائنا... وهنا نقف على حقيقة من الحقائق، وهي: أن كثيراً من مآثر الفضلاء التي لم تحظ بضمها إلى سجل دواوين المؤرخين، من أسبابها بُعد كتاب تاريخ العصور عن مواطن كثير من أهل المناقب العالية.. والأدهى والأمر أن يقع ذلك لقبائل تربعت على منصات علمية جليلة رفيعة تمتلك أدوات التعبير البليغ عن نفسها وتملك من معاني المجد الموروث الدرر من المجوهرات الغالية، ومع ذلك ابتليت بما هو أشد على أجيالهم من السبع العجاف، وأفقرتهم وهم أغنياء بها فقر الغني البخيل الذي يحسبه فقراء الآفاق أشد منهم فقرا في جميع الأوصاف. فيا ليت هذا البلاء زال بزوال من ابتلي به من فضلاء الأوائل، إلاّ أنه بلغ استحكامه جيلا جيلا أن صار من اللازم لهم في الواقع بل من الفضائل. أيها الناس يا من ابتلي بهذا الداء، ألم يقل أشرف الرسل والأنبياء: لكل داء دواء. كل قرن أبناء جيله آباء أجيال من بعدهم، ألم يقل الشرع الحكيم: لئن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة... أو كما ورد في التوجيه النبوي الشريف. من تتركون له كتابة تاريخ قبائل سلفكم آل السوق من أنصار وشريف، وعلى من يعول عليه في تاريخ صحراء أعلام العلماء الفضلاء الأخيار، من أبناء بيت النبوة والأنصار، من السوقيين ومن جاورهم في صحراء أسياد الصحراء، من سلاطين الطوارق وساداتهم المشاهير وأبطالهم النبلاء و كبار رجال دولهم من القادات والأمراء. هذا وإن اقتنع القارئ الكريم بالعذر السابق من البُعد، فما عذر أرباب الأقلام في الأمم نفسها، أو ليست الصحراء بيت قبائلكم، المقول عن مثله: المرء أدرى بما في بيته. فهل يعقل أن يقبل منكم تجاه قبائلكم، ما قبل من قول البرتلي نفسه في مقدمته الكبيرة الفوائد، بقوله ـ رحمه الله: وربما تركت ذكر من كان مشتهرا منهم لبعد داره مني، أو لعدم معرفتي بأخباره... قلت: هذا هو نهج المؤرخين الأبرار المحققين تجاه من بعد داره عنهم، لكن هل يتخيل بعد من في داره عن الدار نفسها المدارة عليه، فإلى متى يذهب أثر أهل الفضل في قبائلنا بذهابهم، مهما بلغ من المراتب العالية، التي يذكرني إياها قول الشاعر: أهكذا البدر تخفى نوره الحفر**ويفــقد العلم لا عــــــين ولا أثر خبت مصابيح كنا نستضيء بها**وطوحت للمغيب الأنجم الزهر هذا فلما عاينت واقع قبائلنا التاريخي المر، ومضي حال الأجيال على جمرته المحرقة دون أن تسطر أقلامهم ـ إلاّ من رحم الله، وقليل ما هم ـ ما يواجهونه من الآلام عاماً ـ والعياذ بالله ـ بعد عام. وكأنهم وجدوا بغيتهم الغالية في البقاء عن الزهد في كتابة تاريخ قبائل صحرائهم الغنية بالمآثر الحسان، ألم يقل القائل: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه**ومن لم يعرف الشر من الخير يقع فيه أليس من توقي ما وقع لمن قبلنا، من تدوينهم آثارهم ومآثرهم لنا، هو أن نتقي نحن وكل جليل بعدنا بالمسارعة في تدوين ما يمكننا من مناقبهم الجميلة الجليلة، سواء عن طريق النقل، أو عن طريق جمع كتاباتهم الجليلة المأثورة جمعا تصنيفياً براً بهم وبخلفهم. قلت: الآن حصحص الحق، إنني لما لم أملك إلاّ نفسي مع ضعفها إلاّ أن الضعف ينجبر ـ إن شاء الله ـ كسره بالتوكل على العزيز الرحيم، انخرطت في سلك نظام مجوهرات سادات أفقهم الأعيان، وإن كان هناك تفاوت في حسن سبك النظم وصوغ الحلي الجميلة من تلك الجواهر الحسان. فلما رأيت أن لا بد من المشاركة في تاريخ صحرائنا الغالية عقدت العزم، وكنت كناذر نذر نافلة مشروعة الصوم، الذي لا يتحلل منه قبل الإيفاء بنذره إلاّ بعذر مشروع، أو يقع منه الإتمام بعمل صالح مرفوع.. وذلك يستلزم عدة أمور: ** الرحلات بين قبائل أفقنا الغالي، خاصة قبائل آل السوق... ** كتابة تاريخ كل قبيلة بلغتها الرحلة ـ حسب جهد المقل.. ** ملاقاة أعيان القبائل المختار منهم من يكون عمدة النقل عنهم ـ حسب شروط أهل النقل الحسن الصحيح.. ** محاولة الوقوف على ما بقي من آثار أعيان القبائل العلمية، خاصة قبائل السوقيين صاحبات الذخائر العلمية الوفيرة. ** تحثيثهم أهمية جمع آثارهم العلمية، والترجمة لعلمائهم الأعلام ومن في معناهم ـ حسب ما يمكنهم في ذلك.. ** تنشيط نشطاء الكتاب فيهم على نحو ما يؤديه المؤرخ الرحالة من مناهج المؤرخين في نقل المعلومات التاريخية الموثقة.. ** التطلع من وراء حجاب الأزمنة مما يبرزه من تاريخ القبائل من يستمعون القول: فيتبعون أحسنه. ** أداء الواجب التاريخي تجاه أمة كل كاتب صيرفي أمين بار بها. ** رجاء ثواب من أخلص لله ـ جل في علاه ـ في أداء حق مجتمعات أفقه، خاصة القريب فالقريب.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، باسم الله الرحمن الرحيم: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمون... اللهم اجعل عملنا في رضاك، وارفعه رفع العمل الصالح الذي يرفع إلى علاك. آمين آمين لا أرضى بواحـــدة**حــتى أبلغها ألفين آمـــينا |
|
09-12-2011, 08:19 AM | #3 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
