|
المنتدى العام يختص بالمواضيع العامةباحة شاسعة تسع آراءكم وأطروحاتكم وحواراتكم، التي لم تسعفها المنتديات الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-21-2012, 07:28 PM | #51 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
مدرسة الفلاح والنجاح في وادي الشرف.
مدرسة الفلاح هي أولى محاولات الانعتاق من التعليم التقليدي إلى التعليم العصري في تلك الأحياء وكان الشباب يستبشرون بها خيرا, وأذكر أن عالما من (موريتانيا) اسمه محمد زين هو الذي جاء بطلب من الشيخ العتيق بتحديد مستويات الطلاب ؛لأنه يشرف على مدرسة في قرية(انسنقو) ولكنه استعمل معنا أسلوبا في تحديد المستوى غريبا حيث أنه عقد جلسة وفاجئنا بالاختبار وهو عبارة عن أبيات من شواهد ابن عقيل فأصبنا في إعراب بعض وأخطأنا بعضا فرسَّبنا جميعا ولم ينجح منا غير العتيق بن سميلا وكنا أحسن منه في الإعراب قبل ذلك بكثير فعقدنا العزم على الذهاب إليه لاستكشاف حقيقة تفوقه المفاجئ وأمطرناه بكل غريبة وألجأناه إلى أضيق من سم الخياط وأكثرنا عليه من التهديد والهياط والمياط حتى اعترف بأنه أخذ إعراب البيت خلسة من نسخة من كتاب ابن عقيل كانت معه فقرر الشيوخ إعادة اختبار الجميع مرة ثانية وتولى ذلك الشيخ محمد الرشيد بن موسى فنجحنا ولله الحمد وفرقونا في الأقسام بناء على مستوياتنا وكنا ندفع رسوما رمزية لاتزيد على 3000 فرنك سيفا كل شهر وقد استفدنا من المدرسة الكثير وأذكر أن إدارتها كلفتنا بإنشاء رسائل لمعرفة قدرتنا على التعبير فاخترت اللغة العربية واختار زملائي ماشاؤا من المواضيع فقرأت رسائلنا في مجلس الشيخ المنيربن الشيخ حماد ورجعت إلي رسالتي وقد كتبت في آخرها العبارات الآتية(ولغة القرآن والحديث عربية وكلام أهل الجنة عربي لافض فوك ولاشفي من يجفوك) ولا أعرف كاتب هذه الكلمات ولكنها من قول الشيخ المنير بن الشيخ حماد. لداتي من كل تجلالت مظدا بن محمد والعارف بن محمد وأما بن يوسف ومحمد بن توحه ومحمد بن عبد القادروأحمد بن يوسف والبارق بن محمدُ ومحمد بن القاضي وكبيره لوط والشاهي بن زيد ومسعود بن مهمن وأخو محمد إبراهيم وبعض من مر ذكره في سني وبعضهم في طبقة فوق طبقتي ولكن الحب والوداد بيننا هو الرابط وليس السن هذا عن الأحرار. أما الخدم فأولهم أيا واقو بن هسا والضو بن هسا واغلسانغ اما الخادمات فأذكر خادمات سلي وهي وارنلها بنت ارقويش وايهيدا ونغلسانغ. لداتي من كل تكيرتن. منير بن محمد بن حميد وأحمد بن آمدي ومنير بن تسن وتقي الدين بن محمدُ والبشير بن ظلع وأخوه أنارا والمحمود بن أحنى. لداتي من كل تبورق. محمدُ بن المنير وهوأحب إلي وإخوانه محمود والحاكم وإدريس وأحمدٍ بن البشير ولكن الاتصال بالأربعة قبله أكثر ومحمد ابراهيم بن الشيخ المحمود وقد اختطفته المنية بيننا قبل أن تتوطد العلاقة بيننا وعلي بن محمد ( أتو ) والبشيربن محمد والحاشر بن حماحما ومحمود بن محمد وصح بن علي وغيرهم. وقد فارقت الجميع ولله الحمد وكلهم يشتكي مما أشتكي منه من لوعة الفراق, وألم البعد عن الأحباب وقلت في بكاء تلك الأيام: طال ليلي بين الجوى والنحيب ليت دمعي يطفي أوار اللهيب قال لي لائمي وكم من ملوم غير مصغ ولائم ذي شغوب كفكف الدمع لاتري الدهر عجزا واقتحم في فضا الحياة الرحيب واترك النجم يسهر الليل وترا وذر الحزن للشجي الغريب ظن كوني بين الأهالي سيطفي لوعة الشوق أوفراق الضريب غير ناس من قلبه عند ناس دنف من فراق أرض الحبيب ويح نفسي فكيف أنسى ليال وسط صحبي في غفلة من رقيب قد هصرنا فيها عناقد لهو وقطفنا من كل غصن رطيب وحفظنا صحاح ود متين وانتشقنا من عهدها كل طيب آن وجه الشباب غض طري ليس يشكو تقطبات الشحوب من يعل هم أمرنا سيجدنا بين داع إلى الهوى ومجيب قد عصينا عزالنا حين لجوا وفعلنا في الأنس كل عجيب وا ليال مضت ولا هي تخلو من وديد مؤانس وتريب قد بثثنا فيها كتائب أنس هي هم الفتى وشغل الأديب مسك الختام. وقد شرفني الله تعالى بأخذ الإجازة من شيخي العتيق بن الشيخ سعد الدين وكنت ممن يرى أن الاكثار من الإجازات لافائدة فيه في هذا العصر, إلا من الشيوخ المباشرين لأن الإجازات وسيلة وليست غاية, ولأن الأوائل يكثرون منها لغرض الحصول على الأسانيد العالية. وقد لقيت شيخي العتيق في مكة المكرمة في 18 ذي الحجة عام 1418 هجرية فأجازتي بمانصه: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين, وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فيقول كاتب الحروف محمد العتيق بن الشيخ سعد الدين السوقي الإدريسي من جمهورية مالي قد أجزت (تلميذي) وابن أخي محمد بن أحمدا بن عبد بما أجازني به والدي الشيخ سعد الدين بن عمار من رواية صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث الموجودة عندنا كالصحيحين والموطأ والسنن الأربعة والشيخ الوالد أجازه شيخه محمد الصالح بن محمد (بفتح الميم الأولى)ابن ميد (بكسر الميم والدال) وهو أجازه مهدي بن الصالح بما أجازه به محمد ألاغ بن أحمد بن هماهم عن شيخه الصالح والد مهدي عن الشيخ مَحمد (بفتح الميم) ابن هماهم عن شيخه أحمد بن الشيخ بن أحماد بلا واسطة وبواسطة ابنه حم وهؤلاء السبعة كلهم من حي أهل تجلالت السوقيين. وأما الشيخ أحمد بن الشيخ فأخذ عن محمد بغيغ بن محمد جورد عن أبيه عن جده إلى آخر السند. وأجزته أيضا بما أجازني به الشيخ عيسى القاضي بن تحمد بصيغة مضارع أحمد عن الشريف مولاي عبد الرحمن بن أحمد عن الشيخ الكنتي باي بن سيدعمر عن شيخه حمزة الفلاني التواتي إلى آخر السند. وأجزته أيضا بما أجازني به الشيخ إسماعيل الأنصاري وهو أوسع من جهة المأخوذ عنهم ومن كثرة المأخوذ. وأوصيه بتقوى الله والجد في طلب العلم والعمل به وأن يكثر لي من الدعاء الصالح. وكتبت هذه الإجازة يوم الاربعاء18 من ذي الحجة عام 1418 هجري في دار عبد الله موسى التمبكتي في مكة المكرمة. العتيق بن الشيخ سعد الدين ) رابط صورة الاجازة. |
غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 01-22-2012 الساعة 10:16 AM
|
01-23-2012, 01:03 AM | #52 |
|
رد: فصول من حياتي
بارك الله فيك أخي أبا عبد الرحمن فقد استمتعت بهذه الفصول كغيري من المشاهدين الكرام..
وقد أزيد على بعضهم أن بعض الصور التي شاهدتها في جزيرتكم رأيتها ماثلة في خلدي حقائق.. أحسبني حينها أنني في حلم.. وأن الزمن رجع إلى الوراء.. أخي الكريم لقد بدأتُ من حين بدأتَ الحديث عن أحيائنا ـ أشد النظر لعلي أجد ما يحل لي لغز عدم شعوري بكم رغم أن ذكركم مدو في أوساط الحي (طبعا بعد ما بدأت أسمع).. فلم أتفاجأ بكم إلا في موريتانيا .. ومما زادني استغرابا أني من الزوارين لشيخكم العتيق صحبة جدتي أم عمي الشيخ إسماعيل بن ظلع: ربيعة بنت متال.. ومع ذلك ما شعرت بكم ولم أجد لكم حسا.. رغم أني عرفت الأخ سفيان من طريق خالي.. وقد أبنت عن اللغز حين ذكرت لداتك .. فبان لي أنكم غادرتم الحي وما زلت في حضانة اللوح. |
[align=center]قال تعالى: { وَقـُلْ لِعِبَادِي يَقـُولوا التي هِيَ أَحْسَنُ } (أي يقل بعضهم لبعض على اختلاف مراتبهم ومنازلهم ـ التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.{ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيـْنَهُمْ } أي يهيج الشر، ويلقي العداوة ،ويسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم ـ بسوء محاورة بعضهم بعضا.{إِنَّ الشَّيْطَانَ كانَ لِلإِنسَانِ}أي كان لآدم وذريته{ عَـدُوّاً مُبِيناً}أي ظاهر العداوة ).
