وفاة الشيخ المبارك احمد بن محمد السكني السوقي

إنا لله وإنا إليه راجعون
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره... انتقل شيخنا وعمنا المبارك محمد الى رحمة ربه صباح اليوم السبت في نيامي ...
ونسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته
وبهذه المناسبة أعزي نفسي، وأهلي البيض والسود والأقارب.... والسوقيين، وإموشاغ، وكل تماشق وهل ازواد . وسائر محبيه بعد ذلك، وطلبة العلم.
أعظم الله أجرنا وأجركم.

كان الفقيد شعلة بيضاء في ظلمات الدنيا !
ترقَّى الان قَبَسٌ كان يتلألأ حتى في أرواحنا قنديلا ً نستضيء به بين غياهب هذا الوجود القاتم .... ترقى إلى حيث أرواح المؤمنين تتعانق على أغصان المودة، وتعاقر كئوس الوجْد .... وتستمر في الإشراق!
لقد ملَّ عمنا العارف من أدغال هذه الحياة، وتناقضاتها الصارخة ... فآثر الرحيل تاركا خلْفَه مناقب يغني بها القاصي والداني .... !
ولا أقول: الحبيب والمعادي.... لأن الفقيد لا عدو له ... فمن ذا الذي يعادي ضوءا يوزع مجانا، أو غيثاً مترعا، أو نهرا من المعرفة، أو محيطا من كريم الأخلاق الخالصة ؟!
لكن أيها الموت هل تعرف أي شيخ اختطفتَ؟
وهل تعلم كم شخص يتّمتَ !
قبل اليوم أتخيل للموت طعماً آخر، أعي مقدار أوجاعه، لكن لحظة نعي الشيخ العم غيرت مفهوم الموت عندي، وتأكدت يقينا أن الشاعر الأول لم يصدق حين يقول:
تعددت الأسباب والموت واحد !
إن الموت ليس واحدا أيها الشاعر !!! الموت ذو ألوان، وأشكال، وأذواق، وفنون ...
أنت يا قائل هذا البيت لم تفجع بانطفاء مصباحك الوحيد بليلة ظلماءَ، في غابةٍ صمَّاء!
ولم تتابع معنى روحك يخمد رويدا رويدا حتى تلمس جفافه بشفتيك الذابلتين !
ولم تصافحك يدٌ ملؤها المجد، والشهامة... وهي تودعك إلى الغياب الأبدي دون عودة !
نعم، إن الموت فنون ...
وأقصى الدلالات وأقساها على الفؤاد هو ما تجرعناه اليوم بفقد عمنا العالم العلامة، الشيخ المربي، والسيد الشهم/ المبارك محمد زعيم قبيلة كل اسكن، وحفيد علامة الصحراء البحر الخضم الشيخ العارف الخضر بن شيخ الشيوخ حمادو رضي الله عنها وعنهم جميعا.
ارقد بسلام وهدوء يا والدنا العظيم.
اخترت الكلامَ نثرا اليوم لأن ضميري كان نثراً، ولعل شعوري يمتلك حدا من التماسك لاحقا لأتكلم شعرا.
د. محمد اغ محمد

دمعة في رثاء شيخنا المبارك رحمه الله اهديها للإخوان والقرابات والمحبين.. دمعة صادقة أما الرثاء فاعظم من هذا
الشعرُ في هذا العزاء قليل
فالأمر إمرٌ، والمصابُ جليل
فالدمع بعض الماء هين بذله
في مثلها، مثل السيول يَسيل
والكبد حرآ، والحشآ متلهب
والروح تاهت، والفؤاد عليل
والكونُ أظلم بي،كأني من أسى
أعمى، فأين عصايَ أين دليل؟
بصر المرزّأ في الحبيب اسم بلا
معنى، حسير حائر وكليل
أم المصائب أن يفارق بغتةً
فيغيبُ عن وجه الخليل خليل
خبرٌ عظيم، هالنا، وأغمنا
وعلى مسامع قطرنا لثقيل
يوم حزين، عابس متجهم
ليل على مر الزمان طويل
فلقد فقدنا الحِب أحمدَ شيخنا
وهو المبارك، عالم وجليل
إن المبارك فقده يُبكي التقى
ولكل مكرمة عليه عويل
تبكيه أسحار الليالي قائما
والليلُ من فرط النعاس يميل
فكأنه بسجوده في جوفه
قمر ينير ظلامه، ويزيل
حل وترحال تلاوته، وكم
في الذكر يرهق وقته ويطيل
بدر العلوم وشمسها، وإذا انتمى
للفقه فهو المالكي خليل
أما اللغى وعلومها، فاللغو لو
قلنا قديما نالها ويُنيل
من قبلنا زكاه أقوام رضى
شيخ جليل، سيد، ونبيل
والسعي في الإصلاح من عاداته
والفكر كالرأي المصيب أصيل
إحسانه للناس صيت ذائع
خلق جليل عاطر وجميل
ولقد وجدت مكان قولي واسعا
يا ليتني - لولا المصيبة - أطيلُ
لكن فكري في التخبط من أسى
مذ حم -ما اقسى الحياة- رحيلُ
سفر إلى رب كريم محسن
وعطاؤه للمحسنين جزيل
الله يرحمه ينور قبره
والله حسبي حسبه ووكيل
يارب أسكنه الفرادس، قصره
كالدر، أكل دائم وظليل
واخلفه في أحبابه خيرا وفي
أبنائه وبني الجدود بديلُ
فتقبلوا مني عزاء صادقا
والشعر في هذا المصاب قليل
احمد محمد الحاج الحسني السوقي