الديباجة: وداوني بالتي كانت هي الداء إنها مقالة: تقرب الأقصى بلفظ موجز. وذلك أن الإنسان إذا أحب شيئاً لا يرتاح فضلاً أن يقر له القرار حتى يتمكن منه، ولو أنه مضر له. وكأس شربت على لذة**وأخرى تداويت منها بها ومما وقع لي من معاني ما نحن بصدده، أني قبيل رحلتي الدعوية بأيام أصبت بمرض لم يصبني من قبل، من حمى أ ماتت علي جسمي، ولا زمني ضعف غير طبيعي بحيث إن لم أغتسل، لم أستطيع مفارقة الفراش، فلزمت الاغتسال صباح مساء، فلما لم يبق لي إلا يوم واحد للشروع في السفر إلى مكة منها إلى وطننا الغالي جمهورية مالي، عرضت نفسي على الدكتور: مكره أخاك لا بطل. فقال لي بعد كشفيات طبية أولية، إنك تحتاج إلى كشفيات بالأشعة المقطعية، إضافة إلى التحاليل بالدم وما في معناه. فقلت له: أنا غداً أسافر إلى مكة المكرمة منها إلى إفريقية ـ بإذن الله ـ فلما رأى عزمي بالسفر، قال لي: إذن ليس لدي حيلة إلا صرف أدوية هي في الحقيقة ليست أدوية علاجية، بل تهدئة، لأن حالتك تستلزم الكشفيات السابقة التي عن طريقها نتوصل إلى معرفة نوع المرض، ومن ثم صرف الدواء لعلاج ذلك المرض. فأصبح الشروع في السفر هو المهدئات، لا ما صرف لي الدكتور من مهدئاته. هذا ولقد حاول الأهل صرف نظري عن السفر، كما قرره الدكتور، وهم أعلم من الدكتور بشدة المرض لما يعاينونه من تدهور حالتي الصحية. فلما رأيت الأهل كاد أن تغلبني نصائحه تظاهرت بتحسني صحياً، وطمأنتهم بالقول والفعل تصنعا. فاستودعتهم الله، هو حسبي ـ نعم المولى الوكيل الحفيظ، ـ ثم ودعت الأهل غداة البين إلى أم القرى، ثم بعض القرابة في مكة المكرمة والأصحاب لما رأوا ما معي من إرهاق المرض علي، نصحوني بتأجيل السفر إلى حين التحسن، فتحايلت عليهم على نحو ما سبق. وربما صحت الأجساد بالعلل كما قال الشاعر الطبيب الحكيم، هذا وكنت كلما فكرت في الشروع في السفر، الذي هو: قطعة من العذاب. كلما خف علي إرهاق الحمى وطاب، حتى دخلت عاصمة جمهورية مالي، ونويت أن أمضي في السفر على نحو الحالة، في اليوم التالي، لكني رأيت حالة المرض ثقلت عليّ، فقلت في نفسي إن حالتي الآن لا تسمح بتجاوز مواطن مستشفيات العاصمة، المتمتعة بكوادر الأطباء والأجهزة الطبية الحديثة، فاستشعرت خطورة المخاطرة بالمرض في أن أتجاوز به إلى مواطن الرحلة في المجتمعات المتوغلة في صحرائها، الفقيرة إلى أهم الحقائب الإسعافية المنزلية في العالم المتحضر، المتمثلة هناك في عدم وجود أبسط أنواع المستوصفات الحكومية، فضلا عن الأهلية، فضلا المستشفيات المزودة باللوازم الطبية في عامة صحراء ـ مضارب الطوارق.. فهنا أوقفني الواقع المر، إذ اضطررت إلى قطع السفر للخضوع لفحوصات طبية ـ رجاء الحصول على العلاج، ولو كلفني ذلك تأخير السفر إلى حين. فذهبت إلى الدكتور أبروفسور عبد الله ابن الشيخ العلامة عالي بن محمد بن اليمان الإدريسي السوقي المرسي ـ حفظه الله. إنه بالفعل من الأطباء الخبراء القدماء في الدولة المهرة، والآباء المحبين لمجتمعاتهم بها البررة. فما إن رآني إلاّ دعاه الموقف الخطير الحالة لاستعمال كشفيات طبية بعضها ما رأيتها من قبل، إضافة إلى كشفيات مقطعية ليست أجهزتها في مستوصفهم، وبعضها فيه، فقمت بفعلها جميعاً إضافة إلى تحاليل دم وما في معناه.. عندما انتهيت مما ألزمني من الكشفيات، وتزامن انتهاؤها بقرب يومي الإجازة الأسبوعية تحيرت، إذ ذلك يلزمني أن أنتظر نحو أربعة أيام نظراً لخروج النتائج ومن ثم صرف الأدوية للمرض بعد معرفته.. عند ذلك قلت له: لعلي أذهب إلى الصحراء ـ مضارب الطوارق ـ وسأترك من يلحقني بالنتائج والعلاج، وهو الأخ ابن الأخت الحسين بن موسى الإدريسي السوقي التجشي، الذي كان في باماكو حتى شارك في دورة علمية أقمتها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأقام تلك الدورة في عاصمة مالي جمع من الدعاة الدكاترة السعوديين ـ أجزل الله لهم الأجر والمثوبة.. ورجوعاً إلى ما نحن بصدده قال لي الدكتور عبد الله..: لا تتخيل الذهاب ما لم تنته من العلاج، إذ حالتك لا تسمح لغير الخضوع للعلاجات.. فلما رأيت نصيحته الطبية الأبوية جاملته بالامتثال ـ إن شاء الله. لكن لما خرجت من عنده وفكرت بضيق وقت الجولات الدعوية، وزيارات القرابة في مواطن شتى صلة للرحم ـ تقبل الله. قلت في نفسي معنى مقالة القائل: لا بد من صنعا وإن طال السفر. أي: مهما بلغ بي المرض فلا بد لي من جولات في مضارب الطوارق ـ إن شاء الله ـ في هذه الرحلة، فعزمت على السفر إليها، ووكلت الأخ المذكور آنفا منتظرا إلى يوم النتائج، ثم يصرف لي دواءها، بعد أن تركت له تكلفة ذلك ـ حسب ما قدرنا لها من الاحتياط لها. ثم مضيت في سفري حيث مواطنه، وكان الأخ يوم النتائج في حرج شديد مع الدكتور عبد الله الإدريسي السوقي المرسي، الذي بلغ به غضب تجاوزي ترك الانتظار لنتائج التحاليل، أن قال لمن وكلته: قل للأخ يحيى أنت بذهابك مع المرض لست مسئولاً طبياً من تصرفك هذا، لأن النتجية فيها أن فقر الدم بلغ بي درجة خطيرة جدا، درجة لا يخاطر بمثلها.. ثم كتب له أدوية مختارة ـ جزاه الله عني كل خير. هذا أمر، وأمر آخر: أني لما وصلت منطقتنا ـ إبنغملان ـ شرعت في طلب سيارة أجرة قبل أن تأتيني الأدوية، لتتجه بها الرحلة الدعوية إلى تغارست لزيارة ما أمكن من القبائل، خاصة السوقيين، ولي فيها مآرب أخرى. وكل يدعي وصلاً بليلى***وليلى لا تقر له بذاكا إن سجلات التاريخ ليس كل أحد يسجل فيها قدر ما يتمنى، أو يمني به، ما لم ينتعل المؤرخ التاريخ العام نعال التضحية في سبيل تدوين التاريخ كما رسم خارطته.. هذا وكان من توفيق الله أن الأخ الذي كلفته البحث عن سيارة أجرة استقلالا، إن أمكنت، أو مع الركاب إن لم يكن بد من ذلك إذا لم يجد إلاّ سيارة أجرة بركاب إلى تغارست.. فكان من حسن الحظ أن مر على منزل السيد محمد إسوف بن غلس من إمكلكلن إحدى قبائل إمغاد، وهو من السادات