|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-14-2012, 08:54 AM | #11 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
المقدمة الممهدة الخامسة: إجرام الفرق المتساعر بهوى الضلال والإضلال خاصة الصوفية أصحاب الخرق فجاءت كأثواب ضمّ سبعين رقعـــــــة***مشــــــكــــــــلة الألــــوان مختلـــــــفات هذا البيت من أصدق أبيات الحكمة ذات المعاني اللامحة إلى حقيقة الفرق المضرمة النيران بأهلها الضلالية، السمومة دخان الأهواء الإضلالية. والحق يقال، في عجالة هذا المقال: أن من طالع مطالعة بسيطة في كتب أهل الأهواء، فإن تلك المطالعة توقفه ـ بإذن الله تعالى ـ على حقيقة صدق هذا النقل الآتي ـ إن شاء الله تعالى. إن لم يكن المطالع من القوم العمين. قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: واتباع الأهواء في الديانات أعظم من اتباع الأهواء في الشهوات... كتاب: الاستقامة. قلت ومن لطائف المعقول هذه المقتطفات ما اقتطف من صحيح المنقول: وهو التماس الشرع المخارج اللطيفة لمن أوقعه الهوى في شيء من الشهوات: لعلك قبلت... كما في قصة ماعز الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه ـ قبل أن يرجم في حد الزنا... بخلاف من وقع في شيء من هوى أهل الأهواء، كما في حديث: كأنهم تقالوها... فقال: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا.... من رغب عن سنتي فليس مني... كما في قصة الثلاثة الذين سألوا عن عبادة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما علموا أنه كان يصوم، ويفطر، ويصلي، وينام... وقع من قصتهم من أنكره الشرع، من غير أن يلتمس لهم الأعذار، فضلا أن يقرهم على ما نووه من الصلاح، الذي هو من البدع المذكورة الوقوع في حقهم. فلطيفة اللطائف، أن الشرع التمس الأعذار لمن أقر على نفسه بالمعصية، وجها بوجه. بخلاف معاملة الشرع مع من وقع في شيء من هوى أهل الأهواء، دون وجه بوجه، وإنما بلغه عنهم مقالتهم فقط المنكرة نقلا وعقلا. ومع ذلك شدد الشرع بالإنكار عليهم، فضلا أن يلتمس لهم الأعذار، على حد قول من قال: الغائب حجته معه. أو: المعنى في بطن الشاعر. وسيأتي مزيد بيان لهذه اللطيفة ـ بإذن الله تعالى ـ عند الكلام حول من يؤول أخطاء أهل الأهواء إلى أوجه حسنة، لو حملت عليها لكان لبعضها وجها نوعا ما. ويمضي بنا الحديث إلى متابعة قول ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ الآنف الذكر، المؤصل بهذه الآية العظيمة بيان ضلال أهل الأهواء: ((فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين)). ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنتسبين إلى العلماء والعباد، يجعل من أهل الأهواء، كما كان السلف يسمونهم أهل الأهواء. وذلك كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه، والعلم بالدين لا يكون إلاّ بالهدي الذي بعث به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم. كتاب: الاستقامة.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((قل هل ننبؤكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)). قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تنبيه لطيف دقيق حول هذه الآية الكريمة: وما ذاك إلاّ لخفة يجدونها في ذلك الالتزام، ونشاط يداخلهم، يستسهلون به الصعب، بسبب ما داخل النفس من الهوى. فإذا بدا للمبتدع ما هو عليه، رآه محبوبا عنده، لاستبعاده للشهوات وعمله من جملتها، ورآه موافقا للدليل عنده. فما الذي يصده عن الاستمساك به، والازدياد منه، وهو يرى أن أعماله أفضل أعمال غيره، واعتقاداته أوفق وأعلى؟!...: ((كذلك يضلل الله من يشاء ويهدي من يشاء)). كتاب: الاعتصام. قلت: من راجع إلى نصوص الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة فلا يدخله أدنى شك في ضلال من عمل بخلاف الشرع. لا سيما ما تظاهر به الكتاب والسنة في بيان ضلال أهل الأهواء، والتحذير من اتباع سبلهم ـ شر: بنيات الطرق. وكشف اللثام عن منتهى الاجتهاد في العمل بمقتضى أهوائهم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)). بعض الشر ـ شر فرق الصوفية ـ أهون من بعض: قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: فالبدع الكثيرة التي حصلت في المتأخرين من العباد والزهاد والفقراء والصوفية. لم يكن عامتها في زمن التابعين وتابعيهم، بخلاف أقوال أهل البدع القولية. فإنها ظهرت في عصر الصحابة والتابعين، فعلم أن الشبهة فيها أقوى، وأهلها أعقل. وأما بدع هؤلاء فأهلها أجهل، وهم أبعد الناس عن متابعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم. ولهذا يوجد في هؤلاء من يدعي: · الإلهية. · والحلول. · والاتحاد. · ومن يدعي أنه أفضل من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم. · وأنه مستغن عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم. · وأن لهم طريقا إلى الله تعالى من غير طريق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم!.... وهؤلاء يدعون: أنهم أولياء الله. مع هذه الأقوال التي لا يقولها إلاّ من هو أكفر من اليهود والنصارى. كتاب: الفتاوى. قلت: إن اسم: · العباد. · والزهاد. · والفقراء. · والصوفية. · وغيرها مما ستأتي الإشارة عنها في موضعها ـ بإذن الله ـ كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الصوفية. فمتى أطلق أحدها فالمراد به الصوفية نفسها في معرض الذم، كقول ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: والضلال والجهل في جنس العباد والمبتدعة أكثر منه في جنس أهل الأقوال. الفتاوى. أو وردت في أقوال الصوفية معبرة عن نفسها بها، فأنهم يعنون صفة اسم من أسماء الصوفية.
فتعدد إطلاقاتها على الصوفية كقولهم: تعددت الأسباب والموت واحد. ومتى ورد شيء منها في سياق نقل واحد في معرض التوابع، فإن كان عطفا، فذلك من باب عطف الخاص على العام، والعكس، أو عطف بيان، أو بدل. ولهذه المسألة مزيد بيان ـ بإذن الله تعالى ـ في موضعه، وهناك سنتعرج إلى بيان بعض إطلاقات بعض العلماء لفظ: الجهال، وما اشتق منه... وأنه وصف لازم الإطلاق على بعض طوائف الصوفية، وهناك سنتعرج أيضا ـ بإذن الله ـ إلى بيان أن إطلاق اسم الجهل عليهم، ليس معناه أنهم كعامة جهلة المسلمين، الجهل المقابل للعلم، بل الوقوع في طامات المعاصي عموما، وخصوصا البدع مع علمهم أنهم على متن بدعة، التي هي معصية في حد ذاتها، بغض النظر عن كونها في أصول الدين أو في فروعه، معاصي بعضها فوق بعض. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين)) عندها سنورد من النقول ـ بإذن الله تعالى ـ ما يوضح لمن يحاول إيجاد الفروق بين العلماء الصوفية، وبين الجهلة الصوفية. أن جهلة الصوفية ليسوا كجهلة الأمم، الذين ليس لديهم علم، بالمنكر المرتكب المجهول عند غير جهلة الصوفية. بل الجاهل عند الصوفية منتهى من بلغ كمال أهل العلم والفضل عندهم، الذين منهم أهل مرتبة من تسقط عنه تكاليف الشرع، فيسبح في بحار جهالات الضلال المظلم ـ والعياذ بالله ـ وهذا من خصائص خزايا التصوف: نعوذ بالله من علم لا ينفع... |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-14-2012 الساعة 02:40 PM
|
03-17-2012, 09:36 AM | #12 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
المقدمة الممهدة السادسة: طغيان الحمية بمن يتحيز إلى مرابض جيوش من يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية نعيب زماننا والعـــــــيب فــــــــينا***وما لزمــــــاننا عـــيب ســــوانا إنه بيت أصاب معاني حكمته حقيقة الواقع، لمن ألقى السمع سمع الشهيد السامع.
