192. محمد أوْلاَغْ ابن أحمد الإدريسي الجلالي السوقي

192. محمد أوْلاَغْ ابن أحمد الإدريسي الجلالي السوقي :
هو الشيخ محمد المعروف بأولاغ ابن أحمد بن هَمَّهَمَّ بن أحمادُ الصغير بن أحماد ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
قال فيه الشيخ العتيق : هو العالم العلامة والفاضل الفهامة نادرة زمانه وقطب أوانه ، إمام عصره في العلوم النقلية والعقلية ، حدثني شيخي عن شيخه عن تلميذ للشيخ المترجم أنه لا تأتي عليه ليلة من الليالي صحيحا إلا قرأ فيها حزبا من القرآن بالقرآت السبع ثم قرأ ألفية ابن مالك في النحو وألفية العراقي في مصطلح الحديث وعلومه ، ثم ينام قليلا وينتبه في وقت السحر ويشتغل بالعبادة إلى أن تطلع الشمس ثم يشتغل بالتدريس وحل الإشكالات ثم بمؤن عليه وضيوفه وجماعنه هكذا حاله دائما لم يجعل لنفسه حظا من الراحة بل لا يزال يجهدها في خدمة العلم والعبادة ومصالح الناس . أخذ العلم عن أهل بيته ولم تكن له رحلة بل صار يرحل إليه من الأفاق للأخذ عنه وأجل شيوخه الصالح بن أحمد وهو الذي أخذ عنه رواية التفسير والحديث وكتب له الإجازة ، وكان من أكبر تلامذته وهو الذي انتصب لخلافته في الأمور الدينة والدنيويو وشهد له أهل الحل والعقد باستحقاقه لمنصب وراثته ، وكان من تلامذته الذين حملوا لواء العلوم الشيخ مهدي بن الصالح الذي تقدمت ترجمته ، وأبو البركات النجم الساطع ، والكنز الجامع ، معدن الفضل والكرامات ، جد أهل الفضل والمقامات ، من يغني اسمه عن وصفه ذاك مَحمد ـ بفتح الميم ـ ابن سيدي بو بكر من أهل تَبُورَقْ فقد رأيت إجازته له بخط المجيز نفسه ولفظها بعد البسملة والصلاة : ( الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئي مزيده والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله وصحبه وبعد : فيقول كاتب الحروف محمد ألاغْ بن أحمد بن همّهمّ قد أخبرت أخي مَحَمد بن سيدي بن القاري إجازة بجميع صحيح البخاري قائلا كما أخبرني به شيخي محمد الصالح قائلا كما أخبرني به شيخي مَحمد بن همّهمّ قائلا كما أخبره به الشيخ حمّ قائلا كما أخبره به الشيخ أحمد بن الشيخ ...إلخ ) ومن أهل تِكِرَتِنْ الشيخ الإمام العامل الفاضل النجم الثاقب صاحب الكرامات والناقب عَمْنَا واسمه محمد أحمد بن أحمد ولو لم يكن لهذا الشيخ من الفضائل إلا أخذ هؤلاء الثلاثة عنه لكفاه ذلك شرفا وفضلا ، فإن كلا من الثلاثة ممن تضرب به الأمثال ، وتشد للأخذ عنه الرحال ، وكان كل منهم قدوة في العلم والعمل ، وكم من بلغه الله بواسطة كل منهم الأمل ، وله منظومات في الفنون على نمط منظومات أبيه حتى التبست نسبة كثير منها على الناس فمنهم من ينتسب إليه نظما ينسبه غيره إلى أبيه ومنهم من يعكس فمما نظمه في حد خطاب الوضع وتحقيق أمثلته قوله :
وكون شيء سببا مُبينا
أو شرط ، أو مانعا ، أو يكونا