السياسيين المشاهير، ومن رجالات الطوارق الأكابر، رئيس المستشارين لمنطقة تغارست، وعوض سياسي في مدينة قوسي التي تتبعها منطقتنا منطقة إبنغملان، فكان من مكرم هذا السيد ـ حفظه الله ـ أن قال للأخ الذي كلفته البحث عن سيارة أجرة: لما ذا الشيخ يحيى يبحث عن السيارة وعندي بعض السيارات ـ الحمد لله ـ مليئات بالبنيزم، ليس عليه إلاّ أن يحدد واحدة، ويختار لها سائق ممن يراه هو، مضيفاً قوله: إلاّ أن سائق خطيب جامع المركز الإسلامي، أي: الشيخ أحمد بن ذي القرنين السوقي الفهري، هو سائق له صلة بسيارات هذا السيد، ويعرف أيضاً طريق تغارست، معرفة جيدة.. فلما جاءني الأخ الذي أرسلته في البحث عن السيارة بهذا الخبر السار، ابتدرته بالقبول والترحيب مع علمي أن تسلم مسئولية سيارات الكبار، مما لا يطيق له إلاّ أصحاب المقامات الحميدة في عصورهم، أو من في مستوى السادة الأعيان أو من كان على شاكلة كبار المسئولين. فتسلمتها ـ ولله الحمد ـ منطلقين إلى مدينة قوسي، إذ فيها ورشة لصيانة السيارة، فذهب السائق بها مع الأخ الذي جعلته المسئول على ميزانية الرحلة، وانتظرناهم أنا مع شيخي المؤرخ ربيعة الرأي عبد الله بن محمد آحمدْ الشهير بإنتملمولي الإدريسي السوقي المرسي ـ حفظه الله ورعاه. فلبثنا زمناً وإذا السيارة قد رجعت بعد إجراءات صيانية، جعلت المسئول على ميزانية الرحلة يقول لي: إننا قمنا بصيانات هامة مكلفة.. فقلت في نفسي قديما قيل: من نكح الحسناء لم يغله المهر. إضافة إلى عدة جوالين بنزيم، احتياطية التي قُدر أنها تكفي للسيارة من الذهاب إلى العودة من غير احتياج إلى مزيد بنزيم حسب ما قدر لمراحل الرحلة، التي يبق لها لمدينة تمبكتو إلاّ ثمانين كيلو.. وأما زاد المسافر، فقد أخذنا منه ما يحيي جمعا من أموات تميم على نحو قول من قال: إن مات ميت من تميـــــم**فسرك أن يعيش فجئ بــــــزاد |
|
09-12-2011, 10:36 PM | #4 | |||||||||
مراقب القسم الإسلامي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
الحمد لله على سلامتك أسد المنتديات السوقي الأسدي
نرجو الله أن يقويك ويشفيك مما تشكو منه ، ونحن في انتظار حلقات ربيع رعودكم المطرة. ولي عودة للقراءة والاستفادة. بارك الله فيكم. |
|||||||||
l |
09-14-2011, 08:57 AM | #5 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
الشكر والتقدير: بعد أسنى التحيات: شيخ المنتديات شيخنا الشيخ محمد أداس السوقي ـ بارك الله فيك وفي مرور قلمكم البار بالرجاء الصالح بدعوة جليلة ما أحوجني إليها ـ أسأل الله الذي لا يدعى سواه دعاء عبادة، أن يتقبل دعاءكم، ويضاعف لكم ثوابها، ويمتعكم بالصحة والعافية، ونعم صافية ضافة.
شيخ المنتديات أنا من المتطلعين إلى درر من آثاركم العلمية الجميلة، والتي نرجو أن يضاف إليها تدوينكم شيئاً من مخزون ذاكرتكم التاريخية الجليلة ـ حسب ما لديكم من معلومات تاريخ صحراء أسياد الصحراء. خاصة معلومات تاريخية عن القبائل الطارقية الضاربة في حدود الجزائر ومالي.. فالمعروف لا يحقر، إذ قد يحتقره المتمتع به، وهو عند من حرمه حظ عظيم، وبر كريم. |
|
09-14-2011, 08:58 AM | #6 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
المدخل: وابن اللبون إذا ما لز في قرن**لم يستطع صولة البزل القناعيس هذا حق، لذا إنني لما سهل الله عليّ وسائل السفر، شرفني بصحبتي شيخي المؤرخ ربيعة الرأي عبد الله الإدريسي السوقي المرسي ـ جزاه الله عني خير ما جزى من صنع معروفا. الذي لما أخبرته برغبتي في تشرف الرحلة بصحبته تفضل عليّ مشكورا بتحقيق الرغبة. ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد فمددت إليه يد المناصحة، قبل انطلاق الرحلة، فبذل منها من النفائس درراً، ثم صافحته بمناصحة أخرى الخاصة بالتوجيهات الكريمات المتعلقة بالعادات الحسان المعمول بها لدى القبائل في صحراء أسياد الصحراء ـ مضارب الطوارق. وذلك تجنباً لوقوع أخطاء من طاقم الرحلة في عادات قبائلنا الكرام، لقول القائل: إن الأمور إذا الأحداث دبرها**دون الشيوخ ترى في جلها خللا وكان معي بعض النشأة من شباب الحي من السوقيين، ليستفيد كل منا ما يحسن الالتزام به للكرام إذا سافروا إلى قبائل قرابتهم الكرام. ثم أسندت إليه حسن الرعاية الاجتماعية المتعلقة بالتقاليد العرفية الحسنة ـ حسب ما أدرك عليه الرعيل الأول يتقيد به من الأعراف التي لها أصول في ديننا الحنيف من مواطن الحياء وما في معناها.. من منطلقة انطلاق الرحلة إلى حين العودة ـ بإذن الله ـ إذ الدين النصيحة. مشعراً الجميع أن شيخي ربيعة الرأي هو أمير الرحلة وسيدها إضافة إلى بذل المجهود الحسن في حسن خدمته. ثم انطلقنا ضحى في جو ماتع ممتع، إذ كان ربيعة الرأي شيخي قد وصل في عقود مضت ـ نحو خمسين سنة ـ بعض القبائل القاطنة في تغارست فيخبرني عن بعضها بخبر ثقة مرضي الحديث مقنع. لا يخلو من دروس اجتماعية جمة وفوائد وعبر، وشحذ للهم وتشويق وتارة في تواريخ من غبر. قلت: ليس هنا موطن نظمها في سلك الخرزات، فصبر جميل أخي القارئ الكريم إذ كل ما هو آت آت. هذا ولما كان سائق السيارة ممن شهد له بمعرفة الطريق، طلبت منه أن يخبرنا بأسماء الأماكن التي نمر عليها أثناء السفر إلى منطقة تغارست، من باب العلم بها، وبمعرفة أسماء البلدان. فشرع في إخبارنا بها، بدءً بمنطقة أَجُورا، وما يتصل بها من فضاء صحراوي واسع إلى منطقة ((إنَلاتا..)) وهو واد، هو وقيعانه، يتسم