العودة   منتديات مدينة السوق > قسم الأعلام و التراجم > منتدى الأعلام و التراجم

منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين

Untitled Document
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-18-2014, 02:39 PM
الدغوغي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5414 يوم
 أخر زيارة : 02-17-2024 (10:02 AM)
 العمر : 14
 المشاركات : 549 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : الدغوغي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي 102. ذو الكفل بن مفلح الإدريسي التبورقي السوقي



102. ذو الكفل بن مفلح الإدريسي التبورقي السوقي :
هو الشيخ ذو الكفل بن مفلح بن محمد المعروف بآلاد بن أهمّن بن محمد المعروف بحكّن بن محمد إكنن بن القارئ ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
ترجم له الشيخ العتيق فقال فيه : وهو غروة أهل بيته وواسطة عقدهم ولد عام اثنين وعشرين وثلاث مائة وألف 1322هـ في أوطان أسلافه من الصحراء في أعمال قَاوَ ولم يزل في ذلك الوطن إلى أن انتقل إلى النيجر عام ألف وثلاث مائة وسبعة وستين 1367هـ فبقي في أرض آير حتى توفي فيها عام ألف وثلاث مائة وإحد وثمانين 1381هـ .
وأما شيوخه : فإنه تربى في حجر والديه وأخذ النحو اللغة والبيان والفقه عن والده وعن إخوانه من شيوخ أهل تَكَلَلْتْ الذين نشأ من بينهم وفي جوارهم ، والتفسير عن ابن عم أبيه محمد بن محمد محمود ، تلقف جميع تلك الفنون فيما بين طفولته وأوئل شبابه وبرع في نظم الشعر في تلك المدة ، وكان ممن يقربهم الشيخ حماد ويفيض عليه من الأسرار فنال من بركته ما لا تسعه العبارة ولا اليراعة ، ثم حبب إليه السياحة والجولان والعذلة فخرج من الحي أولا برسم التجارة فأطال الغيبة نحو سنة فلما رجع عتب عليه والده وأعيان حيه ولاموه على تلك الغيبة فألان لهم جانبه حتى ظنوا أن لن يعود ثم غاب غيبة أخرى بعيدة ولم يظهر للناس شيئا من حقيقة أمره وفي رمضان من عام ألف وثلاث مائة وستة وخمسين 1356هـ فأجأه من العلوم الإلهامية والأنوار ما غلبه على عقله ففزع الناس من ذلك وامتلأت البيوت بكاءا وحزنا لظنهم أنه مجنون أو مسحور فبلغ الخبر إلى الشيخ محمود بن محمد الصالح وكان من المولعين بحبه ومن ذوي قرابته الأقربين فقصده فلما جاءه وجد أهل الحي محدقين به بين متحير لا يقدر على الكلام من شدة ما يجد ، وبين من يقول مسحور ، ومن يقول مصاب بالعين ويستعظم الجميع أن يصفه بالجنون فلما نظر إليه الشيخ محمود قال : للناس ما به شيء مما تخشون ولكن نابه الذي نابني قبل ، وكنت في ذلك المجلس وأنا ابن اثني عشرة سنة وما سمعت قط بأن الشيخ محمودا كان قد أصيب بمثل ذلك وكنت مع صغري ممن قاسى الألم إشفاقا على ذي الكفل حبي له وحبه إياي منذ رأيته وكان بيته حيال بيتنا وكان لي كالأخ الشقيق أو فوق ، فلما سمعت من الشيخ محمود تلك الكلمة بآدرت إلى بعض من سبقني فسألته عما قال الشيخ فقال لي كان في ابتداء سلوكه لطريق الصوفية مغلوبا على عقله لا يكلم الناس ولا يدخل في أمورهم وربما فاتته الصلاة فحكم الناس له بالجنون ، وبعد مدة تزيد على عام رجع إليه عقله وصار كما ترى ، فلما سمعت ذلك ذهب عني الورع ورجعت إليه ، والشيخ محمود يخاطبه بأقوال لا أفهمها ويحييه بأشد منها انغلاقا عليّ ، فمما قاله الشيخ محمود بعد مجاوبة طويلة أتذكر"يوم ألست بربكم " فأجابه بأن قال له " إذا استولى الروح على الجسد ظهر له المبدأ والمعاد " ومن ذلك أن كان الشيخ محمود ولد ابن عشرة أعوام ، وكان ذو الكفل يتأمل أكف الناس كأنه يقرأ عليها مكتوبا فنظر إلى ابن محمود كما ينظر إلى الناس فأخذ الشيخ محمود كف ابنه ونصبه بين عيني ذي الكفل فلما نظر إليه لم يزد على أن قال في كفالة إبراهيم فلم يفهم الحاضرون لكن الشيخ محمودا فهم أن ذلك نعي ابنه فاسترجع ولم يبين للناس حتى مات لابن بعد أربعة أعوام ، فحينئذ أخبر الناس أن استرجاعه حين قال ذو الكفل ما قال ، إنما كان لأنه فهم من كلامه أن الابن يموت صغيرا ويكفله إبراهيم عليه السلام كما يكفل من مات من أولاد المسلمين . ومن كلامه في تلك الأيام أبيات كثيرة لا يعرف الناس معناها ، منها أبيات يرددها وهو في القيود ويقصد بيت الشيخ محمود وهو يرددها فلا يزيد الشيخ في جوابه على أن يقول كذب اللعين ، ومنها قوله :
نداء الله في أذني فلما
أجاب القلب صح لي الهيام