ذا صحة ، أو فاسدا بالشرعذ
هو المسمى بخطاب الوضع

أي ليضاف الحكم للمذكور قد
وضعه في شرعه ، رب أحد

..د رأبه ما لا يكون معلنا
لنا من الأحكام . تيسيرا لنا

وغير ذا من الخطاب لطلب
أداء ما قر بشرط أو سبب

أو ما نع وما ذكرت فرقا
بين الخطابين ، به من حققا

فالسبب الذي وجوده لزم
منه الوجود ، وكذلك العدم

يلزم من عدمه لذاته
مثل بما الفتى على قامته

لواجبية صلاة العصر
وكالزوال الوجوب الظهر

وبلذاته التي في الحد ، عم
ما كان منه الانتفاء الشرط ، ضم

كما إذا كان طلوع الفجر
ذي الصدق مقرونا بفقد الحجر

ومما وجود ما نع معه استقر
كالحيض في وقت لما يأبى ظهر

وعدم اللزوم في ذا واقع
بفقد شرط ووجود مانع

وضم أيضا ما من الأسباب مع
ما يقتضي وجود غيره اجتمع

كالبول يصحب افتقاد الغير
مما يرى مستوجبا للطهر

فالشرط ما عدمه منوط
دأبا ، به أن يعدم المشروط

مع كون إيجاب وضده وجود
أو عدما لذاته عنه بعيد

كمثل حول الوجوب تزكية
نصاب عين ونصاب الماشية

وقولنا لذاته به ، دخل
شرط يرى ا لسبب معه قد حصل

كان يكون مع تمام العام
ملك نصاب هو ذو تمام

أو معه مانع كحول عين
حال عليها مع وجود الدين

فتوجب الزكاة في الأول من
ذين ، وفي الثاني سقوطها زكن

لكن وجوبها وما ذا باينا
لسبب ومانع تبينا

فالمانع الذي وجوده يرى
مستلزم العدم حيثما جرى

وليس فقده بإيجاب العدم
وضده لذاته ، مما اتسم

كالدين والكفور للزكاة
للعين والصحة للصلاة

وقولنا لذاته مِن جرّا
أن سوى المانع مما مرّا

يجري مع انتفائه فالواقع
إذا لذاك لا لفقد المانع

كعدم الدين إذا معه انجلى
حول ، وملك لنصاب كملا

ذو صحبة هو الذي يوافق
مما له الوجها ، شرع الخالق

بالاتفاق في المعاملات
كذا على المشهور في الطعات

وقيل طاعة صحيحة هيه
ما وقعت عن القضاء مغنيه

وصاحب الوجهين أن يعاند
شرع الإله الحق فهو فاسد

في غير طاعة بلا نكير
وهكذا فيها على المشهور

وقيل ما لم يغن عن ضد الأدا
من العبادة ، فساده بدا


ومن المنظومات التي يقال هي له ويقال هي لأبيه : أبيات يذكر فيها منازل الشمس في الشهور الشمسية إبتداء من ينار إلى جنبر ففي أربعة أيام من يناير تطلع الشمس مع بلع ، وفي السابع عشر منه تطلع مع سعد السعود وفي الثلاثة منه تطلع مع سعد الأخيية ، ويكون ما بين المنزلتين ثلاثة عشر يوما فأول الحرف كل كلمة رمز لاسم الشهر وآخر الكلمة رمز لاسم المنزلة وما بين الأول والآخر رمز لعدد أيام الشهر ولفظ الأبيات هو :
يَدَبْ ويَيْزَسْ ويلخ فَيْبَمْ كذا
فَكْهَرْ مَيَبْ مَكَجَنْ أهَبْ أيَحَثْ خذا