بخطورة تجاوزه ذهاباً أو إيابا، إذا أصاب أرضه مطر وابل أو طل، كما أخبرنا السائق به، وهو من الأخبار المقول عنها: يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما**قد حدثوك فما راء كمن سمعا إذ تغنيك آثار تغريزات السيارات فيه زمن الأمطار، حتى كأن بعضها حفريات طينية عميقة واسعة. ومن الفرص الحميدة أن تجاوزناه على معنى المثل المشهور: المغرور لا يمدح وإن سلم. إذ مررنا عليه وهو بعيد عهد بالمطر ففتحت لنا أبواب السلامة منه المغلقة حين العودة. إذ لما عدنا استقبلتنا رياح وأتربة شديدة الضباب وسحب رعدية وبرق صيبة من بعد منطقة ((تِينْ تَدَيْني)) إلى صحراء جبال ((فَنْتَرو))، ثم ((إنَلاتا)) الذي وصل بنا شدة المطر، وضباب أتربة أرياحه مبلغ الليل بظلمته فاجتمع علينا ليلان مظلمان، رياح الأمطار الشديدة الضباب ودخول ليل مظلم بنفسه، إلاّ أن من منن الله علينا ما نبصر به من مصابيح لامعة من البرق الشديد الضياء، ورعود يتعظ بشدة أصواتها الأتقياء، بعد أن يتحقق السلامة منها من على ظهر أرضها من الأحياء.. وكان السائق حذراً أن نتعطل فيسابق المطر إلى وادي إنلاتا وقيعانه، وإذا نحن تصرفنا مشيئة الله النافذة عن تحقيق منى السائق، إذ اشتد المطر وانهمر بالسيول من كل حدب وصوب، على نحو قول من قال: فإن كان شراً سار يوما وليلة**وإن كان خيرا أبطأ السير أربعا إلا أننا لا نقول إلا ما يرضي الله ـ جل في علاه ـ كما قال نبي الهدى والرحمة: عجبا لأمر المؤمن كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. فلما سبقتنا السيول بالاتصال بالوادي، إضافة إلى كثرة تزلقات السيارة التي بلغت حد فقد السائق على السيطرة، عند ذلك اضطررنا إلى الخروج من هذا المأزق فاتجهنا إلى سواحل التلال ضواحي الوادي فإذا نحن بضوء نار على مرتفعات من الربى، واغتنمناه من النعم الضافية، فلما وصلناها بعد شدة وعناء من ظلمة الليل وماء الأمطار التي بلغت في شدتها أن الأرض لم تستطع بلعها. كالبرق من وابل متتابع**جودا وآخر ما يجود بالماء وبمناسبة أمطار هذه الرعود انتزعت منها اسم: عنوان هذه الترجمة: رعود العشي... هذا فلما بلغنا موطن النار فإذ هي نار لرعاة من قبيلة: ((إكُورْشانْ)) إحدى القبائل من المجتمعات الطارقية. قلت: ومعنى: إكورشان. ليسوا عبيدا لأحد. وهي كلمة مركبة من كلمتين، إحداهما: إكو. والثانية: رشان. أصلها: باللغة الطارقية: وَرَتْوَكْرَشَن. أي: ليسو عبيدا بل هم أحرار كغيرهم من الأحرار. لكن لفظة: إكورشان. مبنية على كلمتين كما سبق إحداها كلمة سنغاي، وهي: أكو. والثانية طارقية متصرف فيها. والمعنى واحد إذ سنغي نقلوها من معنى التركيب الطارقي للكلمة إلى لغتهم، ومعناهما في اللغتين واحد، كما تقدم بيانه. قلت: وغلب التركيب السنغاي الطارقي على التركيب اللغوي الطارقي المحض، إذ أكثر سكان قرى تغارست من سنغاي، فكثر النطق بالتركيب المزجي الطارقي السنغاي. وقد أفادني بتاريخ هذه القبيلة التي منها المعلومات الآنفة الذكر أحد كبار سنهم في تغاروس، وهو من حواشي السيد أتا بن السيد هود، وكان كثيراً ما يداخل السيد أتا، وقد ارتضيته لما ارتضى النقل عنه السيد أتا العضو البرلماني لتغارست حين نقلت عنه ترجمة والده السيد هود، وستأتي ـ بإذن الله ـ تحت عنوان: البدر المشهود في سيرة السيد الشريف هود. ورجوعاً إلى ما نحن بصدده أن رعاة هذه القبيلة استقبلونا بالحفاوة والاكرام في ليلة مطرة مظلة، وقد عرفوا بعض من معنا من الخدم المتعاونين مع السائق في مهمات السفر، لأن بعضهم يقطن في مدينة قوسي من معارفهم، فاستأنسوا بهم، مبتدرين بمقدمات الضيافة الحميدة، ومنها حليب صحي لذيذ، وأوقدوا النار وشرع في الشاي الأخضر، وكنت أنا وشيخي ربيعة الرأي ممن اختار قسطا من الراحة، إذ أقيظونا من رقدة طبية إثر أتعاب المعانات المشار إلى بعضها آنفا، فاخترنا راحة النوم على ملذات كرم الضيافة، لأننا لسنا من تميم قطعا. وبعد ما انتهوا ونام من نام بعد ذاهب عامة الليل، فإذا موقظن يوقظنا ادخلوا البيت فقد جاءكم المطر، فلما اطمأننت بأن شيخي ربيعة الرأي دخل الخيمة، وهي خيمة طارقية لطيفة من جلود الأنعام، عند ذلك اخترت أنام في السيارة في المقاعد الخلفية، وسيارتنا من نوع جيب ـ بُلْبُلْْ. وكأن الشاعر عناني بقوله: يا أيتها النفس أجملي جزعا**إن الذي تحذرين قد وقعا إذ أصبحنا بوادي امتلأت أجادبه بالماء، وسالت أوديته، فانقطعت بنا السبل بمياه مطر بدأ أواخر العصر أمس وانتهى بانتهاء آخر ليله. لكن الله الميسر ـ سبحانه ـ هو الذي سهل لنا بتيسيره تجاوز وادي ((إنلاتا)) بعد عناء وتعب من تغريزات السيارة في غير ما موضع، مع توغل السائق الخريت في السواحل إلى أن وجدنا مخرجا بعد مخرج من مخرج ـ حسب اتخيارات اضطرارية تلتمس مواطن اليبس نوعا ما من منطقة وادي إنلاتا. والقوم أشباه وبين حلومهم**بون كذاك تتفاضل الأشياء |
|
09-17-2011, 08:19 AM | #7 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
التوطئة: فما استعصى على قوم منال**إذا الإقدام كان لهم ركابا
