|
المنتدى العام يختص بالمواضيع العامةباحة شاسعة تسع آراءكم وأطروحاتكم وحواراتكم، التي لم تسعفها المنتديات الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-24-2011, 09:59 AM | #11 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
شكرا من الأعماق للإخوة أبي عبد عبد الله, والدغوغي, واليعقوبي, على هذا الإطراء الجميل , وعلى المبادرة في التعليق على الموضوع فهذا بحد ذاته تشكرون عليه, لالشيء سوى أن اهتماهمكم بالموضوع له أهمية عندي.
وأما سؤال الأديب اليعقوبي عن معنى (القبلي) فجوابه أن (كل القبلة) لقب يعرف به فرعنا في القبيلة ولايعرفون إلا به في الحي, وعدم شهرته سببه غلبة الاسم العام (كل فامبلقو) وعدم الكتابة, فعندما يكتب الناس ويتولون التعريف بأنفسهم, فسوف تظهر حقائق لم تكن معروفة أو مشهورة. و(القبلي )نسبة إلى (القبلة) - يعني مكان مخيماتهم في القبيلة جهة القلبة- هذا ماسمعنه لدى الشيوخ في القبيلة وليس لهذه النسبة علاقة بأهل القبلة (الموريتانيين). |
غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.
|
12-24-2011, 12:47 PM | #12 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
السوقيون ودراسة الفرنسية
ومن اللائق بالذكر أننا في بلد يدرس طلابه اللغة الفرنسية وكانت فرنسا أوصت دولتنا (مالي ) بأن لا يموت أحد فيها إلا وهو فرنساوي اللغة والهوى ولكن شيوخ السوقيين بالمرصاد للفرنسة فهم يسمون اللغة الفرنسية (تكافرت) - يعني الكافرة باللغة الطارقية- والمجتمع كله يسمي أي غربي (أكافر) - يعني الكافر - وكنت أستغرب كيف ساغ لهم أن يصفوا لغة ما بوصف الكفر إلى أن تبين لي أنهم أدق فإن أخطؤوا في وصف (اللغة) بالكفر فإنهم على علم بأن مآلات التعليم الفرنسي لاتبشر بخير ويعرفون أن التعليم الفرنسي لم يكن يوما بريئا أومجرد لغة فحسب بل مازال تبث من خلاله سرايا الكيد للاسلام وما طفق الغـزاة الفرنسيون حتى اليوم يغذون مواد التعليم بأفكـار دينية هدامة تكيد بدهاء للإسلام وتدس عبر اللغة كل عبارات الفرقة بين أهل الإسلام,المهم أنهم لايسجلون أبناءهم في المدارس الفرنسية بل يسجلون غلمانهم بأسماء أو لادهم أويدفعون غرامة مالية مقابل عدم تسجيل أبنائهم. استطراد مهم. والناس هنا في الجزيرة يستغربون مني عدم معرفتي الفرنسية كما يستغربون معرفتي العربية ولا تكاد تقنعهم إلا بشق الأنفس والشرح الممل والإسهاب المخل. وعندهم جهل كبير بالشعوب الإفريقية ويصعب عليهم فهم أن في دول إفريقيا غير الناطقة بالعربية غير الزنوج وإذا قلت أنك من الطوارق فإنهم لايعرفون عنهم غير اللثام وإطلاق (النكات ) على رجالهم الذين يتنقبون ونساءهم السافرات أما الحديث عن الدول الإسلامية التي أقامها (صنهاجة) اللثام في المغرب الإسلامي فلا يعرفون عنها إلا اقل من القليل. والذي لاشك فيه أن العادات والتقاليد غير مقدسة كلها فقد رأينا في الجزيرة عادة لم نعهدها في بلادنا وهي أن المرأة تتحجب عن المرأة ولو رأت نساء الطوارق ذلك لاعتبرنه ضربا من ضروب الجنون. ولا شك أن التركيز على عادات الشعوب يحول دون ماهو أهم من معرفة أخلاقهم وسلوكهم وهذا شيء متبادل بين الشعوب الإسلامية وهي صناعة استعمارية فنحن قبل دخولنا السعودية لانعرف من الجزيرة غير (مكة) و(المدينة) ولا نعرف عن شعبها إلا أنهم (وهابية) أتباع محمد بن عبد الوهاب وقد انقشعت عنا هذه الغشاوة التي غطت عقولنا عن قصد أوغير قصد وعرفنا أصالة هذا الشعب السعودي وكرمه وأن علماءه الأجلاء يبحثون عن الحق وأنهم أحظى باتباع السنة المحمدية من غيرهم من علماء العالم الإسلامي بسبب تمسكم بالدليل ومنابذة البدع والخرافات التي يدافع عنها غيرهم ليضيفها إلى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم. سياسة المستعمر ونوابه. ومما لاشك فيه أن محاربة التعليم الفرنسي هذه ليست نابعة من جمود علماء السوقيين أوقلة بصرهم بالأمور كما مر قبل قليل بل لمعرفتهم بكيد المستعمر وجلده في الاهتمام بالصغار ليربيهم في وقت لا تزال عظامهم طرية ونفوسهم نقية فيخافون من خبزهم في أفران المستعمر تمهيدا لأن يقوموا بالدور المناط بهم عندما يكبرون وقد وعت فرنسا جيدا كره أهل شمال(مالي)لها فخصتهم بسياسة بوليسية صارمة وجعلت من الأمة الواحدة في مالي أمما وقسمت المناطق الشمالية وزرعت الفتنة بين جنوبها وشمالها وزينت في قلوب الزنوج أن الطوارق يكرهونكم ويريدون استعبادكم وقد استطاعت دولة(مالي)بعد الاستقلال تجاوز هذه الفرية, وساد التعاون والوئام بين مكونات وإثنيات المجتمع. والحق يقال أن (فرنسا) مع حقدها على الإسلام وعلى العرب بصفة خاصة إلا أنها أحسن من (مالي) بمراحل وآية ذلك حسن تدبيرهم في تنظيم أمور السياسة والناس وحتى المساجد, فإننا لم نجد اهتماما بها من قبل هذه الحكومات التي كانت خليفة للاستعمار, وقد تحدث بذلك علماء السوقيين وشعراؤهم, ومن ذلك قول الشيخ المرتضى بن محمد عند سماعه بالإحاطة بموديبو كيتا و مما ذكره أنه لايهتم بأمور الدين وأن حكام (النيجر) أحسن منه في بناء المساجد والاهتمام بدور العبادة: ألم تجز جورك (موديبو كيت) = بضرب وسجـن وكيت وكيـت و(جوري همان ) بنى مسجـدا = لداعي الصلاة فماذا بنيـــت ؟ بلى والعزيز على أننـــا = بفقدك في فرح لو دريـــت وأنا لست في مقام الإشادة والتنويه بدور فرنسا, ولكنني في رحلة مع الذاكرة, وجلسة هادئة مع الصراحة, وبحث عن الحقيقة ولو كانت مرة, والحقيقة وحدها هي التي حدثتني وهي صادقة أن هذه الدول هي أشد على البلاد والعباد من الجفاف والتصحر الذي عم الصحراء فعلى مدار التأريخ بذلت الدول التي قامت في( مالي ) سواء دولة (منسى موسى) أو دولة (السنغاي )كل طاقاتها في خدمة الدين والعلماء والعناية بالمساجد, التي مازالت باقية إلى يومنا هذا, والعتب كل العتب على هذه الدول الحديثة التي عجزت حتى عن مستوى المستعمر. ولاشك أن المستعمربنى في مناطقنا أكثر مما بنته دولة مالي وبنت فرنسا مطارا وسمته بأهم رجال وسلاطين الطوارق الذين حاربوها بخلاف دولة مالي فقد سمعت أنها احتجت على (ألمانيا) بسبب أنها صنعت سيارة وسمتها باسم الطوارق. وكذلك فإن فرنسا لم تجبر أحدا باعتناق المسيحية وما سمعت أنها بنت (كنيسة) في الشمال بخلاف الدولة المسلمة (مالي) فإن التنصير شب عن الطوق بعد استقلالها وسمحت ببناء الكنائس رغم عدم وجود مسيحيين أصليين في مناطق الشمال فكلهم مسلمون أبا عن جد وحاول الزعيم (مديبوكيتا) أن يفرض على الناس قناعاته الشيوعية أيام حكمه ومما حفظت من انكار العلماء السوقيين لهذه السياسة أبياتا للوالد يعلن فيها أنه مستبشر بالإحاطة بنظام حكم (موديبوا) حين قال: بشرى الديانة بانتهاضك (موسى) ولكل (فرعون) تمرد موسى فلربما جبن الفتى عن صنعك الـ = ـميمون إذ أطربت أنت نفوسا ما الحبس رأيا لائقا لمن اعتــدى = أما الصواب فذبحه بالمــــوسى فيرى جزاء وافق المسنون فيـ = ما سنه يا ويله مرمــــــوسا علج تجـبر فانتحـى لقضائه = طرق (الأروس )وخالف المأنــوسا هجر الشريعة لايدين بدين من = هو للشريعة شارع قامـــوسا سن المناكر لم تكن معهـودة = فنمى الفساد وطاوع الماجــوسا ودولة (مالي) تهتم بالشجر أكثر من عنايتها بالبشر وتعاقب من يقطع الأشجار ليستفيد منها وتمعن في إذا يته وتكليفه بغرامات مالية مقابل ذلك في حين أن الشعب يموت جوعا وأمراضا ويلجأ إلى دول الجوار كالنيجر وبوركينافاسو وموريتانيا والجزائر, وليبيا فلا تسأل عن ذلك, وأكثر الدول الأفريقية لاجئين دولة (مالي) ويبدو أن سياسة حكامها رأت أن الاهتمام بالشجر أولى من العناية بالبشر لأن الشجر إذا بقي ولم يتعرض لعوامل التعرية, فإنه أطول عمرا من الإنسان, وهناك وجه شبه بينه وبين البشر, وهو :الصبر والتحمل, والكفاح والجلد, فيستغنى بأحدهما عن الآخر خاصة ونحن نعلم أن إبليس حسد آدم عليه السلام على الخلود وزين له الأكل من الشجرة, (وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) ؛ والجامع بين هاتين الخصلتين واضح وهو الحسد, ولاننسى أن (مالي) ماوسوست لنا بقطع الأشجار وإنما عاقبت ليمل الناس من الحياة ويكرهون البقاء وليخرج الطوارق منها إلى الدول المجاورة حتى ترتاح منهم, و من رؤيتهم. الاسم الجامع للقبيلة. حملت القبيلة عدة أسماء تبعا لتغير المضارب والمناهل, فمنها ما هو شامل لجميع فصائل القبيلة ومنها ما هو خاص فمن هذه الأسماء: 1- كل انغوي, شامل للجميع+ (كل القبلة )و(غيرغ )خاص بفرع أبناء محمد أحمد بن هابا + كل فانبلقو, شامل للجميع(1). وينبه إلى أن الحي على قسمين قسم ما يسمى بأهل(القبلة) وهو حي والدي وقسم ما يطلق عليه لقب بني (أحنى) وهو علم لجد هذا الحي لقبت به القبيلة لشهرته ومكانته الاجتماعية وانسحبت التسمية بالغلبة على الحي كله وإلا فالحي عند التفصيل يضم عدة بطون كما مرعلينا. البيوتات العلمية في القبيلة 1- بيت أبناء أحنى بن آيا وهو بيت الزعامة الدينية في الحي.. 2- بيت أبناء محمد أحمد بن هابا وهو بيت والدي أحمدا بن عبدُ ومعلمي محمد الأمين بن محمدُ 3- وبيت أبناء حنديدي وهو جد المنير بن مدا. وهذه البيوت الثلاثة هي التي لم ينقطع فيها العلم على ما سمعنا من الشيوخ وهي كبقية القبائل السوقية يرتادها طلاب العلم من الطوارق أو من القبائل السوقية ولها مشيخة على بعضعا ولبعضها مشيخة عليها أيضا فهي متفاعلة مع المحيط العلمي في المنطقة ويقومون ببعض الوظائف الدينية التي تخص مناطق نفوذهم الديني. نظام الأحباس وجباية الزكاة. قامت الدولة (المرابطية)( 2) بتنظيم الوظائف الدينية, في القرن الخامس الهجري, في طول الصحراء وعرضها, ولم يزل هذا النظام قائما يعمل به الناس, ويرتب به العلماء أمور الرعية أحسن ترتيب, حتى جاءت سلطنات (إموشاغ) في صحراء (مالي) و(النيجر) في القرن الحادي عشر الهجري فأبقت على هذا النظام وشجعت عليه وجعلت علماء السوقيين هم الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف على المدارس الدينية وجباية الزكاة والأحباس, وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء والمحتاجين, ولم يزل ذلك ديدنهم حتى ذهبت هذه الدولة مع مجيء المستعمر الفرنسي, ولم تذهب معها ثقة الناس بعلماء السوقيين بل ظلت باقية, وظل الاعتماد عليهم في الأمور الدينية كما كان لدى عموم القبائل الطارقية. ومن يتميزون غيظا من مكانة السوقيين بين قبائل الطوارق, لاتعجبه هذه التفاصيل, ولا يرتاح لسماعها, ويصور المسألة تصويرا يفقأعيون الحقائق التاريخية, فيبقر بطن التاريخ ليجد تصنيفا مشوها يوافق هواه, ويعينه على تشويه هذا الدور الذي لعبه علماء السوقيين في حفظ الدين والعلوم الإسلامية في الصحراء الطارقية, فيقول هؤلاء أن السوقيين لايقومون بالدور المناط بهم على الوجه الصحيح, وآية ذلك أنهم ينصبون على الناس, ويستغلونهم, ويأكلون أموالهم باسم الدين. ولا يعرف الحسود أن الناس أعقل وأذكى من أن يبقوا سبع مائة سنة وهم يجهلون حقيقة المستغل من الناصح, والصادق من الكاذب, دون أن يكشفوا حقيقتهم. وفي ظل هذا الإشراف تسهل علينا معرفة أن القبائل السوقية في جمهورية مالي والنيجر وبركينا فاسو تتوزع النفوذ العلمي في مناطق قبائل الطوارق ومواليهم وتشرف على أمورهم الدينية من زكاة أموال وأوقاف وأحباس وكان معلمي الشيخ محمد الأمين كغيره من السوقيين يقوم بسفرة تمتد لعدة شهور ليجمع فيها الزكوات من حاشيته الذين يعدون رعايا لقبائل الطوارق وكانت القبائل السوقية في غابر الزمن يجتمعون في مكان واحد ويوزعون هذه الزكوات والصدقات على الأرامل والمحاويج منهم واستمرت هذه السياسة ما شاء الله أن تستمر ويتم ذلك بإشراف العلماء وعندما تضعضت دولة سلاطين (إموشاع) وارتخت قبضتهم على من تحت أيديهم من الرعايا وعمت الفوضى وساد الجهل, أصبح أمر هذه الوظائف غير منتظم وصارت المصالح الشخصية والاجتهادات الفردية هي السائدة. وأذكر أننا نستغرق في السفر عدة شهور في تنقل مستمر نقصر الصلاة لمدة شهور نتنقل بين أحياء هذه الرعايا, ونجمع الزكوات والأحباس ويقوم شيخي محمد الأمين بالإشراف على قسم التركات وأمور الزواج والطلاق وكل ما يتعلق بشئون الحياة الدينية لهؤلاء وعندما نغادر أي حي من أحيائهم يتجمع كل من هب ودب منهم ليقرأ عليهم الشيخ ويبارك فيهم ويتفل على رؤوسهم ويطلب رجالهم من الشيخ حرزا للحقل حماية له من الطيور والجراد فيفعل الشيخ كل ما يطلب منه من ذلك. وله دور أيضا في فض النزاعات التي تحصل بين هذه القبائل وهاته السياسة هي نفس السياسة التي يقوم بها كل سوقي في الجهة التي تخصه فنرجع بواد من الغنم ,وعندما نمر بالسوق فإن شيخي سوف يقوم بشراء ما يلزم من الملابس لنا ولبعض فقراء الحي نساء ورجالا وعندما نصل للحي فسوف ينال الجميع شيء من خير هذه السفرة يقول أحد فحول شعراء السوقيين محمد بن يوسف عن سفر السوقيين. وماضرنا أنا نسير وخيرنا = نثير على المعتر والمتبائس البنية الاجتماعية للقبيلة. الكثير من القبائل السوقية هي عبارة عن تمجمع قبلي يضم عدة بيوتات الدغوغيون الأدارسة وهم يشكلون الغالبية من سكان الحي. بيت ابناء حنديدي. الانصار الأيوبيون . بيت من الأدارعة. الصناع. الخدم(المماليك). الجو الديني في الحي: مسجد الحي يكون في الغالب الأعم عند ألأكبر سنا أو علما ويجري توزيع المهام فيه على النحو التالي: 1- الإمامة يقوم بها من يتمتع بأهلية في دينه أو حفظه للقرآن وكان مسجد حينا في هذه الفترة عند معلمي . 2- الأذان يقوم به الأكثر تفرغا وبصفة تطوعية . 3- نظافة المسجد الذي لايعدو أن يكون حوشا من أعواد الخشب أوغيرها يقوم بها أقرب بيت إلى المسجد. 4- القبلة يهتدون فيها بواسطة المعرفة بمواقع النجوم ومنازلها. 5- عند اختلاف الفصول فإنهم يعتمدون في تحديد وقت الصلوات على ما في كتب الفقه. 6- النساء لايجتمعن معهم جماعة بل يقوم الإمام أو المؤذن برفع الصوت بالتكبير حتى يسمعن, وتقوم كل واحدة بالصلاة في مكانها برامج المسجد. ويقومون بعد صلاة العصر بقراءة(السبع )في المسجد ويقرؤون بعد ذلك صحيح البخاري وبعد انتهائه يبدؤون بصحيح مسلم وهكذا دواليك واتخذوا ذلك طريقة جارية في كل شهر. وحضور الجماعة في المسجد أمر لابد منه ويعد الغياب المستمر من خوارم المروءة, وطريقة إلى أن يستباح عرض المتخلف ويسمى أحيانا(بثعلبة)استنادا إلى قصة مختلف في صحتها وهي أن بعض الصحابة كان من حمائم مسجد رسول الله فصار عنده مال فأشغله عن حضور كل الصلوات إلى أن انقطع بالمرة وهو مآل القصة وهو أن أن الدنيا قد تشغل عن الآخرة. القضاء في القبيلة. القضاء يتم عندهم بصفة تقليدية ولا يوجد قانون ولاوقت بل يأتي السائل أو الخصمان فيعرض أويعرضان قضيتهما فيتم البت فيها على مشهور المذهب وهناك كتب مثل(العاصمية) وشراح خليل في الفقه المالكي وغيرها من الفتاوى التي أفتى بها علماء السوقيين والتي تعد ثروة علمية مهمة لايستهان بها ولها أهميتها بحكم كونها صدرت ممن كان على صلة وثيقة ودراية كاملة بالمجتمع الطارقي ولهم بصر بمعرفة عاداته وأعرافه . الأعياد. وصلاة العيد تقام عندهم بشكل بسيط فيخرجون إلى الصحراء ويلبسون