وذلك أن أهل كل زمان، كثيرا ما يذمون ما يقع من منكرات الأقوال والأفعال في أزمنتهم، هذا أمر. وأمر آخر، أن الكثير من أهله يذم ما يقع لغيره، دون ما يقع منه هو من منكر القول والفعل. وعلى هذا الباب ما يجري مجراه، خاصة فيما نحن بصدده. وهو أن ما يقع ممن له صلة قرابة ببعضهم من أهل جهة أفقه من المنكرات القولية والفعلية خاصة في معرض البدع، فإنه يراها كأنها من المشروع لفرط سكوته عنها. وإذا وقف على شيء من بدع غير جهته، تكلم عنها تكلم العالم الناصح العليم في عدم مشروعيتها، نقلا وعقلا. إن كان من الأعيان الذين شهد لهم التصنيف، وإن كان من البسطاء تراه ينشر بين مجالس عامة الناس، ما يدل على أنه من دعاة البدع، لتصحيحه ما يقع من جهته إذا ذكر ذلك المنكر، فيزبد ويردع ببعض فلسفات التأويلات السخيفة. قلت: كل ذلك من جنس التحيز لا يعلم بُعد خطر صنيعه، إلاّ من قبل الشرع. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه)) وهذه الآية عامة في جرم وذم من سلك سبيل كتمان علم الهدى بعد تحقق شروط وجوب بيانه، فيقوم الناصح لقرابته ببيان ما هو الباطل من الحق: دينا قيما. خاصة في حق القرابة التي هي أولى من ينصح لها نقلا وعقلا. فإن عدم نصحها بذلك لمن أشد أنواع جرم غشها بذلك، في أن لا يقوم قريبها الناصح بنصحها فيما أخطأت فيه سبل الهدى. ولا سيما ما يرجو من قبله التماس حكمة اللطف بهم في معرض بيان المشروع من المنكر، إن باشر النصح هو بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا هو النهج الشرعي المحكم، إلاّ أن في حق القرابة يتأكد كما أن الصدق عليهم آكد في حقهم من غيرهم... فالنصحاء الذين لم يقوموا بلذلك الواجب ـ حسب الاستقراء والتتبع ـ تجد أثر ذلك التحيز ظاهرا، في معرض استدلال قرابته بغض الطرف عن نمير. ومن ذلك من الأمثلة مثال واحد، حدثت به، وهو أن أحد كبراء الخلف فيهم، خطب من ظهر منه الغيرة للدين على نهج السلف الصالح، أن قال له: كن كفلان الذي مات لم يتعرض لنا. أي: لم يتعرض هو ـ عفا الله عنه ـ لما أدركهم فيه من البدع التي توارثوها كابرا عن كابر حسب ظهورها فيهم. والانحياز سواء وقع قصدا كمناصرة أصحاب البدع بعضهم لبعض، وهو من سوء ما يعملون. وأسوأ منه انحياز المداهنة من جانب أهل الحق لأهل الباطل. سواء كان الباطل خفيا، فضلا أن يكون جليا، فالباطل باطل، وما يؤدي إلى الباطل فهو باطل، فالمداهنة عليه بترك مناصحة من وقع منه جرم كبير، وإثم مبين. وذلك منهج يحب استعماله أهل الباطل في حقهم كوسيلة من الوسائل، التي منها يصلون بها إلى تقوية جانب باطلهم عن طريق بوابة مداهنة القرابة، وما في معناها، بشيء من أنواع المداهنات الواضحة للعيان، والخفية خفاء التدليس في كبار الأعيان. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((ودوا لو تدهن فيدهنون)) فالآن مع درر من كتاب الاعتصام، المستخرجة من قوله تعالى: ((شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيم الدين ولا تتفرقوا كبر على المشركين)) وما زال عليه الصلاة والسلام يدعو لها، فيؤوب إليه الواحد بعد الواحد على حكم الاختفاء، خوفا من عادية الكفار زمان ظهورهم على دعوة الإسلام... ثم استمر مزيد الإسلام، واستقامة طريقه على مدة حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن بعد موته، وأكثر قرن الصحابة ـ رضي الله عليهم. إلى أن نبغت فيهم نوابغ الخروج عن السنة، وأصغوا إلى البدع المضلة، كبدعة القدر، وبدعة الخوارج. وهي التي نبه عليها الحديث بقوله: يقتلون أهل الإسلام، ويدعون الأوثان، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. يعني لا يفقهون فيه، بل يأخذونه على ظاهره، كما بينه حديث ابن عمر الآتي بحول الله، وهذا كله في آخر عهد الصحابة. ثم لم تزل الفرق تكثر حسبما وعد به الصادق ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. وفي الحديث الآخر: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟. وهذا أعم من الأول، فإن كان الأول عند كثير من أهل العلم خاص بأهل الأهواء. وهذا الثاني عام في المخالفات. ويدل على ذلك من الحديث قوله: حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. وكل صاحب مخالفة فمن شأنه أن يدعو غيره إليها، ويحض سواه عليها. إذ التأسي في الأفعال والمذاهب موضوع طلبه في الجبلة، وبسببه تقع من المخالف المخالفة، وتحصل من الموافق المؤالفة، ومنه تنشأ العداوة والبغضاء للمتخالفين. كان الإسلام في أول وجدته مقاوما ـ بل ظاهرا ـ، وأهله غالبون، وسوادهم أعظم الأسودة. فخلا من وصف الغربة بكثرة الأهل والأولياء الناصرين، فلم يكن لغيرهم ـ ممن سلك سبيلهم، أو سلكه ولكنه ابتدع فيه ـ صولة يعظم موقعها، ولا قوة يضعف دونها حزب الله المفلحون، فصار على استقامة، وجرى على اجتماع واتساق، فالشاذ مقهور مضطهد. إلى أن أخذ اجتماعه في الافتراق الموعود، وقوته إلى الضعف المنتظر، والشاذ عنه تقوى صولته، ويكثر سواده، واقتضى سر التأسي المطالبة بالموافقة، ولا شك أن الغالب أغلب، فتكالبت على سواد السنة البدع والأهواء، فتفرق أكثرهم شيعا. قلت: إن الإسلام هو دين الله الحنيف، كما شرعه في أول وجدته، هو عينه كما جاء الوحي بتشريعاته في المصحف الشريف إلى أن تقوم الساعة. وإنما يقع من المنتسبين إليه حله عروة عروة في ارتكاب المنكرات القولية والفعلية، التي من أعظمها في حل عراه بالمعاصي خاصة البدع القولية والفعلية. بنشرها كما يحصل في كل زمان ومكان، والسكوت عنها في جانب العالمين بها من أرباب النصح عموما وخصوصا. فيصبح المنكر ـ معروفا ـ بسبب السكوت عنه، مع انتشاره ، ونشره، مما يكاثر به جانب من يهدم الدين بتلك المخالفات من المنتسبين إليه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((يا أيها الذين آمنوا كنوا أنصار الله)) {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرَءاءُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده} فكل مسلم يجب عليه أن ينصح لله ما دام في الحياة الدنيا، وأن يقدم للنصح للناس عامتهم وخاصتهم به، في بيان الهدى من الضلال، خاصة إذا تبين له موجبات ذلك، أسوة حسنة في إبراهيم والذين آمنوا معه. الذين بلغوا الغاية المرضية في نصح أقوامهم، وهي إعلان براءتهم منهم وإظهار العداوة بينهم حتى يؤمنوا بالله وحده. وهذا هو سبيل كل ناصح أمين مع عامة وخاصة به، إن ارتكبت المنكرات في دين الله تعالى التي أقصاها الكفر بالله والشرك، ثم بقية المعاصي التي من أنكرها المحدثات البدائع. وشر الأمور المحدثات البدائع. ومن لم ينصر قريبه بدعوته بلسانه، إن كان من العامة، وإن كان من أهل العلم يصل إلى حد مكاتبه إن زاد القريب في مخالفة التمسك بالهدى ودين الحق. فيوضح له ولمن تأثر به ما يجب في حقه، من النهي عن ارتكاب متن المخالفات في شرع الله ـ جليلها ودقيقها. ثم تنتفع الأجيال بالهدى المكتوب، كما هو واضح هدى بيانه في موقف إبراهيم الدعوي الكريم، والذين آمنوا معه في سبيل النصح لله في حق قومهم... ومن لم يفعل ذلك، وما في معناه فقد غش قربيه كل الغش، وغش دينه كل الغش، فمن أفضى إلى ما قدم فعفا الله عنه، ومن هو في ضلال مبين فليتب إلى الله بما هو اللائق بجانب النصح المبين. وفى الصحيح (من قوله (2): " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال: " تأخذ على يديه - في رواية: تمنعه من الظلم - فإن ذلك نصره ". وقد تقدم قوله عليه السلام: " إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ". القرطبي. قلت: هذا عام في جميع أنواع الظلم، التي من أعظم أنواعه جرما ما يقع من الكفر والشرك والبدع والمعاصي الكبار... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-17-2012 الساعة 02:18 PM
|
03-19-2012, 09:37 AM | #13 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
