الجوهر الفاخر في ترجمة السيد الشريف الشيخ انتالا أق الطاهر

المحور الثالث: شخصية السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ السياسية.

قلت: إن هذا المحور من المحاور الهامة، خاصة في حياة الوجهاء لكشفها عن حقيقتين، تحت هذه الفقرة التعريفية.
الفقرة الأولى: تعريف السياسة لغة: وسنوجزه ـ بإذن الله تعالى ـ في هاتين الحقيقتين اللغويتين.
الحقيقة الأولى: هو التمتع بالسيادة ذات السلطة التنفيذية، كما يرشد إليه قول صاحب القاموس: وسستُ الرعية سياسة أمرتُها ونهيتُها.
قلت: وذلك لا يكون إلا ممن رزق جانبا كبيرا من الخلق الرضي مع الغير، ويأخذ هذا الاصطلاح التمكن في معناه الحقيقي كلما تمتع به كل ذي سلطة تنفيذية، كما هدى إليه قول صاحب القاموس.
الحقيقة الثانية: التمتع بحسن التصرف، كما يرشد إليه قول الفيومي:وساس زيد الأمر يسوسه سياسة دبره وقام بأمره. مصباح المنير.
الفقرة الثانية: تعريف السياسة الاصطلاحي ـ سياسة وشرعا.
قلت: وإلى هذا التعريف الاصطلاحي تقول هذه الدراسة:
والسياسة نوعان: سياسة عقلية؛ يكون تدبير مصالح الرعية فيها موكولاً إلى العقل البشري، وتُسمّى أيضاً سياسة مدنية.
وسياسة شرعية؛ يكون تدبير مصالح العباد فيها بمقتضى النصوص الشرعية، وبما دلت عليه أو أرشدت إليه، أو استنبطه العقل البشري مما يحقق مقاصد الشريعة...
الكتاب : مقدمة في فقه النظام السياسي الإسلامي
محمد بن شاكر الشريف
لذا فإننا سنتعرج ـ بإذن الله تعالى ـ بإيجاز إلى ما لا بد من ذكره من جانب ما يتمتع به صحاب الترجمة الشيخ السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ من الشخصية السياسية ـ حسب فقرات هذا المحور ـ بإذن الله تعالى.
ليدرك قراء المعرفة شيئا مما يتمتع به المترجم له، من المعاني السامية في حقيقة السياسة لغة واصطلاحا، وصدق الله، ومن أصدق منه قيلا، قائلا لنبيه ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ.
قال أبو حيان الأندلسي: بين تعالى أن ثمرة اللين هي المحبة ، والاجتماع عليه . وأن خلافها من الجفوة والخشونة مؤد إلى التفرق.
تفسير البحر المحيط.
قلت: إن هذه الآية أصل عظيم من أصول السياسة ـ السيادية والشرعية الحسنى المحكمة.
فينبغي أن يتمتع كل ذي رعية من رب أسرة، فما فوق من مراتب الرعية الاصطلاحية العظيمة...
ولقد أحسن أبو حيان في تقريب درر معنى الآية الكريمة بنقله المتقدم.
الفقرة الثالثة: ما رزقه صاحب الترجمة من سياسة حسنة لمجتمعه أفرادا وجماعات.
وأحسن هنا بذكر معاني قول الشاعر:
إن من ساد ثم ساد أبوه * ثم قد ساد قبل ذلك جده
قلت: فمعاني هذا البيت جاءت وفاقا واتفاقا بما يتمتع به المترجم من تاريخ جليل السيادة أبا عن أب عن جد...:
فالمقصود ترتيب درجات معالي الممدوح.
كما ظهر به معانيه صاحب: شرح الرضي على الكافية.
ولقد يستغني المترجم له عن هذا بيت لجر دلالاته السامية السيادة، بما قيل في حقه فيما نحن بصدده، الذي وصفه أحد أعلام عصره بقول:
لولا الإمام بن الإمام الطاهر***ابن الإمام إلّي ذي المآثر
إذ بدأ به: من حيث كانت سيادة جدّه أرسخت له سيادة أبيه وأعقبت سيادة نفسه ، وهذا استعمال موجود بكثرة .
التحرير والتنوير من التفسير ـ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي.
قاله على تعليق بيت: إن من ساد ثم ساد أبوه...
قلت: وبهذا الاستعمال البلاغي التاريخي في حق الأعيان، عبر به الشيخ العلامة أعالي الإدريسي السوقي المرسي، في حق سيادة السيد الشريف الشيخ انتالا الموروثة عن أباء صدق...
فبهذا الاستعمال السيادي الجميل أحيا لقراء المعرفة الشيخ أعالي معنى القول المشهور: التاريخ يعيد نفسه.
وعلى كل حال فإننا هنا مع إشارات لطيفة كمقدمات في جانب سيادة صاحب الترجمة القديمة المنبسق عنها سياسته الحسنى لمجتمعه، لا سيما في حسن جانب سياسته لرجال الدين على مختلف قبائلهم ومذاهبهم، ومواطنهم.
وقل مثل ذلك في جانب سياسته الحسنى لسادات مجتمعات أفقه على مختلف قبائلهم ومذاهبهم، ومواطنهم أيضا.
وقد تقدمت نماذج رائعة لهذه الفقرة في محور شخصيته الاجتماعية ـ حفظه الله تعالى ـ فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
الفقرة الرابعة: ما رزقه من سياسة محكمة حسنة لساسات حكومة دولة مالي.
وهي الفقرة التي يصور شيئ من دورها البارز من شخصية صاحب الترجمة في معرض التعامل مع سياسات حكومات مالي بدرجة كبيرة، من الثقة والتمثيل الحكومي المحكم سواء منه لحكومة مالي، أو لجانب شعب أفقه، وهي على كل حال شخصية سياسية ذات ثقل متميز حكومة ـ حكومة من حكومات دولة.
من ذلك ما يصوره لقراء المعرفة السفير العراقي الأستاذ المؤخر الأديب همام هاشم الألوسي، بوصفه التعريفي البليغ، بقوله:
وقد استفاد الشيخ ابن الطاهر في حينه من العلاقة الطيبة التي تربطه مع الرئيس المالي الجنرال موسى تراوري.
(أطيح به في انقلاب عسكري في أذار 1991م)، والاحترام الذي يحظى به لدى السلطة...
كان الشيخ انتالا بن الطاهر أيام حكم الرئيس السابق موسى تراوري عضوا في قيادة الحزب الحاكم في البلاد.
من جهة ثانية لم تقم السلطة التي تولت مقاليد البلاد على الرئيس تراوري بالتعرض بأي إجراء للشيخ بن الطاهر.
المصدر: الطوارق ـ الشعب والقضية تاريخا منسيا ـ وحضورا مقهورا ومستقبلا مجهولا. ص170-171.
طبعة: دار أبي قراقا للطباعة والنشر.

الفقرة الخامسة: نماذج متينة من جانب ثقل شخصية صاحب الترجمة الشيخ السيد انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ في سياسات حكومة مالي تجاه أحداث أفقه خاصة أحداث الحركات الثورية الطارقية.
قلت: وهذه الفقرة ستحدث قراء المعرفة بشخصية سياسية محنكة، ومن أمعن فيها النظر السياسي العميق، سيخرج ـ بإذن الله تعالى ـ بواقع حي في أنه هو أبو حسن في مثل: قضية المثل المشهور: قضية ولا أبا حسن لها.
لأنه في أرض واقع قضايا الشمال الصعبة، هو أبو حسن الوحيد لها في رجالات أزواد خاصة لقضايا أحداث شمال مالي السياسية منذ ظهورها، في جانب الحركات الثورية.
وبشيء من أثارة علم في حقائق هذه الفقرة يصح للقائل أن يقول بصدق: القول ما قالت حزام.
الحقيقة الأولى: بيان شيء من جانب ما أسندته حكومة مالي إلى صاحب الترجمة الشيخ السيد انتالا في جانب القيام بهذه المهمة الصعبة ، التي يصورها لقراء المعرفة السفير العراقي الأستاذ المؤرخ الأديب همام هاشم الألوسي، بوصفه التعريفي البليغ، بقوله:
وكان من أشهر أدواره ذلك الذي جاء بعد تفجر الأحداث في جمهوريتي النيجر ومالي، عام 1990م.
إذ كان دوره واضحا في جمهورية مالي، في التوسط بين رجال الحركة الأزوادية، والمسؤولين الماليين.
من أجل البدء بحوار أثمر عن تفهم مشترك، لمواقف الطرفين، من واقع ومستقبل الصراع.
المصدر: الطوارق ـ الشعب والقضية تاريخا منسيا ـ وحضورا مقهورا ومستقبلا مجهولا. ص170-171.
طبعة: دار أبي قراقا للطباعة والنشر.
الحقيقة الثانية: رسوخ الشخصية السياسية في حق صاحب الترجمة الشيخ السيد انتالا ـ حفظه الله تعالى.
وهذه عنها وعن مثيلاتها يتضح حقيقة معاني القاعدة المشهورة: الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
وذلك أن جانب أحداث الثورة الأولى كانت تحت قيادة أخيه ـ قرنه ونظيره السيد الشريف زيد أق الطاهر ـ رحمه الله تعالى.
وما أدراكم ما زيد أق الطاهر، إنه الذي يصور ثقله الاجتماعي والسياسي والسيادي لقراء المعرفة السفير العراقي الأستاذ المؤرخ الأديب همام هاشم الألوسي، بوصفه التعريفي البليغ، بقوله:
خلال فترة عملنا في جمهورية مالي، وجدنا أن الشيخ زيد أغ الطاهر(ويلقبه أهل المنطقة بالأمير)...

المصدر: الطوارق ـ الشعب والقضية تاريخا منسيا ـ وحضورا مقهورا ومستقبلا مجهولا. ص172.
طبعة: دار أبي قراقا للطباعة والنشر.
فإذا تحقق معرفة ما يتمتع به السيد الشريف زيد أق الطاهر من المكانة السامية اجتماعيا وسياديا وسياسيا، نجد أن أي تيار كان ضده في وقته لن يكون قائده شخصية سهلة في جميع جوانب الشخصية السيادية البارزة.
الحقيقة الثالثة: صعوبة الاختراق السياسي لتلك الأحداث الثورية، التي أشربت نفوس المجتمع من سادات، ومن في معناهم حب الموت في سبيل تحقيق هدفهم الانفصالي.
على حد قول من قال: نقاتل ملكا أو نموت فنعذرا.
وتلك الأحداث الثورية الشديدة الانفجار وقتئذ، هي التي سيصورها لقراء المعرفة ـ بإذن الله تعالى ـ السيد النبيل يوسف أق الشيخ أحد المناضلين البارزين في تلك الأحداث الثورية، يحدث قراء المعرفة بحديث يتعلق بتاريخ الثورات نقلتها في مقابلة جرت بيننا 1433هـ
في ولاية كيدال، وقد تناولت المقابلة تاريخ تلك الثورات من بدايتها إلى تاريخ 1433هـ.
وسنورد هنا جملة من أحداث ثورة 19960م، التي بقيادة السيد الشريف زيد أق الطاهر ـ رحمه الله تعالى.
ليتصور القارئ صعوبة مهمة صاحب الترجمة الشيخ السيد انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ المهمة السياسية خاصة تجاه الثورات وقاداتها الذي أشربوا حب تحقيق هدفهم، الذين من أوائلهم، وأبرزهم فيها، ومن بلغ به إخلاصه لها، أن كـ:أنسته أن أمام تحقيق هذا الهدف أنواع شديدة من البلاء الأليم في النفس والأهل والمال...
ومع ذلك هذه بدايات وقفات السيد الشريف زيد أق الطاهر، نوجزها ـ بإذن الله تعالى ـ في معرض مقدمات أحداث تلك الثورات:
مرحلة الثورة الطارقية ـ الثورة التي قامت ضد حكومة مالي 1960ميلادي.
وهي الثورة التي شارك فيها السيد البطل المناضل إيسوف أق الشيخ عمدة النقل، وكان عمره وقتئذ 18سنة...
من قبيلة: إدنان....
فكان أول اجتماع وقع اجتماع ولاية قاوى تحت قيادة:
· السيد المناضل الشريف زيد أق الطاهر من قبيلة: إفوغاس...
· السيد المناضل سيدي آلمين ـ الأمين ـ أق الشيخ...
هو الأخ الأكبر لعمدة النقل، وهما من قبيلة: دنان...
· السيد المناضل إلياس أق أيوب من قبيلة: ضسهاك...
· أخوه السيد المناضل يونس أق أيوب...
· السيد المناضل أظَّيْظَنْ من قبيلة: تلقطغات...
· السيد المناضل حمزة أق القاسم من قبيلة: تاغات ملت...
· السيد المناضل مخيا أق أمين من قبيلة: تاغات ملت...
وهؤلاء هم الذين أعلنوا رفضهم الاندراج في سيادة دولة مالي 1957ميلادي.
وهذا اللقاء هو الذي نتج منه الثورة الأولى الطارقية ضد حكومة مالي...
التي كانت بداية شرارة حربها السعيرة 1963ميلادي.
وهؤلاء هم الساسة السياسيون في الثورة الطارقية الأولى 1960ميلادي.
قلت: ومنها يدرك القارئ ظهور الشخصية السياسية المتينة في شخصية السيد الشريف زيد أق الطاهر…
إضافة إلى هذه الإشارة ما انبسق من ذلك الاجتماعي الثوري الذي اختار السيد الشريف زيد أق الطاهر شخصية السيادة لهم، فكان من نتائج هذا الاجتماع أن كونت رجالات تلك الثورة في نفسها عدة شخصيات...
ومنها: الشخصيات السياسية، وعلى رأسهم السيد الشريف زيد أق الطاهر، الذي ترأس البعثة الأولى إلى الجزائر لتوضيح قضية الثورة للجزائر، وذلك لأجل تحقيق هدفهم الانفصالي...
فهم كالتالي، كما أفادني به عمدة النقل السيد النبيل المناضل يوسف أق الشيخ، متحفا قراء المعرفة بأسماء أهم رجال السياسية في تلك الثورة، وهم:
· السيد زيد أق الطاهر من قبيلة: إفوغاس.
· السيد إلياس بن أيوب من قبيلة: ضًسْهاكْ.
وهذان السيدان هما اللذان أرسلتهما الثورة إلى الجزائر لأجل بيان قضيتهم الملخصة في طلب انفصال صحراء أزواد عن دولة مالي.
فطلبا مقابلة رئيس الجزائر وقتئذ، وهو الرئيس بن بلاّ الذي رفض مقابلتهما، بل أصدر الأوامر الصارمة باعتقالهما، ثم تسليمهما لدولة مالي...
قلت ومن كان هذا دوره من أدواره السياسية أن اختير ليمثل سياسية كبرى خطيرة تقابل رؤساء الدول...
ولا سيما مثل الجزائر قديما وحديثا، فلا شك أن من اختير أن يعترض لتلك الشخصية السياسية، اختير اختيارا محكما مبنيا على جوانب عدة سياسيا واجتماعيا وحكوميا، ذات ثقل متميز أمام أحداث مثل تلك الثورة التي سنتناول صورا من وقائعها العسكرية في الجوهر الفاخر ـ بإذن الله تعالى ـ ليتضح من خلالها عظم الشخصية السياسية والاجتماعية في شخصية صاحب الترجمة الشيخ السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى.