ما تيسر عندهم من الملابس وعيد الأضحى له طعم خاص فيضحي الغالب منهم ويختارون الكباش فحولا أوخصيانا وعندهم عادة رأيتها في القبائل السوقية الأخرى ألا وهي إرسال الأضحية إلى (الحماة) فيختارون لها أفضل الأنواع وأجودها. الصلوات الطارئة. ويقومون بهذه الصلوات بشكل بسيط فيصلون صلاة الاستسقاء والكسوف في الهواء الطلق كماهي السنة. الزواج والأفراح. ليست هناك عندهم عادات خارجة عن المألوف سواء في الزواج أو الأعمال المصاحبة له ويتم عندهم بكل بساطة ويحضر شيوخ القبيلة وقت العقد ليباركوه لمايميز حضورهم من الرمزية, وتستأذن البكر وتوكل الثيب كما هو المقرر في كتبهم . والمهر لا يتعدى في الغالب الأعم ثلاث حقاق هذا إذا كان الزواج من داخل القبيلة أما إذا كان خارج القبيلة فالأمر يختلف. المرأة والطـــــــلاق. وقد جعلتُ للطلاق عنوانا مستقلا هنالأن الطلاق ليس مشكلة عندهم في غالب الأحيان, وعندما نقارن المفردة العربية (الطلاق) والتي تدل في اشتقاقاتها على التحرر من القيد أو أنها في حبال الرجل فإن طلقها فكأنه قطع هذه الحبال , بالمفرادات التي يطلقها الطوارق فسنجد أنهم يعبرون بلفظة (امزي ) و (إبضي) و (تياوت) وكلها تحمل دلالة أخف ,ولا ننسى أن المجتمع نفسه, لم ينظر إليه نظرة سوداوية, بل وضع سياسة تخفف من آلامه, وتجمّلُ وجه هذه اللفظة, ويتحول يوم الطلاق إلى مهرجان كبير, لإعادة الاعتبار للمرأة المطلقة, وتنظم مناسبة حاشدة لها تذبح فيها الذبائح, وتجتمع نساء الحي على (المطلقة) وكأنها عروس. ولاينظرون إلى المرأة المطلقة بنظرة دونية أومركبات نقص, بل تُخطب وتُطلب كما لو أنها بكر , وهذه من العادات السائدة في البلد بصفة عامة وأرى أنها من أفضل ما توصلت به فلسفة ا الأخلاق في المجتمع الطارقي. الأعراس. الأعراس عندهم عبارة عن مهرجان يستمر طيلة الأسبوع, ويجتمع الشباب في بيت العريس يتناشدون الأشعار, ويمضون بياض النهار في ذلك, والعادة أنهم يقدمون له ماتيسر من المساعدات العينية, وغيرها. ليلة السابع والعشرين من رمضان. يقومون بختم القرآن في هذه الليلة والعادة أن الختمة تتم في مسجد بني (أحنى) ويفد إليهم من في القرب منهم من العامة ليشهدوا الختمة ولينالوا البركة ويتم تفسير سورة القدر وشي ء من سورة الدخان أوسورة (ق) ويتخلل ذلك أحاديث بعضها صحيح وبعضها موضوع وهي من البدع الأضافية التي كانت سائدة في بعض القبائل السوقية . قال الإمام أبو بكر محمد الطرطوشي المالكي المتوفى 530 للهجرة مانصه. (فأما ما أحدثه الناس من الخطب في أعقاب الختم فقال مالك ليس ختم القرآن بسنة لقيام رمضان وأنكر مالك والائمة أن يقرأ أحدهم في غير الموضع الذي انتهى إليه الآخر وقال مالك في المدونة الأمر في رمضان الصلاة وليس بالقصص بالدعاء)(3). قال عبد الباقي الزرقاني المالكي عند قول خليل في باب النوافل (وكره جمع لنفل أو بمكان مشتهر).قال : ( بأن كان المكان غير مشتهر مع الجمع القليل فلا كراهة لاأن يكون من الأوقات التي صرح العلماء ببدعية الجمع فيها كليلة النصف من شعبان وأول جمعة من رجب ويسمونها صلاة الرغائب,( وليلة القدر) وليلة عاشوراء فإنه لايختلف المذهب في كراهيته وينبغي للايمة المنع منه) انتهى(2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. النهي عن المنكر قليل فيهم ويقوم به فرد أو فردان والمتجاوبون قليل ولايوجد مايساعد عليه وغالب شيوخ السوقيين يكتفون إذا رأوا منكرا بقولهم (اللهم إن هذا منكر لانقبله ولانرضى به). الأمر بالمعروف.وأما الأمر بالمعروف فهو وظيفتهم التي يقومون بها أحسن القيام. وسم القبيلة.لم تخرج القبيلة ببطونها وفروعها عن الوسم العام للسوقيين بل جمعت ما تفرق من أوسامهم فبنوا أحنى وسمهم (للـه) هكذا وبنو محمدأحمد بن هابا( لـه )هم وبيت المنير بن مدا ومن معه ووسمنا ووسم بيت الأدارعة واحد وبيت (كل لام ألف) بقي على وسم القبيلة الأم ولكل بطن فارق زائد عن الوسم الأصلي. مكان الوسم. والوسم يكون على صفحة العنق بالنسبة للإبل في الجزء الأعلى منها, والبقر في الجنب الأيمن. وهناك شبه اتفاق على هذا الوسم (له) بين كثير من قبائل السوقيين في الصحراء الطارقية ولايكاد يختلف وإن اختلفت بعض الفوارق التي تخص كل قبيلة. الجو العلمي في القبيلة. الجو التعليمي في الكثير من القبائل السوقية غير مشجع, فهو بين صحة واعتلال وقل المهتمون بالتعلم والمواظبة على أخذ الدروس من المشايخ والصبر على ذلك وقلت تضحية المشايخ في هذا الجانب, فلا تكاد تجد في القبيلة من المجدين المنتظمين في مثافنة العلماء إلا القليل ,وقد أثر ذلك في الحراك العلمي تأثيرا كبيرا, وبقيت الحركة العلمية فيهم تدور على نفسها, واقتصرت على كتب الفقه والتفسير, وقل الاهتمام بكتب الأصول وعلوم الآلة, عكس ما هو موجود معروف في السابق, فقد رأيت في مكتبة المنيربن مدا كتابا لايفارقه وهو شرح سعدالدين التفتازني لتلخيص المفتاح شارك جدي الثاني مع جده في كتابته ووضع الحواشي والتعليقات عليه مما يعني اهتمامهم بهذا الجانب من العلم منذ زمن بعيد. وكان هذا الحي يتمتع بسمعة جيدة في محيطه فيرتاده طلاب من السوقيين وغيرهم للاستفادة من علمهم وسلوكهم وآدابهم, ولم يعد ذلك قائما الآن , والأدهى والأمر أن طلاب العلم الموجودين لايقلقهم هذا الوضع بالقدر الكافي والله المستعان. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [size="4"] 1- (انغوي) بئر يقع في شرق ولاية (غاوا) و(غيرغُ) تقع في منطقة (تغارست) غرب النهر,و(فامبلقو) تقع شمال غرب (تيسي) غرب النهر. 2- أنظر الجوهر الثمين ص 118. 3- الحوادث والبدع ص 64 ط دار ابن الجوزي 2- انظر الزرقاني ج 1 / ص 286 ط دار الفكر |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 07-09-2012 الساعة 08:34 PM
|
12-24-2011, 08:33 PM | #13 |
عضو مؤسس
|
رد: فصول من حياتي
البيوتات العلمية في القبيلة
1- بيت أبناء أحنى بن آيا وهو بيت الزعامة الدينية في الحي.. 2- بيت أبناء محمد أحمد بن هابا وهو بيت والدي أحمدا بن عبدُ ومعلمي محمد الأمين بن محمدُ 3- وبيت أبناء حنديدي وهو جد المنير بن مدا. وهذه البيوت الثلاثة هي التي لم ينقطع فيها العلم على ما سمعنا من الشيوخ وهي كبقية القبائل السوقية يرتادها طلاب العلم من الطوارق أو من القبائل السوقية ولها مشيخة على بعضعا ولبعضها مشيخة عليها أيضا فهي متفاعلة مع المحيط العلمي في المنطقة ويقومون ببعض الوظائف الدينية التي تخص مناطق نفوذهم الديني. طرح جميل راااااااااااااائع نتابعه إلى النهاية ـ إن شاء الله ـ ومن الفائدة ومع الفائدة وإلى الفائدة . ولي سؤال أتمنى أن يطرحه بالنيابة عني غيري؛لأني أدرعي ، بل أطرحه عن نفسي ؛ لأنه ما ثم من أية لائمة علي، فالكل مني وأنا منه، مؤلف الفصول والبيوت الأربعة: سؤال تطفل وتلطف: بعد أن شرح الأخ قبيلتي قبيلته إلى البيوت الاربعة وصف ثلاثة بيوت بالعلمية، ولم يذكر البيت الرابع الذي هو الأدرعي. فمن هنا يطرح سؤال عن العلمية، هل لها علاقة بقدم ترابط النسيج الاجتماعي الفامبلجي ـ كمؤسسة قبلية اجتماعية ـ مع عضوه الأدرعي الذي ذكره أم العلمية باعتبار آخر. وبلغة أخرى هل علمية البيت سيالة مع واقعه في تنقلاته أم أنها دائرة مع وجوده الأسري؟ ومن هنا أيضا يقوم سؤال آخر متى اجتمعت البيوت الثلاثة بالبيت الأدرعي ؟ أظن أن المدة من الجد إلى الحفيد المعاصر المزامل (من الزمالة لأهل طبقتي ممن يعرفونه )، وكأن عندي قليل من العلم في ذلك . أما الجد فليست عند ي ترجمته، وأما الابن فكأنه ذكره الشيخ الكاتب من شيوخه في الصغر. وأما الحفيد فهو من طلبة العلم . هذا حسب تخميني لعمقية فامبلجية هذا البيت الأدرعي . فإن يكن ذلك فيبقى امتداد الاسرة ـ كاسرة ـ ولاغبار على علمية البيت قديما وحديثا بهذا المفهوم. وكيف وجده هو صاحب القصة المشهورة عند علماء السوقيين (السوقي أدرى) |
[marq="3;right;3;scroll"]
شعارنا اعتزاز بالجميع وحب في الجميع اورسالتنا الإحسان إلى الماضي بخدمة صوره المشرقة وإلى الحاضربتتويجه بكرم الأخلاق وإلى المستقبل بالإسهام في إشراقته وفي احترام قناعات الآخرين ما يشغلنا عن الاختلاف وفي حلاوة الائتلاف سلوة عن مرارة الاختلاف ،فإن أصبنا فمن الرحمن وإن أخطأنا فمن الشيطان، ومن الله التأييد ومنه التسديد [/marq] |
12-25-2011, 08:58 PM | #14 | |||||||||
مشرف منتدى الحوار الهادف
|
رد: فصول من حياتي
اقتباس:
( إي مسينغ , ورجيد ,إكوفار, أهانغ إنفان , اوداع آتن نرهو ) ((الترجمة اللهم لا ترزقنا على يدي الكفار كي نحبهم ))!!!؟؟؟؟ والمضحك المبكي أن أكثر من 90% من المساعدات والعون الذي يتلقاهـ أبناء أزواد يأتي من الجمعيات الغربية ( التنصيرية ) والله المستعان إلا أن معظم القبائل السوقية محرومة منها ولله الحمد . |
|||||||||
|
12-26-2011, 05:27 PM | #15 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
شكرررررررررررا لكم
|
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 12-26-2011 الساعة 08:40 PM
|
12-27-2011, 06:52 PM | #16 |
|
رد: فصول من حياتي
"قامت الدولة (المرابطية)( 2) بتنظيم الوظائف الدينية, في القرن الخامس الهجري, في طول الصحراء وعرضها, ولم يزل هذا النظام قائما يعمل به الناس, ويرتب به العلماء أمور الرعية أحسن ترتيب, حتى جاءت سلطنات (إموشاغ) في صحراء (مالي) و(النيجر) في القرن الحادي عشر الهجري فأبقت على هذا النظام وشجعت عليه وجعلت علماء السوقيين هم الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف على المدارس الدينية وجباية الزكاة والأحباس, وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء والمحتاجين, ولم يزل ذلك ديدنهم حتى ذهبت هذه الدولة مع مجيء المستعمر الفرنسي"