صفحتي في الفيس بوك https://www.facebook.com/nafeansari
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي ; 01-23-2012 الساعة 04:42 PM
|
01-28-2012, 12:15 PM | #53 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
اشكر الأستاذين الكريمين الأدرعي واليعقوبي على إثرائهما ومشاعرهما الطيبة, و واصلا في المتابعة والاثراء ففي الجعبة مزيد .
|
|
01-29-2012, 11:44 AM | #54 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
المرحلة السعودية. كنت في جلسة هادئة مع الأخ العزيز مظدا بن محمد جمعني الله وإياه في مستقر رحمته نحتسي معتق الشاهي الأخضر الذي مازلت مدمنا لشربه حتى الآن وقدقلت فيه: هز الهوى عطفي كغصن الآس = فتصعدت لنزوله أنفــاسي بث الرسائل في الحشا متواريا = في دجن ليل ذي هموم عاس إني أعيذك من تسلط مابنـا = منه ومن شيطانه الوسـواس فإذا أذان الهم صرخ داعيـا = وأتى وخيم عنوة في الرا س فأزل قناع الهم عنك بأخضر = فهو السبيل لخطف هـــم راس فهو الذي عهدي به أرمي به = خدع الزمان الضاحك العباس فمتى ترقرق في الكؤوس تسلسلت=شوقا إليه أحادث الجـلاس عن نكهة يروون عن بــراده = عن طعمه عن شربه عـن كاس عن أول عن ثان أو عن ثالث = ما دام يحلو في مذاق الحــاس فهو الغبوق هو الصبوح بمالنا = نَشريه عن جدة وفي إفـلاس و إذا تقدم قبل حسو (طنجة ) = وافقت فعل السادة الأكياس **** ومعنا مجموعة من شباب كل (تجلالت) ننشد الأشعار, ونتغنى بسينية البحتري, وكنت طروبا أرتاح إلى الصوت الجميل, وتطربني نغمات السوقيين بالشعر, ولا أجد في نفسي نفس الميل للغناء الحرام, وقد تربينا على أن الغناء ينبت النفاق في القلب, وادركنا أن شيوخنا لايسمحون بآلات اللهو, ولايقبلونها بحال, ومن الذكريات التي طبعت في ذاكرتي حتى اليوم أن معلمي محمد الأمين بن محمد, جاءه وفد حاشد من المغنين وفي مقدمتهم زعيمهم في البلد (إخن) و كان برفقة والده سيدي فأكرمهم وأحسن وفادتهم وأجازهم بمبلغ من المال يحمي به عرضه, لأن بعض العلماء لم يجر حديث (احثوا في وجوه المداحين التراب ) على ظاهره وتأولوا (التراب) على أنه كناية عن المال قال الشاعر: وكل الذي فوق التراب تراب والمال حقير في مقابلة العرض , فمعلمي ممن يرى قطع لسانهم بما يحمي عرضه , ويبعد عنه أذى هجائهم . فحصل لهم نوع من الفرح بذلك, فأخذ (إخنِ) العود وبدأ يعزف ويغني فقال له الشيخ ما ذا تفعل فقال عادتنا أننا إذا أكرمنا في مكان غنينا وأظهرنا الفرح بذلك, ونوهنا بمحاسن من أحسن إلينا. فقال لهم الشيخ ونحن أيضا من عادتنا أن مساجدنا وبيوتنا لايسمح فيها بالغناء فلكم عادتكم ولنا عادتنا. فخرجوا من الحي غاضبين, وهذه قصة معروفة ومشهورة لدى الناس. وأنا في تلك الحال مع أصحابي إذ جاءتني رسالة من ابن خالتي الأخ مسوسي بن محمد عام 1407 هجري / 1987م يطلب مني الذهاب إلى الجزائر لأخذ الوالدة منها ومما أذكره من طرائف هذه الرحلة أننا انطلقنا من قرية (تنظواتن) الجزائرية في رحلة شاقة وفي شاحنة يصم ضجيج محركها الآذان, وكنت أنا ومجموعة في الصندوق وفيه عدة براميل بنزين, فاعترض سبيلنا قطيع من الغزلان فتحركت نهمة السائق إلى الصيد فأدار المقود وانطلق وراءها في ميادين صحراوية تصلح للمطاردة والسباق ولكن المشكلة في البراميل الرابضة بجوارنا فكلما أدار السائق المقود تحركت البراميل واتجهت إلينا فنهرب منها في زوايا الشاحنة وهكذا دواليك إلى أن ند أحد الغزلان عن القطيع فأخذنا مافي السيارة من الحطب وجعلنا نرميه به إلى أن انتهى الحطب وتم ذلك بدون علم السائق وبعد جهد وخروج من الطريق الصحراوي العام صدنا الغزال , وبحث السائق عن شجرة مناسبة للمقيل وهيهات فالصحراء الجزائية شبيهة بالربع الخالي أغلا شيء فيها الشجر فكانت الشاحنة هي ظلنا ومقيلنا وذهب السائق ليشب النار ويأخذ الحطب الذي رميناه في احشاء الصحراء فلم يجد له أثرا في الصندوق وسأل عن السبب فأخبرناه فسب وشتم وتضجر وزمجر, وهدد وتوعد فتدخل بعض المسافرين وحل المشكلة وتم المراد ولله الحمد. وكنت على (نية) العودة إلى (كل تجلالت) ولكن الوالدة أصرت على الذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج معها وطوي عند ذلك ملف طلبي للعلم هناك. ومن هنا يتضح السر في أن الخالق لا يوصف بأنه (ناو) أو (عازم) لأنه لا يعجزه شيء بخلاف العبد فإنه يحيط به سور العجز والإقدام والإحجام. والحديث عن هذه الذكريات الغاليات ترتاح إليه النفس وأحلى الأحاديث عندي حديث يحلق بي في أجواء زمن الشباب وفاء لتلك الأيام الخاليات فالوفاء أخ شقيق للشرف فعندما نكون للوفاء يكون لنا وحين نكون لتك الأخلاق حصنا منيعا تكون لنا جنودا طا ئعين فلولا خشية الملل وخوف تخطي رقاب المألوف وتسور محراب العادات لاستفضت في هذا الحديث ممتشطا ناصية فلوات تلك الذكريات ورافعا القناع عن كل شاردة وواردة في هذا الموضوع مما لي أوعلي. وبعد ستة شهور من قدومي من الجزائر اتجهت إلى السعودية لأداء العمرة ووصلنا إلى مطار الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن في جدة عام 1989م وهالني مارأيت من الجمال الباهر والوجوه النيرة والمكان النظيف والترتيب الرائع وأجمل من هذا كله أن الجميع عرب فقد كانت الأشهر التي قضيتها في عاصمة النيجر (نيامي) وكنت فيها غريب الوجه واللسان ووجدت نفسي بين أعداد أعرف ما يقولون ولا أجد نفسي بينهم تشتكي من نفس ما تشتكي منه من الغربة في بلدي (مالي) وقد يستغرب المرء مني هذا ولكنني في حالة بيان وضع نفسي انطبع في ذهني ذاك الوقت وتكلم به لساني بعد عشرين سنة فكان دينا علي أن أبوح بما اعتلج في النفس وتلجلج في الصدر في تلك المناسبة فلله الحمد لست عنصريا ولا أبيض أنا أميل إلى السمارة والبويا عندي أصلي ولكنه حرام أن يموت هذا الانطباع ويوأد في جدران الذاكرة دون البوح به. بين الصوفية والوهابية. ثم انطلقنا إلى مكة لأداء العمرة وكان السائق يرد علينا كلما كاسرناه في سعر أجرة سيارته بقوله: صل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا انطباع ثان ليس أقل من الأول حيث أنني في بلد يموج بالتصوف وبنقد مايسمونه(الوهابية) ويقولون عنهم بأنهم لايصلون على النبي وأشهد أن شيخي العتيق لايقبل هذه الأقوال على من صدرت منه كائنا ماكان ولكن عامة الناس يلوكون هذه الفرية فقلت بيني وبين نفسي إذا كان الرجل الحليق - وكان حلق اللحية في القبائل السوقية لايقبل بحال - يقول هذا الكلام ويأمر بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بالعلماء الكبار ورغم أن ذاكرتي ضعيفة وقد عانيت من أثر ذلك في هذه اللمحة إلا أنها أبقت على كلمة هذا السائق لتضاف إليها عن قريب مثيلات لها آذنت بإيجاد شروخ في جدار التقليد الذي حولني وحول