ومنها :
تعاميت حقبة وما بي عمى القلب
وقد يكتسني لباس بعد ذوو القرب

فإما نطقت بالذي ضم صدرنا
فلا بدع ، فالإستار تهتك بالحب

فإن أك منكم فكلى غائب
لديه إذا يدعووا سعى إذا لبي


وإذا بلغ إلى قوله وأسعى إذا لبي كاد أن يطير في الجو واضطرب وتحرك بحركات قوية لا يستطيع أحد مقاومتها . ومنها :
وما بي من مس ولكن تهزني
مخافة مالكك فيحتطف العقل


وكثيرا ما يردد في تلك المدة قوله : زعموا أني أسيح لطلب الدنيا وما ذاك بذلك ولو طلبتها لأتتني طوعا أو كرها .
وهو مع هذه الإنشادات مقيد لئلا يهلك نفسه إذ لا شيء من العقل معه لكنه أعجز من يطلب كفه عما يريد من الحركات ، وربما أخذ قيود الحديد التي وضعت في رجليه كأنه يستهزء بمن وضعها في رجليه فينظر إليه الناس غير مقيد فهاب الناس من تقييده وتركوه ، ثم أفاق من تلك الغشية وراجعه حسه فأفاض علوما من معاني الآيات والأحاديث يتعجب منها السامعون ، وأنشد أشعارا على منوال الكلام القوم الذي لا يدرك بمطالعة الكتب ، وأيس أقرانه من إدراك شأوه وأولغ الكبار من أشياخه بسؤاله عن غوامض العلوم ورفع إشكالاتهم إليه ليحلها ، ومن أولئك الأشياخ شيخي والدي سعد الدين بن عُمار وأخوه أحمد المعروف بالكرماني كانا ممن يسأله عن غوامض العلوم وكان قبل تليذا لهما وابنا لهما لأنهما أبنا عمة والده ، وكان يعظمهما غاية التعظيم ويقر لهما بالفضل وينزلهما بمنزلة والده في البر والتعظيم ولما أخذ في الكلام على معاني العلوم التي لا تسطر عز من يذاكره فيها وإذا ظفر به كان أحب الناس إليه ، وأنشد أشعارا كثيرة في ذلك المجال تبلغ الديوان ، منها مينبئي عما ناله من العلوم والأسرار ، ومنها ما يبين به مقام الشيخ المحمود بن الشيخ حماد تارة يخاطبه وتارة يشير إلى تلك المعاني من غير خطابه ، فمن التي خاطبه بها قصيدته الحائية التي أولها :
بشراك بشراك باب الله مفتوح
فادخل فإنك محفوق وممنوح


واللامية التي أولها :
خصتك ذات الدلال
وههنأت من توالي


والتي أولها :
أمانا ، إنا بالخوف يقبضني له
ويبسط لي فيه الرجا لينيله

فلا وارد من بسطه متتابع
ولا صادر قبضي فيشفي غليله


ومن التي أشار فيها لمقامه من غير خطابه التائية التي أولها :
مه لا تمار فهذه أمارات ...
.............................


ومن العجب أن كثيرا من الأشعارالتي أنشدها في شبابه لم يظهر للناس أنها تتحمل شيئا من دقيق المعاني لكونه له حين أنشدها مستترا لا يريد الظهور كما قال في بعض قصائده :
ومن خلع الخفاء أخلع علينا
فكم بظهورهم القوا بجب


