216. الفتى / محمد الصالح بن محمد أحمد الفهري الكنتي السوقي

216. الفتى / محمد الصالح بن محمد أحمد الفهري الكنتي السوقي :
هو الشيخ محمد الصالح المعروف باسم الفتى ابن محمد أحمدُ بن فكّ بن محمد الشيخ بن حمكُ ينتهي نسبه إلى عقبة المستجاب (1).
قال الشيخ العتيق : هو من العلماء العاملين مات أبوه صغيرا وتربى في حجر كبيره أحمد وأخذ العلوم الشرعية عن شيوخ من حيه ، منهم محمود بن محمد الصالح وهو شيخه في أيام صباه ، ومنهم ابن عم أبيه الشيخ محمد الصالح المعروف باسم مَتَّالِ بن الأمين وأخوه أحمدُ بضم الدال ابن الأمين ، ومنهم حُميد بن عبد الرحمن الأنصاري ، ومنهم ابن عم أمه الشيخ سعد الدين بن الشيخ عُمار وابن أخته حمّدا بن محمد بن حدي ، وكل هؤلاء ممن أخذوا عن والده ومنهم الشيخ المحمود بن الشيخ حماد شيخ الشريعة والطريقة في قومه ، وأجازه شيوخه رواية كتب الحديث وممن أجازه ابن خال أمه إسماعيل بن محمد الأنصاري المهاجر إلى الحرمين ثم استوطن الرياض .
وأما الآخذون عنه فلا يحصون لأنه انتدب للتدريس في النحو والفقه وربما حضر درسه جماعات لا يسعني إحصائهم وكان ماهرا في علوم النحو والبيان واللغة والفقه المالكي ، وكان أديبا وقورا أحسن الخلق والخلق حكميا ينطق بالحكم مع كثرة الصمت ، وكان له منظومات ومنثورات كثيرة فقهية ومنظوماته في الفقه منظومة جمع فيها نظائر ذات الوليين من المسائل التي تفوت فيها الزوجة على الزوج الأول لدخول الثاني واسمها " ترقية الأفهام " وشرحها زين الدين بن محمد الصالح بن الميمون بشرح سماه " تنقية الأوهام في شرح ترقية الأفهام "وهو مفيد جدا ، ومن منثوراته تراجم وضعها لبعض الشيوخ وأجاد فيها وأطنب ، منها ترجمته لوالده ومنها ترجمته لشيخه مَتَّالِ ، ومنها ترجمته لشيخه محمد بن محمد محمود ومَهَامَ ، وله شعر كثير جيد في موضوعات شتى منها المديح النبوي ومنها الإخوانيات الجارية بينه وبين أقرانه ومنها ما يخاطب به الشيخ المحمود ، ومنها تقريظه لكتاب " التبر التالد " وضاع أكثر منظوماته ومنثوراته في كارثة كاوَ الواقعة يوم الأحد 17 من جمادي الأول عالم 1415هـ وبقيت من شعره بقايا منها تقريظان وضعهما على " التبر التالد " للشيخ المحمود أولهما رويها حرف السين والثاني رويهما حرف القاف ، أما السيني فأوله :
وافى منصف دار راسخ راس
مستطرفا ، فعلى الخدين والراس

ما راقني ذهب إبريز موهبة
أغلى ومعدنه يعلو على الناس

زاحم على سلسبيل فار من قمر
ثان إلى الشفع في روضات قرطاس


مر إلى أن قال :
قد صعد النظرين وهو ذو قدم
حتى رأى والدا بمظهر الراس

فالبَر لم أعن ضد البحر ، حمل ما
للأصل من خلق ، أوساط أطراس

أدى معاني في مستخلف ، خلف
والأمر مشترك فالشهد بالكاس

وشى وأنفق عسجدا ومن طرف
يسخو أعلى الأذان فهو المنفق الكاس

ناهيك من مدح شتى ومن منح
من وصف الأول أو من وصف إلياس


وهي اثنان وثلاثون بيتا . وأما القافية فأولها :
أفاق القلب لا ما إن أفاقا
رأى نورا جلا واضاب فاقا