غيري إلى جهاز يشتغل عن طريق(الريموت كنترول) ولايملك أن يمارس مهام تفكيره بصفة ذاتية وفردية وصار العقل منزوع القدرة والصلاحية في أن يفكر بل هو مجرد مستقبل فقط وإذا تجاوز الطالب ذلك فالويل له والثكل لأمه عند زعماء التقليد وسلاطين الخرافة وملاك السلب وخزان القبض والبسط. ولم أقرأ شيئا من كتب الصوفية سوى كتاب (شواهد الحق, في الاستغاثة إلى سيد الخلق) ليوسف النبهاني, ولم يكن الهدف من القراءة من أجل الاطلاع على فكرة الكتاب, كلا, بل كان السبب أنني رأيت فيه قصيدة جميلة فأخذت الكتاب من أجل القصيدة, وأذكر منها قوله: وصلنا السرى وهجرنا الديارا ... وجئناك نطوي إليك القفارا أتيناك نحدو البكا والركابا ... ونبعث إثر القطار القطارا إذا أخذت هذه في الربى ... صعودا أبى ذلك إلا انحدارا وإن فاض ماء لفرط الحنين ... ورجع حادي السرى عاد نارا كأنا به وهو يجري دما ... وقوفا على الخيف نرمي الجمارا أتيناك سعيا ننادي البدارا ... إلى سيد المرسلين البدارا إلى أشرف الخلق في محتد ... وأحمي جوارا وأعلى نجارا إلى من به لله أسرى إليه ... وما زاغ ناظره حين زارا ولما نزعنا شعار الرقاد ... لبسنا الدجى وادرعنا النهارا نميل من الشوق فوق الرحال ... كأنا سكارى ولسنا سكارى نجافي عن الطيف أجفاننا ... فلا نطعم النوم الاغرارا ونسري مع الشوق أنى سرى ... ونتبع حادي السرى حيث سارا ونسئل والدار تدنو بنا ... عن القرب في كل يوم مرارا وما ذاك أنا سئمنا السرى ... ولكن دنونا فزدنا انتظارا إذا البرق عارضنا موهنا ... حسبنا سنى طيبة قد أنارا فنفري بأدرع تلك النياق ... أديم الفلا غدوة وابتكارا ونرمي بهن صدور الفجاج ... كانا نشن عليها مغـــــارا ثم امتدت بي القراءة إلى معرفة سبب تأليفه وهو التشنيع في الرد على ابن تيمية والتركيز على ما يرى أنه أخطأ فيه وكذلك الرد على قصائده, وغير ذلك. ولا ننسى أن النبهاني عالم فلسطيني متأخر جدا توفي عام 1350هـ = 1849 – وكان صاحب دعوى عريضة رحمه الله يأتي بأشياء من دماغه, ولايحترم القارئ حيث أنه يأتي بقول المخالف على أنه باطل محض, وبرأيه على أنه هو الحق. ومن العجائب أنني قرأت قبل ذلك كتابا عن سيرة الخميني وكتبا للشيعة فيها الكثير من القصص المكذوب على الصحابة ووجدت فيها شحنة سخطية على أهل السنة بشكل غير عادي وأنتهيت من قراءة هذه الكتب وأحس بأن مؤلفه يكاد يحمّل أي سني في المعمورة دم الحسين رضي الله عنهما, وكانت هذه الكتب سببت لي صحوة تبين لي من خلالها خطأ الكثير من العبارات التي مررت بها في كتب الأدب وهي عبارة عن شرح لما أجمل فيها والله المستعان. وكتاب فضائح الصوفية للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق . وفي الجانب الآخر اطلعت على كتاب (مفاهيم يجب أن تصحح) لعلوي مالكي , وقد اطلعت أيضا على القصائد التي دارت بين الشيخ الداعية عبد الله بن المحمود المدني والشيخ محمود بن محمد الصالح الجلالي , وكان الدفتر الذي جمع فيه الشيخ العتيق جميع مادار بين الشيخين , لايسمح لنا بقراءته ولا بالاطلاع عليه , لأن نقاشهما اتسم في آخر مراحله بالخشونة والحدة , ولذلك امتنع شيخي العتيق من انتشار الكتاب بين الناس . ولم أتلق في فترة دراستي تلك أي دروس في الفكر الصوفي إطلاقا, وكنت أعجب من ذلك اليوم حيث أن قومنا يدافعون عن المتصوفة, وعن الفكر الصوفي , ولكنهم لا يعقدون له دروسا, ولا يبنون على هذه القناعات التي يريدون الناس أن يعر فوعها أسا وهذا من العجائب. |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 02-01-2012 الساعة 09:59 PM
|
01-30-2012, 12:43 PM | #55 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
هل السوقيون قبوريون؟.
الصحراء الطارقية لم تنشر فيها الطرق الصوفية إلا في وقت متأخر جدا بالنسبة إلى غيرها من البلدان في الوطن العربي والإسلامي , (بل التصوف الطرقي لم يظهر فعليا إلا في حدود القرن الثاني عشر الهجري عن طريق الشيخ المختار الكنتي ), وقبل ذلك لم يكن التصوف (طرقيا) ولايتعدى أشكالا بسيطة من (النظر ) و(التأمل) أونشيد ما أنتجته قرائح الشعراء، وما تفتقت عنه مواهب الأدباء في مدح الرسول ، والإشادة بمكارم أخلاقه وروائع سيرته وحياته (1). ولم تصل إلينا معطيات تفيد غير هذا وهناك من السوقيين قبل هذا التاريخ من أخذ عن علماء (طرق صوفية) مثل الشيخ سيدي محمود البغدادي المولود (895هـ \ 1489م وتوفي 983\1575م وله طريقة صوفية تدعى بالطريقة (السنبلية )نسبة إلى شيخه يوسف سنبل بن سنان بن يعقوب ولكننا لم نعثر على أوراد نتعرف من خلالها على الزاوية التي تنسب إليها هذه الطريقة. وينبغي التنبيه إلى أنهم يتعاملون مع هذه الطرق بحذر شديد حيث إنه لم يسجل التاريخ اعتناقهم للطرق السائدة من شاذلية وتيجانية, وغيرهما ويستثنى من ذلك أفراد في أقصى جنوب البلاد ارتبطوا في فترة قصيرة بالطريقة التيجانية التي أنشأها أحمد بن محمد بن سالم التيجاني نزيل فاس (1150) هـ / 1230) بواسطة رجال الحركة الفلانية التي قادها الشيخ (اركي تلف) فظهرت في تلك الفترة لدى هؤلاء الأفراد بعض الأوراد التيجانية, ولم يكتب لها البقاء بينهم, بل ذهبت بذهاب من أخذوها, وكذلك الطريقة الشاذلية, لم نسمع من اعتنقها منهم, لافي القديم والحديث, ومن الدلائل على حذرهم واحتياطهم إزاء هذه الطرق الوافدة إليهم أن بعض أكابر علمائهم وهو العلامة أبو الهدى بن أبوبكر كان من تلاميذ الشيخ عبد الكريم المغيلي وهو شاذلي الطريقة, ويبدو أنه ما أخذ عنه ما يتعلق بالتصوف. والأغرب من هذا أن الشاذلية والقادرية كانتا قائمتين في المدرسة الكنتية ومن خلالها وصلت القادرية إلى السوقيين. ولعل ذلك يرجع إلى سهولة الأوراد القادرية مقارنة بالورد الشاذلي, إضافة إلى ما يتمتع به اسم عبد القادر الجيلاني من مكانة عند المسلمين. وأستطيع من خلال اجتهاد شخصي لا ألزم به أحدا ومقارنات واقعية ومشاهدات شخصية, أن أقول بملئ فمي أن السوقين في نظري ليسوا (قبوريين), بالمعنى الأدق لهذه المفردة ولا تجدهم لافي القديم والحديث يبنون على المقابر ولا يطوفون بها, وقبورهم ليست محوطة, ولا معتنى بها, ولايقدمون لها القرابين , بل غالب تصرفاتهم إنما تتعلق بالألفاظ فهم (لفظيون), بمعنى أن بعضهم يقع في أخطاء عقدية في الألفاظ من التعلق بغير الله , وأشياء يخاف معها من الإشراك بالله ويتكلمون بألفاظ ومصطلحات صوفية ,لايعرفون حقائقها, بسبب عدم تعمقهم في الفكر الصوفي, وجذوره الأساسية, وولَّد هذا عندهم التخليط والتلفيق في مواطن لا ينجي منها غير التحقيق, فلا فرق عندهم بين صوفية العجم, وصوفية العرب, ولابين عبد القادر الجيلاني, وعبد القادر الجيلي, ولا بين ابن العربي وابن عربي, ولابين الغزالي والحلاج ولابين معتدلة الفكر