فلما غلبه ما يجد وظهر عليه شيء من تلك الأسرار التي كان يكتمها تبين للناس من تلك الأشعار الأولى معنان كانت تخفى عليهم قبل ، وعلموا أنها كالتي أنشدها بعد ظهور أمره ، وله قصائد في المديح النبوي على هذا المنحنى من الاستغراق في عبارات القوم التي لا يفهمها إلا من آمن بها وذاق منها ، وقصائد بمناسة حجاته ولكن يفيض بها بعض الأسرار .
والحاصل : أنه سكران يصحو في بعض الأحيان فإذا سكر أزاغ بعض الأسرار التي لا تنشر وذكر شيئا من فضائله وإذا صحا تواضع وتصاغر وتجاهل ، ويتفاوت حاله في السكر فتارة يغيب عن عقله فيريد أن يهيم على وجهه وتارة يمرض صورة حتى يفوه ببعض ما في صدره فييري ، وتارة يصحو في ظاهر الأمر ولكن يتكلم بأشياء يعرف من يخالطه أنه لا ينطق بها صاحيا ، ومن كلامه الذي شافهني به إذا رأيت من يطلب مناظرتي في العلم أو مصارعتي فاعلم أنه مغلوب لأن المناظر يأخذ العلم عن الرجال وفي الكتب وأنا آخذه عن قلبي كلما نظرت في شيء بقلبي عرفت حقيقته وكذلك المصارعة يعتمد على قوة ساعديه وأنا على قوة ربي وشتان ما بين القوتين . ومن كلامه الذي يردده كثيرا ادّعِ فإنك ادعيت حرصة وإن حرصت طلبت وإن طلبت وجدت . وبعبارة أخرى إني مدع لقوله تعالى { ولهم ما يدعون } . وكنت معه يوما لقرء شيئا من قصائد الشيخ حماد التي أعجزت الفحول من البلغاء ، وكلت عن شأوها بحور العلماء ، فسألته عن معنى بعض عباراتها فسكت ، ثم عاودته بالسؤال فتصامم فألححت عليه لأنه كشف قناع الهيبة بيني وبينه وكأنه يدللني كما يدلل الصبي الصغير فلما علم أني لا أتركه قال لي هذه العبارات لا تدرك بالتعليم ، بل بالذوق وبعد التسليم ، ولو تتبعت ما خاطبني به على هذا المنحى لضاق به الدفتر . وأما غزارة علومه فمما لا يختلف فيه اثنان ممن يعرفه ، لقيته مرة قادما من بعض سياحاته فتفاوضنا في الكلام حتى سألني عن الشيخ محمود بن محمد الصالح فأخبرته بسلامته وكانت تلك الليلة من ليالي سكره فقال لي إذا لقيته فقل له أدخر لك وأدخر لك وجعل يكرر تلك الكلمة فقلت له ماذا تدخر له ، فقال أتكلم معه في أربعين علما فقلت له أمن تلك العلوم النحو والبيان والفقه فقال لي كلا ، النحو صار من المبتذلات فقلت : له أريد أن تخبرني ببعض تلك العلوم ، فقال لي أتعرف شيئا من علم الألوان فقلت لا ، فقال : أتعرف شيئا من علم الأصوات فقلت أو أن للأصوات علما ، فتغير وجهه كالمغضب واستعظم تلك الكلمة حتى كاد أن يقع بي لولا ما طبع عليه من محبتي ، ثم قال لي بماذا يتفاهم الملائكة قبل أن يخلق آدم الذي أنباهم الأسماء فعلمت أنه ليس بصدد أن يخاطب ويجيب ثم غاب عن حسه وأخذا في أحوال تضيق العبارة عنها .
وأما العلوم الشرعية والعربية التي تقرأ في بلادنا فاشتغل عنها من حين فأجاءه ما فاجأه من الأنوار . فقال لي : مرة تركت لكم حظي من كتبكم وحسبي مصحفي ، وفتح عليه من أسرار معاني القرآن حتى كأن كما روي عن ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ أنه قال لو ضل عقال أو عنان وجدته من كتاب الله تعالى " . ربما قال : لبعض أصحابه سلوني عما شئتم أجبكم من كتاب الله . وربما قال : متى قرأتم لي حديثا بنويا قرأت لكم من كتاب الله ما يبينه ذلك الحديث ، ولبث سنين لا نظر في الكتب اكتفاءا بما يفهمه من القرآن ، وكان والده في قيد الحياة ، وكان حاله على العكس من حاله هو لأن والده ما زال مكبا على الكتب بالإقراء والمطالعة والتصنيف ، فلما توفي والده عام تسع وستين وثلاث مائة وألف 1369هـ قام مقامه في تلاميذه وأهل بيته وتنازل وتدلى ورجع إلى مطالعة الكتب والإفتاء فيها وإقرائها ولم يزل كذلك حتى توفي .
