191. محمد إكْنَنْ بن محمد سيدي الأنصاري التكيراتي السوقي :
هو الشيخ محمد إكنَن بن مَحمد سيدي بن محمد بن أحمد بن نان َّبن محمد بن عثمان ينتهي نسبه إلى الشيخ أشلوم الأنصاري(1) .
قال فيه الشيخ العتيق : يبتدء الكلام عليه من حين وصوله إلى الشيخين اللذين سار إلى منزل أبيه وأتيا به فنقول : لما وصلا به إلى الحي تبناه الشيخ تَبَّلَ ورباه حتى بلغ الأشد ولقنه العلوم ثم خلع عليه خلعة الاستخلاف في الأمور المتعلقة بقبائل إنْصَرْ الذين يقال لهم فيما بعد دَبَّاكَرْ وكانوا إذ ذاك أمما كثيرة لهم مواش وزروع نخيل في أرض كِدَالْ واختصوا من بين سائر القبائل بالخيل العتاق التي يشترى فرد منها بعشرات المئات من البقر والإبل وسائر الأنعام فتوفرت الأشياء المحتاج إليها عندهم ، وكانوا من أتباع الشيخ محمد المختار فولى محمد إكْنَنْ جميع أمورهم التي يتولاها قبل من أخذ صدقاتهم وصرفها في مصارفها والإفتاء في نوازلهم وكف أيدي الظلمة من الولاة عنهم وكف بعضهم عن بعض وإصلاح جميع ما يقدر عليه من أمورهم ورضيت قبائل دَبَّاكرْ بتلك التولية من ذلك الوقت إلى الآن ولعل القضاء في مسائل دَبَّاكرْ نوازلهم ليس من القضاء الذي تولاه تَبَّلَ بواسطة أمير إكَدَزْ بل كان تولاه قبل مسيره إلى أمير إكَدَزْ بتولية جماعة المسلمين أو من يولي المناصب قبل ولاية كَرِدَنَّ فالقضاء الذي سار إلى سلطان إكَدَزْ في طلبه وتولاه منه بالشرط المتقدم ثم نزل عليه لمحمد البشير بن أمَّدْ أو أبيه هو القضاء العام لأعمال البلد التي يحكم عليها سلطان السلاطين كَرِدَنَّ ، وهذا القضاء الخاص بقبائل دَبَّاكرْ هو الذي ولاه للشيخ محمد إكْنَنْ فإن أولاده لم يزالوا يخبرون بأن قضائهم إنما تولاه أسلافهم من يد الشيخ تَبَّلَ ويستبعدون كل الاستبعاد أنهم كانوا تحت تنفيذ احد من القضاة فيما يرجع إلى تلك القبائل ...... فيعترفون بأن قضائهم في نوازلهم إنما كان بصورة أن يرفع من يتولاهم من العلماء نوازلهم إليهم ليحلوا مشكلها أو يبينوا لهم ما يحتاج إلى البيان لكونهم أيمة الفقه في بلدهم فاحتاج إلى ما عندهم من الفقه جميع المفتين والمستفتين ، ومثل دَبَّاكرْ في التقيد بأهل هذا البيت قبيلة إفوغَاسْ من إمُوشَاغْ ومن تبعهم من عبيدهم ومواليهم وهم أحياء كثيرة ولعل أصل اختلاطهم بهم من بين سائر العلماء ما كان بين هذا الجد وبين جدهم الغزالي من القرابة فإن الغزالي جد إفوغَاسْ ابن أم لحامَّ بن عقيل بن الغزالي جدنا ، وحام هو جد أبي محمد إكْنَنْ لأمه . والذي لا شك فيه أن أولاد محمد إكْنَنْ هم المتأولون لسائر أمور إفوغَاسْ من المعاملات الدينية والدنيوية مما يتولى مثله العلماء من أمور من سواهم من إمَاجَغَنْ هم المتولون لحساب أموالهم وأخذ زكواتهم وعقد أنكحتهم وتوريث تركاتهم وهم الذين يتولون تسمية أولادهم ويضبطون لهم أنسابهم وهم الذين يشفعون عندهم لمن يريد الإيقاع به وكانت لهم عندهم حرمة وجاهة وصداقة مستمرة من ذلك الوقت إلى الوقت الحاضر ، ولم يبلغنا أن قبائل دَبَّاكرْ وإفوغاسْ وأتباعهم كان أمرها إلى غير أولاد هذا الشيخ من العلماء ، وكان معظما عند سلاطين إولّمّدنْ يحترمونه ولا يتعرضون بسوء لمن لاذ به وكان أولاده بعده كذلك حتى ذهبت دولتهم وبقيت الحرمة والصداقة والتبجيل لأولاده عند أولاد أولئك السلاطين .
هذا ما بلغني عنه مما يتعلق بالأمور السياسية ، وأما الأثر العلمي فلم أر ما يسند منه إليه إلا أن رواية مختصر الشيخ خليل المترجمة باللغة التارقية هو الذي تلقفها عن شيخه الذي رباه وصار إماما فيها تؤخذ عنه ، ثم عن أبنائه بعده ، ورأيت بخط قديم إجازة الكتب الحديث التي تقرأ في بلادنا أخذها عن جدنا أحمد بن الشيخ . وأما زمانه فلم أر من انتدب لتعيينه لكن معاصريه من أجدادنا الذين ثبتت مخالطتهم لهم لا شك أنهم في أوائل القرن الثاني عشر الهجري(2) .