الصوفي وزنادقته. ومن العجائب أن العالم منهم يظل عالما محققا, وعاقلا مدققا, حتى إذا كتب شيئا له تعلق بالصوفية, ابتعد عن التحقيق, فيجمع كل ما هب ودب من موضوعات الأحاديث والآثار وقصص وخرافات وأساطير وأخبار يزعم أنه يبني بها أساسا, ويغرس بها بين العقلاء غراسا,فإذا هي في الحقيقة منامات وطامات لايليق بالعالم أن يزج بهاأمام بصائر العقلاء وأبصارهم. والناس يتحدثون عن تقليد الفقهاء وأصحاب الكتب الصفراء, ولكن التقليد الحقيقي هو ما وجدناه عند المتصوفة, فهم أكثر الناس تقليدا,وأشدهم بعدا عن التجديد والاستنباط. هل يضيرني التفصيل. ومع ما تقد م فلا بد من التفصيل في حقهم فليس كل صوفي بهذاالشكل من التخليط, ففيهم المحققون , والعلماء الربانيون , ولا تعجبني طريقة من يحاول إلصاق النقائص بهم لأن ذلك يعد هدما وتجاهلا لما قدمته المدارس الصوفية في المشرق والمغرب الاسلامي من دعوة وجهاد, ودفاع عن الدين في جميع المناسبات. ومايقال عن تعاونهم مع المستعمر وإلغائهم للجهاد أيام الاستعمار الصليبي شكل من أشكال التهجم والإلغاء التي ينتهجها من ضاقت حوصلته العلمية والتاريخية عن استيعاب الدور الذي لعبته الحركات الصوفية في جميع الأقطار الإسلاميةولم أستطع أن أفهم حتى الآن أوأستوعب و(الاستيعاب) هنا بمعناه الحقيقي وهو معرفة جوانب الأمر كله, أن قوما يعتمدون في جل أقوالهم وبحوثهم العقدية على أقوال ابن تيمية, ثم لا ينتهجون موقف التفصيل الذي كان يتبناه دائما مع المخالف, وخاصة الصوفية فقد اضطهدوه وسجنوه وآذوه, ولكنه مع ذلك لاتجده يلغيهم بل يفصل فيهم ويعطي كل ذي حق حقه, وهذا يعرفه بجلاء من قرأ فتاويه وخاصة الجزء الحادي عشر منها. وهذا هو نفس الأسلوب الذي انتهجه أساطين علماء مدرسة ابن تيمية كلها مع المخالف كالذهبي في سير أعلام النبلاء وابن كثير وتلميذه الملاصق به ابن القيم رحمه الله حين قال:( فإن كل طائفة معها حق وباطل، فالواجب موافقتهم فيما قالوه من الحق ورد ما قالوه من الباطل، ومن فتح الله له هذا الطريق فقد فتح له من العلم والدين كل باب، ويسَّر عليه من الأسباب). وطريق التفصيل وعدم إلغاء الآخر هو الذي أرتاح إليه وأتبناه في جميع أموري, ولايقبل مني بعض إخوتي هذا الموقف, ولا يرضيهم مني إلا أن أتبخر تحت شمس آراء الناس في بعضهم وتصنيفاتهم لهم , وأكون جليدا يذوب فيهم وفي آرائهم واختياراتهم, أو أكون سيقة لاستنباطاتهم وتأويلاتهم, وكنت بالأمس القريب قد تركت تقليد أجدادي وشيوخي في أشياء كانوا يرونها ثم تبين لي أنهم لم يصيبوا في اجتهادهم ذاك فأخذت قراري انطلاقا من قوله تعالى (الحق من ربك) وهروبا من واقع (هذا ما وجدنا عليه آباءنا) إلى أمان قوله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا ماليس منه فهو رد) فلست بالذي ينقض غزله من بعد قوة فأعود إلى التقليد بعد أن نجاني الله وحده من ربقته. عقيدتي . وأنا ولله الحمد في مجال الصفات أومن بكل ما جاء في كتاب الله على مراد الله , وما وردت به السنة الصحيحة على مراد رسول الله, ولاأرتضي في ذلك إلا ماعليه سلف الأمة, ولاأرتضي إلا منهجهم في العقيدة والعمل وعقيدتي في توحيد العبادة الذي هو مفتتح دعوة الرسل والأنبياء والذي ضل فيه الكثير من الناس إفراده تعالى بالعبادة والخضوع له بالطاعة المطلقة، وأن لا يشرك به أحد كائنا من كان، ولا يصرف شيء من العبادة لغيره وأغرد مع الشيخ إغلس حين قال : عقدي الذي ألقى الإله عقيدتي تسليم ما جا في كتاب خبير ولما يفسره الثقاة مفسر كمجاهد حسبي به وجرير فعليه يعتمد الإئمة كلهم كالشافعي ومالك وكثير وأعرف في نفسي الجهل والقصور, مع حبها للظهور, فأحصنها بالسكوت وعدم الخوض فيما لاأحسنه حتى لايهزم الحق من قلبي , اللهم إلا ما يخص مقام البيان فإنني أقول ما أعتقده فقط ولا أزيد عليه لقلة علمي وصغر سني, وعدم إحاطتي بكل جوانب المواضيع. ولا أتناول الصوفية بنفَسٍ هجومي انتقامي يتجاهل ماقدمه القوم للحضارة الإسلامية والعربية منذ القرون الأولى إلى اليوم, وبيني وبين هؤلاء الإخوة درجة من درجات الإجماع المركب وهو الاتفاق في الحكم مع الاختلاف في المأخذ , حيث إنني أتفق معهم في ضرورة عدم قبول البدعة ممن صدرت منه , وأختلف معهم في الاقصاء والإلغاء والخطاب الفوقي والتهجم المباشر الذي لايفرق منظروه ودعاته بين مقام البيان والتبليغ وبين مقام (النكتة) و(الطرفة). ولا أعتقد أن أحدا يجهل أن ماكتب وألف من تلك القرون إلى عصرنا هذا من الكتب في الفقه والحديث والتاريخ والأدب واللغة إنماكتب بأيد علماء ينتمي معظمهم إلى المدارس الصوفية, ولا أظن أن مثل هذه الخدمة للدين لو صدرت من كافر معلوم الكفر, فإن أقلام المنصفين سيشيدون بجهده وينوهون بماقدمه . وأرى أن الراضي بهذا الشكل من التقليد هو واقع لامحالة في نفس التقليد الذي ننعاه على الصوفية الذين لايرون الخروج عن أقوال مشايخهم وأفعالهم, وخواطرهم وإلهامهم, فمتى اتخذنا هذا النهج مع المخالف وقعنا في ورطة التقليد المذموم, والتقليد هو التقليد في أي عصر ومصر. ما بين السطور. و قد رأيت الكتب التي تناولت الصوفية وغالبها تناولها في ظروف استثنائية, كانوا معها في حرب مفتوحة اختلطت فيها السياسة بالتصنيف الديني بشكل يعرفه من قرأ هذه الكتب. وعذيري بعد هذا ممن يريد أن أقدس أقوال الأشخاص في مخالفيهم إنما التقديس فقط للنص وليس للشخص, والتعويل على دليله لاعلى تأويله ورأيه فهذا هو منهجي الذي أرتضيه (وما أنا من المتكلفين )ومن لا يرضيه ذلك مني فعذري ما تقدم. أربع سنوات في مكة. فوصلنا إلى مكة وأدينا العمرة وكانت متيسرة ولله الحمد وضيعت الوالدة بعد انتهاء العمرة فذرعت الحرم جيئة وذهابا بحثا عنها وانتابني قلق كبير بسبب ذلك وتجولت في كل الأروقة وكانت فرصة لي لمعاينة أرجاء الحرم ومداخله ومكثت مايقارب ثلاث ساعات في بحث بلا توقف ولم اشعر بتعب أوارهاق من ذلك وعثرت عليها بعد الاياس وذهبت إلى( الرصيفة)لأن رفقتي من سكان حي الرصيفة فنزلت عند بيت المحمود بن سهل وقلت له: أن اهم الضيافة عندي أن يوصلني إلى بيت خالي عبد الله بن موسى (تُنَّا) وكانت جدتي مريم بنت عيسى التي ربتني وتقدم ذكرها قد هاجرت إلى الحرمين قبلنا بما يزيد على عشر سنوات فركبنا مع المحمود في سيارته وهي من نوع ) بيجو) إلى بيت عبد الله موسى وبقيت في هذه الفترة بدون إقامة في مكة المكرمة لمدة أربع سنوات وتنقسم هذه الفترة إلى ثلاث مراحل هي كالآتي: 1- مرحلة التلقي والتعديل والتوجيه المستمر وكان أهل مكة من طلبة العلم وغيرهم يتسابقون إلى القادم من إفريقيا ليقوموا بتعديل سلوكه وعقيدته معا ويقوم بعض جهالهم بأساليب استفزازية تجاه هذا القادم ولم يكن فقه الدعوة سائدا في تعاملهم مع الشرائح التي يستهدفونها فالحق