الفقرة السادسة: تأجج نيران ثورة 19963م، ومواقف الشيخ السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ المواقف السياسية الحكيمة المحكمة.
قلت: وهذه الفقرة تحتها نقاط، بها توصل ـ بإذن الله تعالى ـ أحداث هذه الثورة، حسب ما نبينه مما نحن بصدده، كما سلطنا الضوء عليه من باب الإشارة سابقا.
وأما أحداث تلك الثورة وغيرها بالتفصيل، فلها موضوع خاص بها ـ بإذن الله تعالى ـ من ثورات الحركات الجهادية الأزوادية ضد الاستعمار الفرنسي، إلى ثورة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، فالآن مع نقط هذه الفقرة ـ والله ولي التوفيق.
النقطة الأولى: آثار العداء الفرنسي في إضرام الفتنة بين المسلمين إبان فترة استقلال دولة مالي:
قلت: بادئ ذي بدء ـ سنترك قراء المعرفة لجانب الأحداث الثورية الشديدة الانفجار وقتئذ، خاصة المتعلقة بهذه الفقرة ذات النقط التعريفية بتلك الأحداث التي سيصورها لقراء المعرفة ـ بإذن الله تعالى ـ السيد النبيل يوسف أق الشيخ أحد المناضلين البارزين في تلك الأحداث الثورية.
قائلا ـ حفظه الله تعالى ـ في معرض متعلقات هذه الفقرة، التي منها:
وهي أن فرنسا بعد استحكامها السيطرة في صحراء أزواد، أنشأت حزبين:
الحزب الأول: اسمه: حزب إرْديا.
الحزب الثاني: اسمه: حزب بِسْبي.
فأنشأتهما فرنسا لأجل أن من أراد أن تبقى فرنسا سيختار: حزب بسبي.
ومن أراد الاندماج في دولة مالي سيختار: حزب إرديا.
ولقد أرادت فرنسا بذلك مكرا بسكان صحراء أزواد عموما، وبالطوارق خصوصا، لشدة عنادهم لمصالح فرنسا في صحرائهم الناتج ذلك العناد عن كره النصارى تدينا...
فأدركت فرنسا ذلك إدراكا ظاهرا بدأ ظهوره لإعلان الجهاد ضدها، ثم تصادمهم بها في أرض المعارك الجهادية، ثم إلحاق الخسائر في صفوفها، ثم التمرد عليها لما عززت تواجدها العسكري بالعتاد والخطط العسكرية والسياسية، وغير ذلك مما جعل فرنسا تريد بهم النكال والانتقام البغيض، لتبقى الصحراء تحت حكم فرنسا، في سبيل تحقيق مصالحها المنكرة في حق شعب صحراء أزواد، خاصة ضد الطوارق، الذين أذاقوها الويلات في المعارك الجهادية، ورفضوا التعامل معها تدينا، حتى غلبوا على أمرهم...
النقطة الثانية: استعمال فرنسا الغزاة النصارى أخبث أنواع الحيل إبان فترة استقلال دولة مالي:
وذلك ما ستحدثنا به جمل هذه النقطة ذات الحيل الجهنمية ليبقى المسلمون بعد ذلك في جنوب مالي وشمالها في حرب طائفية منكرة، كما وقع بالفعل من تقاتل المسلمين أولئك فيما بينهم، والكل يدعي أنه على حق...
فمنشأ ذلك الحق المزعوم بين الطرفين، هو نتيجة ما: صنع الرئيس الفرنسي وقتئذ (ديقول) إذ قام بمكر من مكر الليل والنهار، أودع شره في تلك الرسالة الموجهة إلى رؤساء قبائل صحراء أزواد...
وكانت تلك الرسالة فيها جميع أسماء رؤساء قبائل صحراء أزواد، منهم بعض أعيان قبيلة السلطة: إولمدن:
· السيد السلطان نجل السلاطين المجاهد البطل الشهير فهرون أق الانصار ـ رحمه الله رحمة واسعة...
· والسيد السلطان الشهير تلجات ـ رحمه الله تعالى...
· وهانك غيرهما من أعيان رؤساء قبائل صحراء أزواد...
فكانت تلك الرسالة المكرية بوابة إلى شر ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب }
النقطة الثالثة: ازدواجية فرنسا الغزاة النصارى بأخبث أنواع الحيل بين الشعبين المسلمين.
هذا وقد قامت فرنسا في إحكام تلك الحيل، بحيث أن كل طرف أظهرت له خصوصية معينة تظهر له فيها مصلحته الشخصية، بل وقد يزعم أنها تخدم مصالح من يتبنى تلك الرؤى التي منها:
وهي أن بعض رؤساء قبيلة سنغاي قاوى، وتينبكتو إحدى قبائل صحراء أزواد...
لما طلعوا على رسالة الرئيس الفرنسي ديقول...
قاموا بمبادرة أخرى على وجه الحيل المحكمة ضد استقلال أفقهم أزواد، لاختيارهم الانضمام إلى دولة مالي...
وذلك لا يكون إلا بجر بقية جيرانهم الأزواديين إلى المواطنة في دولة مالي، وبذلك يكون أزواد مع مالي دولة واحدة.
فكانت الحيلة التي صنعت صناعة حيلة محكمة برؤيتهم الانضمام إلى مالي كدولة مسلمة، لتخرج فرنسا الدولة الكافرة الغازية ـ وتلك الحيل من حيل فرنسا نفسها لتتربص بالشعبين المسلمين مكرا بهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
فكان مما أحكمت به تلك الحيل أنه إذا تم خروج فرنسا ـ صاحبة مكيدة: فرق تسد.ـ
عند ذلك يقوم أبناء صحراء أزواد مرة ثانية بالاستقلال عن دولة مالي، كمرحلة ثانية متفق عليها بين جميع الاطراف، من مالي، ومن مجتمعات صحراء أزواد التي منهم بعض وجهاء سنغاي ـ من تبنوا هذه الرؤية الاندماجية...
فمن صناع هذا القرار:
· محمد قاسم توري...
· السيد الأزوادي حسن السنغاي...
فعلى هذه الرؤية السابقة البيان، صالح رؤساء قبائل الطوارق فرنسا،
بأن ينضموا إلى بقية إخوانهم المسلمين في دولة مالي، ذات الشعوب المسلمة...
وهناك وقع الاتفاق على الميثاق المذكور، الذي سينتهي اتفاقا إلى استقلال أزاد عن دولة مالي، إذا تخالصت الشعوب المسلمة من سلطة الكفار النصارى الغزاة.
فوقع رؤساء قبائل الطوارق على ذلك الميثاق، كما وقع بعض رؤساء قبائل سنغاي عليه كذلك، لأنهم الطرف الثاني الوسيط بين دولة مالي، ورؤساء قبائل الطوارق...
فانضم رؤساء قبائل الطوارق إلى حزب إرديا...
بشرطين: الشرط الأول: أن تخرج فرنسا من بلاد المجتمعات المسلمة، التي أصبحت أمة موحدة في دولة واحدة، وهي شعوب دولة مالي الآن...
الشرط الثاني: أن فرنسا الكافرة إذا خرجت تستقل مجتمعات صحراء أزواد عن دولة مالي، ليقوموا بسياسة صحرائهم كسيادة دولة مسلمة مستقلة ذات الجوار الإسلامي الكريم بالمجتمعات المسلمة لدى دولة مالي الشعوب الأساسيين فيها...
النقطة الرابعة: شؤم خروج فرنسا بعد أن زرعت أصول الفتن السياسية والاجتماعية بين الشعبين المسلمين.
هذا وحينما خرجت فرنسا 1960ميلادي، واستقلت دولة مالي بجميع شعوبها المسلمة من الجنوب إلى الشمال...
مضت سنوات ثلاثة من خروج فرنسا، واستقلال دولة مالي، انتظر رؤساء قبائل الطوارق الذين وقعوا على الميثاق المتفق عليه، الذي من بنوده المشروطة: نيل الاستقلال لصحرائهم...
فانتظر رؤساء القبائل الطارقية لتحقيق هذا الشرط الأساسي، المتفق على ميثاقه بينهم وبين بعض إخوتهم من رؤساء قبائل سنغاي الوسطاء بينهم، وبين سلطات دولة مالي المسلمة الطرف الثالث في الميثاق...
فلما طال الانتظار تبين لرؤساء قبائل الطوارق الموقعين على ذلك الميثاق، أن بعض إخوانهم الأزواديين من رؤساء قبائل سنغاي، أرادوا بذلك مكيدة تضمهم إلى دولة مالي، لا غير...
عند ذلك تبين لرؤساء قبائل الطوارق أنهم تورطوا في اختيارهم الانضمام المؤقت في دولة مالي، الذي جعل فرنسا تتخلى عنهم، إذ خرجت فتركهم كشعب من شعوب مالي...
وأصبحوا في وهم حقيقي مدبر الميثاق، وأنهم مهما انتظروا فليس لهم تحقيق ما تم الاتفاق عليه من استقلال صحراء أزواد عن دولة مالي...
كما تحقق خسارتهم تجاه الصفقة مع فرنسا من جهة وعدها لهم بالرسلة الموجهة إلى رسائهم بالاستقلال إن صوتوا لحزب بسبي، فخسروا هذه الصفقة بما فيها من خير وشر.
كما خسروا التعايش أيضا مع حكومة مالي تحت سلامة وحدة التراب من جهة ثانية، فهنا علم رؤساء قبائل الطوارق، أن هذه المكيدة مدبرة من قبل: حكومة فرنسا الظالمة...
النقطة الخامسة: ما تحقق لفرنسا الظالمة من سياسية: فرق تسد ـ بين الشعبين المسلمين.
لأنه لما تبين لبعض قادات الطوارق الذين وقعوا على الميثاق الوطني بين الشعبين المسلمين في دولتهم المسلمة مالي...
ورأى أولئك القادة أن ذلك الميثاق ضرب من المؤامرات ضد استقلال صحراء أزواد...
عند ذلك قرر صناع الثورة الطارقية قرار النضال لأجل الاستقلال، تحت قيادة السيد القيادي زيد أق الطاهر ـ رحمه الله تعالى ـ عام 1960ميلادي...
وهم القادة الذين تمخض عن رفضهم الاجتماع الذي وقع في ولاية قاوى، السابق الذكر بقيادة السيد النبيل الشريف زيد أق الطاهر ـ رحمه الله تعالى.
النقطة السادسة : استعمال قادة الثورة التدابر الأولية للشروع في نشر فكرة الثورة في أفراد المجتمع، كمرحلة لا بد منها قبل النضال المسلح.
وذلك حينما قرروا النضال المسلح من أجل تحرير صحراء أزواد، بعد هذه المقدمات كخطوات أساسية :
المقدمة الأولى: بث الوعي في أهمية الثورة، وأهدافها، بنشر رؤاها سياسيا وعسكريا بين الناس...
هذه المقدمة أسفرت بنتيجة تقبل الفكر الثوري لدى الكثير، ما جعل الثورة تحظى بانضمام ثمان رجال إليها فقط...
وتلك النتيجة حصلت بعد ثلاث سنوات، خاصة بين مجتمعات كيدال وكانت التوعية تولاها بعض كبار السن، ومن دونهم في السن إلى نحو الثلاثين سنة...
النقطة السابعة: انفجار أحداث تلك الثورة في أرض الواقع بعد نتائج السنين التحضيرية الثلاث.
وذلك وكانت بداية الطلقة النارية الأولى تلك التي وقع في تيمياون، سنة 1963ميلادي...
وكان هذا التفجير للثورة الطارقية وقع من غير استراجية، إذ صادف سيدان من نبلاء الثوار المناضلين، وهما:
السيد المناضل ألاّدي أق آلاّ، والسيد المناضل توتكا أق أفكنن، فهذان السيدان المناضلان، هما اللذان صادفا رجلين من الشرطة الحكومة المالية في منطقة تيمياوين...
أحدهما الشرطي أهِيُيّا من قبيلة: إمغاد، فقال للسيد ألادي، أنت من؟ وابن من؟.
فقال له السيد ألادي، أنا ألاّدي أق آلاّ، فقال له الشرطي، آلاّ ـ السارق؟ فقال له السيد ألادي، أنا ابن ذلك الرجل ـ آلاّ.
وكانت الحكومة المالية أبقت المصطلح الفرنسي، التي تسمي من يقاتلها السراق ـ إبان الحركات الجهادية من مجتمعات أزواد.
فلذلك قال ذلك الشرطي المالي عن السيد الشهيد آلاّ السارق، جريا على المصطلح الفرنسي الكاذب...
وعلى كل حال فكان من أمر السيد الثوري المناضل ألادي، أن قفذ قفذة إلى سلاح ذلك الشرطي المالي، وأحكم القبض عليه، وانتزاعه من ذلك الشرطي...
كما قفذ السيد الثوري البطل تُوتَكا أق أفكنن، السابق الذكر على سلاح الشرطي الثاني، واستحكم كل واحد القبض على شرطيه ونزع منه سلاحه الذي يحمله...
وكانت تلك الأسلحة من نوع البندقيات المسماة: الخماسي، والرباعي...
أي: ذات مخزن لخمس رصاصات، للأول ـ الخماسي، وأربع رصاصات للثاني ـ الرباعي...
وكان السيد ألادي له علم باستخدام الأسلحة من نوع: الرباعي، والخماسي، ودُسكا...
وبعد نزع ذلك السلاح من الشرطيين، وإلقاء القبض عليهما، أطلقوا الشرطيين، ولم يقتلوهما، فذهب الشرطيان إلى حيث شاءا...
النقطة الثامنة: ما نجم من الحادثة من تحرك ثوري في ظروف قاسية.


وكان مما نجم بعد الحادثة الحصول على الأسلحة السابقة كأول سلاح للثورة قبل تفجير الثورة، وبعد تفجيرها هذا الذي نتج منه أيضا، اجتماع مسلح للرجال الثورة، بالسلاح السابق الذكر، وما عداه فسلاح تقليدي من السيوف وما في معناها...
والحاصل أن جميع الأسلحة التي عندهم غير صالحة إلا بندقيتي الشرطين السابقين...
فالثوار المجتمعون في هذا الاجتماع، هم ثمانية رجال للثورة، في منطقة جبال(تجم؟).
وكان ذلك الزمان في شدة وعسر وضيق مالي...
فتوجه إلى كيدال رجال الثورة الثمانية في ظروف مالية قاسية، وهم في طريقهم، إذا وقفوا على جمال لحكومة دولة مالي، وكانت تلك الجمال خمسا وعشرين جملا، فاغتنموا تلك الفرصة، إذ ساقوها كغنيمة باردة، ظفروا بها في وقت بلغت الشدة المالية مبلغا عظيما بهم، فتنسفوا بها...
النقطة التاسعة: انتقال الموقف الحكومي إلى الحل العسكري الصارم لحسم قضية فكرة النضال بالقضاء على أربابها المناضلين من القادات وغيرهم.
أوائل خطوات تحرك الحكومة المالية العسكري المحكم التدابير، وذلك بعد ما حدث في معرض المواجهات العسكرية تلو الثاني بين حكومة مالي، ورجال الثورة.
لذا فقد بدأت حكومة دولة مالي في التفكير الجاد في القضاء على هذا الداء الثوري العضال.
فأصدرت أوامر القضاء على هذه الثورة، التي أصبحت مصدر إزعاج مسلح ضد الحكومة، وقلق تمردي متزايد يوما بعد يوم...
فانبرى لمهمة القضاء على الثورة ورجالاتها الكبتن سنقيب دبي سلاجرى، إذ هو الذي انتدب لتحقيق تنفيذ أوامر القضاء على الثورة، بل ولإبادة المجتمع الطارقي من قبل أوامر الرئيس مودبا كيتا...
فكان من المشجعات العسكرية ذات الوقع الكبير في نفس قائد هذه المعارك الآنف الذكر أن وعده الرئيس مودبا كيتا أن يعطيه وسام الشرف إذا قام بتنفيذ تلك المهمة في جانب المجتمع الطارقي، فضلا في جانب القضاء على رجال الثورة، والثورة معا...
فكان هذا الكبتن هو القائد الأعلى لقوات العملية والمهمة الهامة، فسخرت الحكومة لهذا القائد وجيشه ما لديها من الإمكانيات العسكرية المتميزة...
النقطة العاشرة: بدايات الخطط العسكرية المدروسة التدابير خاصة من قبل قائد الجيوش الحكومية.
فكان من أوامرها ما أصدره ذلك القائد العسكري السابق الذكر، إذ أمر الملازم الأول ـ لتنا ـ زُلْبَيْبا الطارقي من قبيلة كل انصر، بمهام عسكرية إبادية، وهذا الملازم الطارقي هو من أهل نمطقة: قًنْدامْ...
وعلى كل حال بدأ الملازم زلبيبا بالفعل في قتل قومه، وبني جلدته وأهل وطنه، فكان بطشه المنكر النكير بين قتل لرجال الطوارق، ونهب أموالهم تحت مشروع القضاء على الطوارق، وثورتهم ـ مشروع حكومة مدبا كيتا...
فتضرم لهب نيران حرب القضاء، الذي بلغ تعذيب المجتمع بأنواع من التعذيب الذي منه الضرب، بحجة التوصل إلى معرفة موطن رجال الثورة للقضاء عليهم...
وهكذا حتى بلغ موقع رجال الثورة، عن طريقين: تعذيب المجتمع، واستعمال رجال الاستخبارات...
فالتقى فالتقى هو وجنده مع رجال الثورة بعد معرفة موقعهم في جبال(تجم)...
فوقعت المعركة بين جيشه، وبين رجال الثورة....
فانتهت المعركة دون القضاء على رجال الثورة الذين احتدم معهم، بل قتلوا له شرطيين....
وأسرى هو رجلا من الثوار، وهو السيد المناضل أوناي أق الحسين، من قبيلة إفوغاس، عام 1963ميلادي.
وقد رجع ذلك الملازم الطارقي.. بعد أن هزم هو وجيشه، هزيمة جعلته يقول لحكومته: لا أرجع إلى أراضي كيدال مرة أخرى.
والسبب في ذلك ما تكبده من الخسائر، بل هو ممن جرح، وقتل له رجلان...
ففعلا إنه مات لم يرجع إلى كيدال وأراضيها، إذ وافاه الأجل في باماكو...
وبعد تلك المعركة وقعت معارك أخرى بين الجيش المالي وبين رجال الثورة، التي منها معركة: بُغَسّا، سنة 1963ميلادي.
معركة بغسا:
وكانت تلك المعركة بقيادة السيد المناضل ألادي أق آلا...
والسيد المناضل سيد يالمين ـ سيدي الأمين ـ أق الشيخ أخو عمدة النقل...
والسيد المناضل أَخْلُ سالم أق (أخمنو؟) من قبيلة إفوغاس...
والسيد المناضل بشر أق فَلْغوس من قبيلة إرجنتن...
والسيد المناضل أحماد أق (أخمنو؟) الآنف الذكر...
والسيد المناضل محمد أحد أبناء أخلو سالم الآنف الذكر...
والسيد المناضل محمد أق أَمّانْ الملقب تَزَرْمك...
والسيد المناضل إبراهيم أق أَمّانْ الملقب تَزَرْمك...
فائدة:
وهي أن هذه المعركة انقسم لها رجال الثورة إلى قسمين.
أحدهما: القسم الذي ينشغل بمخادعة الجيش المالي بإطلاق النار عليه، لكي يشتغل همة الجيش بقتالهم...
وهؤلاء من رجال الثورة، هم:
السيد المناضل سيد يالمين ـ سيدي الأمين ـ أق الشيخ أخو عمدة النقل من قبيلة: إدنان...
والسيد المناضل أَخْلُ سالم أق (أخمنو؟) من قبيلة إفوغاس...
وغيرهما من رجال الثورة ...
القسم الآخر: توجه إلى إبل جيش الحكومة المالية، ليأخذ تلك الإبل...
وهؤلاء من رجال الثورة، هم:
السيد المناضل ألادي أق آلا، من قبيلة إفوغاس...
ومن معه من رجال الثورة الأبطال...
فكانت الخطة أسفرت عن أخذ تلك الإبل، وهي خمس وسبعون بعيرا، كما أسر شرطيان من الجيش المالي، في تلك المعركة، وهما الراعيان لها...
واسم وظيفتهما تلك: (برجتن)، ورئيسهم يسمى كندا، وهي من مصطلحات اللغة الفرنسية الظالمة الماكرة، بهذا الشعب البطل الأبي، قديما وحديثا...
فوقعت الإبل جميعها وراعياها في يد رجال الثروة بل وقد أحرق رجال الثورة ناقلة من حاملة للجيش المالي، وهي الوحيدة للجيش المالي، فتعطل الجيش عن الحركة العسكرية القتالية في معرض الفر والكر في المعارك القتالية الحديثة...
وكان الجيش المالي في هذه المعركة قد جهز تجهيزا عسكريا كبيرا، وذلك لمحاولة القضاء على رجال الثورة...
معركة آجَدَسْ:
وهذه المعركة وقعت بعد المعركة السابقة، في السنة نفسها، وهي سنة 1963ميلادي.
وقعت هذه المعركة، بقيادة السيد المناضل بيبي أق قاسي من قبيلة إفوغاس...
وممن شارك في القتال من رجال الثورة في هذه المعركة:
السيد المناضل أوسى أخو بيبي القائد السابق الذكر...
والسيد المناضل ميكا أخو بيبي القائد السابق الذكر...
والسيد المناضل بشر أق فلغوس السابق الذكر فيما تقدم...
والسيد المناضل تزرمك السابق الذكر فيما تقدم...
والسيد المناضل (تهكافن؟) أق أوساد من قبيلة إرجنتن...
والسيد المناضل كاسا أق أساد أخو تهكافن؟ السابق الذكر...
والسيد المناضل أكوني أق ميوكا من قبيلة إرجنتن...
والسيد المناضل بدار أق فلغوس السابق الذكر...
وهناك غيرهم من رجال الثورة، ممن شارك في هذه المعركة، التي كسر فيها
السيد المناضل بدار أق فلغوس الآنف الذكر...
هذا ما وقع في جانب رجال الثورة من أثر المعركة، وأما من جهة الجيش المالي، فقد وقعت فيه خسائر، منها:
استولاء رجال الثورة على الإذاعة الحكومية، التي هي عبارة جهاز لسلكي، المسمى في المنطة: راكْ.
وكان جهاز هذه الهندسة الاذاعية، يحملها البعير التابع لإبل الجيش المالي، في سبيل التنقل في الصحاري والبراري الوعرة، لملاحقة رجال الثورة...
كما استولت الثورة على سلاح متطور بالنسبة لهم، وهو من نوع الرشاش...
وأما الجيش الحكومي فقد انسحب من موقع المعركة بعضه اتجه إلى كيدال، وكان من بينهم رجل من قبيلة إمغاد، واسمه إبراهيم، الملقب أجبظا، من ضمن أفراد جيش الحكومة المالية...