متى ما رمت تدركه فهيئ
مطيات الحقائق ، لا حقاقا

وهبه مصنفا وشاه دار
يوضح فن معرفة فراقا

فأعرب عن علوم القوم ضمنا
وفي المقصود حررها انطباقا

لئن ظهروا طوالع في علوم
فقد نال أطلاعا واعتلاقا

بتبر تالد بيني قصورا
من المعنى يرونقه رواقا


وهي خمسة وأربعون بيتا . وله قصيدة أخرى يخاطب فيها ابن خاله العتيق بن سعد الدين ويدعو له فيها بمناسبة بنائه دارا وهي هذه :
باسمك اللهم بارك في العتيق
إن يقم بالغرب أو أم العقيق

واهدنا فيمن هدوا واتبعوا
سنة الهادي وساروا في الطريق

واجعل الدار التي قد شادها
ظل علم للتقي فيها البريق

إن أتاها جاهل مستغرق
قام بالفور لإنقاذ الغريق

أو أتاها سائل نال المنى
أو أتى عطشان أسقاها المذيق

أو أتاها عاقل زاد النهى
أو أتى الزائر فالوجه الطليق

يرتع العالم في روضاتها
أسر ترحيب وتسليم أنيق

حي في عفو وفي عافية
فاعلا في كل أمر ما يليق

بالذي طاف نبيا مرسلا
أو نبيا أو وليا بالعتيق

أسلمي يا دارُ مما يختشى
ومن الشوم ، فشوم الدار ضيق

أسلمي يا دارنا من طارق
غير من يأتي بخير من صديق

صل يا رب على خير الورى
طه ، من تصديقه أمر حقيق

وعلى الآل الأولى قد طهروا
وعلى الأصحاب يا نعم الرفيق


ومن شعره قصيدة هنأ فيها الشريف العربي الشِنْبَكْننِيَّ مولاي زيدان ، ومن موجها أنه هو القائم بأمر جماعتنا في الحج عام ألف وثلاث مائة وتسع وتسعين 1399هـ وكان العتيق بن سعد الدين هو الواسطة بينه وبين الجماعة في جميع ما يتعلق بسفر حجهم ، وفي تلك المدة ولد لمولاي زيدان ولد سماه عَلِيّا فقال الشيخ الفتي في ذلك هذه القافية :
من أديم شمس الضحى خذ رفيقا
كي تحمله السلام الحقيقا

واقتبس من ضياء بدر الدياجي
للتحايا ما لا يزال أنيقا

ثم أوصلها لحضرة واف
يرتضيه عدل يسمى العتيقا

في مهم قد كان رائد قوم
فانثنى قائلا وجدتم صديقا

هبه طلا يدعى يزيد مثنى
زيد رفعا وعيشة لن تضيقا

بارك الله فيه كان دليلا
سائس الركب فالعقيق العقيقا

حين جاء العتيق وهو بشير
بالحجيج أبديت وجها طليقا

رب ظن يقوى وظنني بزيد
أن يكون لنا شقيقا شفيقا

ها وبشرت ثانيا بهلال
من بدور فالبدر نال الشقيقا

إن يوم السرور بابنك عيد
للمحب يكسو الصديق البريقا

فاستجيب دعاء داع بخير
لكما ذا قرابة أو صديقا

أنت مسك فالابن نفحة طيب
أنت زيد فالزيد للزيد سيقا

كنت عذب الخصال فالابن يرجى
أن يكون برا يحاكي الرحيقا

إن بعض الرجال مصباح ركب
كم يبين للرفاق الطريقا

إن في الشرفاء خيرا كثيرا
فالسعيد من نال منهم رفيقا


وتوفي عصر الأحد آخر يوم من صفر عام 1410هـ الموافق يوم من وسنة 1989م ودفن في مقبرة وادي الشرف(2) .