مايرونه حقا ولايمكن النظر في النص إلا من خلال فهمهم هم وفهم من يتبعونه من علماء السعودية والمضحك المبكي أن الغالب منهم لم يطلع على أقوال العلماء في هذا البلد وإنما سمعوا الوعاظ والقصاص يقولون فقالوا مثل قولهم ولا شك أن العلم لايؤخذ بهذا الشكل وخاصة علم العقائد فما يرتبط بالخالق تعرفه الفطر السليمة , والعقول المستقيمة, وما يتعلق بالخلق لابد فيه من المعرفة المبنية على العلم وحده لا على أقاويل الوعاظ والقصاص وكان غالب هؤلاء العامة يتأبط كتابا, ويطلق من لسانه حرابا, من النقد والتجهيل والتكفير دون أن يكون له حظ من العلم. وقد دفعت الدعوة ثمنا باهظا جراء هذه الممارسات حيث أن المناوئين للدعوة يستغلون هذه الأساليب للنيل من الدعوة ودعاتها واتخاذ ذلك وسيلة لتشويه الدعوة السلفية التي يطلقون عليها لقب (الوهابية) وتسميم الأجواء بين الدعاة والناس. وللشيخ عبد الله بن موسى الفضل علي في هذه الفترة حيث إنه نبهني على كثير من الأخطاء وبين لي الكثير من منهج السلف في العقيدة والعمل ويربط ذلك بالأخطاء التي تسود في الأوساط العلمية في القبائل السوقيية ولم أتفق معه في كثير مما يطرحه ولكنني أعترف بأن له بصمة حقيقية في التغير الحاصل لي في تلك الفترة. _______________ (1) - انظر تاريخ بلاد شنقيط . |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 07-15-2012 الساعة 12:02 PM
|
02-18-2012, 12:11 PM | #56 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
وفي هذه الفترة استفدت من عدد مهم من العلماء الذين يدرسون في الحرم منهم.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز بواسطة (الأشرطة) وقد أدركت 13 عاما في حياة الشيخ ابن باز وكانت هذه الفترة من أزهر فترات الدعوة السلفية في السعودية, وكنت أجلس لعدة ساعات أتنقل بين أشرطة المشايخ والدعاة, وكانت دولة الشريط قائمة, وسلطانه في قوته, وقد استفدت من هذه الأشرطة بلا شك, ولكنني خرجت بتجربة وهي أن الشريط لايبني العلم وإنما هومساعد في مراجعة المعلومة, والتذكير بها, ولايمكن أن يستغنى به عن مثافنة العلماء والأخذ منهم مباشرة, وقد ظننت حينها أنني أستطيع أن أتعلم من خلال الشريط وهيهات. مراحل كنت شاهدا عليها. وشهدت هذه المرحلة تحولات كنت شاهدا على كثير منها,لا يمكنني التفصيل فيه لأمور عديدة لا حاجة الى تسويد الشاشات بها الان ولكن ذاكرتي احتفظت ببعض التفاصيل التي مرت بها الدعوة والصحوة المباركة في السعودية ونسيت بعضا, ويمكنني تقسيم ما بقي في الذاكرة إلى مايلي: 1- عاصرت أزهر أيام الدعوة السلفية والصحوة الدينية في السعودية, وكنت على صلة بكثير من طلبة العلم, وكانت أشرطة الشيخ ابن باز, والشيخ العثيمين, وكتاباتهم في العقيدة والفتاوى والردود في ذروة قوتها لدى الغالب من الناس في المملكة,وكان الشيخان بحق وبكل جدارة مرجعية كتب لها القبول في المجتمع بشكل يملأ العين, ويقذي أعداء الدين, وقد تأثرت أكثر بكتب الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بسبب أسلوبه القوي, وحوصلته العلمية الواسعة. 2- وبجانب هذا الدور هناك حركة نشطة تحاول الجمع بين الفكر السلفي عقيدة ومنهجا, وبين فكر الاخوان المسلمون وأسلوبهم في التنظير والدعوة وكانت كتب وأشرطة الشيخ سفر الحوالي تكتسح الساحة في تلك الفترة, وكذلك أشرطة عائض القرني وأحمد القطان , وسلمان العودة وسعيد بن مسفر القحطاني وسعد البريك وغيرهم ولاننسى دور الشيخ محمد قطب الأخ الشقيق لسيد قطب في هذا الجانب فهو العقل الذي يوجه بوصلة الفكرالإخواني في الحجازفي تلك الفترة, ومما أذكره أنني حضرت له محاضرة في جامعة أم القرى , وتحدث فيها بأشياء ما فهمت القصد منها إلا بعد مضي أكثر من خمسة عشر عاما, وجزاني الله خيرا حيث إنني لم يفتني ساعتها أن أبين له خلال سؤال وجهته إليه, أنه ينقصني فهم كثير من عباراته وإحاءاته فقال لي بالحرف الواحد باللهجة المصرية (ماعنديش مفتاح إضافي) فضجت القاعة بالضحك وسرني أن الحضور لايعرفون صاحب السؤال فنجوت بسبب ذلك من الاحراج, ولكن سؤالي مازال في محله. 3- مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر وما أعقبها من تحولات, ومالحق الدعوة من أضراربسببها, وماطرأ على الخطاب الديني بعد ذلك. |
|
03-25-2012, 08:11 PM | #57 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
[SIZE="5"][SIZE="5"][SIZE="5"]
- الهجرة في قلوب المؤمنين . هناك نصوص من السنة النبوية تغذي في نفوس المؤمنين حب الهجرة , وتعد وقودا لا ينضب ومحركا قويا لهمم المشتاقين إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة, ويمكن أن أجمل منها ما يخصنا نحن (السوقيين), ولا يخفى أن الكثير من الماليين السوقيين وغيرهم قد هاجر إلى الحرمين قبل تأسيس الدولة السعودية الحديثة, ولازالوا يتقاطرون إلى الأراضي المقدسة ويظلمهم من زعم أن هذه الهجرات كان سببها البحث عن المال, هيهات فقد كانوا في الحرمين في وقت لا يوجد فيهما مال ولا نفط بل كانت الهجرة مستمرة من الصحراء الطارقية منذ عهود سحيقة, وكم من صكوك شاهدة على ذلك أوقفت بموجبها أوقاف لا زالت موجودة حتى اليوم للمسوفيين التمبكتيين الطوارق في المدينة المنورة دونت سنة (899هـ) مما يشي بوجود مهاجرين ومجاورين في هاتين البقعتين الطاهرتين منذ أمد بعيد . تحديد الفترة الزمنية لهذه الهجرات. ويمكن أن أجمل منها ما يخصنا نحن (السوقيين), ولا يخفى أن الكثير من الماليين السوقيين وغيرهم قد هاجر إلى الحرمين قبل تأسيس الدولة السعودية الحديثة, ولازالوا يتقاطرون إلى الأراضي المقدسة ويظلمهم من زعم أن هذه الهجرات كان سببها البحث عن المال, هيهات فقد كانوا في الحرمين في وقت لا يوجد فيهما مال ولا نفط . ولايستطيع أحد تحديد زمن لهجرة أبناء الصحراء الطارقية إلى الأراضي المقدسة فهي قديمة بقدم ارتباطهم الديني بهاتين البقعتين المباركتين وقد عاصرت هجرتهم العهود الثلاثة وهي العهد العثماني والعهد الهاشمي ( الأشراف ) والعهد السعودي المعاصر. - ولم تتوقف هذه الهجرات على مدار التاريخ , وقد ازدادت بعد حملات الاستعمار الفرنسي على البلاد مما اضطر الكثير من علماء المنطقة إلى مغادرة البلاد وذلك بعد تراجع المقاومة الطارقية أمام جحافل الغزو الفرنسي عام (1916)م . وكان غالب هؤلاء, قد آمنت نفوسهم بالهجرة عقيدة وسلوكا فهجروا الديار, وامتشطوا نواصي القفار إلى الأراضي المقدسة طلبا لما في ذلك من الأجر وقد رأينا بعضا منهم قد قطع جميع العلائق بينه وبين بلده حتى لاتتعلق نفسه بغير مهاجره. وكذلك فإنهم لم يشتغلوا بكسب المال ولا بالتجارة ولا بغيرها ولم يتصلوا بأي سبب غير التعليم والتعلم والصلاة في المسجد الحرام ولم يعرفوا طريقا إلى