المقدمة الممهدة السابعة: خطر خنسات أبالسة التلبيس المتولد بينه وبين وسوسة نفثات المبتدع استحواذ جليس عن المرء لا تسأل وسل عن قريـــــــنه***وكـــــــل قرين بالمقـــــارن يقـــــتدي إنه من أبيات الحكمة، كم جلب القرين لقرينه أسباب النقمة، إن كان من المضلين، أو الضالين، أو هو ممن جمع بين الشرين. جراحات السنان لها التئام *** ولا يلتام ما جرح اللسانهذا إن كان القرين المؤثر من الصالحين، فإن قرينه الضعيف التأثير كثيرا ما يؤوب به الصاحب المؤمن القوي إلى مآب الفضلاء الفاضلين. بإذن الله تعالى، ويكثر ذلك الرجوع في أهل المعاصي الشهوانية، وإن كان من أهل معاصي الشبهات، فإنه لا يراك على حق، فضلا أن يراك أهلا لذلك، بل يراك من الضالين حقا، ولا سيما عن سواء سبيله، فهو الذي يسعى جهادا في إقناعك بتلبيسات مدبرة محكمة التلبيس لإيقاعك في قعر الشبهات الموبقات ـ والعياذ بالله. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((قال قائل منهم إني كان لي قرين*يقول أإنك لمن المصدقين)) قلت: ولقد فضح الله ـ عز اسمه ـ الأحياء من المبتدعة، بلسان مواتهم ـ موعظة وذكرى ـ بهذه الآية العظمية الفضيحة لهم. إذ قص الله غايات اهتماماتهم بطرح الشبهات، عن طريق الاستفهامات الآثمة، ذلكم أسلوب من أساليب أهل التدليس والتلبيس، خاصة في معرض تشكيك المسلم في المسلمات الإيمانية الضرورية العلم نقلا وعقلا. وهذا القرين السوء، ما وسوس القول في جر قرينه الصالح إلى مستنقع الشهوات التي أقل ضررا، وإثما عظيما من قاذرات الشبهات. بل وسوس القول المسلسل الاستفهامات المجرمة في هدم العقائد الصحيحة، في بعض نفوس أصحاب الفطر السليمة. وقبل مصافحة نقولات من كتاب الاعتصام، يحسن لفت الانتباه إلى خطر وسائل التنبيه عند المخالفين للشرع الحكيم، وهو أنهم يعلمون أن الفطرة السليمة لا تتقبل المخالفة البينة، فلذلك تجدهم يستعملون أسلوب الاستفهام، لأمور، منها على سبيل المثال لا الحصر: *- أن لاستفهام ظاهره بُعد مستعمله عن يصح في حقه تكذيب ولا تصديق، مع تبيلغه رسالته الخبيثة عن طريقه في معرض دعوة غيره إلى الخبائث القولية والفعلية، ليعتقد طيبها عن طريق ما يتولد من ذلك الاستفهام من صحة رجحان مرجوح أو راجح المستفهم عنه... * اختبار عقلية المستفهم له في معرض المكر به، الذي قل أن ينفلت من كيد المخالفين للشرع، إلاّ من أدركته رحمة من ربي، كما حكى الله مخاطبة المهدي في الجنة، بالضال قرينه في الدنيا، وقرينه وقتئذ في سواء الجحيم: ((تالله إن كدت لتردين*ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين)) أقول ـ باد بدء: قال الشاطبي ـ رحمه الله تعالى: فإن فرقة النجاة ـ وهم أهل السنة ـ مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، بالقتل فما دونه. وقد حذر العلماء من مصاحبتهم، ومجالستهم... وذلك مظنة إلقاء العداوة والبغضاء... ونحن مأمورون بمعاداتهم، وهم مأمورون بموالاتنا، والرجوع إلى الجماعة. قلت: هذا كلام في غاية نفاسة البيان، والصدق والنصح لله الغني الرحمن. فلذلك لا يحققه إلا من قدم رضا الله تعالى على النفس والأهل والعشيرة... ولقد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على ذلك منه، قوله تعالى: ((قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم أزواجكم وعشيرتكم)). إلى قوله تعالى: ((أحب إليكم من الله)) كما تظاهرت أقوال السلف الصالح في النصح المبين في ذلك، منه فيما نحن بصدده: ما كتب به أسد بن موسى: وإياك أن يكون لك من البدع أخ، أو جليس، أو صاحب. قلت: فإن المبتعد يجب دعوته إلى الهدى أباً كان أو غيره... فإن تاب وأناب، وإلاّ وجب هجرانه ـ هجران المبتدع، وعداوته ـ عداوة المبتدع، مبالغة في اتقاء أن يضلك ضلالا مبينا، فإن كل مبتدع بدعة في الأصول أو في الفروع، فهم على حقيقة قول أحد أئمتهم فرعون ـ لعنة الله عليه ـ كما في قوله تعالى ـ حكاية عنه: ((ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد)). أقول: إن كل مبتدع لا سيما دعاتهم حول هذا يدندن، فلذلك شدد الشرع في حق ذم المبتدع، إذ لعنه، ولعن من آواه... وإيواء المبتدع أنواع منه: · إقراره له على مخالفته تلك للشرع... · نصره بأي وجه من وجوه النصر... · سكوته عن مخالفة ذلك المبتدع المسكوت عنه... · غضبه له إذا ذكرت مخالفة ذلك المبتدع تحت أي زعم... · انضمامه بذلك إلى صفه تحت حق القرابة والمشيخة، وما في معنى ذلك من المصالح المرسلة. وعلى كل حال فالمبتدع ملعون بإحداثه أي بدعة في الدين، كما أنه ليست تلك اللعنة مقصورة على المبتدع الأول، بل كل من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها... وذلك أن من أحيا بدعة مبتدع سابق له، فكأنه هو صاحبها في الوزر... كما أن من عمل بسنة ثابتة فله أجرها وأجر من عمل بها بسسببه هو، إذ لولاه لم يقف عليها من عمل بها اقتداء كما لا يخفى ذلك من نصوص المسألة. مع أن السلف الصالح بلغ بهم شدة جرم الضلال بالغير، ما يكفي فيه مثالا، ما أخرج ابن وهب عن سفيان ـ رحمه الله ـ قوله: كان رجل فقيه، يقول: ما أحب أني هديت الناس كلهم، وأضللت رجلا واحدا. قلت: وهذا غاية في النصح لله ـ جل في علاه ـ بخلاف المبتدعة الذين من أكبر همهم إضلال الناس كلهم ببدعهم، الظاهرة والباطنة، على حسب معرفة المبتدع بعقلية جليسه، جهالة وعلما، كما تظاهرت آثار السلف المتضمنة معنى ذلك، من ذلك: · قال الحسن: لا تجالس صاحب هوى، فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك، أو تخالفه فيمرض قلبك... · وقال أيضا: لا تجالس صاحب بدعة فيمرض قلبك. · قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالاتهم، ويلبسوا عليكم ما تعرفون. قال أيوب: كان ـ والله ـ من الفقهاء ذوي الألباب. · قال إبراهيم: ولا تكلموهم إني أخاف أن ترتد قلوبكم. · وقال يحيى بن أبي كثير: إذا لقيت صاحب بدعة في طريق، فخذ في طريق آخر. · عن العوام بن حوشب: أنه كان يقول لابنه: يا عيسى أصلح قلبك... والله لأن أرى عيسى في مجالس أصحاب البرابط والأشربة، والباطل، أحب إليّ من أراه يجالس أصحاب الخصومات. قال ابن وضاح: يعني: أهل البدع. قلت إن ما أوردته من النقولات السلفية في هذا الصدد إنما وردت مورد ضرب الأمثال، لا الحصر. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)). فختاما فحذار حذار ثم حذار من سوء ضرر المبتدع للجليس العالم فضلا عن غيره. فإن شر المبتدع من الشر المستطير إن كان شيخا، وإن كان تلميذا له، فجرح لسان شيخه فيه من الجرح الذي لا يجرى برؤه. وصدق الشاعر، في هذه المشاعر: وجحر اللسان كجرح اليد. بل الأمر كما قال الآخر: وإن كان ابنا للشيخ المبتدع أو ابنا لعشيرة مبتدعة فكل يعدي ذلك الابن الضحية حقا بمرض البدع كما تعدي الصحيح الأجرب، فداؤه من الداء العضال. فكلما ازداد علما بالهدى ازداد داؤه في الضلال العضال. وقد ورد من الأمثال الصحيحة المسلمة مثل : لا تلد الحية إلاّ الحية. سأل سائل أحد العلماء بادرا، هل لهذا المثل أصل في كتاب الله تعالى، قال نعم، قوله تعالى: ولا يلدوا إلاّ فاجرا... فلذا لا تغروا بعلم المبتدعة ولا بعلم من تربى في أحضانهم، وإن أظهروا التنسك والتمسك بالهدى ودين الحق. فضلا جانب مصنفاتهم، وإن كان الجانب الذي ظاهره السلامة، فإنها أحق ما يقال فيها، قول من قال: إذا أتاك حديث من أهل الكوفة، فاطرح تسعة وتسعين منه ـ على أنه باطل ـ وكن على الواحد الباقي في شك. أو كما أثر. ولهذا مزيد بيان خبث مكره ـ بإذن الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا فعلم المبتدع أشد إثمية من إثمية الخمر والميسر، على الفرد والمجتمع، في جميع أشكاله ما يبثونه في المجالس من سمومه طرحا في معرض المحادثة، فضلا جانب المذاكرة، والمجادلة، فضلا الحالقة في حلقات تدريسهم أبناء المسلمين الأبرياء ما لا يحمد عقباه ـ إلا من رحم الله وقليل ما هم ـ ولهذا مزيد بيان في موضع له ـ بإذن الله تعالى ـ نقلا وعقلا.
هذا ومن لطائف الفروق بين ذراري المبتدعة وبين أصولهم المبتدعة كحيات في فلاة مفترسات ذات سم قاتل، وحيات في قوارير مصنوعة لها كحائل ـ وإن كان حاجزا غير حصين بالنسبة للمبتدعة ـ وما في معناها في حديقة الحيوانات، فإنك في مأمن منها ـ بإذن الله تعالى ـ في تلك الحواجز الحصينة الحيات، ولكن إن خرجت من أي حاجز حصين، فأنت من لدغها لك غير أمين. وسيأتي مزيد بيان لهذا في موضوع إحكام المبتدع قوانين التقية بينه وبين المتقى وكذلك حكم توبة المبتدع ـ بإذن الله تعالى ـ نقلا وعقلا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله)) اللهم اجعلنا هادين مهدين غير ضالين ولا مضلين، حربا على أعدائك، سلما لأوليائك. واحشرنا يوم الحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-19-2012 الساعة 02:24 PM
|
03-21-2012, 10:01 AM | #14 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
المقدمة الممهدة الثامنة: براكن النقير المتفجرة بأعاصير زلزلة الناس من لين الجانب لأهل البدع بالتوقير وتخضب لحـــــــية غدرت وخـــــانت***بأحمر من نجـــــــيع الجــــــوف آنِ بيت حكمة في مثل سوء، وما أسوأ مثل تلك اللحى إذا خضبت بحناء البدع، وخانت بمقام العلم، وظهر بها أهلها في معرض التوقير، فتكون شؤما لأهلها كالنار التي يشقى بقربها من يصلاها... فتحرق الأخضر واليابس في مواطنها، وتبقي تشوهات على من نجا من تمام الحرق فيها: ترهقهم ذلة. ويتأثر من دخان حريق البدع من في الأجنة إذا ولد على معنى قول من قال: يعلمه التدين أقربوه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: حصب جهنم. قبل ما نستفتح المقالة بغرر من المقول والمعقول من كتاب الاعتصام، فإننا ندبج لها بديباجة من معقول صاحبه الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ قائلا: إن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين، تعودان على الإسلام بالهدم. إحداهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس... والثانية: أنه إذا وقر من أجل بدعته، صار كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء. قلت: هذا هو الحقيقة من حقائق معاني التوقير، فإن كل موقر ينال مرتبة عظمى عند موقره، على تفاوة. وكل توقير إذا لم يستمد شرعيته من الدين فإنه زور وبهتان عظيم، هذا وأمر. وأمر آخر جرم ما يترتب عليه من المفاسد خاصة