خيط مهم جدا من خيوط تاريخ تاريخنا.. لاشك أن عدم ارتباطنا أو ربطه به جزء من السقط الكبير في بعض صفحات تاريخنا... وقد أبدعت ـ أخي الكريم ـ في هذا الربط.. ومن العجيب أن حالتنا (نحن الذين لا نكاد نذكر والمرابطين) متطابقة تماما مع شأن جيراننا الموريتانيين الذين شاع وانتشر ـ وهو كذلك ـ أنهم امتداد النظام المرابطي.. أخي الكريم.. دعنا نختلف في موضوع تربوي أثرتموه.. وسرتم فيه على طريقة سلفنا الأدنينَ، وإنها لسليمة إلا أنها غير واقعية.. الأ وهي : العزوف عن التعليم الفرنسي.. والذي حكيت فيه موقف السلف الأدنينَ بطريقة عصرية أي بلغته.. والناظر إلى تعامل مشايخنا وأجدادنا مع التعليم الفرنسي يجد فيه هروبا من الواقع إلى أسلوب: لا لا لا.. ممنوع .. دون محاولة النظر في مآل هذه الفتوى، كما هو صنيع بعض أقرانهم في بعض الأقطار في مسائل التلفزة ثم النت ثم الانتخابات والديموقراطية... ابتعدوا عنها وحرموها بتاتا.. ثم لما قهرهم الواقع أعادوا النظر فيها فحاولوا أسلمتها بعد أن عاث بها الأعداء وأدواتهم فسادا... فلو أن فتوى الأجداد كلنت بإدراج اللغة العربية ومواد الدين الشرعي.. إلى المناهج وتركوا آباءنا وكانوا اليوم كوادر عصرية إلى جانب حفظ القرآن الكريم.. وتعاليمه لكنا اليوم في غير مرابضنا: تدينا وتقدما.. ولكانت مضاربنا أعز نصرة للدين ونضرة في العيش من حالنا. ومصداق ذلك ما ختمتم به من تردي الوضع التعليمي الذي أفسره بعدم صلاحية الجيل الذي منع من الفرنسة للقيادة التربوية؛ لوجود هوة اجتماعية وثقافية بينه وبين الجيل الناشئ .. فلو كانوا دكاترة وأدكاديميين.. أتراهم يذبلون في الصحراء كتراثهم.. فغاب علمهم وفقههم عن محيطهم الوطني بله الإقليمي والدولي. أ |
[align=center]قال تعالى: { وَقـُلْ لِعِبَادِي يَقـُولوا التي هِيَ أَحْسَنُ } (أي يقل بعضهم لبعض على اختلاف مراتبهم ومنازلهم ـ التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.{ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيـْنَهُمْ } أي يهيج الشر، ويلقي العداوة ،ويسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم ـ بسوء محاورة بعضهم بعضا.{إِنَّ الشَّيْطَانَ كانَ لِلإِنسَانِ}أي كان لآدم وذريته{ عَـدُوّاً مُبِيناً}أي ظاهر العداوة ).
صفحتي في الفيس بوك https://www.facebook.com/nafeansari |
12-28-2011, 10:30 AM | #18 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
شكرا للإخوة اليعقوبي والأخ محمد أغ محمد والأخ الأسدي , وأشكر اليعقوبي على إثرائه ومتابعته للموضوع, وعلى نقده لطريقة تعامل القوم مع التعليم الفرنسي, وا لذي كنت أوافقه عليه مأئة بالمأئة, و كنت أستغرب من حالتنا نحن السوقيين في بلادنا, حيث إننا جنينا على أنفسنا كثيرا, وساعدنا في تحييد أنفسنا عن كل شيء في البلدان التي ننتمي إليها, وقد طلب مني في إحدى المرات أن أكون مدير مدرسة ننشؤها في القرية فرفضت ذلك وقلت لهم لا نستفيد من مدرسة في القرية فاستغربوا مني فذكرت لهم أن شبابنا بحاجة إلى الذهاب إلى المدارس التي في (المدن) وإلى (نسخ) جديدة من الشباب تعرف (البمبار) و (الهوساوية ), ولغة (السنغاي) و(الفلان) بالإضافة إلى العربية والفرنسية, وأنا صادق في ذلك , فقد عانيت كثيرا من عدم تعلمنا هذه اللهجات في أسفاري, وأجيئ المطارات الإفريقية, وأنظر يمينا وشمالا لمن يتصدق علي بكتابة أبسط المعلومات عن نفسي, وأجد ذلا وهوانا لايعرفه إلا من عانى مماعانيت منه, وكل ذلك بسبب جنايتنا على أنفسنا والله المستعان.
|
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 12-28-2011 الساعة 11:16 AM
|
12-28-2011, 12:20 PM | #19 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
العلاقات داخل القبيلة.
العلاقات الداخلية في العشائر السوقية تعد أمرا في غاية من الأهمية فعلاقات الفرد بالقبيلة, والأفراد مع بعضهم تحددها طائفة من التقاليد والأعراف, التي تنظم جانبا مهما من الحياة داخل القبيلة, وتوجد نوعا من التجانس والتكاتف بين أفرادها, حتى يشعر الفرد بفخر بأنه يسير تحت مظلة القبيلة وبالتالي فهو ينطلق بناء على ذلك في علاقاته وولاءاته بالخارج فلا يكاد يعطي أويمنع شيئا خارجا عن رضا القبيلة ولم تكن حالة الأفراد في القبائل السوقية بعيدة عن حالة دريد بن الصمة حين قال: أمرتهم أمري بمنعرج اللوى = فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد فلما عصوني كنت منهم وقد أرى= غوايتهم وأنني غير مهتد وما أنا إلا من غزية إن غوت = غويت وإن ترشد غزية أرشد وهناك أيضا ولاءات داخل القبيلة وبين بيوتاتها تخضع لاعتبارات القرابة أو اعتبارات مشيخية ولكل خصوصيته فخصوصية بيت والدي ومعلمي وبيت بني أحنى تختلف عن أي خصوصية أخرى في القبيلة. الاستعمار الفرنسي. كانت قبيلة (كل فامبلقو) ضمن القبائل السوقية التي انتدبها الزعيم السوقي الشيخ محمد أحمد بن الجنيد في المشاركة في معركة (كبرو) الشهيرة 1916م وتم التنسيق معها بواسطة صفة القبيلة الدينية بحيث تساعده في تحريض القبائل ضد (الكفار) ولم يصل إلي من المعطيات التاريخية أن القبيلة كلها شاركت في القتال ماعدا عمر بن محمد وحلال بن محمد وعلي فذا والثلاثة لهم دور فاعل أيضا في الإنقاذ والنجاة ببعض الجرحى. مابعد