الرفاهية, بل بعضهم لزم بيته حتى أتاه اليقين. الهجرة في ذاكرة (جوجل). وقد حزنت أثناء إعداد هذه الورقات وآلمني أنني في بعض المرات فتحت جهازي وذهبت إلى محرك البحث العجيب (جوجل) لأجد بعض القصص التي تتحدث عن الهجرة إلى مكة والمدينة, وكانت النتيجة غير مبشرة بخير, حيث إن (جوجل) لم يبخل كعادته بتزيدي بعناوين لمواضيع الجهرة إلى كندا وأمريكا وايطاليا, وأوربا, ولم أجد إلا سطرين بعنوانين يتحدثان عن الهجرة الأولى والثانية فصدق في ذلك قول الشاعر. ولم تتوقف هذه الهجرات على مدار التاريخ , وقد ازدادت بعد حملات الاستعمار الفرنسي على البلاد مما اضطر الكثير من علماء المنطقة إلى مغادرة البلاد وذلك بعد تراجع المقاومة الطارقية أمام جحافل الغزو الفرنسي عام (1916)م . وسؤالي هل كان ذلك نتيجة سياسة متعمدة, أم نتيجة لعزوف الناس عن الهجرة وما فيها من معاني وغايات دينية مهمة, أم كان ذلك بسبب القوانين والنظم الدولية الحديثة التي تحاول أن تنظم عبثا سير حركة الكائن البشري في كل بقعة في هذا الكوكب الذي نعيش فيه. - ولهجرتهم غايتان. 1- اغتنام ما ورد في الهجرة وفضلها من الأجرومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه النسائي عن كثير بن مرة أن ابا فاطمة حدثه , أنه قال يارسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني بعمل استقيم عليه وأعمله قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالهجرة فإنه لامثل لها) . 2- الانتقال من أرضهم التي استبيحت من قبل المستعمر الفرنسي, وطبقت فيها القوانين المخالفة للشريعة, إلى أرض سمعوا أنها تطبق الشريعة, ولايظلم فيها أحد وهي المملكة العربية السعودية. وليس هذا هو رأي الكافة من علماء البلد حيث بقي كثير منهم تحت الحكم الفرنسي يقيمون ما يقدرون عليه من معالم الدين والسنن. معنى الهجرة عندهم. لم أدرك كبار المهاجرين السوقيين في الحرمين ولكنني أدركت ثلة من الطبقة الثانية منهم , وكانت معاني الهجرة حية في نفوسهم لدرجة تفوق وصف الواصف, فهي متنوعة شملت طائفة من مفردات التدين والتأدب بآداب الهجرة, والتخلق بأخلاق المجاورين,والعباد الزاهدين, إضافة إلى خدمة الحجاج القادمين من الصحراء وإيوائهم في بيوتهم, وتقديم النصيحة لهم, وإرشادهم إلى ما يتمم حجهم على الوجه الأكمل ولهم في ذلك أخبار وأسرار. - نماذج مشرقة. التعليم. لعلماء السوقيين دور كبير في إثراء الحركة العلمية في المملكة العربية السعودية, ولا ينكر ذلك إلا من جهل حقيقة هذا الدور أوتغافل عنه ونذكر منهم. 1- الأديب المفكر عبد القدوس الأنصاري هو صاحب أول عمل روائي في السعودية وله جهود كبيرة تذكر فتشكر, وتذاع وتنشر, وكانت مجلة (المنهل) التي أسسها خير دليل على هذا. 2- الشيخ محمد الطيب الأنصاري شيخ علماء المدينة, وإمام المسجد النبوي ألف غالب مؤلفاته المهمة وهو في السعودية, وكان رائد حركة التأليف في الحجاز في تلك الفترة. 3- الشيخ أبوبكر بن انفا أحد أئمة الحرم المدني وعلمائه. 4- الشيخ حماد بن محمد الأنصاري, محدث المدينة وعالمها,وكان يهتم أكثر بالتعليم والتدريس في المعاهد والجامعات السعودية وعاصر فترة تأسيسها الأولى وله في ذلك جهد مشهور ومشكور, إضافة إلى توفيره أهم المراجع العلمية التي لاتوجد إلا على مستوى الجامعات, وفتح مكتبته أمام طلاب العلم في المملكة العربية السعودية. 5- الشيخ عبد الله بن المحمود المدني أحد أيمة المسجد النبوي وسوف يمر بنا الحديث عن جهوده الدعوية والاصلاحية في (مالي). 6- الشيخ محمدالصالح الحبيب وهو من علماء الحرم المكي وله دور في تعليم النحو واللغة لفترة طويلة في دروس منتظمة في المسجد الحرام. 7- الشيخ محمد الحسن الهاشمي من رجال الحسبة ومن أهم الشخصيات السوقية المهاجرة إلى البلد الحرام.. 8- الشيخ محمد بن نوح أحد الزهاد والعباد المشهورين. 9- الشيخ عمار بن الحسن من رجال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة. 10- الشيخ محمد بن أحمد أشرف على مكتبة مكة لفترة طويلة. 11- الشيخ مرداس 12 الشيخ نجي بن محمد الدعوة. مافتئت هذه الثلة تقوم بدور التوجيه الديني للمهاجرين (الماليين) على كافة شرائحهم, وكانت بيوتهم عبارة عن مجالس وديوانيات يناقشون فيها الكثير من المسائل العقدية وغيرها, وتبصير الناس بدينهم وبعقيدتهم. |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 03-28-2012 الساعة 08:32 PM
|
04-01-2012, 08:42 PM | #58 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
القافلة الأولى من الدعاة.
وهناك ثلة من هؤلاء المهاجرين قررت الرجوع الى الصحراء الطارقية لغرض الدعوة وتبليغ دينهم ومناهضة البدع والتخريف بين قبائل الصحراء ولا يليق بنا أن نغفل دورهم ولا أن نتجاهل تضحياتهم ومنهم: الشيخ سيدي محمد بن محمد أحمد بن الثاني. الشيخ الداعية والداعية الشيخ عبد الله بن المحمود. والشيخ محمد بن نوح . والشيخ أحمد محمد بن حمنو. وغيرهم ولكن الأخيرين لم يبقيا طويلا في صحراء (الطوارق) بل رجعا إلى السعودية أما الشيخ عبد الله فلم يذهب ليعود بل ذهب ليبذر في حقول الدعوة ويتعاهد مابذره بالرعاية والسقاية حتى أتاه أجله وظل يدعو إلى الله وينشر العقيدة بين قومه وعشيرته, لفترة ليست بالقصيرة, وزار الكثير من القبائل السوقية وانتظم عقد مجالس علمية بينه وبين علمائهم وأعيانهم, وكان رجلا مهيبا جليل القدر, عظيم النفع, ترك إمامة المسجد الحرام, وكان صاحب همة في الدعوة لاتلين له قناة ولاينثني أمام قول الحق, وأصدق وصف له قول العلامة الشيخ إغلس بم محمد بن اليمان, وهو من أشد المتأثرين به من علماء السوقيين : لوصادفته سنوالانصاف وسطه = أولوا الابانة بين الكمـل الأول إني لأشكره لله من نعم = أجلها وكفى التنبيه عــن زلل تاالله لولاه دامت في مداحضها= سوقي إلى أن يفوت الميل عن ملل وقال فيه أيضا في قضيدة يبين فيها انتشار البدع. بينا تفاقمها وثورة بطشها عنا إذا (بمحمد) النحرير بمسيطر يسطو بصارم سنة ومدافع عنها أشد عسير وقال ردا على من يتهمه بأنه خارجي. ما كانه هيهات ليس (بخارج) لكنه متتبــــــع المأثور كلف بحفظ الشرع يجمع شمله ما هاب لوما في جناب كبير في فالق الحب الحبيب مشدد عمن يجاهر بالخنا لنكيــــــر خط سيرهم . كان محمد بن المحمود ويقال له أيضا عبد الله كما مر قبل قليل داعية من الطراز الأول سليل أسرة علمية تربى بين أحضان والده الشيخ المحمود الذي اشتهر بين القاصي والداني بالدعوة إلى التوحيد وجهاد الفرنسيين , وكان قائما بأمر الدعوة في بلاد (تنبكتو) قبل هجرته إلى الحرمين , وقاد طائفة من طلابه ومحبيه في معركة (تهتست) فانكسرت جماعته أمام ترسانة أسلحة الفرنسيين فقرر الهجرة بعد ذلك . وقد تربى الشيخ عبد الله في هذا الجو وتمرس