في جانب المخالفات في الشريعة المطهرة. كما يتضمنه قول الشاطبي في قوله: فتحيا البدع، وتموت السنن، وهو هدم الإسلام بعينه. قلت: لأن التوقير من لازمه ـ غالبا ـ ضعف الشخصية أمام الموقر، ما يجعله إن كان من الضالين، يمد يديه ورجليه، في أن لا يراقب : في مؤمن إلا ولا ذمة. ولا سيما من كان من الجهال، فإنه هو وأمثاله، أشد الناس إعجابا بما يتظاهر به المبتدع من العلم والصلاح كثوبي زور يتزيا بهما للعامة، فتخضع له في معرض التوقير والتبجيل على تفاوة. ما يجعل بعض العامة يتطايرون إلى البدعة عن طريق نار أهلها تطاير الجراد المنتشر إلى ضوء نار في ليل مظلم دامس، فتكون من قتلى النار، كذلك الجهلة ومن في معناهم من العامة، يوقعهم المبتدعة في شر مقتلة قتلى البدع. وإن تعجب فعجب توقيرات العوام، لأهل البدع لا سيما البدع الطوام. فلو نظرنا مثالا واحدا، وهو: إقامة ختم القرآن ـ آغاتامْ ـ في رمضان، فيفد إليهم من هب ودب من العامة والجهلة على مراتب منهم كبار العصاة على درجة ترك الصلاة: ((فما ذا بعد الحق إلاّ الضلال)). وهم على تلك الحالة سنويا، على تفاوة... وتلك الليلة يحرص عامتها أن لا تفوتهم إذا كان من أقطار بعيدة، ليشرع في شد الرحل إليها، وكذلك من في معناهم، إلى من كان رمية حجر عن موطنها. وهي ليلة مشهودة بمخالفات شرعية، من بدع ما أنزل الله لها من سلطان، ومنكرات اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، فتيحا كأنها سنة ثابتة من سنن المرسلين، التي كم أميتت في ليلتها تلك في موطنها ذلك، في تلك الختمة البدعية المنكرة... مع أن هذا التوافد المشهود لو كان ليوم العيد الذي أمر الشرع الحيض والنفساء والعواتق أن يخرجن إلى المصلى... لم يكن ذلك من الجائز مطلقا لحديث منع شد الرحال إلى غير مسجد الحرم المكي، والحرم المدني، ومسجد الأقصى، مضافا إليه ما يقع من البدع القولية والفعلية، ومنكرات أخرى... ولقد أحسن الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله في معرض آثار توقير أهل البدع: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس... وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته، دون اتباع أهل السنة على السنة. قلت: ومن رسوخ البدع في المبتدعة وذراريهم، أن واحدا منهم كنت أحسبه من فقهاء المدينة، فإذا هو من فقهاء مدينة أفقه: أن قال لي ما معناه: ليس لدي ما يمنع من الذهاب إلى مسجد لشهود الختمة الرمضانية الآغاتامية. فقلت له: ما ذا تفعل بحديث شد الرحال؟؟؟ فغاية ما قال أن كابر فقال: لا يظهر له فيه المنع!!!!!!!!! أعوذ الله من الشيطان الرجيم: ((إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين)) فالآن مع الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ الناصح بقوله: ارفض مجالستهم، وأذلهم، وأبعدهم، كما أبعدهم، وأذلهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأئمة الهدى من بعده... وذلك أن هؤلاء الفرق التي تبتدع العبادات أكثرها ممن يكثر الزهد والانقطاع والانفراد عن الخلق، وإلى الاقتداء بهم يجري أغمار العوام، وأما الخاصة فهم أهل تلك الزيادات. ولذلك تجد كثيرا من المعتزين بهم، والمائلين إلى جهتهم، يزدرون بغيرهم، ممن لم ينتحل مثل ما انتحلوا.... وروي أيضا مرفوعا: من أتى صاحب بدعة ليوقره، فقد أعان على هدم الإسلام. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام. ويجامعها في المعنى ما صح من قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: من أحدث حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فإن الإيواء يجامع التوقير، ووجه ذلك ظاهر، لأن المشي إليه، والتوقير تعظيم له، لأجل بدعته. وقد علمنا أن الشرع يأمر بزجره، وإهانته، وإذلاله، بما هو أشد من هذا، كالضرب، والقتل، فصار توقيره صدودا عن العمل بشرع الإسلام، وإقبالا على ما يضاده، وينافيه، والإسلام لا ينهدم إلا بترك العمل، والعمل بما ينافيه. قلت: ومن حب أهل البدع للتوقير وما في معناه من التبجيل، ما حدث به: وهو أن أحد منتسبيهم نزل في إحدى العواصم، برفقة أحد شبان منهم. فنزلوا عند أحد الوزراء، فبالغ في إكرامهم، وتوجوا ذلك الإكرام لأجل فتى من فتية سيادة شيوخ التصوف... فقال قائلهم: بعد اليوم لا أستطيع أن أذم التصوف، الذي يبلغ بهم تبجيل الخواص هذا المقام السني في درجات الإكرام والتقدير... ولهذا مزيد بيان في المأثور عن بعض قدماء المبتدعة ـ بإذن الله تعلى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ومن يهن الله فما له من مكرم. فمن ختام المسك بريحانات القوارير الشاطبية الذكية: فإن من عادة الشرع أنه إذا نهى عن شيء وشدد فيه، منع ما حواليه، وما دار به، ورتع حول حماه... فاعلموا أن البدعة لا يقبل معها عبادة، من: · صلاة. · ولا صيام. · ولا صدقة. · ولا غيرها من القربات. ومجالس صاحبها تنزع منه: · العصمة. · ويوكل إلى نفسه. والماشي إليه، وموقره معين على هدم الإسلام ـ فما الظن بصاحبها؟ـ وهو ملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعبادته بعدا... وقد تبرأ منه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتبرأ منه المسلمون. ووقعت اللعنة من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أهل البدع... قلت: فاتقوا أحاديث مجالس أحيائهم، ومجالستهم، صغارا فضلا عن كبرائهم، وتحصنوا عما يقع من حديثهم غير الدنيوي المحض بعدم الانصات لهم، إنصات الاستفادة، ولو بذكر آية واحدة من كتاب الكريم، فضلا عن شرحها... فضلا عن غيرها، ويجرى ذلك على يكتبونه في الوسائل الحديثة النشر... فما وافقوا الهدى فيه، فهو من قبل قولهم، هو هدى، وما يزيدونه فيه اجتنبوه واتقوه، فإنه زيادة غير ثقة في الدين... وكنوا على نهج السلف الصالح الذين أعلم بكم وبهم من باطلهم في الدين. ومع ذلك فإن من منهج السلف القيم هذا المثال: وهو ما أثر من رفض محمد بن سيرين أن يسمع من عمرو بن عبيد شيئا من القرآن الكريم ليقرأه عليه. لخوفه أن تعلق في قلبه شبهة من الشبه التي هي من ضلالات عمرو بن عبيه، وما أدراكم ما عمرو بن عبيد الذي يضرب المثل به في الزهد والروع حتى قال الشاعر في حقه الخبيث: كل الناس يطلب صيد***غير عمرو بن عبيد ومع ذلك لم يوقره السلف، كما مر ولو بأن يوقر بأن يترك ليقرأ شيئا من الذكر الحكيم، من غير زيادة ولا نقصان، لأنه كان من المبتدعة، هذا مثال من الأمثلة الرائعة في عدم توقير السلف الصالح أهل البدع، بخلاف العامة الذين منهم صاحب البيت السابق، وذلك هو صنيع العوام الافتتان بالمبتدعة قديما وحديثا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قل هل يستوي الأعمى والبصير. كما لا يغركم ما يتظاهر به من يتظاهر منهم بالتمسك بالكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح، فهم أصح من يتمثل في حقه قول من قال: كلام الليل يمحه النهار. وبيان ذلك في آثار السلف الصالح في حقيقة توبة المبتدع، كما سيأتي شيء من ذلك في موضعه ـ بإذن الله تعالى. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-22-2012 الساعة 11:18 AM
|
03-24-2012, 09:35 AM | #15 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
الترصيع: أيها القارئ الكريم هذه مجوهرات من الزبرجد المكلل ببعض أقوال السلف الصالح في التحذير من مجالسة المبتدع ـ ابتغاء النجاة من جربه الخبيث المتجدد عصرا بعصر. وعن سفيان الثوري: من جالس صاحب بدعة، لم يسلم من إحدى ثلاث: · إما أن يكون فتنة لغيره. · وإما أن يقع شيء بقلبه، يزلّ به، فيدخله النار. · وإما أن يقول: أنا واثق بنفسي، فمَن أمن الله طرفة عين على دينه سلبه إياه. عن إبراهيم: لا تجالسوا أهل الأهواء... ويعضدها ما روي عنه ـ عليه السلام: المرء على دين خليله. قلت: أخرجه أبو داود والترمذي، وهو حسن. كما...في الصحيحة . كما في الحاشية. قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى: ووجه ذلك ظاهر، منبه عليه في كلام أبي قلابة، إذ قد يكون المرء على يقين من أمر من أمور السنة، فيلقي له صاحب الهوى هوى، مما يحتمله اللفظ، لا الأصل له، أو يزيد له فيه قيدا من رأيه، فيقبله قلبه، فإذا رجع إلى ما كان يعرفه، وجده مظلما، فإما أن يشعر به، فيرده بعلم، أو لا يقدر على رده، وإما أن لا يشعر به، فيمضي مع من هلك. حكى الباجي، قال: قال مالك: لا تمكن زائغ القلب من أذنك، فإنك لا تدري ما يعلقك من ذلك. قلت: ومع هذا كله، مما أثر من آثار السلف الصالح من النهي عن مجالسة المبتدع، ومجادلته، وما في معنى ذلك مما بلغ في الكثرة، قول الإمام الشاطبي: والآثار في ذلك كثيرة. بل نقل الشاطبي الإجماع على ذلك بقوله: إجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم، على ذمها، وتقبيحها، والهروب عنها، وعمن اتسم بشيء منها. ولم يقع منهم توقف ولا مثنوية، فهو ـ بحسب الاستقراء ـ إجماع ثابت. قلت: ومع هذا كله إلاّ أن بعض المنتسبين إلى السنة من متصوفي صحراء الطوارق، ممن ترعرع في موطن من مواطن البدع، فغذته بما من لبانه معاني قوله: أنه لا يستساغ ما أثر عن السلف من عدم مجادلتهم المبتدعة...
