316. مَدَ أحمد بن مِدَوْ الإدريسي الجلالي السوقي :
هو الشيخ مد أحمد بن محمد المعروف بمدوْ بن حمّ بن أحمد بن الشيخ بن أحماد الكبير بن محمد المعروف باسم أنْك ينتهي نسبه إلى إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
وصفه معاصره الشيخ محمد بن دانيال الحسني في بعض رسائله بـ( السوقي اللوذعي الألمعي )(2). ووصفه أيضا بـ( العالم العلامة الثقة الفهامة المشارك في الفنون )(3).
قال الشيخ العتيق : هو آخر من ينسب إلى أحمد بن الشيخ من جهة الصلب وأمه من ذرية أكَّايَّ تلتقي مع أبيه في علي بن يحي ، وهو إمام حيه بعد الشيخ مهدي وكان من أكبر الأخذين عنه ثم صار قرنه يرسل إليه بعض التلاميذ ثم صار إليه الأمر بعده من جهة التعليم والإفتاء ومن جهة القيام بمؤن الحي وكان مع علمه وعمله شهما شجاعا عاذا نفس أبية ألقي من المحبة والمهابة في قلوب سائر الخلق ما يتعجب منه السامع وكان مشاركا في الفنون ، حدثني بعض أشياخي عن شيخهم محمد الصالح بن ميدِ وكان من أقرانه ومن تلاميذته أنه قال : له ليس في مختصر خليل مسألة أصعب على شيخنا مدَ أحمد من الأخرى من شدة ضبطه لمسائله وكان من أكثر أهل بلده كتبا في سائر الفنون إرثا من أبائه وورّث هو من الكتب وقر عدد من المراكب وكان يحققها فكان لا يرضى لنفسه مرتبة التقليد ولكن لا يجادل من ينكر عليه من موجيبي التلقيد ولا يفتي إلا بمشهور مذهب مالك ، وربما أحال الخصوم على غيره من إخوانه وأغلب من يحيل عليه الخصوم فيما بلغني ابن عمته عَمْنَا بن أحمد شيخ أهل تِكِرَتِنْ ، وكان الشيخ عَمْنَا فقيها أصوليا ماهرا في صناعة القضاء سلم له معاصروه السبق في شئون الإفتاء والقضاء ، وكان من معاصري مَدَ أحمد في حي إكَدَشْ الشيخ الإمام الكامل العالم العامل محمد بن دانيال فقد ذكره في بعض تآليفه ووصفه بأوصاف الكمال وشهد له بأنه التقي النقي الورع العدل وذكر أن حكمه لا يجوز أن يتعقب . وأما شيوخه فلم أعرف منهم على التعين إلا مهدي بن الصالح لكن أتحقق أنه لم يرحل في طلب العلم إلى أي بلد بل تعلم في حيه فجميع من سبقه من علماء حيه يمكن أن يأخذ عنه كما هو الشأن في طلب العلم عندنا ، وأما الآخذون عنه فمنهم جماعة أخذوا عنه التفسير منهم جدي عُمَار بن محمد الأمين ، وأهل طبقته من حيه وغيرهم ، ومنهم شيخ الشيوخ محمد الصالح بن مَحمد بن ميد وهو الذي أخذ عنه الفقه ، وأما تصنيفه فلم أر منه إلا رسالة مختصرة في حل ما يستشكله أهل وقته من عبارة السعد التفتازاني في حد الملكة وقد تلقاها الناس بالقبول وانتفعوا بها ، ويحكى من كراماته أنه في بعض المرات زار حيا من إخواننا وأصدقائنا إكِلاَّدْ وكانت أرضهم مجدبة منذ سنين فشكوا إليه حالهم وما قاسوه من الشدائد وقالوا له نريد أن تفسر لنا كتاب الله فعسى أن ننال ببركة ذلك غيثا فأجابهم لما طلبوا فأخذ يفسر لهم القرآن بلغتهم حتى ختمه فلما فرغ من ذلك قال اللهم إن كنت تعلم أن ما حدثت به هؤلاء هو معنى كتابك فأغثهم غيثا نافعا ينجبر به ما انصدع في السنين الخوالي من أمورهم فأنزل الله عليهم غيثا مغيثا أنبت كل معتاد وأنبت من النبات الغير المعتادات في بلدهم كثيرا حتى صار الناس يكتسبون أنواع الطيب واالحلي وحتى الإبر التي يخاط بها صارت تكسب من البلد ودامت بركة ذلك الغيث في بلادهم سنين هكذا حدثني الشيخ الخضر بن الشيخ حماد عن أسلافه . وأما ولادته ووفاته فلم أطلع على تاريخها بل وقفت على بعض خطوطه مؤرخا هكذا ( 1240 ) وقد عاش بعد ذلك التاريخ إلى النصف الأخير من القرن الثالث عشر الهجري وقبره في إظَكْوَنْ حيث كان قبر جده وقبر شيخه مهدي وقبر الصالح والد مهدي رحم الله الجميع (2).