على الصدع بالحق وصار هم الدعوة يسري في وريده, منذ الطفولة, ويدب حب الاحتساب في قلبه كدبيب الأنوار في غسق الليالي الدياجي . فقرر العودة إلى الصحراء الطارقية, ليتخلص من خواطر مزعجة يستمع إلى نجواها وهي تحدثه بأن يدا من التبدع عبثت في الصحراء بالعقيدة فشتت شملها, ومزقت أديمها, وفرقت جمعها. ولاشك أنه قام بقياس حاجة الناس في الصحراء إلى الدعوة ونشر التوحيد الخالص بينهم مما هون عنده ما سيلقاه ويعترض سبيله من المتاعب والمشاق , فلم يعقه كونه من المهاجرين من ترك أرض طيبة الطيبة كما فعله أسلافه من المهاجرين والأنصار وامتشاط نواصي الفلوات , وركوب عباب البحر ليدعو إلى الله خلف البحار ووراء الرمال , فكما أن هناك مقاييس لرصد الزلازل , وأخرى لهبوب الأمطار ودرجات الحرارة فكذلك لأمثاله من الدعاة إلى الله مقاييس دقيقة يقيسون بها حاجة الأمة وهموم الدعوة فينسون ذواتهم وجاحاتهم في سبيل إيصال الخير إلى الناس فقد ترك الشيخ المدينة التي تربى بين بطاحها وسهولها وتنسم نسيم هوائها وكانت مرابعها مرتع صباه, واتخذ الدعوة وطنا, والعقيدة قائدا يقوده طائعا من مدينة المصطفى صلى الله عليه وسله إلى بحار رمال الصحراء الطارقية , وكانت نفسيته في هذه القصيدة التي رسم فيها خارطة رحلته تدل على ارتياح كبير, وعلى أن هناك أملا دعويا ينتظره ليتحقق على يديه. ولاشك أنه يعرف أنه خرج لمهمة صعبة, فإخراج الناس من قناعاتهم, التي غطت على العقول فلا تطلع عليها الشمس, من أصعب ما يواجه الدعوة والدعاة. وسوف ترى أن هذه القصيدة هي أحسن وصف لخط سير المهاجرين السوقيين في عودتهم ولكنني لم أتمكن حتى هذه اللحظة من العثور على منظوم أومنثور لهم في هذا الموضوع غيرها وقد جسد فيها رحلته من مكة المكرمة إلى دولة(مالي) التي كانت موطن أجداده وأسلافه والتي اتخذها مركز دعوته حتى توفى عام 1371 للهجرة النبوية وقد انطلقت هذه الرحلة من (أجياد) ومخرت عباب البحر نحوالسودان التي سجلت الرحلة أهم موانئها ومدنها الرئيسية وهي: المع برق سرى من علو (أجياد) = فبت ما بين تذكار وتسهاد أنى اهتديت في فياف لامنا ربها = يضل فيها القطا الكدري والهادي جازت ببحر خضم لاقرار له = لازال يقذف أزبادا بأزباد عهدي بها غادة هيفاء خرعبة = لاتستطيع الخطا إلا بإسعاد جازت (سواكن) فالسلوم عن كثب= فقطرعطبرة من دون إرشاد(1). واستمر قائلا: فأم درمان فالخرطوم ودمرتي = منار تُندلتي ماوى كل رواد(2) ثم الأبيض من قبل النهود إلى = جبال حلة دون أم كداد فكبكبية بعد الفاشر اشتبكت = فيها أفانبن أزهاروأوراد ثم الجنية مأوى كل فاكهة = دار المساليت أمجاد وأنجاد (3) فأرض كسرى فيروى ثم أرض = من بعدها كشنا جبيا بتعداد(4) فادخل مرادي فماداوى من أرض = نمي فسرإلى (آيرو) سيرابإجهاد(5) فادخل (لسينا) لذات النور تتبعها = (تن فاضمات)لتيسي أرض إمغاد سقى مرابعها غر السحائب لا = تنفك تهمى بها من دون إفساد (6) ثم ختم قصيدته بالإشادة بدور الشيخين إغلس بن محمد بن اليمان واشقيقه الشيخ أعالي وفي القصيدة إشارة إلى أنهما رحبا به شعرا وكانا من المتأثرين بدعوة الشيخ ومن المدافعين عنه وعن دعوته في الصحراء الطارقية فكان رده على ترحيبهما بقوله: أتت قصيدتك الغراء منبئة عن الوداد بلا ريب وترداد لاذكر للغوث في الذكر الحكيم ولا للقطب كلا ولن يروى بإسناد فقل لمن يدعي الإثبات من سفه هاتوا أدلتكم وأتوا بأشهاد بل ذلكم سَنن الماضين من أمم التابعين لآباء وأجداد يا(عاليا) فوق أضداد وأنداد لازلت في (أربند) ركن إنشاد وشد أزرك (اغلس) من معارفه دكت قوى كل إضلال وإلحاد وقل (لأحمد) لايكتم نصائحه وينشر السنة الغراء في النادي واحد الركائب نحو العلم مجتهدا تظفر بما شئت من إرشاد شراد إني استعذت برب العرش خالقنا فلا معاذ بأغواث وأوتاد وقد يعوذ رجال لاخلاق لهم بالإنس والجن قد باؤا بإبعاد آل اليمان لازلتم جهابذة موضحين لخافي العلم والبادي أحييتم سنة الهادي على زمن يعز والله محيو سنة الهادي وكانت أحاديث دعوته ملئ السمع والبصر, نستمع إلى الناس ونحن صغار يتحدثون عن دعوته, وصدق لهجته, وقوة خطابته, وجزالة شعره,وحضور بديهته, وشدة تمسكه بمبدئه في عقيدته. إهداء الكتب. واتخذ دعمهم للدعوة في بلادهم أشكالا والوانا مختلفة, ومن أهمها إهداء الكتب, وخاصة كتب الحديث وكتب العقيدة, حتى صار ذلك عادة وديدنا لهم رحمهم الله رحمة واسعة, وأجزل لهم الأجر والمثوبة, وتقبل منهم. الاطعام. واتخذوا الإطعام والإنفاق ديدنا وطريقة,ويتكلفون في ذلك أشياء من الديون ومكابدة مشاق كثيرة في سبيل ذلك وكانت بيوتهم مفتوحة, وعطاؤهم ممنوح, ونوالهم يغدو ويروح, على كل وارد وصادر من المقيمين, والحجاج والمعتمرين, واتفق لهم من الفضائل ما لم يتفق إلا لقلة من الناس, وكان الغالب من هؤلاء المهاجرين من أعيان البلد وساداته, وخيرة رجاله وقادته وكانوا في الحجاز كذلك, وكان خروجهم من البلد نزل على الناس مثل الصاعقة فبكاهم الشعراء, ونعتتهم أندية المجد في الصحراء الطارقية يقول أحد الشعراء البارزين شاكيا الم فراقهم: لابدع إن الشمس مطلعها السما وسموهم جدا فجدا ظاهر هم مطلع الأنوار منذ وجودهم علم تراثي وصيت سائر درس وتدريس وسر فيهم سار سواء صاغر أوكابر رشد وإرشاد صدور وسعت مشروحة للمعلوات مصادر كرم وإكرام قرى كم عجلت للمستضيف فذابح أو ناحر شهدت بذاك عدول كل قبيلة فلهم على رغم الجهول مفاخر ويمكن أن نقسم هجرات السوقيين إلى الآتي: 1- الهجرة الأولى : وكانت قبل الاستعمار الفرنسي , وقبل قيام الدولة السعودية وليست مرتبطة بأية مؤثرات خارجية ونذكر من هؤلاء المهاجرين الأوائل. 1- الشيخ أمية بن اساي قتل في طريقة إلى الحرمين عام 1332هجري. 2- محمدأحمد بن محمد الأمين من قبيلة (إقدش) توفي في مكة . 3- محمد بن عيسى القنششي توفي في المدينة المنورة وهو خال الوالد. 2- الهجرة الثانية: ولهذه الهجرة ارتباط بتأثيرات الاستعمار الفرنسي الذي أدى إلى قتل ونفي الكثير من علماء البلد ووجهائه , وتغييب دور العلماء , وتقويض أركان السلطنات الطارقية في البلد بصفة عامة ومن هنا بدأت قصّة هجرتهم إلى بلاد الحرمين الشريفين وكان ذلك في عام 1323 الهجرية، وكان علماء السوقيين هم الطليعة لهذه الهجرة وفي مقدمتهم. 1- الشيخ يحيى بن سهل. 2- الشيخ محمد بن حسن الهاشمي. 3- الشيخ محمد بن أحمد. 4- الشيخ عبدالله الحاج. 5 عبدالرحمن الانصاري. 6- محمد أحمد بن مَحمد (أبوخن). 7- الشيخ عمار بن الحسن. 8- الشيخ محمد الصالح بن الحبيب. 9- الشيخ عبد الله الحاج. 10- الشيخ ابوسالم بن الحبيب. 11- الشيخ صالح بن الحبيب. 12- الشيخ محمد يحيى بن تلت القنششي. 13- الشيخ موسى بن الحسن. 14-الشيخ سيدي محمد بن ذوالقرنين. 15- عمر بن محمد الطارقي. 16-الشيخ اسماعيل بن الطيب. 17-الشيخ محمد الصالح محمود 18-الشيخ عبد القدوس محمود 19-الشيخ محمد بن الهدى 20-الشيخ احمد تيجان 21- القاسم الطارقي ------------ 1-سواكن ميناء على البحر الأحمر للسودان بجنوب برتسودان (والسلوم) مدينة سودانية و(عطبرة) مدينة بين الخرطوم وبرتسودان. 2-ام درمان معروفة والخرطوم كذلك و(دمرتي) من مدن السودان و(تندلتي) منطقة في تشاد. 3-فآدري ثم وداي فآتيــة فبيكرو ثم فرلامي بلد تشاد هذه مدن تشادية. 4-هذه مدن من مدن الكامرون ويروى من مدن نجيريا. 5-وهذين المكانين في أرض النيجر. 6- مضارب قومه في تيسي |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 04-10-2012 الساعة 11:50 AM