وله من الرسائل العلمية " رسلة في وجوب الهجرة من البلاد التي يحكم عليه الكفار وإن كان أهلها مسلمين " ورسالة في " السلام " ورسالة " عبر بها رأيا لبعض الصالحين " من قومه . ورسالة " أجاب بها بعض علماء قومه " وكان نهاه عن حجته الثانية لعذر قام به يخشى عليه من السفر لأجله فلم يصادق منه القبول ..... الشعر فتقدم أن قصائده لا تقصر عن ديوان مستقل . ولم يرحل قط في طلب العلم بل تربى في حجر والده وتعلم منه ومن أشياخ أهل تَكَلَلْتْ الذين يجاروهم ويذاكر أقرانه من الصغار ، وكثيرا ما يجتمع ببعض العلماء في سياحاته التي دامت نحو عشرين سنة فيفيدهم ولم أسمع أنه استفاد منهم بل هو في تلك المدة كما تقدم يستغني بما يلهم من معاني الآيات ، وما يفيض على قلبه من أنوار أسرارها . وأما الشجاعة : فسلم له أهل النجدة ببلاده أنه لا يدانيه فيها أحد لأن المخلوقات في نظره في حد سواء ، لا يخاف إلا الله ولا يرجو إلا هو فلا يلتفت إلى أحد برسم رغبة ولا رهبة ، وجرت له في ذلك أمور خارقة متكررة مع الجبابرة من المسلمين ومن الكفار ، يأتي إلى بعض أهل السلطنة منهم فيطلب منه مالا يطلب مثله من مثله فيسخر له ويسعفه بمراده ، وربما نهى بعض حكامهم عن شيء فيقتحمه جهارا ولا يعاقبه الناهي ، وربما هم بعض المتمردين بنكايته فينقلب عليه الأمر فيذله الله ويعز وليه وتكرر ذلك منه حتى اشتهر بين الخاص والعام أنه لا يصرفه عن مرامه أحد وخاف منه الحكام وخضوا لسطوته كما يخضع لهم غيره وألقيت عليه المهابة فكان يخاطب بعض أهل السلطنة كما يخاطب الغلام أو كما يخاطب الكلب إذا تظاهر بالمعاصي بين يديه وكان فيه حدة إذا غضب لم يقم لغضبه أحد ليينه أشد من حدته إذا غضب وشفع إليه بعض المسلمين سكن غضبه ، وكان سريع الغضب سريع الفيئة إذا إفاء بعد غضبه استرضى من غضب عليه وتملق له حتى يرضى ، وربما أعطاه شيئا من المال جبرا لخاطره . وأما كراماته : الخارقة فلا تحصى بل صارت معاملته كلها كالخارق في جميع الأحوال ، ومن أعجب وأغربها أنه مرض في بعض السنين فدقه الطبيب فتبيغ الدم في موضع الدقة وصار ذلك مرضا أغيي الأطباء مدة شهور وقد سعوا له بكل حيلة ولا يزال المرض يتفاقم والجسم ينحل حتى لزم الفراش وبقي عظاما بلا لحم فحينئذ أرسل إليه الشيخ الخضر بن الشيخ حماد وهو ابن عم أبيه فقال له إذا استعملت لنفسك ما تعمله للمرضى حتى برئت فلك علي من الأجرة ما يزيد على ما يعطيك من عملت ذلك لأعز أبنائه عليه فلما بلغه الحديث لم يجب بشيء وفي بعض الأيام جاء الطبيب الذي يقوم بأمره ورأى منه ما أفزعه فكتب إلى أميره في تِلاَبِيرِ وهو فرنسي يخبره بأن الشيخ ذا الكفل غلبني ما به فانظر أنت ما ترى ، فركب الفرنسي بفور وصول الخبر إليه فقصد قرية آيَرُ التي فيها الطبيب الذي أرسل إليه وبقربها حي الشيخ فلما أتاه ذهب معه إلى الشيخ فلما وصلا إلى حيه قال الطبيب الصغير وهو من السودان لأميره الفرنسي قف هنا حول الحظيرة التي تخيط ببيوت الشيخ حتى آتيه وأخبره بمجيئك فلما دخل عليه طبيبه الذي يعرفه وأخبره أن الطبيب الأمير حاضر صاح عليه وقال له أي حاجته لي في ذلك الكلب والله لا يدخل عليّ ، ثم أقبل على الرجل الذي أرسله إليه الشيخ الخضر وقال له يا فلان ما الذي قال لك الشيخ فأخبره بما قال له فجلس ووضع يده على موضع الجروح من ظهره إلى ساقه وقال " بسم الله " ثم مسح بكفه على موضع الورم فزال بإذن الله وقام ولبس ثيابه وتلقى الفرنسي الذي حول الحظيرة والطبيب ينظر ويتعجب فلما وقف بين يدي الفرنسي الطبيب الكبير نظر إلى الطبيب الذي أرسل إليه مغضبا وقال له تعبتني بكذبك لم كتبت إلي أن الشيخ أعيى داءه وأفزعتني ، فقال له الشيخ خل سبيله فقد صدقك ولكن شفاني الله الآن ، فتأمله وجسه بيده وطالع أحواله حتى تيقن أن لا بأس به فعجب مع الناس المتعجبين ورُعب من عظم ما رأى وما سمع وكان ذلك عبرة لأولي