معركة ظيبتن:
وكانت هذه المعركة وقعت بعد المعركة الآنفة الذكر، في منطقة درويت...
وهذه المعركة انتهت أيضا بغلبة رجال الثورة لجيش الحكومة.
فظفروا بغنائم منها: خمسة عشر بعيرا، وما عليها من متاع الجيش الحكومي.
كما جرح شرطي في الجيش الحكومي، وهو من عرب البرابيش، واسمه خندى بربوشي، وقد جرح جرحا شديدا...
معركة أظمظي:
وشارك في هذه المعاركة:
السيد المناضل (أظمظى) أق إكسا من قبيلة تلقطغات.
والسيد المناضل محمد تزرمك ...
والسيد المناضل بيبي...
والسيد أخوه...
والسيد المناضل كاسا أق أوساد...
والسيد المناضل إبراهيم أق (إمناغ)...
والسيد المناضل (سميت؟) أق (إمناغ)...
والسيد المناضل فلغوس، وغيرهم....
وذلك عام 1963ميلادي.
معركة (تجم):
وبعد هذه المعركة، معركة (تجم): التي هي بقيادة السيد المناضل إبراهيم أق سهل...
وقتل في هذه المعركة أربعة مناضلين، واعتقل السيد المناضل توخا أخو السيد بيبي...
بعد أن انتهت منه الرصاص، كما سبب انتهاء الرصاص على المناضلين الذين قتلوا في هذه المعركة، ضربة موجعة في كرة خاسرة، لأنها معركة استعد لها الجيش الحكومي بجند وعتاد عسكري ثقيل، تميز به أداء الجيش القتالي ما بلغ به تلك الخسائر في صفوف رجال الثورة المناضلين، فكان مما استعملت الحكومة المالية فيها أنواعا من الأسلحة الثقيلة التي منها مستوى الدبابات القتالية...
معركة تين دمن:
هذه المعركة وقعت بعد التي سبقت، وهي وقعت في منطقة تيمدغين، ومما وقع فيها من الخسائر في صفوف الثوار المناضلين، مقتل:
السيد المناضل القائد سيديالمين أق الشيخ من قبيلة إدنان، وهو أخو عمدة النقل...
كما شارك في هذه المعركة السيد المناضل عمدة النقل إيسوف أق الشيخ...
كذلك شارك فيها السيد المناضل إبراهيم أق الطيب من قبيلة إفوغاس...
والسيد المناضل (أق الخير ؟ أق محمد من قبيلة إرجنتن...
والسيد المناضل تكنى من قبيلة إرجنتن أيضا...
والسيد المناضل إبراهيم أق بدار، من قبيلة كل غلى...
والسيد المناضل عثمان أق محمد الملقب (تربكياس)...
هذا وقد جرح هو في هذه المعركة جرحا شديدا...
وقتل فيها من رجال الثورة رجلان....
وثالثهم السيد المناضل سيديالمين أق الشيخ السابق الذكر...
وقتل في صفوف الجيش الحكومي ثلاث عساكر، وثلاث جمال، وانتهت المعركة بتراجع الجيش الحكومي من موقع المعركة عام 1963ميلادي.
معركة تين تجنوتين:
وهذه المعركة أيضا وقعت بعد التي سبقت، وهذه المنطقة التي وقعت فيها هذه المعركة التي هي الرابطة بين كيدال وتين ظواتن.
ومما وقع في أرضها من الأحداث في هذه المعركة منها ما وقع من الخسائر من جهة الثورة، وهم، إذ قتل منهم:
السيد المناضل مجدي من قبيلة إفوغاس...
والسيد المناضل أبَزَيْ من قبيلة إفوغاس...
كما مات للثورة بعير من جمالها...
وأما من جهة الجيش الحكومي، فإنهم قتل لهم تسع عساكر، كما قتل قائد الجيش...
ومما قتل ثلاث عساكر على دبابة تلك الوحدة من الجيش الحكومي، كلما قتل واحد حل محله الآخر...
وهذا ومن أسباب هذا التقدم ـ بعد توفيق الله تعالى ـ للثورة في إلحاق الخسائر في صفوف الجيش الحكومي، مقابل ما ألحقه بهم الجيش الحكومي من الخسائر في معركة: تجم السابقة الذكر.
فكان هذا التقدم القتالي الملموس من أسبابه ما امتلكته الثورة من الأسلحة المتطورة نوعا ما، التي حصلت عليه من الجيش نفسه من غنائم المعارك التي سبقت.
ومما حصلت عليه من شراء السلاح من جهة النيجر، حصلت عليه في يد بعض أفراد الشعب في النيجر...
بذا أصبحت الثورة في تقدم عسكري ملموس في المواجهة، بل وإلحاق الخسائر في جانب الجيش الحكومي معركة بعد معركة التي توالت في عام 1963ميلا\ي.
معركة تيسلت:
وهذه المعركة وقعت في هجوم قام به خمس وأربعون رجلا من رجال الثورة، ومعهم خمس عشرة بندوقية...
فخططوا لهذه المعركة خطة عسكرية، خلاصتها اتفاقهم على التوزيع العسكري الآتي ـ بإذن الله تعالى ـ فكانت قصة هذا التوزيع العسكري، أن توزعوا إلى طائفتين:
طائفة منهم توجهت إلى بوابة القاعدة العسكرية المالية في تيسلت...
وطائفة أخرى إلى مستودع الأسلحة للجيش الحكومي لهذه القاعدة للجيش...
إنه بالفعل تمت هذه المعركة التي أسفرت خطتها بأن غنم رجال الثورة فيها واحدا وستين بندوقية، وأربعة صنادق مليئة بالرصاص...
وهذه المعركة كانت بقيادة السيد المناضل ناجم أق سيدي من قبيلة إدنان، فقاد هذه العملية بخطة قتالية محكمة...
وكان من قبل في الجيش الحكومي لكنه انشق من الجيش، فالتحق بالثورة.
بل وقادها قيادة قائد مناضل شجاع، وكان قد وعد الثورة بالانضمام إلى صفوفها، والاستلاء على قاعدة تيسلت، فتم ذلك كما وعدهم بعد توفيق من الله ـ سبحانه.
وممن كان في هذه المعركة من رجال الثورة:
السيد المناضل (بيقا؟) أق وان باج من قبيلة إرجنتن...
والسيد المناضل بيبي أق قاسي...
والسيد المناضل إظَّيْظَنْ أق إكسا...
والسيد المناضل (تبقا؟) أق أحمد من قبيلة إفوغاس...
والسيد المناضل (وان إسكاك؟) من قبيلة إرجنتن...
والسيد المناضل (تهكاض؟) أق أساد...
والسيد المناضل (كسا؟) أق أساد...
والسيد المناضل إبراهيم أق سهل...
والسيد المناضل (وان إيلت؟) أق أحمد من قبيلة إدنان...
والسيد المناضل أفنيّا أق آكلي، من قبيلة إدنان...
والسيد المناضل بكر أق سيدي من قبيلة إضبيباين...
والسيد المناضل هارون أق عيسى من قبيلة تاغت ملت...
والسيد المناضل إيسوف ـ يوسف ـ أق الشيخ عمدة النقل...
والسيد المناضل القاسم أق محمد من قبيلة إفوغاس...
والسيد المناضل بشر أق (فلغوس)...
وغيرهم، وكانت هذه المعركة قبل التي قبلها...
معركة (تغاليت):
وهذه المعركة وقعت في منطقة أجلهوك...
وكان سببها أن رئيس حكومة مالي مودبا كيت الرئيس وجه خطابا إلى رجال الثورة عن طريق السيد الشريف إنتالا أق الطاهر ـ صاحب الترجمة...
وفي الخطاب أن رجال الثورة إن لم يسلموا أسلحتهم فسيرحل الرئيس مودباكيتا كل القبائل في كيدال إلى غرب نهر النيجر.
فتقابل السيد الشريف إنتالا مع رجال الثورة المناضلين، فأبوا قبول تعاليم خطاب مودباكيتا الرئيس...
بل استقبلوا خطابه بضربة استباقية ضده وحكومته، فأسفرت هذه المعركة بخسائر كبيرة في صفوف الجيش الحكومي، إذ أحرقوا سيارة تابعة للجيش، وقتلوا في الجيش أربعة جنود، وغنموا ستة بنادق....
فائدة ثورية ظريفة:
وهي: أن السيارة التي أحرقها رجال الثورة، كان سبب إحراقها أن ليس فيهم من يعرف شيئا عن السيارة خاصة ما يتعلق بجانب معرفة قيادتها، فبعد استلائهم عليها، ولعوا في مكان البزين النار، ولم يعرفوا ما بنزين، فضلا أن يدركوا خطورة النار معه، حتى كاد أن يحرقوا هم أيضا...
كما قتل أربعة عساكر في الجيش الحكومي في المعركة نفسها، وذلك عام 1963ميلادي.
معركة كرورن:
وهذه المعركة وقعت شرق منطقة تمياوين، في الجزائر، وكان سببها أن جاء السيد المناضل اللادي أق آلاّ، مع رجل مجاهد من الجزائر واسمه: (تنسلا)بو أسماح الجزائري، وكان صديقا للسيد اللادي أق آلاّ...
فتفاجئا بالجيش الحكومي المالي في أرض الجزائر، فالتجأ السيد المناضل اللادي أق آلاّ، إلى حركة عسكرية مكنته ـ بتوفيق من الله تعالى ـ أن يأوي جبل.
والجزائري التجأ إلى استلام نفسه للجيش المالي، فكل واحد منهما أصبح في ملتجأه...
وأما ما كان من المناضل السيد أللادي أق آلاّ، فإنه بعد تمكنه من تحصين نفسه في الجبل، فتح النار على الجيش الحكومي من التاسعة صباحا إلى المغرب...
وهنا انتهى منه الرصاص، بعد أن أذاق الجيش الويلات من بعد فتحه النار على الجيش إلى وقت انتهاء الرصاص منه، ما جعل الجيش الحكومي يظن أن الجبل فيه مجموعة من الثوار المقاتلين.
ولم يكن الجيش يشك في ذلك إلا وقت ما سلم المناضل السيد ألادي نفسه للجيش، وبالغوا في التحقيق معه في أن يخبرهم عن بقية من كان يقاتلهم في الجبل، فأخبرهم أنه وحده كان في الجبل، فتم أسره على ما تقدمت الإشارة إليه، فاعتقل اعتقالا بلغ به باماكو ـ عاصمة ـ مالي...
وظل في السجن هناك إلى أن تمكن من الفرار من السجن، الذي مكث فيه نحو خمس سنين شديدة العذاب، حتى منعوه أن يخرج لحظة خارج زنزانة ذلك السجن...
ثم بعد عدة سنوات نفسوا عليه نوعا ما في الخروج منها إلى خارجها حتى تمكن خلال فرصة خطط لها، فاستعمل الوسائل العسكرية الجريئة في الهروب من يد الجنود الحراس، ففر من السجن، ثم خطط للخروج خارج باماكو، بل خارج دولة مالي إلى دولة بركينافاسو، ثم النيجر، ثم إلى الجزائر الذي هو فيها الآن ـ الحمد الله بحفظ الله تعالى ورعايته...
أول مفاوضات بين حكومة مالي والثورة الطارقية:
وبعد هذه الفترة توجهت حكومة مالي إلى الحوار السياسي كأول حوار في تاريخ الثورة الطارقية مع حكومة مالي، بواسطة السيد الشريف الشيخ إنتالا أق الطاهر ـ صاحب الترجمة ـ حفظه الله ـ الذي دوره السياسي هو بيت القصيدة في ذكر الثورة ومعاركها من بابا البرهنة على ما يتمتع من الشخصية السياسية المحنكة.
كما سيأتي ـ بإذن الله تعالى ـ أثر شخصية في إيقاف أمواج فتن القتل بين الحكومة والثوار...
وذلك تحت خطة إصلاحية ناجحة من قراراتها الإصلاحية:
تسليم الثورة سلاحها لحكومة بلادهم دولة مالي، مقابل عدم ملاحقة حكومة مالي لرجال الثورة، بل هم كبقية المواطنين الذين ليس لهم مع الدولة أي مشكلة أمنية....
عند ذلك انقسم الثوار إلى قسمين:
قسم قبلها تماما تحت قاعدة: مكره أخاك لا بطل.
وقسم آخر رفضها تماما ليصلى بنار الفرض...
فكان السيد المناضل إيسوف ـ يوسف ـ أق الشيخ عمدة النقل هو من النماذج الثوار الرافضين لهذه الشروط جملة وتفصيلا...
فقام من قام منهم بالانشقاق، ودفن سلاحه في بعض الأمكنة إلى حين من الدهر، وقد تحقق له ذلك، فيما بعد كما سيأتي مفصلا ـ بإذن الله تعالى...
هذا وأما جانب الذين وافقوا على شروط المصالحة الحكومية مع رجال الثورة.
كان أمرهم تحت ضقط سياسي محكم، سهل له السبل قلة ذات يد في معرض الإماكنيات القتالية...
وذلك من أسبابه عدم دعم خارجي، الذي كثيرا ما تحظى بمثله بعض الثورات من بعض الدول، لا سيما دول الجوار....
فهذا ما حصل لهذه الثورة في هذه الفترة، فسلم من سلم سلاحه في منطقة: تقوراست التابعة لإنيكر...
فمن رجال الثورة في هذا الاتفاق:
السيد المناضل أغمير أق الشريف من قبيلة إدنان...
وكان من رجال الجلسة الثورية الأولى في مدينة قاوى تحت قيادة زيد أق الطاهر....
والسيد المناضل إبراهيم أق (لكا) من قبيلة إمغاد...
والسيد المناضل محمد أق إمناغ الملقب تزرمك...
والسيد المناضل نوكي من قبيلة إدنان...
وغيرهم ممن وافق إثر تلك المفاوضات من رجال الثورة النبهاء النبلاء...
فالحمد لله الذي حنق دماء المسلمين في تلك الفتن بهذه الشخصية السياسية الشيخ السيد الشريف انتالا أق الطاهر ـ حفظه الله تعالى ـ وأجزل له الأجر والمثوبات في الدارين على ما بذله من السياسية الإصلاحية تجاه فتن تلك الثورات.
كما نسأل الله سبحانه أن جعله ممن طال عمره وحسن عمله ـ ذخرا ثمينا لأمته وركنا شديدا لأفقه في صحة وعافية وعز ومنعة ـ إن ربي لسميع الدعاء.

