جواهر المرجان في مآثر عوامر جنهان

جواهر المرجان في مآثر عوامر جنهان
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي البر العميم في القديم والحديث، من جعل: لسان صدق في الآخرين. من أعظم المنن وروائع الحديث.
اللهم لك الحمد في الآخرة والأولى: حمدا يبلغ من رضوانه الأملا.
والدرجات العلية الحسان العلى.
وأصلي وأسلم على من علم أمته ما يتذاكرونه ـ لسان صدق ـ ويذكرونه به ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الخمس الصلوات: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم... ليكون هذا الذكر له ولآله...: لسان صدق في الآخرين.
فيسمو به كما سمى بلسان صدق إبراهيم ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ ما صلي بهذه الصلاة المحمدية الإبراهيمية ـ بين البريات.
صلى عليه ربنا ومجدا***والآل والصحب دواما سرمدا
فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأزواجه وذرياته صلاة توصله بصحبه أجمعين، نجوم الهدى ومصابيح الدجى أولي المناقب الحسان والذكر الجميل الحسن البررة الغر الميامين.
وارحم اللهم ـ التابعين لهم بإحسان، ومن تبعهم إلى يوم الدين ـ رحمة الإحسان إليهم بالحسنى في الآخرة كما امتننت عليهم في الدنيا بالمحاسن الحسنى فذكروا بها ذكر أولي المآثر الجميلة الجليلة الحسان.

التمهيد

إنه كما يقال: ما لا يدرك كله لا يترك كله...
هذه مقالة حكيم، فينبغي الاستفادة منها، ومن أية حكمة، أو أثارة علم، تحتوي على عمل مفيد ديني أو دنيوي، أو بهما معا، قليلا كان أو كثيرا، دقيقا كان أو جليلا...
لذا فأنا مع ما معي من البضاعة المزجاة، وضيق كثير من السبل أمامنا إلا أن لا مر ـ علينا جميعا ـ من المسئولية المعرفية الملاقاة.
وذلك أن تاريخ صحرائنا قد اندثر بعد أن بلغ ذروة سنامه، وكل زمن يدنينا إلى خفاء أثره بعد ذهاب أفراد أعلامه.
فأصبحنا مصبح من وجب عليه لم شمل الضروري من متاع أهل بيته...
فكان تاريخ أفقنا أجل متاع معرفي يجب علينا ـ معشر أرباب القلم المعرفي ـ عرفا لمه وجمعه كما هو شأن بناة مجد أممهم من لقط ما تناثر من تاريخ أممهم ـ أمة أمة ـ هنا وهناك مما في قراطيس جهاته، أو ما زال في صدور الكبار الأحياء الفضلاء من وعاته.

الديباجة

إنه لما كان من الممكن أن يدلو المدلي بدلوه فيما من حقه المحافظة عليه...
كان مما على كتاب صحرائنا أن يدلوا بدلائهم في معرض التعريف بتاريخ صحراءنا في القديم والحديث...
إذ لا يغني التاريخ القديم عن الحديث، ولا العكس، فكله تاريخ ينبغي أن يشمر أهله على ساق الجد، لجمع ما يمكن جمعه على أية وسيلة، وطريقة ومنهجية، وفاء لدور أمتنا جيلا جيلا، ثم ينشر إبرازا لما وقف عليه، وإثراء به المدونات المعرفية بين الأمم...
لذا رأيت أن أشارك أرباب القلم البار بصحرائنا بما هو من النزر اليسير من تاريخ قبائل صحرائنا عموما وخصوصا آل السوق، لأنهم زاوية الإدارة العلمية، والمرجعية الدينية الأساسية في محيطهم، في القديم والحديث، فلأجل ذلك جمعت ما جمعت عن تلكم القبائل، ونشرت ما نشرت، الذي منه هذا الموضوع المعنون له بـ: جواهر المرجان في مآثر ومناقب كل جنهان.
والله وحده منه أرجو العون والسداد، والفوز في الدارين بخير زاد.