الأبصار . ومنها ما جرى بينه وبين بعض عظماء فرنسا وحاصل : ما جرى بينهما أن سيارة للشيخ اصطدمت مع شجرة كبيرة في أرض وَغَدَكُو فخسرت وهلك فيها بعض الناس فقام أولياء الهالكين يطلبون غرامة الهالك فوقع خصام شديد في ذلك حتى استدعاه عظيم وَغْدَكُو الفرنسي وأحضر عددا كبيرا من عظماء فرنسا وقضاتهم فمكثوا أياما يطلبون فصل القضية ، وكان ذلك أواخر رمضان وفي بعض الأيام قال لهم الشيخ إني أريد أن أذهب إلى منزلي لأحضر الاحتماع الذي يكون عندنا في ليلة القدر فقال له لا تذهب الآن لأنك في وسط الخصام ، فقال له الشيخ لا بد من ذهابي وإذا ذهبت فلا أرجع إليكم ففزع صاحب له هو الذي يترجم بينه وبين الجماعة وقال له يا شيخي هذا الكلام لا أحب إبلاغه على هؤلاء الجماعة فليس جزاءه عندهم إلا القتل ، فصاح عليه وقال له بالله الذي لا إله إلا هو لأخرجن ثم لأعود فنهض من مجلسهم نهضة مغضب يكاد أن يبطش بهم فنظروا إليه متعجبين وختم الله على أفواههم وغل أيديهم بقدرته ثم سار إلى المطار وصادف طيارة تقصد إلى نيامي فركب فيها ولم يلق أولئك الحكام حتى مات بعد سنين . ومن كراماته الخارقة ما شاهدته حين صحبته في حجته عام تسعة وسبعين ـ 1379هـ ـ وهي حجته الثاثنية في العام الذي قبله ، وكان في غاية المرض قبل أن نشرع في أعمال الحج حتى أيسنا من أن يحج ولكن خرج معنا يوم التروية وهو قريب من حد الاحتضار يعمل ما نعمل من غير شعور ظاهر بل لم يزل مغمى عليه من الشدة فلما خرجنا إلى عرفة خرج معنا على تلك الحالة فلما وصلنا مسجد نمرة وتفرق عنه أصحابنا بقيت معه أراعيه وبقي معنا رجلان من أصحابنا فلما راح الناس إلى الموقف قال لي أحد الرجلين ما ذا ترى في أمر هذا الرجل وما ذا نصنع فقلت له لا أدري فقال لي أما أنا فلا أمكث مع من كان في حجته الثالثة حتى يفوتني الحج فذهب وبقيت معه وبقي معي الرجل الآخر وهو محمد يشكر بن محمد الصالح فلما جاء العصر ولم يتحرك مريضنا بأي حركة دنوت منه فأجلسته وقلت له راح الناس جميعا ولم يبق إلا نحن فقال لي جثني بالماء فجثته به وهو مغشي عليه فأجلسته فشرع في الوضوء ثم أغمي عليه قبل أن يتمه فجلست معه هنية ثم أجلسته وشرع في الوضوء فأغمي عليه ولم يزل حاله كذلك حتى أصفرت الشمس وخفنا من أن يفوتنا الوقوف ، ثم من الله علينا بأن أفاق وتوضأ وصلى الظهرين ثم راح معنا وهو لا يقدر على شيء حتى حال الناس بيننا وبينه فاغتممنا لذلك وحكمنا بأن لن نراه وقصدنا جبل عرفة مع ذلك فلما وصلنا إلى الجبل ولقينا أصحابنا لم ندر ما نقول لهم حياء وحيرة ، ثم التفت فرأيته بجنبي مستقبل القبلة ورافعا يديه يدعو فلم أزل بعد ذلك معه وأتعجب من أدائه المناسك مع الضعف الذي منعه من الكلام ومن الطعام والشراب حتى أتم حجه ، فلما وصلنا إلى جدة بعد الفراغ من الحج وكنا في طيارة دولة مالي وهو في طيارة النيجر وجب أن نفارقه فنزل في منزل أهل النيجر وزرته في منزله وصادفته وقد جاءه بعض أهل الحكومة وقال إن طريق السيارة إلى المدينة مسدود في هذه الأيام وهو حينئذ قريب من حد الاحتضار لا نرجو أن يعيش بعد أن يتحرك فلما سمع أن طريق المدينة مسدود جلس كأنه لم يصبه شيء وغضب وصاح على المخبر وقال له من ذا الذي يريد أن يصرفني عن النبي صلى الله عليه وسلم بالله الذي لا إله إلا هو لا يصدني عنه أحد ولا يحول بيني وبينه حجاب فسخر الله أهل الحكومة وأذنوا للسيارة التي هو فيها في المسير حتى وصل إلى المدينة وقضى منها وطره ، ثم رجع وهو في جميع حركاته في تلك الحجة كأنه لا ينظر لنفسه ولا يرى لذاته حقا ولا يحس بما يرى عليه من أثر المرض لشدة استغراقه في حب الحرمين . وأما جوده على الأقارب والأجانب : فحدث عنه ولا حرج ، أقبلت عليه الدنيا فأعرض عنها ثم تبعته فجعل يفرقها