الفقرة السابعة: تأجج نيران ثورة 1990م ومواقف الشيخ السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ المواقف السياسية الحكيمة المحكمة.
قلت: وهذه الفقرة أيضا ستكون تحتها نقاط ـ بإذن الله تعالى ـ بها توصل أحداث هذه الثورة، حسب ما نبين ما نحن بصدده، مما سلطنا الضوء على عليه سابقا.
وأما أحداث تلك الثورة وغيرها، على وجه التفصيل فلها موضوع خاص بها ـ بإذن الله تعالى ـ من ثورات الحركات الجهادية الأزوادية ضد الاستعمار الفرنسي، إلى ثورة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، فالآن مع نقط هذه الفقرة ـ والله ولي التوفيق.
النقطة الأولى: لمحة موجزة من مسيرة تاريخ ثورة 1990م، بعد ما خمدت نيران الأولى ثورة 1963م.
منها ما قام به السيد المناضل إيسوف ـ يوسف ـ أق الشيخ عمدة النقل، وذلك عام 1976ميلادي، هو وغيره من رجال الثورة النبلاء بتوعية ثورية بين ذكور رجالات صحراء أزواد...
وكل من تقبل الانخراط في سلك الثورة ألزم القسم بالقرآن أنه ملتزم برؤى الثورة وهدفها الأساسي، وهو تحرير أراضي أزواد، حتى يستقل عن دولة مالي...
ولقد بقيت التوعية الثورية مجال الحديث الجاد كعمل ميداني في أرض الواقع، إلى سنة 1980ميلادي...
النقطة الثانية: لمحة موجزة حول التحرك الثوري ليشق سبيلا وعرا آخر متقدما لا سيما في بحر من مخاطر متلاطمة الأمواج.
ثم بعد ذلك بدأ نشر الفكرة في الذهاب إلى الجماهيرية الليبية حين فتحت لهم أبواب الاتحاق بها في معسكر خاص بهم.
فالتحق بها نحو خمسة آلاف رجل، ودخلوا في ذلك المعسكر الخاص بهم في ليبيا...
ليقعوا أيضا في مكر دولي آخر محكم الخطط الجهنمية من قبل السلطات الليبية في حق أرباب هذا المعسكر المحكم التدابير المكرية بشباب الطوارق.
وعلى كل حال فإنهم تطايروا إلى ضوء ناره تطاير الفراش إلى النار، ليهلك من سيهلك ويبقى من ستكتب له الحياة إن نجا من تدابير مكر كبار...
فمكثوا فيه تحت مطامع حظوظ وافرة حميدة العاقبة دينيا ودنيويا ـ إلا إنها من مواعيد عروقب ـ معلقة على أمل عظيم الحظ محكم بخطتين.
الخطة الأولى: هي الخطة الإبادية المحضة في جانب شباب الطوارق، وهي الخطة الموسومة لهم من قبل حكومة ليبيا باسم: الجهاد ضد إسرائيل في أرض بيت المقدس.
إنه خطة عظيمة المثوبات في الدنيا والآخرة، لو كانت في جنب الله تعالى حقا، على هدي سيد المرسلين...
لكنها ما كانت إلا خطة خبيثة المكر، بعيدة كل البعد عن الحق، بل هي قريبة وحرية نقلا وعقلا بقول علي ـ رضي الله عنها وعن مثيلاتهاـ: حق يراد به الباطل.
هذا وإن شباب الطوارق شباب ولدوا في الإسلام، ونشأوا في أجياله الذين بالأمس يجاهدون لإعلاء كلمة الله تعالى أمام قوات أعداء الله الغزاة الطغاة الظلمة في دخولهم صحرائهم المسلمة منذ الصدر الأول في الإسلام، وهكذا جيلا بعد جيل إلى جيل شباب هذه الثورة الطارقية المسلمة...
وعلى كل حال فإن شباب الطوارق قابلوا مقترح الجهاد بنفسية مسلمة مؤمنة بفرض الجهاد وفضله وجزيل ثواب الله ـ الوعد الكريم.
لذا فإن من الطبيعي جدا لدى جيل أولئك القوم أن يتقبل أوامر تلك الخطة بالسمع والطاعة لنداء الله تعالى المتعلق بالجهاد خاصة في أراضي المسجد الأقصى ـ بيت المقدس ـ اللهم ارزقنا الصلاة فيه في عزة ومنعة للمسلمين وذل وقهر لإخوان القردة والخنازير ـ اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة ـ يا سميع الدعاء.
النقطة الثالثة: لمحة موجزة حول تلبية من في المعسكر الليبي الماكر بهم.
فقام جمع ممن كان في المعسكر من الشباب الطارقي إلى الاكتتاب في كتائب المجاهدين الذين سيوجهون إلى أرض المعارك الجهادية المزعومة بين فلسطين وإسرائيل آنذاك.
يا له من شرف كل شرف لكل مسلم أن يجاهد أعداء الله إخوان القردة والخازير في أرض بيت المقدس ـ الأرض المقدسة ـ لو كانت الخطة الليبية تلك على حق من رب العالمين كما شرعه في كتابه وبينه نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنته، على فهم السلف الصالح من الرعيل الأول، ومن نهج منهجهم.
وعلى كل حال فإن شباب الطوارق سوقوا إلى تلك المهالك ككبش فداء في سبيل دفع ثمن تلك الخدمة العسكرية الليبية المفتوحة لهم مكرا.
وذلك بعد ما طلبت منهم حكومة القذافي من يتطوع إلى القتال في لبنان، في الحقيقة لا إلى فلسطين التي ذكرت لهم، لارتياح نفس كل مسلم صادق أن يجاهد أعداء الله اليهود فيها...
فانتدب منهم رجال ضحوا بأنفسهم أمام هذا المطلب الذي لا مفر من القيام به...
فكان المنتدبون خمسمائة رجل من خيرة شباب الطوارق المقاتلين...
منهم من رزق الشهادة في فلسطين في سبيل الجهاد، فاستشهد منهم خمسة رجال...
إنه بعد ما تمت تلك المهمة الهلاكية من ذهاب إلى فلسطين تحت ضغط إجباري وقع لهم على ثلاث خيارات:
الخيار الأول: أن يستجيبوا في الذهاب إلى فلسطين تحت مسمى الجهاد...
الخيار الثاني: أن يبقى من يبقى منهم في ليبيا تحت إرادة إدارة حكومة القذافي...
الخيار الثالث: أن يرجع من يأبى ذلك إلى دولته مالي...
فاختار رجال الثورة الطارقية الذهاب إلى فلسطين في سبيل الجهاد ـ إعلاء لكلمة الله تعالى ـ دون الخيارين الباقيين...
فذهب من ذهب من اختير منهم أن يذهب من قبل حكومة القذافي إلى الجهاد في فلسطين عام 1982ميلادي...
فبقوا هناك في تلك الحروب إلى عام 1984ميلادي...
فرجع من بقي منهم بعد أن استولت إسرائل على فلسطين، وبعض أراضي سوريا...
فاستشهد منهم جماعة، وكان ممن استشهد منهم:
المجاهد السيد الشهيد (هدسا) أق مالت من قبيلة إدنان...
والمجاهد السيد الشهيد محمد أق عمر من قبيلة إدنان...
وغيرهما، وكان من المجاهدين:
السيد المناضل النبيل الشهير أياد أق أغالي من قبيلة إفوغاس...
النقطة الرابعة: لمحة موجزة حول بقية الخطط الليبية المكرية بمن في معسكرها من شباب الثورة الطارقية.
إنه بعد ما سلم من سلم من رجال الثورة الطارقية ورجعوا إلى بقية زملائهم في المعسكر الجهنمي الليبي المحكم المكر بشباب الثورة الطارقية.
قامت الحكومة الليبية القذافية الماكرة بخطة مدروسة مدبرة جهنمية أخرى.
وهي الخطة الثانية التي تلي الخطة الجهادية الإبادية الأولى لشباب الطوارق في المعسكر الإجرامي الليبي الفخي.
وهذه الخطة الثانية، هي: الخطة الإجرامية في سبيل دفع شباب الطوارق الثوار في المعسكر من التوجه إلى محاربة جيش حكومة تشاد، لاسترجاع ما احتلته تشاد من ليبيا...
فقامت حكومة ليبيا بزخرفة القول لهم في معرض وعود عظيمة الثمن من المكافآت التي من أعظمها لدى شباب الثورة الطارقية ما وعدتهم حكومة ليبيا من مساعدتهم بالمال والسلاح في سبيل تحرير صحراء أزواد ـ مقابل استرجاع ما احتلته حكومة تشاد من أراضي ليبيا...
وهذا المطلب الذي عجزت حكومة ليبيا نفسها عن القيام به، كرامة لها أمام حفظ سمعتها دوليا، ولا سيما أمام مجتمعات دولتها المواطنين، لذا فإنه إذن مطلب في الحقيقة ليس في السهولة أنه من جملة: مجموعة السهل غير الممتنع.
وعلى كل حال فإن هذه الخطة كانت مقابل الاتفاق على مساعدتهم في تحرير أرض أزواد.
كانت الخطة الآثمة وردت إليهم مورد خطاب رسمي من القذافي نفسه، يتضمن ما ملخصه: أن يسترجعوا له ما احتله حكومة تشاد من أراضي ليبيا...
وفي رسالة الخطاب القذافي وعدهم وعدا رسميا، ينص على مساعدتهم بمعنى الكلمة ما ديا ومعنويا إن أرادوا الرجوع إلى مالي لتحرير أرض أزواد...
فقاموا بتلك المهمة الصعبة من استرجاع أراض محتلة من قبل أي دولة، لا سيما مثل تشاد، ذات الشعب الذي ثقافته الاقتتال، كما تشهد له كثرة ثوراته ضد حكومته، فما البال إذا كان القتال متعلقا بنزع ما احتلته من أراضي ليبيا، لا شك أنهم سيخوض ثوار الطوارق أشرس معارك ضارية أمام دفاع حكومة تشاد وشعبها عما احتلته من أراضي دولة ليبيا.
فكان عرض القذافي وحكومته هذا العرض الكاذب، كان بالنسبة لرجال الثورة الطارقية الأباطال تصفية عرقية في صفقة انتحارية...
ومع ذلك فقد قام شباب الثورة الطارقية بقبول تلك الصفقة الهلاكية من أجل مطامع مساعدتهم وقت ثورة من سيبقى منهم بعد معارك تلك الصفقة الكاذبة من قبل حكومة القذافي الماكرة ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ}.
وقعت معارك تلك الصفقة ما بين 1988ميلادي، وسنة 1989ميلادي، وقد انتهوا منها بنجاح كبير، قابله القذافي وحكومته بمخالفة عهود ذلك الاتفاق...
النقطة الخامسة: لمحة موجزة حول عودة الثورة الطارقية الثانية 1990م في أرض الواقع.
هذه الثورة هي عند رجال صحراء أزواد الثوار المناضلين البواسل، كما قال القائل:
لا بد من صنعا وإن طال السفر.
إنه بالفعل طال سفر هذه الثورة التي تفجرت 1990ميلادي، على خطوات عسكرية ثورية، عاشت الويلات خاصة خراج وطنها فضلا، عما كان من واقع الحال الذي فرضه ويلات الغربة، وويلات حب موطن التربة، كل ذلك ولد في نفوس رجال هذه الثورة ما تولد من معاني قول القائل: الموت أشهى عندنا من العسل.
ولقد انقدح ذلك في نفوس شباب الطوارق الثوار بعد ما تبين لهم غدر القذافي وحكومته بالوعد الكاذب.
عند ذلك قام رجال هذه الثورة بفكرة الرجوع إلى أرض تتفجر منها براكين ثوراتها واحدة تلو أخرى.
فرجع شباب هذه الثورة الطارقية من غير أي دعم من القذافي وحكومته في جميع الجوانب خاصة في جانب السلاح، والمؤن...
فرجعوا خائبين بعد ما خسروا أرواح زملائهم في المعارك اللبنانية والفلسطينية والتشادية ـ مقابل وعود ليبية قذافية كاذبة خاطئة آثمة.
بل ومما يزيد الطينة بلة أن شمرت حكومة القذافي على ساق الجد بكثير من أنواع الغدر...
الذي منه محاولة حكومة القذافي أن تمنع شباب هذه الثورة من خروج أراضي ليبيا قدر شبر، خاصة مع السلاح وما في معناه.
لكن مع تلك الظروف القاسية بالنسبة لنفسيات رجال الثورة أمام مخادعتهم بهذه الدرجة الخبيثة المكيدة...
إلا أن ذلك كله لم يحل بينهم وبين ما يقدرون عليه من الرجوع إلى وطنهم بفكرة الثورة على حكومتهم دولة مالي لأجل تحرير أراضي أزواد.
فتساورا محاريب الحروب إلى مشقة حربية ضروسة أخرى، إذ تسارعوا إلى الميدان القتالي الثوري ـ حسب تاريخ معارك هذه الثورة الآتية ـ بإذن الله تعالى ـ مع قلة الإمكانيات التي لديهم من جهة العتاد العسكري والمؤن...
فكان الشروع في يوميات ثورتهم القتالية تولدت من شجاعتهم فقط، لا غير، التي هي أعز أنواع الأسلحة كلها ـ بعد مشيئة الله النافذة ـ إذ بدون الشجاعة يصبح حامل السلاح أسيرا في يد عدوه الشاجع...
وعلى كل حال فإن من عاد منهم أضرم نار هذه الثورة بسلاحهم التقليدي تحت معاني قول من قال:
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني***منيعا إذا بلت بقائمه يدي
معركة تيدغمين:
قلت: إن هذه الثورة أشعلت فتيل نيران ثورتها بهذه المعركة كأول معركة لهم في أرض واقع الثورات المسلحة.
فاستفتحوا معارك ثورتهم 1990م بمعركة: تيدغمين، التابعة لمنطقة منكا.
بقيادة السيد الثوري النبيل أياد أق أغالي المناضل الشهير من قبيلة إفوغاس...
وكانت هذه المعركة قد خاضوها بغير سلاح كان معهم من السلاح الحديث من بناديق الرشاشات، وما في معناها...
وإنما السلاح الذي معهم هو السلاح التقليدي العادي جدا، الذي هو من نوع السيوف والسكاكين والعصي...
ومع ذلك فقد نجحوا في تلك المعركة، نجاحا بلغ بهم درجة الاستيلاء على أسلحة الجيش الحكومي بكامل ما تحتوي عليه الثكنة العسكرية في موطن تلك المعركة.
معركة منكا:
إنها معركة وقعت بعد معركة تيدغمين، وإنها معركة قد شجع التوجه إليها ـ وإن كان هذا التوجه محفوفا بالمخاطر الجلية والخفية ـ إلا أن ما ظفروا به من سلاح مغانم معركة تيدغمين السابقة شجعهم إلى هذا الإقدام الثوري الجريء
وعلى كل حال فإنهم أقدموا إلى خوض هذه المعركة ـ بعد مشيئة الله النافذة، ثم ما تمتعوا به من الأسباب التي منها السلاح المغنوم سابقا في تيدغمين.
فهو الذي استطاعوا به أن يتوجهوا إلى مواجة خطر كبير مثل التوجه إلى إحدى كبريات قواعد الجيش، كقاعدة الجيش الحكومي في أرض منكا نفسها...
لا في أطرافها، وما في معنى مما يتبعها من المناطق، ذات التواجد لأفراد الجيش فيها.
ومهما يكن من أمر فالمعركة وقعت، وكانت من المعارك الفاصلة التي نجح فيها رجال الثورة نجاحا عسكريا متميزا.
إذ استولوا عليها بعد هجوم تم فيه استيلائهم على قاعدتها العسكرية الحكومية ما مكنهم من التوجه مرة أخرى إلى خطر آخر ـ وهو خطر: معركة أبيبرا.
معركة أبيبرا:
إن هذه المعركة وقعت بعد معركة منكا، التي انتقل النجاح العسكري الثوري بأهله إلى مهاجمة قاعدة أبيبرا للجيش الحكومي...
فهي قاعدة عسكرية منيعة، وهي من القواعد العسكرية المتميزة بالجند والعتاد...
ولها ميزات استراجية أمنية محكمة في المنطقة، وزادها خطورة ما تقدمها من المعارك، التي أورثتها شدة الجاهزية القتالية ضد أي هجوم محتمل، خاصة بعد ما تمت مهاجمة القواعد العسكرية السابقة ذكر أمكاينها.
فكان الإقدام إلى مهاجمتها في تلك الفترة الملتهبة يعتبر جرأة قتالية كبيرة من جانب رجال هذه الثورة...
وعلى كل حال فإن رجال الثورة قاموا بمهاجمة قاعدة أبيبرا هجمتين...
ففي الهجمة الثانية تم الاستيلاء عليها بالكامل، وغنموا ما فيها من عتاد عسكري الشيء الكثير من السلاح وغيره...
معركة بغسا:
إنها معركة من المعارك التي نجح رجال الثورة فيها إذ استولوا عليها بالكامل...
فإنها بالفعل أحداث تطورت برجال هذه الثورات في الميادين القتالية، لا سيما في جانب التقدم العسكري والقيادي لدى رجال الثورة، كما تشهد عليه نجاحات الهجومات المتكررة على القواعد العسكرية للجيش الحكومي، ولقد نجحت الثورة فيها نجاحا بلغ الاستيلاء على تلك القواعد العسكرية ـ معركة معركة.
بدءا بمعركة منطقة: تيدغمن المعركة الأولى إلى معركة منطقة: بغسا الآنفتي الذكر...
خلاصة نتائج هذه الثورة: إنشاء موقع تجريرت ـ الموقع الأول في تاريخ هذه الثورة.
إن من تطورات هذه الثورة التطور الظاهر من معركة إلى معركة، هو ما تقدم بيان شيء منه...
و كل ذلك أدت نتيجته القتالية المتكرر النجاح إلى تطور آخر كبير، وهو اتخاذ موقع للثورة لها ثابت، كقاعدة عسكرية ثورية، فأنشأت لها موقعها الأول في منطقة: تجريرت:
وهذه المنطقة تابعة لمنكا...
وهذا الموقع المنشأ فيها تمتع بقيادات ثورية مؤهلة قتالية، ما أفضى إلى اكتساب مزيد خبرة عسكرية متميزة...
وفي أثناء تلك المعارك ميزت التجربة القيادية عدة شخصيات، وعلى رأس هرمها:
السيد المناضل النبيل الشهير أياد أق أغالي...
السيد المناضل النبيل غيسى ـ عيسى ـ أق قوفا...
السيد المناضل النبيل موسى أق شكو كلاهما من قبيلة شمنامس...
وغيرهم من زملائهم من القادات الميدانين في أرض المعارك، ممن سيأتي ذكر بعضهم ـ بإذن الله تعالى...
وعلى كل حال فإن خطوة إنشاء الموقع كهذا يعتبر تحديا كبيرا أمام قوات الحكومة فهنا حمي الوطيس بين رجال الثورة وبين الجيش الحكومي، إذ حاولت جيوش الحكومة هزيمتهم بجميع الوسائل العسكرية، وغيرها...
معركة تجريرت:
وكانت هذه المعركة من المعارك الشديدة القتال، التي دارت بين الجيش الحكومي وبين الثوار في منطقة تجريرت.
ولقد أسفرت هذه المعركة عن مقتل السيد المناضل خنا من قبيلة شمنامس، وهو من الأبطال المقاتلين المناضلين الشجعان...
فبهذه المعركة تولد لدى الحكومة إدراك عجز الجيوش الجرارة المتوالية إلى رجال الثورة من معركة إلى معركة التي منها هذه المعركة ـ معركة تجريرت لأجل هزيمة رجال الثورة، والقضاء على الثورة ..
إنشاء موقع تغرغار: الموقع الثاني في تاريخ هذه الثورة.
إن هذا الموقع نشأ كموقع ثان لهذه الثورة، فهذا الموقع هو الذي جعلته الثورة بمثابة موقع خاص للقيادة الثورية.
وهذا الموقع هوالذي فيه السيد المناضل أياد أق أغالي...
ولقد ظهرت علامات النجابة في شخصية السيد أياد أق أغالي في أرض الواقع ما كساه مظاهر القيادة القتالية ذات النجاح العسكري المتوالي...
إنه نال مراسم شرف القيادة بالفعل، في شجاعة فائقة في نفس رجل ثوري أمين مؤمن بقضيته...
وإلى هنا سنترك تاريخ هذه الثورة إلى موضوع الثورات المفصلة ـ بإذن الله تعالى ـ وإنما الذي سقناه من أخبارها، هو ما نبرهن دور شخصية السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ في جانب من جوانب شخصيته السياسية، الذي لم يكن غائبا عن أحداث الثورة أيضا، بل مع الأحداث، ولو لم يكن في قلب أحداث هذه الثورة، فكيف وهو هو أبو حسن قضيتها في قلب أحداث تلك الثورة، التي يصور شيئا ـ من الدور السياسي من الشيخ انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ لقراء المعرفة السفير العراقي الأستاذ المؤرخ الأديب همام هاشم الألوسي، بوصفه التعريفي البليغ، بقوله:
وكان من أشهر أدواره ذلك الذي جاء بعد تفجر الأحداث في جمهوريتي النيجر ومالي، عام 1990م.
إذ كان دوره واضحا في جمهورية مالي، في التوسط بين رجال الحركة الأزوادية، والمسؤولين الماليين.
من أجل البدء بحوار أثمر عن تفهم مشترك، لمواقف الطرفين، من واقع ومستقبل الصراع...