المعركة. معركة (كبرو) الواقعة عام 1916م هي آخر المعارك التي دارت رحاها بين المقاومة الطارقية وقوات الاحتلال الفرنسية وهي معركة فاصلة طويت معها آخر صفحة في مواجهة المستعمر الفرنسي كما أنها بداية السيطرة الكاملة لفرنسا على جميع مناطق الصحراء تقريبا يقول بول مارتي عن معركة(اضرانبوكار) التي كانت في نفس اليوم(وهو اليوم الذي وضع نهاية سياسية وعسكرية للثورة) . وقد اضطر الحي بعد المعركة إلى مصالحة المستعمر على حقن دمائهم وذلك بواسطة السلطان اقنت بن همهم والذي كان ضمن السلاطين الذين لم يستجيبوا لدعوات الزعيم فهرون بن الإنصار بنقض الصلح بينه وبين فرنسا وبقي على الصلح الأول وقد استفاد الناس من ذلك بعد التراجع الذي حصل للمقاومة الطارقية. الفوضى وانعدام الأمن. تعرض هذا الحي للنهب والسلب من قبل بعض قبائل الطوارق انتقاما منهم ومن كل القبائل التي صالحت الفرنسيين وبقيت في أماكنها قرب البحر, والمضحك المبكي أن هناك فتوى صدرت من بعض المشايخ بأخذ ونهب أموال القبائل التي صالحت المستعمر ودفعت القبيلة ثمن هذه الفتوى حيث تم نهب كل شيء في الحي من الإبل والبقر وغير ذلك حتى أواني المنازل وخيم البيوت, وهذا من الأسباب التي دعتهم إلى الانتقال من مضاربهم شرق النهر إلى غربه وصدق عليهم هم وهذه القبائل المثل الشعبي المعروف (حاميها حراميها). وجرت جراء أحداث نقض المعاهدة أحداث جسام وأهوال عظام تشيب النواصي وتزيل الرواسي, وتبدلت الأمور وتغيرت الأحوال وتغبر وجه الولاءات القديمة وكشرت القلاقل عن أنيابها. وواكبت هذه المرحلة حركة نشطة شهدت نقاشا حادا بين علماء السوقيين والذين انقسموا بدورهم بين من يرى عدم جواز البقاء تحت إيالة الكفار كما يقولون ومن يرى ضرورة التعامل مع المستعمر للاستفادة من خدماته ومن حمايته أيضا نظرا لماتموج به المنطقة من انعدام الأمن وسيادة الفوضى . وقد ركدت ريح جميع الدعوات المنادية بالجهاد وعلا صوت العيش تحت ظل الاستعماركما مرعلينا قبل قليل عام1916م. علاقاتها بالقبائل السوقية. لاتخلو أي قبيلة من علاقات تربط بينها وبين القبائل المحيطة بها وعلاقات الحي مع القبائل السوقية الأخرى تحكمها عدة عوامل منها عامل القرابة وهو الأهم, وعامل المشيخة, وعامل الجوار في المضارب والمناهل وذكرت الأخير هنا لأهميته حيث أن الجوار في القبائل البدوية له أهمية بالغة تقرب البعيد وتبعد القريب. والعلاقات بين القبائل السوقية ليست أحلافا حربية ولا هي مبنية على مصالح عسكرية بل هي في الأساس علاقة روت عروقها الأرحام وجذرت وشائجها القربى ولم تكن علاقتهم نتيجة صراعات قبلية أو نزاعات على المطامع السلطوية والسيادية في الغالب فأحسن تعبير عنهم أنهم أسرة واحدة فرقت بينها مصالح اقتصادية في رقعة جغرافية محدودة ولم يشهد التاريخ أن قبيلة منهم حملت السلاح ضد الأخرى في أي فترة من فترات تواجدهم في الصحراء. فقد اختاروا منذ الوهلة الأولى الانحياز إلى السلم وعدم الزج بأنفسهم في الصراعات القبلية والنزاعات المحلية وقد نتجت عن ذلك أوضاع نفسية لها تأثيرها الكبير على تعاطيهم مع الأحداث التي تمر بالمنطقة فلا توحدهم رغم هذه الروابط الأخطار المحدقة ولا تجمعهم المحن الهادرة. وقد تغير كل شيء في المنطقة وهم شهداء على ذلك ولكنهم ظلوا باقين على وضعهم الأول ولم تكن مشاركتهم فعالة أو فاعلة في مجريات الأحداث التي تمر بها منطقتهم رغم أنهم أشد الناس دفعا للثمن في تلك الأحداث سواء في الأرواح أو في الممتلكات ولكن ذلك لم يغن شيئا ولم يحرك شعرة في رؤوس قادتهم وهيهات أن يفعلوا شيئا في ظل هذا الاستسلام للأمر الواقع والاكتفاء باستماع الأحداث والتغيرات الكبرى التي تموج بها المنطقة كما تستمع أخبار الغزو الأمريكي للفضاء وأحوال الطقس في جزر الكاريبي دون أن يشاركوا في رسم خط السير ويضعوا سياسة تطوي أمام الأجيال القادمة المراحل وتهون المتاعب. ولم يكن هذا وضع أسلافهم بل كانوا لاعبين أساسيين في المعادلات القائمة في المنطقة. أرجو أن لا أؤاخذ هنا على الاستطراد فذنب ذلك على جنب كتب الأدب التي ربتني على الاستطراد والإطالة . وأيضا فإنني أرى أنه من الضروري الحديث عن هذا الأمر بالإسهاب لأن الحالة أصبحت من الأمراض المزمنة التي تقتضي مزيدا من مجاهر الفحص والنقاش لمعرفة السبب في زهد قبائل السوقيين عن المشاركة الفاعلة في قضايا المجتمع والناس مما أدى بهم إلى العيش على هامش الحياة . الدور الاجتماعي. وقد استطاعوا تحويل السلبيات التي كانت سائدة في غيرها من القبائل البدوية إلى مكاسب فلم تكن القبيلة وعاء فارغا تمارس فيه النعرات القبلية والمنافسات الشخصية بل جعلوها أرضية صالحة لتنمو فيها القيم وتزهر من خلالها الشيم وتوطد فيها علاقات جذرت استمرار التعارف وضرورية التكاتف والتآلف وجرت بينهم مواقف ساهمت في توعية الجميع بضرورة الترابط والحفاظ على عهود القبيلة وعدم المساس بها. ومن مظاهر ما تقدم أن الخلافات التي تحصل وتقع بينهم يتم احتواؤها في أغلب الأحيان بواسطة علمائهم