في الأقارب والأباعد ، سخر له الملوك والأغنياء فأهدوا إليه أموالا جزيلة وبسطت عليه الهدايا حتى كأنه من الملوك فأنفق جميع ذلك في سبل الخير من مواساة الإخوان وقرى الضيوف الكثيرين وفك العناة وإعانة أهل النوائب والقيام بمؤن الجيران . ومن عجيب أمره أنه مع استغراقه في الأحوال التي يعانيها ويغشى عليه من عظمها في جل الأحيان ، كان من أكثر أهل وقته في دعاء الناس إلى التحرر وطرق الترقي من جهة التربية والتعاليم ومن جهة الاقتصاد والسعي في طلب المال والاحتراف وعدم التواكل والرضى بالضعف والذل ، وكان مع ما آتاه الله من سعة الرزق وكثرة الهدايا المتواترة إليه ، لا يترك التجارة وتتبع القرى الوالجولان في البلاد لأجلها ، ويرعى الماشية بنفسه مع كثرة الخدم من الموالي والتلاميذ ويعمل في الحرث بيديه ويدعو أصحابه إلى أن يعملوا مثل أعماله في تلك الأمور ، قال لي مرة وهو ينهضني في السعي إلى ما أترقى به من أسباب العائش ويرادوني على تربية المواشي وتنميتها اعلم أن ما أعيش به في خاصة نفسي وعيالي كله من كسب يدي من زرعي ومن بقرتي التي أملكها قديما ، وأما ما يحصل إليّ من الهدايا والتجارات فهو الذي أفرقه في حوائج الناس ، وربما قال لي : كن رجلا فإني لا أحب إلا من يكون رجلا فإن الناس ثلاثة رجل ونصف ، رجل ولا شيء فنصف الرجل هو الذي يعمل لدنياه فقط أو للآخرته فقط ، والرجل هو الذي يعمل لهما معا ، ولا شيء هو الذي لا يعمل لكل منهما . ولم يزل ذلك المنحى مرامه وهدفه يربي عليه تلاميذه وأتباعه ويحرض عليه من يرجو منه الاستماع من سائر أهل بلده وخصوصا أهل قرابته . وأما عبادته : من الصلاة والصيام فقل من الناس من يعمل مثلها لا يفطر للمرض غالبا ولا يتيمم لأجله كأنه لا يرى لنفسه حقا من الاستراحة ويقنع بالروح والريحان الموعودين للمؤمنين في الجنة . وأما الخطابة وحسن الجواب : فقد أوتي من ذلك العجب العجاب ، من ذلك أمور جرت بينه وبين الشيخ الخضر بن الشيخ حماد في اتقاله عنه إلى أرض النيجر والشيخ في أعمال كَاوَ فلما انتقل أرسل إليه الشيخ يأمره بالرجوع إليه فلم يرجع ثم سار إليه الشيخ بنفسه فلما اجتمعا قال له الشيخ الخضر يا بني أما تعلم أنك ولد ولا تزورني وتريد أن أزورك أنا الوالد وما معنى ذلك فقال له ذو الكفل ذاك سنة أبينا إبراهيم عليه السلام يخرج من الشام لزيارة ابنه إسماعيل عليهما السلام بمكة وجهتي منك كجهة مكة من الشام .... فضحك الشيخ متعجبا من سرعة جوابه وحسنه ، وقال له مرة يا بني ألم تقرأ قوله تعالى في معرض الإمتنان { وبنين شهودا } . وأنت تريد أن تفوتني من مشاهدتك التي كانت من أجل النعم عليّ ، فقال له ذو الكفل لم يقل " وبنات شواهد " وأنا لا أكون لك ابنا في البلد الذي أنت فيه بل أصير بالمقام فيه بنتا تكون عليك كلا فكوني لك ابنا بعيدا منك في الجوار أحب إلي من كوني بنتا تكون معك في البلد . وقال له الشيخ الخضر مرة ألست رعيتي فلم بعدت عني واتخذت وطنا غير وطني ، فقال له ذو الكفل إني رعيتك ولي رعية أسأل عنها وكلنا مسئول عن رعيته فطلبت أنا ما أمون به رعيتي وأما أنت فرعيتك نفسي ولا أنازعك منها شيئا والله لو أمرتني الآن بلفظ نفسي ومفارقته لفعلت من غير تأخير . ومما جرى بينهما أن بعض جيران ذي الكفل في النيجر انتقل عنه بعد أعوام ورجع إلى البلد الذي يقيم فيه الخضر وسمع ذو الكفل أن بعض الناس تلكم في الموضوع بما لا يعجبه فسمع الشيخ الخضر أنه استاء من تلك الكلمات فكتب إليه رسالة يعتذر فيها من عدم عيادته له في المرض الشديد الذي سبق أنه أصيب به مدة فأسل إلي الشيخ الخضر يأمره بأن يستعمل لنفسه ما يعمل مثله لغيره ويكون له عليه الأجر إذا برئ فقال " بسم الله " ومسح على الورم فزال بإذن الله ، يعتذر له في ذلك ويكذب له ما بلغه أنه قال له فلما جاءته الرسالة استراح مما به من الأسف على تلك الكلمة ولكن لم يرجع إلى جواره حتى قبض لأن مصرعه تبين أن لا يكون إلا في كَرَيْ فإنه توفي في نيامي ولكن حمل إليها وبينها وبين نيامي ما يقرب من مائتي كيلو متر ، ولفظ الرسالة :
( بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما ، من المحمود(1) الودود ، إلى ذي الكفل المودود ، الحمد لله الذي لا يعبد سواه ، ولا يسعد إلا من تولاه ، فقربه وآواه ، والصلاة والسلام على نبيه الحبيب الأواه ، وعلى آله وأصحابه ما حنّ غائب إلى مأوآه ، أما بعد : فمن الوالد إلى الولد البار ، سلام وتحية كل منهما سار ، أجدد بهما عهد المحاوره ، وأمحوا بها ما عساه يشوش عليك من عدم المزاوره ، فأولا أخص بطيب عرفهما ما بين برديك ، وثانيا من ترعاه بعينيك وتحضنه بكلتا يديك ، ثم إني أعتذر إليك من ترك تجديد العهد القديم ، وعدم اشخاص رسول بعد رسول حين داواك الحكيم ، بأني حين سمعت بالمرضة التي كادت تذهب لب الحليم ، بلغني أنك قد نهيت الناس عن عيادتك فتأدبت لذلك في حقي وحق رسولي ، ثم إني لم أزل في تشوف وتشوق حتى وآفاني كتابك فإذا هو ناطق بخلاف ما سمعت من التثبيط ، صارخ بملئ فيه على سم التهييج والتنشيط ، لكن وافق إتيانه أن نابني بعض أضعفت من قواي حتى اضطرني ذلك إلى لقاء الطبيب والإقامة عنده مدة فكان ذلك من العوائق ، وفي أثناء تلك الإقامة قيض الله لي بحسن إنعامه من بشرني بمبادء البرء وأن الشدة قد أعقبتها خفة ، ولله الحمد والمنة ، وأما الآن فإني وإن قدرت على تجسم الملاقاة لكن لا يقنعني إلا التجاور بالمنازل وعلى المناهل ، ولا يحسبني ولا يغنيني التلاقي إلا بجميع الأهل على الرواحل ، فإني لا أرضى لنفسي أن أكون كمن وآصل صوم سنة وأفطر على رأس ذبابة ، وقد علمت أني صمت عن جوارك منذ سبعة أعوام فإفطاري على لمة ساعة لا يزيدني إلا حرارة القلب والتياعه ، وإني منذ عرفتك لا صبر لي على فراقك ولكن لما شيدت داري في أقصى الشمال وشيدت بنيانك ، في أقصى الجنوب وطنت نفسي على ما أجد لكون تلك المرتبة من التنائي ، مظنة عدم تواتر التلاقي ، في أثناء هذا التجول ، فقد زال التسلي وزاد الحنين وآن الأخذ بالثأر من تلك السنين ، فالرأي الذي نرتجي خيره ، ولا نرتضي منك غيره ، أن ترجع إلى مسقط رأسك ، ومجني زهراء أسك ، حيث تقول فلا تقبح ، وتشرب فتتقمح ، ثم إذا أردت الهجرة أنشأتها من هاهنا حيث أهلك ووطنك ومالك كما هو الشأن إذ سبيل من هاجر إلى الله ورسوله أن يبتداء الخروج من وطنه ومستودع أهله وماله قال تعالى { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا } . الآية وما كنت ليقنطني ما بك من ضعف الجسم من بلوغ أملي فيك فإن الله تعالى خلق الإنسان من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ، فأرجوا منه تعالى أن يقويك بعد ضعفك وينقهك من مرضرك فيتهيا التداني ويتسنى نيل الأماني ، وإن كنا قد أسلمناك فيما مضى إلى الموماه ، لمعان خفية وحكمة معماه ، فما موماتك بأكبر من اليم ، بل اليم أكبر وشأنه أعظم وأفحم ، وقد رد الله كليمه موسى بعد ألا لقاء فيه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ، فعسى أن يقر عيني بردك إليّ في أقرب زمن ، وقد كنت فيما سلف ربما بعثت الفكر بعد الفكر في اقتصاص الأثر ، والآن إن شاء الله سأمدها بمدد ، من نفثات اللسان وقطرات المداد على تطاول الـمُدد ، كل ذلك لتقاضي دين وصالك واستطلاع أهلة إقبالك ، فإذا شاء الله ما شئنا أنا وأنت ، فسردك إلينا على أحسن ما كنا وكنت ، وما أنا من أن يجمع الله بيننا كأحسن ما كنا عليه بآيس :
وقد يجمع الله الشتاتين بعد ما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا


ثم إني أذكرك وإن كنت غير ناس ، أن هذا عصر تألف الأجناس ، فكل شكل قد انضم إلى شكله وكل فرع فها هو قد أوى إلى كنف أصله ، وفي النفس زيادةً على هذا ، كلام لو بثثتكه شفاها ، لعددت ترك استنهاضي لك سفاها ، لكن لا يليق بي إلا طي نشره ، واصطيان لبه تحت قشره ، هذا وأما تلك الكلمة البشيعة فمما أنزهك إن تصغى لمثله ، أو يخدم طرسك بنانك في تبليغه ونقله ، والذي صدر مني ما قلت حين عزم أنَدْبَرْ المصطفى على التجهيز فعاتبه بعض أحبته في الانفصال عنا وأعتذر بأن مقامه هنالك إنما هو عن رأي مني فسألني المعاتب عن أصل هذا الكلمة فقلت له حاشا فإني منذ فرفت منزل والده بحيال منزل والدي ما نحيته ولا عقدت عقدا بإخراجه عن جواري بل ولا بإخراج جار لي أصيل الجوار ممن سواه ، وإنما وقعت الفرقة من بعضهم عن غير مشورة مني فما عدا أمري أن سكت واطمأننت رفقا بهم وتحاميا عما عسى يغير خواطرهم لو أظهرت الإنكار هذا إن شاء الله أو نحوه أو دونه ، ومنذ عزم الإقامة معنا لم تزل تواتر إرسالاتي إليك بأني لست الآمر بفراقك وما هو إلا أن قوّلت ما لم أقل فبينت ما هو الحق ، ثم بدا لي أنك غائب ولم تصادفك رسلي وأما غيره من أولئك الجيران فما علمت أني عزمت على واحد منهم بالانتقال عنك ولا أشرت به عليه ، وإنما الواقع فيما بيني وبينهم أني كلما لقيتهم أظهرت لهم فرط الحنين إلي لقياهم ، ثم منهم من أعاتبه على ترك المزاورة والمراسلة ، نعم لما علمت منهم العزم على الرجوع سكت عنهم كسكوتي عنه أولا حين المزايلة ، وأما الأمر فلا . والسلام على أهل السلام فليكن علينا وعليك . إهـ . ولم يقدر الله جوارهما بعد حتى مات ونقل الشيخ الخضر ذريته إليه .
أما بنوا سيدي بو بكر بن القاري : فجلهم علماء وقل منهم من لم يكن من العلماء الأعلام ، سمعت عن بعض شيوخ بلدهم أنه قال : في بعض أعيان علمائهم من النوادر ما اتفق لفلان وفلان من ذرية هذا الشيخ ، وهو أن يكون الرجل من أعيان العلماء وأبوه وجده كذلك ، وترى منهم إخوة أشقاء كلهم عالم وكلهم يحفظ القرآن عن ظهر غيب ويكون أولادهم وأولاد أولادهم على نحو آبائهم وأجدادهم حتى صاروا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها ، وكانوا على هذا الوصف مدة قرنين أو أكثر ، وفي أوائل القرن الرابع عشر ظهر فيهم الشيخ القطب الجامع بين الشريعة الحقيقة حماد بن مُحمدُ بضم الميم والدال ابن مَحمدْ بفتح الميم وسكون الدال ابن سيدي بو بكر ففاض نوره وبركاته على جميع أهل البلد عموما وعلى حيه خصوصا ففاقوا في الفضائل والعلوم من كان مساويا لهم قبل وكثر فيهم النظام والنثار لكن لم يزالوا على طريق علماء الصحراء من عدم الاعتناء بالتدوينات ، وكثير منهم فاق كثيرا من المصنفين في فنون العلم لكن لا ينثر ولا ينظم تورعا من أن يسند إليه شيء ، ومنهم من يعرض عليه أصحابه أشعارهم لينظر فيها نظر الناقد ويصحح ما يحتاج إلى التصحيح فيغير منها ما لا يرتضيه ويعمل في المنثورات كذلك لكنه لا يؤلف بين كلمتين وإذا احتاج إلى الإرسال في بعض حاجاته أمر من تلامذته وإخوانه من يكتب له ما أراد وكانت تلك السيرة هي الغالبة في علماء حيه قديما ولذلك لا يقدر أحد على ترجمة الكثيرين ممن يستحقون أن يخلد ذكرهم وتدون فيه الدواوين ، ولا أظن المترجمين منهم يبلغون عشر من لم أقف له على أثر أعتمده في ترجمته لا من جهة التصنيف ولا من جهة من يأخذون عنهم من التلاميذ ، ومن الأسباب المؤثرة في ذلك أن طريقهم في التصنيف كما تقدم ، وأما التلمذة فلم يسلكوا فيها طريقا يشتهر بها الشيخ ولا من يأخذ عنه فإنهم لا يرحلون إلى الخارج في طلب العلم ، بل الغالب منهم أن يأخذ المرء عن أبيه أو أخيه أو عمه أو بعض عشيرته ، بذلك جرت عادتهم منذ قرنين أو قرون ، وشذ منهم أفراد ارتحلوا إلى بعض إخوانهم الأقربين نسبا ووطنا فتعلموا منهم فكان ذلك معينا لمن يترجمهم على الكلام فيهم(2) .



 توقيع : الدغوغي

ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله
والحمد لله
ولا إله إلا الله
والله أكبر

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
88. حماد بن مُحمدُ الإدريسي التبورقي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 05-15-2014 02:48 PM
72. البشير بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 05-12-2014 09:11 PM
48. إسماعيل بن المصطفى الإدريسي الجرتي السوقي : الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 04-16-2014 02:23 PM
مؤلفات السوقيين عبدالحكيم منتدى المكتبات والدروس 19 03-27-2014 10:39 AM
19.أحمد بن المهدي الإدريسي التبورقي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 03-18-2014 02:36 PM