معللا بعلل تدور حول معاني قوله: ما دام الحق معهم، لما ذا لا يبينونه للمبتدع، بمجادلتهم به إياه. وهناك معاني أخرى في جرأته تلك فيها التي يشم منها رائحة ضعف السلف الصالح في مواجهتهم المبتدعة بترك مجادلتهم، وكذلك يرمي من مكان بعيد إلى قذف الشكوك في قلب السامع من قدرات السلف الصالح العلمية في مواجهة علماء المبتدعة...!!! على أن ذلك المجلس الذي انبطح فيه قائل معاني ذلك المنكر من القول بطرحه. عامته من نخبة طلبة العلم كبار من أهل السنة، ومن المنتسبين إليها. ولم يبتدر أحد ممن في المجلس بالتعليق على هذه التهمة المضلة البعيدة الضلال بالرجم من مكان بعيد. وهو ما يتحين كل مبتدع الفرص له، من جس نبض أهل السنة زمانه، لمعرفة مدى غفلتهم عن واجبهم، ليبني بيت العنكبوت من البدع في عصره، كإمام فيها... وعلى كل حال فإنه لما لم يجب أحد بجواب، ولو جوابا موجها بالآداب اللائقة بجانب السلف الصالح في مثل هذا، وما في معناه، مما لا ينبغي أن لا يجرأ به مبتدع بين أهل البدع في لباس المبتدعة المحضة، فضلا أن يطرح في مجلس من مجالس أهل السنة والجماعة، ولو كان من طرحه ممن يتزيا بزي أهل السنة والجماعة. قلت ـ بادئ ذي بدء ـ صدق القائل: كم ترك الأول للآخر شيئا. لكن في حق أهل البدع أصدق، لما يقذفه ورثتهم في قلوب جلسائهم جيلا بعد جيل، من البدع التي ما سبقهم بها أحد من العالمين. لعل هذه منها، إذ لم أقف على من سبق ـ إلى هذه الاستشكالات الخطيرة المجرمة ـ قائلها، خاصة من المبتدعين المنتسبين إلى السنة، بل لم أقف عليها لغلاة المبتدعة، فضلا من دونهم، ولعل القول المطروح من بدع القول التي استدركها خلفهم على سلفهم؟؟؟؟ فلما رأيت أنها لم يلق من في المجلس بالا له في معرض الجواب، عما طرح من الاشكال المنكر. قلت له ما معناه: إن السلف الصالح لم يكن يعجزه مجادلة المبتدع نقلا وعقلا، بل توصلوا أن أهل البدع لا يرجعون عما هم عليه من الضلال، ولو جودلوا بالحق. فترك السلف مجادلتهم رأسا، وابتغوا النجاة من بدعهم، هذا أمر. وأمر آخر، أن المبتدع هو بنفسه يجادل بأنواع من الباطل في معرض الاستدلالات، إضافة إلى إلقاء الشبه في مجادلته على مجادله ليجره إلى بدع فيكونون سواء فيها. ثم مثلت له، بما أثر عن ابن سيرين من رفضه أن يستمع لابن عبيد أن يقرأ عليه شيئا من القرآن، ما جعل ابن سيرين يجعل أصبعيه في أذنيه ـ عندما شرع عمرو بن عبيد في قراءة آي من القرآن الكريم. ولو نظرنا على وجه الاختصار في جانب من جوانب عمرو بن عبيد في تعشعش البدع في قلبه، ما جعله يقول: لو شهد عندي، فلان، وفلان.... من الصحابة ما قبلت شاهدتهم. لخرج كل واحد ذو قلب سليم ـ بأنه لا يجادل، لسده المجادلة برفض الأصول. فما ذا عسى يجادله ابن سيرين هل بفلسفة من القول بباطل من بدع أخرى، أم النقل المنقول الصحيح الصريح، الذي مداره الصحابة السلف الصالح، الذين أثر عن عمرو بن عبيد موقفه مع بعضهم، والبعض الباقي؟؟؟؟!!!!!.... وهكذا كل مبتدع خاصة داعية، ممن يرى نداء غير الله، والتوسل بغير الله... ويترك مصادر التلقي نقلا وعقلا، ويذهب إلى غيرها، مسدلا كاستدلالات عمرو بن عبيد بآي من القرآن الكريم، بعيدا كل البعد عن الحق. فبهذا ومثله تجد السلف الصالح ليس حريصا على مجادلته وغيره من أهل البدع، لأنهم لو سمعوا القول: لا يتبعون أحسنه. فلذا تحقق فيهم عدم صحة توبتهم، وقليل من ذكره السلف الصالح ممن تاب منهم توبة صحيحة، وللمسألة مزيد بيان في موضعها ـ بإذن الله تعالى. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-25-2012 الساعة 11:20 AM
|
03-26-2012, 09:45 AM | #16 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
المقدمة الممهدة التاسعة: جرائم القدى ممن ضل السبيل فضل بسببه غيره على وجه الاقتدا كــــــــــنا على أمــــــــــة أبــــــــائـــنا***ويــــقـــــتـــدي الأول بــــــالآخــــر هذا بيت من أبيات الحكمة في حقيقة تأثر الذراري بسلفهم، خاصة من ضل الهدى، فساء سبيله الموصل به إلى ويلات سلفه أرباب الهوى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون. قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى: أي: صادفوهم كذلك فاقتدوا بهم... وقال أبو عبيدة: يهرعون. يستحثون من خلفهم. هذا تصوير عظيم في غاية بيان هلاك خلف المبتدعة في متابعة سلفهم الضال المضل، الذي بلغ بعد غيهم به معاني التوصيات بين سلف المبتدعة وبين خلفهم جيلا جيلا، خوفا من أيدركوا بالهداية عن الوقوع في مهاوي الضلالات المهلكات. وكل ما ورد من بيان أحوال المبتدعة أصول الكفر، يلحق عليه أحوال المبتدعة المنتسبين إلى الإسلام في أصول بدعهم، على وجه القياس الجلي، من إلحاق الفرع بأصله، بجامع علة مخالفة الشرع المتوارثة بين سلفهم وخلفهم. داخل الأمة الإسلامية، ومن الأدلة على ذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام: إن من ضئضئ هذا، قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم" قال في "النهاية": "الضئضئ: الأصل، يقال: ضئضئ صدق، وضؤضؤ صدق، يريد أن يخرج من نسله وعقبه " الكتاب : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري تأليف الشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً ولذلك تجد كل جهة نشأت فيها بدعة ما أهلها يتوارثونها، كما عرفت البصرة بالزهد البدعي الصوفي، الذي تطور فيها حتى تبين محض بدعيته عن طريق خلفهم، ثم انتشر ففرخ صقور البدع، الذين ليس فوقهم صقر في جو سماء هوى البدع، كما سيأتي ـ بإذن الله تعالى. وهكذا حال الشعوب والقبائل التي اعتنقت بدعة من البدع، أو بدعا أخرى، لأن أصحابها أشربوا حبها، ففي كل واد فيها يهمون. وعلى كل حال فأن اقتداء خلف المبتدعة في أصول بدع سلفهم، مما تظاهرت نصوص الكتاب في بيانه في تصويرات جليات البراهين عن حقيقة واقع أمر ضلالهم، كما قص الله تعالى في آية أخرى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: بل قالوا إنا وجدنا أبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون. قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى: فيه مسألتان: الأولى: قوله: على أمة. على طريقة ومذهب قاله عمر بن عبد العزيز... الثانية: وإنا على آثارهم مهتدون. أي: نهتدي بهديهم. وفي الآية الأخرى: مقتدون. أي: نقتدي بهم. قال قتادة: مقتدون متبعون. قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون. يعني أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم؟؟؟ قالوا: إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى. والمبتدعة في المجتمع الإسلامي، يحكي خلفهم في اتباع سلفهم، نهج من ذكر، من: · شدة متابعتهم لسلفهم فيما خالفوا فيه الشرع، إن لم يستدركوا عليهم منكرات بدع أخرى، تمنحهم جلالة القدر، والفقه الكبير في مشروعية ما يهونوه من البدع. · عدم قبولهم ما يخالف ما أدركوا عليه سلفهم من البدع. · بعدهم الكبير عن العدول عما وقع فيه سلفهم من البدع. · خبث صمتهم عن بيان ما رزقوا الوقوف عليه من الهدى لعامتهم فضلا الخاصة منهم. · شربهم حب التبعية في أن من يتظاهر بالهدى، لا يعمل ببيان شيء منه إلا إذا سبقه داع إلى بيانه أمرا بمعروف كان أو نهي عن المنكر ـ في الغالب ـ وههم من أجرأ الطبقات فيهم في بيان الحق ونصرته والذب عنه، ما لم يتصادم ذلك بالمورث من البدع في قومه، فينقلب إلى معنى: فنظل لها عاكفين. · عامتهم أشد الناس سكوتا في معرض بيان الهدى، لا سيما إذا تعلق ببدع تجره إلى بدع قومه، من نصه، أو من معقول نصه، فهم حذرون جدا في بيان شيء من الهدى إذا أوحى إلى قومه بخروجه عن السر المكتوم بينهم، ضد الهدى وبيانه. · غاية المهديين منهم، أن يموت ميتهم، وصحيح البخاري على صدره، وما في معنى ذلك من التمسك بما كان عليه السلف الصالح، من غيره أن يدعوهم هداه إلى بيان بطلان ما كان عليه، نصيحة لله، ونصيحة لخاصة المسلمين وعامتهم، من بيان خطر ذلك الضلال الذي أدركوه، واعتقدوه، ثم تابوا منه... · بعد جنى ذراريهم ثمار المهديين فيهم، لتواطئهم على معنى قوله تعالى: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه... · تذبذب المهديين فيهم بين الحق والباطل، إن وقعوا أسرى في معسكر الحق ـ أهل السنة والجماعة، انقلبوا إلى جند مجندة. وإن وجدوا فرصة اللحوق بمعسكر الباطل ـ أرباب البدع والأهواء ـ سواء معسكر بدع قومهم، أو بدع قوم آخرين، التحقوا بهم التحاق الأسير بقومه. وسيأتي مزيد بيان لهذا في موضعه ـ بإذن الله تعالى: تبصرة وذكرى لقوم عابدين. · حدة آحاد هداتهم في بيان ما وقف عليه من منكرات غير قومه. · عدم انتفاع من أدركوه من سلفهم بهم من جهة التواصي بالحق فيما بينهم. · عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم في جانب ما توارثوه من البدع. · تنشئة ناشئتهم على اتهام سوء نواي من يدعوهم إلى الهدى بترك البدع، التي منها بدع سلفهم. · وقوف أهل كل جيل بين سلفهم وخلفهم جنبا بجنب، عاضين على حبل بدع: أتواصوا به بلهم قوم طاغون... نظرة خلف المبتدعة في الدعاة إلى الله تعالى، جيلا جيلا، على أنهم قوم يتحينون فرصة صرفهم عما كان عليه آباؤهم، بدعوى أنهم وآباؤهم على حق، أراد الدعاة صرفهم عنه، يظنون ظن سوء بالدعاة على أنهم يلبسون عليهم حقهم بباطلهم، هذا لسان حالهم ـ ولعياذ بالله تعالى. بل يصل حالهم، ما قصته الآية السابقة: قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون. التي قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى: قالوا: إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى. قلت: وما ذكرته من الإشارات حول اقتفاء خلف المبتدعة بسلفهم، حذو القذة بالقذة، إنما هو تنبيه فقط، وإلاّ من تأمل أحوالهم، وكان له أدنى إلمام في المأثور عنهم، لقال مقالة القال ـ بإذن الله تعالى: علمت شيئا وغابت عنك أشياء. لأنه الغالب عليهم ـ والنادر لا حكم له ـ هم وخلفهم، ومما يقربه ما يلي من نقل الإمام الشاطبي، بعد درر القواعد من منقوله، بقوله: لا يخلو المنسوب إلى البدعة أن يكون: · مجتهدا فيها. · أو مقلدا. والمقلد، إما: · مقلد مع الإقرار بالدليل الذي زعمه المجتهد دليلا، والأخذ فيه بالنظر. · وإما مقلد له فيه من غير نظر كالعامي الصرف. فهذه ثلاثة أقسام.... قلت: والذي يهمني فيما نحن بصدده جانب المقلد الذي لا يخول أيضاً من يكون مقلدا لهدي شيوخه أو لهدي آبائه في الضلال، الذي من صوره هذه القصة في قول الشاطبي ـ رحمه الله تعالى: حكى المسعودي: انه كان في أعلى صعيد مصر من القبط، ممن يظهر دين النصرانية، وكان يشار إليه بالعلم والفهم، فبلغ خبره أحمد بن طولون، فاستحضره... وقد أحضر مجلسه بعض أهل النظر، يسأله عن الدليل على صحة دين النصرانية، فسألوه عن ذلك؟ فقال: دليلي على صحتها ـ النصرانية ـ وجودي إياها متناقضة متنافية، تدفعها العقول، وتنفر منها النفوس، لتباينها وتضادها، لا نظر يقويها، ولا جدل يصححها، ولا برهان يعضدها من العقل، والحس عند أهل التأمل لها، والفحص عنها. ورأيت مع ذلك أمما كثيرة، وملوكا عظيمة، ذوي معرفة وحسن سياسة، وعقول راجحة، قد انقادوا: · إليها. · وتدينوا بها. مع ما ذكرت من تناقضها في العقل، فعلمت أنهم: · لم يقبلوها. · ولا تدينوا بها. إلاّ بدلائل: · شاهدوها. · وآيات. · ومعجزات. عرفوها، أوجب انقيادهم: · إليها. · والتدين بها. فقال له السائل: وما التضاد الذي فيها؟ فقال: وهل يدرك ذلك، أو تعلم غايته؟؟؟؟.....!!!! فأمسكوا عن مناظرته، لما قد أعطاهم، من تناقض مذهبه، وفساده. أهـ قال الشاطبي: والشاهد من الحكاية الاعتماد على الشيوخ، والآباء من غير: · برهان. · ولا دليل. · ولا شبهة دليل. قلت: انظر بنموذج رائع في خبث المبتعدة من أهل العلم والمعرفة، أنهم يعرفون أنهم على باطل محض، فيما هم عليه من البدع المتفاوتة الضلال... ومع ذلك العلم وتلك المعرفة المتقررة عندهم، لا يتركون ضلالهم لفرط اتباعهم الهوى، فيكيف تجادل من هذا حاله ـ جيلا ـ إما مقرا على نفسه بأنه على غير هدى، كما في هذه القصة. وأما مبطن ذلك الاقرار لا محالة، مبالغة في ابتاع الهوى المضل: صم بكم عمي فهم لا يعقلون. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-27-2012 الساعة 11:14 AM
|
03-28-2012, 09:26 AM | #17 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
الترصيع: قلت: ولما كان موضوع التقليد موضوعا قديم الإضلال لأهله، ممن قلد غيره في الضلال المحض، أو ضلال الشبهات. كان ضلال الذراري وقع في أيديهم، كوقوع موروث تركات آبائهم في أيديهم. فتقبلوه قبولا مفرطا فيه حين قالوا للرسل: إنا بما أرسلتم به كافرون. بعد قول من أتاهم بالهدى المبين لهم: أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم. كما تقدم في الآية المفسرة بقولهم: إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى. وهنا وقفة: وهي أن خلف سلف أصول الكفر، لما بلغ بهم طغيان التقليد، ما هم فيه من ضلال الكفر، واجهوا بالرفض من جاءهم بالبينات والآيات والزبر، وهم الأنبياء ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. فما بالكم خلف سلف أصول البدع المحدثة في الإسلام، فإنه مما لا شك فيه، ولا مرية أن من لم يهده الله منهم ـ وقليل ما هم ـ يكون أشد رفضاً لأي داع إلى الهدى، خاصة في دعوته لهم إلى ترك موروث سلفهم البدعي. مستمسكين بعصا البدع بكل ما يمكن أن يستدل به من تحت حصانة كلمة الإخلاص ـ نعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع. وكل يتوارث عصا البدع، بأشد من سلفه، ويتلو لسان حاله، آية: ولي فيها مآرب أخرى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى. قلت إن هذا الجمع من جمع الجوامع هو مما يجعلهم يقاومون كل طالب علم داعية القائم مقام الأنبياء في نشر الدين ونصرته، خاصة في وسط المسلمين. في أنه سيلقى من أهل تلك البدع في زمانه، رفضا مماثلا، في المضي على ما وجدوا سلفهم فيه من البدع. كما واجه سلفهم من دعاهم إلى هدى نظما ونثرا، في معرض صحة أدلتهم شرعا، وضعف أدلة من خالفهم من أهل الهدى، بدرجة مرحلة تجهيله، وقلب المجن بتبديعه، زورا وبهتانا عظيما، لإقناع مقلدتهم، ومن لا علم له من العوام، بأنهم أصحاب حق مبين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَبِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَبِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بل أمثال هؤلاء أشد إيباء في معرض قبول الهدى من الكفار، في بدعهم الكفرية. وذلك أن المبتدعة المنتسبين إلى الإسلام، يرون أنهم على حق في كل كبيرة فضلا عن صغيرة، لما يستدلون به من نصوص الكتاب والسنة لنصرة مذهب سلفهم: وقلما تجد من هذه صفته، إلاّ وهو يوالي فيما ارتكب، ويعادي بمجرد التقليد... كما قاله الشاطبي. هذا بمجرد التقليد المحض، وذلك مصيبة معضلة. فإذا انضاف إليه كونه داعية إلى بدع من قلده، وكونه عليم اللسان، كانت المصيبة أعظم، بالعضل الشديد الإعضال، كما قال الشاطبي: فإما إذا دعا، فمظنة الاقتداء أقوى وأظهر، ولا سيما المبتدع اللسن الفصيح، الآخذ بمجامع القلوب... وأدلى بشبهته التي تداخل القلب بزخرفها. والآن مع الشاطبي في هذه الدرر المسبوكة البيان، قائلا ـ رحمه الله تعالى: ونظيره مسألة أهل الفترة العاملين تبعا لآبائهم، واستقامة لما عليه أهل عصرهم، من عبادة غير الله، وما أشبه ذلك، لأن العلماء يقولون في حكمهم: أنهم على قسمين: قسم غابت عليه الشريعة، ولم يدر ما يتقرب به إلى الله تعالى، فوقف عن العمل بكل ما يتوهمه العقل أنه تقرب إلى الله. ورأى ما أهل عصره عاملون به، مما ليس لهم فيه مستند إلاّ استحسانهم، فلم يستفزه ذلك عن الوقوف عنه، وهؤلاء هم الداخلون حقيقة تحت عموم الآية الكريمة: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. وقسم لابس ما عليه أهل عصره، من عبادة غير الله، والتحريم والتحليل بالرأي. ووافقوهم في اعتقاد ما اعتقدوه من الباطل، فهؤلاء نص العلماء على أنهم غير معذورين، بل مشاركون لأهل عصرهم في المؤاخذة، لأنهم وافقوهم في العمل والموالاة والمعاداة على تلك الشريعة، فصاروا من أهلها. فكذلك ما نحن في الكلام عليه، إذ لا فرق بينهما. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلاّ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء))
قال القرطبي: كفرنا بكم... أي: بأفعالكم وكذبناها، وأنكرنا أن تكونوا على حق. وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء... أي: هذا دأبنا معكم. حتى تؤمنوا بالله وحده... فحينئذ تنقلب المعاداة الموالاة. الجامع لأحكام القرآن. قلت: إن هذا هو موقف أهل الحق الصالحين الناصحين، أن يدعوا إلى الله من ضل سبيل الهدى، مهما بلغت درجة في السن، وكذلك في العلم، لأن الحق أحق أن يتبع. هذا إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع أبيه وقومه، وكذلك الذين معه، وجهوا قومهم ما بين أب وغيره من قراباتهم، فقدموا رضا الله ـ عز اسمه ـ بنصحهم قومهم الذي بلغ بهم البراءة منهم، ما تظاهرت نصوص الكتاب والسنة، لما رأوهم: لا يحبون الناصحين. * فأين المهديون من خلف المبتدعة في اتباع نهج الأنبياء ـ عليهم السلام ـ في دعوة سلفهم إلى الهدى، دعوة بينة متناهية في سبيل النصح لهم؟؟؟ * أين المهديون في دعوتهم لسفهم وخلفهم في سبيل هدايتهم إلى الهدى المبين؟؟؟ *أين أثرها من تركهم بل بعضهم البدع خاصة الموروثة فيما بينهم؟؟؟ * أين مواقفهم في أرض الواقع أمام قياداة وكتائبها ذات السيل الجراف من تلك البدع؟؟؟ * أين هم منكرون لها؟؟؟ * أين هم ناهون عنها؟؟؟ * أين هم آمرون بالمعروف بأخذ السنن مكانها؟؟؟ * أين هم كفتية أوتوا علم الهدى، فاستنوا بقدوتهم الحسنة: يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا.؟؟؟ * أيموتون بهداهم لا يدعون به، لأنهم حدثاء السن: لم يبلغوا الحلم.؟؟؟ * أين هم من أسوتهم الحسنة: سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم.؟؟؟ * أيظنون أن يدعو الداعي قومه على مستوى آبائه وأشياخه، وأهل قرابة من عمومة وخؤولة، وكانوا على خلاف الهدى، ولو في مسألة واحدة، فيخفى على الناس قدر ما يبذل في دعوتهم، لا من جهة تأثر قومهم بهم، أو برفضهم لهم، كما شأن أرباب المخالفات البدعية!!!!؟؟؟؟ * أين دور من بادرت منه باردات خير من الدعوة الله تعالى في معرض الثبات، من نكوصه على عقبيه؟؟؟ اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة. * أين دور بقية المهديين في معرض التعزيز فيما بينهم، على أسوة: فتية آمنوا بربهم وزدنهم هدى.؟؟؟؟ * أين هم في مقاومة من يريد تسبيطهم في دعوة أقوامهم إلى الهدى؟؟؟ * أين المهديون فيهم على منبر الدعوة الذي أسس لإحقاق الحق وإبطال الباطل، والدعوة في التمسك بالكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح، والدعوة إلى ترك المحدثاب البدائع، بنبذها، والاستمرار في محرابتها، منبرا كبقية المنابر التي ترى أو تسمع؟؟؟ * أو هؤلاء المهديون من الذين لهم المهدي المنتظر، لا يعملون بهداهم إلا بعد خروجه من السرادب، كما هو دندنة بعض أسلاف المبتدعة، ليهديهم سبل السلام؟؟؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((إن هذا لهو البلاء المبين)). في الضلال المبين. * أين دور المهديين في معرض مقاومة سلفهم له بالقدح في أدلة هداهم، في جمع مسائل ما عورضوا فيها، بذكر أدلة هداهم، ونصره، وتفنيد أدلة من عارضهم ببعض أنواع القدح في أدلة المخالف، من: · المطالبة. · الاعتراض. · المعارضة. كما هو مفصل في نفائس كتب أصول الجدل المحكم. ويتناولون ذلك نقلا وعقلا، في كتابات قيمة تؤثر عنهم، في حياتهم وبعد مماتهم، نصيحة لله في أقوامهم، قائمين على ذلك بالعلم والهدى موعظة حسنة، لسلفهم وخلفهم، لعل من يقف عليها: يتذكر أو يخشى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ هذا هو الواجب المتعين على كل ناصح أمين، خاصة لقومه، الذين أنفس ما قدم لهم على وجه الأرض، ما يقدمه لهم في سبيل النصح في معرض هدايتهم. أما تركتهم على خلاف الهدى، من غير دعوتهم، تحت أي زعم، هو من خصائص اليهود، كما هو ظاهر قول هذه الأمة منهم: لم تعظون قوما... الآية. كما تظاهرت نصوص الكتاب والسنة في هذا المعنى. اللهم إلاّ أن يصل بهم الداء العضال: منتهى الإرادات، فيوصلهم إلى إنزال سلفهم منزلة يقصر الحق دونها، وهو قدسية سلف المبتدعة عند خلفهم، القدسية المضروب لها المثل بقصة المبتدع المقلد الكافر النصراني لسلفه المبتدعة الكفرة النصارى المتقدمة ـ نعوذ بالله من علم لا ينفع... |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-28-2012 الساعة 03:14 PM
|
03-31-2012, 09:18 AM | #18 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
المقدمة الممهدة العاشرة: جرم المآثم في غلول الفيء، من: الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)). قومٌ هم الأنْفُ والأَذْنابُ غيرُهم ... ومَنْ يُسَوّى بأنف النّاقةِ الذنبا قلت: ومما لا شك فيه أن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، أن أي ذنب خير منهم في كل صغيرة فضلا عن كبيرة خالفوا فيها الدين، ما لم يرجعوا إلى المحجة البيضاء.