لم تكن جميع قيادات وعناصر الحركات الطارقية مؤيدة لمساعي للشيخ ـ انتالا ـ الطاهر مع الحكومة المالية.
بل وإن بعض متطرفي هذه الحركات حاولوا إدانته من خلال اتهامه بالتواطئ مع السلطة على حساب قضيتهم، إلا أن معظمهم تراجع عن هذا الموقف بعد ذلك.
المصدر: الطوارق ـ الشعب والقضية تاريخا منسيا ـ وحضورا مقهورا ومستقبلا مجهولا. ص170-171.
طبعة: دار أبي قراقا للطباعة والنشر.
قلت: فمن نتائج مساعيه السياسية:
اتفاق تمنغست:
إن من الطورات المتتابعة في جهة الثورة من انتصارات بدأت من لا شيء، إلى شيء لا كشيء فقط، بل أشياء كبيرة في ميزان المكاسب الدنيوية...
وكل ذلك تم ـ بعد توفيق من الله تعالى ـ مما تحقق لرجال هذه الثورة من تلك الانتصارات التي تولد منها توابعها الظاهرة الثوابت من تنظيم عسكري ثوري، وإدارة ناجحة القيادة...
فمن هنا أصبح لدى حكومة بلادهم مالي واقع من دروس تلك المعارك...
فرغبت في طرح المفاهمة على طاولة المفاوضات بينها وبين قيادة الثورة، فنتج منها اتفاق تمنغست الذي وقع عليه بعض قيادات رجال الثورة بسيادة:
القائد السيد المناضل أياد أق أغالي، من قبيلة إفوغاس...
والقائد المناضل السيد عبد الرحمن أق قلا، من قبيلة إمغاد...
والقائد المناضل السيد إبراهيم إيوان، من قبيلة تاغت ملت...
وهي قبيلة مستقلة كقبيلة إفوغاس وإموشاغ وإدنان...
والقائد المناضل السيد ألهجي أق أمو من قبيلة إمغاد...
والقائد المناضل السيد الصلاة أق خبي من قبيلة شمنامس...
وهذه التطورات كلها حصلت لرجال الثورة في غضون ستة شهور من حياة الثورة أي: من يوم ما أطلقت طلقتها الأولى في تدغمين إلى أحداث هذا الاتفاق في ولاية تمنغست الجزائرية...

فالحمد لله الذي حنق دماء المسلمين في تلك الفتن بهذه الشخصية السياسية الشيخ السيد الشريف انتالا أق الطاهر ـ حفظه الله تعالى ـ وأجزل له الأجر والمثوبات في الدارين على ما بذله من السياسة الإصلاحية تجاه فتن تلك الثورات بين المسلمين في دولة مالي جنوبا وشمالا.
كما نسأل الله سبحانه أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله ـ ذخرا ثمينا لأمته وركنا شديدا لأفقه في صحة وعافية وعز ومنعة ـ إن ربي لسميع الدعاء.

الفقرة الثامنة: تأجج نيران ثورة 2010م ومواقف الشيخ السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ المواقف السياسية الحكيمة المحكمة.
قلت: وهذه الفقرة أيضا ستكون تحتها نقاط ـ بإذن الله تعالى ـ بها توصل أحداث هذه الثورة، حسب ما نبينه فيما نحن بصدده، مما سلطنا الضوء على عليه سابقا.
وأما أحداث تلك الثورة وغيرها، على وجه التفصيل، فلها موضوع خاص بها ـ بإذن الله تعالى ـ من ثورات الحركات الجهادية الأزوادية ضد الاستعمار الفرنسي، إلى ثورة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، فالآن مع نقط هذه الفقرة ـ والله ولي التوفيق.
النقطة الأولى: لمحة موجزة من مسيرة تاريخ ثورة 2010م، بعد ما خمدت نيران الأولى ثورة 1990م.
هذا وقد حدثت انشقاقات في صفوف ثورة 1990م الطارقية، بعد اتفاق تمنغست في عمر قصير لاتفاق تمنغست الشهير.
فطالت الانشقاقات السيد المناضل غيسى ـ عيسى ـ أق قوفا، من قبيلة شمنامس...
فانشق انشقاقا تمت له به تأسيس وقيادة: الجبهة الشعبية لتحرير أزواد، التي كانت هي الأم في حياة هذه الثورة...
وانشق المناضل السيد عبد الرحمن أق قلا من قبيلة إمغاد...
قائدا بعد ما أسس جبهة: الجيش الثوري لتحرير أزواد كجبهة ثانية...
ومن قادات هذه الجبهة المناضل السيد المنشق ألهجي أق أمو من قبيلة إمغاد.
المناضل السيد المنشق إبراهيم إيوان من قبيلة تاغت ملت...
فبقي السيد المناضل أياد أق أغالي من قبيلة، إفوغاس على رأس الهرم لما تبقى له بعد الانشقاقات عنه كقائد مسموع الأوامر لجميع رجال الجبهات المنشقة عنه.
وهنا قام هو أيضا بإعادة هيكل تنظيمي لمن بقي معه فأطلق عليه اسم: الجبهة الشعبية لتحرير أزواد...
النقطة الثانية: لمحة موجزة عن وحدة صف لقادات تلك الانشقاقات التي حدثت في تاريخ ثورة 1990م الطارقية ـ بادئ ذي بدء.
إنه بالفعل وقع اتحاد الصف لجميع قادات جبهات هذه الثورة بعد تلك الانشقاقات، التي تصدع بها قوة التماسك بين رجال جبهات هذه الثورة داخل بيت الثورة...
إلا أنها سرعان ما تداركهم لطف من رب العالمين، فعاد إلى قادة الثورة الوعي السياسي المثمر المتميز بالتفاهم الأخوي الثوري الملموس.
حيث بلغ بقيادات الجبهات أن تتحد كلها تحت مسمى واحد، كما تم اتفاقهم عليه، بما معنى ملخص اسم مفرداته: الجبهات الموحدة.
بما في هذا الاتحاد الثوري الطارقي اتحاد آخر مع إخوتهم عرب أزواد بعد اتحاد قادة العرب الأزوادي فيما بينهم على إنشاء جبهة لهم بعد أحداث ثورة 1990م القتالية...
فأنشأ إخوتهم العرب جبهتهم هذه، باسم: الجبهة العربية الإسلامية لتحرير أزواد.
بقيادة السيد المناضل الذهبي ولد محمد...
النقطة الثالثة: لمحة موجزة عن أهم نتائج وحدة هذا الصف لقادات الجبهات الأزوادية جمعاء من عرب وطوارق في تاريخ ثورة 1990م.
إنه بعد ما حصل وحدة الصف لهذه الجبهات، استطاعت الانفكاك من قيود الفرقة إلى الجري والتسابق نحو المسرح السياسي مع حكومة مالي.
وذلك ليجري تحريك بنود اتفاق تمنغست في أرض الواقع، الذي من بنوده المنصوص عليها التمتع بجزء كبير من الانخراط في المؤسسات الحكومية لدولة مالي...
ولقد تم من ذلك ما قدر لكل جبهة من حظ ظاهر النتائج، ونصيب محمود متميز مع الحكومة بعد انخراط كل جبهة من تلك الجبهات في مؤسسات دولتها حكومة المالي.
ونالت كل جبهة مقاما محمودا ملموسا سياسيا وعسكريا، ولا سيما في جانب الانخراط في الجيش الحكومي.
فحصل لكل جبهة حظ من رتب عسكرية رفيعة، وغير ذلك من الفوائد التي حصلت عليها بعد تمام زمن الانخراط، وما تبعه من سنين التعايش السلمي المتميز مع حكومة دولتهم مالي...
النقطة الرابعة: لمحة موجزة عن انشقاق مفاجئ ـ جانب السيد المناضل إبراهيم باهنقا ـ في رفض هذا الانخراط الثوري المتين مع حكومة مالي.
وذلك أن هذا الانخراط تم رفضه من قبل السيد البطل المناضل الشهير إبراهيم أق باهنقا من قبيلة إفوغاس...
فانضم إليه جمع من ثوار هذه الثورة المناضلين ...
هذا هو أول انشقاق ثوري وقع بعد وحدة صف تلك الجبهات من جهة، وانخراطها في الجيش الحكومي من جهة ثانية.
ثم بعد ما ظهر للعيان رفض القائد إبراهيم باهنقا المتمثل في الهجوم على بعض مواقع الجيش الحكومي، هنا انشق عن الجيش المالي أيضا السيد المناضل العقيد حسن أق فقاقا من قبيلة إفوغاس، وانضم إلى صف قائد هذه الثورة إبراهيم أق باهنقا، وكان تاريخ هذه الثورة وقع ما بين 2003م إلى 2004م...
ثم توالت انشقاقات في صفوف الضباط الثوريين المناضلين المنخرطين في جيش الحكومة المالية ـ الانخراط المتقدم ذكر بيانه، وكان من بينهم:
السيد البطل المناضل المنشق بركة أق الشيخ من قبيلة تاغت ملت.
وقد قتلته حكومة مالي في الفترة نفسها...
السيد المناضل المنشق هارون سعيد من قبيلة إفوغاس...
السيد المناضل المنشق النقيب ناكّا من قبيلة إفوغاس أيضا...
السيد المناضل المنشق العقيد أبه موسى من قبيلة إفوغاس أيضا...
السيد المناضل المنشق خام موسى من قبيلة تاغت ملت...
السيد المناضل المنشق المقدم (إين تهدو) من قبيلة إفوغاس...
النقطة الخامسة: لمحة موجزة عن تفجر بركان هذه الثورة ـ ثورة 2003-2004م.
وذلك أن الضباط السابق ذكر أسمائهم، بعد انضمامهم إلى من كان مع القائد السيد المناضل البطل إبراهيم باهنقا، أصبح الجميع جبهة ذات وقع خطير في جانب الكفاح المسلح.
فمما قامت به هذه الثورة من الأحداث العسكرية التي لم تسبق إليه، لشدة خطورة حدثهم العسكري الثوري، إذ استفتحوا كفاحهم المسلح بخطوة جريئة حين أقدموا على فكرة الاستيلاء على ولاية كيدال مع ما فيها من الجيش المعزز بالجند والعتاد العسكري المتميز.
معركة كيدال:
إنهم بالفعل خاضوا هذه المعركة بعد ما مهدوا لمواجهتها تمهيدات ذات خطط عسكرية ثورية، منها خطط الهجوم على القوات المالية المتواجدة في ولاية كيدال، فوقع ذلك الهجوم المتميز النجاح عسكريا بمعنى الكلمة.
فتحقق لهم الاستيلاء على الجيش الحكومي المتمركز في قاعدة ولاية كيدال، كما استولوا على سلاح الدولة فيها، بل وعلى من فيها من الجيوش الحكومي...
ثم بعد هذه الخطط العسكرية الناجحة على أهلها ثوار ثورة هذه المعركة، ثم التحقت هذه الثورة إلى موقع تغرغار، فتمركزت هناك مشكلة أكبر خطر حكومي في تاريخه، بل وفي تاريخ ما سبقها من أحداث الثورة المتفاوتة في الخطورة.
المفاوضات الحكومية المالية مع قادات ثورة هذه المعركة:
إنه بالفعل استطاعت حكومة مالي بعد ستة أشهر من تاريخ هذه المعركة، أن تقوم بمحاولة إجراء مفاوضات جادة، مع قيادة هذه الثورة، فتم لحكومة مالي النجاح الكامل في إجراء المفاوضات المثمرة في إخماد نيران ثورة: معركة كيدال.
فجرت المفاوضات في دولة الجزائر، على شروط بين الطرفين ـ طرف حكومة مالي، وطرف قادة ثوراها أصحاب معركة كيدال ـ ومن بنود شروط تلك المفاوضات: أن يعيد المناضلون الثوار السلاح إلى حكومة مالي بكامل ما استولوا عليه من العتاد العسكري في ولاية كيدال، على أن يعودوا إلى وظائفهم ورتبهم العسكرية جزاء وفاقا ـ حسب مواطن أعمالهم في المؤسسات العسكرية في دولتهم الحكومة المالية.
فاتفقوا مع محكومة مالي على تلك الشروط، إلاّ السيد البطل المناضل إبراهيم باهنقا، فإنه رفض شروط هذا الاتفاق قولا واحدا، هو ومن معه من الثوار المناضلين...
النقطة السادسة: لمحة موجزة عن قصر تاريخ ذلك الاتفاق المبرم في الجزائر بين قادة ثورة: معركة كيدال، وبين حكومتهم ـ دولة مالي.
وذلك أن هذا الاتفاق أصيبت مقاتله بسهم من عمليات اغتيالية انتقامية، في صفوف قادة ثورة: معركة كيدال.
وذلك حين بدأ جيش حكومة مالي بتصفية أولئك الضباط المنشقين الذين تمردوا عليها، تمردا بلغ بهم حد حادثة معركة كيدال...
فقتل المناضل السيد بركة أق الشيخ من قبيلة تاغت ملت، وقد ذكر اسمه في مسرد الثوار المنشقين.
وعلى كل حال فإنه بعد مقتله عاد الانشقاق مرة ثانية في صفوف ضباط الثورة، فالتحق أولئك الضباط وغيرهم من الثوار المنشقين، خاصة من سبق ذكر أسمائهم هم إلى صفوف الثوار المقاتلين بقيادة السيد المناضل البطل إبراهيم باهنقا.
النقطة السابعة: لمحة موجزة عما بذلته الحكومة المالية من حل عسكري، وسياسي لهذا التمرد.
هذا وإن حكومة مالي لما وقع هذا الانشقاق هذه المرة، أعطى الحكومة رسالة تضع النقط على حروف نص واقعها المقروء : لا بد من حل عسكري إن نفع، وإلا فمفاوضات أخرى ضرورية...
فبدأ حكومة مالي بالحل العسكري في أرض الواقع إذ أرسلت جيشا إثر آخر بقيادة العقيد الهجي أق أمو من قبيلة إمغاد...
والعقيد محمد ولد ميدو من قبائل عرب أزواد...
إضافة إلى تعزيزات عسكرية مرة بعد مرة، فوقعت عدة معارك ومواجهات ضارية...
ولقد تخللت تلك المعارك الضارية مساع سياسية، ساهمت حكومة الجزائر عن طريقها في إطفاء نيران لهب هذه المعارك، فنجحت حكومة الجزائر في جانب الوساطة مرة ثانية في إيقاف إطلاق النار...
على درجة أن رجع بسبب ذلك الاتفاق جميع الضباط المنشقين إلى حكومة دولتهم مالي، إلا السيد البطل المناضل إبراهيم باهنقا، فإنه استمات على رفضه الاتفاق مع حكومة مالي جملة وتفصيلا...
النقطة الثامن: لمحة موجزة عن ركود ثوري طارقي بعد مساعي الجزائر الإصلاحية الآنفة الذكر.
وذلك بعد أن ترك ساحة القتال الثوري السيد البطل المناضل إبراهيم أق باهنقا...
فغادر صحراء أزواد لما رفض هذا الاتفاق مع دولة مالي، متوجها بعد ذلك إلى الجماهيرية الليبية.
وكان في نيته إقامة ثورة أخرى إن قدر له الرجوع الثوري إلى مواجهة أخرى مسلحة.
فوصل ليبيا بعد رفضه الاتفاق مع حكومة مالي، فظل يجمع السلاح ويعد العدة...
مع محاولة من حكومة القذافي احتضانه مكرا كبارا آخر، في حق رجال ثوار الطوارق.
ومهما يكن من أمر فإنه مكث في ليبيا كلاجئ سياسي، إلى أن وقعت الثورة الليبية على حكومتها ـ حكومة ليبيا ـ وحمي وطيس الحرب فيها، عند ذلك قرر الرجوع بجماعة من شباب الثورة الطارقية لتأسيس ثورة طارقية أخرى ضد حكومة مالي...
فكان من قدر الله المكتوب أن وافاه أجله قبل تحقيق هدفه الثوري التحريري لصحراء أزواد ـ فنسأل الله أن يعفو عنه بعفو العظيم، فيجازيه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا.
النقطة التاسعة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن معنى مسمى: ثورة 2010م -2011م ـ ثورة: الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
وذلك إن هذه الثورة اتسمت بسيمات النضج السياسي للفكر الثوري أكثر من غيرها من الثورات الطارقية التي سبقتها ـ ثورة 1963م، وثورة 1990م، وثورة 2003م.
ومما تميزت به هذه الثورة من الوعي السياسي الثوري ما قامت من رسم عنوان لاسم ثورتها ـ مشروعها الوطني الثوري ـ باسم: إِمِنا. بألف مكسورة، فميم مكسورة أيضا، ثم ألف.
وهذه الحروف المقطعة هي في الأصل حروف لاتنية فرنسية، ذات دلالة تعبر عنها رموز أسماء ذات معاني ثورية، تعني بالعربية: الحركة الوطنية الأزوادية...
هذا النهج الثوري المعنون لاسم ثورتهم أتى كمقدمة من مقدمات اجتمع عليها قادة هذه الثورة ـ بادئ ذي بدء.
فلما نزلت الثورة في ساحة الميدان لتتمركز في مواقعها داخل صحراء أزواد ـ شمال دولة مالي.
عند ذلك التحق بالثورة ذكور رجال صحراء ـ مضارب الطوارق.
وممن التحق بها رجال مخلصون لهذه الثورة من شخصيات بارزة في الثورات السابقة وغيرها، وآخرين ممن تسعد الأمم بأمثالهم.
هذا وكان لبعض كوادر رجال ثورة 1963ميلادي حضور ميداني متميز فضلا عن الحضور المعنوي مع هذه الثورة، ومنهم السيد النبيل عمدة النقل إسوف ـ يوسف أق الشيخ...
فأججت أفكارهم الثورية لهذه الثورة الحماس المتناهي حينما وقع في نفوس المجتمع الثوري خاصة بين شباب الثورة المقاتلين المتقدمين منهم والمتأخرين...
الذي من أسباب تلهب الحماس في نفوس أفواج من التحق بهذه الثورة أن اتفقت آراء من كان حيا من قادة رجال ثورة 1963م، مع غيرهم من قادة هذه الثورة 2010م على هدف ثوري نضالي انفصالي.
فأصبح وجود كوادر ثورة 1963م الفعلي في أرض الواقع أكبر دافع روحي لقادة ورجال وشباب ثورة 2010-2011ميلادي...
لا سيما بعد ما توصل أرباب الفكر الثوري جميعهم إلى فكرة الاستقلال، عن طريق بوابة هذه الثورة ـ ثورة 2010م -2011م.
وقد تمخضت فكرة الاستقلال بعد ما اجتمع قادة رجال الجيش الثوري الطارقي لهذه الثورة، وقادة رجال الثقافة فيها ـ خاصة في الثقافة الثورية.
فأسفر الاجتماع على اتفاق القيادتين على تحرير أرض أزواد بالكامل (من إلى) حسب ما رسموه في الخريطة لحدود أراضي أزواد شرقا وغربا شمالا وجنوبا ...
وهذا الاتفاق هو الذي نحا بفكرة الثورة منحى الاستقلال حقيقة عن دولة مالي، كفكرة لا بد من تحقيقها، وشددوا على أن لا رجعة دون تحقيق حلمهم هذا في أرض الواقع، مهما كلفهم ذلك، ولو على سبيل التضحية بأرواحهم الغالية...
فبعد ذلك توصلوا أيضا إلى عنوان كامل آخر لاسم ثورة حركتهم هذه، باسم: الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
ورمزوا لمفردات هذا العنوان، برمز: إِمِنِلا. فزادوا في الرموز الأولى(ل)، فقط.
التي لم تكن في رموز(إمنا) التي تعني فقط: الحركة الوطنية الأزوادية.
والتي أصبح عنوانها: الحركة الوطنية لتحرير أزواد، المرموز لها، برمز)إمنلا)، .
النقطة العاشرة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن بعض الخصائص السياسية لهذه الثورة 2010م -2011م ـ ثورة: الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
وذلك أن اتفق قادة هذه الثورة على نشر رؤاهم الثورية في أرض الواقع، في رسائل خصصوا لها من يوصلها إلى حكومة بلادهم ـ دولة مالي، وفيها مطلبهم الاستقلالي من غير قتال إن استجيب إلى ذلك لهم، وإلا فسينتقلون إلى ساحة القتال، إن لم تستجب حكومة بلاهم لمطلبهم، ثم أعطوها مهلة زمنية...
كما خصصوا رسائل أخرى إلى بعض سفارات الدول، خاصة المتواجدة في دولة مالي.
وفيها تلك الرسائل مطالبهم الانفصالية، وإعطاء الضوء السياسي مع أي دولة أو مؤسسة حكومية أو غير حكومية لمد يد التعاون المثمر مع الثورة، وأنها ثورة سياسية كما أنها ثورة مسلحة، تحت قيادة رجل ثوري جامعي مثقف، فهو شخصية مثقفة، وهو السيد المناضل بلال أق الشريف، وهو ممن نال شهادة جامعية في الجماهيرية الليبية، فهو شخصية متمتعة بملكات علمية في العلوم الإسلامية قيمة، وثقافة عربية وإنجليزية متميزة...