قلت: إن السفر قطعة من العذاب، على وجه العموم، فإذا كان في الصحاري والبراري، ووديانها زمن الأمطار، فلا ترتقب السلامة الطلقة من المشاق إن كان السفر في السيارات، وإن كان في الجمال وما في معناها كان أشق. فلا مفر من العناء إذن، إلاّ الرضا بقدر الله وقضائه.. فكم من هموم بعد طول تكشف**وآخر معسور الأمور له يُسر ولقد مضت بنا الرحلة حيث توجهت بعد مرور وادي: إينلاتا ـ بادئ ذي بدء ـ ومنه إلى منطقة: إين تديني، منها إلى مدينة تغارست، وبينهما مراحل محددة الأماكن بأسمائها، ومن أهمها في هذه العجالة، بَخْيا. وهي هضبتان من رمال، إحداهما أصغر من الأخرى، وعندي أنها أخطر ما في طريقة تغارست على الإطلاق. لأن إينلاتا، في غير زمن الأمطار أحسن مكان في طريق تغارست لصلابة أرض واديه، وهو مجال فسيح تتخيل أنك في طريق معبد صناعي لما تجده من سرعة السيارة، وراحة الركاب فيها أكثر من غيره، بخلاف ((بخيا)) الصغيرة والكبيرة، فإنك مقبل على حقيقة المشقة لا محالة ـ إن شاء الله ـ حين العودة، بخلاف الذهاب إلى تغارست، لأن السيارات في انحدار منها لا تتغرز في رمالها السيارات الجيدة، بخلاف العودة فإن السيارة في صعود تلال من الرمال كأنها هضبات عالية الارتفاع، وترى أثر السيارات على وجه صعودها كأن تلك الآثار في كثرتها وتشعبها وضعف اتباع سبلها: أساطير الأولين. ولقد أوقفتنا عدة مرات عند العودة لتغرز سيارتنا في رمالها عدة مرات، خاصة عند بخيا الكبرى مع ما تتمتع به سيارتنا من صغر الحجم، ونظافتها ظاهرا وباطنا، لا سيما محركاتها ـ تبارك الله فيها. إذا اشتد عسر فارج يسراً فإنه**قضى الله أن العسر يتبعه اليسر هذا وبعد رحلة مصحوبة بضروب من معاني النصب والتعب، دخلنا مدينة تغارست، بعد جهد جهيد. فلا تقولن لي ديار**للمرء كل البلاد دار ولما أصبحنا من أهلها، حين احتضنتنا عصراً بمدينتها التاريخية، التي سيشار إلى شيء من تاريخها، خاصة زمن الاستعمار، وما بعده، ومتى أسست كمركز حكومي استعماري طاغ قبل الاستقلال، وأين كان مقره في غرب النهر، وكيف وصلها الحاكم الاستعماري النصراني ـ بادئ ذي بدء ـ كل ذلك موضع ذكره ـ بإذن الله: البدر المشهود في سيرة السيد الشريف هود. لأنه ـ رحمه الله ـ سيد من سادات مجتمعاتها الأعلام.. ثم مضينا إلى منطقة: بانْقِيلْ ـ موطن قبيلة كَلْ جَنْشَشي ـ بعد أن وصلت غرب نهر النيجر، في عهد قديم، واستقرت فيه. ولم أر في كنوز الناس ذخرا**كمثل مودة الحر الكريم إن ربيعة الرأي شيخي المؤرخ لما قاربنا مشارف مقر القبيلة ـ بانقيل ـ وجه بتوجيه كريم، تتعلق بآداب رفيعة، لا يليق أن لا يتمتع بها الضيف العزيز في عرف ساداة أسياد الصحراء، من لباس زينة الرجل الطارقي الكريم لديهم الزينة الفاخرة، إضافة إلى نصائح اجتماعية جليلة أخرى، بعد نزول لطيف نسترد به شيئاً من الراحة، قدر وقت يقدر بفعل الشاي الأخضر، ليرد علينا أيضاً شيئا من النشاط. لكل شيء زينة في الورى**وزينة المرء تمام الأدب وكأننا على موعد سابق مع الشمس في دخولنا القبيلة كضيوف، والشمس في حيننا تتضيف ـ الغروب المعروف. وسابقنا الشمس مغرب منزل سيد القبيلة ابن سيد من ساداتهم السيد محمد الشهير بمُوها بن الشيخ شيبة الأنصاري السوقي الجنششي ـ حفظه الله. فإذا هو والشمس قد سبقناهما إلى بيته الكريم، إذ كان في خطى له في الحي، وحين رآنا أقبل علينا إقبال أخ شقيق شفيق، وسيد نجيب، ودود لقرابته حبيب. فنزلنا في منزل أنس ومودة وبتنا إخوان الصفاء، وتناولنا ليلتنا كؤوس المحبة والإخاء. لكل امرئ هم يسير وراءه**ويتبعه في عمره كخياله وبعد أن صلينا الفجر، وبدت الشمس تستقبلنا بنهار يومها خشيت أن يكون يوم غبن وغرر، فانتهزت فرصه، لأنني بخيل كل البخل أن يذهب من غير تقييد بعض تاريخ هذه القبيلة المكرمة، حتى كأني المقول عنه: وقالوا كيف حالك قلت خير**تُقضّى حاجة وتفوت حــاج نديمي هرتي وأنيس نفسي**دفاتري ومعشوقي السراج وكان السيد موها، من قرابتي الأصدقاء، وأصحابي السادة الأجلاء. فقلت له ما معناه: إن صلة الرحم جرتني إلى ذرى قبلتكم الكريمة جر الزيارة، ثم أتطلع من ورائها إلى أخذ ما أمكن من تاريخ القبيلة بر منكم إليّ وزيادة. فأرشدني برفع مناي إلى الشيخ الفاضل نجل الشيوخ الكرام الأفاضل الشيخ رتبة بن الشيخ المعمر من شيوخ القبيلة علماً وسنا ـ حفظه الله تعالى. ما العزم أن تشتهي شيئا وتتركه**حقيقة العزم منك الجــد والطــــلب كم سوفت خدع الآمال ذا أرب**حتى انقضى قبل أن ينقضى له الأرب |
|
09-19-2011, 08:15 AM | #8 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
الترصيع: وآل السوق وإن عدت قبائلهم**فإنها دون شك يثربيات
إن لكل بيت محكم بحقائق معانيه معنى يشعر القارئ ببواعث شاعرية الشاعر به، فتتقاذفه أمواج من الشعور البليغ ببيان معاني مراد الشاعر الحكيم، وإن هذا البيت لهو بيت القصيد في إشارات من معاني جلالة السوقيين خاصة في مثل هذه المشاعر، الذي تناول هذا البيت حقيقة من حقائق مجد تاريخ هذه القبيلة ـ قبيلة كل جنششي. وهذا البيت الذي حفظه لنا التاريخ، كبرهان من براهين حقيقة تاريخ مجد السوقيين المجد الباهر العتيق الباذخ. وليس يصح في الأذهان شيء**إذا احتاج النهار إلى دليل لأن ذلك المجد التاريخي الشامخ، ما زال ـ ولله الحمد ـ إلى وقت كتابة هذه الأسطر، على نحو ما تتمتع به قبائل السوقيين منذ القدم، إلى عصر من عصور ازدهاره عصر ذلك الشاعر العلم، الجبل الشامخ الشيخ العلامة الداعية الرباني السلفي الشيخ إغلس بن محمد بن اليمان السوقي الإدريسي المرسي ـ رحمه الله. ولقد يعزز هذا البيت التاريخي بشواهد عزيزة كثيرة يطول ذكرها، منها قول العالم العلم الشيخ الكنتي: إذا قيل أي الناس خير قبيلة**فأنتم خيار الناس ما ارتفعوا قدرا هذا المجد المنطوق به، هو واقع