التوطئة

إن قبائل العلم في أفقنا عموما وخصوصا آل السوق، تحتاج إلى أقلام بررة تنفض الغبار عن معالم دورهم التاريخي العلمي جملة وتفصيلا في القديم والحديث.
وخاصة أن كثيرا من قراء الآفاق لا يعرفون عن تلك القبائل ودورها العلمي ونشره والمحافظة عليه في ربوعهم إلا النزر اليسير.
هذا والنابغون في معرفة أحوال أفقنا العلمي من قراء الآفاق من يسمع عن تنبكتو على أنها مدينة تاريخية علمية، عبر وسائل الإعلام الحديثة، وأمثلهم طريقة من قرأ عنها شيئا يسيرا حول تاريخها العلمي.
والمتقدمون معرفة عن الطبقة المذكورة من سمع مدينة السوق، على أنها مدينة علم فقط، وأمثل هذه الطبقة طريقة من بلغت به معرفته معرفة شيء من قبائلها...
وأعمق الطبقتين معرفة من يعلم أن صحرائنا تتمتع بقبائل أخرى علمية بيضا وسودا، وأمثل هذه الطبقة أيضا طريقة من بلغت به معرفته معرفة شيء من أسماء تلك القبائل...
والتقصير في الحقيقة ليس من جهة قراء الآفاق، بل من جهة قراء صحرائنا الكتاب الذين لم تصل بهم الهمم، ما وصلته همم كتاب وقراء الآفاق، في جمع تاريخ علمائهم، وتراثهم العلمي، ونشره نشرا تمتع القراء في كل مصر وعصر بقراءة ذلك التاريخ والتراث.
فهذا وذاك يدعونا جميعا ـ معشر قراء صحرائنا ـ بأن لا يحقر الجميع من معروف تاريخ علمائنا وتراثهم شيئا.
لذا فعلى نحو تحقيق شيء من ذلك أنحو ـ ما وجدت إليه سبيلا ـ وفاء لتاريخ أمة صحرائنا في القديم والحديث.
فمنه ما سيأتي من النزر اليسير حول هذه القبيلة العلمية الشهيرة المكارم ـ قبيلة: كل الجنهان ـ رحم الله سلفها وبارك في خلفها ـ ما دام الليل يولج في النهار، ويجل الليل النهار.

المدخل

إنه لما كان كل أثارة من علم، لا بد لناقلها من الحصول عليها نقلا شفويا أو نقلا من مكتوب قبل نقلها، ثم بعد ذلك يصل إلى المرحلة نقلها للغير على نحو ما سبق...
فإني فيما نحن بصدده من موضوعات: جواهر المرجان في مآثر ومناقب كل جُنْهان.
فإنها منقول عن أحد أعيان القبيلة نفسها، وهو من مشاهيرهم الفضلاء، وهو الشيخ الفاضل الشيخ محمود بن موسى بن محمد آلمين، الملقلب: إنَمُودْ ابن محمد الصالح، الملقب: بحالي ابن إدَّ نِينّا بن باني بن سوني ـ رحم الله السلف وبارك في الخلف...
في مقابلة أجريتها معه في وقادقو ـ عاصمة بركينافاسو في منزل الأستاذ المبارك بن محمد السوقي الإدريسي الجرتي.
وكان اللقاء كان على عجل وفرصة ضيقة، إذ علمت بزيارته للأستاذ المبارك، فكان الوقت نحو ساعتين، لأنه ذاهب في اليوم نفسه إلى موطنه ـ موطن المآثر الشهيرة: تينهم. فعرضت عليه رغبتي في تدوين شيء عن قبيلة المكرمة ذات المناقب الشامخة، والمفاخر التاريخية الباذخة...
فتعلل بقلة بضيق الوقت، وهو الواقع، وأن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد عناية بجمع المعلومات اللائقة، وذلك لا يكون إلا الرجوع إلى مظانها نقلا وعقلا...
فقلت له: إن ذلك كله حق، لكن لا يمنع من الأخذ ما يمكن في هذه اللحظات، مهما قل...
وذلك لحكم كثيرة، منها قول من قال: قليل قر خير من كثير قر.
وقول من قال: حفظ الموجود أولى من طلب المفقود.
وعلى كل حال فإن ما تيسر تيسر في تلك اللحظات السعيدة بما ظفر فيها، بتاريخ 20/8/1435هـ