النقطة الحادي عشر: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن مواقع تواجد هذه الثورة 2010م -2011م ـ ثورة: الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
وذلك أن هذه الثورة استعملت الازدواجية بين الدور السياسي، وبين دور الكفاح المسلح...
فوضعت أمامها خططا إن لجئت إلى ساحة القتال تقوم بالسير عليها ـ بإذن الله سبحانه.
فمما رسمته من الخطط المتفق عليها بين قادة القتال، أن خططوا تخطيطا عسكريا، تم توزيعه على حدودات دول الجوار لدولتهم ـ جمهورية مالي، كاستراتجية قتالية مدروسة...
فتوزعوا على كتائب ثورية مقاتلة في أربع جبهات كل واحدة على جهة من جهات حدودية لدولة مالي مع دول جوارها:
ومن تلك الجهات المستهدفة جهة: منطقة منكا ـ حدود النيجر.
وجهة منطقة تين زوتن حدود الجزائر.
وجهة منطقة ليرا حدود موريتانيا.
وجهة منطقة تيسي حدود بركينافاسو.
وعلى هذا التخطيط العسكري جرت المعارك في أرض الواقع.
معركة منكا:
هذه المعركة هي المعركة الأولى في تاريخ هذه الثورة، حينما شرعت في شق سبيل الثورة المسلح، فبدأت معركة منكا بقيادة:
القائد السيد المناضل أبه موسى من قبيلة إفوغاس.
والقائد المناضل السيد محمود من قبيلة إدنان...
فاستولوا على منكا، ثم استحكموا على حدود دولتهم مع دولة النيجر.
معركة تين زواتن:
إنها معركة من معارك منطقة حدود الجزائر، مع حكومتهم دولة مالي.
وهذه المعركة كانت قيادة قيادات رجالات هذه الثورة، وعلى رأس هرم هذه القيادة:
القائد المناضل السيد الرئيس بلال أق الشريف من قبيلة إفوغاس.
والقائد المناضل السيد انبارك من قبيلة شمنامس.
والقائد المناضل السيد الصلاة أق خبي من قبيلة شمنامس.
والقائد المناضل السيد أحمدو أق لميذا من قبيلة إفوغاس.
والقائد المناضل السيد باي أق ديكنن من قبيلة إدنان.
والقائد المناضل السيد مشكناني أق بلا من قبيلة إفوغاس.
وغيرهم من رجال الثورة الأبطال...
فخاضوا هذه المعركة ـ معركة تينزوتن، فانتهوا بالاستيلاء عليها بالكامل، بعد ثلاثة أيام من تاريخ المعركة.
معركة تيسي:
قلت: هذه المعركة أيضا تمت بالاستيلاء على منطقة تيسي، بقيادة:
السيد المناضل أكل إكنن أق سليمان من قبيلة إمغاد.
معركة أمشاش:
إنه معركة وقعت بعد معركة تينزواتن، وقد اجتمع لمهاجمتها جماهير الثوار على مهاجمة قاعدتها ـ قاعدة أمشاش العسكرية أشد وأقوى قواعد العسكرية في شمال مالي، ومنطقتها من مناطق حدود دولة مالي مع الجزائر.
وقد تمتعت هذه القاعدة بميزات عسكرية متعددة، من أهمها، أنها من أقدم القواعد العسكرية المالية، ومنها ما تمتعت به من موقع عسكري استراتجي محصن بتحصينات أمنية مشددة، ومجهز بتجهيزات عسكريات بالعتاد قديمة وحديثة من قبل حكومة دولة مالي.
فلذا أصبح التوجه إلى هذه القاعدة المتكاملة المهيأة لمواجهة أي خطر أمني غاية التهيئة في أي لحظة، خاصة في طوارئ معارك هذه الثورة.
ومهما يكن من أمر فإن قادة الثورة توجهوا إليها لمواجهة قوتها توجها يعتبر حقيقة طموحا ثوريا جريئا كبيرا خطيرا في تاريخ جميع الثورات السابقة ولا سيما ثورة هذه المعركة ـ ثورة 2010م-2011م...
إنه بالفعل تم توجه جماهير المقاتلين الثوار إليها، على أفواج تحت تدابر أمنية ثورية مسلحة، التي منها: محاصرة هذه القاعدة ـ قاعدة أمشاش حصارا شديدا.
فأحكم عليها الحصار من جميع الجهات، من قبل الحركة الوطنية تحرير أزواد، وحركة أنصار الدين بقيادة السيد المناضل إياد أق أغالي...
هذا من خلاصة استعدادات جانب الثوار تقع على أرض الواقع لهذه القاعدة.
وأما من جهة استعدادات جانب قيادات جيوش حكومة مالي في مواجهة هذا الخطر الواقع المسلح الثوري لهذه القاعدة.
فإن الحكومة دعمت القوات المتمركزة في قاعدة أمشاش بالغالي والنفيس، من أنواع الدعم العسكري...
الذي منه الدعم بالتعزيزات العسكرية التي عززتها بإرسال تعزيزات من أرتال أخرى من الجيش إلى هذه القاعدة دفاعا وهجوما، تحت قيادات من الجيش الحكومي مختلفة الأعراق، من تلك القيادات قيادة:
القائد العقيد الهجي أق أمو الطارقي، من قبيلة إمغاد...
والقائد العقيد محمد ولد ميدو من قبائل عرب شمال مالي...
وغيرهما من القيادات العسكرية المالية التي يصاحبها أرتال من الجيش الحكومي. كلها جاءت لفك الحصار على هذه القاعدة ـ قاعدة أمشاش ـ على التفصيل الملخص الآتي ـ بإذن الله تعالى...
وذلك أن أحد هذه الأرتال: هو الرتل الذي يقوده العقيد الهجي أق أمو الطارقي ا في ثمانين سيارة تابعة للجيش المالي، جاءت لفك الحصار على قاعدة أمشاش، فاجتمع عليه وعلى جيشه جمع من مقاتلين الثوار من حركة تحرير أزواد وجماعة حركة أنصار الدين، فهزموه كل هزيمة...
ثم أرسلت حكومة مالي رتلا آخر مكونا من مائة وعشرين سيارة، مجهزة بأحدث الأسلحة على مختلف أنواع تلك الأسلحة، كل ذلك في سبيل فك الحصار على قاعدة أشاش مرة أخرى، فحالت هزيمة أخرى بين هذا الرتل وبين فك الحصار على قاعدة أمشاش...
نهاية معركة قاعدة أمشاش:
إنه بعد حصار دام شهرا أو نحوه، وبعد صد هجمات من الجيش الحكومي المالي شديدة المعارك لفك الحصار على هذه القاعدة العسكرية المهمة...
تم مداهمة قاعدة أمشاش بعد واقع شديد الخناق عليها مخطط له من قبل قادات رجال هذه الثورة لخوض الهجوم النهائي على هذه القاعدة.
فبعد ذلك الحصار، الذي اجتمع عليه قادة وضباط الطوارق الثوار المناضلين من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وحركة أنصار الدين، تم خوض المعركة الفاصلة في هجوم قاعدة أمشاش.
فوقع التصدى لمواجهة الثوار على هذه القاعدة من الجيش الحكومي المالي في تلك القاعدة بالقتال الشرس الذي مكث نحو ثلاثة أيام من أيام نحسات على الجيش الحكومي، إذ أسفر الهجوم على انهزام الجيش الحكومي المالي أمام الثوار المقاتلين من جماعة أنصار الدين، ومن حركة تحرير أزواد بقيادة:
العقيد المناضل السيد مشكناني بن بلاّ من قبيلة إفوغاس.
والعقيد المناضل السيد إنتالا أق السيد من قبيلة شمنامس.
والعقيد المناضل السيد محمد عيسى من قبيلة إشضنهارن.
والرائد المناضل السيد أحمد أق ناقبو من قبيلة إفوغاس...
وغيرهم من القادة المقاتلين الثوار المناضلين...
معركة أجلهوك:
إن معركة أجلهوك من المعارك الشرسة، وقد ابتلي فيها جانب حركة أنصار الدين بلاء قتاليا شديدا ذا تجهيزات عسكرية للجيش الحكومي بالجند والعتاد بقدر كبير في ميزان التجهيز العسكري في أرض المعارك...
وعلى كل حال، فإن حركة أنصار الدين هزمت الجيش الحكومي في منقطة أجلهوك ـ بادئ ذي بدء ـ انهزاما أوقع قتلى في صفوف الجيش قتلوا قتلا بشيعا، لا يجوز نقلا وعقلا بين المسلمين ـ نسأل الله السلامة من دماء المسلمين المقول في عظم قدرها عند الله ـ جلت عظمته ـ تحت أي شبهة: لزوال الدنيا عند الله أهون من إراقة دم امرئ مسلم .
ثم بعد تلك الهزيمة أعادت الحكومة إليها قوة أخرى متميزة بالسلاح والجند في سبيل المحاولة لاسترجاع منقطة أجلهوك وقاعدتها تحت سيطرة الدولة.
فوجهت إليها هذه المرة أحد الأرتال السابقة، بقيادة العقيد ولد ميدو العربي. لاسترداد أجلهوك من جماعة أنصار الدين بقيادة:
القائد المناضل زعيم أنصار الدين السيد أياد أق أغالي الطارقي من قبيلة إفوغاس...
والقائد المناضل السيد العباس أق انتالا من قبيلة إفوغاس ـ نجل المترجم له أحد الأعيان السياسيين المشاهير.
والقائد المناضل السيد الشيخ أق أوسّا من قبيلة إفوغاس أيضا...
وغيرهم من قادات حركة أنصار الدين.
فانهزم الجيش الحكومي الانهزام النهائي في تاريخ معارك هذه الثورة في منطقة أجلهوك.
معركة كيدال:
إنه بعد تلك المعارك الطاحنة، توجه المقاتلون الثوار إلى القوة المتمركزة في ولاية كيدال، لمواجهتها...
فخططوا لهذه المعركة بخطة قسمتهم إلى قسمين، قسم توجه إلى قاوى.
والقسم الثاني: توجه إلى كيدال نفسها، فاستولوا عليها، بعد حصار...
وإلى هنا سنترك تاريخ تفاصيل هذه المعركة كغيرها إلى موضوع الثورات المفصل ـ بإذن الله تعالى.
وإنما الذي سقناه من أخبار هذه الثورة إلى هذه المعركة، سقناه من باب سوق ما نبرهن به دور شخصية السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ في جانب من جوانب شخصيته السياسية، مع هذه الثورة، الذي لم يكن غائبا عن أحداثها السياسية أيضا، كغيرها.
ومن دوره السياسي في هذه الثورة أن فتح باب داره لكل عسكري في ولاية كيدال من الجيش المالي لإيوائه، ومنع أي أحد من مسه بسوء، خاصة بعد انهزام الجيش المالي في كيدال.
فتسابقت زمر من الجيش الحكومي إلى باب داره، بأعداد المئات، فأكرم مثواهم، هذا جانب.
ولقد أحيا للتاريخ تطبيق سنة: دار أبي سفيان ـ المنصوص على توفير الأمان لمن دخلها يوم فتح مكة: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
ولقد ضرب الشيخ انتالا أروع الأمثلة لتطبيق معاني سنة خصائص: دار أبي سفيان.
فالحمد لله الذي حنق دماء المسلمين في تلك الفتن بهذه الشخصية السياسية الشيخ السيد الشريف انتالا أق الطاهر ـ حفظه الله تعالى ـ وأجزل له الأجر والمثوبات في الدارين على ما بذله من السياسة الإصلاحية تجاه فتن تلك الثورات بين المسلمين في دولة مالي جنوبا وشمالا.
كما نسأل الله سبحانه أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله ـ ذخرا ثمينا لأمته وركنا شديدا لأفقه في صحة وعافية وعز ومنعة ـ إن ربي لسميع الدعاء.
هذا ومن جانب دور جليل آخر من دوره من سياسته الحكيمة الجليلة، أن: وفر الأمن لمن دخل داره من جيش الحكومة المالية ـ قدر طاقته حتى تم تسليمهم جميعا من قبله لحكومة مالي سالمين آمين.
وفي هذه الفترة أعلن انضمامه المعلن الشهير إلى الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
التي ما زالت تخض بقية المعارك التي منها:
معركة قاوى:
وأما معركة قاوى فإن القسم الذي توجه إلى هجوم الجيش الحكومي فيها، مضى في سبيل تحقيق خطته الهجومية، فأسفر ذلك الهجوم على الاستيلاء عليها، بعد مواجهة انهزم فيها الجيش الحكومي إثرها أيضا...
معركة تمبكتو:
فإنها معركة من المعارك التي تمت بعد حصار دام فترة قبل الاستيلاء عليها، بقيادة:
القائد المناضل السيد محمد ناجم من قبيلة إدنان.
والرائد المناضل السيد بونا من قبيلة شمنامس.
والرائد المناضل السيد مولاي من قبيلة إفوغاس.
والرائد المناضل السيد بادي أق سيدي آلمين ـ الأمين ـ من قبيلة إدنان...
وكان من خلاصة أمر المعركة أن استولى رجال الثورة على تمبكتو، كغيرها ـ بعد أن استولوا على كل من: ليرا، وإين أفنكي، وديري...
وبهذه المعركة تم للثورة السيطرة الكاملة على كامل الأراضي التي رسمت في خريطتها أنها هي أزواد...
معلنون استقلال أرضهم عن دولة مالي باسم: دولة أزواد، إعلانا لم يجد أي اعتراف دولي إلى هذه اللحظة ـ لحظة كتابة هذه الأحرف، ومع ذلك أعلنوا هذه الدولة من قبل قادات الحركة الوطنية الأزوادية.
التي سننتقل ـ بإذن الله تعالى ـ فيما بعد إلى دور الشخصية السياسية للشيخ انتالا تجاه هذا الإعلان كشخصية كبيرة في إقليم أزواد حظيت الثورة بكسبها كسبا كبيرا.