الذين عليها هم أهل الحق والفضل والشرف المنيف في الدارين. هذا وكان كثير من الناس يجهل أو يتجاهل، أن الدين عند الله الإسلام. أي: هذا الدين شرع من عند الله نزلت تشريعاته كاملة في رسالة خاتم الأنبياء والرسل. لذا إن كل ما لم يأت الوحي بتعاليمه، لا يتم له بصلة. كما أثر عن قتادة ـ رحمه الله تعالى: حبل الله المتين. هذا القرآن، وسننه، وعهده إلى عباده، الذي أمر أن يعتصم بما فيه من الخير، والثقة أن يتمسكوا به، ويعتصموا بحبله. فلذلك شدد السلف الصالح بتمييز تعاليمه الوحيية، عما نتج منها من فهم غير معتد به، إذا لم يكن على ضوء فهم السلف الصالح من الصاحبة، ومن نهج منهجهم، المستمد من الوحيين. كما روي عن عبد الله بن حميد عن عبد الله: حبل الله: الجماعة. قلت: والجماعة، هم: أهل السنة والجماعة ـ السلف الصالح. وهو الدين هو الذي جاءت رسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببيانه أتم بيان، حتى ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك.. عن الحسن ـ رحمه الله تعالى: إنما هلك من كان قبلكم حين تشعبت بهم السبل، وحادوا عن الطريق، فتركوا الآثار، وقالوا في الدين برأيهم، فضلوا وأضلوا. هذا ولقد كان الرأي بلغ بأهله أن تجاوزوا الإحداث في الدين، إلى إحداث الطعن في رجال الدين ـ السلف الصالح ـ قديما وحديثا، مع تفننهم في عبارات الطعنات، منها ما هو صريح، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، هذه المقتطفات من بساتين الاعتصام اليانعة. تحت الآية المستمسك بها هذا المقال، فقال الشاطبي: وما أشبه ذلك من الآيات في هذا المعنى... وجميع هذه الشواهد تدل على وقوع الافتراق والعداوة، عند الوقوع في الابتداع. وأول شاهد عليه في الواقع قصة الخوارج، إذ عادوا أهل الإسلام ، حتى صاروا يقتلونهم... ثم يليهم كل من كان له صولة منهم بقرب الملوك، فإنهم تناولوا أهل السنة بنكال، وعذاب، وقتل، وحسبما بينه جميع أهل الأخبار. ثم يليهم كل من ابتدع بدعة، فإن من شأنهم أن يثبطوا الناس عن اتباع الشريعة، ويذمونهم، ويزعمون أنهم الأراجس الأنجاس المكبين على الدنيا، ويضعون شواهد الآيات، في ذم الدنيا، وذم المكبين عليها: كما يروى عن عمرو بن عبيد، أنه قال: لو شهد عندي علي وعثمان وطلحة والزبير على شراك نعل ما أجزت شهادتهم... وقيل له: كيف حدث الحسن عن سمرة في السكتتين؟ فقال: ما تصنع بسمرة؟! قبح الله سمرة. بل قبح الله عمرو بن عبيد. وسئل ـ أي: عمرو بن عبيد ـ عن شيء؟ فأجاب، قال الراوي: ليس هكذا يقول أصحابنا. قال من أصحابك لا أبا لك؟. قلت: أيوب، ويونس، وابن عون، والتيمي، قال: أولئك أنجاس أرجاس أموات غير أحياء. هكذا أهل الضلال يسبون السلف الصالح... ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره. قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة، فإنك إن تأملت ما تبديه البغضاء من أفواه خلفهم لو جدته: كأنه هو. إذ منهم: يطعن فيحق من نهج منهج السالف في عصره، فيما معناه: أنهم لو لا ما ينفق عليهم من المال، لما دعوا إلى الله تعالى، وإن دعوتهم دعوة تكسبية!!! قلت: انظر في نهج المبتدعة القديم مع من كان في عصرهم من السلف الصالح، وبين نهج المتأخرين منهم مع من كان على نهج السلف الصالح في عصرهم، تجد التوافق بينهم بوضوح. حتى يتناول المثل المأثور حقيقة توافق المتقدم منهم بالمتأخر منهم يحذو حذو سلفه: حذو القذة بالقذة ـ والعياذ بالله تعالى. هذا أمر، وأمر ثان: وهو من يقول منهم ما معناه: وإن أدبيات فلان من سلفه، لأحب لديه، وأشد اعتزازا بها، من جهد دعاة عصره؟؟؟ قلت: انظر هنا أيضا، فهل يستوي أثر من قال الله ـ عز اسمه ـ في حق سعيه: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله... وبين من قال في حقهم: والشعراء يتبعهم الغاوون... فكيف بشعر بدايت حسناته التغزلات، الحقيقة أو المجازية... أو شعر ديني محشو بتوسلات ممنوعة... لا شك أنه لا يستوي الفريقان عند مسلم سليم الطبع، يستمع القول فيتبع أحسنه بالسمع. من يدعوا إلى الله تعالى، ومن هو غيره في ضلال مبين. اللهم إلا على نهج من ذكر في اقتضاء الصراط المستقيم فيما معناه: أن أحدا المبتدعة الصوفيين سمع مؤذنا يؤذن، فبالغ في ذمه!!! ثم سمع كلبا ينبح فبالغ في مدحه!!! فسئل عن معنى ذلك، فقال: أما المؤذن أذن من غير إخلاص لله تعالى!!! وإما الكلب: فإن نبح الكلب، منه تسبيح، لقوله تعالى: وإن من شيئ إلا يسبح بحمده!!! وأمر ثالث من يقول منهم: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ليس من كبار العالم، أو قال: ليس بعالم!!!! وكنا في جماعة أيضا، وكان أهل المجلس على غفلة من بعد خطر قوله، فقلت له: ما معنى قولك، فقالت، بصراحة: إنه ما ألف إلا في التوحيد، وما ألف في الأصول.... فقلت له: هل وقفت له على خطأ علمي في مؤلفاته التوحيدية، فلوى، قبل ما طلبت منه إقامة البرهان، بعدها رجع إلى التمسك بدعواه في أنه ما ألف في غير التوحيد، خاصة فن الأصول!!! فقلت: هل كل من لم يؤلف في الأصول، لا يعد من العلماء الكبار؟؟؟ فذكرت له بعض العلماء ممن لم يؤلف في الأصول، وألف في الفقه، والعكس، ومن لم يؤلف في الأصول فألف في التفسير، والعكس، وغير ذلك من الفنون. فمن هؤلاء من ألف في التوحيد كالشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ ولم يؤلف في غيره، وليس معنى ذلك أن كل من لم يؤلف في فن من الفنون، ليس من كبار العلماء. والعجيب أن أصحاب هذه الدعاوى اللمزية، من المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة، بل بعضهم ممن خدم بعض آثارها نظما!!! فلو كان من غيرهم لهان علي نوعا ما، ما يتسللون إليه لوازا. لكن يبقى القول أن أثر البدع في خلف المبتدعة، لا يخفى على من رزق طبعا سليما، وهدي صراطا مستقيما. ولم يدر هؤلاء ومن على شاكلتهم، حقيقة ما أثر عن بعض السلف فيما معناه: لفساق أهل الحديث خير من أهل الأهواء من العلماء. وصدق العنبري ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله: لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أكون رأسا في الباطل. أو ليس صاحب الحق هو أولى أن ينتصر لحقه، خاصة في جانب الدين ورجالاته، مهما زخرف الغير القول في الباطل. خاصة ما يتعلق بالكتاب والسنة والمتمسكين بهما، وأن لا يكون يؤتون من قبله من مكان بعيد فضلا عن قريب ـ والعياذ بالله تعالى. كما أنه ما الداعي إلى التحدث بمثل ذلك، لو كان ممن يؤلف بين أهل المدرستين دراسة المقارنة، ما ينبغي له أن ينسب إلى السلف الصالح ما ليسوا أهلا له من النقائص، وإن وجدها من غيره ينبغي أن يفندها بالبينات. لولا أن الأمر كما أثر عن علي ـ رضي الله عنه ـ لما دخل العراق، قال ما معناه لبعض أهل الأهواء فيها: عرفت أصحابكم من بين أصحابي، قالوا وكيف ذلك، وليس لك إلاّ ثلاثة أيام؟؟؟ قال عرفت ذلك عن طريق من انضم من أصحابي إليكم. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-31-2012 الساعة 11:25 AM
|
04-02-2012, 12:17 PM | #19 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
الترصيع: عن أبي العالية ـ رحمه الله تعالى: تعلموا الإسلام، فإذا تعلموه، فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام.