|
04-09-2012, 08:17 PM | #59 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
وكل اولئك انطلقوا من ارضهم يحدوهم الشوق إلى مجاورة بيت الله الحرام لقضاء بقيّة حياتهم في العبادة بعد قصّة معاناة طويلة
وصولهم إلى بلاد الحرمين الشريفين وصل أوائلهم إلى بلاد الحرمين الشريفين تقريباً مابين عام ( 1368 ) الموافق (1948) م هـ إلى ( 1370 ) هـ الموافق (1950 م ) في عهد الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – . 3- والهجرة الثالثة: ولهذه الهجرة ارتباط بسياسة الرئيس الأول لجمهورية مالي بعد إعلان الاستقلال عام (1960م) والذي قاد البلاد إلى شيوعية مهلكة, وحاول التنظيرلها والتطبيق الحرفي لنظرياتها ومبادئها, مما سبب استياء بعض علماء (مالي) السوقيين ورفضوا المقام في الوطن واختاروا التوجه إلى أماكن بديلة يعبدون الله فيها بعيدا عن الشيوعية وأتباعها وكانت هذه الرحلات قد صبغها العناء والبؤس بكل ألوانه وتتم أحيانا مشياً على الأقدام مسيرة عام كامل، حيث كانت الأسرة تخرج وعددها ( 12 ) فرداً، فلا يصل منهم إلاّ قليل وأما البقية فهم ضحايا جوع أو مرض أو قطاع طريق أو تيه في الصحراء أو خطف أوسرقة – والله المستعان –وهؤلاء غالبهم دخلوا عن طريق السودان كانت ما بين عام ( 1375 ) هـ -((1955م إلى ( 1380 ) هـ،(1960 )م و غالبهم دخلوا بجوازات سفر فرنسية.. وبعضهم استلموا الجنسية السعودية. 5- والهجرة الرابعة والأخيرة: وهي التي تعرف بالهجرة الجماعية، وكانت نتيجة لسنوات الجدب والجفاف التي مرت بالمنطقة والتي أبادت الحرث وقضت على الأخضر واليابس وكانت ما بين عام ( 1973 ) هـ وعام ( 1985 ) هـ، وحصل بعضهم خلالها على الإقامة بجوازات سفر (مالية). ولاأشغل نفسي بتعدادهم, لكثرتهم ولعدم توفر الشرط الأول من عدم ارتباط هجرتهم بمعناها الديني , عكس الهجرات السابقة, ومع ذلك فلا تحجير لواسع نية المؤمن في أي وقت وفي أي زمان أو مكان, والهجرة كما قال الصادق المصدوق في الحديث الصحيح فيما رواه أبو داود عن أبي هند عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لاتنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة, ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها). هذا ما أردت أن أشارك به في هذا الموضوع المهم الذي لم يعط ما يستحقه من الاهتمام, ورغم أنه ليس ذاصلة مباشرة بحياتي فإنه ينضاف الى السياقات المتقدمة التي تحدثنا فيها عن حنين السوقيين الى الحرمين موطن أجدادهم الأصلي, وارتباط اسلافهم بالهجرة منذ عهد سحيق. |
|
05-22-2012, 08:26 PM | #60 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
رجع إلى موضوعنا وقد سبقت الإشارة إلى أن سبب تناول موضوع الهجرة إهمال الكتاب (الأزواديين) لهذا الجانب من كتاباتهم, مع أنه من أهم المراحل التي مرت بالحركة العلمية في صحراء الطوارق, وفترة زاهرة بالنسبة لاتصال علماء السوقيين بغيرهم من العلماء في شبه الجزيرة العربية.
وكنت قبل أن أصل الى الرياض عام 1413هجري تسري في نفسي رغبة جامحة وشوق إلى لقاء الشيخ ابن باز, ولا يشبع هذه الرغبة في نظري إلا رؤيته والجلوس معه ولكن هذا لم يحصل بسبب إهمالي والله المستعان, وبعدي عن الرياض وقد قلت فيه ابياتا سببها كتاب نسيت اسمه لواحد من الرافضة نال فيه من الشيخ رحمه الله فقلت : يانسيم الصبا متى أنت ماض .. نحو(نجد) فعرجن بالرياض لاتني إن وصلتها وسط ليل ..أوإذا افتر صبحه عن بياض واقربن من وصيد دار مرب ..واكرعن من نمير تلك الحياض ثم بلغ تحيتي وسلامي .. لابن باز ثم اقض ما أنت قاض هو شيخ لسنة وإمام .. باتفاق من الثقاة المحاض هو نور عم البلاد بصحو .. في السعود أوفي البلاد العراض يدحض الشبهات بالوحي حتى .. يستكن إلى النصوص القواض هد من كل ذي ابتداع بناء .. كان للجهم تابعا أو إباضي وفتاواه ربما ذكرتنا .. في صفاها تلك القرون المواض وقعها في أهل (التشيع) أنكى .. وأشد من السيوف المواض رب متع بعلمه وتقاه ... وارض عنه فجهده عنه راض وما أخذت من الشيخ مباشرة كما أشرت إليه في السابق إلا من خلال أشرطته المبثوثة في كل مكان رحمه الله, وقد أحسست بأسى وحزن شديدين عندما سمعت نبأ وفاته, ولوفاته وقع عند كثير من المسلمين وقد قلت يوم وفاته: نبأ فجا ودهى جميع بلادي ومصيبة حكمت بطول سهاد أفرشتها لحمي دمي ومفاصلي فأبت وأثوت في صميم فؤادي والقصيدة تصل الى عشريت بيتا وسوف اضيفها متى وجدتها. وممن أخذت عنه مباشرة عبد الرحمن العجلان, والشيخ يحيى الهندي, والشيخ عبد الله البسام, والشيخ حمزة الفعر, والشيح محمد صالح الحبيب, - وهو من علمائنا الذين سبقت الاشارة بانهم هاجروا الى الحرمين - والشيخ محمد بن صالح العثيمين, ومن المواقف التي يستحسن ذكرها هنا أن ابن العثيمين عرفته من خلال صوته الجهوري في الأشرطة قبل أن أراه فاتفق أن إمام مسجدنا محمد بن عابد القرشي وهو من طلاب الشيخ جاء إلينا في المسجد بالشيخ ابن العثيمين وكثير منا لا يعرفه وألقى كلمة بعد الصلاة وكانت عصرا, فقلت الصوت صوت الشيخ ابن العثيمين ولكن الهندام والهيئة والجسم دون ما هو موجود في ذهني, فاستفدنا من الكلمة وسلمنا عليه وهذا هو أول لقاء لي بابن العثيمين رحمه الله تعالى: وفي المحاضرات العامة استفدت من الشيخ سفر الحوالي , والشيخ سعيد بن مسفر,والشيخ صالح بن حميد. ومن المشايخ الذين استفدت منهم الشيخ العلامة حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله واستفدت منه في تصحيح اسم بعض رجال مسلم , وأكثر استفادتي منه من خلال الأشرطة, وخاصة تفسير سورة الفاتحة وله في تفسيرها نفس علمي زاخر بالفوائد ولم أذكر أنه جاء إلى مكة في الفترة التي قضيتها فيها, وهي مابين 1411هجري إلى 1415, وكان في ذلك الوقت في المدينة لايغادرها , وكان الشيخ حماد شيخا مهيبا يكسوه جلال العلم , ومجلسه مجلس علم جم الفوائد , كثير العوائد, ويزين ذلك عقل سائس وحزم حارس ودين متين وهدي قويم. |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10) | |
|
|