الحال، حتى بلغ بهم حب التربع على عرش معالي الفضائل ـ العلم ومقاماته ـ أن صار دندنة أفراد هذه القبائل كأنه صاحب هذا المقال: بلوت الطيبات فلم أجدها**تفي بالعشر من طيب العلوم فتفانوا في طلبه، وتفننوا فيه بعد إحكام قواعد أصوله، ثم تجاوزا إلى مقامات ارتقاء درجاته، رتبة سنية بعد رتبة سامية إلى رتبة عالية، حتى القائل الصادق فيهم: لكل أناس حرفة عرفوا بها**وحرفتكم نشر العلوم كما يدرى. وهذا البيت الكنتي من الأبيات التاريخية المجدية الشاهدة لجلالة قدر آل سوق العلم الكبير، القدر الكبير، إذ حقيقة نشر العلوم، مرحلة متقدمة في التبحر فيه، كما أنه مرحلة عظيمة من مراحل العمل به، كما أنه شاهد من شواهد الكافية على رغبة السوقيين عن أي حرفة دنيوية عزيزة مفيدة من الحرف غير حرفة العلم صاغرا عن كابر... من ذا الذي لمس المجرة باليد أورد صاحب فتح الشكور في معرفة أعيان علماء تكرور، ما نصه: محمد أحمد بن أحمد بن الشيخ السوقي، كان ـ رحمه الله تعالى ـ عالماً محققاً متفنناً موصوفاً بجودة القريحة والنجابة. وقال محمد لال الكلادي..: سألنا عنه شيخنا محمد أحمد بن أبي بكر، وكنا نتعجب من نجابته وجودة قريحته، فقلنا له: أين أنت منه؟ فأقر له بالفضل. وحكى لنا حكاية، قال: التقيت معه في سفر فوقت نازلة فأفتيت فيها، والشيخ محمد أحمد السوقي ليس حاضراً، فلما حضر قال لي مباسطاً: ما الذي أجرأك على أن تحكم في موضع نحن فيه، فضحك شيخنا وسلم له انتهى. ص139 قلت: وهذا الشيخ السوقي المتوفى حدود 1107هـ.. لقد أشاد بشيء من تقدم آل السوق في العلوم الشرعية وجلالة قدرهم فيها كعالم بار بنشر نفح الطيب عن سلفه آل سوق العلم القديم العتيق، متحدثاً بتلك النعم في معرض التحقيق. فأروني من أطفل طفلي غبي في العلوم؟؟ يقر له مجانين المغفلين من غير جنسه بالنقيصة في رمي من أقر له القاصي والداني بالشرف الباذخ خاصة في العلوم الإسلامية قديماً وحديثا، وسلمت لهم الرياسة العلمية منذ القدم، من في أفقهم كالشيخ العلامة محمد بن أبي بكر العلم المتقدم. فمن يصدق شبع: المتشبع بما لم يعط ـ الجائع المغرور. ومن ذا الذي ينوه بزينة العاري العري: لابس ثوبي زور. إذا وصف الطائي بالبـــخل مـار**وعيّـــر قُساً بالفــــهاهــــة باقـــل وقال السُّهى للشمس أنت خفية**وقال الدجى يا صبح لونك حــــائل وطاولت الأرض السماء سفاهة**وفاخرت الشهب الحصى والجنادل فيا موت زر إن الحياة ذميمــــة**ويا نفس جدِّي إن درك هـــــــــازل وإن تعجب فعجب خساسة ودناءة كل باغ: بغيت فلم تقع إلاّ صريعاً**كذاك البغي مصرعه وخيم وما ذاك إلاّ ليساوي الباغي الضعيف العدة، البعيد عن سواء عدل المحجة: بأنف الناقة الذنبا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هيهات، ثم هيهات بل وألوف من هيهات: ألم تر أن البغي يصرع أهله**وأن على الباغي تدور الدوائر أخي القارئ الكريم إن ما يتمتع به آل سوق العلم والفضل الكبير، هو الذي جعل من يصفهم بالفضل والثناء العاطر، يقول ما مستنده، قول من قال: الناس أكيس من أن يمدحوا رجلا**ما لم يروا عنده آثار إحسان فآل سوق العلوم وثقافاتها ليس عليهم ـ بإذن الله ـ تتمكن من النيل فيهم الذئاب الجهلة كيف تؤكل أكتاف الميتات، فضلاً عن أنت تقرب عرائن أسود غابة معلمة زئيرة عن أنياب علم جارحة ضارية. فإن كان من رام ذلك حرم التوفيق حين استرشد بمعنى قول من قال: تعدو الذئاب على من لا كلاب له... أو لم يتعظ بما عقلته ذئاب الحيوانات فاتقته كما في الشاعر الحكيم نفسه: وتتقي صولة المستأسد الضاري مخادَعاً من ابتلي ب:جدع مارن أنفه بكفه. في انشغال آل سوق العلم بمجوهراته عن الاشتغال بأمر العامة. على هدي من قال: أو كلما طن الذباب طردته**إن الذباب إذاً عليّ كريم قلت: إن آل السوق لما قاموا بإدارة متاجر المجوهرات العلمية في سوقهم العلمي الكبير، حتى أصبح بهم في الازدهار والتقدم في العلوم الموطن الشهير، لذا فإن آثار العلم والفضل في السوقيين شاهدة لهم على حقيقة ما قيل عنهم من قرون وإلى الآن ـ ولله الحمد. فما أجدر خلفهم بنشر نفح طيب مآثرهم بين الملأ، بجمع ما تشتت من آثارهم في القديم والحديث... فمن هذا الوجه المشرق المعاني اللامعة، خطف بصري نحوه على بصيرة بمواطنه، فصرت في تتبع قطرات ماء جهة برقه، حتى وردت ماء مدين هذه القبيلة العلمية السوقية ـ قبيلة كل جنششي. بحثاً عن مواطن مساقط لآليها المنثورة، إذ فاتني ما فاتني من نظم جواهرها المرصعة بذهاب عهد صناعها وصواغها: بثمين الدر والذهب. فنزلت فيها على معنى قول القائل: أقبل ذا الجدار وذا الجدارا تارة، على أمل شم مسك أهل الديار، أو أن ألتقط في ممرات أثريائها ذرات تربة رمل من مواطن تبرها الخالص، فضلاً ما يمكن لقطه من درر ساقطة في مداخل المجالس: إذ لكل ساقطة لا قطة. هذا ولقد استبشرت بها بعد ما نقلتني خطى البحث عنها إلى دار الشيخ الكريم، رتبة بن الشيخ الشهير المعمر الأنصاري السوقي الجنششي ـ حفظه الله وشكر له ـ ما أغناني به من المجوهرات الثمينة العتيقة حتى كأنها وديعة دهر أمين حفيظ. وكأني بشيخي المؤرخ رتبة عمدة الترجمة، في الحفاوة بنا حين بلغنا منزله وسلمنا عليه ـ بعد علمه بقصد السبيل ـ هو المقول عنه: وإذا نظرت إلى أسرة وجهه**برقت كبارق العارض المتهلل |
|
09-21-2011, 08:30 AM | #9 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
التذنيب: إذا كنت في حاجة مرسلا**فأرسل حكيماً ولا توصه