مأْدٌ ، مَيَدْهٌ مَكْزَه يَطَذُ ثم
يَكْبَنْ يهط ييْحَجْ أأخْ أيْدَصُ أم

أكْزَعْ شَطَسْ شَكْبَغْ أهَزْ أيْحَلُ مع
أأْلَقَ نَيْجَشٌ ونَكْوَنٌ جمع

دَطَبْ ودَ كْبَذْ ، هذا الرموز
منازل الشمس بها تـميز


فأول الحروف للشهور ، والمنزل المختص بالأخير . اهـ أبيات الرمز ثم أتبعها ببيانها وبيان أول منزلية كل ليلة ولم أحفظ تلك الأبيات لكن يغني عنها أن تعلم أن كل منزلة تطلع مع الشمس إذا عددت منها إلى أربع عشرة فالخامسة عشرة هي أول منازل الليل فإذا بدأت منها إلى الثانية عشرة صادف ذلك طلوع الفجر وبين طلوع الفجر وطلوع الشمس منزلتان وحل أبيات الرمز أن " يَدَبْ " معناها أن يناير يومها الرابع المرموز له بالدال تكون فيه االشمس مع بُلع المرموز له بالياء وتطلع في اليوم السابع عشر منه المرموز له بييزس " مع سعد السعود وذلك هو معنى " يَيَزسْ " وتطلع في اليوم الثلاثين منه المرموز له باللام مع سعد لأخييه وهو المرموز له بالخاء من " يَلَخْ " ومعنى " فَيْبَمْ " أن اليوم الثاني عشر من فبراير المرموز له " بيب " تطلع الشمس فيه مع الفرغ المقدم المرموز له بالميم وتطلع في الخامس والعشرين منه المرموز له بالكاف والهاء مع الفرغ المؤخر المرموز له بالراء في كلمة " فَكْهَرْ " ومعنى " مَيَبْ " أن اليوم العاشر من مارس المرموز له بالياء تطلع الشمس فيه مع بطن الحوت ، ومعنى " مَكْجَنْ " أن اليوم الثالث والعشرين منه المرموز له بالكاف الجيم تطلع مع النطْح المرموز له بالنون ، ومعنى " أهَبْ " أن اليوم الخامس من إبريل المرموز له بالهاء تطلع فيه مع البطين المرموز له بالباء ، ومعنى " أيْحَثْ " أن اليوم الثامن عشر منه المرموز له بالياء والحاء تطلع مع الثريا المرموز له بالثاء ، ومعنى " مَأْدٌ " أن اليوم الأول من مايه وهو المرموز له بالهمزة تطلع فيه مع الدبران ، ومعنى " مَيَدْهٌ " أن الرابع عشر منه المرموز له بالياء والدال تطلع فيه مع الهقعة ، ومعنى " مَكْزَه " أن اليو السابع والعشرين منه المرموز له بالزاي والكاف تطلع فيه مع الهنعة ، ومعنى " يَطَذْ " أن اليوم التاسع من يوليه المرموز له بالطاء تطلع فيه مع الذراعين ، ومعنى " يَكَبَنْ " أن اليوم الثاني والعشرين منه المرموز له بالكاف والباء تطلع من النثرة ، ومعنى " يَهَطْ " أن اليوم الخامس من يوليو طلع فيه مع الطرف ، ومعنى يَيْحَجْ " أن اليوم الثامن عشر منه المرموز له بالياء والحاء تطلع فيه مع الجبهة ، ومعنى " أَأخْ " أن اليوم الأول من أغُشتْ تطلع فيه مع الخرتان ، ومعنى " أيَدَصْ " أن اليوم الرابع عشر من أغشت تطلع فيه مع الصوفة ، ومعنى " أكْزَعْ " أن اليوم السابع والعشرين منه تطلع الشمس فيه مع العواء ، ومعنى " شَطَسْ " أن اليوم التاسع من شتنبر تطلع فيه مع السماك ، ومعنى " شَكْبَغْ " أن اليوم الثاني والعشرين منه تطلع فيه مع الغفر ، ومعنى " أهَزْ " أن اليوم الخامس من أكتوبر تطلع فيه مع الزباني ، ومعنى " أيْجَل " أن اليوم الثامن عشر تطلع فيه مع الأكليل ، ومعنى " أأْلو " أن اليوم الحادي والثلاثين منه تطلع فيه مع القلب ، ومعنى " نيَجَش " أن اليوم الثالث عشر من نوفمبر تطلع فيه مع الشولة ، ومعنى " نَكْوَن " أن اليوم السادس والعشرين منه تطلع فيه مع النعائم ، ومعنى " ذطَبْ " أن اليوم التاسع من دجنبر تطلع فيه مع البلدة ، ومعنى " دَكْبَذْ " أن اليوم الثاني والعشرين منه تطلع فيه مع الذابح .
وله منظومات غير هذه ، ومات في أول القرن الثالث عشر الهجري ، ولم يخلف ولدا ذكرا بل كان له ثلاث بنات اثنتان منهما جاءت كل منهما بعالم جليل وهما أم محمد بن حدي ، أم أبناء البصيري بن أحمد ، والثالثة أتت ببنت هي أم الشيخ مفلح ، وقد قيل :
نِعم الإله على العباد كثيرة
وأجلهن نجابة الأبناء(2)