ولا تحرفوا يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنة نبيكم، وما كان عليه أصحابه... وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء. فحدث الحسن بذلك، فقال: رحمه الله صدق ونصح. قلت: ومن نظر في هذه الجمل المتينة في النصح، يجد أن السلف الصالح حريص على عدم رضا على ما عليه أهل الأهواء في زمانهم، ما يجعلهم يعادونه ويبغضونهم في الله ـ عز اسمه ـ بعد ما يتبين زيغهم، وفساد ما ظهر منهم في الفهم البدعي المحدث، المتنوع المتجدد. مرة في الدين، وأخرى في رجال الدين ـ السلف الصالح. قلت: وهذه البدعة وهي الطعنة في رجال الدين، من أوائل بدع أهل الأهواء التي ورد الوحي في ذكرها لخطورتها، وذمها غية الذم، كما في قوله ـ عز اسمه: قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون... إلى قوله حكاية عن أهلها جرم اعتزاراتهم الضالة المضلة: إنا كنا نخوض ونلعب. فلذلك تجد طعنات المبتدعة في كل عصر في رجال الدين كلها مردودة إلى ما أصله سلفهم من الخوض واللعب. وذلك لو تأملت نهجهم تجده من النهج المضل، وعلى سبيل المثال، لا الحصر، لما: سئل ـ أي: عمرو بن عبيد ـ عن شيء؟ فأجاب، قال الراوي: ليس هكذا يقول أصحابنا. قال من أصحابك لا أبا لك؟. قلت: أيوب، ويونس، وابن عون، والتيمي، قال: أولئك أنجاس أرجاس أموات غير أحياء. هل تناول بطلان ما بلغه عن أيوب ويونس... نقلا وعقلا، أنى له ذلك، وهو الضال المضل، لذلك خاض في مجلسه، وبالغ في اللعب بسبهم واللمز فيهم من مكان قريب. عكس رجال الدين ـ السلف الصالح ـ فإنهم يتناولون ما وقع في أزمنتهم من الأخطاء في الفروع فضلا في أصول الدين بالبينات، ذات البراهين الساطعات. في غاية التثبت والتوازن المشروع، بخلاف من يسمهم في كل زمان ومكان بالحشوية، وما في معناها من المعاني القدحية ـ والعياذ بالله ـ وليكن رجال الدين ـ السلف الصالح ـ في كل عصر من أشد الناس تهمة لأهل الأهواء في دينهم ورجالاتهم. وليعلموا أن أهل الأهواء من أشد الناس استعمالا للتدليس، بل والكذب المحض في إلحق أي نقص برجال الدين، فعلى سبيل المثال، لا الحصر، معاني الطعن الشديد في قول عمرو بن عبيد: لو شهد عندي علي وعثمان وطلحة والزبير على شراك نعل ما أجزت شهادتهم... فما بالكم من غير ابن عبيد في حق أهل عصره من الفضلاء الأبرياء، فهم أشد تحررا من ابن عبيد الذي بلغت جرأته المجرمة الطعن في عظماء رجال الدين، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، بل بلغوا من الدرجات الكبرى في الرضا أن بشروا بالجنة. فكل ما لعله أن ستروه ولو بعد حين: من قراطيس يخفونها... لعل يؤثر فيها الشيء المنكر من الزور والبهتان في حق أبرياء عصورهم من رجال الدين ـ عصرا عصرا ـ ولو أسندوا ذلك بأسانيد صحاح في ظاهر الأمر، فهم من أشد الناس تركيبا كذبيا في السند، ليضعوا أعز المتون الطعنية في حق رجال الدين، عن طريق أي إسناد، أو القائل هو الكذب أو التدليس، فتنبهوا لذلك متى ما ظهر في أي زمان ومكان... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 04-04-2012 الساعة 06:16 PM
|
04-04-2012, 09:44 AM | #20 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: فصول من حياتي
من الترصيع: قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى:
أما المعاصي: فمثل ما روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا كان يدعى حمارا، وكان يشرب الخمر، وكان يضاحك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان كلما أتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جلده الحد، فلعنه رجل مرة... فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((لا تلعنه فإنه يحب الله ورسله)). فهذا رجل كثير الشرب للخمر، ومع هذا لما كان صحيح الاعتقاد، يحب الله ورسوله، شهد له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك، ونهى عن لعنه. وأما المبتدع: فمثل ما أخرجاه في الصحيحين...: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقسم فجاءه رجل ناتئ الجبين، كث اللحية، محلوق الرأس، بين عينيه أثر السجود، وقال ما قال، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لقتلتهم قتل عاد...) فهؤلاء مع كثرة صلاتهم، وصيامهم، وقراءتهم، وما هم عليه من العبادة والزهادة، أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقتلهم... وذلك لخروجهم عن سنة النبي وشريعته. أهـ. قلت ـ والقائل يحيى السوقي: إذا تأملنا حديث من: لا يجاوز ـ القرآن ـ حناجرهم... تجد أن المبتدع في جانب العبادات وجانب العلم الذي أصل أصوله القرآن قد يرزق في ذلك ما هو عظيم عند عوام الناس... لكن عند الراسخين من أهل العلم بالكتاب والسنة ـ كما سيأتي مزيد بيان له نقلا ـ بإذن الله تعالى ـ ومن أوتي فيهما فهما صحيحا يدرك أن كل ذلك كهشيم النباتات، الذي أتته ريح عاصفة، لا تبقي ولا تذر، وهي المحدثات البدائع الكبرى والصغرى البنيات. هذا أمر، وأمر آخر: خطر سلف المبتدعة على تطاولهم على رجال الدين، الذين أولهم في هذه الأمة سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالطعن فيهم، بصريح العبارات، ولحن الكنايات. هذا إذا كان في أول القرون المفضلة فالذي يليه من باب أولى نقلا وعقلا. ومع ذلك كله فإنه كثر ما يغتر العوام، ومن في معناهم في كل زمان ومكان ببعض علامات الفضل من الصلاح المزيف، والعلم المحرف، بمخالفات شرعية من معاص بعضها محضية. منها تعود بعضهم فوات إحدى الصلوات المفروضة، بل في بعض الأوقات صلوات مفروضات بحجة النوم، فحينما يقوم يقضي الليليات في النهار، ويولج النهاريات في الليل، حتى كاد عندهم ـ والعياذ بالله ـ أن يكون شعار علم وفقه في الدين لكثرة لزوم بعض الخلف لسلف مبتدع... بل بلغت مبلغ النحل، ما جعل اليقظان منهم يهاب أن يوقظ سيدا من ساداة هذه النحلة إذا نام، حتى يقوم هو حين يحشر الناس ضحى... وهذا مما يرشد بأنهم أفقه الناس في النصوص التي يشبثون بها، وأعلم الناس برأفة الله ورحمته ومغفرته، حين بلغ بهم الأمر في معرض التهاون في أمر الصلاة ما يتوارثه من يفعله من نشأتهم!!!! وكأنهم لم يقف غيرهم على أحاديث الصلوات المقضيات في صدر الإسلام، وأسبابها!!!! وحديث رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ!!!! وشبه ذلك من الأشباه والنظائر!!!!! كما أن أصحاب هذه النحلة كأنهم من أجهل الناس للنصوص الوعيدية فيمن فاتته صلاة مفروضة ليلة كانت أونهارية!!!! ورحم الله الشيخ العلامة زين الدين التنغاكلي، حين بلغت في دراسة ما من الله علي من المتون في يده عن ظهر قلب ـ ولله الحمد ـ من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، كما هو عادة متوارثة بين السوقيين جيلا جيلا إلى جيلنا في سبيل الاجتهاد في التحصيل. وعلى كل حال كنت في إحدى الليالي مرهقا جدا، فغلبتني عيناني عند السحر، فلما دخل وقت الفجر قام شيخي ـ رحمه الله ـ فإذا أنا نائم فناداني وكنت مستغرقا في المنام غاية الاستغراق، لكن من حسن عظم مدرسة الهدى، أن بلغت نداءات شيخي حد تنبيهي من النوم، فقمت مجيبا له، فقال لي كلمة ما زال جرس معاني نصيحتها في نفسي إلى وقت كتابتي لها هنا ـ أعلى الله درجته في عليين كلما علت درجات المهديين الهداة ـ كما في قوله لي ما ملخص معانيه: اعلم أن الصلاة في وقتها فوق كل شيء مهما اعتبرت له اعتبارات جلالات قدره في الإسلام، فكل ما يكون سببا لفواتها عن وقتها يجب تركته، لمن لم يستطع أن يجمع بينهما. جزاه الله عني كل خير، خاصة هذه المسألة التي تظاهرت نصوص الكتاب والسنة في عظم أمر أدائها في وقتها، والوعيد الشديد لمن تساهل في أدائها خارج وقتها. فبعد تلك الليلة ـ وفقني الله تعالى ـ أن فارقت شيخي ـ رحمه الله تعالى ـ في ليالي وأياما آمنين عن تلك الليلة اليتيمة. فالحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات. وأن تعجب فعجب أمر المبتدعة في التفنن في الإحداث، منهم من يحدث مبالغة في أداء العبادات المشروعة بكل عناية، كما مر في أصل من أصولهم، التي منها: يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم... وذلك هو من الفقه الأكبر عند هؤلاء... وتارة يكون الإحداث عكس ظاهر النص ـ والعياذ بالله. وذلك هو من الفقه الأكبر أيضا عندهم ـ نعوذ بالله من علم لا ينفع. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 04-04-2012 الساعة 06:00 PM
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|