هذا بيت من أبيات الحكمة المحكمة الأمثال، كما أثر عن الزبير بن عبد المطلب، ولقد بالغت في الحرص على معارضته أن تجاوزته من شدة الطلب، إلى ما عارضعه من مثل محكم مثله: أرسل حكيما ووصه. وذلك أنني لما أسررت النجوى للسيد موها سيد القبيلة، بل هو الرجل الثاني في إمارة تغارست، فهو شخصية سوقية من سادة نبلاء، شديد المحبة لأفراد السوقيين، كأبناء بيت واحدة ـ وهم كذلك ـ إلاّ أنهم أصبح بأسر البيت السوقي الكريم فروع كريمة بلغت حد القبائل السيدات في العلم والفضل والمكارم الماجدة. وعلى كل حال فإن السيد موها ابن الشيخ شيبة الأنصاري السوقي الجنششي ـ رحم الله السلف وبارك في الخلف. إنه لما أخبرت السيد موها بموجب الزيارة، بعد التماس صلة الرحم كما تقدمت به الإشارة، عنده أرشدني إلى عرض هذه الرغبة، على عمه الشيخ الكريم رتبة ـ حفظهما الله. وما كل ذي نصح بمؤتك نصحه**ولا كل مؤت نصحه بلبيب ولكن متى ما جُمّعا عند واحد**فـــحق له من طاعة بنصيب فأخذت بنصيحته ـ جزاه الله عني خير ما جزى الناصحين ـ اللهم آمين. وإن أمر باب عليك التـــوى**فشـــاور لبــــيبا ولا تعـــصه ثم أخرجت له نسخة معي هي من جهد المقل عن تاريخ إحدى قبائل السوقيين، كانت معي، ليقدمها للشيخ رتبة كي يطلع عليها قبل أن نأتيه، ليكون على بصيرة لمعاني الطلب. قلت: واستصحابي مثل تلك النسخة، هو من باب دعم الرسول بشفيع، وقت مد أيدي الطلب، كما قال القائل: فهلا نفس ليلى شفيعها.. أو كما قال الشاعر، لأن كثيراً من نبلاء الناس، لا يتجاوب مع ادعاءات، ما لم تكن كما قال القائل: والدعاوى ما لم تقيموا عليـ**ها بينات أبناؤها أدعياء فمن حق أي جهة أن تبخل بما لها من النفائس خاصة تاريخها مع من لم تعلم عنه شيئاً، ما لم يقم بما يبعث اطمئنانهم في صدق قصد المدعي، وصدق البراهين على امتلاكه القدرة في تحقيق ما يبذل له في أرض الواقع على وجه رضي مرضي للجهة الباذلة جميلها الساطع. فالذئب أخبث ما يكون إذا اكتسى**من جـــلد أولاد النــــعاج ثيـــابا خاصة في مثل هذه الأزمنة، التي كثر فيها المدعون، وقل فيها العاملون، وندر وجود الأمناء الأوفياء المقتدى بحسن صنيعهم على نحن قول الحق: لمثل هذا فليعمل العاملون. وبعد أن أكرمني السيد موها ـ حفظه الله بالنصيحة تاج المقالة، عززها بإكرام آخر في إيصال شيخنا عمه رتبة الرسالة، وكأنني قائل المقول له: إني لأرجو منك خيرا عاجلا**والنفس مولعـــة بحب العاجل فذهب ـ مشكورا ـ وعاد إلينا ببشارة أن الشيخ في انتظارنا فقمنا مشياً إلى منزله الكريم فلما رآنا أقبل إلينا بالتحايا الكريمة وكان شيخاً جليلا بنا مسروراً ـ شكر الله له ما استقبلنا من الحفاوة الجميلة. وكان ذلك اللقاء التاريخي الكريم بعمدة النقل الشيخ رتبة ـ حفظه الله ـ بتاريخ2/8/1432هـ ونــــص الحديث إلى أهلـــــه**فإن الوثيقــــة في نصـــه |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 09-21-2011 الساعة 09:36 AM
|
09-24-2011, 11:41 AM | #10 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: رعود العشي المطرة المزن بلآلي من مآثر قبيلة كل جنششي
لآلي من تاريخ قبيلة: كل جنششي:
فلا يحسب التمتام أني هجوته**ولكنني فضلت أهل المكارم
هذا من أبيات الحكمة العتيقة، لأن ذكر فضائل زيد الواقعة منه ذم لعمرو العري عنها والبعيدة منه في الحقيقة. فالمآثر الحسان إذن، هي الذخائر الجميلة، التي يتعرج إليها في معرض ذكر تاريخ محاسن أهلها النجباء النخب، أولي المقامات العلية والدرجات الرفيعة السنية الرتب: فا ليس الجمال بمئزر**فاعلم وإن ردّيت بـردا إن الجمال معــادن**ومنــــاقب أورثن مـــجدا وقبل الشروع فيما نحن بصدده، لا بد هنا من وقفة لطيفة وهي: أنني عند ما أتناول درراً من لآلي تاريخ آل سوق المجوهرات العلمية، قبيلة قبيلة، لا يعني ذلك أنني ظفرت بجزء يسير كنز من كنوز تلك المجوهرات النفيسة القديمة الأزمنة الكثيرة المواطن فتلكم الأفق، بل الأمر من باب ما معنى القول المشهور: يكفي من العقد ما أحاط العنق. لا تطلب الحسن إن الحسن آفته**أن لا يزال طوال الدهر مطلوبا أصول القبيلة: قلت: إن قبائل صحراء: أسياد الصحراء، في مضارب الطوارق، كثير منها قبائل عرب، لا سيما قبائل السوقيين العتيقة الحسب، الكريمة المحتد الجليلة النسب. لأن غالب أنساب قبائل السوقيين إما أنساب آل بيت النبوة الأشراف، أو أنساب قبائل الأنصار الجليلة الأوصاف، التي منها: قبيلة كل جنششي الكريمة، وهي قبيلة مكرمة مرفوعة النسب على قسميه: أحدهما: قسم نسب بيوتاته الأنصار. ثانيهما: قسم نسب بيوتات آل بيت النبوة الأطهار. وأما قسم الأنصار منهم، فهم: · بيت الشيخ رتبة عمدة الترجمة، وعامة القبيلة... وأما قسم الأشراف، فهم أدارسة، وبيوتاتهم هي: · بيت الشيخ العلامة الحسن بن عيسى الجنششي الإدريسي ـ رحمه الله. · بيت الشيخ العلامة خَلْمَتّا الجنششي الإدريسي ـ رحمه الله. · بيت الشيخ الشهير العباس الجنششي الإدريسي ـ رحمه الله. هذه هي بيوتات الأشراف، في قبيلة كل جنششي من ذرية إبراهيم الضغوغي الإدريسي ـ رحم الله السلف وبارك في الخلف. قلت: ومن الدرر الملتقطة ما أتحفني به شيخي المؤرخ ربيعة الرأي عبد الله بن محمد آحمدْ الشهير بإين تملمولي الإدريسي السوقي المرسي ـ حفظه الله ـ كان كثيراً ما يتحفنا مداخلة كريمة حالة الإملاء عن الشيخ رتبة بمعلومات تاريخية جميلة متعلقة بهذه القبيلة