· السيد الكريم تُوّى ابن الشيخ العلم أداس بن أمية السوقي الأضاغي...
لويكتب بدل (الأضاغي ) (التكرناتي) لأن الشهيد توا من قبيلة كل تكرنات ومن ذؤاباتهم.

الشكر والتقدير:

بعد السلام عليكم:

الأستاذ الأديب الشاعر الخرجي السوقي ـ بارك الله فيك وفي مرورك الكريم.

كما أشكرك بهذه الفائدة: السيد الكريم تُوّى ابن الشيخ العلم أداس بن أمية السوقيالأضاغي...

قلت: وقد راجعت ما كتبته في هذا الموضوع، ولم أقف فيه على ذكر هذا: (((السيد الكريم تُوّى ابن الشيخ العلم أداس بن أمية السوقيالأضاغي))).

فسبحان الله الذي لا تأخذه سنة... لذا فبعد ما تفيدني به سأشاركك ـ بإذن الله تعالى ـ ببيان معطيات ما يتعلق بإتمام تمام إفادتك:

(((لويكتب بدل (الأضاغي ) (التكرناتي) لأن الشهيد توا من قبيلة كلتكرنات ومن ذؤاباتهم))).

الفقرة التاسعة: تسليط الأضواء على أهم مكاسب ثورة 2010م – 2011م وهو انضمام الشيخ السيد الشريف انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ إلى صفها انضماما كليا كبيرا بمواقفه السياسية الحكيمة المحكمة.
وهذه الفقرة سأتكئ في تلخيص موضوعات نقاطها الآتية ـ بإذن الله تعالى ـ على أخبار ما استفاض خبره من أخبار هذه الفقرة مما وقع أمامي معاينة ـ إبان وجودي هنا، أو سمعته من أهله هناك أيضا.
كما سيند إليهم ذلك إضافة إلى أخبار مشاهداتي مباشرة في أرض الواقع من وحي الأحداث التي عشتها فترة إعلان قادة هذه الثورة عن تأسيس مجلسها الانتقالي، وقت ما كنت هناك ـ كما سيأتي أهم أنباء ذلك كله ـ بإذن الله تعالى ـ نقطة نقطة...
النقطة الأولى: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن أهم دور سياسي إصلاحي ينتظر الشيخ انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ تجاه أحداث هذه الثورة 2010م -2011م ـ ثورة: الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
فإن انضمام صاحب الترجمة يعني ما كان يبذله من الجهد الجبار الإصلاحي سينصب في اتجاه اصلاحي سياسي آخر تتحدى وقائعه الخطيرة لمسيرة حياة هذا الانضمام لصالح سيادة حركة تحرير أزواد.
كما كان يقوم به فيما سبق من مسيرة حياته السياسية الإصلاحية بين قادات الثورات الطارقية على مراحل تاريخها، وبين حكومة بلادهم مالي ثورة ثورة.
لذا فمن أبرز دور سياسي إصلاحي صعب أمام صاحب الترجمة الشيخ انتالا ـ حفظه الله تعالى ـ في هذه الفترة هو القيام بتقريب وجهة النظر الديني والسياسي بين حركة تحرير أزواد، وبين حركة أنصار الدين على الإصلاح المعقول شرعا...
فاتجه دوره السياسي المنتظر في الإصلاح إلى تقريب وجه النظر بين جماعة أنصار الدين التي يتزعمها السيد المناضل النبيل إياد أق أغالي...
والسيد المناضل نجله النبيل العباس أق انتالا نفسه ـ حفظ الله الجميع.
وبين حركة تحرير أزواد التي يتزعمها السيد المناضل النبيل السيد بلال أق الشريف...
فزعامة جماعة أنصار الدين، وزعامة حركة تحرير أزواد، كل واحدة منهما من قبيلة إفوغاس ـ قبيلة صاحب الترجمة الشيخ انتالا ـ حفظه الله تعالى.
لذا فزعامة الحركتين زعامة ذات صلة قرابية وثيقة، بل بعضهم من أبناء صلبه كالسيد العباس، والبعض الباقي من أبناء قرابته الأعزاء، كالسيد إياد أق أغالي، والسيد بلال أق الشريف ـ حفظ الله الجميع من كل سوء وكروه.
النقطة الثانية: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن أهم أسباب ذلكم الخلاف القائم بين الحركتين: حركة أنصار الدين، والحركة الوطنية لتحرير أزواد.
وذلك أننا في هذه السنة 1433هـ شهد أفقنا ـ مضارب الطوارق ـ ثورة: حركة تحرير أزواد، وحركة أنصار الدين ضد حكومة بلادهم دولة مالي.
فاستولت الثورة القائمة على الحركتين المذكورتين على مناطق شمال مالي بالكامل...
وما إن تم بسط السيطرة حقا على شمال مالي، خاصة أمام حركة تحرير أزواد، التي تقاتل لأجل الاستقلال، إلاّ والقاعدة في بلاد المغرب العربي، تدخل معها شمال مالي بكل ما لديها من قوة، على مختلف جبهاتها.
ومن أهما وأخطرها إقليميا ودوليا:
جماعة أنصار الدين، ذات الرؤى القاعدية، المتصادمة مع كثير من فقه تعاليم الشرع الحكيم...
وعلى كل حال فإن موقف جماعة أنصار الدين أصبح أشد وقعا وخطورة، من بقية الحركات القاعدية الأخرى.
وذلك لما تتمتع به جماعة أنصار الدين من الوطنية الأزوادية.
يضاف إلى ذلك أن أزعامة أنصار الدين ـ ذات المطلب القاعدي ـ وحركة تحرير أزواد ـ ذات المطلب الاستقلالي ـ كل من الحركتين من بيت قبيلة واحدة ـ قبيلة إفوغاس ـ وكذلك كثير من بقية رجال قيادتين...
ومهما يكن من أمر، فالخلاف القائم بين هاتين الحركتين، هو الخلاف الذي يحتاج إلى ركن شديد يؤوى إليه، كواجهة سياسية إقليمية ـ في حد ذاته ـ إصلاحية كبيرة محترمة.
وتلك الشخصية ذات الركن الشديد هي التي حظيت حركة تحرير أزواد بكسبها كسبا بلغ الغاية في الانضمام إليها، ذلكم كبير سادة المنطقة قديما وحديثا والد الجميع المترجم له الشيخ السيد انتالا ـ حفظه الله تعالى.
النقطة الثالثة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن أهم ما تطالب به جماعة أنصار الدين تحت غطاء: تنظيم القاعدة مع جبهاتها تلك تطبيقا واعتقادا.
ذلك أن هذه الجماعات المسلمة المسلحة تدعو كلها إلى مسائل دينية جلها من مسائل الاعتقاد...
وأهم مسائلها المطلوبة العظيمة الأبعاد خطورة إذا وقع الخطأ في شيء من مسائلها تلك نقلا وعقلا، سواء في حق الفرد أو في حق المجتمعات الإسلامية في كل زمان ومكان. ومنها:
· جانب: تطبيق الأحكام الشرعية: من إقامة الحدود ـ على الزاني ـ على السارق ـ على شارب الخمر، وغير ذلك مما لا مطمع في حصره...
· جانب: عدم الاعتراف بالحدود بين الدول الإسلامية لإقامة دولة الخلافة الإسلامية الموحدة الكبرى.
· الأفكار الجهادية...
· جانب: تكفير رؤساء الدول الإسلامية، ومن في معناهم من الوزراء، لتعامل تلك الدول على زعمهم مع القوانين الوضعية.
· جانب: استحلال دم ومال من يتعامل مع أوامر تلك الدول المحكوم عليها بالكفر والردة عندهم على زعمهم...
وهناك الشيء الكثير من أفكار أصحاب هذا الفكر الذي يدعون إليه، المبثوث البيان في كتب السلف الصالح قديما وحديثا، وقد أفردت فيه مصنفات تناولت الدراسات المتعلقة بتنظيم القاعدة، والإرهاب، والتطرف، والانحراف، وفكر الخوارج...
فخرجت ببيان ما وقع فيه الخطأ من فهم الفكر القاعدي ـ في كثير من تلك المسائل وما في معناها.
إذ كل فهم ديني خاطئ يعرف عند مخالفته لفهم ما عليه السلف الصالح من الصحابة، ومن نهج منهجهم في أمور الدين.
النقطة الرابعة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن أهم ما واجهت به قيادة الحركة الوطنية لتحرير أزواد هذه الأفكار المنسوبة للدين.
قلت ـ بادئ ذي بدء ـ هي الأفكار التي تولت زعامة أنصار الدين رفع رايتها، جملة وتفصيلا.
فكانت مما تسارعت إليه الحركة الوطنية لتحرير أزواد دعوة الاجتماع لبحث تلك الأفكار من قبل العلماء في شمال مالي الذي أعلنت الحركة من طرفها استقلاله عن دولة مالي، باسم: دولة أزواد.
وعلى ذلك جاء النداء الذي دعت سيادة الحركة به أهل العلم في صحراء أزواد لبيان الهدى المستقيم، من الضلال المبين الأثيم ـ تجاه تلك المسائل المتعلقة بالدين الحنيف المجيد.
ذلك الدين القيم المحكم بيانه بالذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وبالسنة النبوية الصحيحة الصريحة، على ضوء فهم السلف الصالح الحجة البالغة الدامغة لمن يؤمن بهدي من قال: الدين النصيحة.
فأقامت حركة تحرير أزواد اللقاء الأول لأهل العلم في ولاية قاوى، تحت رعاية سيادة الحركة الوطنية نفسها.
فتصادم من حضر اللقاء من أهل العلم من أبناء صحراء أزواد مع موقف ـ من جماعة أنصار الدين ـ لا يقبل ما عرض في النقاش مما يعارض رؤى تلك المسائل، التي عليها تقاتل ـ فتموت وتحيى ـ جماعة أنصار الدين وبقية حركات تنظيم القاعدة.
النقطة الخامسة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن عقد لقاء آخر علمي في ولاية كيدال لمناقشة تلك المسائل نفسها ـ تحت إشراف المترجم له الشيخ السيد انتالا نفسه ـ حفظه الله تعالى ـ برعاية سيادة الحركة الوطنية لتحرير أيضا.
فهذا اللقاء هو السبب ـ بعد مشيئة الله النافذة ـ من أسباب اتصالي بأرض الأحداث في أفقنا ـ مضارب الطوارق ـ في شمال دولة مالي.
إذ أن الثورة لما تحقق لها حلم هدفها الذي بسببه أسست ثورتها، فخاضت بها معارك ضارية.
التي من أبرز مكاسب إنجازاتها خروج الجيش الحكومي بالكامل من الشمال.
واجههم خطر آخر أشد خطورة من المواجهات الشرسة مع جيوش حكومة دولة مالي.
وهو خطر ما يسمى بـ: تنظيم القاعدة الآنف الذكر، تحت مسمى ـ حركة أنصار الدين التي يتزعمها السيد المناضل النبيل إياد أق أغالي...
وتكمن خطورة هذا الخطر في مسألة فهم تطبيق الشريعة وفهم مسائل جهادية أخرى من جهة.
قلت: وعلى مفاهم القاعدة لتعاليم تلك المسائل جرى رفض جماعة أنصار الدين مسألة لفهم الاستقلال، لعدم رؤيتهم صحة الحدود بين الدول الإسلامية...
فهم كغيرهم ممن يعتقد اعتقاد القاعدة يرون وجوب الخلاف الإسلامية الكبرى في كل زمان قولا واحدا، الذي ينبني عليه ضرورية اعتقاد وجوب بل وفرض إلغاء الحدود بين الدول الإسلامية، كما سنسد القول فيه إلى بعض زعمائهم ـ بإذن الله تعالى ـ مما لا يحتاج إلى مزيد برهان لا ستفاضته أخباره، خاصة في وسائل الإعلان الحديثة المختلفة.
هنا استشعر قادة رجال هذه الثورة، ضرورة إقامة حوار ديني جاد، فدعت إلى لقاءات علمية دينية تحال فيها مسائل هذا المعتقد إلى رجال الدين، من الجانبين، معتمدة على ما يخرج به الجميع على وجه الحق بين رجالات الدين الذين منهم رجال الدين في وطنهم.
وهنا وضعوا النقط على الحروف من عقد لقاءات بين رجال الدين، وبين قادة جماعة أنصار الدين الذين يتزعمهم السيد إياد أق أغالي.
فوقع لقاء ديني بين الطرفين لمناقشة تلك النوازل، فكان اللقاء الأول وقع في ولاية قاوى، ولم يكت له نجاح الاتفاق، لما لزعامة جماعة أنصار الدين موقف صارم للمعتقد القاعدي.
وعلى كل حال فإنه تمخض منه لقاء آخر اختير له أن يعقد في ولاية كيدال.
وهنا جاءني اتصال من إدارة المكتب السياسي للحركة الوطنية لتحرير أزواد في ولاية كيدال.
وتناول الاتصال دعوتي لحضور هذا الملتقى العلمي، فلما أبلغوني ما يجب على رجال الدين من القيام بدورهم العلمي في بيان الحلال والحرام، والجائز والممتنع...
وذلك جاء على ظنهم تحقق أهلية ذلك الدور من صاحب هذه الأسطر ـ عفا الله عنه ـ حينما وظنوا فيه ذلك الظن، الذي يترتب عليه وجوب الحضور والمشاركة في سبيل بيان تلك النوازل الشائكة قديما وحديثا.
النقطة السادسة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن محاولة الاعتذار، وعدم قبوله.
عند ذلك حاولت أن أعفى عن الحضور بعد جملة من الاعتذارات...
فلما عرضت ما يعتذر بمثله صاحبه، عروض بما علمت من خلاله عدم سهولة قبول اعتذاري ـ من قبل إدارة هذا المطلب العزيز ـ مهما قمت بأعذار أخرى والتي من أشدها حقيقة مني عليّ عدم توفر شروط تلك الأهلية المطلوبة فيّ ـ والله المستعان، وهو حسبي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.
فلما تحقق لي جدية المطلب تجاهي على حد قول من قال: فيا ابن أم يا ابن عم لا مفر.
عند هذا الحد قابلت مطلب اتصال إدارة المكتب السياسي بالسمع والطاعة ـ والله المستعان عليه وحده وعليه التكلان، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وعليه فليتوكل المتوكلون ـ اللهم لا سهل إلا ما جهلته سهلا.
هنا أجبت إدارة المطلب ـ بادئ ذي بدء ـ بأن طالبتها كإدارة المكتب السياسي بتزويدي بخطاب فيه بيان عناصر أهم تلك المسائل الشائكة المنتظر نقاشها في لقاء العلماء في كيدال.
لأتصورها تصور العلم بها أولا، ثم لما سأقوم ببحثها ـ بإذن الله تعالى ـ في كتب العلماء من السلف الصالح قديما وحديثا، لتكون العهدة على المنقول على حد قول من قال من السلف الصالح:

الحمد لله الذي قد ندبا***لكي نميز البيع عن لبس الربا
ومن للمؤلفين الكتبا***تكشف عن العين الفؤاد الحجبا
إذا حجاب دون علم ضربا

فشرفتني إدارة المكتب السياسي لحركة تحرير أزواد في كيدال ـ موطن اللقاء ـ بأن أرسلوا إليّ هذا الخطاب:
رابطة (العلماء والمثقفين) في كيد الملتقى كيدال الأول لمثقفي أزواد.
دعوة:إلى فضيلة الشيخ / يحيى أغ إبراهيم السوقي
بعد التحية والاحترام أنت مدعو ومكلف من قبل رابطة مثقفي أزواد بتبليغ هذه الدعوة إلى الإخوة المثقفين والعلماء الأزواديين هناك .
وذلك لمناقشة عدة محاور نجدها ضرورية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ أمتنا ودولتنا آملين ممن يأنس في نفسه الرغبة أو القدرة تقديم أوراق عمل وأبحاث في إحدى هذه المحاور للمشاركة .
علما بأنه سيقام على هامش الملتقى معرض للكتاب والمخطوطات التاريخية للمنطقة .
محاور الملتقى :
1- دور المنطقة في نشر الإسلام في غرب إفريقيا .
2- الدستور في الدولة الإسلامية .
3- حكم التعامل مع المواثيق الدولية .
4- منهج علماء السلف في التعامل مع النصوص الشرعية .
5- منزلة الحاكمية في الإسلام ومسألة تكفير الحكام ومن تبعهم .
6- حكم التعامل مع غير المسلمين في الدولة الإسلامية .
7- حكم الجهاد والمسلمون اليوم .
8- ما حكم تولي المرأة للمناصب القيادية في الدولة الإسلامية ؟ وما هي المناصب التي يجوز لها توليها.
9- كيف يمكن الاستفادة من التدرج التشريعي في هذه الأيام .
10- آداب المنطقة .
11- الكتابة بحرف تيفيناغ .
ونرجو منكم التكرم بقبول الحضور في المكان والزمان المحددين .
شاكرين لكم حسن تعاونكم .
للاستفسار يرجى الاتصال على الأرقام التالية :
0022362076624 / 0022321850156
فاكس : 0022321850156

منسق رابطة مثقفي كيدال

النقطة السابعة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن أهم ما قمت به بعد ورود هذا الخطاب ـ بين يدي الذهاب إلى موطن اللقاء.
قلت: فلما ورد علي هذا الخطاب عن طريقي بيردي الكتروني، قمت بخطوات لازمة، منها:
· أن أطلعت بعض طلبة العلم هنا على الخطاب لتصله رسالة دعوته على وجه العموم.
· أخبرت مشافهة من لم يتمكن لي مجالسته لأطلعه على الخطاب نفسه لتصله رسالة دعوته أيضا على وجه العموم.
· اشتريت مراجع هامة في السياسة الإسلامية الحكيمة المحكمة بالكتاب والسنة وما عليه هدي السلف الصالح، منها كتاب: السياسة الشرعية لابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ والأحكام السلطانية للماوردي ـ رحمه الله تعالى.
وغيرهما من مصادر التشريع في السياسة الشرعية، وقسمتها بين حقيبتين متوسطة الحجم، كل واحدة وزنها نحو سبعين كيلو.
إحدى الحقيبتين أريد أن أقدمها لإدارة السياسية في قاوى، والأخرى في الإدارة السياسية في كيدال.
هذا وقد يسر الله أن قمت بذلك ـ ولله الحمد ـ كما نسأله أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله بقبول حسن.
وذلك وقع مني لما علمته من اختلاف وجهات نظر القوم في التعامل مع تلك المسائل الدينية بين حركة أنصار الدين، وحركة تحرير أزواد.
وكان من فضل الله تعالى أن زعيمي الحركتين ممن له توجه ديني كل حسب مستواه العلمي في الشريعة الإسلامية.
فأردت بذلك أن أزودهم بما ينتفعون بقراءته ـ إن شاء الله تعالى ـ في حق أهل منصبهما من المسئولية الشرعية والاجتماعية والسيادية.
ليكون كل من يقرأ أهم مسائل تلك المصادر يخرج ـ بإذن الله تعالى ـ بعلم ما يجب عليه أن يفعله مما لا يجب عليه فيما ظاهره فرض، لكن أسقطه عنه عذر شرعي، مبينة مسائله نقلا وعقلا على ضوء مذهب السلف الصالح في تلك المصادر...
وكذلك ما لا يجوز تركه مما فرض الله على من كان من أهل منصبها مما لا عذر له في تركه، ولا مسوغ له شرعا في سقوط فرضه عنه من تلك المصادر أيضا.
· كما قمت بالبحث عن أهم تلك المسائل أيضا خاصة الواردة في خطاب إدارة المكتب السياسي لحركة تحرير أزواد، لأقيد أجوبة مسائلها لهم نقلا من كتب السلف الصالح قديما وحديثا.
وخاصة أن الذهاب إلى لقاءات علمية هادفة، هي بمثابة الذهاب إلى معارك ضارية، المعتبر الخروج إليها: بدون عُدة إلقاءٌ باليد للهلاك كما قيل: كساععٍ إلى الهَيْجَا بغير سِلاَح
كتاب: التحرير والتنوير من التفسير.لابن عاشور.

فلذلك قمت بجهد بحثي في أقوال سلف الأمة في القديم والحديث، ولقد يسر الله لي إتمام بحث تلك المسائل على وهجه الخصوص، وغيرها مما في معناها على وجه العموم ـ بحمد الله وعونه، تحت عنوان:

الكواكب العليّة فيما للسلطان من الحقوق وعليه للرعيّة
ولقد تناول موضوع هذا البحث أهم مسائل هذا الخطاب، وزدت فيه مسائل تتعلق بمادته، كأهم مسائل ما يجب على من يتولى أمر المسلمين القيام به لرعيته، كما تناول أهم مسائل ما يجب على الرعية لمن ولاهم الله أمرهم، كبحث تناول نصائح تهم المجتمع الإسلامي، من الراعي والرعية، لا سيما كمجتمعنا الحديث الهوض السياسي الديني.
وقد جرى ذلك مني، بعد ما أعلن جانب الثورة أزواد دولة مستقلة، فأردت أقدم مادة فيها ما لا يجوز جهله من قبل الوالي من الحقوق التي عليه للرعية، وما لا يجوز للرعية جهله من حقوق الوالي عليهم.
ثم أخذت معي نسختين ـ إحداهما أقدمها لقادة الثورة وعلى رأسهم السيد بلال أق الشريف في ولاية قاوى.
وأما النسخة الثانية أقدمها لإدارة السياسية في ولاية كيدال، كمرجع ديني سياسي آخر لقيادة جماعة أنصار الدين، وقد يسر الله أن قمت بذلك ـ ولله الحمد ـ كما نسأله أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله بقبول حسن.
النقطة الثامنة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن ذهابي الذي حط رحله في أرض الأحداث.
أيام في مدينة قاوى:
أيام كريمة جليلة بلقاء مشاهير رجال الدين ورجال السياسة الكبار.
خاصة يوم أعلنت حركة أزواد بتأسيس المجلس الانتقالي من طرفها برئاسة السيد بلال أق الشريف...
فألقى فيه كلمته البليغة الجليلة الجميلة باللغتين ـ العربية والطارقية.
وهي من الكلمات العزيزة المضمون بقوله: إن دين الدولة الأزوادية دين الإسلام ـ الدين الحنيف، على ضوء الكتاب والسنة ـ فهم السلف الصالح...
ولقد تحقق في حق السيد بلال أق الشريف معنى قول الشاعر:
ألم تر أن العز ألقى برحله***إلى الغر من أولاد بكر من عامر
وقد برز أمام الجماهير الحضور في حلل عز وشرف بين أعضاء مجلسه ـ السادة المشاهير النبلاء.
ومن اللطائف الظريفة، لطائف حسان، منها لطيفتان:
اللطيفة الأولى: تقارب رئيس مجلس الانتقالي مع وزراء مجلس انتقاله، كل في سن الشباب الطاعن إلى سن الكهولة، على تفاوت بسيطة النسب السِّنية بين الجميع ـ نسأل الله أن يأخذ بأيديهم إلى ما فيه الخير والصالح لهم ولأمتهم في دينهم ودنياهم.
اللطيفة الثانية: تنقل هؤلاء السادة بين الناس بكل بساطة كأنه وهم أصحاب إبراهيم بن أدهم في التواضع من غير حرس، بل هم كبقية أفراد المجتمع، في تعاملهم مع الناس، وتعامل الناس معهم...
فتجد من يخاطبهم من عامة الناس وغيرهم لا يمهد لذكر اسم أحدهم بلقب يشعر بمنصب جليل من المناصب السيادية التي أطلقوها على أنفسهم من رئيس دولة ووزرائه...
بل كل يخاطب من يخاطب منهم بذكر اسمه مباشرة كبقية الناس، ومع ذلك لن تلحظ فيهم ما تناولته هذه الملاحظة من قصور تلك المخاطبات عن سمو ما وسموا به أنفسهم من المناصب الرفيعة، فيخاطبون بخطاب مخاطة من دون مناصبهم بكثير...
ومع ذلك فقد تعاملوا بالحسنى ـ مع التعامل الذي يتعامل به غيرهم ـ في غاية البساطة في معرض آداب السادة، فتعاملوا مع الشعب ككل بسماحة كبيرة على حد من قال فأحسن...
نحن الذين إذا عُلوا لم يضجروا***يوم اللقا وإذا عَلوا لم يفخروا
إنه على كل حال يوم جميل جليل مشهود، مع السادة الوحوش الأسود.
ولقد زان ذلكم لطافة تشكيل سادة مجلس انتقالهم، لدولتهم التي لن يجدوا من يعترف لهم بها من دول العالم.
ومع ذلك قاموا بتحد كبير عالميا كهذا ـ دولة ذات وزراء على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، تآزروا بإزار واحد تجاه ما رسموه لمستقبل أفقهم، عربهم وعجمهم، سودهم وبيضهم، من فلاتة، وسنغاي، والعرب، والطوارق.
فإن تلك القيادة مع لطافة أحجامهم، إلا أنهم أسد الغابة يوم الوغى في إقدامهم، وتمتع تلك القيادة بقادات سياسية بارزة، منها السياسي المحنك نائب رئيس المجلس السيد مهمدو ـ محمدُ ـ جيري من أعيان القادة المشاهير، من قبيلة سنغي الأزوادية...
فهو شخصية مخلصة لدولتهم ـ دولة أزواد ـ التي أعلنوا كقادة سياسيين شرعيتها من قبل أنفسهم...
فكان اختياره من قبل رئاسة سيادة القيادة نائبا لرئيسهم اختيارا يتمتع بقول من قال:
ابل الرجال إذا أردت إخـــاءهم***فــــإذا وجـــــدت قرير عين فاشـــدد
النقطة التاسعة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عمن تشرفت بزيارته الكريمة من الأعيان السادة ـ أيام قاوى تلك.
إنه مما يسعدني تقييده هنا بالذكر الكريم، ذكر من التقيت معه من الأعيان في السياسة، والدين.
من تشرفت بزيارته من السادة الأعيان:
· السيد بلال أق الشريف ـ رئيس مجلس الانتقال، في مقر رئاسته، فلما دخلنا عليه ونحن جماعة بعد انتظار، لانشغاله ببعض مهام منصبه...
ثم تشرفنا بالدخول عليه، بتحيات سنية افتتحت بالسلام، فردها بأحسن منها مشفعة بمصافحة من سيادته ـ سيد نجل السادة العظيم التاريخ ـ العظماء الكرام.
قوم أبوهم سنان حين تنسبهم***طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم***قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
· السيد نجل السادات ـ صاحب الترجمة السيد الشيخ إنتالا بن الطاهر، ونجله السيد محمد في مقر إقامتهما.
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه***إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرى
· السيد الرُّودَينِ نجل السيد هَمَتُ ـ بيت السيادة والسلطة، ونظيره القريب السيد النبيل القائد المناضل الوديعة ـ رحمه الله تعالى ـ وكل واحد اختير وزيرا في مجلسهم الأزوادي الانتقالي، وقد زرتهما في مقر إقامتهما، وكأن كل واحد منهما هو المعني بقول من قال:
كأنه الشمس في البرج المنيف له***على البرية لا نار وعلى علم
· السيد المحمود ـ أغشوم ـ بن حتبو في مقر إقامته.
هذا أبو الصقر فردا في مكارمه***من نسل شيبان بين الطلح والسلم
فرج الله عنه عاجلا غير آجل، وهو ممن أكرمني بعزومة مشكورة الفضائل والمكارم في ليلة كريمة مشهودة الضيافة الكريمة، حضرها بعض الأعيان الكرام خاصة من السوقيين.
· الشيخ العلامة العتيق بن سعد الدين، والشيخ العلم الشهير زين الدين بن أنار، في مقر إقامتهما.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم***إذا جمعتنا يا جرير المجامع
·السيد المحمود أق علي الأنصاري السوقي من قبيلة كل بكل.
الرجل السياسي المعروف، خاصة في تاريخ الثورة، وأحد رجالات المجلس الانتقالي أصحاب المقام المحمود في المجلس الانتقالي لحركة أزواد المشاهير...
وهو ممن قام ـ مشكورا ـ بضيافة كريمة سمت بمعاني الترحيب بي ـ الترحيب الأخوي الجميل الجليل ـ بادئ ذي بدءة ـ من رجالات المجلس الانتقالي السياسيين ـ فشكر الله له ما قدمه من حسن الحفاوة والإكرام في معرض الترحيب.
· السيد السعيد أق موسى السوقي من قبيلة كل جنهان، من المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي على رتبة الوزير.
· السيد موسى أق السعيد من قبيلة إدنان، من المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي على رتبة الوزير.
· السيد أكل إكنن أق سليمان من قبيلة إمغاد، من المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي على رتبة الوزير.
· السيد عبد الكريم أق مَتَفا من قبيلة إمغاد أيضا، من المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي على رتبة الوزير.
· السيد وَلْتَناتَ، من المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي على رتبة الوزير.
قلت: وهناك بقية المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي على رتبة الوزير، لم أتشرف بذكرهم هنا لتقييد بذكر اسم من التقيت معه يومئذ...
ولهم ميعاد ذكر كريم حين أتشرف بكرهم في موضوع كريم بهم ـ بإذن من بيده ملكوت كل شيء.
النقطة العاشرة: لمحة موجزة عن كشف النقاب عمن تشرفت بلقائه الكريم على وجه العموم من الأعيان ـ أيام قاوى تلك.
وممن تشرفت بالسلام عليه من الأعيان ومن في معناهم في لقاء كريم:
· السيد عبد الله أق سعيدو من قبيلة: كل قابرو الفلاتية، من المكلفين في مجلسهم الانتقالي الأزواد على رتبة الوزير.
· السيد المسئول الإعلامي بكاي...
· السيد تانبولا مسئول طارقي من حكومة دولة نيجر، حضر لمراسم تنصيب رئيس مجلس الانقالي الأزوادي،على وجه مراسم تنصيب رئيس دولة مستقلة كما أعلن به من قبل الحركة نفسها...
· السيد محمد أق تهدو ـ من قبيلة إشضنهران أحد المقاتلين القادة المسئولين في مجلسهم الانتقالي الأزوادي ـ رحمه الله تعالى...
· السيد محمد إبراهيم بن إفنفن الأدرعي السوقي من قبيلة إقدش...
· الشيخ الداعية الصاوي الأنصاري السوقي من قبيلة إقدش...
· الشيخ ماني بن أخي الأنصاري السوقي من قبيلة كل بكل...
· الشيخ الداعية محمود من قبيلة كل جنهان...
· الشيخ سفيان بن أحمد الإدريسي السوقي من قبيلة فانبلقو.
بل هو الذي نزلت عنده فأكرم مثواي ـ جزاه الله عني كل خير.
· الشيخ الداعية محمد إبراهيم الأنصاري السوقي من قبيلة كل جنششي...
· الشيخ الداعية حمدى الأدرعي السوقي من قبيلة كل تجايت...
· الشيخ الداعية السيد هَمَّلي من قبيلة كل تموليت ـ إحدى قبائل إموشاغ المشاهير...
· الأستاذ الفاضل المبارك بن حبو الإدريسي السوقي من قبيلة كل جرت...
· الأستاذ الفاضل أحمد الموفق الإدريسي السوقي من قبيلة كل تبورق...
هؤلاء هم الأعلام والأعيان، ومن في معناهم من رجال السياسة والدين الذين.
هم الذين تشرفت بلقائهم ـ أيام قاوى ـ على نحو ما سبقت الإشارة إليه على الإيجاز والاختصار هنا...
وقد فصلت ذكر ما ذكر منه وما سيذكر ـ بإذن الله تعالى ـ من صغار طلبة العلم في السن، ومن في معناهم رجالات المنطقة الفضلاء ممن حضر مجلس التنصيب الرئاسي الأزوادي ـ في موضوع خصصته له، تحت عنوان: إيقاظ همم ذوي الألباب، بتعاليم آية: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب.

كما تناولت فيه شيئا من تفصيل تلك الرحلة الدعوية التي تمتعت بجانب كبير من لقاءات دينية برجال الدين، وسياسية برجال السياسة، أدت إلى ذكر هذه المختصرات: لله ثم للتاريخ.