وأعيانهم ولا يلجئون فيها إلى المرافعات القانونية بل يتم إنهاء أي نزاع بينهم في أطر بينية وينظرون بمركب نقص فيمن يلجأ إلى الحكومة بعيدا عن الحلول القبلية. وإن المرء ليقف وقفة إجلال وإكبار أمام ماتتمع به قبائل السوقيين من حميمية العلاقات التي تربطهم بالصعيدين السوقي والطارقي فقد نحجوا في صياغة تحالفات شهدت تمازجا واشتباكا منقطع النظير. ومما لاشك فيه أن علاقات السوقيين مع بعضهم وعلاقتهم بغيرهم شكلت صورا مضيئة في تاريخ المنطقة ولم يكن اللثام الذي يغطي وجوههم ليحجب تلك السياسة فهي سياسة واضحة استخدم فيها الأسلاف تقنية عالية من الحنكة والعقل العلمي والذكاء الاجتماعي واستطاعت تعبيد دروب التعامل الأخوي والسلمي بين مكونات شعوب المنطقة. دورهم المركزي في بناء سلطة دينية عريضة خارج المدن. وقد استخدم السوقيون جميع الوسائل الممكنة في بناء سلطة دينية متكاملة خارج المدن وحولوا ساحات الصحراء إلى ميدان واسع أو جدت من خلاله قدرا من التنافس العلمي الذي كانت تسيطر عليه حواضر السواحل, وأسسوا دولة للعلم خارج المدن, نمت فيها وازدهرت الحياة الفكرية والدينية, بشكل لالبس فيه. ويستطيع المرء التعرف على السوقيين كقادة مجددين ذوي شخصيات آسرة استطاعت المحافظة على المنصب الديني في قبائل الطوارق في ظل السلطنات التي قامت في المنطقة وأن تقود تحالفا عريضا مع زعماء الطوارق قرونا ضاربة في جذور التاريخ وتمكنوا من إيجاد تصور ديني لهذا التحالف ويرسخون له ولاء والتزاما. ونافحوا ودافعوا بأقلامهم عن هذه الدويلات التي استبدت بالسلطة في صحراء الطوارق. وقد قلت في إحدى مناسبات تجدد هذا الهم باكيا على دور الأجداد, في صحراء الطوارق. طولت ذي الهموم أيام وجدي = وأحاطت بي الكروب لوحدي وسرى في الفؤاد واقد هم = ظل يُغلي دمي ويلفح جلدي وبدا حظنا لقى كرماد = في فلاة مبدد غير مجد لانصوح يبدي النصيحة صفوا = أو صديق يهديك ودا بود واستبد الجميع بالرأي حتى = لاترى من يدعو لخطة سعد يقبلون إلى الأمور حيارى = فاقض غما من عاجز مسبد ليت لي بهم رجالا إذاما = جد جِدّ قاسوا الأمور بحد ولهم في الأحداث رأي وعقل = يتخطى الصعاب ساعة يخدي وانطوى فيهم من الله سر = صير الألف من سواهم بفرد وحووا في المعالي أوفر حظ = يتهادى مابين حزم وجد ولهم في العلوم إرث قديم = غير خاف وليس بالمستجد رمدت أعين عمت عن نداهم = وأكف لهم لدى البذل تندي قدبنوا في الصحراء أبراج مجد= رسموا في أعلامها كل حمد ومن العجائب أن هذه القبائل التي كان أغلبها يتنقل في الصحراء هي التي حافظت على العلم في المنطقة خلافا للقاعدة الخلدونية أن العلم وليد العمران. ومع هذا فإنهم مع ماتقدم يهتزون للمكارم, ويهتمون بذخائر المعروف, ويتلذذون بمكارم الأخلاق, ويتنافسون في اصطناع الصنائع, وادخار البضائع, مع الرجوع إلى نقائب ميمونة,وديانات متينة, ونفوس أمينة, وسرائر مصونة, وعلانية طيبة. |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 01-22-2012 الساعة 12:45 PM
|
12-29-2011, 05:18 AM | #20 |
|
رد: فصول من حياتي
موضوع مميز، وطرح رائع، وأسلوب شيق ، وريشة مبدعة .. تلك مواصفات أعترف بأنها لا ترقى إلى مستوى توصيف هذه الملحمة الرائعة، ولكن ما يهم هنا أنني تخيرتها عن قناعة لا تشوبها شائبة مجاملة !!
أستاذي الكريم: لقد أمضيت ساعة وأنا اتابع معك رحلتك الممتعة، وأسترجع معك شريط ذكرياتك، واغوص معك في أعماق ذاتك، أحيي فيك الاحتفاظ بالذكريات الجميلة ، واحيي معك اللغة الراقية، والألفاظ العذبة الرقراقة، والتراكيب المتينة البراقة !! أحيي فيك الوفاء للوح الذي تلقيت على ظهره أبجديات لغة الضاد وآي المثاني ! ولخادم المعلم الذي يشاطرك أفراحك واتراحك ! وأحيي فيك الجلد على فراق الوالدة اعواما فهو من أسوإ التجارب التي مررت بها في حياتي! وقد وضعت معايير لقياس صرامتك مع نفسك وصراحتك مع قرائك فحققت نتائج مرضية بالفعل، وقد استغربت للوهلة الأولى معرفتك بطول وعرض لوحك بالأمتار ؛ لأني لم أكن - أيام اللوح - أفرق بين المتر والملمتر والسنتمتر، وأفترض أنك كذلك ، فإذا بك تطالعني بالحقيقة المدهشة وتقول : إن اللوح معمر لم يزل يتنقل بين بيوت الحي بيتا بيتا ، زنقة زنقة.. الخ ووقفت لك بالمرصاد لأخبر ما إذا كنت ستتجاهل معركة الفصل بين الفصلان وأماتها، وحرمان الحيران من حليب وقت الزوال ، فإذا بك تتناول القضية بمصداقية عالية. وليست هذه اجمل من صورتك وانت تقفز على المرتفعات .. تثبت حينا وتتعثر أحيانا ..في سباق محموم مع زملائك الذين يطاردونك.. وكأني أرى المعلم يطاردك في اخريات المطاردين يمشي بخطى ثابتة، وهو يلملم أذيال دراعته الفضفاضة ولسان حاله يقول: شدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء!! أعجبتني تذييلاتك التربوية.. واستطراداتك الأدبية.. وانتقاداتك الاجتماعية.. فدمت موفقا.. تقبل تحياتي[/b][/color][/size][/font] |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 0 والزوار 14) | |
|
|