94. حُميد بن عبد الرحمن الأنصاري التكيراتي السوقي

94. حُميد بن عبد الرحمن الأنصاري التكيراتي السوقي :
هو الشيخ حُميد بن عبد الرحمن بن الميمون بن أحمد بن محمد المصطفى بن محمد سيدي ينتهي نسبه إلى الشيخ أشلوم الأنصاري (1).
ترجم له الشيخ العتيق فقال : فهو أعلم إخوته بل أعلم من كثير من أهل بلده وعصره كان من النوادر في العلم وجودة الخط وكثرة نقل العلوم والحرص على تعليم الناس وإرشادهم من غير فرق بين الصغير والكبير ولا بين الذكر والأنثى ، وكان كذلك نادرة في القيام بمصالح المسلمين والحرص على نفعهم ، ومن عجب ما شاهدته منه أن كل فن سمعته يتكلم في مسائله ظننت أنه لا يحسن غيره وكذلك لم ينس شيئا مما حفظه في الصغر والشباب ، وأعجب من ذلك أن من وقف على خطوطه ظن أنه لم يشتغل بغير الخط ولم يضف إليه غيره ومع ذلك هو القائم بأمور جماعته ويخدم بنفسه في مصالحهم ومصالح مواشيهم ولولا تيسير الله ما جمع بينهما ، وترجمه أخي محمدُ بالضم الدال دائما ابن محمد الصالح المعروف باسم تَانَ وهو من تلاميذه ترجمة واسعة طويلة ضاعت منـ.... إلا قليلا ولفظ ما بقي في يدي منها هكذا : ( هو حميد بن عبد الرحمن بن الميمون الأنصاري اليعقوبي ، ولما أبرزته الإرادة أبراز الهلال ، وبشرت ببلوغه مبلغ الرجال يراعة الاستهلال ، ساقته العناية إلى ما خلق له فاتخذ مكتفة والده متعله ، ولازمه أول ما عقله ، حتى أتم حفظ الكتاب العزيز عليه ، وتلقى مبادئ العلوم من بين يديه وأول خطوة خطاطا بعده في الطلب ، وأولى خطة خطب بها سعادة جده بالتعلب ، إلى ابن عمه العالم البارع والأستاذ الفاضل محمد الأمين بن مَحمد بن عَمْنا فأقرأه رسالة ابن أبي زيد ومقدمة الأجرومي وملحة الإعراب للحريري ، وألفية ابن مالك ولاميته ، وجعل الكافية وتحفة المودود في المقصور والممدود له ، والمقامات للحريري وبقية الكافية أخذها عن الأستاذ محمد الصالح بن الشيخ محمد الأمين " مَتَّال " ثم أخذ النصف الأول من مختصر خليل على ابن العم المتقدم وعلى عمه الشيخ الفاضل عبد الله بن الميمون وهو الذي وقفه على رواية البخاري ومصطلح الحديث ثم أخذ بقية المختصر عن الشيخ الصالح محمد أحمدُ بن الصالح الكنتي ، ثم أخذ رواية التفسير المترجمة باللغة التارقية المعهودة على الشيخين الماهرين المجيدين لها وهما : محمد بن محمد محمود الـ..ـورقي وسعد الدين بن عُمار الكلاليّ . ذكاؤه ومكانته العلمية : كان حاد الذهن ، جيد الحافظة ، بحيث لا يكاد أن يسمع شيئا إلا وحفظه ، شديد الذكاء سديد النظر ، سليم الفطرة عجيب الإدراك بعيد القعر قوي العارضة في المناظرة سريع الإفحام ، في الخصومة ولما آنس من نفسه جودة الفهم والانسلاخ من ظلمات الوهم تنور بنور قلبه مشكاة العلوم ، النقلية ومحك ما سبكته الأفكار الثاقبة من الفنون العقلية ، الشيخ الأستاذ العالم العلامة محمد أحمدُ بن الصالح الكنتي فجد واجتهد في تلقي العلوم التي تدرس بمدارسه الغامة خاصة ولازمه ملازمة الغريم بحيث لا يبرح تجاهه ولا و.... حتى تخرج على يديه شمس الشريعة وبدرها وجبر العلوم وبحرها لغة ونحوا وصرفا وبلاغة وأدبا وفقاهة في كل باب منه ولاسيما في المعاملات والفرائض ، وله ضرس عاضّ في العقائد حتى كأنه أسوة لأربابها من حيث لا يستقي إلا من ذلال معين عيابها فما مضى ذلك الشيخ لسبيله إلى رحمة الله منيله ما لا يدلي على تفصيله ، ألا وهذا الشيخ المترجم نائب منابه ويفـ... عن كل مهوم مصابه منابه فأنشد لسان الحال والقال بمقال وغير مقال " ما أشبهة الليلة بالبراحة والغادية بالرائحة " )اهـ ما بقي بيدي مما كتبه عنه . وكان برا وصولا للرحم نفاعا للجيران مكر ما لكل من جاءه من غير فرق بين العظماء والضعفاء حتى اكتسب بتلك الأخلاق الفا... أن كان مهيبا معظما محبوبا عند سائر من رآه من قبائل البلد ومن بره بقرابته ما جرى منه ... وفاة ابن عمه محمدُ بضم الدال ابن عبد الله فإنه حين مات ترك أولادا صغارا وولدين كبيرين فكان للأولاده أبا وللوالدين ابنا وعامله عبد الله معاملة الأب لابنه البار وفوض إليه أمره وأئتمنه كل شيء حتى صار له كواحد من أولئك الصغار الأيتام فأحسن القيام بتلـ... الرعية حتى مات عمه ثم استمر في القيام بالصغار حتى شب أكبرهم حسان ولم .... على أمورهم شفقا عليهم حتى مات وكان كذلك مع عمه محمدْ بسكون الدال حتى مات وانتقل المسجد إلى ابن عمه تَانَ وكان ضغيفا وعن قريب مرض مرض الموت فأحسن ... والقيام بأموره حتى مات ولازمه في أيام احتضاره حتى شهد موته وانتقل إليه المسجد الذي هو عنوان التسويد فأحسن القيام بأمور الحي ولم يخل أحد من إحسانه والرفق به وتــ... أحواله سمعته يوما يخاطب واحد من أبنائه وسأله عن بعض جيرانه وما حمل من ... قدم منه فقال له الابن لم أسأل فقال له لا تعد إلى عدم السؤال عن أحوال الإخوان والجيران فإن قاموا بأنفسهم واستغنوا عنك شكرت وإلا جاهدت في سد خلاتهم وحاجاتهم ، وكان من العار عنده عدم تفقد أحوال الإخوان والجيران ، وكان من المفتين الملتزمين مشهور مذهب مالك ، وكان الناس يلجئون إلى استفتائه فربما أتاهم بشيء مستغرب فيطلبه على محله من الكتب ، وكان من أشد الناس ملازمة المطالعة الكتب إذا تجدد له كتاب ... عن كل ما يشغله عن مطالعته حتى يفرغ منه ومع ما أوتي من سعة الاطلاع وكثير الذهن لم يزل على سيرة أسلافه المتقدمين .... بما يرْوون عما يُرَوْون ولم يؤلف ولم ينـ... وكان أصحابه الناظمون والناثرون يعرضون عليه إنشائهم وأشعارهم لمعرفته بنقد الكلام من جهة العربية ونقد ما يمليه الناثر والمفتي من جهة موافقته للصواب رحمه الله مات عام 1371هـ ودفن في مقبرة الإسحاقيين بتَلاتَيْتْ(1) .