الموضوع

هو تاريخ: قبيلة كل جنهان، فنقول ـ بادئ ذي بدء: إنه لما كان التاريخ علما يكشف عن الإنسان ودوره في الحياة، حسب ما ألفت الأنظار إلى جانب حياته من عطاء ملحوظ دينيا أو دنيويا...
كان ذلك هو السبب الذي دعا من كتب في تاريخ أي إنسان فردا كان أو مجتمع، أو أمة...
فكان من منن الله تترى على من شاء من خلقه، سواء كان فرادا أو غيره...
وقد بلغت جموع من الناس ذوي صلة دينية أو دنيوية أو قرابة، أن تسموا بتلك المنن بين من لم ينلها، فتظل تتلى في محيطها بلسان المقال أو بلسان الحال ما شاء الله من المدد...
وكانت قبيلة كل جنهان من جملة من رزق شيئا من تلك المنن..
ومن أجلها ما حباها الله بالعلم والفضل، والمآثر الحميدة الشهيرة فدعا ذلك أن يذكر فيشكر لها، كما يذكر فيشكر لكل من رزقه في أرجاء المعمورة...
لذا فإن هذا الموضوع يخص جمع النزر اليسير من المعلومات التاريخية عن هذه القبيلة المكرمة، لعل الله أن ييسر لمن شاء من الكتاب جمع آثارهم العلمية ولو بعد حين...
ما إذا جمع هذا وذا صيره إلى حقيقة قول من قال: وإنما السيل اجتماع النقط.

قبيلة: كل جنهان

إن قبيلة: كل جنهان، هي من القبائل العلمية في صحرائنا العزيزة، وهي مشهورة بالعلم والفضل عموما، وخصوصا بين شقيقاتها قبائل السوقيين...
هذا وقد لعبت هذه القبيلة من الأدوار العلمية والاجتماعية وغيرهما، ما يدعو إلى البحث الجاد عن تاريخها جملة وتفصيلا، وفاء لما قدمته من عطاء جليل جيلا جيلا.. كما أن ذلك البر هو في الحقيقة بالبر بالأجيال الذين يتطلعون من الجميع ما يحفظ لهم تاريخ مجتمعاتهم عصرا عصرا، وما يكشف لهم ذلك التاريخ الذي منه ما سيأتي ـ بإذن الله تعالى ـ من جهد المقل.

بيوتات قبيلة: كل جنهان

إنه لما كان مما تتشوف إليه نفوس قراء المعرفة معرفة ما يطلق عليه في المصلح الحديث: التركيبة الاجتماعية، التي منها التركيب القبلي، وهو ما يعرف بالنسب في القديم والحديث، لأن بمعرفة نسب أي قبيلة تعرف حقيقة بيوتاتها نسبا ورحما، سواء يجمعهم جد واحد ـ بعيدا كان أو قريبا ـ أو أجداد متفرقون.
فيكون الجامع لحقيقة نسبهم وقتئذ بلد أو ولاءات...
ومهما يكن من أمر فإن عمدة النقل سيحدثنا عن أنساب هذه القبيلة المكرمة ـ قبيلة كل جنهان ـ نسبا نسبا جملة وتفصيلا...
وإن كان الأمر كما أسبقنا من أن هذا الموضوع الذي أسوقه هنا تحت عنوان: جواهر المرجان...
هو عبارة عن جهد المقل لا غير، أقيده للأجيال هنا، فنقول ـ وبالله التوفيق ـ قال عمدة النقل الشيخ محمود بن موسى الجنهاني ـ حفظه الله تعالى ـ ما ملخصه معانيه: إن بيوتات قبيلة كل جنهان من حيث الأنساب، هي:
· بيت الأشراف.
· بيت الأنصار.
· بيت الفهريين.

بيوتات الأشراف قسمان

أحدهما: بيوتات آل الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما.
قلت: وهم كما أفاده عمدة النقل ـ حفظه الله تعالى:
بيت: أبناء حامد بن محمود.
بيت: محمد بن السيوطي.
بيت: شعيب بن محمد.
بيت: السُّلَّم بن ماحي.
هؤلاء هم الحسنيون الضغوغيون.

القسم الآخر: بيوتات آل الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما

وهم كما أفاده أيضا عمدة النقل ـ حفظه الله تعالى:
بيت: عمدة النقل ـ الشيخ محمود.
بيت: آحمدْ بن الميمون.
بيت: عمران بن محمد أولمين.
بيت: محمد البكاي.
فهؤلاء هم الحسينيون.