الكريمة، التي منها، أن قال لي، ما ملخص معانيه: إن الشيخ العباس الإدريسي السوقي الجنششي الآنف الذكر ـ رحمه الله ـ كان من الأعيان المشاهير، الأعلام الأكابير، مستجاب الدعاء، بحيث بلغ الأمر بكثير من عامة الطوارق الذين في أفقه، أن واحداً منهم إذا اشتكى من ضر، ولم يتمكن من ملاقاة الشيخ العباس ليدعو له، قال للذي وجده ممن يظن أنه من أهل العلم والصلاح: ادع لي أي: دعاء رقية، وسأعطي الشيخ العباس آلَمْ أي: ـ جملاً، باللسان الطارقي ـ أجرة رقيتك. قلت: هذه من غرائب البدع المتعلقة باعتقادات العامة الفاسدة في حق: أهل العلم والفضل والصلاح. وذلك لأمرين: الأمر الأول: أن أجرة الرقية المشروعة إنما هي حق للراقي نقلاً وعقلا، كما يدل عليه حديث اللديغ. الأمر الثاني: أن إجابة الدعاء هي حق لله ـ جلّ في علاه ـ لا حق فيها لملك مقرب، ولا نبي مرسل، فضلاً من دونهم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر. الآية. وغير هذه الآية من نصوص الكتابة والسنة الدالة على أن إجابة الدعاء من كشف الضر، والإنعام بالخير، هو من حق تعالى دون غيره من خلقه ملكاً كان أو نبياً من الأنبياء.. فالله وحده هو المجيب للدعاء، كما قال سبحانه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. فائدة توحيدية جليلة: قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي: ثم الرقى من حمة أو عــــين**فإن تكن من خالص الوحيين فذاك من هدي النبي وشرعته**وذاك لا اختلاف في سنيته منتهياً إلى تلخيص ما تخلص إليه بقوله: فتحصل من هذا: أن الرقى لا تجوز إلاّ باجتماع ثلاثة شروط، فإذا اجتمعت فيها كانت رقية شرعية، وإن اختل منها شيء كان بضد ذلك: الأولى: أن تكون من الكتاب والسنة، فلا تجوز من غيرهما. الثاني: أن تكون باللغة العربية محفوظة ألفاظها، مفهومة معانيها، فلا يجوز تغييرها إلى لسان آخر. الثالث: أن يعتقد أنها سبب من الأسباب، لا تأثير لها إلاّ بإذن الله ـ عز وجل ـ فلا يعتقد النفع فيها لذاتها، بل فعل الراقي السبب، والله هو المسبب إذا شاء. معارج القبول شرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد ص402-410. ط: مؤسسة الريان. قلت: إن باب الرقى باب لم يسلم من البدع الضالة المضلة، بل بعضها بلغت حد البدع الجاهلية الشركية. التي بلغ الشرع في الزجر عنها ما تناوله بعض نصوصها من أصول المنع، كقوله ـ عليه أفضل الصلاة وأتم السلام: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه الإمام أحمد ـ رحمه الله. لذا فإن الأصل في باب الرقى المنع، وما ورد مشروعاً ورد مورد الرخصة، كما قالت عائشة ـ رضي الله عنها: رخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الرقية من كل ذي حمة. رواه البخاري ـ رحمه الله. وقول جابر ـ رضي الله عنه: نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا: يا رسول الله إنها كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى. قال ((فاعرضوها)) فقال: ما أرى بها بأسا... رواه مسلم. وقول بريد بن الحصيب ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: لا رقية إلا من عين أو حمة. رواه ابن ماجه مرفوعاً وصححه الألباني، ورواه مسلم وغيره موقوفا. فباب الرقى باب ليس مفتوحاً على مصرعيه بالجواز المطلق، بل يكفي في الحذر منه، ما جعل السلف الصالح يختلفون في جواز النفث بالرقى المشروعة، كما ينقلنا الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ إلى جني قطوف دانية منها قوله: واختلف في النفث عند الرقى، فمنعه قوم، وأجازه آخرون. قال عكرمة: لا ينبغي للراقي أن ينفُث، ولا يمسح، ولا يعقد. قال إبراهيم: كانوا يكرهون النفث في الرقى. وقال بعضهم: دخلت على الضحاك، وهو وجع فقلت: ألا أعوذك يا أبا محمد؟ قال: بلى، ولكن لا تنفث.. وقال ابن جريج لعطاء: القرآن ينفخ به، أو ينفث؟ قال: لا شيء من ذلك، ولكن تقرؤه هكذا. ثم قال بعد: انفث إن شئت. وسئل محمد بن سيرين عن الرقية ينفث فيها، فقال: لا أعلم بها بأسا. ثم خرج القرطبي إلى مخرج التحقيق، كعادته وهو بذلك حقيق ـ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما جزى من ترك علماً ينتفع به ـ فقال ـ رحمه الله: وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة. روت عائشة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان ينفث في الرقية رواه الأئمة. الجامع لأحكام القرآن 20/258 ط: دار الفكر. لذا فإنه مما ينبغي على الخاصة والعامة الحذر كل الحذر في باب الرقى، خشية وقوع الراقي لنفسه، أو لغيره المرقي أو هما معا في البدع الموبقات ـ نسأل الله أن يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ويتوفانا على الدين الحنيف ملة أبينا إبراهيم حنيفا.. كما أنه يجب على من ابتلي بالرقى للغير أن يراجع ما ورد في بابها مما هو مستنده الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة، ليعمل بالمشروع على بصيرة، ويبعد عما ليس بمشروع ليسلم من ضلال متوقع، إن لم يقع في ضلال متحقق ـ والعياذ بالله. وأنه يجب عليه أيضاً نصيحة من تحقق له وقعه في غير الرقى المشروعة. عن عوف بن مالك ـ رضي الله عنه ـ كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه مسلم، وغيره. ودن بكتاب الله والسنن التي**أتت عن رسول الله تنجو وتربح |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 68 ( الأعضاء 0 والزوار 68) | |
|
|